Skip to main content

Full text of "الفن القصصي في القرآن الكريم محمد أحمد خلف الله"

See other formats


call‏ القصصي في القرآن الكريه 


THE NARRATIVE ART IN THE HOLY QUR'AN 
ro $ A 
alll ala maal Sasa 
MOHAMMAD AHMAD KHALAF ALLAH 


ga‏ شرح وتعليق 


Jala‏ عبد الكريو 


www,muhammadanism.org 
January 5, 2006 
Arabic 





الفن القصصي 
في القرآن الكريم 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 





الفن القصصي في القرآن الكريم 


سينا للنشر ‏ الانتشار العربي 
لندن ‏ بيروت - القاهرة 
الطبعة الرابعة 1444 





ME AAAS 


تقديم ne‏ 
الجزء الأول 
Gil‏ القصصيّ في القرآن الكريم 
تأليف محمد أحمد خلف الله 
Pre‏ 10009 


الباب الأول 


الفن في القصة القرآنية AN KAN ANAN A‏ 
— ما هي القصة ؟ وهل في القرآن قصة فنية f‏ ا ء 


مصادر القصص القرآني ا ا TEN‏ 

WAN 0 e aaa a aa #| 0 0 0 #0000 11 حا البيقة العريية‎ 

— العناصر في القصة القرآنية 101 اا 

— تطور Gil‏ القصصي E AT A‏ با 
الباب ei‏ 

نفسية الرسول وقصص القرآن GK KKN NG aa a Aa aa T‏ ل 

الخاتمة اوقا ولو ل اماو ل الو و ل PO.‏ 


الجزء الثاني 
الفن القصصي في القرآن الكريم 
عرض وتحليل خليل عبد الكريم 


— مقدمة تحليلية Frs‏ 
التمهيد À ESS‏ 
الباب الأول 
المعاني والقيم التاريخية والاجتماعية والخلقية والدينية ak‏ ا ا ا سن 
الفن في القصة القرآنية I TTT SS‏ 
الوحدة القصصية aka‏ ااا ااا ا ااا ا ا ا ا ا ا a E‏ 
المقاصد والأغراض ÉD SM ODDS‏ 
مصادر القصص القرآني CO NK a‏ 
العناصر في القصة القرآنية ا OE ARS‏ 
تطور الفن القصصي ENOT EEE pa aaa aa aa aaa aaa a E aaa aaa ala a balaka alaa aaa a a NA‏ 
نفسية الرسول وقصص القرآن E E nn aa LOL AA‏ 
رسالة الفن القصصي في القرآن CUS PR TIREE TEE EA RER‏ 


تقديم 





كتب الشيخ أمين الخولي يقدم الطبعة الثالثة من كتاب (الفن القصصي في القرآن 
الكريم) لمحمد أحمد خلف الله ما يلي: 

أستطيع أن أقول أن رسالة الفن القصصي قد أدت تلك الضريبة في سنتي 1155 ل 
٨۸‏ وتقاضتها منها عامية فاسدة الفطرة في ظن من ظن لهم خطأ وخداعا أنهم أصحاب 
وعي. 

« واليوم صارت الرسالة وفكرتها كسبا غنيا ووجها من الإعجاز القرآني عند أصحاب 
الدين والأدب فإني أقول بالأصالة والنيابة عفا الله عن جميع الآثمين في هذا السبيل والغافلين 
المخدوعين... رحم الله من مات منهم وأصلح بال من لا يزال على ظهر الأرض وتحية AH‏ 
التجربية المطرودة التي ترذ على العاملين إيمانهم وتحمي ثقتهم وتؤدي للحياة Leiala‏ من 
أسباب التطور والتقدم. 

وتحية المؤلف رسالة الفن القصصي الذي أشهد الله أنه كان في صدقه وصدره مثلا 
من الشباب إذ ذاك يطمئن به المستقبل ». 

والضريبة التي أشار شيخ الأمناء هي التي يدفعها رواد الفكر المستنير الذين يطرحون 
TKA‏ جديدة غير تقليدية تتسم بالإبداع والجدّة والجسارة ومن شأنها أن تحرّك 


عجلة الفكر إلى الأمام وما يستتبع ذلك من تنوير في حيايا المجتمع بأن تخاخا المقائد الفاسدة 
والتقاليد البالية والآراء الجامدة والأنساق الراكدة التي تحوأل دون تقدمه والتي تقيّد حركته وهو 
يسعى إلى التطور وينزع إلى التغيير إلى الأحسن والأنفع. 

إن هذه الأفكار الجديدة ثقابل بعداوة بالغة وكراهية شرسب ومقت بالغ من جهات 
متعددة ومن قراء متباينين. 

— منهم من يتكسب من القديم المراد نفيه وتغريبه. 
المتمني ولا شيء بعده. 

— ومنهم من deall gari‏ عينه ويعش بحمر ويضب الرؤية أمامة فلا يدرك ما في 
التجديد من نفع أكيد وما في الإبداع من فائدة محققة. 

هؤلاء جميعا يتعاضدون على بُغض المبدع وشنان المُجذد ومقت المبتكر فيرمونه JG‏ 
نقيضه ويُلصقون به US‏ تهمة ويُلحقون به كل عيب ويعدمون إلى إغتياله معنويا وتصفيته 
جسديا إذا وجدوا لذلك سبيلا. 


وعلى مدار تاريخ الفكر في القديم والوسيط والحديث دفع الدعاة إلى التجديد والمنادون 
بالإستنارة ورافعو شعارات العقلانية أثماناً باهظة وحرياتهم وأرزاقهم... 

ولكن لسخرية القدر سرعان ما يتبيّن للمناوئين ويتضح للمعارضين ويظهر للمعاندين 
قيمة الفكرة الجديدة وثمانة الرأي المُبتدع ونفاسة الطرح المُستحدث فيعتنقونه ويأخذون به... 

والحق أن ذلك أمر متوقع وشأن منطقي وحدث مُفترض لان التغير A‏ الحياة 
ومع انتصاب المثيطات  Lai‏ بعد أن يدفع المبدعون الضريبة التي عناها الشيخ الخولي 


ويسددوا 


y‏ 5 ويوقو'يكشف' ekan‏ وهم أسعد التاسن ذلك بت رغم ما حاق بهم من ظلم وما لحق 
بهم من جور وما أصابهم من عنت وما نالهم من عسف — إذ يرون أفكارهم التي حُوربوا من 
أجلها وآراءهم التي هُوجموا بشأنها وطروحاتهم التي عُودوا بسببها ‏ قد ذاعت وشاعت 
وتَدُورلت وثبودلت وأقبل عليها من كان يسخط عليها Lis ps‏ بها من كان يعبس في وجههاء 
وهش لها من كان ينفر منها بل إن هؤلاء تحولوا إلى les‏ ومروّجين وأنصار لها. 

وهذا عين ما حدث لخلف الله gaie‏ (الفن القصصي) إذ يخبرنا الشيخ أمين الخولي أنه 
لم يمض وقت قصير حتى كانت الرسالة Qu‏ في بعض كليات الآداب في جامعات عربية 
بل وفي بعض معاهد القاهرة. 


x kK OK 


ونحن لسنا بصدد تاريخ للأحداث التي واكبت ظهور رسالة القصص الفني التي يتقدم 
بها محمد أحمد خلف الله dal‏ درجة الدكتوراه» فإن هذا صنيع مؤرخي الفكر. إن كل ما يهمنا 
طرحه هنا: 

أنه بمجرد أن قدّم خلف الله رسالة (الفن القصصي) لكلية الآداب  ieda‏ فؤاد الأول 
(القاهرة ۱۹٤۸/١۹٤١ (Ua‏ حتى قامت الدنيا ولم تقعد وفتحت على الطالب والمشرف على 
رسالته وهو الشيخ أمين الخولي طاقة وسيعة من الجحيم المستعر وارتفعت أصوات منكرة 
وشئرعت أقلام شرسة وامتشقت أسياف جديدة صارمة تطعنها. ومن المؤسف أن أساتذة 
المخاصمين وبحسب توصيف الشيخ الخولي شكل ذلك محنة عقلية وسقطة خلقية وأزمة فكرية 
لأن هؤلاء لم يعمدوا إلى النقد العلمي والتفنيد الموضوعي والرد المنطقي شأن العلماء وديدن 
المفكرين وسبيل الأكاديميين الحقيقيين وما تحثمه تقاليد الجامعات وأعراف الكليات ونظم 
اللمز وما هو أقسى منه ويمحوا شطر الغمز وما هو 


أشد منه نكر إذ نادى بعضهم باعتبار الطالب مرتداً يتعين إنزال حد الردّة عليه وكان هذا 
eu‏ اة من apada‏ در ها ال طط KAN a p‏ العلا لعف 
الموانع. 

ولم يقف الأمر عند ذلك بل وثب من على أسوار الجامعة وخرج مُهرولا إلى الصحف 
السيارة والمجلات الأسبوعية وكتب فيه — كالعادة التي لا زالت مستمرة حتى الآن مع بالغ 
الأسف ‏ من لم يقرأ من الرسالة حرفا بل سمع من هنا كلمة ومن هناك جملة... فارتفتعت 
زوبعة أو بالأصح عاصفة لحمتها الغوغائية ومئداها الجهل وسمتها الرعاعيّة وبنيتها الأوباشيّة 
لت ا للك كل عن ل ما سيت 
إليه إذ اضطر خلف الله اضطرارا وهو كاره إلى سويها والتقدم بأطروحة أخرى نال بها 
درجة الدكنوراه. 

kok k 


بيد أن ذلك لم يمنع من ذيوع Alu‏ وانتشارهاء فقد طبعت في حياة مؤلفها ثلاث 
Ci ja‏ و هد هنع ad Aa‏ ال ja least‏ نهنا النضرية و ته ce jet JUN‏ 
البيروتية اللبنانية إلى القارئ وهما تستهدفان على الأخص الجيل anal‏ أو حتى المتوسط الذي 
لم يسعده الحظ فيشهد تلك الملحمة المجيدة التي خاضها خلف الله بشجاعة نادرة وجرأة عديمة 
الضريب وصبرا واحتسابا Gay‏ نظيرهما ويقرأ الرسالة التي لم ثنشر منذ عدة عقود من 
الأعوام. 

ولكنى على ثقة أن تلك المعركة تركت فى نفس خلف الله مرارة All‏ ريما هي AN‏ 
في إحجامه عن طبع رسالته هذه الفريدة طوال تلك المدة ولولا ذلك لتعددت طبعاتها. ٠‏ 


x % OK 


ومن المضحك المبكي أنني وأنا أطالع أحداث هذه المحنة الفاذة قرأت أن جبهة العلماء 
الت La las‏ الهجمة' du EE‏ فو حافت الوسالة انها اداع مق واا ادى ES‏ 
يحصد نفوس المصريين حصدا في تلك الأيام. 

dede nt Mt a E الك قوم‎ D e TA RE 
المفكرين المستنيرين وما من واحد منهم إلا وصمته بالكفر ووسمته بالإرتداد عن الدين‎ 
وحكمت عليه بالخروج عن الملة فأدركت على الفور أن أعضاءها الحاليين هم خير خلف‎ 
لسلفهم الصالح وأنني أتوقع أنهم سوف يقفون ذات الموقف من هذه الطبعة الجديدة.‎ 


x kK OK 


ونحن لا نملك إلا أن نحيي الشيخ أمين الخولي رحمه الله على ضربه مثلا رفيعا في 
الاستنارة ورحابة الأفق ونفاذ البصيرة وفي شجاعته الأدبية لإشرافه على الرسالة ثم الدفاع 
عنها وعن صاحبها ولوقوفه fie‏ غير عابئ بما ناله من هجوم تعرّى عن كافة القيم 
والمبادئ الخلقية ولم يكتف بذلك بل كتب مقدمتين للطبعتين الثانية والثالشة وواصل فيهما 
المحاماة عن الرسالة والمنافحة عن مصنفها مندداً بالذين حملوا عليها ila‏ شعواء على غير 
أساس من علم أو دين مؤكدا أنها (تلك الحملة) رفعت الستار عن حقيقة ما يجري في الجامعة 
ك nel a A‏ وها شوو لك leu‏ 5 طق LANES‏ 
للعامة تحت ستار الدفاع عن القرآن» ونعت ذلك بأنه هبوط علمي وتدن خُلقي وانحطاط 
اجتماعي» وفي كل مرة كان يحيي صاحب الرسالة ويُشيد بعلمه وخلفه وصبره وشجاعته 
الأدبية وجرأته الفكرية. ونحن من جانبنا نكتفي بكلمات الشيخ الجليل في حق تلميذه مبدع هذه 
الرسالة المتميزة الفريدة. 


الدقي» في الثامن من جمادى الأول ١١٤٠ه‏ 
التاسع والعشرون من شهر سبتمبر/أيلول ۱۹۹۸م 
خليل عبد الكريم 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


الجزء الأول 


الفن القصصي في القرآن såll‏ 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


4 ل هذه سبيلي أذعو إلى الله على بَصيرةٍ أتا ومن اتْبَعَنِي‎ à 


القن الي 
في القرآن såll‏ 


محمد أحمد خلف الله 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 





(1) 


كنت أريد أن أقف في هذا الموطن NY‏ في وضوح وجلاء العلل والأسباب التي 
دفعت بالجامعيين من أصحاب الهوى والغرض إلى هذه المواقف: 


)0( التقوؤل على رسالة « الفن القصصي في القرآن الكريم » والإدعاء عليها Le‏ ليس فيها 
وبما لا يمكن أن يخطر ببال صاحبهاء وتحريف نصوصها تحريفا يمكن من إستثارة 
الجماهير ضد الرسالة وضد صاحبها في سهولة ويْسر. 

(ب) قبول الأستاذ أحمد بك أمين أن يكون عضوا في رسالة يشرف عليها الأستاذ الخولي 
مع تحاشيه مثل ذلك من قبل لما بين الأستاذين من خصومات» وبخاصة إذا كان هذا 
القبول قد تم بعد أن نشأت المسألة الدينية وبعد أن اعتذر الأستاذ عبد الوهاب حمودة. 
واعتذار الأستاذ حمودة لم يكن إلا ليحل محله الأستاذ أحمد أمين» ولم يكن إلا بعد 
أسابيع DG‏ من تكوين لجنة الفحص ومن قبول الأستاذ حمودة عضوية اللجنة. 
حرص الأستاذ أحمد بك أمين على أن يجتب صديقه السنهوري Lil‏ كل ما 

NY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يعكّر عليه صفو الحكم وملذاته» ولذا نراه ينصح عميد الآداب ومدير الجامعة بالنيابة 
الدكتور عبد الوهاب بك عزام بأن يأخذ في هذه الرسالة رأي المسؤولين قبل أن يأخذ 
رأي العلماء وبعبارة أخرى ينصحه بأن يأخذ رأي السنهوري باشا ومن هنا نس تطيع 
أن نقول بأن الأستاذ أحمد أمين قد كتب تقريره على الأساس السياسي لا على الأساس 
العلمي ولا على الأساس الديني. 

بل لعل الأستاذ أحمد أمين بك لم يقبل عضوية اللجنة إلا ليؤدي هذه المهمة. ومن هنا 
نراه يصمت بعد ذلك فلا يرد على تقرير الأستاذ الخولي وإنما يترك مهمة الرد 
للأستاذ الشاب ولا يدفع عن نفسه ذلك الاتهام الفاضح الذي نشرته جريدة « أخبار 
اليوم » ولا يجيب عن ذلك التحدي العلني الذي نشرته جريدة « الإخوان 
المسلمون . 

إصدار الأستاذ الشايب أحكاما ثلاثة في شأن هذه الرسالة: 

فهي عنده حسنة إلى الحد الذي يجعله حريصا على أن يشرك الأزهر في مناقشتها 
ليتبيّن الأزهر بنفسه الجهود الحسنة التي يبذلها في سبيل الدراسات الإسلامية slij‏ 
الجامعة. 


وهي عنده لا بأس بها وإنه ينصح بتعديل بعض فصولها قبل تقديمها إلى المناقشة. 
وهي عنده سيئة جدآء سيئة إلى الحد الذي يجعله يقرر بأن أقل ما تستحقه هو الرفض 
التام. 

ثم إرساله بعد كل هذا خطابا إلى المشرف يسحب فيه بعض صفحات التقرير الثاني 
لأنه قد كتب ما كتب قبل أن يرجع إلى كتب التفسير. 

وأخيرآ التقاؤه مع الأستاذ أحمد أمين في الحرص على سلامة الحكومة وهو نفسه 
الذي Lu‏ على أنه قد تحدّث مع العميد في شأن الضجيج السياسي الذي تعانيه 
الحكومة وأنه يريد برفضه هذه الرسالة أن يجنب 


لقد بدأ الأستاذ الشايب مساوم رسالة برسالة. رسالة خلف الله برسالة المحاسني. ثم 
Ë‏ مدافعا عن الدين والقرآن الكريم» ثم ثلث مدافعا عن الحكومة لأنه الرجل الذي 
يريد ان يجثبها أي ضجيج. 

موقف الدكتور عبد الوهاب عزام بك عميد الآداب ومدير الجامعة بالنيابةء وكيف 
أحدث هذه الأزمة باستماعه إلى وشايات الدكتور شوقي us‏ 


ثم كيف أنه لم يسلك السبيل العلمية الجامعية مع هذه الرسالة فلم يجمع iial‏ الفحص 
لتضع تقريرها عن الرسالة» ولم يعرض المشكلة على مجلس الكلية ليرى رأيه في 
النزاع القائم» وإنما سلك سبيلاً سياسة ملتوية. 

فهو أولا: يبلغ الطالب أن اللجنة المكونة لفحص الرسالة قد قررت أنها غير صالحة 
للمناقشة مع أن اللجنة لم تجتمع حتى هذه اللحظة ولم تضع من باب أولى Jin‏ هذا 
التقرير. 

وهو ثانيا: ينشر بيانا في الصحف يذيع فيه أن الجامعة قد رأت أن هذه الرسالة لا 
تستحق أن يمنح عليها صاحبها درجة علمية جامعية. مع أنه يعلم العلم كله بأن 
الأستاذين اللذين قد اعتمد عليهما في تنفيذ خطة السياسيين قد فشلا الفشل كله حين 
ادعيا على الرسالة وحين حرفا نصوصها ولقد ثبت هذا التحريف في محضر قام 
بعمله رجال ثلاثة هم الدكتور الشرقاوي بك والدكتور زكي حسن بك والأستاذ عبد 


الوهاب خلاف بك. 

ثم هو GG‏ لم يقبل تكوين لجنة جديدة لفحص هذه الرسالة يكون مفتي الديار 
المصرية faune‏ فيها. ويكون أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقفوق عض وآ ثانياً 
ويكون المشرف عضوها الثالث على ما هو القانون ونص اللائحة. 


(Y)‏ نقد صاحب الرسالة في التمهيد بحوث الأستاذ شوقي فاحفظه ذلك وبدأ هجومه على صاحب الرسالة 


واتخذ من المسألة الدينية ميدان هذا الهجوم. 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


(ه) موقف الجامعة وكيف أنها ناقضت نفسها بنفسها في كثير من تصرافاتها حتى إذا 
دافعت عن الطالب في الرد على السؤال وهاجمت الطالب في الرد على الاستجواب 
ولم يكن ذلك إلا لرفض الطالب فكرة المساومة. 

(و) تصرفات معالي وزير المعارف وأحاديثه مع الطالب ومحاولاته elia)‏ نفسه في كل 
تصرف حتى لكأن الجامعة هي التي تتصرف وحرصه الشديد على إنقاذ الأستاذ أحمد 
بك أمين بعد أن bag‏ نفسه في سبيله. 
كنت أريد أن أقف عند كل هذه المسائل لأفسّرها وأشرح العلل والأسباب التي أدت 
Le)‏ ,4 أن RS gag a GAE Sel‏ السياسيين ومن a‏ 


بجريرته وتحمله أضرار أخطائه المتعمدة وتلك هي ساحة القضاء. 


(۲) 


وكنت أريد أن أقف أيضا لأحدّد المخالفات التي لم تصدر عن هوى وغرض وإنما 
صدرت عن بطء في الإدراك وسوء الفهم وعن عدم بصر بالنظرية وبما يمكن أن تؤديه 
للإسلام من خدمات. وأرد على هذه المخالفات واحدة واحدة. ولكني آثرت أن أشرح النظرية 
بتفصيل فأوضح Ei ja TT d‏ 


As LUN وقي‎ Ad ةما ون‎ AGA) هال سیم‎ a A 
04 حجاب ب‎ ét Liu ومن‎ 


إنها إن تكن الثانية فليس لي معه ومعهم إلا قوله تعالى ١‏ قل هذه سبيلي أذعو إلى 
الله على بَصيرة أنا ومن اتَبَعَنِي Gags‏ الله وما أتا من OS Gus JE‏ 
) | سورة يونس» الآية o‏ . 


١ 
Lo سورة فصلتء الآية‎ (Y) 
NAN AN) de ji سورة‎ (Y) 


(۳) 


بقيت كلمة صغيرة أقولها لهؤلاء الذين جعلوا من أنفسهم أبطالا في الدين وفي سبيل 
القرآن الكريم من الجامعيين وغيرهم. كلمة أقولها لهم جميعا هي أنهم حتى في هذا الموقف 
الذي ينشدون فيه البطولة الدينية قد أعرضوا عن الإسلام وتعاليمه وعن هدى القرآن الكريم» 
وأقبلوا كل الإقبال على تلك الخطة التي كان الجاهليون في وثنيتهم الأولى يحاربون بها النبي 
عليه السلام ويعارضون بها القرآن الكريم. 


أعرضوا عن الإسلام وتعاليمه لأن القرآن الكريم ينصح النبي عليه السلام وينصح 
pale ga as‏ فى ٠. I‏ العفيدة على le io; DRN Le‏ 
هي أحسن D‏ ولا ثجادلوا أهل الكتاب إل بالتِي هي cuil‏ 4 اتلس يكف أن فده ال 
كانت ai‏ عليهم أن يقدموا الرسالة للمناقشة. 

وأقبلوا كل الإقبال على الخطة الجاهلية لأنهم اعتمدوا في كسبهم للخصومة في الرأي 
على إستثار ة الجماهير. و ملي طم ال 
لهذا القرآن وألغوا فيه aal‏ تغلبون Ng‏ 

يا أيها المخالفون. إن كنتم حريصين حقا على الإسلام وعلى القرآن الكريم فقارعوا 
الحجة بالحجة وأبطلوا الدليل بالدليل. أما إستثارة الرأي العام وتحريك عواطف الجماهير فأمر 
لا يليق بالعقلية الإسلامية ولا يليق بأبناء القرن العشرين. 

إن لكم في تعاليم الإسلام وهدى القرآن الأسوة الحسنة. وإن لكم في مسلك سعادة عبد 
a‏ الا خاي لم ا اڪ ڪڪ 
العاملية 9) 


LET ANI سورة العنكبوت»‎ )١( 

NANI سورة فصلتء‎ (Y) 

(Y)‏ كانت بعض المشاكل قد أشكلت على سعادة بدوي باشا فطلب عنها إيضاحا يجده القارئ في الصفحات 
التالية. 


۲١ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


سعادة الأستاذ الكبير الدكتور عبد الحميد بدوي باشا. 


تحدّئت الى السيدة بنت الشاطئ طالبة أن أوضح لسعادتكم موقفي من هذه الايات التي 
يصف فيها القرآن بأنه الحق مع ما أذهب اليه من قول بفنية القصة القرآنية. ولقد نكرت لي 
السيدة يتين كريمتين نطقتم بهما في معرض الحديث هما قوله تعالى: ™ Cf‏ هذا لهو Gaël‏ 
الحق (VE‏ وقوله تعالى: d‏ نحن [adi‏ عليك نبأهم بالحق (VE‏ 

وأخبر سعادتكم أو dés‏ كل شيء أن هذه المسألة من المسائل التي التفت Lg]‏ 
المفسرون» والتفتوا ايها لأنها جاءت مع الأمثال في قوله تعالى «ر إن الله لا يستحي أن 
يضرب Sha‏ ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم... 4 الخ. 
والأمثال لا يلزم أن تكون من الحقائق الثابتة فقد تكون من المتخيّلات ومن الأساطير 
والأوهام. ولقد أجاب هؤلاء عن هذه المسألة وكانت إجابتهم أن المثل يوصف بالحق لأنه 
شارح للحق ومبين له ولأنه مقرر للحق ومؤكد له. 
في ج ١‏ ص FFT‏ من تفسير المنار ما يلي » والمثل في اللغة الشبه والشبيه» وضربه عبارة 
عن ايقاعه وبيانه» وهو في الكلام أن يذكر لحال من الأحوال ما يناسبها ويشابههاء ويظهر من 
حسنها أو قبحها ما كان خفياء ولما كان المراد به بيان الأحوال كان قصة وحكاية. واختير له 
لفظ الضرب لأنه يأتي عند ارادة التأثير وهيج الانفعال كأن ضارب المثل يقر ع به أذن السامع 
قرعا ينفذ أثره الى قلبهء وينتهي الى أعماق نفسهء ولكن في الكلام قلبا حيث did hs‏ هو 
المضروب وانما هو مضروب ». هذا ما قاله الأستاذ الإمام 

وجاء في ص ۲۳۷ من الجزء نفسه: « ثم ذكر تعالى أن الناس فريقان: Lali à‏ الذين 
giaj‏ | 


Ey AN) سورة آل عمران»‎ )١( 
NT AN) سورة الكهف,‎ (ï) 
LV سورة البقرة؛ الآية‎ (Y) 


NY 


فيعلمون أنه الحق من ربهم 4. لأنه ليس نقصا في حد ذاته» وقد جاء في كلامه تعالى: فهو 
ليس نقصا وانما هو حق لأنه مبين للحق ومقرّر له وسائق الى الأخذ به لما له من il‏ في 
النفس وذلك أن المعاني الكلية تعرض للذهن مبهمة فيصعب عليه أن يحيط بها وينفذ فيها 
فيستخ رج سرها والمثل هو الذي يفصل إجمالها ويوضح ايهامها فهو ميزان البلاغة وقسطاسها 
ومشكاة الهداية ونبراسها. ورحم الله تعالى عبد القاهر الجرجاني امام البلاغة والواضع الأول 
iale‏ المعاني والبيان ومؤلف أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز لتحقيق إعجاز القرآن حيث قال 
في كتابه الأول واعلم أن مما اتفق العقلاء عليه أن التمثيل اذا جاء في أعقاب المعاني أو 
برزت هي باختصار في معرضه ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته كساها أبهة 
وكسبها منقبة ورفع من أقدارها وشب من نارها وضاعف قواها في تحريك النفوس لها Less‏ 
القلوب اليها واستثار لها من أقاصي الأفئدة صبابة وكلفا وقسر الطباع على أن تعطيها محبة 
شغفا... » El‏ 

هذا الذي لقال في لعن aha CR‏ لان DA‏ يكرا قضنة أو أن" القضية افد 
a‏ مظله و die JS‏ ف القصة: ولقد صرح القرآن الكريم في كثير من المواطن بأن 
أخبار الأنبياء والمرسلين أو أقاصيصهم لم ترد في القرآن اى il‏ أنها من الأمثال. قال 
تعالى D‏ واضرب لهم Sia‏ أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون. .. O‏ الخ. وقال تعالى 
ل( ضرب الله le‏ للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط PE‏ ' الخ. à‏ وضرب الله مثلاً للذين 
آمنوا فرعون... 4 الخ. 


SH أن هذا‎ D تحال‎ All ليزي‎ aie Acad تيت الزاري‎ ele but a cles 
نقص عليك‎ Uy D تعريفه للحق عند تفسيره لقوله تعالى‎ ela كما‎ 4 (Gall القصص‎ 


.٠١ سورة يسء الآية‎ )١ 
Na AN) سورة التحريم»‎ (Y 
.١١ AN نفس السورة.‎ ( 

| سورة | 


NY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين 4(" y‏ 
نراه يقول عند تفسيره للأولى: « والقصص هو مجموع الكلام المشتمل على ما يهدي الى 
الدين ويرشد الى الحق ويأمر بطلب النجاة ». كما نراه يقول عند تفسيره للثانية « أما الحق 
فهو اشارة الى البراهين الدالة على التوحيد والعدل والنبوة. وأما الذكرى... » الخ. 


ومما يؤكد هذا الذي يذهب إليه المفسسّرون أن القرآن الكريم قد جرى في أقاصيصه 
على هذا الأساس أساس أن القصة إنما توصف بالحق لأنها تشرح الحق وتقرره لا لأنها في 
ذاتها حقيقة ثابتة. وليس أدل على هذا من قصة أصحاب الكهف تلك القصة التى وردت فيها 
ANI‏ الكريمة b‏ نحن نقص عليك نبأهم بالحق 4 إذ الذي نطمئن إليه والذي قال به oaa‏ 
الأقدمين من المفسرين أن القرآن الكريم لم يذكر في هذه القصة الحقيقة التاريخية. وإنما ذكر 
ما كان يعرفه اليهود وأهل الكتاب عن عدد الفتية وعدد السنين. والأستاذ النجار إنما يعتمد 
غك :هذا القول ويز فصن La‏ غد اد Ailes à‏ علي ماده ETA E kawah‏ ال À ns pal dun‏ 
لدائرة المعارف الإسلامية على أنا نستطيع أن نشرح المسألة بإيجاز فنقول. 

يذكر الدارسون للقرآن والشارحون لأسباب النزول أن قصة أصحاب الكهف إنما 
تلك Aa)‏ عن Lil‏ 445 بها ار کر ن من اهل مک ان من لورد الل الت عا 
السلام ليعرفوا أمن الأنبياء هو أم من المتنبّئين؟ ويذكر الدارسون والشارحون أن المشركين 
حينما رجعوا من المدينة أو من عند اليهود إنما رجعوا ومعهم المقياس الذي يقيمون به صدق 
نبوة النبي وصحة رسالته ولم يكن هذا المقياس إلا الإجابة عن الأسئلة. 

هنا نستطيع أن نسأل هذا السؤال. ما الإجابة التي يتوقع المتوقع أن ينزل بها الوحي 
من السماء ليثبت نبوة النبى وصدق رسالته؟ أهى الحقيقة التاريخية عن jal‏ أصحاب الكهف. 
أم هي الإجابة التي ذكرها اليهود من أهل المدينة للمشركين من أهل مكة وجعلوها المقياس 
الذي يقاس به أمر النبي عليه السلام؟ 


.٠٠١ AYI سورة هود‎ )١( 
AYANI سورة الكهف›‎ (ï) 


Y£ 


أعتقد أنك قد فطنت إلى أن الإجابة a‏ هي AE‏ لأنها وحدها المقياس الذي 
وضبغه el‏ في المشركين ولانها التي انث ose Š‏ الوح يارل من السناء انرق ما 
المعرفة الأولى معرفة الخبايا والأسرار والمعرفة الثانية معرفة الوقائم البشرية التي يسجلها 
التاريخ والتي يتناقلها الرواة والأفراد. 

هذا الذي نقول به هو الذي يضح LLG‏ من فن بناء هذه الة لقصة في القرآن. 

لماذا ردد القرآن الكريم عدد الفتية من أصحاب الكهف بين التلاتة A‏ الرابعهم كلبهم 
والخمسة السادسهم كلبهم والسبعة الثامنهم كلبهم؟ لماذا ردّد ولم يذكر العدد الحقيقي لكل 
هو لاء؟ 

ولماذا لم يذكر القرآن SST pin‏ 
ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا C ١4‏ ثم أعقبه بقوله D‏ قل الله alej‏ بما لبثوا 04 

لماذا كل هذا؟ 

لا نستطيع أن نتصوّر أن هناك من يدعي أن المولى سبحانه وتعالى كان يجهل العدد 
الحقيقي من أمر هؤلاء الفتية فالله يعلم السر وأخفى والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور 
وحاشا للمولى سبحانه وتعالى ألا يتعلق بعلمه jai‏ ما في الأرض أو في السماء. 

إن الترديد في العدد وإن التجهيل في أمر السنين لم يكن إلا لحكمة يريدها المولى 
وليست الحكمة فيما نرى إلا أن ينزل القرآن Les‏ قالته اليهود للمشركين ومن هنا كانت أيضاً 
هذه النصائح التي يذكرها في القصة القرآن الكريم. 

ail‏ كانت إجابات اليهود عبر موحّدة ومن هنا كان ما ترى في القصة من تجهيل 
وترديد. فن بناء القصة في القرآن يشعر بما نذهب إليه من أن صفة الحق في هذا 


YO سورة الكهفء الآية‎ )١( 
NANI نفس السورة»‎ (Y) 


Yo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الموطن لم تطلق على Gil‏ من dus‏ هو حق في ذاته وإنما أطلقت عليه من dus‏ هو شارح 
للحق ومبيّن له. ولا نريد في هذا المقام أن نتعرض لما يقوله الكثيرون من أن هذه القصة 
ليست إلا أسطوزة فن الأسناطين الزوومانية: EN‏ هذا a‏ كن Gal‏ بهذا الفا af‏ يكف في 
هذا الموطن أن es Lave dose 5 dar elles‏ الذاكووق هناك 


x % OK 


والشارحون لمعنى كلمة الحق في القرآن الكريم من أمثال الراغب الأصفهاني في 
كتابه المفردات في غريب القرآن يذهبون إلى أن الحق كلمة أو صفة يوصف بها في ver‏ 
الأحيان الفعل أو العمل الذي يجيء على مقتضى الحكمة. كما قد تجيء وصفا للفعل أو القول 
الذي يكون بحسب ما يجب وفي الوقت الذي يجب. 

وعلى الأساس السابق لاستعمال لفظة الحق في القرآن الكريم لو أنك قصصت قصة 
خيالية على طفل صغير أو إنسان كبير تقصد بها ردعه وزجره أو تربيته وتهذييه أو حتى 
إدخال السرور على قلبه وتنشيط همته وأحدث القص ما إليه قصدت فهذه القصة حق. هي حق 
لا من حيث الأحداث والأشخاص فهما كما ذكرنا من نسيج الخيال وإنما من حيث الأثر النفسي 
الذي تحدثه القصة أي من dus‏ الوصول إلى الهدف وتحقيق المقاصد والأغراض. 

هذا الذي نقول به على هذا الوجه هو الذي التفت إليه القاضي عبد الجبار عند حديته 
في AUS‏ تنزيه القرآن عن المطاعن عن قصة المباهلة وإليك أولا ما قال. 

يقول القاضي في ص ٦۲‏ من كتابه ما يلي « مسألة. وريما قيل في قوله تعالى 
à‏ فمن حاجك فيه من بعد ما dela‏ من العلم فقل تعال وا ندع £a ils Lieli‏ 

كيف ترفع محاجة النصارى في عيسى اذ قالوا أنه الله وأنه ابن الله. ومحاجة اليهود اذ 
كذبوا بولادته من غير نكر بالمباهلة التي ذكرها اش؟ 

وجوابنا أن الحجة في ايطال قولهم اذا ظهرت ولم بقع القبول وعلم الله تعالى أن في 
المباهلة مصلحة لم يمنع ذلك. ومعلوم أن عند المباهلة والملاعنة يخاف المبطل فريما يكون 
ذلك 


y 


فق AK ne‏ الباطل: نا ظاه ر 1 CD LI‏ و ان تحال es‏ هذا و اق 
ee SS e‏ 


العوامل ا الإنسان E‏ الس ون E ETA‏ 


القصة التي تبعت الخوف وتدفع إلى ترك JEUN‏ توصف بأنها حق. توصف بهذه 
الصفة لا من حيث وقوعها أو عدم الوقوع وإنما من حيث بعثها للخوف واستثارتها له لأن ما 
ينذر ويخوف يوصف بذلك. 

الا تعلق :هذا oil‏ في Yoga lé‏ تكاج :إلى كليل أو Li te ha y‏ 
نستطيع أن نفسّر المسألة من وجهة نظر أخرى هي التالية: 

يذهب بعض المفسرين إلى التفرقة بين الحكاية أي بين جسم القصة أو هيكلها وبين ما 
فيها من توجيهات دينية أو اجتماعية. ويذهب هؤلاء إلى أن الجسم أو الهيكل غير مقصود وأن 
المقصود Lee ge‏ القن Li ji‏ ن: إلا .هذه اجات ju‏ لا Le‏ في الق من المعاتي 
الدينية والخلقية والقيم الاجتماعية والنفسية: ويذهب هؤلاء أيضا إلى أن المشركين قد ضلوا 
السيل due‏ اعرا أن المتمتو درون عة انض الثر A‏ :هو الحكية آنه من هاتفو إلى 
ما ذهبوا إليه من عد القصص القرآني من الأساطير وها هي بعض العبارات من كتب هؤلاء 

في الرازي ج £ ص 041 عند تفسيره لقوله تعالى ( بل كذبوا بما لم يحيطوا 

C oo‏ ما يلي « الأول أنهم كلما سمعوا Gui‏ من القصص قال وا ليس في 
هذا الكتاب الآ أساطير الأولين ولم يعرفوا أن المقصود منها ليس هو نفس الحكاية بل أمور 
أخرى مغايرة لها ». 


Y سورة آل عمران:» الآية‎ )١( 
Ta AN سورة يونس»‎ (ï) 


Yy 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وجاء في النيسابوري ج ١١‏ ص NO‏ هامش الطبري عند تفسيره ASU‏ السابقة ما يلي: 
» وذلك انما حملهم على التكذيب أولآ وآخرآ وجوه منها أنهم وجدوا في الق y]‏ أقاصيص 
الأولين ولم يع رفوا المقصود منها فقالوا أساطير الأولين وخفيّ عليهم أن الغرض Lei‏ بيان 
قدرة الله تعالى على التصرّف في هذا العالم ونقل الأمم من العزّ الى الذل وبالعكس ليعرف 
المكلف أن الدنيا ليست مما بيقى فنهاية كل حركة سكون وغاية كل سكون ألا يككون» كقوله 
Ge‏ من قائل à‏ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب UE‏ 

ويمضي الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده إلى أبعد من هذين حين يقول عند تفسيره 
لقصة هاروت وماروت من سورة البقرة ما يلي فيما نقل die‏ صاحب المنار ج ١‏ ص ٠۹۹‏ 
« قال الأستاذ الإمام ما مثاله: Lu‏ غير مرة أن القصص جاءت في القرآن لأجل الموعظة 
والاعتبار لا لبيان التاريخ ولا للحمل على الاعتقاد بجزئيات الأخبار عند الغابرين وإنه ليحكي 
من عقائدهم الحق والباطل ومن تقاليدهم الصادق والكاذب ومن عاداتهم النافع والضار لأجل 
الموعظة والاعتبار فحكاية القرآن لا تعدو موضع العبرة ولا تتجاوز مواطن الهداية ولا بد أن 
يأتي في العبارة أو السياق وأسلوب النظم ما يدل على استحسان الحسن واستهجان القبيح. 

د ده د ا ee ee‏ 
له تكن Loue‏ في نيا كنسوله انز كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسن 14" ( وكقوله 
© بلغ مطلع الشمس 4 C‏ وهذا الأسلوب مألوف فإننا نرى كثيرا من كثاب العربية وكقاب 
الإفرنج يذكرون آلهة الخير والشر في خطبهم ومقالاتهم لا سيما في سياق كلامهم عن اليونان 
والمصريين القدماء ولا يعتقد أحد agia‏ شيئا من تلك الخرافات الوثنية... 


إذ الواضح أن الأستاذ الإمام يجيز أن يكون في التعبير القرآني قصصا وغير قصص 


AVANI سورة يوسفء‎ )١( 
NYO ANI B JE سورة‎ (Y) 


A4 AN سورة الكهف»‎ (Y) 


YA 


"Si‏ للأساطير إجراء للعبارات على تلك الظواهر الخرافية AN‏ يحكي من عقائدهم الحق 
والباطل كما يجيز أن يكون القرآن قد أجرى أساليبه كما هو المعروف عند الأدباء فجعل 
الخرافات الوثنية أداة للتعبيرات البلاغية ». 

يجيز الأستاذ الإمام هذا كله إلى جانب نصّه الصريح والواضح على أن التاريخ غير 
مقصود. 

والآن إذا كانت المعاني التاريخية غير مقصودة فهل يجيء من يقول بأن صفة الحق 
إنما تنصب على هذه المعاني؟ أعتقد أن لا. 

المقصود بالصفة هو الهدف الذي يقصد إليه القرآن من القص فالحق هنا ليس المعاني 
التاريخية وإنما هي المعاني الدينية والخلقيةء الخ. تلك التي قصد إليها القرآن من عملية القص. 

x kK OK 

هذه تفسيرات مختلفة لهذه الصفة لك أن تقبل منها ما تشاء. وأن ترفض ما تشاء ولك 
أن تفهم إلى جانبها أن القصة الفنية قد تختار أحداثها وأشخاصها من التاريخ ومن واقع الحياة 
وليس يلزم حتما حين نقول بأن القصة في القرآن عمل فني أن نقول إن فنية القصة في القرآن 
إنما تجيء من أن عناصرها من نتاج الخيال. 

لا يلزم هذا ويجب ألا يُفهم قولي على إطلاقه وإنما هي الحلول التي نض عها لنفسح 
أدبية» أسس لم نجيء بها من عندنا وإنما وقفنا عليها من ملاحظة الظواهر الفنية والأدبية التي 
تجري عليها عملية القص في القرآن. 

وفي الختام أرجو أن أكون قد قدّمت ما فيه الخير. 

والسلام عليكم ورحمة الله. 


القاهرة 


YA 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


تمهيد 





أريد أن أوضح في هذا التمهيد شيئين: الأول منهما الأسباب التي دفعتني إلى اختيار 
دراسته. 

أما الأسباب التي جعلتني أعنى بالدراسة الأدبية وأجعل من القرآن ميدان أبحاثي Lei‏ 
فترجع قبل كل شيء إلى نوع من الاستهواء عمل على إذاعته في نفسي درس أستاذنا الخولي 
عن المنهج الأدبي في فهم القرآن وتفسيره فقد كانت تلك اللفتات تستقر في نفسي استقراراً 
يجعلني أتخيّل أني أستطيع تمثل هذا المنهج والسير عليه في تفسير كتاب الله. 

ساعد على هذا التخيّل ونماه في نفسي تلك التربية الدينية التي لاحقتني صغيرآ والتي 
جعلتني أؤمن إيمانا قويا بأن العقلية الإسلامية الحقة Lai‏ تظهر سافرة مشرقة في الجانب 
الديني والتشريعي من جوانب الثقافة الإسلامية. ومن هنا كنت أعتقد أني من أحق طلاب قسم 
اللغة العربية بكلية الآداب وأجدرهم على السير في هذه السبيل والضرب فيها بخطى ثابتة. 

وكان منهج الأصوليين في البحث في المقدمات اللغوية وفهم النصوص القرآنية حين 
يستخرجون الأحكام ويضبطون أمور التشريع من العوامل التي تغريني Lo‏ فعقدت 


۳١ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الآيات المتعلقة بجزئية من الجزئيات أو مسألة من المسائل فأرتبها الترتيب التاريخي وأفهمها 
الفهم الذي يساعدني على استخلاص الحقائق وتوضيح ما تشتمل عليه من أفكار وآراء. 

دفعتني كل هذه الأشياء إلى القرآن فطاوعتها وأخذت موضوعي الأول » das‏ القرآن 

اخترته وما كنت قد تبيّنت تماما ذلك المنهج الأدبي» فلم تكن أصوله قد استقرت في 
الأصوليين في الدرس فإن انحرفت فاستجابة لشيء مبهم لم يتضح بعد الوضوح الكافي. 

لكني ما لبثت أن تبيّنت حقيقة ذهلت لها أول الأمر فقد تبيّنت أن القرآن نفسه اعتمد 
على ما يعتمد عليه أصحاب الدعوات من عوامل وأنه صور العوامل النفسية للدعوات ولفت 
الذهن إلى الفاعلية القوية التي تكمّن في BAYI‏ وعرف للدعاية والرقابة سلطانهما ففرض هما 
على النبي عليه السلام وعلى المؤمنين بالقدر الذي كانت تسمح به الظروف في هاتيك 
الايام. 

ومضيت في الدرس فاستقر في نفسي شيء آخر هو أن تلك الآراء التي يثبتها 
المفسّرون على أنها متعارضة وتلك المذاهب العديدة التي توزّعها الفرق الدينية المختلفة لعلها 
قامت على غير أساس. قامت لأن قصد القرآن من استعمال الألفاظ لم يُفهم تماما. وقامت AN‏ 
استقر في ذهن المؤمنين بها أن المطلوب من وراء E ar‏ وقامت لأن 
هذه الفرق قد حددت المعنى حيثما استقر في ذهن أصحابها من وراثة أو د تلقين. وعلى الجملة 
eus‏ رن 4 a Kara bank‏ ومعقاتها على على القرآن ولم تفهم القرآن الكريم 
و ي الو التي Lu‏ حاون KA Hole‏ ل مال د 
من قَيّم ومن آراء ومعتقدات ومن أفكار علمية واجتماعية يدل عليها النص نفسه ويوحي بها 
ويشير إليها حتى ولو لم تتفق هذه الأفكار وما به ندين. 


وإذا أردنا أن نضع بين يديك ألوانا من هذه المثل فلن نجد fus‏ من هذين المثلين: 


Yy 


)1( في تفسير المفسرين لقوله تعالى # يس * والقران الحكيم * إنك لمن 
المرسلين * على صراط مستقيم * تنزيل العزيز الرحيم * لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم 
غافلون * لقد Ga‏ القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون * ÚJ‏ جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى 
الأذقان فهم مقمحون * وجعلنا من بين أيديهم fau‏ ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا 
يبصرون * وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 4 نجد كثيرا من الآراء 
المتعلقة بالمشكلة الفلسفية مشكلة القضاء والقدر وخلق الأفعال هى التى تملى على المفسرين 
أقوالهم في الآية حتى لنرى الطبري وهو أبعد المفسّرين عن حشو AUS‏ بآراء الفرق الدينية 
يقول « يقول تعالى ذكره وسواء يا محمد على هؤلاء فانهم عليهم القول أن الأمرين كان منك 
اليهم الإنذار أو ترك الإنذار فانهم Y‏ يؤمنون لأن الله قد حكم عليهم بذلك » وهو قول يدعو 
إلى العجب من غير شك إذ الناظر في هذه الآيات وفي أمثالها يرى أنها وصف أدبي دال يعبر 
أقوى تعبير عن حال أولئك الذين أثقلتهم التقاليد وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم. وأولئك الذين 
تمكنت agia‏ العقائد الباطلة حتى لينظرون إلى الوجود من خلالها. ولم يرد القرآن الكريم فيما 
نرى ثلك الأشياء التي وقف عندها المفسّرون وبخاصة الرازي من أدلة الفرق الدينية وجدلها 
العقيم فأطالوا الوقوف وذكروا منها ما يباعد بين المرء وبين الفهم السديد للقرآن الكريم. بل 
ذكروا Le‏ يفسد ذوقه الأدبي وحسته بوقع الألفاظ على النفس الإنسانية وما يلفت الذهن إلى 
قضايا عقلية كان من الخير له وللقرآن الإعراض عنها. 

إن ختام هذه الآيات يشرح لنا ما يريده القرآن أجمل شرح ويوضح لنا ظاهرة 
اجتماعية تحدث مع كل دعوة وتوجد في كل زمان ومكان إذ نفوس PE‏ سدم 
متفاوتة وقدرتهم على التخلّص من القديم والاستجابة للجديد تتوقف إلى حد كبير على ما 
بهم من ظروف وما يلم بهم من أحداث وما يعده الزمن للمستقبل من رجال أحرار Wa‏ 
النهوض بأمتهم والأخذ بيدها في طريق PE‏ والرقي ومن هنا نرى القرآن الكريم يقابل في 
الايات السابقة بين صنفين من الناس: صنف عدم القادة فأثقلتهم التقاليد وتمكنت من نفوسهم 
العقائد وهؤلاء هم الذين وصفهم القرآن الكريم بقوله 


.٠١ ١ سورة يسء الآيات‎ )١( 


ry 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


تعالى ‏ لتنذر قوماً Le‏ أنذر آباؤهم فهم غافلون NG‏ وصنف اس تعدّت نفوس هم وتهيّأت 
لأمثال هذه الدعوات وهم الذين قال فيهم « إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن 
بالغيب 4 

ونستطيع أن نمضي مع هذه الآيات وكثير غيرها فنرى أن القرآن الكريم يقصد إلى 
هذه الظاهرة فيصورها ويصور استعدادات النفوس فإن اختلف التصوير فلامر يُقصد كأن 
يكون القصد التسرية عن النبي عليه السلام وإزالة الهم والغم عن نفسه. أو يكون تنفير هؤلاء 
وأمثالهم من ذلك الموقف الذي يحيط به الجمود من كل النواحي. كما قد يكون غير هذين من 
أمور يستطيع الباحث الوقوف عليها. ولكن لن يكون منها فيما نعتقد ذلك الذي ذهب إليه 
المفسّرون من أن المولى سبحانه وتعالى قد حكم عليهم بعدم الإيمان في المستقبل ولسنا بحاجة 
إلى القول بأن كثيرين من هؤلاء الذين وصفهم القرآن الكريم بهذه الصفات قد آمنوا عام الوفود 
وعام فتح مكة فهذه أمور قد تكقّل بها التاريخ. 

(Y)‏ وفي تفسير المفسّرين أو في محاولتهم للتوفيق بين Jalal‏ الجان والثعبان والحية 
من قصص موسى نراهم يهتمون بالمعاني ويعرضون عما تثيره الألفاظ من انفعالات 
وأحاسيس ومن هنا لا يوققون إلى الفهم الصحيح فيما نعتقد. يقول صاحب الكشاف في تفسيره 
لقصة موسى من سورة طه « فان قلت كيف ذكرت Bill‏ مختلفة بالحية والجان والثعبان 
قلت . Lol‏ الحية فاسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير وأما الثعبان والجان 
فبينهما تناف لأن الثعبان العظيم من الحيات والجان الدقيق وفي ذلك وجهان أحدهما أنها كانت 
وقت انقلابها حية حلا لها تنقلب حية صفراء دقيقة ثم تتورّم ويتزايد جرمها حتى تصير ثعبان ] 
فأريد بالجان أول حالها وبالثعبان مالها. والثاني أنها كانت في شخص الثعبان وسرعة حركة 
الجان والدليل عليه قوله تعالى Lali‏ رآها تهتز كانها جان. وقيل كان لها عرف كعرف الفرس 
وقيل كان بين لحبيها أربعون ذراعا ». 

وصاحب الكشاف ومن تابعه يعتقدون أنهم بهذا القول قد خرجوا من تناقض وأن 


sN AN) co سورة‎ (Y) 
.١١ نفس السورة الآية‎ (Y) 


vs 


القرآن قد plu‏ من اعتراض وإنه لتناقض دفع إليه الوهم وساعد عليه Le‏ في قصة الخروج من 
الجنة من اختلاف بين التوراة والقرآن» فقد ساعد على خروج آدم من الجنة إبليس في القرآن 
والحية في التوراة ووفق الموققون بين القولين وانتهوا إلى أن الجان نوع من الحيات. 

إن القوم لو تدبّروا SU‏ لما احتاجوا إلى مثل هذه الوقفة فالقرآن في استعماله لهذه 
الألفاظ إنما يقصد إلى ما تثيره الألفاظ من انفعالات وما توحي به من عواطف وهو في هذه 
الآيات إنما يستعمل لفظ الجان حين يقصد إلى الحديث عن موسى عليه السلام لتصوير عاطفة 
الخوف وغريزة الهرب وذلك عند رؤيته العصا تتحرك ولذا نراه يقول بعد لفظ الجان à‏ ولي 
مدبراً 4 والجان فيما نرى مثير للخوف ينفر منه الناس ويولون ما أسعفتهم أرجلهم. 
ويستعمل القرآن لفظ الثعبان أو الحية حين يقصد إلى تصوير ما حصل بين موسى والسحرة 
أو موسى وفرعون وبعبارة أخرى حين لا يقصد إلى تصوير خوف موسى حين رأى العصا 


LA 


تهتز. 

ثم مضيت LS,‏ ازددت مضاءً استقر المنهج الأدبي في نفسي فازددت تعلقا بالقرآن 
ودرسه وتنبه ذهني إلى كثير من موضوعاته التي يمكن أن يكون منها موضوع رسالة 
الدكتوراه. 

كان القصص القرآني من الموضوعات التي اتجه إليها ذهني منذ اللحظة الأولى وكان 
السبب في ذلك أن القصص كان من أهم العوامل النفسية التي لجأ إليها القرآن في الجدل 
والحوار وفي البشارة والإنذار وفي شرح مبادئ الدعوة الإسلامية والتمكين لها وفي تثبيت 
قلب النبي عليه السلام وقلوب مَن اتبعه من المهاجرين والأنصار. 

اتجه ذهني إلى القصص القرآني ولم أكن قد قدّرت بعد سلطان القصة في الجزيرة 
العربية في ذلك الوقت ولم أكن قد عرفت بعد أنها الوسيلة التي كانت تلجأ إليها المعارضة 
يروونه عن النضر بن الحارث وكيف كان يجلس إلى الناس كما كان يجلس محمد 


NANI وسورة القصص.‎ ٠ سورة النمل» الآية‎ )١( 


وم 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عليه السلام وكيف كانت قريش تستملح حديثه حتى لتنصرف عن النبي إليه حين يقص على 
الجماعات أخبار فارس وقصص رستم واسفنديار. 

لم أكن قد وقفت على شيء من هذا ولذا لم أكد أقف عليه وأتأمّله حتى قر في نفسي 
أن يكون « الفن القصصي في القرآن الكريم » موضوع رسالتي المقبلة رسالة الدكتوراه. 

على أني لم ألبث أن تبيّنت أسبابا أخرى أگدت في نفسي ما سبق فقد لاحظت أن أئمة 
الدين والتفسير يعدون القصص القرآني من المتشابه وأن الملاحدة ومن نحا نحوهم من 
مبشرئين ومستشرقين قد وجدوا منه الثغرة التي ينفذون منها للطعن على النبي وفي القرآن 
الكريم. 

TAA‏ ا EA YEN DI‏ ع 
لى ذلك المع انحرف الذي جرى LÀ‏ عليه والذي دفعهم إلى دراسة القصص القرآني كما 
ومن هنا وقفت لأدرس القصص lee a‏ ا 
أن ثحل وعسى المشكلات أن تزول وعسى هذا الباب الذي يلج منه الملاحدة والمبثترون أن 
يوصد إلى غير رجعة إن شاء الله. 

ولاحظت أن الوحدة القصصية في القرآن الكريم لا تدور بحال من الأحوال حول 
شخصيات الرسل والأنبياء عليهم السلام وإنما تقوم قبل كل شيء وبعد كل شيء على 
الموضوعات الدينية والأغراض القصصية من اجتماعية وخلقية ومن هنا cr fi‏ لماذا عة 
القدماء من المفسّرين القصص القرآني من المتشابه. 

ولاحظت أن القرآن لم يقصد إلى التاريخ من حيث هو تاريخ إلآ في النادر الذي لا 
حكم له وأنه على العكس من ذلك عمد إلى إبهام مقوّمات التاريخ من زمان ومكان ومن هنا 
تبيّنت أن القوم قد عكسوا القضية حين شغلوا أنفسهم بالبحث عن مقومات التاريخ وهي غير 
مقصودة وأهملوا المقاصد الحقيقية للقصص القرآني. ولو أنهم شغلوا أنفسهم بتلك المقاصد 
الحقة لأراحوا أنفسهم من عناء كبير ولأبرزوا الجوانب الدينية والاجتماعية من القصص 
القرآني إبرازاً Lu gala‏ يثير المشاعر والعواطف ويؤثر في العقول 


gi 


والقلوب وعند ذلك كانوا يمكنون للدين وقضاياه ويسيرون وهدى القرآن الكريم. 

ولاحظت أن القوم أعرضوا عن الوقوف عند الأحداث والأشخاص من حيث 
تصويرها تصويرا Tana‏ رائعا ووقفوا عندها من حيث هي أداة من أدوات التاريخ ومن هنا 
أخذوا يسألون أنفسهم أسئلة عقدت القصص القرآني أمامهم فكانوا يسألون Wia‏ عن الحادشة 
أوقعت أم لم تقع؟ وإذا كانت قد وقعت فمن الذي أوقعها؟ وأين ومتى؟ إلى غير ذلك من أسئلة 
حالت العناية بها بينهم وبين الوقوف على القصد الذي يرمي إليه القرآن من تصويره للأحداث 
من حيث هي أدوات ترغيب وترهيب وموعظة وعبرة وهداية وإرشاد ولو أن القوم درسوا 
الصيغ المعبّرة عن الأحداث على هذا الأساس لأراحوا واستراحوا وفطنوا إلى أمور كثيرة من 
أسرار الاعجاز ولعرفوا الفاعلية القوية لسحر الألفاظ. 

ولاحظت أخيرا أن المستشرقين قد عجزوا jae‏ يكاد يكون تاما عن فهم أسلوب 
القرآن الكريم وطريقته في بناء القصة وتركيبها وعن الوحدة التي يقوم عليها فن البناء 
والتركيب ومن هنا ذهبوا إلى ذلك الرأي الخاطئ Jill‏ بتطوار الشخصية في القرآن الكريم. 
كما رأيتهم قد عجزوا عن فهم طبيعة المواد القصصية في القرآن وعن أسرار اختيارها ومن 
هنا ذهبوا إلى ذلك الرأي الذي سبقهم إليه المشركون من أهل مكة والملاحدة من المسلمين من 
القرآن لما كان منهم ذلك القول الذي يدل على جرأة على الحق وبعد عن روح العلم وهي مما 
لا يحب العلماء أن تكون من صفاتهم. 

لاحظت كل هذه الأشياء فأكدت فى نفسى كما قلت عوامل اختيار الفن القصصى فى 
القرآن الكريم kag‏ النفس بحل المشكلات وإزالة الشبه وإني لأعتقد أنك سترى من ذلك ما 
يعجبك وما يرضيك. 

وهنا is‏ في الأمر جديد هو من الخطورة بمكان وهو أن القصص القرآني يحقق 
غرضا منهجيا فى الدراسة الأدبية الجامعية. غرضا منهجيا حادت die‏ كليتنا أو قسمنا على 
أقل تقدير مع أنه المنهج السليم فيما أرى وإليك البيان. 

كنت قد أحسست بحاجتي الملحة إلى الاطلاع على ما يفعله علماء الغرب حين 
يدرسون الأدب وتاريخه فاستجبت لهذا الإحساس وقرأت بعض الكتب التي تعالج هذه 


Yy 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


المسائل وكان مما قرأت تلك المجموعة من الأبحاث التي قام بها الأدباء وعلماء الأدب من 
الإنجليز وأخرجتها جامعة أكسفورد على أساس من الدراسة فريد فلقد قامت دراسة هؤلاء 
وهو وليد. 

وقامت هذه الدراسة أيضا على أساس أن كل لون من ألوان الأدب يكتب في تاريخه 
إثنان مؤرخ للأدب وأديب فيكتب في الشعر مؤرخ للشعر وشاعر ويكتب في القصة مؤرخ 
للقصة وقاص وفي النثر الفني مؤرخ للنثر وكاتب وهكذا. 

ثم كان مما قرأت أيضا ذلك البحث Al‏ الذي كتبه عن المنهج الأدبي لانسون وعربه 
gga‏ قرت هذه الكتب:قانتهت بي 3e) ji‏ إلى الإحساءن بالنفارقة العجيبة التي توجد بين La‏ 

تصوّرت أن القوم يفرقون بين دراستهم للنصوص دراسة أدبية وبين قراءة هذه 
النصوص للاستمتاع واللذة وترضية العواطف والشعور. 

وتصوّرت أنهم حين يدرسونها دراسة أدبية يعنون العناية التامة بالتفرقة بين ما فيها 
من قيم عقلية وما فيها من A‏ عاطفية وأخرى فنية أو بلاغية. 
مذهب فني أو حتى على عصر من العصور وبيئة من البيئات إلا بعد إستكمال الوسائل التي 
تمكدهم من الحكم عل هذا أو As‏ 

وتصورت أن أولى هذه الوسائل هي الوقوف على المواد التي يجب درسها قبل 
إصدار الحكم ومن هنا رأيتهم حينما يحاولون إصدار حكم أدبي يتطلّبون إستكمال هذه المواد. 

:Ÿ j‏ النصوص الأدبية فيجمعونها ويحققونها ويدرسونها دراسة أدبية عميقة توضح 

ثانيا: وهم ثانيا لا يفسّرون خصائص الأديب الشاعر أو الناثر كما لا Ds ab‏ 


۳۸ 


فالخصائص التي لا يشرك الأديب فيها غيره هي خصائصه المميّزة والخصائص التي 
يشركه فيها غيره هي خصائص المدرسة أو المذهب فإن كانت من الخصائص العامة التي تعم 
البيئة أو تجاوزها فهي خصائص العصر أو البيئة هكذا. 

GG‏ وهم ثالثا لا يستطيعون الحكم الأدبي على عصر من العصور أو مدرسة من 
المدارس ويتبينون خصيصته المميّزة إلا بعد الوقوف على الخصائص المميزة لكل pac‏ من 
الخو الا 

IS au E 

مع الأدب فتخطو معه خطواته الأولى و تشركه في الحياة منذ أن تدب فيه. 

agil‏ يسلسلون التيارات الأدبية ويحلّلون ما فيه من قيّم ويصورون لنا الحياة العقلية بما 

فيها من فلسفة وعلم والحياة الفنية بما فيها من مذاهب وصور للتعبير. 


وفرق كبير بين ما عليه هؤلاء وما عليه تسير وإنه لفرق يشعرنا بالنقص الذي يجب 
sS‏ ان د 
انيل درجة الدكتوراه ولان ومذاهيه في النثر وقد خرج بعد الأول يل "را فول ا 
ao‏ أنهمنا sl‏ إخر انا lale‏ ها 

إن إخراج هذين يحتاج إلى درس نستطيع أن نعده في حكم المستحيل من حيث ما 
CLAIRE OT ES es e‏ و ل ي 
الادب العربي يطول nor‏ يطوق خسية ككس را أو تزيد. وهذه الرقعة تتسع وتتسع 
حتى لتجاوز القارة الواحدة إلى القارات فإنها تشمل بلاد العرب بما فيها الحجاز واليمن 
وتشمل بلاد الشام بما فيها سوريا ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن وتشمل العراق. .ثم هي 
تنتقل من أسيا إلى إفريقية فتشمل مصر وشمال إفريقية طرابلس وتونس والجزائر ومراكش. 
ثم تنتقل إلى القارة الأوربية فتشمل بلاد الأندلس. 


ثم تصوّر معي إلى جانب طول الزمن واتساع الرقعة ما تراكم فيها من تراث فهناك 


ra 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الشعر العربي كله وهناك النثر العربي كله بما فيه من خطب ومقالات ورسائل وحكايات 
ركن منختلفة الالو ان و فصن و نقامات: 

تصوّر كل هذا ما طبع وما لا يزال مخطوطا وقل لي هل استطاع صاحبنا جمع هذا 
التراث والوقوف عليه في دقة واستقصاء؟ وإذا كان فهل استطاع أن يدرسه حقا؟ وإذا كان 
فهل استطاع من هذه الدراسة الوقوف على كل ما فيه من ظواهر عقلية وأخرى عاطفية وثالثة 
فنية أو بلاغية؟ وإذا كان فهل استطاع أن jai‏ هذه الظواهر تفسيرا سليما؟ وإذا كان فهل 
استطاع أن يسلسل الصور التعبيرية من استعمال للألفاظ وبناء للجمل والتراكيب والرسائل 
والقصص والمقامات... الخ؟ وإذا كان فهل أقام الفروق في كل هذا على الخصائص المميّزة 
لكل من الأديب ثم المدرسة والمذهب ثم العصر والبيئة؟. إن قلت نعم فإني أقول كلا وألف 
مرة كلا اللهم إلا إذا كان صاحبي (jee‏ يصنعون الخوارق ومن تجري على أيديهم 
المعجزات. 

إن اختيارنا لأمثال هذه الموضوعات يباعد بيننا وبين الدرس العلمي الصحيح ومن هنا 
يكون كل ما نصنعه أننا نقرأ ما كتب عن هذه النصوص نفسها Us‏ نسجّل من الأحكام الأدبية 
قضايا عامة لم ثمحص ولم تدقق ومن هنا يكون العلم منها براء. 

إن الخطة العلمية الجامعية عندنا تسير على غير هدى وبينة ومن هنا نعرض كثيراً 
من الجزئيات ونجري سراعا إلى الأمور العامة وهذا هو البلاء. 

إننا في حاجة إلى أن نبدأ مع الأدب وهو وليد ونسايره في النمو حتى تكون الأحكام 
صادقة ويكون الدرس العلمي منتجا وتسدد في كليتنا الخطوات. 

هذا هو الجديد الذي قوّى في نفسي اختيار الفن القصصي في القرآن الكريم فقد رأيت 
هذا الموضوع يحقق هذا المنهج من حيث أن القصص القرآني نقطة البدء في دراسة القصة 
العربية عامة والدينية بصفة خاصة ولا أخالك في حاجة إلى أن أدلك على أن ما سبق 
القصص القرآني من قصص عربي لا يصلح أن يكون مادة للدراسة الأدبية للقصة بحال من 
الأحوال وليس ذلك إلا لأنه لم يصلنا سليما وكل ما حوفظ عليه فيه هو قيمته الفكرية وأنه من 
هنا يصلح لدراسة التيارات العقلية ولا يصلح لدراسة التيارات الفنية. 


إن vil‏ اراي E a. Cle les il val à‏ ل ون 
هنا نستطيع أن نعتبره الصورة الأولى للقصة العربية. 


هذه الأمور مجتمعة هي التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع وإني لأرجو أن أكون 
في درسه من الموققين. 


£i 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


المنهج 





وأستطيع الآن أن أوضح المنهج وأن أصوار الخطوات التي سرت عليها أثناء الدرس 
لهذا الموضوع. وهي خطوات قد تُعتبر جديدة بالنسبة لموضوعنا هذا فلم يسبق أن رس 
القصص القرآني على هذا الأساس الأدبي الذي يصور ما فيه من ظواهر أدبية هي سر قوته 
وإعجازه. ثم هي جديدة أيضا إذا فهمنا أن ليست هناك مناهج عامة تصلح لكل شيء إذ لكل 
مشكلة حلها الخاص بها ومنهجها الذي تعالج أو تدرس بمقتضاه والسبب في ذلك سهل يسير 
فنحن نعرف أن لكل مشكلة ظروفها المحيطة بها ولكل مسألة أدبية أو بلاغية عواملها الخاصة 
التي لعبت دورآ مهما في تكوينها والتي لا تحل المشكلة حلا دقيقا أو سليما إلا إذا نظرنا في 
بحثها إلى أثر تلك الظروف أو هذه العوامل. 

وهذه الخطوات ذاتها قد تعتبر قديمة إذا نظرنا إليها على أنها مستقاة من كتب المناهج 
أو من الواقع العملي لما يفعله النقاد وكبار رجال الأدب حين يدرسون الآثار الأدبية والفنية. 
ولقد مكّنتني متابعتي لما يفعله هؤلاء من الوقوف على أساليب مختلفة في تسجيل الظواهر بعد 
الوقوع عليها وفي تفسيرها تفسيرا أدبي معقولا كما علّمتني كيف أتذوّق تذوقا Gal‏ عميقا. 


ولعل أهم ما أفادتني به هذه الخبرة هو أن القصد من أي بحث يلعب دورا Fou‏ 


<۳ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


في تشكيل منهجه وفي رسم خطته ومن هنا كان من المحتم أن نلتفت سويا إلى الوراء وأن 
نذكر الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع إذ منها يتبيّن القصد. 

والآن نستطيع أن نعرض عليك الخطوات: 

أولا — gap‏ النصوص: إذا كانت معرفة نص ما تستلزم حتما وجوده كانت أولى 
الخطوات من غير شك هي الوقوف على النصوص وجمعها وإني لأعترف بأني لم أجد في 
موضوعي هذا من dus‏ هذه الناحية عناء يُذكر. ذلك لأن القصص القرآني موجود في القرآن 
والقرآن قد جمع في المصاحف أصدق جمع وأدقه بالنسبة لما عاصره من نصوص حتى 
بالنسبة لأحاديث الرسول عليه السلام. ومن هنا لم يكن عملي في هذه المرحلة إلا الرجوع إلى 
المصحف وقراءة القرآن الكريم للوقوف على ما فيه من أقاصيص. 

وإني لأعترف هنا أيضا بأني قد اكتفيت في استخراج الأقاصيص القرآنية بحد للقصة 
غير جامع ولا مانع إذا كان لا بد من الحدود الأدبية للقصة القرآنية وهذه هي موطن البحث 
والدرس وإلا لزم الدور. 

اكتفيت إذا بحد اللغويين والمفسّرين للقصة حين هممت بالجمع والتسجيل وأرجأت 
الحد الأدبي إلى ما بعد الدرس والبحث. وستقف على هذا التعريف الأدبي في الفصل الأول 
من الباب الثاني إن شاء الله. 


Qi‏ الترتيب التاريخي للنصوص: وهذا الترتيب يدل الباحثين على Jill‏ في 
الفنون والآداب ويستوي في ذلك عندهم التطور الداخلي والتطور الخارجي. ونقصد بالأول أن 
Lilas‏ هذا الترتيب على تطوّر ذوق الكاتب وأفكاره أو ميادينه الفنية ونشاطه النفسي. ونقصد 
بالثاني دلالة النص على التطوار العام لتاريخ الآداب والفنون من حيث صلته بالسابق واللاحق 
والدور الذي لعبه النص في الحياة الأدبية ومجراها العام. 


وإني لأعترف هنا أيضا بأن هذه الخطوة وإن تكن أشق من الأولى وأعسر إلا أني لم 
E a a N tes‏ 


££ 


المنهج 


ولكني أعترف إلى جانب هذا بأن ذلك الترتيب كان عظيم الفائدة في دراسة القصص 
القرآنى وصلته بالبيئة ونفسية النبى jolis‏ الدعوة الإسلامية فلقد كان مرآة صادقة لكل ما 
يصادف الدعوة من عقبات كما كان الصورة الصادقة لما يعانيه النبي عليه السلام من أزمات 
نفسية وعاطفية. 

وعلى كل فقد أفادني هذا الترتيب التاريخي فيما يخص القصص القرآني بدراسة 
التطور الداخلي لهذا القصص وشرحت ذلك في فصلين هما تطوّر الفن القصصي في القرآن 
والقصص القرآني ونفسية الرسول عليه السلام. 

أما التطوار الخارجي فلقد حالت بيني وبينه عقبات. منها أن الوقوف على النصوص 
السابقة للقصص القرآني من أقاصيص الجاهلين لا سبيل إليها ومنها أن صلة القصص القرآني 
باللاحق يتوقف أولا على aila‏ بالمعاصر من أحاديث الرسول وهذه من الأمور التي سأفرغ 
لها بعد بحثي هذا إن شاء الله. 

وقفت من هذه الخطوة إذآ عند الفائدة التى تجنيها من التطوّر الداخلى وحسبى هذا فى 
s s 1 s Ag a‏ 

Eg‏ فهم النصوص: وهنا لا بد من التفرقة بين نوعين من الفهم: الأول الفهم 
الحرفي وهو الذي يقوم على دراسة معنى الألفاظ والتراكيب والجمل كما يقوم على توضيح 
العلاقات الغامضة والإشارات التاريخية وكل تلك أمور تتوقف إلى حد كبير على ثقافة الدارس 
تلك الثقافة التي شرطها بالنسبة لموضوعنا هذا المفسّرون للمفسّر والتي حدد ميادينها 
الأصوليون في مقدمات كتبهم وأني لأعترف هنا بأني قد وقفت على الكثير من هذه الأمور من 
كتب التفسير المختلفة وكان الجهد الذي أبذله يقوم على المقارنة والترجيح والوقوف عند بعض 
اللمسات التي تفتح آفاقا واسعة أو تصحح أخطاء بعض الأقدمين وذلك أمر ليس باليسير فيما 
أعتقد. الثاني: الفهم الأدبي وهو ذلك الفهم الذي يقوم على تحديد ما في النص من قيم عقلية 
وعاطفية وفنية فنقف على ما في النص من صور وآراء ونبحث عما خلف هذه الصور وهذه 
الآراء من أخرى لم يشعر صاحب النص بالحاجة إلى التعبير عنها إما لأنه كان يفهمها في 
نفسه وإما لأن المعاصرين له كانوا يفهمونها عنه. 


to 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


E‏ امرك سن ها الل لذ قن 
ظواهر أدبية وفنية لم يدرس ولم يعرض بالصورة التي عرضتها فيه هنا. وذلك أمر لم يكن 
سهلا ولا يسيراً. 


رابعاً - التقسيم والتبويب: عندما يصل الباحث إلى هذا الحد من الفهم الأدبي يكون 
قد أقام من العلاقات ما تسمح له بأن يقسم بحثه أبوابا وفصولا يقيم كل واحد منها على نوع 
من العلاقات التي يوحي بها المنهج أو القصد من الدراسة. فقد تجمع النصوص لما بينها من 
علاقات في الموضوع وقد تجمع لما بينها من علاقات في الصياغة وقد تجمع لما يتسلّط عليها 
من مقاصد وأغراض. وهذه كلها أشياء قد وقفت عليها وأقمت عليها أساس التقسيم في 
موضوعي هذا وهي التي انتهت بي إلى ذلك التقسيم الذي ستراه في هذا البحث فدفعتني إلى 
أن أجعله بابين كبيرين هما باب القيّم العقلية وباب القيّم الفنية أو الظواهر الأدبية» وهي التي 
دفعتني إلى أن أجعل فصول الباب الأول هي القيّم التاريخية والقيّم الاجتماعية والنفسية والقيم 
الدينية والخلقية وهي التي دفعتني إلى أن أجعل كل واحدة من الفصول فقرات. 

أما الباب الثاني فقد قسّمته إلى الفصول الآتية: 

القصة الأدبية وألوانها. الوحدة القصصية في القرآن الكريم. الموضوعات 
والأغراض. المواد القصصية وأسباب اختيارها. العناصر القصصية وتوزيعهاء الأشخاصء» 
الأحداث؛ الحوارء المناجاة. تطوّر الفن القصصي في القرآن الكريم. القصص القرآني ونفسية 
الرسول عليه السلام. وقسّمت كذلك كل واحد إلى فقرات. 

خامساً - الأصالة والتقليد: وهذه مسألة من أهم المسائل عند الدارسين لحياة العلوم 
والفنون وعند من يريدون الفهم الدقيق العميق للمسائل العلمية والأدبية. ذلك لأنها هي التي 
ستدلنا على المواد التي تكون منها النص وعلى كيفية تكوينه. وعلى أي منها من عند الأديب 
وأيها سبق إليه أو بعبارة أخرى أيها اهتدت إليه فطرته وأيها من رواسب الأجيال السابقة. 


2 


المنهج 


وهنا أعترف بأن هذا البحث في موضوعنا هذا من العسر والمشقة بحيث يعرض 
عظيما CSI‏ ما حيلتي والعلم يقتضيني أن أستوفي هذا الموضوع حقه. 

لقد درست هذه المسائل وكانت لها نتائج قيّمة بعضها يخص إثبات التجديد في الحياة 
المكية الأدبية وذلك كمسألة القصة الأسطورية ووجودها في القرآن الكريم. وبعضها الآخر 
يخص القوة القادرة على تحويل المواد من تاريخية إلى أدبية أو إلى قصصية حتى لتصبح 
سحرا من السحر أو أشد. وهذه مسائل قد عرضتها في فصل خاص بها هو فصل المواد 
القصصية وأسرار اختيارها. 


ولعل من المسائل ما وقفت فيه بين بين فلم أعرف أهو من التجديد القصصي في 
القرآن أم هو من الاستعمال العادي المألوف عند العرب وذلك كرسمه للأشخاص وتصويره 


للأحداث. 


تلك هي الخطوات المنهجية التي سرت عليها والتي انتهت بي إلى هذا البحث الذي 
سأعرضه عليك منذ الآن. 


éV 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 








الباب الأول 





المعاني والقيو التارينية 
والاجتمامية والخلفية والدينية 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


المعاني التاريخيّة 





ليس القصد من هذه الوقفة حصر المعاني التاريخية ية أو الأحداث القصصية التي وردت 
في قصص القرآن الكريم وإنما القصد منها البحث عن قيمة هذه الأحداث القصصية في 
المجالات التاريخية. فهل هي من الوقائع التاريخية أو هي من الأحداث القصصية التي لم 
يقصد منها إلى التاريخ؟ 

والوصول إلى ما نعتقد أنه الحق في هذه المسألة يتطلب منا أولا درس هذه المسألة 
في العقلية الإسلامية والوقوف على التيارات المختلفة التي لعبت دورها في تكوين هذه الآراء 
التي نراها في العقلية الإسلامية والتي احتفظت بها كتب التفسير ذلك لأن هذا الدرس هو 
سبيلنا الوحيدة إلى تكوين الرأي السديد في هذه المسألة الشائكة. 

وتاريخ هذه المسألة إنما يرجع إلى عصر البعثة المحمدية أو قبله بقليل. ذلك لأنه 
يرجع إلى ذلك الرأي الديني الذي كانت تقول به اليهود والذي يجعل لهم الحق في معرفة 
الصادق والكاذب (jen‏ يدعون النبوة ويذكرون للناس أن الوحي ينزل عليهم من السماء فلقد 
كان من مقاييس هؤلاء في a‏ ا PENA‏ 

:ذا اشاس وام كن REGS E‏ 


LA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والباحثون في أسباب النزول والتي وردت في أسباب النزول للنيسابوري بعبارة هذا نصها: 


» وذكر محمد بن اسحاق سبب نزول هذه القصة قصة أصحاب الكهف — مشروحا 
فقال: كان النضر بين الحارث من شياطين قريش وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه 
وسلم وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة وتعلّم بها أحاديث رستم وأسفنديار وكان 
RE ul ne.‏ راتكن مدي لكر فا رخدت اوم مل عات إن 
تجن جسن ,كي aa‏ فووا a SL AD‏ ند يمتني عن Ngah‏ 
فارس. ثم ان قريشا بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط الى أحبار اليهود بالمدينة 
وقالوا لهما سلوهم عن محمد وصفته وأخبروهم بقوله فانهم أهل الكتاب الأول وعندهم 
من العلم Lo‏ ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى قدما الى المدينة فسالوا أحبار 
اليهود عن أحوال محمد. فقال أحبار اليهود: سلوه عن ثلاث عن فتية ذهبوا في الدهر 
الأول ما كان من أمرهم (li‏ حديثهم عجب وعن رجل طوّاف قد بلغ مشارق 
الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو فان أخبركم فهو نبي وال فهو 
aude foie‏ و ا اللا ا دا كج 
المقاييس التي يفرقون بها بين الصادق والكاذب من النبيين والمتنبئين. ثم هو Ua,‏ على 
أن معرفة أخبار السابقين من هذه المقاييس. 

على أن القرآن نفسه قد اعتمد على هذا المقياس في الإيحاء بنبوة محمد عليه السلام 


وصدق رسالته حين ختم بعض الأقاصيص القرآنية بآيات يُستفاد منها أن الأخبار الواردة في 
هذه الأقاصيص من أنباء الغيب وأنها قد أوحيت إلى النبي عليه السلام. قال تعالى عقب قصة 
مريم à‏ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم 
وما كنت لديهم إذ يختصمون DE‏ . وقال عقب قصة يوسف à‏ وما كنت لديهم إذ أجمعوا 
أمرهم وهم يمكرون 4. كما قال في قصة موسى ا وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى 


موسى الأمر وما كنت من الشاهدين * ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم 


)١(‏ أسباب النزول للنيسابوريء سورة الكهف. 
(Y)‏ سورة آل عمرانء الآية .٤٤‏ 
(Y)‏ سورة cou gs‏ الآية .٠٠١‏ 


oy 


المعاني التاريخية 


العمر وما كنت ثاوياً في Jai‏ مدين تتلو عليهم آياتنا ولكثا كتا مرسلين * وما كنت بجانب 
الطور إذ اا ولكن aa‏ يتن ربك لار قوسا ما اه من مدير مز فيلك لايم 
يتذگرون SI EE E Og‏ هت 
أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العافية للمتقين OS‏ 

والظاهرة التي يحسن بنا الالتفات إليها في هذا المقام هي أن القرآن حين جعل هذه 
الأخبار من آيات النبوة وعلامات الرسالة جعلها Laj‏ مطابقة لما فى الكتب السابقة أو لما 
يعرفه Jai‏ الكتاب من أخبار حتى ليخيّل إلينا أن مقياس صدقها وصحّتها من الوجهة التاريخية 
ومن وجهة دلالتها على النبوة والرسالة أن تكون مطابقة لما يعرفه أهل الكتاب من أخبار. قال 
des le‏ كر لكيه La CI ESA GA D uns‏ كال مدا E‏ 
ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 4 . وقال 
تعالى بعد ذكره لقصة موسى وفرعون p‏ فإن كنت في شك مما A‏ فامسال السذين 
يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (OS‏ 


واعتماد القرآن على هذا الرأي الديني اليهودي أو على هذا المقياس خلف في الجو في 
عصر النبوة وما تلاه رأيين مختلفين: 

(i)‏ الرأي الأول رأي المشركين والكفار من أهل مكة فإن هؤلاء مع معرفته لهذا 
المقياس من طريق وفدهم إلى أحبار اليهود بالمدينة لم يستطيعوا التسليم Les‏ ترب عليه من 
نتائج فلم يؤمنوا بصدق النبي عليه السلام أو بصحة رسالته اعتمادا على هذه الأخبار الواردة 
بالقصص القرأني وليس يرجع ذلك إلى أن هذه الأخبار لا تتفق فعاف NA‏ فط ر 
أنها كانت تتفق وما يعرفون أو تجري وهذه المعرفة في نسق. وإنما يرجع ذلك فيما 


)\( سورة القصص» SUN)‏ 55 م JEN‏ 
(ï)‏ سورة هود» الآية 2۹ 

.١١١ الآية‎ cou gs سورة‎ (Y) 

MAE AN) سورة يونس»‎ )٤( 


oy 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هو الواضح من آيات القرآن الكريم إلى أن المشركين كانوا يعتقدون أن الوقوف على أمثال 
هذه الأخبار الواردة فى القصص القرآنى ليس شاقاً ولا عسيراً فضلاً عن أن يكون مستحيلاً 
حتى يصبح jama‏ | ومن هنا ذهبوا إلى أن محمد عليه السلام يكتتب هذه الأخبار وأنها ليست 

من Gad‏ وان الذي كمه اها تر قال تعالى à‏ وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملسى 
عليه بكرة وأصيلا 4 وقال تعالى ١‏ ولقد i‏ أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي 
يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين 4 / بل ذهبوا إلى أبعد من هذا فذهبوا إلى أنهم 
يستطيعون الإتيان بمثل هذه الأساطير. ولقد صوّر القرآن قيلهم وصور صنيعهم. فقال تعالى 
مصورا هذا القيل à‏ وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا 
أساطير الأولين NK‏ وقال تعالى مهددا أولئك الذين يعارضون النبي والقرآن à‏ ومن أظلم 

معن a Jl‏ .على الله Lis‏ أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل La‏ أنزل 
الله . .. 04 '. à‏ ومن الناس من بد يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها 
هزوا أولئك لهم عذاب مهين SS‏ كأن لم يسمعها كأن في 
آذنيه وقراً | فبشّره بعذاب أليم 4( 

ويفهم المفسسّرون هذا الصنيع من المعارضة وإنهم ليذكرون لنا أن قریشا كانت تستملح 
هذه الأحاديث حتى لتنصرف عن النبي عليه السلام إلى النضر بن الحارث وأضرابه. جاء في 
الكشاف بصدد حديثه عن الآية السابقة » hé,‏ نزلت فى النضر بن الحارث وكان بتجر الى 
فارس فيشتري كتب pale YI‏ فيحدّث بها قريشا ويقول إن كان محمد يحدّثكم بحديث عاد وثمود 
فانا أحدّثكم بأحاديث رستم وبه رام والأكاسرة وملوك الحيرة فيستملحون حديثه ويتركون 
استماع Oo El‏ 


)\( سورة الفرقان» AN‏ ه. 

AYANI Jadi سورة‎ (ï) 
NANI سورة الأنفال»‎ (Y) 
JAN AN) » سورة الأنعام‎ (£) 

)0( سورة «bail‏ الايتان 5 ۷. 
)1( الكشاف؛ + cY‏ ص AY‏ 


cé 


المعاني التاريخية 


كان المشركون فيما هو الواضح من النصوص السابقة يستبعدون أن يكون هذا الذي 
يأتي به محمد من عند الله ومن هنا كانوا يسخرون. D‏ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا 
أساطير الأولين 74). وكانوا يطلبون من العلي القدير أن ينزل عليهم العذاب إن كان الذي 
يأتي به محمد هو الوحي وهو الحق ‏ وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو Gall‏ من عندك فامطر 
علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم NK‏ 


وكان المشركون يعتقدون أن هذه الأخبار التي يجيئهم بها محمد ليست إلا أساطير 
الأولين ومن هنا لم يؤمنوا. ولم يكن لذلك المقياس الذي اعتمد عليه القرآن الكريم في الإيحاء 
بنبوة النبي عليه السلام وصدق رسالته وهو الإتيان بأخبار السابقين كبير قيمة عندهم. 

مضى هؤلاء وجاء من بعدهم قوم لم يقفوا بالمسألة عند حد القدرة على الإتيان Je‏ 
هذه الأخبار وإنما حاولوا مستعينين بمعلوماتهم ومعارفهم الطعن في النبي عليه السلام وفي 
القرآن الكريم وذلك باتخاذ التاريخ مقياسا تقاس به هذه الأخبار وببيان وجه المخالفة بين 
الأقاصيص القرآنية وبين ما يعرفونه من تاريخ ونستطيع أن نعرض عليك في هذا الموقف 
بعض المسائل التي وقف عندها الملاحدة أو اليهود والنصارى أو المستشرقون والمبشّرون. 

)١(‏ يقول الرازي عند تفسيره لقوله تعالى ‏ ويكلّم الناس في المهد... 4 ما يأتي 
» واعلم أن اليهود والنصارى ينكرون أن عيسى عليه السلام تكلم في زمان الطفولة واحتجّوا 
عليه بان هذا من الوقائع العجيبة التي تتوافر الدعاوى على نقلها فلو وجدت لنقلت بالتواتر ولو 
كان ذلك لمعرفة النصارى لا سيما وهم من أشد الناس غلوا فيه حتى زعموا كونه الها ولا 
شك أن الكلام في الطفولية من المناقب العظيمة والفضائل التامة فلما لم تعرفه النصارى مع 
شدة الحب وكمال البحث عن أحواله iae‏ أنه لم يوجد. ولأن اليهود أظهروا عداوته حال ما 
أظهر ادعاء النبوة فلو أنه عليه السلام تكلم في زمان الطفولية وادّعى الرسالة لكانت عدواتهم 
معه أشد ولكان قصدهم قتله أعظم فحيث لم يحصل 
)١(‏ سورة النحلء الآية YE‏ 
(Y)‏ سورة الأنفالء YY ANT‏ 


.٤١ سورة آل عمران» الآية‎ (Y) 


66 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


شيء من ذلك علمنا أنه ما تكلّم... 


LE La 68 BAS} E ae du‏ 'مايلي 
5 كان 58 De A E ti)‏ وانما pla‏ يعد مدا 5 مدید ودهر 
داهر فالقول بان هامان كان موجودا في زمان فرعون خطا في التاريخ. وليس لقائل أن يقول 
إن وجود شخص يسمى بهامان بعد زمان فرعون لا يمنع من وجود شخص JAN‏ يسمى بهذا 
الاسم في زمانه. قالوا لإن هذا الشخص المسمى بهامان الذي كان موجودآ في زمان فرعون 
ما كان Laii‏ خسيسا في حضرة فرعون بل كان كالوزير له ومثل هذا الشخص Y‏ يكون 
فرعون وموسى أن الشخص المسمى بهامان La‏ كان موجودا في زمان فر عون la Lails‏ بعده 
بأدوار علم أنه غلط وقع في التواريخ. قالوا ni | His‏ نعرف حي بدن اياك ال افد 
زمان محمد له eneh Den‏ خن a‏ الأول وهر a)‏ باب 
کک gadah, aa‏ وجاك رو ف Aa‏ وة 
الأول: ان الملحدة طعنت في هذه القصة من وجوه. .. وثالثها كبف خفي على سليمان عليه 
السلام حال مثل تلك الملكة العظيمة مع ما يقال أن الجن والأنس كانوا في طاعة سليمان وأنه 
عليه السلام كان ملك الدنيا بالكلية وكان تحت راية بلقيس على ما يقال... ومع أنه لم يكن بين 
سليمان وبين بلدة بلقيس حال طيران الهدهد YI‏ مسيرة ثلاثة أيام. رابعها: من أين حصل 
للهدهد معرفة الله تعالى ووجوب السجود له وانكار سجودهم 


NGO الرازي» ج » ص‎ (\) 
A AN سورة غافر›‎ (ïY) 
a NY ص‎ Va الرازي»‎ (Y) 


كه 


المعاني التاريخية 


Ne die ig luth الي‎ alain y لمر‎ 


)٤(‏ ويقول القاضي عند الجبان في كتانه تنزيه القران عن TE‏ » وربما ché‏ في 
قوله تعالى ظ يا أخت هارون 4ا " كيف يصح أن يقال لها ذلك وبينها وبين هارون أخي 
موسى الزمن الطويل؟ وجوابنا أنه ليس في الظاهر أنه هارون الذي هو أخو موسى بل كان 
لها أخ يسمى بذلك واثبات الاسم واللقب لا يدل علي أن المسمى واحدء وقد قيل كانت من ولد 
هارون كما يقال للرجل من قريش يا أخا قريش Ve‏ 


(5) ويشرح المبشّرون مسألة مريم السابقة فيقولون » قصة مريم: ورد في سورة 
مريم à LY‏ فأتت URSS RER ST REA‏ 
كان أبوك أمرأ سوء. .. 4 الخ. فيئضح من هذه الآية أن محمدا كان يرى أن مريم كانت 
أخت هارون أخي موسى. Lans‏ 4 ونا dt‏ وصرية وجادم ما ورد في سورة التحريم 
ونصه D‏ ومريم ابنة عمران T aS ١4‏ ل aS‏ 
عمران رب إني نذرت لك La‏ في بطني KE usa‏ أ الخ. وفي سورة الفرقان ونصه D‏ ولقد 
آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرآ 4. . فثبت من ذلك أن عمران وموسى 
وهارون ومريم هم الأشخاص انفسهم الذين ورد ذكرهم بهذه الأسماء في خمسة اسفار موسى 
غاية الآمر أن ورد في التوراة عمرام Las‏ عن عمران. وورد في jiu‏ العدد الإصحاح FT‏ 
الآية 04 ما نصه ظ واسم امرأة عمرام يوكابد بنت لاوي التي ولدت لأوى في مصر. فولدت 
لعمرام هارون وموسى ومريم اختهما 4. وورد في سفر الخروج La‏ الإصحاح ٠١‏ الآية 
٠‏ أن مريم النبية كانت أخت هارون. كما رأينا في سورة مريم حيث قيل ظ يا مريم... يا 


5 


اخت 


)\( الرازي» ج «Ÿ‏ ص NYA‏ 

YA الآية‎ caja سورة‎ (ï) 

. ۲٦۰ تنزيه القرآن عن المطاعن› ص‎ (Y) 
.۲۸ YV الآيتان‎ cana سورة‎ (£) 

JAN الآية‎ a jail) سورة‎ (°) 

)1( سورة آل عمران» الآية Yo‏ 

NO AN) سورة الفرقان»‎ (y) 


o۷ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هارون 4 فلا شك أن محمدا 55 pi‏ أن مريم أخت هارون التي كانت أيضا iy‏ عمرام « أي 
وخمسمائة وسبعين سنة. وهذا القول يشبه الرواية الواردة في الشاهنامة... الخ. وربما كان 
سبب هذا الغلط أنه ورد في إحدى خرافات اليهود كلام بخصوص مريم أخت هارون dai‏ 
à‏ ان ملاك الموت لم يتسلّط عليهاء بل ماتت بقبلة إلهية ولم يتسلط عليها الدود ولا 
الحشرات 4. وعلى كل حال فهذا خطا جسيم لأنه لم يقل أحد من اليهود أن مريم هذه بقيت 
على قيد الحياة الى أيام C) iual‏ 

هذه الأقوال وكثير غيرها قصد إليها المبشرون والملاحدة ليثبتوا للناس أن القرآن من 
عند محمد لأنه لو كان من عند الله لما وجدت فيه هذه الأخطاء التاريخية. 

وهذه الأقوال وكثير غيرها إنما كانت لأن المسلمين أنفسهم قد حرصوا الحرص كله 
فهم القرآن على أساس من الفن الأدبي أو البياني البلاغي لأغلقوا هذا الباب الذي جاءت منه 
الريح ولسدوا على المشركين والمبشّرين السبل وحالوا بينهم وبين الطعن في النبي عليه 
السلام وفي القرآن الكريم. 

(ب) أما الرأي الثاني» فهو رأي المسلمين وهم يؤمنون بهذا المقياس ويعتقدون بصحته 
ويرون أن ورود هذه الأخبار في القصص القرآني إنما هو دليل النبوة وعلامة الرسالة وأنه 
لولا الوحي لما عرف النبي الأمي هذه الأخبار مع أنه لم يقرأ في كتاب ولم يتتلمذ على من 

وإيمان المسلمين بهذا المقياس لم يكن وقفاً على عصر النبوة وإنما امتد به الزمن حتى 
شمل الأعصر الإسلامية من لدن البعثة المحمدية إلى وقتنا هذا. وحتى أصبح عنصرا مهما 
من العناصر المكوّنة للعقلية الإسلامية يهتز باهتزازها ويتأثر Le‏ تتأثر به من تيارات فكرية 
تتعاقب عليها بتعا السنين والأعوام. 


NA NY الآيتان‎ cana سورة‎ )١( 
. 4~ ۲ ص‎ «pli مصادر‎ (Y) 


مه 


المعاني التاريخية 


وإيمان المسلمين بهذا المقياس جعل المفسّرين منهم يصدرون في فهمهم للقحصص 
القرآني وتفسيرهم له عن ثقافة تاريخية لا ثقافة فنية أدبية ومن هنا لم تسلم لهم الخطى وقامت 
في وجوههم العقبات فوقفوا وأطالوا الوقوف لعل الطريق أن تسلم ولعل الفهم أن يستقيم ولكن 
الوا اليك A‏ 
ا 

الكو انك لذي رونك le‏ ون a‏ ليع الظر SA a a E‏ 
ونستطيع أن نعرض عليك بعضا منها لتستبين إلى أي حد كان ب يتعثر هو لاء المفسرون. 

أو ل — الإشارات التاريخية: وقف ar el‏ الإشارات التاريخية 
التي جعلها القرآن مادة أدبية في بناء القصة القرآنية وهي إشارات قد قصد القرآن إلى إبهامها 
أو إلى إبهام مقوماتها التاريخية. وقصد القرآن إلى ذلك إنما يفسّر بحالة من حالتين: ji‏ بأن 
القرآن قد أبهم هذه المقومات لأن المعاصرين للنبي عليه السلام ولنزوله كانوا يعرفون ما 
وراء هذا الإبهام من ثقافة تاريخية. كما jai‏ بأن القرآن قد عمد إلى تنحية التاريخ عن ميدان 
القصة القرآنية ليتجه العقل البشري منذ اللحظة الأولى إلى ما هو المقصود في أقاصيص 
القرآن من عظة وعبرة ومن إرشاد وهداية ومن إنذار وبشارة. 
المواطن الصفات المميّزة للأشخاص. واختار من الأحداث التاريخية Lan‏ دون بعض. صنع 
A‏ ل الب TE TE‏ 
إيهام ue anus,‏ إلى الثقافة التاريخية ية وإلى سرافلا يل AU)‏ أحياناً 
de‏ إلى فرك النظرية او لمن رات ها كلها des‏ نة لعن .ال 
القراني ما به من غموض أو plel‏ تاريخي. 


8ه 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والظواهر التي يحسن بنا أن نلتفت إليها من وقفات المفسّرين عند هذه الإرشادات 
التاريخية وما يحيط بها من غموض أو يكتنفها من إبهام هي التالية: 
A JAN lus‏ وقضاياه حت رای pagakan‏ .ينف de‏ كل قضمة ويجعل: لها Une‏ كذلك الذي 
نجده في كتب التاريخ ثم يتحدث عن شخصية النبي وعن الأحداث القصصية كما يتحدث 
المؤرخون سواء Oo puis‏ 

(Y)‏ أن هذه الوقفات الطويلة عند الأساس التاريخي جعلت المفسّرين يألفون هذا 
المذهب في فهم القصص القرآني حتى لنراهم ينكرون غيره من مذاهب فنية وأدبية وحتى 
لنراهم حين تلجئهم الضرورات إلى المذاهب الأدبية يوجزون في القول ولا يقفون إلا لماما. 
هذا ما فعله الزمخشري في تفسيره لقصة وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب...04 
الخ من سورة ص وهذا ما فعله الطبري في أحد أقواله عند تفسيره لقصص آدم في كل من 
سورتي البقرة وص"(". Úy‏ لنشعر من صنيعهم أنهم يعتقدون أن المذهب الأدبي لا يتفق وما 
أنزل الله من قصص وما أراد به الله لهذا القصص من أن يكون وسيلة هداية وإرشاد وبشارة 
وإنذار وأنه لم يقصد فيه إلى التاريخ بحال من الأحوال. 

LE gas افر و ارات وع‎ MEN de مرن‎ ah cf (t) 
لم يصل بهم في كل موطن إلى ما يريدون من كشف عن الغموض وإزالة للإبهام وأنه على‎ 
العكس من ذلك وصل بهم إلى متاهات فلم يصلوا إلى وجه الحق في المسألة وهذا هو الذي‎ 
نراه في تفسيرهم لقصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها وفي شرحهم لمسألة‎ 
كيفية دخول إبليس الجنة بعدئذ أخرجه الله منها ليوسوس إلى آدم ويدفعه إلى الأكل من‎ 
الشجرة.‎ 
راجع قصص سورتي الأعراف ويونس في تفسير الخازن.‎ )١( 
.7١ سورة صء الآية‎ (Y) 


AA SNA TARA — \vo uas) الطبري» ج‎ (Y) 


te 


المعاني التاريخية 


جاء في البحر المحيط لأبي حيان ما يلي: » والذي Da‏ على قرية هو عزير... وقيل 
هو أرمياء وهو الخضر... وقيل على كافر De‏ على قرية... dés‏ رجل من بني اسرائيل غير 
تسم ءاولل saka Djeng‏ 
القرية es A‏ الألوف on, ET‏ هرقل... أو شابور أباد... أو 
lalu‏ .< 


وجاء فى » الرازي ما يلي « اختلفوا في أنه كيف تمگن ايليس من وسوسة pol‏ عليه 
السلام مع أن ايليس كان خارج الجنة وآدم كان في الجنة وذكروا فيه Laa sa s‏ . أحدها قول 
القصاص وهو الذي رووه عن وهب بن منبه اليماني والسدى عن ابن عباس رضي الله عنهما 
وغيره. أنه لما أراد ايليس أن يدخل الجنة منعته الخزنة فأتى الحية وهي دابة لها أربع قوائم 
كأنها البختية وهي كأحسن الدواب بعد ما عرض نفسه على سائر الحيوانات فما قله واحد 
منها فابتلعته الحية وأدخلته الحية خفية من الخزنة فلما دخلت الحية الجنة خرج ايليس من فمها 
واشتغل بالوسوسة فلا جرم لعنت الحية وسقطت قوائمها وصارت تمشي على بطنها وجعل 
رزقها في التراب وعدوا لبني ادم. 

واعلم أن هذا وأمثاله مما يجب أل يلتفت اليه لأن ايليس لو قدر على الدخول في فم 
الحية ali‏ لم يقدر على أن ess‏ نفسه حية ثم يدخل الجنة. ولأنه لما فعل ذلك بالحية فلم 
عوقبت الحية مع أنها ليست بعاقلة ولا مكلفة؟ 

وثانيها أن ايليس دخل الجنة في صورة دابة. وهذا القول أقل Poluj‏ من الأول. 


راا JE‏ ينض" اهل cheat‏ رق ادم cha‏ ا الينام لهم US‏ بكر يجان الس 
باب iia‏ ايليس كان بقرب مر الباب الب : 
و ل بفرب من ويوسوس 


ورابعها وهو قول الحسن أن g Le cal)‏ / لأرض واوصل الو اليهعما في 
le ar‏ 


AVL YA: ص‎ ۲ a البحر المحيط.‎ )١( 


5 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ا على سان يعض قاع ::0 : 

)٤(‏ إن العقل الإسلامي وقد شغلته هذه الثقافة التاريخية لم يفرغ إلى غيرها ومن هنا 
لم يقف إلا قليلا ليوضح ما في القصص القرآني من هداية وإرشاد ويؤكد ما فيه من بشارة 
وإنذار. وهو بهذا قد فوت على نفسه كثيرآ من المسائل التي كانت جديرة بأن توجّهه إلى 
الوقوف على الأسس النفسية والدعامات الاجتماعية التي قامت عليها الدعوة الإسلامية وتقوم 
عليها كل دعوة اجتماعية. 

— التكرار: وقفة ثانية وقفها العقل الإسلامي عند الأقاصيص التي كررت. ذلك 
لأنه وقد اعتمد المذهب التاريخي في فهم القصص القرآني قد عجز عن أن يفهم الأسرار التي 
من أجلها كان التكرار. 

لماذا كرّر القرآن قصص pal‏ ونوح وهود ولوط وصالح وشعيب وغيرهم من الرسل 
والأنبياء؟ 

إن الوقوف على تاريخ كل واحد من هؤلاء قد يكفي فيه إيراد القصة الواحدة في 
الموطن الواحد وليس يلزم أن تكرّر القصة في أكثر من موطن من مواطن القرآن. 

إن تكرار القصة وبخاصة حين تكون الأحداث القصصية واحدة والمواد التاريخية 
متشابهة والمواقف مثفقة A‏ يحتاج 0 تعليل وإلى بيان Nekad;‏ 
ERTS r a abg‏ گان التكرار فلماذا كان هذا الاختلاف؟ لماذا 
اختلف إيراد القصة الواحدة في موطن die‏ في آخر؟ لماذا اختلف وصف القرآن لموقف 
موسى من ربه في سورة طه عنه في غيره من السور مع أن الموقف واحد والحادثة واحدة؟ 
لماذا قال القرآن في سورة طه à‏ وهل أتاك حديث موسى * إذ رأى ناراً فقال لأهله امكثوا 
إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى * فلما أتاها نودي يا موسى * 


)\( الرازي» ج NY uas)‏ 
(Y)‏ مشكل القرآن وغريبه.ء لابن قتيبة» ج »١‏ ص OY‏ 


“Y 


المعاني التاريخية 


إني أنا ربك فاخلع نعليك بالواد المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى * إنني أنا 
الله لا إله إلا Li‏ فاعبدني وأقم الصلاة لذكري * إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس 
Les‏ تسعى * فلا يصدنك عنها Ga‏ لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى * وما تلك بيمينك يا 
موسى * قال هي عصاي gif‏ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى * قال 
ألقها يا موسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى * قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها 
الأولى * واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى * لنريك من آياتنا 
الكبرى * اذهب إلى فرعون إنه طغى * قال رب... 4 الخ. ولماذا قال في سورة النمل عن 
نفس الحادثة والموقف ‏ إذ قال موسى لأهله إني آنست ناراً سآتيكم منها بخير أو آتيكم 
بشهاب قبس لعلكم تصطلون * Lali‏ جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها 
وسبحان الله رب العالمين * يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم * وألق عصاك فلما رآها 
تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون * إلا 
من ظلم ثم بدل Gua‏ بعد سوء فإني غفور رحيم * وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من 
غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوماً فاسقين... 4 الخ . ولماذا قال 
في سورة القصص غير هذين؟ 

إن الموقف واحد وإن الحادثة واحدة ولكن الوصف يختلف والحوار غير الحوار 
وحديث الرب العلي مع موسى النبي في موطن غيره في آخر. 

لقد حاول العقل الإسلامي أن يجيب عن مثل هذه الأسئلة التي تخص تكرار القصص 
القرآني واختلاف الوصف والتصوير ولكنه لم يهتد إلى رأي قاطع ومن هنا آثر الكثيرون عد 
القصص القرآني من الآيات المتشابهات. يقول الطبري: « المتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ 
به من قصصهم عند التكرار فقصة باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني وقصة 


)\( سورة طه» الآيات NGO — A‏ 
(ïY)‏ سورة النمل» الآيات AY y‏ 
(Y)‏ راجع درة التنزيل وثمرة التأويل في بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيزء للخطيب الإسكافي. 


NY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني ». وكذلك يقول غيره من شيوخ المفسّرين. 


أدبي لما وقف هذه الوقفة ولعرف منذ اللحظة الأولى أن الذي عده من التكرار ليس من 
HS‏ ف ت لأن هذه المواد التاريخية غير مقصودة من القصص وأن مقاصد القرآن من 
مواعظ وعبّر ومن إنذارات وبشارات تختلف في موطن عنها في آخر ومن هنا كان الاختلاف 
لأن اختلاف المقاصد يدفع من غير شك إلى اختلاف الصور الأدبية. 

مقصد القرآن من قصة موسى في سورة طه غيره من قصة موسى في سورة Jail‏ 
وقصة موسى في سورة طه قصة مستقلة وقصته في سورة النمل قصة مستقلة ومن الوجهة 
الأدبية البلاغية هذه قصة وتلك أخرى وعلى هذا فلا تكرار ولا اختلاف ولا تشابه. وكل هذه 
مسائل ستشرح i‏ بتفصيل في الباب الثاني إن شاء الله. 

ثالث المادة القصصية والحقيقية: وقفة ثالثة وقفها العقل الإسلامي حين بان له أن 
كثيراً من هذه المواد القصصية التي جاء بها القرآن الكريم لا تستقيم وما يعرف من علم إلا 
على ضرب من التأويل وإلا بعد الرجوع إلى المذهب الأدبي يستمد منه العون ويطلب إليه 
المدد. 


)١(‏ بان للعقل الإسلامي أن مسألة غروب الشمس في عين Alan‏ لا تستقيم وما يُعرف 
عن حقائق هذا الكون من أن الشمس طالعة أبدآ وأن الأرض تدور حولها وأن الشمس لا يمكن 
أن تغرب في هذه العين الحمئة بحال من الأحوال. وخيّل إلى العقل الإسلامي أن كلام الله لن 
يستقيم إلا على ضرب من التأويل فأوجب هذا التأويل على نفسه وانتهى به الأمر فيما نرى 
إلى التسليم بالمذهب الفني إذ قرر أن القرآن قد jus‏ في هذه القصة الصور الذهنية لغغروب 
الشمس لا حقيقة هذا الغروب. joue‏ ما يراه القوم بأعينهم ولم يصوّر ما يحدث فعلا من 
غروب للشمس وشروق. يقول الرازي في تفسيره لقصة ذي القرنين من سورة الكهف ما يلي: 
» البحث الثاني: أنه ثبت بالدليل أن الأرض كرة 


AA Y + الطبري»‎ (1) 


55 


المعاني التاريخية 


وأن السماء محيطة بها ولا شك أن الشمس في الفلك وأيضا قال à‏ ووجد عندها .)١# Lagi‏ 
10 أن و pa‏ لي ارب الشمس غير موجود. 0 الشمس أكبر من الأرض بمرات 
تغرب في عين حمئة 4 a‏ 


الأول أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم ببق بعده من العمارات وجد 
ka‏ الوا ع ود بج فور ار ل و O‏ 
يرى الشمس كأنها تغيب في البحر اذا لم ير الشط وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر ... 


ويقول القاضي عبد الجبار : « كيف يصح أن يجدها تغرب في شيء من الأرض وهي 

ja map‏ هج د و نوو TD‏ ره ساروا وهر 

في البحر اذا كان المرء على طرفه وكما يقول المرء إن الشمس تطلع من الأرض 
ss as‏ | 


ا العربية زمن a‏ المحمدية وقبلها بقليل أو كثير. وعجز العقل الإسلامي 
; عن أن يفهم الصلة بين هذه الأوثان وبين نوح عليه السلام حتى تجيء في قصته ولذا عد هذه 
المسألة من المشكلات. å ela‏ في الرازي بصدد تفسيره لسورة نوح Le‏ يلي: 
» المسألة السادسة: هذه الأصنام الخمسة كانت أكبر أصنامهم ثم انها انتقلت عن قوم 
نوح الى العرب فكان ود لكلب وسواع لهمدان ويغوث لمذحج ويعوق لمراد ونسر 
لحمير ولذلك سمت العرب بعبد ود وعبد يغوث. هكذا قبل في الكتب. وفيه شكال لأن 
الدنيا قد خربت في زمان الطوفان فكيف بقيت تلك الأصنام وكيف انتقلت الى العرب؟ 
ولا يمكن أن يقال ان 


AT AN الكهف›‎ iya 

(Y‏ نفس السورة والآية. 

(Y‏ الرازي» ج 0« ص ١5‏ وما بعدها.وسنشرح هذه المسألة في الباب الثاني. 
(E‏ تنزيه القرآن عن المطاعن» ص YAV‏ 


) 
) 
) 
) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


نوحا عليه السلام وضعها في السفينة وأمسكها لأنه LS, Ge RACE‏ 
فكيف يمكن أن بقال انه وضعها في السفينة سعيا منه في حفظها [a‏ 


Gus (Y)‏ للعقل الإسلامي أن هذه المحاورة التي يصوّرها القرآن الكريم قائمة بين 
المولى سبحانه وتعالى وبين عيسى عليه السلام في آخر سورة المائدة لا تفهم على ظاهرها 
ولا تفسّر على أنها قد وقعت حقا وأنها لا يمكن أن تكون إلا التصوير الأدبي الذي يقصد منه 
إلى توبيخ النصارى المعاصرين لمحمد عليه السلام. جاء في كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن 
ما يلي: 

در مسألة. وربما كل في à ala Ass‏ وال قال bail‏ عيسى بن مريم أأنت قلت للناس 
اتخذوني وأمي الهين من دون الله VE‏ ). كيف يصح ذلك وعيسى لم يقل ذلك للناس؟ 
وكيف يصح أن بقول و اذا قال الله وذلك يخبر به عن الماضي ولم يتقدم ذلك منه تعالى 
فى الدنيا؟ 


وجوابنا أن ذلك من الله تعالى على وجه التوبيخ والتقريع لمن قال ذلك وقد يجوز من 
الحكيم أن يخاطب بذلك متهما بفعل ليكون ردعا وتوبيخا لمن فعل والله تعالى عالم 
بالأمور ولا يصح الاستفهام عليه فالم راد ما ذكرنا فقد كان فيهم من يزعم أن عيسى 
ل ا I‏ لصم ويطيعوهما كطاعة المرء لله 
ولذلك قال بعده à‏ إن كنت قلته فقد علمته Ig‏ 


)£( وبان للعقل الإسلامي أن وصف عيسى عليه السلام بأنه رسول الله في قول 
اليهود الذي حكاه عنهم القرآن في قوله تعالى ‏ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم 
رسول الله 4( as LE‏ طاو ديزا رضي 
وإنما القرآن هو الذي أنطقهم به ذلك لأن وصفه بالرسالة ليس إلا التسليم بأنه رسول الله وهم 
لم يسلموا بهذا ولو سلموا بها لأصبحوا مسيحيين ولما كان بينهم وبينه أي لون من ألوان 
العداء ولما كان قتل وصلب. إن اليهود إنما يتهمون عيسى بالكذب وينكرون 


AYY ص‎ «A ج‎ us jh )١( 
.١١5 الآية‎ BaL سورة‎ (Y) 
نفس السورة والآية.‎ NYO تنزيه القرآن عن المطاعن. ص‎ (0 
.٠١١ سورة النساء الآية‎ (£) 


55 


المعاني التاريخية 


عليه أنه رسول الله ويذكرونه بالشر ويقولون إنه ابن زنا وأن أمه زانية. يقول اليهود كل هذا 
وأكثر منه ومن هنا لم يستطع العقل الإسلامي أن يسلم Où‏ وصف عيسى عليه السلام بأنه 
رسول الله قد صدر حقا عن اليهود ولجأ العقل الإسلامي في هذا الموقف إلى المذهب الفضي 
فأفاده. ela‏ في الكشاف عند تفسيره لهذه الآية: yli p‏ قلت كانوا كافرين بعيسى عليه السلام 
أعداء له عامدين لقتله يسمونه الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة فكيف قالوا انا قتلنا 
المسيح عيسى بن مريم رسول الله قلت قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون إن رسولكم 
الذي أرسل اليكم لمجنون. ويجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان ذك رهم القبيح في الحكاية 
agic‏ رفعا لعيسى عما كانو/ يذكرونه به وتعظيما لما أرادوا بمثله كقوله à‏ ليقولن خلقهن 
العزيز العليم * الذي جعل لكم الأرض مهدا UE‏ 
(5) وبان للعقل الإسلامي أنه لا يستطيع أن يتصوّر مساعدة الملائكة للمسلمين في 
غزوتي بدر وأحد اللهم إلا أن يكون حديث القرآن عن ذلك حديث من يأخذ الناس بعقائدهم 
تقوية للروح المعنوية وبثا للأمل القوي بالانتصار السريع في النفوس. ela‏ في المنار: 
» وأنكر أبو بكر الأصم قتال الملائكة وقال: إن الملك الواحد يكفي في إهلاك أهل 
الأرض كما فعل جب رايل بمدائن قوم لوط فاذا حضر هو يوم بدر فأي iab‏ الى ibli‏ 
الناس الكفا ر؟ وبتقدير حضوره أي فائدة في اإرسال سائر الملائكة؟ وأيضا فان أكابر 
وأيضا لو قاتلوا Loli‏ أن يكونوا بحيث ي راهم الناس أو لا؟ وعلى الأول يكون المشاهد 
من عسكر الرسول ثلاثة آلاف وأكثر ولم بقل أحد بذلك ولأنه خلاف قوله ‏ ويقللكقم 
في أعينهم »ولو كانوا في غير صورة الناس لزم وقوع الرعب الشديد في قلوب 
الخلق ولم ينقل ذلك البتة. 
وعلى الثاني كان يلزم جز الرؤوس وتمزّق البطون واسقاط الكفار من غير مشاهدة 
deli‏ ومثل هذا يكون من اعظم المعجزات فكان يجب أن يتواتر ويشتهر بين المسلم 
والكافر والموافق 


)\( الكشاف» ج 0« ص NAN‏ سورة الزخرف› sya AN)‏ 
(Y)‏ سورة الأنفال» AN‏ 5 4. 


“V 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والمخالف. وأيضا أنهم لو كان و١‏ أجساما كثيفة وجب أن ي راهم الكل وان كانوا أجساما 
لطيفة فكيف ثبتو/ على الخيول O‏ 


بانت للعقل الإسلامي هذه الأشياء وكثير غيرها وفطن العقل الإسلامي إلى أن هذه 
الأشياء لا ثفهم على أنها الحق التاريخي والواقع العملي إلا بضروب من التأويل ولو أن العقل 
الإسلامي أقام فهمه للقصص القرآني منذ اللحظة الأولى على المذهب الأدبي لما احتاج إلى 
هذه التأويلات وإلى أمثال هذه الوقفات التي ألجأته إلى المذهب الأدبي مضطرا لا مختارا. 

رابع — الأخبار والإعجاز: وقفة أخيرة وقفها العقل الإسلامي يحاسب فيها نفسه 
وينظر ما قدّمت يداه من خير فهل كان من الخير للنبي عليه السلام وللقرآن الكريم أن يكون 
المذهب التاريخي الأساس الأول في فهم القصص القرآني أو أن هذا المذهب كان الثغرة التي 
نفذ منها المبشّرون والملاحدة للطعن في النبي وفي القرآن؟ 

Ban Ji of اقوزال"المتتركيق و‎ aaa NDA E الاسام‎ dial eat 
والمبشدّرين وأحصى المشكلات التي تعرّض لها حينما وقف عند هذه الإشارات التاريخية وما‎ 
فيها من غموض وإبهام وعند هذه الأقاصيص المكرّرة وما تدفع إليه من قول بعد القصص‎ 
القرآني من المتشابه وعند هذه الأخبار والصور التي لا تتفق وما يعتقده الحق والواقع إلا‎ 
بضرب من التأويل أو قول بالمذهب الأدبي.‎ 

أحصى العقل الإسلامى كل هذه الأشياء فتبيّن له أن ما يقدّمه المذهب التاريخى فى 
فهم القصص القرآني من خير أقل بكثير مما يقدّمه من شر ونكر وبلاء. وعند ذلك أعاد العقل 
الإسلامي التفكير في هذا المذهب نفسه وفي الأسباب التي تدعوه إلى التمسّك به والتشبّث 
بأهدابه. ووجد العقل الإسلامي الأسباب واضحة في هذه الأقاصيص التي يعتمد عليها القرآن 
في الإيحاء بنبوة النبي عليه السلام وصحة رسالته وفي عد ما اشتملت عليه هذه الأقاصيص 
small aa: a‏ ات 


ANY ص‎ »٤ ج‎ hal (1) 


“A 


المعاني التاريخية 


أما إن هذه الأخبار من المعجزات فأمر أعاد العقل الإسلامي التفكير فيه وانتهى به 
هذا التفكير إلى أن هذه الأخبار لم تكن فيما هو الواضح من آيات القرآن مناط الرد على 
فكر العقل الإسلامي في هذه الأخبار فرأى أولا أن الكثير منها كان معروفا بالجزيرة 
العربية قبل البعثة المحمدية ومعروفا المعرفة التي جعلت المفسّرين يعللون بلاغيا بهذه 
المعرفة التركيب القصصي القرآني # ألم تر . جاء في الرازي عند تفسيره لقوله تعالى 
à‏ ألم تر كيف فعل ربك بعاد... 4 الخ. من سورة الفجر ما يلي: 
» ألم تر ألم تعلم لأن ذلك مما لا يصح أن يراه الرسول وانما أطلق لفظ الرؤية ههنا 
على العلم GY Ab,‏ أخبار عاد وثمود وفرعون كانت منقولة بالتواتر. أما عاد وثمود 
فقد كانا في بلاد العرب. وأما فر عون فقد كانوا يسمعونه من أهل الكتاب وبلاد فرعون 
أيضا متصلة بارض العرب وخبر التواتر يفيد العلم الضروري والعلم الضروري جار 
مجرى الرؤية في القوة والجلاء والبعد عن الشبهة فلذلك قال ألم تر بمعنى ألم 
تعلم (Va‏ وهذه المعرفة تجعل من غير شك أمثال هذه الأخبار غير صالحة لأن تكون 
موطن التحدي أو دليل الإعجاز. 
وفكّر العقل الإسلامي في هذه الأخبار فرأى ثانيا أن تلك الأقاصيص التي يعتمد عليها 
القرآن في الإيحاء بنبوة النبي وصدق رسالته لا تشتمل على أخبار يستحيل معرفتها وهي على 
العكس من ذلك أخبار معروفة لدى أهل الكتاب وإذا كان هناك من استحالة فإنها الاستحالة 
العادية التي تقوم على أمية النبي محمد عليه السلام أو تقوم على التفنصيلات الدقيقة لهذه 
الأخبار جاء في كتاب تنزيه القران عن المطاعن: 
» مسألة: وربما قبل في قوله ج ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك . كيف يصح ذلك 
وجوابنا أنه Le‏ الله عليه alung‏ لم يخالطهم مخالطة يقف بها على تفصيل هذه 
الأمور وكان كسائر العرب فبيّن تعالى أنه قد خصه بهذا الغيب ليعرف به صحة digi‏ 
ولذلك Ji‏ 


)1( سورة القجر» الآية 3. 
(ï)‏ الرازي» ج ۸ ص EXT‏ 


14 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


à‏ وما كنت لديهم اذ يلقون أقلامهم ‏ فحكى تفصيل ما كان يجري في أمر مريم وذلك 
من أعظم معجزاته صلّى الله عليه (a als‏ وجاء في الرازي: « فان قيل أليس قد 
كانت قصة طوفان نوح عليه السلام مشهورة عند أهل العلم. قلنا تلك القصة بحسب 
ا hall) Cie este‏ لا کور فها Mets‏ 
وفگر العقل الإسلامي في هذه الأخبار فرأى ثالث أن القول بأنها إحدى المعجزات لا 
يدحض أقوال المشركين أولئك الذين قالوا بأن محمد عليه السلام يكتتب هذه الأخبار وأنه 
يعلمه إياها بشر وأنهم لو شاؤوا لقالوا مثلها وأنهم قد yeah‏ | بالفعل أخبار رستم وأحاديث 
اسفنديار وأن قريشا كانت تستملح هذه الأقاصيص وتنصرف عن محمد عليه السلام إلى 
المعارضين للنبي والقرآن. 
فكّر العقل الإسلامي في كل هذه الأشياء وانتهى به التفكير إلى أن القرآن نفس هلم 
يجعل هذه الأخبار موطن التحدي ومناط الإعجاز وإنما جعل الإعجاز كل الإعجاز في قوة 
التأثير وسحر البيان. جاء في الرازي عند تفسيره لقوله تعالى « لسان الذي يلحدون إليه 
أعجمي 4 ما يلي: 
» والحاصل أن القوم o pagt‏ بأنه يتعلم هذه الكلمات من غيره ثم انه يظهرها من dui‏ 
ويزعم أنه عرفها بالوحي وهو كاذب فيه. ثم انه تعالى Gb die olal‏ قال à‏ لسان 
الذي يلحدون اليه أعجمي وهذا لسان عربي... # وأما وجه تقرير الجواب aeli‏ أنه 
انما يظهر اذ قلنا القرآن الكريم انما كان معجزا لما فيه من الفصاحة العائدة الى L ilh‏ 
«ils,‏ قبل هب أنه يتعلم المعاني من ذلك الأعجمي الا أن القرآن انما كان معج زا لما في 
a Eté‏ :من الفاح و من هنا كان القر انر متحدى el‏ ت ا ر ea)‏ ققد 
جاء في المنار: » كأنه يقول أدع لكم ما في سور القصص من الأخبار عن الغيب 
وأتحداكم أنتم وسائر الذين تستطيعون الاستعانة بهم على الإتيان بعشر سور مثل سور 
القران في 


04 تنزيه القرآن عن المطاعن» ص‎ )١( 
MO Gada الرازي»‎ (ï) 

.٠١۳ الآية‎ cda سورة‎ (Y) 

. ۲٥۰ Gad الرازي» ج‎ (£) 


المعاني التاريخية 


قصصها مع السماح لكم بجعلها قصصا مفتراة من حيث موضوعها (a‏ 
التحدي إنما يقوم كما رأيت على قوة التأثير وسحر البيان ومن هنا لا نستطيع أن نعد 
هذه الأخبار التي جاءت في القصص القرآني إحدى المعجزات. 
أما إن هذه الأخبار قد أفادت كثيرآ في الإيحاء بنبوة النبي عليه السلام وصدق رسالته 
فهو الأمر الذي لا ننكره بل نقر به ونؤكده لكن على أساس أن قوة هذا الإيحاء إنما تقوم على 
ذلك الرأي الديني اليهودي الذي كانت تدين به الجماعة والذي لا يلزم حتما أن تكون هذه 
الأخبار من التاريخ فقد كان يكفيه منها أن تكون مما يعرفه اليهود أو تعرفه العرب كما سنرى 
بعد لحظات. 
هذه الوقفات الطويلة وهذا التفكير المستمر جعل العقل الإسلامي يقرر أخيراً في قوة 
أن التاريخ ليس من مقاصد القرآن وأن التمسّك بالخطر أي خطر على النبي عليه السلام 
مر 1 ا او و و I‏ 
في الر ازي: « واعلم أن هذا الكلام ‏ قوله تعالى è‏ بل كذبوا بما لم يحيطوا 
DÉPARTS‏ — يحتمل وجوها: E‏ 
D NG Na‏ 


وجاء في غرائب القرآن للنيسابوري عند تفسيره ADU‏ السابقة: » وذلك انما حملهم 
على التكذيب أولاآ DT‏ وجوه منها أنهم وجدوا في القران أقاصيص الأولين ولم 
بك قرا و lus‏ وا و عليه إن اررض مها باق تدر ا 
le‏ اق ت هذا Ji‏ ون ا امرف الع led‏ و ا ارت 
المكلف أن الدنيا ليست مما بيقى فنهاية كل حركة سكون وغاية كل سكون ألا يكون 
كقوله je‏ من قائل ل قد كان 
)\( المنار» ج ۱> ص .١55‏ 
(ï)‏ سورة يونس» الآية ۹ 


DAN ص‎ ٤ الرازي» ج‎ (Y) 


۷1 


الفن القصصي في القرآن الكريم .سسسب 


في قصصهم عبرة لأولي الألباب OS‏ 

وجاء في المنار : » ولكون التاريخ غير مقصود له لأنه مسائله من dus‏ هي تاريخ 
ليست من مهمات الدين من حيث هو دين وانما ينظر الدين من التاريخ الى وجه العبرة 
زم 2 *. ال adha le‏ 4 

ون غيره لم ييين الزمان والمكان... ٠»‏ . 

وجاء » هذا وان أخبار التاريخ ليست مما بلغ على أنه دين يتبع Me‏ 

slag‏ » بيا مرارا أن أحداث التاريخ وضبط وقائعه وأزمنتها وأمكنتها ليس من 
مقاصد الق رآن وأن Le‏ فيه من قصص الرسل مع أقوامهم Lailé‏ هو بيان لسنة الله فيهم 
وما تتضمّنه من أصول الدين والإصلاح (a‏ 

وجاء » فان قيل إن التاريخ من العلوم التي يسهل على البشر تدوينها والاستغناء بها 
عن الوحي فلماذا كثرت سور الأخبار التاريخية في القرآن وكانت في التو راة أكثر؟ 

PE gas pa e IN ga AOS‏ الم ار 
البلاد لمعرفة أحوالها Laily‏ هي الآيات والعبّر تجت في سياق الوقائع بين الرسل 
akang‏ وتثبيتا لقلبه وقلوب المؤمنين »7). 

وجاء « وبقي مما يتعلق بهذا التفسير مسالتان قد أكثر الناس الكلام فيها وهما مسالة 
خلق حواء من ضلع من أضلاع luas pof‏ عصمة آدم. Lali‏ الأولى فليس في القرآن 
نص فيها ولا laib‏ حمل قوله وخلق منها زوجها على ذلك لأجل مطابقة jiu‏ التكوين 
فان القصة لم ترد في القرآن كما وردت في التوراة التي في أيدي أهل الكتاب حكاية 
تاريخية. وانما جاء القران بموضع العبرة في خلق آدم واستعداد الكون لأن يتكمّل به 
وكونه 


VY 


المعاني التاريخية 


قد أعطى استعدادا في العلم والعمل لا نهاية لهما ليظهر حكم الله ويقيم سنته في الأرض 
فيكون خليفة له وكونه لا يسلم من داعية الشر EN‏ بالوسوسة التي تحمل على 
المعصية. ولكون التاريخ غير مقصود له لان مسائله من حيث هي تاريخ ليست من 
à.‏ غیرد لم 
رن رتارييخ الخليقة لدين النصرانية لأن العلم المبني على الاختبار والمشاهدة أظهير 
خطأ ما ela‏ من التاريخ في التوراة ووجدت للانسان JÉ‏ في الأرض تدل على أنه أقدم 
الخدت لتر فى ارت كريد A‏ تربور ون SI EN‏ كدف GENE‏ 
لوا ii és‏ كفر الات eddy‏ 
وواضح من هذه النصوص أن المعاني التاريخية ية ليست مما بلغ على أنه دين يتبع 
وليست من مقاصد القرآن في شيء ومن هنا أهمل القران es‏ التاريخ من زمان ومكان 
ا 
إن قصد القرآن من هذه المعاني إنما هو العظة والعبرة أي في الخروج بها من الدائرة 
التاريخية إلى الدائرة الدينية. ومعنى ذلك أن المعاني التاريخية من حيث هي معان تاريخية لا 
تعتبر جز le‏ من الدين أو عنصراً من عناصره المكوتة له. ومعنى هذا أيضا أن قيمتها 
التاريخية ليست مما حماه القرآن الكريم ما دام لم يقصده. 


حين وصل العقل الإسلامي إلى هذه المرحلة من التفكير كان قد وصل إلى خير كثير 
ذلك لأنه كان قد قطع شوطا طويلا في سبيل تحرر العقل الإسلامي من هذا المذهب التاريخي 
af ail‏ جاب للعفلية الاسلامية Al a sé‏ 

)1( التحرّر من الإسرائيليات والتخأص من كثير من هذه الفروض النظرية. 

(Y)‏ توجيه الذهن البشري إلى ما هو المقصود من القصص القرآني من المواعظ 


)\( المنار» ج ۱> ص ۲۷۹. 


NY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والعبّر ومما هو من أبواب المعاني الدينية والمعاني الاجتماعية. 
(Y)‏ القضاء على فكرة التكرار وعلى عد القصص القرآني من المتشابه. 
)£( أصبح العقل الإسلامي غير ملزم بالإيمان برأي معين في هذه الأخبار التاريخية 
الواردة في القصص القرآني وذلك لأنها لم تبلغ على أنها دين يتبع وإنما بلغت على Lei‏ 
المواعظ والحكم والآمثال التي نُضرب للناس ومن هنا يصبح من حق Jidl‏ البشري أن يهممل 
هذه الأخبار أو يجهلها أو يخالف فيها أو ينكرها. جاء في المنار بصدد تفسيره لقصة هاروت 
وماروت من سورة البقرة ما يلي: 
» ومن البديهي أن ذكر القصة في القرآن لا يقتضي أن يكون ما يحكى فيها عن الناس 
صحيحا فذكر السحر في هذه الآيات لا يستلزم اثبات ما يعتقد الناس die‏ كما أن نسبة 
الكفر إلى سليمان التي علمت من النفي لا تستلزم أن تكون صحيحة لأنها نكرت في 
القران ولو لم يكن ذكرها في سياق النفي. 
قال الأستاذ الإمام: Úy‏ غير مرة أن القصص جاءت في القرأن لأجل Le sol‏ 4 
والاعتبار لا لبيان التاريخ ولا للحمل على الاعتقاد بجزئيات الأخبار عند الغابرين tly‏ 
ليحكى من عقائدهم الحق والباطل 7 کک الصادق is,‏ وم 000 a‏ 
RESTE‏ 
هى الفوائد التي جناها العقل الإسلامي بعد أن قطع هذه المرحلة الطويلة الشاقة 
AAN HE Ga‏ بين a‏ القرآني والتاريخ وإنها فوائد لا يدفع خطرها ولا DS‏ 
قيمتها وإن تكن بعد ذلك قاصرة عن أن تحل تلك المشكلة الخالدة التي من أجلها عقدنا هذا 
الفصل وهي المشكلة القائمة على أساس أن بالقصص القرآني أخطاء من أخطاء التاريخ. 
إنها مشكلة خالدة بين المسلمين والمعارضين فالأولون ينكرون هذا القول ويقولون بأن 
الذي في Gi‏ هو الحق وأن ما عداه هو الخطأ ولن يحكم التاريخ على القران الكريم. 
والآخرون يؤيدون القول بما وصلوا dal‏ من ale‏ ومعرفة ويذهبون إلى أن هذه الأخطاء هي 
الدليل كل الدليل على أن القرآن لم ينزل من السماء وأن محمدا ليس بالنبي وأنه الذي 


)\( المنار» ج ۱> ص AA‏ 


Vé 


المعاني التاريخية 


يصنع القرآن ويذعي أنه من عند الله وأنه يختلق من الحوادث ما لم يقع ويصوره على أنه 
الواقع التاريخي. 

وليس من شك عندي في أن هذه القضية لا تحتمل من مبدئها هذا اللجاج ولا هذا 
العناد وأن كلا من الفريقين قد جانب الحق وباعد الصواب. 

وليس من شك عندي أيضا في أن مصدر الخطأ فيما ذهب إليه من آمن بهذه الأشياء 
وخاصة ما فيه من قصص حين يستغل الثاني في أداء رسالته في هذه الحياة. 

وأعتقد أن من حقنا أن نقف وقفة قصيرة نشرح فيها هذه العلاقات لنقدر ما في القرآن 
من يد تاريكية يرا لا ينكره اين 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


الأدب والتاريخ 





Li‏ اعتماد التاريخ على الأدب فأمر لا ينكره أحد ذلك لأن المؤرخين يؤمنون بأن 
الأدب أخصب ميدان لتصوير حضارة الشعوب ولذا نراهم يعتمدون عليه ويعدونه من أهم 
العناصر المكوّنة للتاريخ بل لعل منهم je‏ يراه أصدق الأشياء في هذا الجانب ذلك لأنه يدل 
على البذور الكامنة في النفوس لكثير من الآراء التي قدّر لها أن تسود الجماعات ولأنه يصور 
الآمال والمثل العليا بل يصور الأحلام وما فيهما من رغبات مكبوتة لجأ الأدب نفسه في 
تصويرها إلى الرمز والإشارة وغيرهما من أدوات التعبير. 

وأما اعتماد الأدب وبخاصة القصة على التاريخ فهو الأمر الذي يحتاج إلى حديث. 
نعم إن الواقع العملي لكبار الكثاب La‏ هذه القضية. وإن اعتماد القصاص على التاريخ يكسب 
حديثه سحراً ويجعل النفوس شديدة الميل وسريعة التصديق لكثير مما جاء فيه. ولكن المسألة 
فيما نعتقد ليست مسألة اعتماد فحسب وإنما هي إلى جانب ذلك أو قبل ذلك مسألة الخلق الفني. 
وإذا كان الخالق المبدع يعمل غير مقيّد يعمل وقد ملك حريته كان من الحتم علينا أن نتحدث 
عن هذه الحرية )١(‏ ميدانها (Y)‏ وحدودها. 

أما ميدان هذه الحرية فقد يكون اختيار بعض الأحداث التاريخية دون بعض وقد يكون 
Jhal‏ مقوّمات التاريخ من زمان ومكان وترتيب للأحداث كما قد يكون القرب أو 


VV 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


البعد من الواقع التاريخي وبعبارة أخرى قد يكون تحري الصدق والصحة أو المجاوزة عن 
التاريخية أو بالصور الذهنية للجماعة البشرية عن هذا الكون وأحداثه وبخاصة حينما يقصد 
إلى هذه المعارف A‏ منها المواد التي تعينه: غلى ضرب الأمثال وقصن القفضضن: وإذا كان 
من المحدّثين من يعبّر عن هذه الحالة بقوله إن الأدب يتناول الأشياء لا كما هي بل كما تبدو 
في ظاهرها ولا كما هي كائنة في ذاتها بل كما تدركها الحواس وتؤثر في عواطفنا فإن من 
ciel cast‏ امن قطن: الو هدم الحفيفة Rail‏ و أولتك pa‏ البلاعيون إن ليبن حي أنهم ك 
في اللزوم باللزوم الذهني الذي يقوم على العرف والعادة ولم يتطلبوا اللزوم العقلي المنطقفي 
الذي يقوم على حقائق الأشياء في ذاتها لا كما تدركها الحواس. 

واكتفاؤهم باللزوم العرفي في مسائل البيان من تشبيه واستعارة ومن كناية وتمثيل 
ومن قص القصص لضرب الامثال وللهداية والإرشاد يجعلهم في حل من أن يعتمدوا من 
قضايا التاريخ ما هو المشهور المتداول حين يقصون القصص ويضربون الأمتال وليس يلزم 
أن يكون هذا المشهور والمتداول مطابقا للحق والواقع OÙ‏ هذه المطابقة إنما يتطلبها المؤر”خ 
والفيلسوف لا الشاعر ولا الأديب القاص(") 

وأما حدود هذه الحرية فقد تتسع لدى القاص حتى لتشبه قصته أن تكون أسطورة أو 
Gus‏ من ضروب الخيال وقد تضيق حتى لتشبه القصة أن تكون كتابا من كتب التاريخ 
والأمر بعد متوقف على قصد الأديب فإن كان تعليم التاريخ بواسطة القصة ضاقت هذه الحدود 
لكن لا إلى الحد الذي تفسد فيه الحقائق التاريخية على القارئ استمتاعه بالفن. 

أما إن كان القصد من القصة التاريخية الاعتماد على ذلك الميل النفسي ميل المحبة 
لكل ما هو قديم لأنه يكسب القصة روعة وجلالا ويضفي عليها شيئا من السحر ويكسبها تلك 
القوة التي تجعلها قريبة من الواقع وتجعل القارئ أو السامع يصدق بسهولة كل ما جاء فيها 
فإن هذه الحرية نت تتسع لكن لا إلى الحد الذي يتعارض فيه الواقع التاريخي مع قضايا 


NYO ص‎ Y à yadi شروح‎ eal )١( 


VA 


الأدب والتاريخ 


الفن ومسائله وإلا أفسد هذا التباين على القاص غرضه. ولذا تعتبر القضايا التاريخية المغرقة 
في القدم والتي تجهل تفاصيلها جهلا يكاد يكون UG‏ أحسن ميدان لهذا النوع من القصص إذا 
أردنا للخلق الفني الانطلاق من القيود والانفلات من الحدود hill;‏ بالحرية التامة الشاملة. 

والأمثلة التي نستطيع أن نضربها كثيرة متنوعة فلدينا من أحداث التاريخ أحداث كثيرة 
استغلها قاصون كثيرون وقد كان لكل منهم حريته في تصوير الحادثة وخلق الشخوص وقد 
يكفي في هذا المقام أن نذكر كليوبطرة وكيف استغل كل من شكسبير وبرنارد شو وشوقي 
موقفها من أنطونيو فى تصوير قصته. وقد يكفى كذلك أن نذكر من أسماء القاصضين الذين 
استغلوا التاريخ اسم والتر سكت لنعرف كيف كان يتصرف في التاريخ فلقد كان هذا الرجل 
يعمد إلى إحياء التاريخ الأوسط وكان يرى فيه مجالا خصبا لإرسال الخيال وخلق القصص 
ومن هنا لم يلتزم الصدق والدقة بل TES‏ ما كان يخلق شخوصا من العدم وينطقها Le‏ يشاء 
من أقوال كما كان يذكر Gaaf‏ لم تقع ويصوّرها الصورة التي يرى أنها تحدث الأثر 
المطلوب. 

لكن الوصول بنا إلى هذه المسألة يوقعنا في حيرة ويعقد المسألة أمامنا ويجعل من 
لفان nel ue‏ ما فى القضية من شور اة عن ااا ااك dau‏ كا 
في القصة من قَيّم تاريخية مجال الشك إن لم يكن الرفض ذلك لأن الباحث لن يستطيع أن يعلم 
في يقين أين من الحقائق المذكورة ما أفرغ فيه الكاتب خلجات نفسه وأين منها ما خلقه خلقاً 
لتتسق له الصورة وأين منها ما اكتفى فيه برواية الصادق الأمين. 

إن استخلاص الحقائق التاريخية من الأقاصيص يتوقف على معرفتنا لمدى تلك الحرية 
التي تمتع بها القاص أثناء تصويره الأحداث وتحريكه للأشخاص وتصويره للبيئة وإنطاقه كل 
هذا بما يوائم الفن ويلائم الحرية ويجري مع الخلق الأدبي في مضمار واحد حتى النهاية وإنه 
لأمر شاق عسير. 

نعم نستطيع أن نفترض أن دراسة الأحداث التاريخية والوقوف عليها من كتب التاريخ 
ييسر الأمر ويسهل السبيل ويصل بنا إلى ما نريد من تحديد وتقدير لما في القصص 


va 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


من قَيّم تاريخية. ولكن ذلك الفرض لن يشفي الغليل لأن الأمر قد يكون أمر أحداث أغرقت في 
القدم ثم قلت إلينا في روايات شفهية زادت عليها أو نقصت منها حتى أحالتها إلى شيء يشبه 
القصص أو يشبه الأساطير ووقفت الأمور عند هذا الحد حتى لم يجد أي دليل غير تلك 
الروايات ومن أمثال ذلك ما رواه الجاهليون عن ناقة صالح وجن سليمان وساقه القوم فيما بعد 
على أنه الحقيقة والتاريخ. كما قد يكون الأمر أمر اعتماد القاص على الواقع النفسي لا الواقع 
التاريخي أي الاعتماد على المشهور المتداول لا على الصور الحقيقية لأحداث التاريخ. 

هذه أمور يجب مراعاتها حين البحث عما في القصص من مسائل التاريخ وقضاياه 
الدور الأول في كيفية بناء القصة من حيث توزيع المناظر وإقامة الحوار ورسم الشخوص 
والأحداث وليس يخفى أن تلك من عوامل الاستهواء التي توحي بما يريد القاص من فكر أو 
آراء ومعتقدات. 


والآن نستطيع أن ننتقل مرة ثانية إلى الجو القرآني لنرى رأينا في تلك المشكلة 
المتعلقة بالقصص القرآني وما يقال من أن به أخطاء من أخطاء التاريخ. 

dés‏ البدء ننظر في اعتراض قد يُستثار ذلك ON‏ ما قررناه من صلة بين التاريخ 
والقصة يعتمد على ظاهرات في القصص لوحظت حديثا وقرّرت على أنها بعض التقاليد 
الأدبية التي تصوّر ما للقاص من حرية. والقرآن أقدم من هذه الملاحظات للظواهر وهذه 
المقررات للتقاليد. على أنها لو كانت قديمة لا تلزم القرآن في شيء إذ لكل قاص مذهبه 
وطريقته ولكل خالق حريته في الخلق والابتكار ولن يقرّر ما في القرآن من قيم Y‏ مذهب 
أدبي التزمه القرآن نفسه أو على أقل تقدير حرص عليه وهو قول له وجاهته فيما نعتقد ثم هو 
يلزمنا إلى أن نبحث طريقة القرآن من واقعه العملي فهل توجد فيه يا ترى تلك الحرية أو 
التزم طريقة واحدة هي طريقة الصدق والتحري عن الحقيقة حين يصوّر أحداث التاريخ؟ 

Ua‏ الاستقراء على أن ظواهر كثيرة من ظاهرات الحرية الفنية توجد في القرآن 
الكريم ونستطيع أن نعرض عليك منها في هذا الموقف ما يلي: 


الأدب والتاريخ 


)١(‏ إهمال القرآن حين يقص لمقومات التاريخ من زمان ومكان فليس في القرآن 
الكريم قصة واحدة عني فيها بالزمان. أما المكان فقد أهمل إهمالا يكاد يكون تاما لولا تلك 
الأمكنة القليلة المبعثرة هنا وهناك والتي لم يلفت القرآن الذهن إليها عرضا. 

على أن القرآن عمد إلى إهمال الأشخاص فى بعض أقاصيصه إهمالا تاماً. وهذه من 
المسائل التي سنعرض لها في الباب الثاني إن شاء الله. 

(Y)‏ اختياره لبعض الأحداث دون بعض فلم يعن القرآن بتصوير الأحداث الدائرة حول 
شخص أو الحاصلة في أمة تصويرا تاما كاملا وإنما كان يكتفي باختيار ما يساعده على 
الوصول إلى أغراضه أي ما يلفت الذهن إلى مكان العظة وموطن الهداية ولغلة من أجل ذلك 
كان القرآن يجمع في الموطن الواحد كثير؟ من الأقاصيص التي تنتهي بالقارئ إلى غاية 
واحدة. وتلك أيضا من المسائل التي سثشرح في الباب الثاني. 

(۳) كان لا يهتم بالترتيب الزمني أو الطبيعي في إيراد الأحداث وتصويرها وإنما كان 
يخالف في هذا الترتيب ويتجاوزه الأمر الذي أكثر من الإشارة إليه صاحب « المنار Oe‏ 
والذي نستطيع أن نجعل منه Laj‏ قصة لوط فقد قال تعالى في سورة الحجر p‏ فلما جاء آل 
لوط المرسلون * قال إنكم قوم منكرون * قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون * وآتيناك 
بالحق Úy‏ لصادقون * فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم daj‏ 
وامضوا حيث تؤمّرون * وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين * وجاء 
Jai‏ المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون * واتقوا الله ولا تغزون * 
قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين * لعمرك إنهم لفي سكرتهم 
يعمهون * فأخذتهم الصيحة مشرقين 4ء فإن هذه القصة لو لوحظت مع إحدى قصص لوط 
في القرآن كقصته في سورة هود Sie‏ لوجدنا القصة في سورة هود تجري على هذه الطريقة. 
مجيء الملائكة ثم alla‏ واضطرابه النفسي» ثم مجيء القوم ثم موقفه وعرض بناته حتى لا 
يخزى» ثم رذهم عليه وعزمهم على إتمام قصدهم» ثم موقف الملائكة 


DAN و ج ۸» ص‎ "55 Ga) المنار» ج‎ )١( 
NY ٦١ سورة الحجرء الآيات‎ (Y) 


AN 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وإخبارهم إياه أنهم رسل )645 وإخباره بمجيء العذاب coac gag‏ ثم نوع العذاب. Lgi‏ نلحظ أن 
المحاورة din‏ وبين قومه تتم قبل أن تخبره الملائكة بأنهم Ju)‏ ربّه والقصة تجري بعد ذلك 
وقد رثبت وقائعها الترتيب الذي يشعر بأن الزمن هو المحور الذي يربط هذه الوقائع المختارة 
أو هذه الأحداث المصورة. La‏ في سورة الحجر فتعلمه الملائكة كل شيء قبل مجيء قومه 
ومع ذلك تمضي المحاورة مع قومه وكأنه لم يعلم بأن أضيافه من الملائكة. ولیس يخفى أن 
هذا بعيد عن الوقائع ومشاكلته قريب من القصص وما فيه من حرية تؤذن للقاص بأن يركب 
أحداثه الترتيب الذي يصل إلى الغرض ويؤدي إلى الأهداف. 

)£( إسناده بعض الأحداث لأناس بأعيانهم في موطن ثم إسناده الأحداث نفسها لغير 
الأشخاص في موطن اکر PERTE‏ سورة الاعر اا فال الملأمن قوم 
فرعون إن هذا لساحر عليم ١4‏ تردق baa Aa one ue‏ 
b‏ قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم V4‏ '. وكذلك تجد في قصة إبراهيم من سورة هود أن 
البشرى بالغلام كانت لامرأته بينما نجد البشرى لابراهيم نفسه في سورة الحجر وفي سورة 
الذاريات. 


)0( إنطاقه الشخص الواحد في الموقف الواحد بعبارات مختلفة حين يكرّر القصة 
ومن ذلك تصويره لموقف الإله من موسى حين رؤيته النار فقد ثودي في سورة النمل بقوله 
ل( فلما جاءها نودي أن بورك Ge‏ في النار cas‏ حولها 4 / وفي سورة القصص b‏ فلما 
تاها تود وان بلطن و اين في البقعة الميازكة عن التنجرة أن ذا موسي إلى انا اانه 
رب العالمين 4ا ad‏ فون عله نر فلا اها نودي ي موملى © إني :آنا ريك فاخلع تي 
إنك بالواد المقدّس طوى 4 دوالك يشي E lens‏ اكه ارات ما حضفي 
صور 

.٠١5 سورة الأعراف» الآية‎ )١( 

) ) سورة الشعراءء الآية NGE‏ 

A ANI سورة النمل»‎ (Y) 

(£) 

(°) 


0( سورة طه» الايتان NY ١١‏ 


AY 


الأدب والتاريخ 


خوف موسى فمرة اكتفى بقوله p‏ خذها ولا تخف 4/ رة 581 قال« فلماار اهنا JE‏ 
كأنها جان ds‏ مدبراً ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون 4 '. وهكذا 
في غيرهما من المواقف كتعبيره بالرجفة مرة وبالصيحة أخرى والطاغية في غيرهما 
وكتعبيره ل م NGT‏ م اه رك 
الاختلاف كان نتيجة تغيّر في القصد أو if sal‏ .أن هذا ERRETA‏ 
وما نرى من اختلاف ليس إلا الصور الأدبية التي تلائم المقاصد والأغراض. 

)1( وجود مواقف جديدة لم تحدث بعد في سياق القصة التي تصور أحداثا وقعت 
وانتهت ومن ذلك قوله في سورة الأعراف « الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه 
مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل 4" ' وذلك في سياق القصة التي تصوّر موسى واختياره 
للسيعين رجلا وتوجهه إلى الله ومن ذلك ما سبق أن ذكرناه من قوله تعالى مإ وقولهم إذا قتلنا 
المسيح عيسى ابن مريم رسول الله 74 ais‏ من شلك إن النهود كرون ر مال ع وسن 
أجل ذلك قتلوه. فهم لم يقولوا هذا القول وإنما أنطقهم به القرآن. ومن قوله تعالى في آخر 
ع a‏ سي عر a SEG‏ 
اتخذوني وأمي إلهين من دون الله... 4 الخ. فإن هذا القول وهذا الحوار تصوير لموقف لم 
يحدث بعد بل لعله لن يحدث إذ القصد منه كما سبق أن ذكرنا التأثير على المعاصرين لمحمد 
عليه السلام والعمل على تنفيرهم من عبادته وعبادة أمه عليهما السلام. 


ومثل ذلك الموقف أو قريب منه ما عرض القرآن من حديث عن الجن في أثناء 


سورة Ad‏ الآية y)‏ 
سورة النمل» الآية Na‏ 


NY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


تصويره لوفاة سليمان عليه السلام فقد قال تعالى $ Lala‏ قضينا عليه الموت ما دلهم على 
مون الا Aa‏ الأرض اكل Aile‏ فلما خر تبت الجن أن لو كادوا ايلمون الب ما لبوا 
في العذاب المهين l ١4‏ فقد قصد القرآن وقد عرض للجن بالحديث في أثناء قصّه أشياء عن 
سليمان عليه السلام أن يحارب الفكرة الجاهلية الشائعة في الجزيرة العربية وقت البعثة 
المحمدية من أن الجن تعرف أخبار السماء وتطلع على الغيب وتلقي ما تعرف من ذلك على 
العرافين والكهان فقد كانت هذه الفكرة من العقبات القوية إن لم تكن أولى هذه العقبات في 
سبيل النبي عليه السلام وإثبات نبوته فلقد كان القوم يذهبون إلى أن الشياطين تملي عليه ما 
يقول وأنها تسمع هذا الذي تمليه من السماء # وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما 
يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون 4" 

وهكذا نستطيع أن نمضي في حصر الظواهر التي تثبت لنا مذهب القرآن القصصي 
UE en San E‏ إلى يمحا o OT‏ 
dent‏ ا E Dé ue ee a‏ 
وهما قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين فإن هاتين القصتين تقدّمان لنا الدليل القوي 
على المذهب القرآني في العلاقة بين القصة والتاريخ. 

أما قصة أصحاب الكهف فنقف منها في هذا الموطن عند مسألتين الأولى مسألة عدد 
الفتية والثانية مدة لبثهم في الكهف. 

أما من حيث العدد فليس يخفى أن القرآن لم يذكر عددهم في دقة وإنما رذد الامر بين 
ADA D‏ رابعهم كلبهم 4 و“ خمسة سادسهم كلبهم وسبعة ثامنهم كلبهم 4" smk ads à‏ 
Laj‏ أن القرآن الكريم قد ختم هذه الآية بتلك النصيحة التي يتوجّه بها إلى النبي عليه السلام 
وهي قوله تعالى D‏ قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إل قليل فلا تمار 
)١(‏ سورة سبأء .١5 ANT‏ 
(Y)‏ سورة الشعراءء الآيات NANG Ye‏ 
(Y)‏ سورة الكهف» NYAN‏ 


Né 


الأدب والتاريخ 


فيهم إلا مراء JAU‏ ولا تستفت فيهم agia‏ أحداً * ales‏ 
موا رداون رعو A Ag wai KA ia‏ 

ما معنى هذا الترديد في العدد؟ وما معنى هذه النصائح؟ 

لا نستطيع أن نقول إن المولى سبحانه وتعالى كان يجهل عدد الفتية من Jai‏ الكهف 
وأنه من أجل هذا لم يقطع في عددهم برأي فالمولى سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية في 
الأرض ولا في السماء وإنه ليعلم السر وأخفى. وإنما نستطيع أن نقول إن هذا لم يكن إلا 
لحكمة La LG‏ تعتقد هي أن المطلوب من gah‏ عليه Pal‏ أن بت أن الحوحي يرل 
MENT SE‏ و إنما والعمة ga‏ دك die‏ من ,اقل a dan‏ حون 
ذهب وفدهم ليسأل عن أمر محمد أنبي هو أم متنبّي. وإذا كان أحبار اليهود قد اختلفوا في أمر 
العدد وذكر كل منهم عدداً معينا كان على القرآن أن ينزل بهذه الأقوال حتى يكون التصديق 
من المشركين بأن محمد عليه السلام نبي ولو ذكر القرآن العدد الحقيقي وأعرض عن أقوال 
اليهود لكان التكذيب القائم على أن fase‏ لم يعرف عدد الفتية وليس وراء هذا إلا أن الوحي 


ومثل هذا تماما موقف القرآن من عدد السنين فلم يذكر القرآن العدد الحقيقي وإنما 
امو مسوم ابام و سد اس 
3 قل الله alej‏ بما لبثوا له غيب السموات والأرض 4 tt,‏ تحاحة إل cf‏ تقول La‏ نضا 
بأن العلي القدير لم يعرض عن عدد السنين الحقيقي إلا لحكمة وأن هذه الحكمة هي أن يكون 
ما يُذكر في القرآن الكريم مطابقا لما ANG‏ اليهود للمشركين. وهذا هو الذي أشار إليه بعسض 
الأقدمين من المفسّرين. à ela‏ في الطبري: 

« ... فقال بعضهم ذلك as‏ ان فن ا ات sa‏ قرح AGE A‏ 

واستشهدوا على صحة قولهم ذلك بقوله 


.74 YY سورة الكهفء الآيات‎ )١( 
NANI نفس السورة»‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


JE à‏ الله أعلم بما لبثوا ‏ وقالوا لو كان ذلك خبرا من الله عن قدر لبثهم في الكهف لم 

(Ve وقدره‎ 

موقف القرآن من قصة أصحاب الكهف موقف من لا يحكي الحقيقة التاريخية وإنما 
يحكي أقوال اليهود التي قد تطابق الحقيقة وقد لا تطابقها ومن هنا لا يصح أن يتوجّه أي 
اعتراض على هذه القصة من dus‏ اختلافها مع الواقع لأن تحقيق هذ الواقع ليس 
المقصود من القصة في القرآن الكريم وسنزيد هذه القصة بيانا وإيضاحا في الباب الثاني إن 
شاء الله. 

وأما قصة ذي القرنين فقد سبق أن شرحنا أن القرآن إنما يصوّر في هذه القصة 
وبخاصة عند حديثه عن غروب الشمس وما يراه القوم بأعينهم وبعبارة أخرى يعبر القرآن 
عن مبصرات القوم كما يستطيعون رؤيتها لا حقيقة ما يقع وإذا كنا سنقف عند هذه القصة في 
الباب الثاني لنثبت أن القرآن إنما jus‏ في هذه القصة ما كانت تعرفه الجماعة العربية عن 
ذي القرنين وعن غروب الشمس من طريق السمع وأنه agile pania jga‏ لا مبصراتهم فأتا 
سنقف هنا لنرى رأينا في مذهب القرآن البلاغي. فهل كان يقيم تشبيهاته واستعاراته كما كانت 
تقيمها العرب على العرف والعادة أو كان يتطلب الحقيقة العقلية ليقيم عليها بيانه العربي من 
تشبيه واستعارة ومن كناية وتمثيل؟ 

كان القرآن يجري على الصور الذهنية أو على الواقع النفسي في تشبيهاته واستعاراته 
حين يتحدث عن aiea‏ ويصف طعامها والشراب وحين يتحدّث عن الذي يتخبّطه الشيطان من 
المس. جاء في الرازي عند تفسيره لقوله تعالى ‏ إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * 
طلعها AS‏ رؤوس الشياطين 4 ما يلي: 

» وأما تشبيه هذا الطلع برؤوس الشياطين ففيه سؤال لأنه قيل اا ما رأينا رؤوس 

الشياطين فكيف يمكن تشبيه شيء بها؟ وأجابوا die‏ من وجوه الأول: وهو الصحيح أن 

الناين لما اقترا في الملاتكة كمال nil‏ في الصورة:والسير واعتقدو/ في الفسباطين 

نهاية القبح والتشويه في الصورة والسيرة فكما حسن 


)\( الطبري» ج ۰ ص NAN‏ 


Mo 55 سورة الصافات» الايتان»‎ (Y) 


AN 


الأدب والتاريخ 


Ati‏ نالك die‏ تقرين الكمال والفضيلة فى قؤله إن .هذا الا ملك كر AG‏ وجنت 
أن يحسن التشبيه برؤوس الشياطين في القبح وتشويه الخلقة (a‏ 
وجاء في الكشاف عند تفسيره لقوله تعالى Pp‏ لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه 
الشيطان من المس 4 ' ما يأتي: « لا يقومون اذ بعثوا من قبورهم إلا كما يقوم الذي 
«LS‏ اشيطان اي LE era)‏ ان م رات ارت رز محر أن 
الشيطان يخبط الإنسان فيصر ع والخبط الضرب على غير استواء كخبط العشواء فورد 
على ما کانوا يعتقدون. 
والس الجنون ورجل ممسوس وهذا أيضا من زعماتهم وأن الجني du‏ فيختلط 
عقله وكذلك جن الرجل ضربته الجن و رأيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب 
وانكار ذلك عندهم كانكار المشاهدات a‏ 
القرآن يجري كما ترى في فته البياني على أساس ما كانت تعتقد العرب وتتخيّل لا 
على ما هو الحقيقة العقلية ولا على ما هو الواقع العملي ولعله أن يكون من ذلك حديث القرآن 
عن المنافقين في قوله تعالى p‏ إذا dela‏ المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك 
لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون 4 فإتا نراه يقيم تكذيب المنافقين على أساس ما 
يعتقدون لا على أساس ما هو Gal‏ والواقع فلقد كان المنافقون يعتقدون أن fase‏ غير مرسل 
من ربه وكان الحق والواقع أنه لرسول وقيل المنافقين له إنك رسول الله Gia‏ مع الحق 
ويختلف وما يعتقدون ومن هنا رماهم القرآن بالكذب وحدّر النبي عليه السلام منهم. 


والقرآن يجري على هذا المذهب Laj‏ حين يتحدّث عن الجن وعن عقيدة المشركين 
فيهم وأنهم كانوا يستمعون إلى السماء ليعرفوا أخبارها ثم يقومون بعد ذلك 


44 الرازيء ج ۷> ص‎ (1) 
NYO ANI سورة البقرة,‎ (Y) 
AYT ص‎ »١ à ilis) (Y) 
NANI سورة المنافقون»‎ (£) 


AV 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


بإلقاء هذه الأخبار على الكهنة وكان الكهنة يدّعون الإطلاع على الغيب ومعرفة الأسرار. 
يجري القرآن على هذا المذهب الأدبي في محاولته هدم عقيدة المشركين السابقة وقد 
كانت تُعتبر العقبة الأولى في سبيل الدعوة الإسلامية لما فيها من إتاحة الفرصة للمشركين بأن 
يذعو أن محمد من الكهان وأن الذي يطلعه على الغيب هم الشياطين وليس وحي السماء. 
حارب القرآن هذه الفكرة وحاربها تدريجيا وبأساليب مختلفة. فالجن كانت تقعد مقاعد 
للسمع ولكن الكواكب أصبحت رجوما والشهب a ee‏ ا 
للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ٠4‏ ا والجن تخطق الخطفة احتى بعد An)‏ 
محمد عليه السلام وحتى بعد أن حدثت المعجزة ومنعت الجن من الإستراق. « LE; Li‏ 


السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا ب يسمعون إلى الملا الأعلى 
ويقذفون من كل جانب * دحور agy Í‏ عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب 
ثاقب Og‏ 


ذلك أسلوب محاربة الفكرة يوم أن كان سلطانها قويا وإيمانهم بها عنيفا ويوم أن كان 
القران في أول عهده بهم ولكن حينما تقدم الزمن وحينما استقر الامر في البيئة واشتهر أمر 
jawal‏ وأخذ القوم يصدقون بالرجم انتقل القرآن إلى أسلوب آخر في محاربة الفكرة فادّعى 
أن الجن ما كانت تعلم الغيب وأنها لو كانت تعلمه ما لبثت في العذاب بعد أن فارق سليمان 
ل AE R‏ 
المهين °4 
وأسلوب المحاورة أولآ وآخرآ يوقع بعض المفسّرين في إشكالات خاصة Luis‏ 
يأخذون المسائل مأخذ الجد ويحاولون البحث عن الأجرام السماوية وهل كانت موجودة قبل 
محمد أو لم تكن؟ وإذا كانت فكيف جعلت رجوما؟ وهكذا إلى أن يضيقوا هم 


)\( سورة الجن› AN‏ 8. 
(ïY)‏ سورة الصافات» الآيات ٦‏ س Ne‏ 
(Y)‏ سورة سبأء .١5 ANT‏ 


۸۸ 


الأدب والتاريخ 


أنفسهم بأمثال هذه المسائل. جاء في الرازي ما يلي: يروى أن السبب في ذلك أن الجن كانت 
تتسمّع لخبر السماء فلما بعث محمد صلّى عليه plus‏ حرست السماء ورصدت الشياطين فمن 
sta‏ منهم مسترقا السمع رمي بشهاب فأحرقه لثلا ينزل به إلى الأرض فيلقيه إلى الناس فيخلط 
على النبي أمره ويرتاب الناس بخبره. فهذا هو السبب في انقضاض الشهب وهو المراد في 
قوله [ وجعلناها رجوماً للشياطين 4 ومن الناس من طعن في هذا من وجوه: 
أحدها: أن انقضاض الكواكب مذكور فى كتب قدماء الفلاسفة قالوا إن الأرض اذا 
سخنت بالشمس ارتفع منها بخار يابس واذا أبلغ النار التي دون الفلك احترق بها فتلك 
الشعلة هي الشهاب. 
وثانيها: أن هؤلاء الجن كيف يجوز أن يشاهد وا واحدا وألفا من جنسهم يسترقون 
السمع فيحترقون ثم انهم مع ذلك يعودون Ëd‏ صنيعهم فان العاقل اذا رأى الهلاك في 
شيء مرة وم رارا وألفا امتنع أن يعود اليه من غير فائدة. 
وثالثها: أنه يقال في ثخن السماء أنه مسيرة خمسمائة عام فهؤلاء الجن إن نفذوا في 
جرم السماء وخرقوا اتصاله فهذا باطل لأنه تعالى نفى أن يكون فيها فطور على ما قال 
à‏ فارجع البصر هل ترى من فطور VE‏ وان كانوا لا ينفذون في جرم السماء فكيف 
يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك العظيم؟ ثم إن jla‏ أن يسمعوا كلامهم مسن 
ذلك البعد العظيم فلم لا يسمعون كلام الملائكة حال كونهم في الأرض؟ 
ورابعها: أن الملائكة انما اطلعو/ على الأحوال المستقبلة اما لأنهم طالعوها في اللوح 
المحفوظ أو لأنهم تلقفوها من وحي الله تعالى اليهم وعلى التقديرين Ali‏ لم يسكتوا عن 
ذكرها حتى لا يتمكن الجن من الوقوف عليها؟ 
وخامسها: أن الشياطين مخلوقون من النار والنار لا تحرق النار بل تقوّيها فكيف 
يُعقل أن يقال ان الشياطين زج روا عن استراق السمع بهذه الشهب. 


JO سورة الملك» الآية‎ )١( 
نفس الور‎ (Y) 


AA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وسادسهاء أنه إن كان القذف لأجل النبوّة Ali‏ دام بعد وفاة الرسول عليه الصلاة 
والسلام؟ 
وسابعها: أن هذه الرجوم انما تحدث بالقرب من الأرض بدليل G‏ نشاهد حركتها 
بالعين ولو كانت قريية من الفلك لما شاهدنا حركتها كما لم نشاهد حركات الكواكب واذا 
ثبت أن هذه الشهب انما تحدث بالقرب من الأرض فكيف يقال انها تمنع الشياطين مسن 
الوصول الى الفلك؟ 
وثامنها: أن هؤلاء لو كان يمكنهم أن ينقلوا أخبار الملائكة من المغيبات الى الكهنة 
فلم لا ينقلون أسرار المؤمنين الى الكقار حتى يتوصل الكقار بواسطة وقوفهم على 
أس رارهم الى الحاق الضرر بهم؟ 
وتاسعها: لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود الى السماء us‏ يحتاج في دفعهم 
عن الشفاء الى هذه (Reg‏ 
ولو أن الرازي فطن من أول الأمر إلى أن القرآن إنما يحارب هذه العقيدة ويحاربها 
بأسلوبه الخاص القائم على فكرة التدرّج وأن هذا التدرّج يشبه تماما التدرّج في التشريع في 
مسألة محاربة الخمر وغيرها وأن النسخ في التشريع إنما يعلّل بهذه الفكرة. لو فطن الرازي 
إلى كل هذا لما أتعب نفسه وأتعب غيره في هذه الوقفات الطويلة ولقال بأن القرآن إنما يأخذ 
الناس بتصوراتهم وأنه في هذا الموقف قد alu‏ بهذه العقيدة لا لأنها حق وصدق وإنما لأنه 
يريد أن يهدمها تدريجيا فيسلم بها أولا ثم يأخذ في هدمها مستعينا بالزمن. 
أعتقد أن قد اتضح الآن أن القرآن كان يأخذ الناس بتصواراتهم ويأخذهم بالعرف 
والعادة وأنه كان يفعل هنا ما كان يفعله في أمور التشريع من أخذ الناس بعاداتهم ومن تغيير 
هذه العادات تدريجيا الأمر الذي من أجله كان النسخ في التشريع. 
وأعتقد أن قد وضح أيضا أن القرآن قد قصً في القصص التي كانت موطن الاختبار 
لمعرفة نبوّة النبي عليه السلام وصدق رسالته ما يعرفه Jai‏ الكتاب عن التاريخ لا ما 


AAY ص‎ A الرازيء ج‎ )١( 


الأدب والتاريخ 


هو الحق والواقع من التاريخ وأنه من هنا لا يجوز الاعتراض على النبي عليه السلام وعلى 
القرآن الكريم ob‏ بهذه الأقاصيص أخطاء من أخطاء التاريخ. 

أعتقد أن قد وضحت هذه الأمور وسنزيد هذه المسائل بيانا ووضوحا في الباب الثاني 
إن شاء الله. 


dés‏ أن نختم هذا الفصل نلفت ذهن القارئ إلى أنه إذا وضح لديه الوضوح الكافي 
بأن القصة القرآنية قد قصد منها إلى التاريخ فإنه يتعيّن عليه أن يؤمن بما جاء فيها على أنه 
التاريخ وذلك كتقرير القرآن لمسألة مولد عيسى عليه السلام وتقريره لمسألة إيراهيم عليه 
الاد 4 لم يكن مودي ولا pui‏ انبا > Le‏ تلك الي قد منها إلى العظنة و العيرة واي 
الهداية والإرشاد فإنه لا يلزم أن يكون ما فيها هو التاريخ فقد يكون المعارف التاريخية عند 
العرب أو عند اليهود وهذه المعارف لا تكون دائما مطابقة للحق والواقع. واكتفاء القرآن بما 
هو المشهور المتداول أمر أجازه النقد الأدبي وأجازته البلاغة العربية وجرى عليه كبار 
الكثاب ومن هنا لا يصح أن يتوجّه اعتراض على النبي عليه السلام أو على القرآن الكريم. 


۹۱ 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


القيم الاجتماعية والنفسية 





وتختلف المسألة هنا عنها في القيّم التاريخية اختلافا يكاد يكون LE‏ وذلك لأسباب 
كثيرة ولعل أهمها ما يخص: 

)١(‏ المقاصد والأغراض. 

(Y)‏ وما يخص النتائج المترئبة على كل. 

أما من حيث المقاصد فقد سبق أن علمنا في الفصل السابق أن المعاني التاريخية غير 
مقصودة من القصص القرآني. فطن إلى ذلك المفسّترون ونص عليه القرآن ومن هنا لم تكن 
صالحة لأن تكون محلا لاستنباط القضايا التاريخية كما لم تعتبر جزءاً من الدين وعنصرآ من 
o palic‏ نزلت لنتعبّد بها أو نؤمن Les‏ فيها من رأي. أما هذه المعاني إجتماعية ونفسية فقد 
قصد إليها القرآن وحاول تقريرها في القصص وفي غيره ثم هو قد أخذ يستند إليها كلما حاول 
الدفاع عن النبي عليه السلام وعن الدعوة الإسلامية وصوّرها على أنها من القواعد العامة 
اليذه في كل ا تور ازا غ1 بين ازيل را ee Me‏ في عر قن مين 
أقوامهم وأن لكل أمة رسولها ولكل أمة أجلها إلى غير ذلك من الأمور التي سنبسسّطها في هذا 
الفصل إن شاء الله. 


ar 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وأما من حيث النتائج فنحن نعلم أن المعاني التاريخية كانت الباب الذي يلج منه 
الملاحدة والمستشرقون والمبشّرون وكل من أراد الكيد للنبي وللإسلام أما هذه النواميس فهي 
فخر كل مسلم يؤمن بالقرآن ويدين بالقرآن ويدين للإسلام ذلك لأنها تقرر من النواميس النفسية 
والاجتماعية ما يجعل الدعوة الإسلامية أكثر ارتباطا بالفطرة وأقدر الدعوات على مسايرة 
الرقي العقلي والتطور الاجتماعي في هذه الحياة. 

ولعل من أقوى المثل التي تصور لك هذا الرأي موقف القرآن من المعجزات فلقد كان 
الأقدمون من أهل الكتابين ومن مضى من الأمم السابقة لا يؤمنون بالنبوّة ولا يدينون بالرسالة 
حين فصل بين المعجزات وبين الإيمان بالرأي وذلك حين قال p‏ ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة 
CTO‏ ل eS RE‏ 
يجهلون 14" 

وارتفع به حين أزال عنه شبح الخوف حين ab‏ على أن المعجزات لم تكن إلا للإكراه 
a‏ ا ا ل سي و تيه 
الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا OS‏ 

وارتفع به حين رد مسألة الإيمان والكفر إلى أسباب عامة ونواميس ثابتة مستقرة 
وذلك حين قال # يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم * 
تنزيل العزيز الرحيم * لتنذر قوماً ما أنذر أباؤهم فهم غافلون * لقد حق القول على أكثرهم 
فهم لا يؤمنون * ÜJ‏ جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون * وجعلنا من 
بين أيديهم سداً أومن خلفهم fau‏ فأغشيناهم فهم لا يبصرون * وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم 
عو ال ee‏ نتف الل sS‏ 
كريم 04 
)١(‏ سورة الأنعامء الآية .١١١‏ 
(ï)‏ سورة الإسراع. AN‏ 04. 


.١١ ١ سورة يس» الآيات‎ (Y) 


LE 


القيم الاجتماعية والنفسية 


إذ يرى الناظر في هذه الآيات وأمثالها أنها وصف أدبي دال يعبّر أقوى تعبير عن 
حال أولئك القوم الذين أثقلتهم التقاليد وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وأولئك الذين aki‏ 
منهم العقائد الباطلة حتى لينظرون إلى الوجود من خلالها وختام هذه الايات يشرح هذه 
الظواهر أجمل شرح ويوضح تلك الظاهرة الاجتماعية التي تحدث مع كل دعوة وتوجد في كل 
زمان ومكان وهي أن نفوس ل را ا pa‏ 
القديم والاستجابة للجديد تتوقف إلى حد كبير على ما يحيط بهم من ظروف وما يلم بهم من 
أحداث وما يعده الزمن للمستقبل من رجال أحرار 8 النهوض بأمّتهم والأخذ بيدها 
والسير بها في طريق Al‏ والرقي. ومن هنا نرى القرآن في هذه الآيات يقابل بين صنفين: 
صنف عدم القادة فأثقلتهم التقاليد وتمگنت من نفوسهم F‏ الموروثة وهؤلاء هم الذين 
خصّهم بقوله p‏ لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ٠4‏ ( وصنف آخر استعدّت نفوسهم 
Ces s‏ عقولهم وقلوبهم لأمثال الدعوة وهم الذين خصّهم الله بقوله à‏ إنما تنذر من ES‏ 
الذكر وخشي الرحمن بالغيب OS‏ 


وهكذا نستطيع أن نمضي مع هذه الآيات وأمثالها فنرى أنها من الأمور التي يفخر بها 
كل مسلم ويطمئن إليها كل باحث ويحرص عليها كل من وهبه الله ذوقاً مترفاً وإحساساً lia ja‏ 
ليقن vf‏ هذه sil‏ اميس من أكين مو اظن JEN)‏ 5 

هذه أهم الفروق فيما نرى بين هذا المقام وذاك. 

وهنا أمر لا ب من الوقوف عنده هو GÍ‏ لن ندرس في هذا الفصل من القيّم الاجتماعية 
إلا ما كان عاما كالنواميس الاجتماعية والنفسية التي تثبت وتستقر ولا تتغيّر بتغير الضفروف 
والأحوال. أما تلك الحالات الخاصة التي كان يصوّرها القرآن في حديثه عن الأقوام ركه 
لقوم عاد وصورته لأهل مدين أو قوم شعيب من أنهم ينحتون من الجبال بيوتا أو يطففون 
المكيال والميزان فأمور لن نعرض لها هنا لأنها بباب القيّم الخلقية = ولأنها من قبيل 
الأجواء التي يحرص عليها القصاص. 


sN AN) co سورة‎ (1) 


.١١ نفس السورة الآية‎ (Y) 


qo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وكذلك الحالات النفسية الخاصة كحلم إبراهيم وسرعة انفعال موسى إذ أقرب المواطن 
إلى درسها هو الحديث عن عنصر الشخصيات. 

سنقصر الحديث هنا على النواميس النفسية والاجتماعية وأعتقد أن قد آن الأوان 
للتمييز بين اللونين ليئضح في ذهن القارئ € المراد. 

نقصد بالنواميس الاجتماعية تلك النظريات التي أشار إليها القرآن أو لفت إليها الذهن 
حين jpa‏ العوامل المؤئرة فى رقي الأمم وحياة الشعوب والتي جعلها من الأحكام العامة 
حتى لنحس من صنيعه بأنها من النواميس التي لا تتخّف في زمان أو مكان وذلك من أمثال 
ما تشير إليه الآية الكريمة ‏ لم يكن الذين كفروا من Jai‏ الكتاب والمشركين منفقين حتى 
تأتيهم البينة * رسول من الله يتلو صحفا مطهرة * فيها كتب قيّمة * وما تفرق الذين أوتوا 
الكتاب Y)‏ من بعد ما جاءتهم البيّنة al ١4‏ نواميس إذ هي تشير أولا إلى أن الأمم 
والجماعات في حاجة إلى الرجال» في iala‏ إلى الأبطال النابغين الذين يأخذون بيدها 
وينيرون لها السبيلء > في حاجة إلى الذين يتفهمون رغباتها وآمالها أو أحلامها وأمانيهاء في 


حاجة إلى الذين يعبرون عن احتياجاتها ويصورون لها مثلها العلياء في حاجة + 
يأخذون بيدها Léa‏ حتى لا تثقلها التقاليد أو kasi‏ العادات وحتى لا تقف جامدة حيث يتقدم 


غيرها في مضمار السباق في هذه الحياة. 


ثم هي تشير GE‏ إلى أن هؤلاء الأبطال أو القادة يكونون مثار فرقة ومصدر انقسام 
ذلك لأن الأفراد يختلفون فيما agin‏ فطرة واستعداداً ومن هنا يختلفون على الرأي بين مؤيّدين 
ومعارضين وعلى المبادئ بين مؤمنين وكافرين حسب ما يحيط بهم من أحداث وما يُستثار في 

ومن أمثال ما تشير إليه هذه الآية أيضا ‏ وإن كادوا ليستفزونك من الأرض 
NB A‏ يذه حت كنا رسلا us AE‏ 3 2 تجيد 
E gai Liu‏ إن كين AVI‏ الكريمة إلى sa naas‏ كو :أن AI‏ الى هي Le‏ 
التجديد تهلك ولا تعمر في الحياة طويلا. 


JIN سورة البيّنة» الآيات‎ )١( 
/الا.‎ VT UBA سورة الإسراءء‎ (Y) 


15 


القيم الاجتماعية والنفسية 


ونقصد بالنواميس النفسية تلك العواطف أو الانفعالات أو الأسس النفسية التي تصاحب 
سلطان faza‏ أو سيطرة زعيم والتي تمكن للمبادئ أو g je ji‏ سلطانها وتحذ من قدرتها ls‏ 
تظهر في الأفراد أو في الجماعات حين تلم بها الأحداث أو تزعجها صروف الزمان وذلك من 
أمثال العجب الشديد والحرص على المعتقد القديم الباديين في قوله تعالى ‏ وعجبوا أن 
جاءهم منذر agia‏ وقال الكافرون هذا ساحر كذاب * أجعل الآلهة إلهاً faal g‏ إن هذا لشيء 
عجاب * وانطلق الملأ agia‏ أن امشوا واصبروا على آلهتكم À‏ هذا لشيء يراد OS‏ 

ومن أمثال الخوف الشديد على المعتقد وحياته ومحبة التخأص من المعارضين 
الواضحين في قوله تعالى à‏ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً * إنك إن 
تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفارا NK‏ 

ومن أمثال التضحية في سبيل المعتقد بالنفس والنفيس حتى ليصل الحال إلى التهديد 
بالقتل والتعذيب بالصلب مما سنعرضه عليه مفصلاً في هذا الفصل إن شاء الله. 

dés‏ أن أبدأ بتسجيل ما وقفت عليه من ظواهر نفسية واجتماعية أخبرك بأني قد 
جمعت بين اللونين من النواميس في فصل واحد لأن القصص القرآني قد وحّد بينهما في DÉS‏ 
من الأحيان ولاني أريد أن أرثب هذه النواميس أو تلك (aw)‏ حسب مقتضيات الزمان من 
حيث ظهورها في ميدان الدعوات. 

على أن هناك Tal‏ آخر هو أن النواميس الاجتماعية نفسها لا ثفهم ولا يمكن ES‏ 
ظواهرها إلا على أساس نفسي ومن هنا Laj‏ أحسست بأن هذا الجمع مرغوب فيه وأن 
الاعتراض عليه ليس بذي بال. 

ونبدأ الآن بتسجيل هذه الظواهر ونبدأ منها بالحديث عن الأشخاص. 


.1 ٤ سورة صء الآيات‎ )١( 
. ۷ ۲٦ الآيتان‎ TH سورة‎ (ï) 


۹۷ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


)1( الأنبياء والبيئة 


ولن نتناول هنا أشخاصهم وكيف La Jos‏ القرآن فذلك له موطنه من البحث في باب 
La, dll Gal‏ سارل أن تتحدك عديم كأشخاض لهم في أممهم À‏ نكما أن gl‏ ها فة 
لنعرف أين يضعهم القرآن من البيئة أكانوا أثرآ من آثارها ونتاجا من معدنها وتربتها أم كانوا 
فريدين تقدّموا العصر والبيئة حتى لنحسبهم من عنصر خارج لم يرث عن الآباء والأجداد ولم 
يتأثر بالبيئة فيأخذ عنها أي أثر. 

ولنعرف أيضا كيف مضى معهم القرآن مصورا نفسيتهم حيال مبادئ الإصلاح 
وسلطانها عليهم وحيال شخصيات المؤيدين والمعارضين من أقوامهم وحيال العقبات التي 
صادفتهم وهل flanc liés‏ تخطوهاء 


للأنبياء a‏ في القصص القرآني أقدار هم فهم الذين يجدّدون بناء المجتمع Les‏ يبشنون من 
أفكار ويبرون من آراء ويوجدون من مبادئ وهم الذين يلائمون بين حاجات الأمم ومقتضيات 
الزمان فيطليون أعمارها ويباعدون بينها وبين الضعف والانحلال à‏ فلولا كان من القرون 
من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا SU‏ ممن أنجينا منهم واتبع الذين 
ظلموا ما CT‏ فيه a‏ مجرمين * وما كان ربك ليهالك القرى بظلم وأهلها 
مصلحون ٠ .' ١١4‏ قال يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله وا o gi‏ وأطيعون “لبر 
لكم من ذنوبكم ويؤْخركم إلى أجل مسمّى إن أجل الله إذا جاء لا يوْخَّر لو كنتم تعلمون OS‏ 

والأنبياء في القرآن هم الذين يهيّئثون الأمم للتقدّم ويجعلونها قادرة على sag‏ 
آثار الماضي وهم حين يندرون تفقد الأمة هذه القدرة فتنوء بها العادات وتثقلها التقاليد حتى لا 
ra‏ ال ل د فد م 
الحياة « لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون 4( 


.١١١ ١١١ سورة هود الآيتان‎ )١( 
۲ سورة نوح» الآيات‎ (Y) 
À AN سورة يس»‎ (Y) 


۹۸ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


والأنبياء à‏ في القرآن هم الذين يهبون للامة الوحدة فيجمعون ما Go‏ من شملها 
بتوحيدهم للعقائد وإحالتهم لها إلى قوة دافعة يصدر عنها الأفراد والجماعات حين يفكرون 
ويعملون فتفسر المسائل حينئذ تفسيرا يوحد بين وجهات النظر في الأفراد فلا Gi‏ بينهم 
الأهواء أو تتوزّعهم العواطف وتكون المبادئ إذ ذاك كالنور الذي يضيء الطريق ويهدي 
إلى السبيل القويم ‏ وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا ند | السبل فتتفرق بكم عن 
سبيله ١١4‏ » يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا 4 2 
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور 4 « يا Jai‏ الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ما 
كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله 
ل د كدق E‏ إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط 

DE مستقيم‎ 

والأنبياء ينبتون Ga‏ طبيعياً فهم من البيئة وليسوا بالغرباء عنها. هم من جنس القوم 
فلو كان سكان. البيئة من الملاتكة لكان AS ES‏ قل لى كان في الأرض ما يمشون 
مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا 4 /. بل هم إخوانهم المتحدّثون بلسانهم فنبي 
قوم عاد أخوهم هود ونبي قوم ثمود أخوهم ماع وني مين أخوهم شعيب. # كذبت قوم 
نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا ١ NG off‏ كذبت قوم لوط المرسلين * إذ 
قال لهم أخوهم لوط ألا تثقون NG‏ كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا 
تقون 4^ el‏ [ كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا 


سورة الأنعام » الآية NON‏ 
سورة النساءء AVE ANY)‏ 


dt uO سورة الشعراع. الآيتان‎ À 
.١١١ ٠١١ نفس السورة. الآيتان‎ 
ANVE INE نفس السورة» الآيتان‎ 


O) 

(1) 

.٤٤ AN (1) 

.١5 10 نفس السورة الآيتان‎ (£) 
D (e) 

(7) 

(۷) 

(A) 


44 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


تتقون à Og‏ وما أرسلنا من رسول )9 بلسان قومه ليبيّن لهم فيضل الله من يشاء ويهدي 
من يشاء وهو العزيز الحكيم 4(". 


والأنبياء ولدوا في البيئة وخالطوا الأهل والعشيرة وقلّدوهم في كل ما يقال وما Jai‏ 
وهم أطفال حتى لقد آمن بعضهم بما تؤمن به البيئة من عقيدة ودانوا لما تدين له من رأي 
وعبدوا ما تعبد من إله ولعلهم قد أتوا من ضروب التقديس والإجلال بما تأتّى ولعلهم قد تركوا 
منها ما تذر وما تدع فموسى مثلاً قد تربّى في حُجر فرعون فتأثر به ويدينه ‏ قال ألم di‏ 
فينا وليدأ ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين * قال 
فعلتها إذا وأنا من الضالين 4" '. وشعيب عبد ما يعبد قومه p‏ قال الملأ الذين استكبروا من 
قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا 
كارهين * قد افترينا على الله كذباً إن عدنا من ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن 
نعود فيها الا أن يشاء اند Lis‏ وسع Lis‏ كل شي ۶ علما على الله توكلنا ربجا افع is‏ 
وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين 04 )بز الرسل يها ورن NG,‏ هو اقا دة 
go‏ على هذا المنوال ‏ وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في 
ملتنا Og‏ 

كان سلطان هذه الأشياء على الأنبياء عظيما يوم لم يكن لهم من أمرهم شأن غير 
التلقين والتقليد فلما أن بلغوا أشدّهم واستووا أتتهم البينة من ربهم وعند ذلك رأوا غير ما ترى 
البيئة وقدتّروا غير ما AE‏ فيوسف ترك دين قومه « إني تركت Ala‏ قوم لا يؤمنون بالله وهم 
بالآخرة هم كافرون 4 -l‏ ومحمد les‏ الله عليه plus‏ نهى عن عبادة غير الله لما جاءته 
البيّنة « قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البيّنات من ربي 


.٠٤١ ٠١١ GAI سورة الشعراءء‎ )١( 
ne سورة إبراهيم› الآية‎ (Y) 

Ye VA سورة الشعراءء الآيات‎ (Y) 
AA ۸۸ سورة الأعرافء الآيتان‎ (£) 
AY AN seal l سورة‎ (°) 

NY AN) سورة يوسف»›‎ (3) 


القيم الاجتماعية والنفسية 


وأمرت أن أسلم لرب العالمين OS‏ 

كانت البيئة في حالة تشبه الفساد إن لم تكنه فهفت نفوس أفرادها إلى الأنبياء ومتت 
نفسها بالاستجابة لهم والإيمان Le‏ يدعون إليه من رأي أو عقيدة ‏ وأقسموا بالله جهد أيمانهم 
لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم p NG‏ وإن كانوا ليقولون * لو ان عندنا 
ذكراً من الأولين * لكثا عباد الله المخلصين 74). p‏ يا Jai‏ الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن 
لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله 
على كل شيء قدير 4 . 

بل لعلها كانت تتطلّع إلى فرد بعينه وشخص بذاته تعقد عليه الآمال وترجو أن يكون 
مخلصها من الشر ومنقذها من الضلال ١‏ قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوآ قبل هذا 4(. 

رجت فاستجاب لها ربها واصطفى faal g‏ من أبنائها وأرسله ليكون لها هادي وبشيرا. 
أرسله فاستجاب له قوم ونفر die‏ آخرون وحدث ما يحدث في كل دعوة من وجود مؤيّدين 
ومعارضين أو مؤمنين وكافرين فكانت الفرقة وكان الانقسام. 


(Y)‏ الانقسام 
والانقسام في الجماعة نتيجة حتمية للاختلاف في الآراء والتعصّب لها. واختلاف 
الآراء والتعصب لها أمران gias‏ كلما دعا داع أو ha‏ بالإصلاح رسول ‏ كان الناس أمة 
واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما 

اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البيّنات بغياً agin‏ فهدى الله 


.55 سورة غافرء الآية‎ )١( 

HA AN c JA سورة‎ (ï) 

.٠١۹ — VY سورة الصافات» الآیات‎ (Y) 
.١5 سورة المائدةء الآية‎ (£) 

)°( سورة هود» الآية JAN‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم Ng‏ 
ويصور القرآن هذا الاختلاف على أنه الناموس العام الذي أراده الله للناس à‏ ولو 
OC‏ سج ا ار ak E‏ 

خلقهم O4‏ 
نا موسي الكتاب فاختلف فيه ولول كلمة سبقت من ربك لي بيهم وانهم لفي شك مه 
مريب 4. وفي قوم عيسى p‏ ولما جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكام 
بعض الذين تختلفون فيه فائقوا الله وأطيعون * إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط 
مستقيم * فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم OS‏ . وفي فوم 
صالح à‏ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون Og‏ 
بل في قوم كل نبي من الأنبياء « وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً 

OV ونصير]‎ 

بل قد لا نعجب إذا امتد ji‏ هذا الناموس إلى ما هو أبعد غورآ وأكثر عمقاً فلا نعجب 
Se‏ حين نلمس أثره في الأسرة الواحدة وفي البيت الواحد حين نرى فرعون في وادٍ وزوجته 
في آخر P‏ وضرب الله Sa‏ للذين آمنوا امرأة فرعون كلد رب ابن لي عندك Lis‏ في 
الجنة ونجتي من فرعون وعمله ونجثي من القوم الظالمين 4. وحين نرى نوحا ينادي 


NY AN البقرة»‎ 6 ةروس)١‎ 
NA — VA جور فود ايفان‎ y 


0) 

(Y) 

(۳) ذ نفس السورة» الآية AFI‏ 
)£( سورة AH‏ الآيات 1Y‏ — 
)°( سورة 3 النمل» AN‏ ه5. 
)3( سورة ة الفرقان › الآية 3 
(Y)‏ سورة ca jail)‏ الآية JAN‏ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


ابنه بقلب مفطور # ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولاتكن مع 
SSS a a Ve a‏ 
رحم Lagin Jlag‏ الموج فكان من المغرقين NK‏ 


وحين نرى إبراهيم عليه السلام يحاول أن يهدي أباه فيعجز ويعتزله وقومه وما 
يدعون من دون الله à‏ يا أبت لم تعبد Le‏ لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * ياأبت 
إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني daj‏ صراطاً Gou‏ * يا أبت لا تعبد الشيطان إن 
الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون 
للشيطان وليآ * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني Gla‏ * 
فال سلام Ja de‏ لك ري CE A‏ بي Bis‏ * واعتزلكه وما تدعون Ga‏ دون الله 
وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا 4 ايل قم لا تخت دا لسا از ذلك (nai‏ 
في ذلك الموقف الفرد الذي يقف فيه ولد من والديه موقف الخصومة يدعوانه فلا يستجيب 
ويصم أذنيه عن الدعاء: ذلك الموقف الذي يقطر فيه البر والحنان من جانب والقسوة والعشف 
من آخر والذي يصوّره القرآن أبلغ تصوير فيملاه بالحركة والقوة والعواطف الهائجة 
والانفعالات الثائرة ويعبّر عنه بصيّغ لم تخلق إلا لهذا الموقف وأمثاله D‏ والذي قال لوالديه 
أف لكما أتعدانني أن EG AET‏ يد الله ويلك آمن إن وعد 
الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين 4( 


joue Gi JAN aus la y‏ .هذا E (à a JAAN‏ فب يل فى 
حياة الأسرة الواحدة وفى المنزل الواحد بل قد يجاوز كل هذا إلى أثر ذلك الناموس في الحياة 
الفكرية للفرد حين تتنازعه العوامل بين قديمه والجديد وحين تتسلّط عليه الخواطر فيصيبه 
القلق > وإذ قال e‏ رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن 
قلبي قال فخذ. .. 4 


| سورة هود» الآيتان ET — éy‏ 
| سورة مريم» الآيات à)‏ = 
( سورة NY AN) Aa)‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


BA oi ls‏ مز :هذا الداموين: اماع :عفدا الوه فق تفن À ag‏ قي كن 
الجماعة وإنما يعدوه إلى شرح علله وأسبابه ويرينا من كل هذه الأمور ما هو من عوامل 
التقدّم والتجديد وما هو من عوامل الجمود والتقليد وهو يربط كل ذلك بظواهر اجتماعية هي 
من النواميس التي لا تتخلف. ولعل أحسن ما وقفنا عليه منها هو ما يأتي: 

)|( الحالة المعيشية: والنظرة الأولى فيما صور القرآن من عوامل Us‏ دلالة قوية 
على أن الأخنياء يفتون ذائما في وجه اتر ات وها أزملنا في قرية من D‏ إلا فال 
مترفوها ÙJ‏ بما أرسلتم به كافرون (UE‏ وأنهم يكونون كتلة المعارضة التي تحارب الأفكار 
الجديدة والتي تنفق الأموال الضخمة في سبيل القضاء عليها بصد الناس عنها ومحاربة 
و ا E‏ 
الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون 04 


والنظرة الأولى أيضا تبيّن لنا أن الفقراء على العكس من ذلك فهم الذين يس تجيبون 
للأنبياء وهم الذين يؤمنون بالدعوات وهم الذين يقفون إلى جانب الرسل ينصرونهم ويشذون 
أزرهم حين يكونون في حاجة إلى الأنصار والأعوان ثم هم الذين يدافعون عنهم ويعصون 
أمر مخالفيهم حين يكون الجدل والحوار. فالمستضعفون من قوم صالح هم الذين لبّوا دعوته 
وصدقوا رسالته وآمنوا ela Le‏ به من دين جديد à‏ قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين 
استضعفوا لمن agia Gal‏ أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه قالوا إتابما أرسل به 
مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي aiid‏ به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر 
ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين (VS‏ 

وتتعقد الأمور دائما بين الفقراء والأغنياء كلما دعا داع أو جاء رسول بدين جديد. 
ومن هنا نرى تلك الخصومة التي تقوم بين الأغنياء والفقراء أو المستضعفين والمستكبرين. 
كما نرى الأغنياء يعيرون الرسل بانضمام الفقراء إليهم وأنهم أول Ge‏ استجاب للدين 


)\( سورة سبأء NANI‏ 
(ï)‏ سورة الأنفال» الآية AR‏ 
(Y)‏ سورة الأعراف» الآيات Vo‏ — /الا. 


القيم الاجتماعية والنفسية 


الجديد à‏ وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي 04 . بل يذهبون إلى أبعد من هذا 
ويرون أن دخول أمثال هؤلاء الفقراء في الدين هو الذي يحول بينهم وبينه وهو الذي يمنعهم 
من الإيمان والتصديق ‏ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون NG‏ ومن هنا نراهم يطلبون إلى 
الأنبياء طرد الفقراء من مجالسهم وتنحيتهم عن أن يكونوا عقبات في سبيل هؤلاء الأغنياء. 
وهنا jones‏ لنا القرآن رفض الأنبياء خوفاً من عقاب الله أو حرصا على مصلحة الدعوة 
ونصرة الدين. D‏ وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين 4ء ولا تطرد الذين 
يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك 
عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ٠)‏ »> © ويا قوم من ينصرني من الله إن 
طردتهم أفلا تذكرون 4(“ 

وتعليل هذه الظاهرة الاجتماعية أو هذا الموقف من كل من الأغنياء والفقراء ليس 
بالشاق ولا بالعسير. فالقرآن نفسه يشير إليه في أكثر من موطن ويرشد إليه كلما وجد إلى ذلك 
السبيل. ومن هنا تعدّدت العلل واختلفت باختلاف المواطن ولعل من أهمها ما يلي: 

أن الغنى dass‏ أمون: ,الان مير ة وحتاجاتهم مقضية Jens‏ مدق ngala end‏ 
الاستمتاع بما في الحياة من لذائذ وطيبات ولذا يجنح الأغنياء إلى الراحة ويخلدون إلى السكينة 
ويطمئنون إلى ما هم عليه من حال فلا يحاولون تغيير أوضاعهم ومن هنا لا تخفق قلوبهم 
بحب الإصلاح ولا تنجذب نفوسهم أو تطمئن قلوبهم إلى التجديد من الدعوات. à‏ بل مثعت 
هؤلاء وآباءهم حتى Gal paela‏ ورسول مبين * Laly‏ جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإتا به 
كافرون 4/ .١‏ 


) ( سورة هود.ء الآية NY‏ 

ANA AYI سورة الشعراءء‎ (Y) 

NYO ١١١ نفس السورة» الآيتان‎ (Y) 
(9) 
(e) 
() 


1 سورة الزخرف› الآيتان Ye = NA‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وكلما طال على الأغنياء الأمد وامتد بهم الزمن تولّدت في نفوسهم محبة الحياة وقويت 
في نفوسهم الأثرة وخيل إليهم أن قد كتب لهم الخلود. à‏ قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن 
نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قومآ بورا Ng‏ 
ومن هنا نرى القرآن يعمد إلى تخويفهم وزعزعة هذه الأسس من قلوبهم re‏ 
pes‏ إلى ای Ca load cos‏ اطراقها و بل Usa‏ فلا partis‏ ی طل pe‏ 
العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون 4. وإلى أن عذابهم 
في الآخرة سيكون قويا عنيفا ف حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجارون * لا تجاروا 
ns‏ ل ل ل a‏ 
مستكبرين به سامراً تهجرون Ng‏ 


pete LE قد‎ agi الفقراء فيسيرون على العكس من هؤلاء في هذه المواطن‎ Li 
الزمن وألهبتهم ضرورات الحياة ففكّروا في أمورهم وتمئوا حالة أسعد من حالتهم وراموا‎ 
كي لمت كيال ال قل مسقو ليد وون‎ las سل العيدن ول الحا فا لن‎ 
وقاربت الآمال أن تصبح حقائق ومن هنا يستجيبون لعل السعادة أن تقبل بعد إدبار ولعلها أن‎ 
NE sa كار ضوع ف ملرزا‎ 

والغنى يدفع إلى الكبر والاستكبار والعناد: à‏ ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات | n‏ 
تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كن لم يسمعها كان فى لذنيه وقسرا N'a‏ 
à‏ كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى 4ء ٠‏ كلا إنه كان لآياتنا عنيدا Og‏ 
والمتكبّرون عادة يضيقون بالدعاة وينالونهم بالأذى حتى ولو رأوا أن ما جاءوا به هو الحق 


YA AN سورة الفرقان»‎ )١( 
UE AN سورة الأنبياء.‎ (ï) 
سورة المؤمنون» الآيات 515 ل‎ (Y) 
.۸ V سورة الجاثية» الآيتان‎ (£) 
A الآيتان‎ c lad سورة‎ (°) 

)1( سورة المدثرء الآية .٠١‏ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


وما دعوا FR‏ د à‏ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا فانظر كيف 
كان عاقبة المفسدين OS‏ 


والفقر يذل النفس ويخضع هام الرجال ولذا يكون الفقراء أيسر إقناعا وأسهل انقياداً 
وأسرع إيمانا بالدعوات ا وبرزوا لله جميعاً فقال الضعفاء للذين استكبروا إثا كنا لكم تبعاً 
هل اننم مغلون عا من غذاب ا هن تيء قالوا لو هدانا اند لهديتاكم اء عليدا أجز عنا 
آم Li Le Line‏ من ٠ >» “aapa‏ وقالوا ربنا Li‏ أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا 
السبيلا 4ء ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول 
يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم US‏ مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين 
استضعفوا أنحن صددناكم عن عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين 
استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً 
وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما 
كانوا يعملون (VS‏ 

LUE, RC as butte‏ كلت الام قسن كدق 
وينمّي فيهم محبة المألوف والعادي à‏ وكذلك La‏ أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلآ قال 
مترقوها ا وجنا آباءنا على آمة Go‏ غلى اكارهم مقتدون: * كل أو لو تك cal‏ مما 
وجدتم عليه آباءكم قالوا Les il‏ أرسلتم به كافرون 4 ثم إن الغنى يدفع إلى الاحتفاظ 
ملك والرياسة ويحض علي اكتساب SA, LS‏ قلوا Hs‏ عم وجدنا عليه 
آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين 04 


.١ 5 سورة النمل» الآية‎ )١( 

NIN سورة إبراهيم› الآية‎ (ï) 

.517/ ANT سورة الأحزاب,‎ (Y) 

)£( سورة سبأء الآيات FY YA‏ 
)°( سورة الزخرف› الآيتان NE NT‏ 
)1( سورة يونس» الآية VA‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ومن هنا يتطيّرون بالدعاة ويتشاءمون منهم ‏ قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم 
عند الله بل aii‏ قوم ثفتنون ING‏ ويعتقدون أن الرسل من الذين يفسدون في الأرض ولا 
يصلحون à‏ وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو ان 
يظهر في الأرض الفساد OS‏ 

والفقر لا يدفع إلى الحرص على شيء فلا مال ولا جاه ولا نفوذ ولا سلطان والفقر لا 
يؤدي إلى الاستقرار وإذا فلا خضوع إلى رأي بعينه ولا استقرار للتقاليد والعادات وبالجملة 
فالفقراء في حالة لا يُحسّدون عليها ولن تطلب agia‏ أكثر من des‏ الله الذي لا يُحمد على 
مک فشو ان 

(ب) الحالة الثقافية والفكرية: إن تهيئة الأذهان لموضوع الدعوة أو المبادئ الجديدة 
له قيمته الفعّالة في قبول هذه الأشياء كما أن ترك النفوس غفلا والأذهان خلاء هو الذي يدفع 
إلى إنكار هذه المبادئ والآراء وهذا الأمر هو الذي أشار إليه القرآن حين قال 8 تنزيل العزيز 
الرحيم * لتنذر قوماً La‏ أنذر آباؤهم فهم غافلون * لقد حق القول على أكثرهم فهم لا 
يؤمنون * Li‏ جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون * وجعلنا من بين 
أيديهم fau‏ ومن خلفهم fau‏ فأغشيناهم فهم لا يبصرون * وسواء عليهم أأنذرتهم al‏ لم 
تنذرهم لا يؤمنون * إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر 
كريم ANK‏ إذ الواضح من هذا النص أن الذين سيتبعونه إنما هم الذين استعدّت نفوسهم 
وتهيّأت عقولهم أما أولئك الذين لم agi‏ النذر أو لم تنزل عليهم الكتب فهم أبعد الناس عن 
الإيمان والتصديق. 

وليس الأمر في هذه المسألة Lala‏ بمَّن خشي الرحمن بالغيب بل هو خاص 
بالاستعداد Gi‏ كان هذا الاستعداد ولذا نرى المشركين تصغي أفئدتهم لما ته أت له عقولهم 
وذلك واضح من قوله # وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم 


)\( سورة النمل» الآية .٤١‏ 
(ï)‏ سورة غافر› NANI‏ 
(T)‏ سورة يس» الآيات 5ه .١١‏ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون * ولتصغى إليه 
أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون NG‏ 

والذين يهيّئون الأذهان لهذه المبادئ Laf‏ هم الرسل وما ينزل عليهم من كتب أو هم 
العظماء وما ينشرون من أفكار ولذا نرى القرآن يتعجّب من موقف المشركين من محمد عليه 
السلام ويرى أنه قائم على غير أساس لأن الأساس السليم في مثل هذا الموقف إنما هو ذلك 
الذي يعتمد على الرسل والكتب ولذا نراه يقول D‏ وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات قالوا ما هذا 
إلا رجل يريد أن يصدكم عما يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا أفك مفترى وقال الذين كفروا 
للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين * وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم 
قبلك من نذير OS‏ 

كما يدل في غير هذه الآيات على أن مهمة الرسل إنما هي الهداية والإنذار وقال 
تعالى « أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم 
يهتدون OU‏ 

والأمر في المسألة يرجع من الوجهة النفسية إلى أن الإنسان jata‏ ظواهر الوجود Lu‏ 
يعرف من أفكار وآراء إذ هو يربط ما يحس Le‏ يعرف أو يربط غير المفهوم بالمفهوم ومن 
ها cs JU‏ التفسيرات AQU,‏ عند الذين يدينون تار اء :و احدة أو Cast ca has, gite‏ 
كبيراً حين يتباين ما في أدمغة الناس من أفكار وآراء. 

والأمر لا يقف عند هذا الحد بل تتبعه حالة نفسية أخرى هي أن المؤمن برأي ما 
يعتقد بحيازته للحقيقة المطلقة فيرى نفسه المصيب وغيره المخطئ وذلك واضح في القرآن 
وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم 
)١(‏ سورة الأنعام» الآيتان .١١١ ١١١‏ 


.55 57 سورة سبأء الآيتان‎ (Y) 
NANI سورة السجدة,‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا 
فيه يختلفون OS‏ 

ومن هذين نرى أمرآ ثالث هو لتكون الثقافة نافعة ومفيدة للدعوات الجديدة يجب أن 
تكون بينها صلة فيبنى الجديد على القديم. وكلما ازدادت هذه ilal‏ خلقت جوا عاطفيا يقوّي 
الآراء ويمكّن لها. وكلما ضعفت هذه الصلات أو تلاشت قابلت النفس الجديد بفتقور أو 
بإعراض ونفور. والواقع العملي والآيات القرآنية يويّدان هذه الحقيقة النفسية فقد آمن المدنيون 
أو كانوا أسرع إستجابة لأن الدعوة الإسلامية كانت متقاربة أو متشابهة لما يألفون وعلى 
العكس من ذلك كان المكيون الذين باعدت الوثنية بينهم وبين ما يُراد منهم من توحيد. والآيات 
القرآنية تقول بوجود الصلة بين الكتب المُنزلة كما تصوّر ذلك الجو العاطفي الذي يظهر حين 
تثفق الآراء وتتشابه أو تختلف وتتباين فيكون الاستبشار Ma‏ من القوم حين يسمعون ما يتفق 
وأهواءهم وتكون النفرة والاشمئزاز حين يسمعون ما ينكرون à‏ وإذا ذكر الله وحده اشمازت 
قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون 4ء وإذا ما 
أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم 
يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم 

ولعل هذا هو السر الذي من أجله عتب القرآن على أهل الكتاب وعاب منهم موقفهم 
من محمد مع وجود الصلة وقوة المشابهة à‏ قل يا Jai‏ الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله 
شهيد على ما تعملون * قل يا Jai‏ الكتاب لم تصدون عن سبيل الله Ga‏ آمن تبغونها عوجاً 
aii g‏ شهداء وما الله بغافل عما تعملون (VS‏ 
3 كما اعتذر عن موقف المشركين من أنه لم ينزل عليهم GOS‏ ولم يرسل إليهم رسولا. 


.٠١١ سورة البقرةء الآية‎ )١( 

.£0 AN AH سورة‎ (ï) 

YO ٠۲٤١ سورة التوبةء الآيتان‎ (Y) 
44 — AA سورة آل عمران» الآيتان‎ )٤( 


القيم الاجتماعية والنفسية 


شك في أن الثقافة تجعل العقلية مرنة وتهيّئ الإنسان لفهم الكثير مما يعرض عليه وقبوله في 
إسماح ويسر وأن وجود الأفكار المعارضة أو الجهل بموضوع الدعوات يجعل قبول الإنسان 
لها GLS‏ عسيرا. 

(z)‏ سلطان الآباء والأجداد: وسلطان التقاليد له قيمته في كل أمة من الوجهة 
الاجتماعية ذلك ANY‏ المساك الذي يتقل الأمة عن أن تكون ريشة في مهب الرياح وهو من هذه 
الناحية ذو فائدة كبيرة للأمة مهما يكن حظها من التقدّم والرقي. إلا أنه قد يكون حجر عثرة 
في سبيل الأمة فيثقلها عن أن تنهض ويجرها إلى الوراء ويجعلها تلتفت دائما إلى ما ورثته 
من كرالك عن اعم الأجذاد ae Cal‏ رراضية.مطمتتة .وهو م هذة الناكية كرون AJ‏ شن 
آيات الرجعية ودليلاً من أدلة الجمود. ولذا كانت خير الأمم تلك التي تقف بين هذين فيكون لها 
من التقاليد ما يحفظها من الذبذبة وعندها من القدرة على التخأص من سلطان هذه التقاليد ما 
يجعلها مرنة طيّعة تسير حين يُكتب لها النهوض أو تستحث عليه بخطى ثابتة. 

والعوامل التي تهب للأمة هذه المقدرة كثيرة لعل أهمها وجود الأبطال وقد سبق لنا أن 
تحدّثنا عن آثارهم في هذه الناحية ويعنينا الآن أن نذكر الجانب المقابل الذي يقعد بالأمة عن 
النهوض ويكتب عليها الجمود ويجعلها غير قادرة على الحركة والسير في مضمار الحياة وهو 
سلطان التقاليد أو سلطان الآباء والأجداد.. 

يتفاوت هذا السلطان في الأمم بتفاوأت الأطوار التي مرت بها من حيث السلم 
الحضاري فهو في الأمم الصناعية والتجارية Sie‏ أخف وطأة منه في الأمم الزراعية والراعية 
وهو في هذين وبخاصة الأخيرة ذو سلطان قوي مكين ذلك لأن النظام الذي يقوم في مثل هذه 
البيئة La‏ هو النظام الرعوي والنظام الرعوي بحكم طبيعته يمكن لسلطان التقاليد وهذا هو 
الواضح من تصوير القرآن وهذا هو الذي أقعد الكثيرين من أبناء الأمة العربية عن الاستجابة 
فإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا 
عليها آباءنا والله أمرنا بها وإذا قال لهم تعالوا إلى أهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا Ù‏ بما 
أرسلتم به كافرون ويكرر القرآن الآيات التي تدل على سلطان هذه التقاليد 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ويذكرها على ألسنة أقوام 0 المختلفين فيذكرها على لسان قوم إبراهيم حين يقولون *# بل 
وجدنا آباءنا كذلك يفعلون 4 l‏ وعلى لسان قوم هود D‏ إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن 
بمعذبين cles Ÿ ١4‏ لان قوم موسي ,حون عجو من دعوته لهم و ملتهم ترد كيادة CHI‏ 
b‏ قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا 4" لفكتي Hs pe ane‏ لل لهم تحار 
إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباعنا 74 > à‏ وإذا قيل لهم اتبعوا 
ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا 4 وهكذا نستطيع أن نقول إن التفاوت في 
كل من الثروة والثقافة والطور الحضاري يساعد على الاختلاف والانقسام في الرأي حين 
تنبت دعوة أو يظهر بطل جديد وأن هذا الاختلاف أو ذلك الانقسام يؤديان إلى نتيجة أخرى 
هي الصراع ذلك لأن النفس الإنسانية لا تطيق المخالف. 


(Y)‏ نفس المؤمن لا نطيق المخالف 

وهذا ناموس نفسي يصوّره القرآن حين يقول « تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 
منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس 
ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن PORT‏ 
آمن ومنهم ÀS Ga‏ ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد 4( E E‏ 
وتأثيره حين يهدّد المستجيبين لوحيه والخاضعين لسلطانه بقوله # إن الذين يكفرون بآبات 
الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب 
qe‏ 


.V£ AN cp) idi ة‎ gyn \ 
NYA ¬ ۷ نفس السورة» الآيتان‎ ۲ 


(۱) 

i (Y) 
.VA ANI سورة يونس»‎ (Y) 
de ٤ AN سورة المائدة»‎ (£) 
Y\ AN سورة لقمان»‎ (0) 
NON سورة البقرة, الآية‎ )1( 
NYAN) سورة آل عمران»‎ (Y) 


القيم الاجتماعية والنفسية 


ويظهر لنا أن السر في هذا إنما يرجع إلى أن الإيمان يخلق في النفوس جوا Dalle‏ 
كوم اب وى اما 1 مح TO TI‏ 
à‏ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبّونهم كحب الله والذين آمنوا أشد Ga‏ لله Og‏ 


هذا الجو له أثره في كل من الأفراد والجماعات فهو الذي يدعوها إلى هذا الموقف من 
المخالف وهو الذي يضطرها إلى الفتك والاضطهاد. 

فأولا: يدفع هذا الجو المؤمن أيا كان دينه إلى كراهية من ينال معتقداته بأذى أو يممتها 
بسوء فالمشركون Se‏ يكادون يزلقون النبي بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون 
والكفرة يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آيات ربهم ‏ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف 
في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا 4 ). وأهل الكتاب 
جاءتهم الرسل بغير ما تهوى أنفسهم ففريقا كذبوا hs‏ يقتلون $ أفكلما جاءكم رسول Y Lay‏ 
تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون OS‏ 

وثانيا: يدفع هذا الجو المؤمن إلى الإحساس Ab‏ على Gal‏ وغيره في ضلال ولذا لا 
يحس Le‏ في رأيه من خطأ حتى ولو كان واضحا للعيان ومن هنا رأت اليهود أن ليست 
النصارى على شي ورأت النصارى أن ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب # وقالت 
اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون 
EREA‏ الذين لا يعلمون Jia‏ قولهم فالله يحكم agin‏ يوم القيامة فيما كانوا فيه 
يختلفون Og‏ ومن هنا أيضا رأى قوم نوح أنه في ضلال p‏ قال E‏ 
في ضلال مبين * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين 4 OSTE‏ 
قوم KA‏ أن من اتبعه هم الخاسرون à‏ وقال الملا الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيباً 


.١56 ANI سورة البقرةء‎ )١( 

NY AN) aal سورة‎ (Y) 

AV الآية‎ 8 JE سورة‎ (Y) 

)£( نفس السورة» الآية .٠١١‏ 

)0( سورة الأعراف» الآيتان .5١ Te‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


E‏ لخاسرون 4 ويرى الذين أجرموا أن أتباع محمد ضالون ١‏ وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء 
لضالون 4 


والمؤمن وإن توجّع لعمى قلب من يخالفه p‏ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من 
ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون 4" DATE‏ عن 
حمل الناس بالقوة على الإيمان بمعتقده» إن وجد إلى ذلك السبيل. 

وثالثا: يخلق الإيمان في الجماعة نوعا من المشاعر تجمع شملها وتلم شعثها وتربط 
بين عناصرها وتجعلها سلسلة متشابكة من الحلقات. كما يبث الإيمان في الجماعة روحا 
تصدر عنها في أفكارها وآرائها وتبنى عليه مختلف التقاليد والعادات. ولذا تحرص الجماعة 
على هذه الروح وعلى تلك المشاعر لانها سر قوتها واية La je‏ ومنعتهاء ومن هنا لا ترضى 
الجماعة عن الشخص حتى يكون على دينها أو وفق هواها ل ولن ترضى عنك اليهود ولا 
النصارى حتى تتبع متهم 74 '. ومن هنا Laj‏ تكره الجماعة (ya‏ يشذ عنها أو يخرج Lele‏ 
حتى ولو كان نابغة أو Gie‏ وترى فيه نذير الشؤم وآية الضعف والانحلال ولذا تطير قوم 
صالح به وبمن معه à‏ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان 
يختصمون * قال يا قوم al‏ تستعجلون بالسيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم 
ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون 4.ورأى 
قوم هود هودا في سفاهة à‏ قال الملا الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإثا لنظتك 
من الكاذبين * قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين 4. وأحس 
فرعون أن موسى يريد أن يبدل دينه أو أن يظهر في الأرض الفساد à‏ وقال فرعون ذروني 
أقتل 


+ AN سورة الأعراف.‎ )١( 

Yy سورة المطففين › الآية‎ (ï) 

YA سورة هودء الآية‎ (Y) 

Nye AN سورة البقرة,‎ (£) 

)°( سورة النمل» الآيات £0 = .£V‏ 
)1( سورة الأعراف» الآيتان 55 Ay‏ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل أو أن يظهر في الأرض الفساد 4 وليس من شك في 
أن جزاء المفسدين والشواذ إنما هو الأذى ينالهم والعقاب يحل بهم b‏ إنما جزاء الذين 
يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتلوا أو يصلبوا أو ثقطع أيديهم 
وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض 4. وليس Le‏ هو أهون من ذلك عند الجماعات. 

هذه هي العلل التي نفسّر بها هذا الناموس وتبقى بعد ذلك ظواهره المختلفة تلك التي 
صورها القرآن في كثير من القصص والايات. 

dés‏ أن نسجّل هذه الظواهر نلفت الذهن إلى أن موقف المخالف يتبدّل في الجديد من 
الدعوات. ذلك لأن المخالف يكون في أول الأمر الرسول ومن اتبعه من المؤيدين والأنصار. 
ويكون في آخر الأمر مَّن تخلّف من الجماعات عن اللحاق بها واتباع دينها الجديد. ونبدأ هنا 
بتصوير مظاهر الشق الأول وما يؤيّده أو يعارضه من أسس ونواميس. 

ويكون الرسول هو المخالف Ya‏ ومن هنا يناله الأذى وينزل به العقاب وتبدأ هذه 
الأشياء هينة فتكون Ets NL A ESS‏ :لوول وول اتبعه أمثال هذه الكلمات. 
à‏ أهذا الذي بعث الله رسولا 4 | » أهذا الذي يذكر آلهتكم 74 '. « أهؤلاء من الله عليهم 
من بيننا 4 ويخرج القرآن بهذه المسألة من أن تكون خاصة بالنبي العربي فيصوّرها على 
أنها من الأذى الذي ينال الرسل في كل زمان ومكان ‏ ولقد أرسلنا من قبلك في شيع 
الأولين * وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون 04 

ويمضي الرسول في دعوته فيمضي القوم في إيذائهم فترى التهديد بالكثير من ألوان 
العقاب فنرى التهديد بالرجم à‏ قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك 


سورة غافر» AN‏ ككل 
سورة المائدة» NG AN)‏ 


7( سورة الحجرء الآيتان .١١ ٠١‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


واهجرني مليا 4 قالوا لنن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين 4 > « قالوا إتا 
Ughi‏ بكم Où‏ لم تذ تنتهوا لنرجمنكم وليمستنكم منا عذاب أليم 4 . وترى اباي باون 
فيقول فرعون لموسى D‏ لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين 04. 


ونرى التهديد بالإخراج من الأرض فيقول قوم شعيب ل لنخرجنك يا شعيب والذين 
آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا PE‏ ' ويقول قوم لوط où à‏ لم تنته يا لوط لتكونن 

من المخرجين 4 . ويقول الكافرون لرسلهم D‏ لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في 
a‏ ويفعل مثل ذلك المشركون في مكة # وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك 
منها Ng‏ 

ونرى التهديد Jill‏ وحده أو مع التمثيل بالجثث plus‏ أو بالإحراق فيقول قوم 
ui‏ الوم نت أو حرّقوه 4 ويقول فرعون لقومه D‏ ذروني 
أقتل موسى وليدع ربه CE‏ 


كما نرى المؤامرات ومحاولة الاغتيال في قصة صالح « ولقد أرسلنا إلى ثمود 
أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال يا قوم al‏ تستعجلون بالسيئة 
قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند 


JEN الآية‎ cana سورة‎ )١ 
ANTAY سورة الشعراءء‎ (Y 
VA ANT سورة يسء‎ (Y 
JA سورة الشعراء الآية‎ )٤ 
AA سورة الأعراف» الآية‎ (0 
.۷ سورة الشعراء الآية‎ (3 
AYANI سورة إبراهيم›‎ (y 
NG سورة الإسراء الآية‎ (A 
؟.‎ 5 ANT سورة العنكبوت»‎ (4 
NANI سورة غافرء‎ )٠ 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 


القيم الاجتماعية والنفسية 


الله بل أنتم تفتنون * وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا 
تقاسموا 200117 لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإثا لصادقون * ومكروا 
مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم Li‏ دمرناهم وقومهم 
أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية Les‏ ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون OS‏ 

وتأخذ هذه الأشياء à‏ في النهاية مكانها من الواقع فيكون م ا ل 
العربي (١‏ واقتلوهم حيث ثققثمو هم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم NK‏ وكما حدث لإبراهيم 
فقد ترك قومه وهاجر حين استعصى عليه هدايتهم b‏ فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي 
إنه هو jajal‏ الحكيم "١4‏ بوساح ونيد عدث لبد كا مال قد كما N‏ 
« الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله 74 '. } للفقراء المهاجرين 
السذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وينصرون الله 
ورسوله 4. وكما حدث لموسى وقومه فقد خرج من مصر مهاجرا بدينه وأتباعه à‏ ولقد 
فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم * أن أدوا إلى عباد الله إني لكم رسول أمين * 
وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين * وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون * وإن 
لم تؤمنوا لي فاعتزلوا * فدعا ربه أن هؤّلاء قوم مجرمون * فأسر بعبادي ليلا إنكم 
متبعون * واترك البحر رهواً إنهم جند مغرقون NK‏ 

ويكون الإحراق كما حدث لإبراهيم D‏ قالوا ابنوا له بنيانا فالقوه في الجحيم * 
فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين à NG‏ قالوا حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * 


JON _ £0 سورة النمل» الآيات‎ )١( 
NAN AN) سورة البقرة»‎ (ï) 

YT سورة العنكبوتء الآية‎ (Y) 

6 AN EN) سورة‎ (£) 

)°( سورة الحشر› الآية AN‏ 

)1( سورة الدخان» الآيات YE ۱١‏ 
(Y)‏ سورة الصافات» الآيتان JANTAN‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


قلنا يا نار كوني fau‏ وسلاماً على إبراهيم 4. وكما حدث بالمؤمنين في قصة الأخدود 
JE à‏ أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون 
بالمؤمنين شهود * وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا dit‏ العزيز الحميد OS‏ 

ويكون القتل كما حدث لزكريا ويحيى فيما يروي المفسّرون عند تفسيرهم ET‏ تعالى 
3 أفكلما جاءكم رسول Las‏ لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون OS‏ 


ويكون في النهاية الاقتتال بين المؤيدين والمعارضين حين يكثر المؤيدون والأتباع. 


ويلقي هذا الناموس في روع الإنسان أن الدعوات مقضي عليها بالفشل وأن التجديد 
ضرب من المحال ذلك لأن الجماعة قوية بنفسها ثم هي لا تصبر على المجددين والدعاة وهو 
أمر يكاد أن يكون صادقا لولا وجود عوامل أخرى تحد من قدرته وتعطل من سيره وهي بهذا 
تفسح المجال abal‏ الدعاة والاتباع وكأن إرادة الله هي التي اقتضت هذا ليكون التقدم والتجديد 
ولئلا يتعطل الرقي في هذه الحياة. 

هذه العوامل كثيرة وواضحة فيما صوّر القرآن ونستطيع أن نسجّل هنا: 

أولا: ذلك الجو العاطفي الذي يسيطر على الجماعة Jus‏ الآراء والمعتقدات إذ على 
قدر قوته وضعفه يتوقف حرص الجماعة على المحافظة على ذلك التراث. كما يتوقف عليه 
غضبها على الخارج ونقمتها عليه ومن هنا لا يقدر النجاح للدعوات إلا إذا كان ما ستحل 
محله قد وهن وضعف بفعل الزمان وغيره من المؤثرات إذ عند ذلك يضعف غض بها وتقل 
نقمتها فلا يكون قتل أو اغتيال. ولعل ذلك هو الذي قصد إليه القرآن حين des‏ إرسال النبي 
العربي على فترة من الرسل يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم على فترة من 
الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء 


LA TA سورة الأنبياء» الآيتان‎ )١( 
الآيات : ام‎ GIH) سورة‎ (ï) 
AV AN سورة البقرة,‎ (Y) 


القيم الاجتماعية والنفسية 


Var‏ ' وحين جعل إرسال عيسى ليبيّن لهم الذي يختلفون فيه p‏ ولما pla‏ عيسى بالبينات 
قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الذي تختلفون فيه 4 | due‏ لا يكون اختلاف إلا إذا 
ضعف سلطان العقائد ووهن Bi)‏ الأديان. 


وهذا هو الواقع العملي في الدعوة الإسلامية فقد ضعف سلطان العقائد على aa‏ 
نتوين يفغل a y Rae‏ فتهردوا jas Les,‏ واركرا غيادة ا 
هفت نفوسهم: إلى الرسالة والكتاب فقالوا و Lo‏ لول aba‏ رو ') وقالوا « لو أن 
علدنا ذكرا من الأولين لكا عاد الله المخلصي €“ à‏ < وأقسموا بالله جهد إيمانهم لئن 
جاءتهم آية 4* ' à‏ ليكونن أهدى من إحدى الأمم 04 | وهكذا سبيل كل دعوة ودعاة. 

ثانيا: تلك الصلة التي تكون دائما بين الجديد والقديم من الأديان إذ تجعل الجديد غير 
غريب على البيئة وأهلها وهذا هو المعنى الذي أده القرآن حين شرع لمحمد ما وصى به 
نوحا لو شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إيراهيم 
وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه 04 
وحين جعل الكتب مصدقة بعضها لبعض من إنجيل وتوراة وقرآن à‏ وقفينا على آثارهم 
بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما 
بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين * وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن 
لم يحكم Las‏ أنزل الله فأولئك هم الفاسقون * وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه 
من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم Les agin‏ أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ERE‏ لطر الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم 
ستبقوا الخيرات 74) 


والواقع العملي من الدعوة الإسلامية يؤيّد هذا فقد كان موقف القوم من الجديد 
والغريب عليهم قويا عنيفا وحسبنا أن نذكر موقفهم من البعث ووحدانية الله على حين لم يكن 
في موقفهم من الحج أي مكابرة أو عناد. 

ثالثا: ونختم حديثنا عن هذه العوامل بالحديث عن تلك الصلة التي تكون بين الرسول 
زقومنه أو ad; lai‏ تلك الصلة القي:سيق لنا أن نها عنها us‏ فة بان الرسحول gi‏ 
القوم المتحدّث بلسانهم. .. الخ. إذ أن هذه الصلة تجعل البطل يستعذب الألم في سبيل هداية 
قومه وإصلاحهم فلا يفر من الميدان حين تلاقيه الصعاب أو تصادفه العقاب ذلك AN‏ يحس 
في قرارة نفسه أن إسعادهم هو الغاية التي ليست وراءها غاية والمطمع الذي ليس بعده مطمع 
NU,‏ ا و ا ل MA‏ ويد 
رسول من أنفسكم عزيز عليه ما piis‏ حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم 4 l‏ ومن هنا 
La‏ يعتب عليهم في كثير من الألم والمرارة فيرى agi‏ لم يفهموا أغراضه ولم يتبيّتوا 
مقاصده مع أنه لم يأتهم إلا ليخرجهم من الظلمات إلى النور وإلا ليهديهم إلى الطريق المستقيم 
وهو في سبيل كل ذلك يضحي بمنفعته وراحته ويكفيه أنه يسعد نفسه بهداية قومه إلى طريق 
ربه العلى العظيم. فشعيب لا يريد إلا الإصلاح P‏ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما 
توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب 14 | ومحمد يهدي إلى الصراط المستقيم D‏ وإنك 
لتهدي إلى صراط مستقيم 04 N‏ ارا SSS Gi‏ 
النور بإذن ربهم تف ا OR‏ صالح 


LEA — ET الآيات‎ aal سورة‎ )١( 
AYA سورة التوبة, الآية‎ (ï) 

AA سورة هودء الآية‎ (Y) 

JON ANI Jill سورة‎ (£) 

.\ AN seal l سورة‎ (°) 


القيم الاجتماعية والنفسية 


لا يسال قومه Toal‏ على الهداية b‏ وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب 
العالمين NK‏ . وموسى وهارون يقفان موقفا يتصورانه القتل في سبيل إخراج قومهم من مصر 
وتخليصهم من فرعون وما يلحقه بهم من ذل وهوان. ظ اذهب أنت وأخوك بآياتني ولا تنيا 
في ذكري * اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قول لينا لعله يتذكر أو يخشى * قالا ربنا 
إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى * قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى * فأتياه فقولا 
Ù‏ رسولا ربك فارسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جنناك بآية من ربك والسلام على من 
ابع الهدى KG‏ وهكذا سبيل المرسلين. 

وهذه الصلة نفسها تؤثر في نفس الجماعة فلا تعجل العقوبة لواحد منها وابن من 
al Sagah, A‏ يا et of ses J Es 4 E a à‏ 
قد اعترته بسوء D‏ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء 4 ولذا قد تلتمس له الطب 
er‏ 


عد ريدو وي ENES RARE‏ كتير اهما تقول وإثا 
لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك 04 | وهكذا تتدرّج من لين إلى شدة حتى يكون 
الاقتتال. 


وهكذا تكون هذه الصلة بين البطل والبيئة وسيلة فعالة في سبيل إنجاح الدعوات وإن 
كنا Bali‏ أنها تكون في النهاية عقبة في سبيل انتشار الأديان ولعل هذا هو السبب الذي من 
أجله حاربها القرآن فنحن نلحظ أنه فى النهاية جعل العاطفة الدينية فوق عاطفة القرابات 
فنهاهم عن مودة أقربائهم إذا كان ذلك على حساب دين الله وطلب إليهم أن يتخذوا من إبراهيم 
الأسوة الحسنة في هذا الميدان ا يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون 
إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم 


)١(‏ سورة الشعراءء الآية ٠١9‏ وعدة آيات أخرى بعدها. 
(Y)‏ سورة طه» الآيات ٤١‏ 

oE ANI سورة هودء‎ (Y) 

)£( نفس السورة» الآية JAN‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم 
بالمودة وأنا أعلم Las‏ أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل * إن 
يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون * لن 
تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير * قد كانت لكم 
أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إثا برءاء منكم Laag‏ تعبدون من دون 
الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء Tai‏ حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم 
لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك 
المصير * ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم * لقد كان 
لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم JAWI‏ ومن يتول فإن الله هو الغني 
الحميد * عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور 
رحيم * لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم 
وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين 
وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم 
الظالمون OS‏ 

وهكذا تكون القرابة fade de‏ في إنجاح الدعوات في أول الأمر كما قد تكون Sule‏ 
Mana‏ خن Mis‏ يعد كد EN ga NING‏ و الأنضان:» والان: وقد Éd ol ns‏ 
في سير هذا الناموس النفسي النفس لا تطيق المخالف ولا تصبر عليه نحب أن نصور موقف 
البطل أولا وحين يتعدّل الميزان. 

قلنا إن البطل أولا يكون هو المخالف فيناله الأذى وذكرنا بعض ألوان العقوبات ونقول 
الآن إن موقف البطل في هذا الدور هو موقف الضعيف الذي لا يملك من الحول والطول إلا 
الإلتجاء إلى ربه والدعاء على الأعداء. هكذا نرى موقف نوح ١‏ وقال نوح رب لا تذر على 
الأرض من الكافرين دياراً * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفارا NG‏ 
وهكذا نرى موقف موسى D‏ وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة 


A 1 الآيات‎ Alasan سورة‎ )١( 
NG AN) TH سورة‎ 0 


القيم الاجتماعية والنفسية 


وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على 
قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ١١4‏ '. وهكذا نرى موقف غيرهم من الأنبياء. 


ثم يلجأ الرسول إلى التهديد والوعيد ويكونان بالمصائب في الدنيا والعذاب في الآخرة 
ويستجيب الله للرسل فتكون الصواعق وغيرها من ألوان العقوبات. هكذا نرى A‏ وقومه 
« فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات 4. ونرى شعيبا 
وقومه p‏ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم Jia‏ ما أصاب قوم نوج أو قوم هود أو قوم 
صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ٠4‏ أ sla Laly à‏ أمرنا نجينا Led‏ والذين آمنوا معه برحمة 
منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين 04 وى هذا كد اسار 
النبي العربي والقرآن الكريم D‏ فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين PIS‏ 
Va‏ يرهم من الموسلين. 


وحيت تقوى الدعوة ويكثر الأعوان والأنصار وحين يحس النبي في نفسه القدرة على 
ويجبرهم بالقوة على اتباع تعاليمه والإيمان بما يدعو A ed ba‏ ادن 
تعالى « قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سسنة 
الأولين * وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (VS‏ ويقول p‏ لئن لم ينته 
المنافقون والدين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينه لنغرينك بهم تم لا يجاورونك 
فيها إلا 


AA AN) سورة يونس»‎ )١( 

TT سورة 5 الأعراف»› الآية‎ (ïY) 

.۸٩ شورة 5 هود» الآية‎ (Y) 

(5) ذ نفس السورة» Ve AN‏ 

)°( سورة ة آل عمران» ٧۷ AN‏ وسورة ة AN «Jail‏ لوث 
)3( سورة ة الأنفال» الآیتان NANA‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


SL‏ * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً * سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد 
لسنة الله تبديلا OS‏ 

وعند ذلك يكون النصر قد كتب للمبادئ فتسيطر على نفوس الأفراد والجماعات. وفي 
الفقرة التالية نتحدث إن شاء الله على ناموس آخر هو: 


)£( الرسول لا يشك في مستقبل دينه 

ونتيجة الناموس السابق واحدة من اثنتين: 

)1( فإما أن يذهب الرسول ضحية المبدأ والعقيدة» فيقتل أو يخرج مهاجرا. AH,‏ 
أحوال لم يقصتها القرآن إلا نادراء وهو حين يقصها يعتمد على الإجمال والإبهام» فنراه مثلا 
يقول في حق الإسرائيليين وهو متعجب من صنيعهم: jp‏ أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى 
أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون OS‏ 

ويتفق المفسسّرون جميعا على أن من الذين قتلوا يحيى عليه السلام. 

كما Bali‏ خروج إبراهيم مهاجرا بعد إذ عاداه قومه» ووقفوا منه ذلك الموقف الذي 
تصوّره هذه القصة القرآنية: à‏ وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واثقوه ذلكم خير لكم إن 
كنتم تعلمون * Lail‏ تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً إن الذين تعبدون من دون الله 
لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون * وإن تكذبوا 
فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين * أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق 
ثم يعيده إن ذلك على الله يسير * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله 
ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير * يعدب من يشاء ويرحم (a‏ يشاء وإليه 
تقلبون * وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا 
نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم * 
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات 
لقوم 


)١(‏ سورة الأحزابء الآيات 5٠‏ ؟5. 
(ï)‏ سورة cb JA)‏ الآية ANY‏ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


يؤمنون * وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً baga‏ بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة 
يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * فآمن له لوط 
وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في 
ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين 4'. 


والذي يلاحظ في مثل هذه المواقف أن الهجرة تُعتبر نصرا للدين الجديد وللرسول 
عاقبة المتخلقين في بعض الأحوال الهلاك والدمار وذلك هو الوضع الذي يقرّره قصص كتير 
من قصص القرآن من مثل أحوال قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح أو قوم لوط. وذلك 
dr‏ لكر ka Re E‏ و 
ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد 4( 


(Y)‏ وإما أن ينتصر الرسول فيسود الدين الجديد Ds‏ المبادي ولك ناجول 
التي صوَّرت كيرا في القصص القرآني وتلك هي الأحوال التي a‏ تين البها'الابات ارا 
الكريمة الخاصية بالنصر:والثي تستطيع أن تتخدار مده ةة ل < ولف .سيقت سبقت كلمتنا لعبادنا 
المرسلين = إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون pin née di”‏ كين + 
وأبصرهم فسوف يبصرون ank a OS‏ ع R T AA‏ 
ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم Wa‏ الدار (9g‏ 
Es‏ 
نفسية لا بد من القضاء عليها. 


YY ٠١ سورة العنكبوتء الآيات‎ )١( 
AS سورة هود الآية‎ (Y) 

VO 1١1/١ سورة الصافات» الآيات‎ (Y) 
(9) 
(e) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والعقبات كثيرة متنوعة منها نوع نستطيع أن نسميه بالعقبات الداخلية وصوره في 
القرآن ليست بالعديدة. والأسباب التي تدفع إلى هذا اللون قد تكون: 

(أ) طبيعة الشخص وتكوينه إذ يكون ضعيف الإرادة لا يملك من أمر نفسه وقيادها 
الشيء الكثير وذلك هو الأمر الواضح في قصة آدم إذ نهاه ربه عن الأكل من الشجرة 7 
de‏ ونی فلم تجد له عزما و ولقد عهدنا إلى آم من قبل فنسي ولم تج له a‏ 
à‏ وعصى ad‏ ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى OS‏ 

(ب) وقد ترجع إلى لون من العقد النفسية التي تسيطر على أعمال المرء والتي Gah‏ 
دورها في قوة ومهارة. وذلك هو الأمر الواضح من قصة موسى فقد اصطفاه ربه فاختاره 
رسولاً إلى فرعون ولكنه طلب من العلي القدير أن يرسل daa‏ أخاه هارون وزيرا. واستجاب 
ربه وأرسل معه olaf‏ وهنا يظهر المخبوء وينكشف الغطاء إذ تسيطر حادثة قتقل المصري 
على die‏ موسى ويتذكّر خروجه من أرض الفراعين هاربا وكيف أخبره الصديق الذي جاءه 
يسعى من أقصى المدينة بأن الملا يأتمرون به ليقتلوه. لذا نراه يتوجّه إلى ربه مفصحا عن 
دخيلة نفسه à‏ قال ربي إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون * وأخي هارون هو أفصح 
مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إني أخاف أن يكذبون * قال سنشد عضدك بأخيك 
ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون NK‏ اذهب أنت 
وأخوك بآياتي ولا LE‏ في ذكري * اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قول ليناً لعله 
يتذكر أو يخشى * قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى 94( 

ولم يذهبا حتى تلاشى الخوف واستقر Sa‏ أنفسهما لقول 
العلي العظيم ‏ لاتخافا إنني معكما أسمع وأرى CVS‏ 


) | سورة طه» الآية NYO‏ 

.٠١١ ٠١١ نفس السورة» الآيتان‎ (Y) 
NO NY سورة القتصص› الآيات‎ (Y) 
(£) 

(°) 


القيم الاجتماعية والنفسية 


(ج) كما قد ترجع إلى بعض الرغبات المكبوتة التي لا تزال في حالة قوية من الفاعلية 
وذلك هو الأمر الواضح من حال محمد عليه السلام حين كان يحرص على تحسين ما بينه 
وبين قومه من علاقات Laja‏ شديدآ وهذا Le‏ يوضحه النص الآتي: « قال قتادة نكر لنا أن 
قريشا خلوا برسول الله صلّى الله عليه lus‏ ذات ليلة الى الصبح يكلمونه ويقتحمونه 
ويسودونه ويقاربونه فقالوا انك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس وأنت سيدنا يا سيدنا وما 
زالوا به حتى كاد يقاربهم في بعض ما يريدون ثم عصمه الله تعالى فأنزل الله تعالى à‏ وإن 
كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لا تخذوك خليلاً * ولولا أن 
ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذا * لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد 
لك علينا نصيرا NK‏ 
القرآني كثيرة منوّعة يجمعها كلها ما يقوم به المعارضون للانبياء من أعمال وأقوال وذلك من 
Jia‏ تكذيبهم للرسل ورميهم لهم بأنهم في سفاهة أو ضلال وأن ما يقولونه شعر وأن الشياطين 
صرف النبي أو الرسول عن الدعوة بالأذى تارة وبالتهديد والوعيد تارة أخرى ثم تحذيهم لهم 
وطلبهم إنزال العذاب أو الإتيان بمعجرة إلى غير ذلك من الأمور التي تتضح في القصص 
والتي يكفي في الدلالة عليها أن نورد هذه القصة *# وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا 
الله ما لكم من إله غيره أفلا تتّقون * قال الملا الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة 
وإنا لنظتك من الكاذبين * قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين * 
أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم 
لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله 
لعلكم تفلحون * قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت 
من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها 
أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين * 


)\( أسباب النزول» ص 4 » سورة الإسراء الآيات NO — NY‏ 


۲۷ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


فأنجيناه والذين معه برحمة Lia‏ وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين Ng‏ 


ويترتب على هذه العقبات أنواع من الألم تختلف قوة وضعفا فقد يخرج الألم الرسول 
عن حد الاعتدال والقصد فتثور انفعالاته وتضطرب نفسه وتجمح العواطف حتى ليعجز عن 
كبحها وذلك هو الواضح من موقف ذي النون عليه السلام حين ذهب مغاضبا à‏ وذا النون إذ 
ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت 
من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين OS‏ 

وقد يوئر هذا الألم على الاتجاه العام في حياة الرسول والدعوة حتى ليهم بتركها وذلك 

SS UMC RR ل‎ 

OS أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل‎ Ya 

وقد يكون هذا الألم من القوة والعنف بحيث يبعث الشك في النفوس ويبذر اليأس في 
ra‏ و ب ا ع حو فا ب دا ea ing aa‏ 
فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (OS‏ 


كما يصورها قوله à‏ حتى إذا استیأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا 
CA‏ مَن نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين 4(“. 

إلا أنه على الرغم من كل هذه العقبات فإن الرسل يظفرون بالانتصار فنراهم وقد 
تخطوا العقبات وانتصروا على الأعداء حتى لكأن الألم الذي عانوه لم يكن إلا المطهر الذي 
نفث فيهم الصلابة والقوة وأحالهم GS‏ آخرين أقدر من غيرهم على تحمل العقبات 


|( سورة الأعراف. الآيات NY ٠٥‏ 
(Y‏ سورة الأنبياء» الآيتان AN 2 AV‏ 


القيم الاجتماعية والنفسية 


de s‏ استعذاب الألم في سبيل الدعوات. وكأن تلك الوقفات القصيرة لم تكن إلا الاستعداد 
للوثبة تتبعها وثبات. 


الأول: تلك العقيدة الدينية التي يحس بأثرها النفسي جميع المؤمنين بالعقائد والأديان 
من أن الله يرعاهم ويحفظهم ويثبت خطاهم ويهيئ لهم من أمورهم رشدا والاثر النفسي لهذه 
العقيدة هو أنها تشحذ الهمم وتقوي العزائم وتزيل الضعف عن النفوس وتبعد الياس عن القلوب 
$ قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده 
والعاقبة للمتقين 4("). 

الثاني: ذلك الأثر النفسي الذي يقوم به الفن من عمليات الإيحاء والإفاضة حين oai‏ 
والقصص القرآني يعمل من غير شك على تخفيف الضغط العاطفي وعلى إنقشاع الأزنمات 
النفسية من عند النبي والمؤمنين وهذا هو الأمر الذي سنتحدّث عنه بتفصيل عند حديثنا عن 
القصير المنقول عن صاحب الكشاف بصدد حديثه عن الصلة بين قوله تعالى # طه * ما 
أنزلنا عليك القرآن لتشقى... 4 وبين قصة موسى عليهما السلام قال رحمه الله: 

« قفاه بقصة موسى عليه السلام ليتاسى به في تحمل أعباء النبوة وتكاليف الرسالة 

والصبر على مقاساة الشدائد حتى ينال عند الله الفوز والمقام المحمود »". 

وصدق لله العظيم حين يقول ‏ وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك 
وجاءك في هذه الحق (VS‏ 


AYA ANT سورة الأعراف»‎ )١( 
NY ya) الآيتان‎ Ad سورة‎ (ï) 
NGO الکشاف» ج ۲»> ص‎ (Y) 
.٠٠١ سورة هود الآية‎ (£) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وحين يقول à‏ ونريد |« e ٠ ٠. x à nt e‏ 
à F |‏ = ن نمن على الذين استضصعفوا | 2 a 5 1 ٠‏ 
ونجعلهم الوارثين * ونمكّن لهم في الأرض 4...'. dd‏ | 


To الآيتان‎ < Yaa) سورة‎ (\) 


القيم الدينية والخلقية 





وأعترف منذ اللحظة الأولى بأن لا فضل لي في هذا الفصل إلا فضل التنظيم 
والعرض ذلك لأنه قد سبق أن عالجت موضوعات هذا الفصل في بحثي الأول الذي قدّمته 
Jal‏ درجة الماجستير فإن زدت شيئا فهو الخروج من الأمور الخاصة بمحمد عليه السلام إلى 
الأمور العامة والخاصة به وبغيره من الرسل والأنبياء والشيء الذي أعتبره جديدآ نوعا Le‏ في 
هذا الفضل. هو الحديك.عن المعاني. الخلقية وما يستتبعها من كلك اللمخات الخاطفة القن ,ضور 
lat) au Gi Les‏ 1 1 

dds‏ أوضح الأمور فيما يتعلق بالمعاني الدينية التي وردت صور عنها في القصص 

القرآني هي الأمور المتعلقة بالآلهة ثم بالرسل والمعجزات وهذا هو الأمر الذي يمشي مع 
طبيعة الدعوة الإسلامية في ذلك الوقت ويجري مع طبائع الأشياء. 

ذلك لأن أكثر القصص القرآني مكي وفي مكة لم تتجه الدعوة إلى غير المسائل 
الكبرى من قضايا الأديان ومن هنا كانت الوحدة التي Je‏ عنها القرآن حين قال p‏ شرع لكم 
من الدين ما وصى به lagi‏ والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن 
أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه NG‏ ومن هنا أيضا كان التشابه بين اليهودية والمسيحية 
والإسلام. 


AY ANI سورة الشورىء‎ (\) 


NYA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


على أن للمسألة وجها آخر هو أن القصص القرآني كان يعني العناية كلها بأمور 
المخالفين في أمر الدعوة والمعارضين للنبي عليه السلام ولذا كان القصص y‏ 44 الحديث 
التوجيهات التي تشرح هذه الأمور وتقرّها في الأذهان. وإذا كانت هذه الأمور المتنازّع عليها 
خاصية Alan lle‏ والبعك Alu jy‏ كانت هي الواضحة كل الوضوع فى قصصن القران: 

ثم إن أمور الدين الإسلامي نفسه كانت أشبه بالتنظيمات الداخلية التي يقوم بها الفرد 
بعد أن يعتنق الدين الجديد ويدخل في حظيرة ة الإسلام وأمثال هؤلاء لا يثيرون جدلا ولا 
يقيمون الصعاب. 


على أني أستغفر الله وأستثني شيئا هو تلك العادات الخلقية التي كانت قد استقرت 
وعظم شأنها بحيث لم يقدر الفرد على التخلي عنها بمجرد دخوله في حظيرة الدين والإيمان. 
وتلك كبخس الناس أشياءهم وتطفيف الكيل والميزان. ومن هنا تعرّض لها القرآن أيضا وإن 
نالها على أنها من الأخلاق العامة إذ تعرّض لها في قصة شعيب عليه السلام. 

ونبدأ من قضايا الدين في قصة شعيب بالحديث عن التديّن. 

والتديّن في حس القرآن غريزة إنسانية فهي p‏ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا 
تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ١١4‏ /. وهي من هنا عامة وخالدة 
يستوي فيها الناس جميعا وسواء في ذلك المتحضئر منهم والباد. 

وتأصف هذه الغريزة أو تلك الفطرة بإسنادها قدرة عظيمة وقوى قاهرة إلى موجودات 
وكائنات والغريب أن هذه القدرة قد تسند لغير الله فتسند للأصنام وتسند لغيرها من الآلهة التي 
يعبدها الوثني في مختلف الأديان ومن هنا قدّروها فعبدوها وأخافوا الأنبياء من غضبها 
وانتقامها. 
الأولين من سورة الأعراف à‏ قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما 
تعدنا إن كنت من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في 


AR AN سورة الروم»‎ )١( 


۳۲ 


القيّم الدينية والخلقية 


أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ٠4‏ '. وقال في Ge‏ الآخرين من 
سورة العنكبوت p‏ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا b‏ '. كما قال متعجبا في 
الصافات ‏ أتعبدون ما تنحتون Og‏ 


وإذا كانت الآلهة تعبد إتقاء غضبها أو رجاء خيرها فلذلك هو الذي كان بين الآلهة 
وهؤلاء فقد أخافوا الأنبياء من A jah‏ وقد أحبوها حبهم لله. 

أخاف قوم إبراهيم فيما ذكر القرآن: à‏ وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان 
ولا أخاف ما ki‏ تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء hle‏ أفلا تتذكرون * 
وكيف أخاف La‏ أشركتم ولا تخافون aE F‏ عم جاه جار 
الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون OS‏ 

وأعتقد قوم عاد أن آلهتهم قد مسّت هودا بسوء. قال تعالى [ قالوا يا هود ما جئتنا 
ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعسض 
آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا ني بريء مما تشركون CVS‏ 


وقامت موده بين قوم إبراهيم والأوثان» As‏ غير هم أوثانا يحبونهم كحب الله وإن 
يكن الذين آمنوا أشد حبا لله. قال تعالى: وقال إنما اتتخذتم من دون الله Des‏ مودّة بينكم 
في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم Og Lan‏ ا 
# ومن الناس من É‏ من دون الله أنداداً | يحبونهم كحب الله والذين gial‏ | أشد Ga‏ لله Mg‏ 


.لا١‎ Ve سورة الأعراف» الآيتان‎ )١( 
AV AN سورة العنكبوتء‎ (Y) 

.40 AN سورة الصافات»‎ (Y) 
.۸١ 4 الأنعام» الآيتان‎ pou (£) 
سورة هود» الآيتان 87ت‎ )5( 

YO AN) سورة العنكبوت,‎ )5( 

NO AN) سورة البقرةء‎ (Y) 


۳۳ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ومن هنا اتجه القرآن إلى ما في عقلية هؤلاء من تناقض ظاهر بين الصورة النفسية 
للآلهة والواقع العملي الذي يحس ويشاهد. اتجه إلى أن الأسباب التي تعبد من أجلها الآلهة 
وتحب غير متوفرة في هؤلاء. Al‏ إلى كل هذه الأشياء وصوّرهاء ووضع صورها بين أيدي 
هؤلاء الأقوام ليلمسوا بأيديهم ويحسوا بأبصارهم وبصائرهم أنهم في غفلة وضلالء وأنه كيف 
يصح في شرعة العقل أن يعبد ما يصنع بيديه فيعبد ما ينحت. 

ولعل أوضح المثل في كل هذاء هو ما ورد في قصص إبراهيم عليه السلام. قال 
تعالى في سورة الشعراء: à‏ واتل عليهم نبأ إبراهيم * إذ قال AN‏ وقومه ما تعبدون * قالوا 
نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * 
قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون * قال أفرأيتم ما aiis‏ تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * 
فإنهم عدو لي إلآ رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * 
وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم 
الدين NG‏ وقال في سورة الأنبياء: [ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ 
قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين * 
قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين * قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين * قال بل 
ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين * وتالله لأكيدن 
أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون * قالوا Da‏ 
فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين * قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم * قالوا فأتوا 
به على أعين الناس لعلهم يشهدون * قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله 
كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم 
نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم 
شيئاً ولا يضركم * 


AN — 55 سورة الشعراءء الآيات‎ (Y) 


١*5 


القيّم الدينية والخلقية 


(4 لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون‎ ci 

كما قال في حق المعاصرين للنبي عليه السلام قال تعالى: ™ هو الذي خلقكم من 
نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً فمرزت به فلما 
أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحاً جعلا له 
شركاء فيما آتاهما فتعالى الله Las‏ يشركون * أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا 
يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون * وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء 
عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون * إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم 
فليستجيبوا لكم إن aiis‏ صادقين * ألهم daj‏ يمشون بها al‏ لهم Ai‏ يبطشون بها أم لهم 
أعين يبصرون بها ai‏ لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون * إن 
ولِيّي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين * والذين تدعون من دونه لا يستطيعون 
د لكوي * وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم 
لا يبصرون 04 

وكل الذي أراده القرآن من وضع هذه الصور هو أن يفهموا حقيقة هذه الآلهة وأنها لا 

هذه الصورة النفسية للآلهة أو تلك الظواهر التي يسندها خلق التديّن للقوى القوية 
القاهرة يردها القرآن إلى إله واحد هو الله. بذلك تحدّث الرسل إلى أقوامهم وبهذا جاءت 
ST‏ واي 
إله غيره 74 l‏ ويقول كثير من الأقوام لرسلهم p‏ أجئتنا لنعبد الله وحده 4() 


)\( سورة ة الآنبياء الآيات MAN — ON‏ 
(ï)‏ سول ة الأعراف» الآیات ۱۸۹ NAN‏ 
(۳) ذ نفس السورة» الآية .Ao‏ 

(4 )اتلس الور ي Va ANT‏ 


yro 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وينزه القصص القرآني الإله الواحد عن كل نقص كما ينزهه عن أن يتخذ الشريكة 
والولد سبحان الله Lac‏ يصفون رب العرش العظيم ا ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا 
قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون 4ء à‏ قل أوحي LU‏ أنه استمع نفر من الجن فقالوا 
إنا سمعنا قرآناً عجباً * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً * وأنه تعالى جد 
ربنا ما É‏ صاحبة ولا ولدآ * وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا Og‏ 


ds‏ و الذي su‏ الفران ان AU‏ يك هذا Sri‏ فى الصورة 539 فحني 
قوله تعالى à‏ 3 قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد OS‏ 

وإذا كان الإنسان يعبد الآلهة للضرر والنفع كان لا بد له من تنظيم الصلات ain‏ 
وبينها كما كان لا بد له من نوع من فروض الطاعة والمحبة يتجلى في الفرائض الدينية وما 
يقدمه أحيانا من ضحايا وقرابين. 

على أن القصص القرآني قد أهمل هذا الجزء الأخير إلا في النادر القليل ga LS‏ 
الحال في قصة إبراهيم وإسماعيل حين رأى في المنام أمر ربه بذبح ابنه وحين هم بفعلته 
استجابة لنداء ربه لولا تلك الفدية التي أرسلها ربه وهي الذبح العظيم. وهذه القصة واردة في 
سورة الصافات قال تعالى à‏ وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي من 
الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني 
ا JEN‏ ماذا ترى قال يا ايت الل ما تؤمر استجاتي إن شاع ا من الصابرين ١‏ للت 
أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * 
إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم 74 لمن هنا a‏ کا عن اك اتات 
التي يستطيع الإنسان بمقتضاها أن يعرف أوامر ربه ونواهيه يقوم بها ابتغاء مرضاته يرجو 
جلب النفع ودفع الضر وتيسير كل شاق عسير. 


Yo ANI caga سورة‎ (\) 

.٤ — 1 سورة الجنء الآيات‎ (Y) 
سورة الإخلاص.‎ (Y) 

)£( سورة الصافات» الآيات 114 — 


۳١ 


القيّم الدينية والخلقية 


والقرآن يصوّر لنا من هذا الجانب اتجاهات بعضها يقوم على الأمور الحسية كإجابة 
الأقداح والاستقسام بالأزلام وتلك لم ترد في القصص القرآني وإن وردت في بعض المواطن 
الخاصة بالمعاصرين للنبي عليه السلام. 

وبعض آخر يقوم على صلة بين بين. إذ يتصل فيها الكهان والعرافون بالأرواح الخفية 
وهذه بدورها تطلعهم على أخبار السماء. وذلك اتجاه حاربه القران في مواطن كثيرة وورد 
منه في القصص القرآني آيات في سورة الجن قال تعالى # وأثا لمسنا السماء فوجدناها 
Luja cila‏ شديداً وشهباً * Lg‏ كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا 
رصدا Ng‏ 

ويظهر أن هذه العقيدة وردت في القصة ليكون حديث الجن عن نفسها أبعد نفاذاً 
وأقوى JA‏ 

ويبقى بعد ذلك اتجاه واحد هو اختيار واحد من البشر ليكون الرسول. 

ويظهر أن العقيدة الأولى وهي عقيدة الأرواح الخفية كانت أقوى من تلك وأشد y‏ 
الذي يلاحظ في القصص القراني أن أكثر الأقوام كانوا يقولون لرسلهم « لو شاء الله لأنزل 
ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين OS‏ 

A AARE E‏ قار نه E dl‏ در 
الحديث عنهم هنا من حيث تلقي الأديان لتوصيلها إلى الخلق ودعوتهم إلى الإيمان بها. 

والإله الواحد هو الذي يستأثر بعلم الغيب ولا يطلع على هذا الغيب أحدا إلا من 
ارتضى من رسول. وهو يصطفي هذا الرسول ليطلع البشرية على الغيب ويرسم لها طريق 
DAT E‏ الله يجتبي من Alu,‏ من يشاء فآمنوا بالله 
ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم 74" 
)١(‏ سورة الجنء الآيتان A À‏ 
(Y)‏ سورة المؤمنونء YE AN‏ 


.١ا/9‎ ANI سورة آل عمرانء‎ (Y) 


۳۷ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وإلقاء هذه المعرفة في نفس الرسول أو اطلاعه على ما في الغيب يختلف باختلاف 
eus nil‏ فت ى te eus at E‏ الصبادقة :و sa are‏ حت 
لإبراهيم ويوسف عليهما السلام. يقول الله تعالى في حق الأول « فلما بلغ معه السعي قال يا 
بني إني أرى في المنام أني أذبحك... 4 وهي القصة التي سبقت في هذا الفصل. 

ويقول في حق الثاني: à‏ إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً 
والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين * قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك 
كيداً إن الشيطان للإنسان عدو مبين * وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم 
نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم 
حكيم 14". 

ونرى die‏ نوعا آخر يعتمد على التكليم. يقول الله تعالى بصدد الحديث عن الرسل في 
حق موسى P‏ ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى 
تكليما 4. وقال 8« قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما 
آتيتك وكن من الشاكرين 6 

ثم هنالك غير هذينء هناك ذلك اللون الذي Ju y‏ فيه الإله ملكا فيتمئل للمرسل إليه 
بشرا ويلقي إليه ما أمره به الله. يقول الله تعالى à‏ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها 
مكاناً شرقياً * فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً * قالت 
إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً * قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا Og‏ 
كما قال في قصة إبراهيم عليه السلام « هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا 
عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجاء dan‏ 


NYA 


القيّم الدينية والخلقية 


سمين * فقربه إليهم قال ألا تأكلون * فأوجس agia‏ خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام 
ل كر ورور A ES U DS‏ 
هو الحكيم العليم OS‏ 

وهنا شيء لا بد من التنبيه عليه» هو أن هذه الأرواح الخفية كانت تختلط في ذهن 
العربي فلا يعرفها إلا بآثارهاء وكان يعتقد أن الملائكة تأتي بالخير وأن الشياطين تأتي بما 
يسوءء ومن هنا كانوا يعتقدون أن الشياطين هي التي تنزل على case‏ وإلا لما كان منه 

والواضح من القرآن أن ا كانت تسمع أخبار السماءء وأنها منعت من أجل 
النبي عليه الصلاة والسلام. « وسبق أن شرحنا هذه العقيدة في فصل (المعاني التاريخية)» وههو 
الفصل الأول من هذا الباب. 

ويبقى بعد ذلك لون أخيرء هو إلقاء المعاني المرادة في ذهن الرسولء وذلك هو الأمر 
الذي حدث مع كل الرسل والأنبياء» حدث لنوح وإبراهيم وحدث لهود وصالح وشعيب» وحدث 
لغيرهم من الرسل عليهم الصلاة والسلام. 

لح ل ا ا ا ا 
وحيآ أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم OK‏ 

وهنا نعود مرة ثانية إلى الحديث عن الأرواح الخفية» التي تنقل إلى الناس أخبار 
السماء. إذ ما العمل ما دام هؤلاء القوم يسلمون بوقوف الشياطين على تلك الأخبار. 


هنا يبرز أمران: 

الأول: أن الشياطين منعت بعد النبي» ومن الجائز أن تكون قد منعت في حياة كل 
واحد من الرسل والأنبياء» وهذا ما يقول به بعض المفسّرين» وعلى رأسهم الرازي. 

الثاني: أن الرسول الذي يأتيه الوحي وتنزل عليه الملائكة لا بد له من معجزة تدل 


)\( سورة الذاريات› الآيات Na Ye‏ 
(ï)‏ سورة الشورى› الآية JON‏ 


۳۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


على صدق رسالته وصحة نبوّته» وذلك هو الأمر الذي سنتحدث عنه في الفقرة التالية عند 
حديثنا عن المعجزات» غير أني قبل أن أبدأ الحديث عنها أريد أن أذكر شيئا هو الحديث عن 
تلك العقيدة التي كانت شائعة معروفة في الجزيرة العربية قبل مبعث الرسول عليه السلام. 

قلنا إن التديّن يرمي إلى جلب النفع ودفع الضرر من ANI‏ حتى ولو كانت أوثاناء 
ونقول إن الأمر الذي ينبني على هذا هو أن الشعب الذي يمن الله عليه بالفضلء فيختار واحداً 
من أبنائه ليكون الرسول» هو الشعب الذي يعتقد بنفسه الفضلء وأنه محل الرعاية والعناية. 


sil,‏ كان الشعب الإسزائيلي يومن deg‏ ويذيع ذلك في الجزيرة العربية: ولف كان لكل 
ذلك أثره في حياة اليهود في الجزيرة في حياة النبي والإسلام» وصور القرآن عقيدتهم تلك 
حين ذهبوا إلى أنهم أبناء الله وأحباؤه» وحين قال موسى لهم UD‏ قوم nr‏ 
إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم La‏ لم يؤت أحداً من العالمين 4( 

ولكن اران كاريب هه العقيدة) Mes‏ القن Saunas‏ 
تخص hed‏ دون شعب» ولا أمة دون وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء الله ذو Jail‏ 
العظيم. قال تعالى G ١‏ أرسلناك بالحق بشيراً ونذير أوإن من امة إلا خلا فيها نذين 14" 
وقال تعالى à‏ ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم فضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون Ng‏ 

فالقرآن كما ترى يجعل الرسالة ظاهرة دينية واجتماعية لا تخص أمة دون أمة ولا 
يستأثر بها شعب دون آخر وهذا هو الأمر الذي شرحناه بتفصيل عند حديثنا عن المعاني 
et‏ 


ونبدأ الآن بالحديث عن المعجزات فنقول: 
) ( سورة Ye AN bakal)‏ 


\ 
YE ANI سورة فاطرء‎ (Y) 
.٤١ سورة يونس» الآية‎ (Y) 


ب اقا ر 


جاء القرآن والقوم يذهبون في الغالب مذهبين: الأول أن الرسول لا بد وأن يكون من 
الملائكة وذلك هو الرأي الذي Wa‏ أن القرآن يجري على خلافه عند حديثنا عن المعاني 
الاجتماعية من أن الرسول يكون من الجماعة ويكون من الذين عرفوا آمالها وأحسوا آلامها 
فهو أخو القوم المتحدّث بلسانهم. 

الثاني أن الرسول من البشر لكنه يؤيد Leïla‏ بمعجزة ومن هنا كانوا يقفون دائماً في 
وجه الأنبياء يطالبونهم بالآيات أو AN‏ 

وموقف القرآن هنا موقف من لا ينكر أمر المعجزة لكنه ينكر أن يتوقف الإيمان عليها 
أو يتعلق بها ولذا نراه يذكر المعجزات التي عرفت لمن سبق النبي عليه السلام من الرسل 
فيذكر معجزات موسى وعيسى كما يذكر ناقة صالح وإلقاء إبراهيم في النار. 

لكنه في الوقت نفسه يرى ألا تعلق لهذه بتلك فالآيات لم تأت دائما لتكون الدليل وإنما 
جاءت تخويفا وإنذارا ومن هنا أصبحت قليلة النفع عديمة الفائدة. يقول الله تعالى « وما منعنا 
أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل 
بالآيات إلا تخويفا Ng‏ 

والآيات قد تأتي الواحدة بعد الأخرى ومع ذلك لا يكون إيمان ولا ينفع مع المعارضة 
أي دليل. قال تعالى à‏ ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم E i an‏ 
قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون 4( 

وقد فطن الطبري إلى ذلك فقال عند تفسيره HAN odel‏ 

» بقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلَّى الله عليه palung‏ يا محمد آيس من فلاح هؤلاء 

العادلين بربهم الأوثان والأصنام القائلين لك لئن جئتنا Ab‏ لنؤمن لك فاننا لو نزلنا اليهم 

ah‏ حت يرو ها agde ble‏ المرتى احا Las, deal‏ و که 

وأخبروهم أنك محق فيما تقول وأن Le‏ جئتم به حق من عند الله وحشرنا عليهم كل 

ee à‏ قباد فجظناهم لك قبلا ما مقو ولا,صتقرك ولا البعؤك ال أن els‏ الله لمن ثساء 

منهم ولكن أكث رهم 


.04 AN سورة الإسراء‎ (\) 
NN AN سورة الأنعام»‎ (ï) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يجهلون يقول ولكن أكثر هؤلاء المشركين يجهلون أن ذلك كذلك يحسبون أن الإيمان 

يؤمن منهم الا من هديته له فوفقته ولا يكفر الا من خذلته عن الرشد فأضللت//2 ». 

ونستطيع أن نكتفي بهذا القدر عن المعاني الدينية وقد كانت هذه الأمور والرسالة 
والمعجزات أهم المشاكل التي عني بها القصص وأكثر من الحديث عنها. كما أن التوجيهات 
الدينية عن كثير من هذه المسائل قد تقدّمت في فصل الحديث عن الأسس النفسية والاجتماعية 
القصص. 

ثم هناك سبب آخر أعتقده وجيها هو أن أكثر هذه الموضوعات قد قتلت بحتا في 
الثقافة الإسلامية كما أني قد عرضت لها في رسالة الماجستير ومن هنا أعتقد أن الابتكار في 
هذه الأشياء ليس بالأمر المنتظر ويكفي في التوجيهات ما ذكرت. 

وننتقل الآن إلى الحديث عن المعاني الأخلاقية. 

وللقصص القرآني طرق خاصة في تصوير الأشياء الخلقية. فهو مرة يعمد إلى النهي 
الصريح وذلك في حالات منها أن يكون المنهي die‏ من الأمور العادية التي تركّزت في البيئة 
فأصبحت من العادات الاجتماعية المرذولة وذلك كتطفيف الكيل فقد نهى القرآن عن هذه العادة 

ومنها تلك الأمور التي يقوم بها الناس ترضية لعاطفة أو استجابة لرغبة وذلك 
كقعودهم بكل صراط يصدون عن سبيل الله من آمن وتلك تكرّرت في كثير من القصص 
ووردت Laj‏ في قصة شعيب. 

ويمثل النوعين من النهي قصة شعيب في الأعراف. قال تعالى # وإلى مدين أخاهم 
شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل 


)1( الطبريء ج «À‏ ص A‏ 


القيّم الدينية والخلقية 


والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن 
كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله Ga‏ آمن به تبغونها 
lage‏ واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين NG‏ 

وهو مرة يعمد إلى التعجب أو إلى الاستفهام الإنكاري وذلك أيضا قد يكون في 
العادات القبيحة المرذولة التى استقرت فى البيئة وأصبحت خلقا Le‏ وذلك كإتيان الذكران من 
العالمين في كل قصة ورد فيها اسم لوط. قال الله تعالى D‏ ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون 
الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون 
في ناديكم المتكر GS La‏ جواب قومه إلا إن فحالوا اتنا بعذب الله إن كنت من 
الصادقين 4 

ثم هناك الطريقة العرضية التي يعرض فيها القرآن أخلاق بعض الجماعات أو أخلاق 
بيئة من البيئات وذلك يكثر في القصص الذي سنقول عنه في المستقبل أنه لا يقصد Gui‏ معينا 
وأكثر ما يكون هذا اللون في قصص موسى عليه السلام إذ في ذلك القصص نجد تصويراً 
لأخلاق اليهود كما نجد بعض لفتات لأخلاق المصريين. 

ولا نستطيع أن نقول هنا بأن هذا كان تصويرا للواقع في جملته وتفصيله فقد يكون 
التعبير الأدبي عن حالات بعينها هو الذي أدى إلى مثل هذه المعاني الخلقية. ومن هنا نريد أن 
نلتزم في هذا اللون ما التزمناه سابقا في الحديث عن المعاني التاريخية حيث انتهينا إلى القول 
بتلك الحرية الفنية التي تدفع بالأديب إلى أن يلاحظ الواقع النفسي أكثر من ملاحظته لصدق 
القضايا وصحتها لأن المسألة قد تكون مسألة حرب أعصاب لا أكثر ولا أقل ولعل هذا هو 
الذي يلاحظ فيما يخص اليهود. فقد كان القرآن ينزل على النبي وفيه هجوم عنيف على اليهود 
خاصة في العهد المدني. 

وأول الأشياء التي تؤخذ على اليهود عدم الوفاء بالعهود فقد كانوا ينقضون الإيمان 


AT AS سورة الأعراف» الآيتان‎ )١( 
YA YA سورة العنکبوت» الآيتان‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


بعد توكيدها. وقد كانوا ينكثون في كثير من الأمور التي اتفقوا عليها مع موسى عليه السلام. 
قال الله تعالى ‏ ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون * أو كلما عاهدوا 
عهداً نبذه فريق agia‏ بل أكثرهم لا يؤمنون Dao‏ ون عند اله وطاق ليت 
معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون Ma ٠4‏ 
تعالى بصدد الحديث عن خلقهم à Laj‏ ومن Jai‏ الكتاب من إن تأمنه بقنطار يوده إليك 
ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه Laïlé‏ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في 
الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون * بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله 
يحب المتقين * إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة 
ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم * وإن منهم لفريقاً 
يلوون an‏ ا و TAA‏ ايد هو من عند الله 
وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون OS‏ 

وكذلك صنع القرآن مع المصريين فقد صوّرهم على أنهم قوم ينكثون ما عاهدوا الله 
عليه. قال الله تعالى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون * 
فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما 
طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون * وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بهافما 
نحن لك بمؤمنين * فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات 
فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين * ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما 
عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل * فلما كشفنا عنهم 
الرجز إلى أجل هم بالغوه ذا هم ينكثون * فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذيوا 
بآياتنا وكانوا عنها غافلين OS‏ 


كما رماهم بالخفة والطيش في اتباع فرعون وعبادته. قال تعالى في سورة الزخرف 
)\( سورة cb A)‏ الآيات 48 ١‏ 


NA — Vo سورة آل عمرانء الآيات‎ (ï) 
.٠١١ 11٠١ سورة الأعراف» الآيات‎ (Y) 


القيّم الدينية والخلقية 


à‏ وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك age La‏ عندك إننا لمهتدون * Lali‏ كشفنا agic‏ العذاب 
إذا هم ينكثون * ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار 
تجري من تحتي أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين * فلولا 
ألقي عليه أسورة من ذهب أو pla‏ معه الملائكة مقترنين * فاستخف قومه فأطاعوه إنهم 
كانوا قوماً فاسقين 4('. 

Jail أن ننتهي من الحديث عن المعاني الخلقية نلفت الذهن إلى ما قلناه في‎ dés 
السابق عن أثر الاقتصاد في المعارضة إذ نجد هناك بعض الأشياء التي نستطيع أن نسميها‎ 
أخلاقا دفعت إليها الحالة الاقتصادية وذلك كالكبر والعناد بالنسبة للأغنياء والخضوع بالنسبة‎ 
للفقراء حتى لقد كان الأغنياء يزدرونهم.‎ 

وعلى الجملة فالجوانب الخلقية في القصص القرآني ليست بالكثيرة ولعل أهمهاهو 
الذي oli Jus‏ هنا بحيث لا نستطيع القول Wb‏ قد تركنا منها jal‏ له قيمة. 

ولا يسعني في ختام هذا الفصل إلا أن أعتذر عن التقصير الذي دفع إليه كتابتي لهذا 
الفصل سابقا في رسالة أخرى. ولأن مواد هذا الفصل بالذات قد أشبعها القدماء Ëa‏ ودرسا. 


Df 51 سورة الزخرفء الآيات‎ )١( 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


الباب الثاني 











الفن في القصة a salt‏ 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


ما هي القصة؟ وهل في القرآن قصة فنية؟ 





ونحاول أن نقف على تلك الصورة التي كان يتصوّر بها الأقدمون من علماء البلاغة 
والنقد القصة الفنية فنعجز. ويرجع هذا العجز إلى أن هؤلاء العلماء لم يلتفتوا إلى هذه القصة 
على أنها لون من ألوان الفنون والآداب فضلا عن الوقوف عندها لبحثها ودرسها وتقعيد 
قواعدها ومن هنا جاءت كتبهم خالية من أي حديث عن القصة حتى ذلك الحديث الذي يحدّدها 
ويعرف بها. 

نعم نحن لا نستطيع أن ننكر أن من مسائل البيان ما يمكن الاعتماد عليه في شرح 
وتفسير العناصر القصصية والظاهرات الأدبية في القصة الفنية وذلك من أمثال مسائل التوسُّع 
واللزوم والتمثيل فإن المسألة الأولى يمكن الاعتماد عليها في شرح عنصر الحوار Qi‏ 
وتفسيره والثانية يمكن الاعتماد عليها في الحديث عن الأحداث القصصية وبيان مدى صلتها 
بالحق والواقع أو بالعرف والخيال والثالثة يمكن الاعتماد عليها في بيان كيفية استخراج القيّم 
العقلية والتيارات الفكرية من القصة كما يمكن الاعتماد عليها في بيان أن المثل به لا يلزم أن 
يكون من الحقائق فقد يكتفي فيه بالمشهورات المتداولة وبالفرضيات المتخيلة كما سنرى 
بوضوح عند حديثنا عن القصة التمثيلية في هذا الفصل إن شاء الله. لا نستطيع أن ننكر شيئاً 
من ذلك بل نستطيع القول WL‏ قد اعتمدنا على 


1۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


شىء من ذلك فى بحتنا هذا ولكن ذلك كله لا يثبت أن هذا قد كان من الثقافة للقصة الفنية وأنه 
إنما كان منا لنرضي هذه العقلية الأزهرية التي تجهل الثقافة القصصية والتي لا يرضيها من 
مسائل البيان العربي والنقد الأدبي إلا ما كان قديما أو ما كان متصلاً من هذا القديم بسبب. 

وعدم وقوف البيانيين وعلماء النقد من الأقدمين عند القصة الفنية هو الذي سبّب ذلك 
الإهمال الشنيع لأمر القصة في بيئاتنا الرسمية بيئات أساتذة اللغة العربية في المعاهد المختلفة 
ولعله أن يكون من العجب أو من أعجب العجب أن تمضى جامعاتنا المصرية على هذه السنة 
فتهمل شأن القصة وشأن الثقافة الفنية القصصية حتى وقتنا هذا مع اعتراف جميع الدارسين 
للأداب والفنون بأن القصة الفنية أقوى ألوان الفنون تأثيرآ وأكثرها ذيوعا وانتشاراً. ومن 
يدري فلعل هذا الإهمال هو الذي سبّب هذه الثورة الأزهرية وتلك المعارضة الجامعية لرسالة 
الفن القصصي لأن الإهمال يدفع إلى الجهل والجهل يدفع إلى العداء. Ces‏ جهله Gi‏ عاداه. 

وعدم وقوف البيانيين عند القصة لا يعني أن غيرهم لم يقف عندها فنحن نعلم أن 
هناك وقفات من المفسرين وعلماء اللغة. 

أما علماء اللغة فقد اكتفوا من الحديث عن القصة بتحديدات مبهمة وتعريفات ناقصة 
بل هم اكتفوا بما يستثيره لفظ قصة في الذهن من معنى وذلك ليس بالغريب عليهم فيما نرى 
فشأن علماء اللغة وبخاصة من هم من أبناء العربية أن يذكروا لنا معاني الألفاظ أو ما تستثيره 
الألفاظ في الأذهان من صور وليس من شأنهم أن يذكروا الحدود الفنية والتعريفات العلمية وما 
يتبع ذلك من حديث تام شامل عندما تكون الألفاظ من المصطلحات العلمية أو الفنية. 

والمعاني التي وقف عندها علماء اللغة عند حديثهم عن مادة « ق ص ص » كثيرة 
ولعل أقربها إلى ما نحن بصدده من حديث أدبي ما رواه اللغويون عن الأزهري وعن الليث. 


يقول الأول: القص فعل القاص إذ قصً القصص والقصة معروفة. 


NG. 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


ويقول الثاني: القص اتباع الأثر ويقال خرج فلان قصصا في أثر فلان وقصا وذلك 
إذا اقتص أثره وقيل القاص يقص القصص لأتباعه خبراً بعد خبر وسوقه الكلام سوق(" 

أما في كتب التفسير فتخطو المسألة خطوة إلى الأمام ذلك لأنهم ينظرون إلى المسألة 
باعتبارين: اعتبار لغوي يعتمدون فيه على ذلك الحصيل اللغوي الذي صوّرنا لك طرفا منه. 
واعتبار ديني ينظرون فيه من وجهة نظر خاصة هي قصد القرآن الكريم من قصصه أو 
أهدافه التي يرمي إليها. وإذا حاولنا اختيار واحد من المفسّرين يمثل الاعتبارين ويقترب إلى 
حد ما من الميدان الأدبي فسنختار الرازي. 

يقول رحمه الله عند تفسيره à ADU‏ نحن نقص عليك أحسن القصص Las‏ أوحينا إليك 
هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين 4 ما يأتي 

» المسألة الثانية: القصص E Li‏ بعضه وأصله في اللغة المتابعة قال تعالى à‏ وقالت 

Dre or Se حرط د‎ 

و 


وهو قول يدل على أن الرازي يحاول التقريب بين المعنى اللغوي والاصطلاح الأدبي 
cils‏ كن برط م الأشين باستعمالة فط التحكانة ر Et‏ لفط He ca‏ 


ويقول أيضا عند تفسيره لقوله تعالى ‏ إن هذا لهو القصص الحق... 4 الخ ما 
بلي : EO TE‏ كد ا ردن ي الى الدين ويرشد إلى الحق ويأمر 
بطلب النجاة/ 


دة قصص في كل من اللسان والقاموس ومفردات الراغب والنهاية. 
رة يوسف»› y AN)‏ 


.١١ AN Yaa) رة‎ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وهو قول يشرح معنى القصص شرحا دينيا والرازي بهذا القول يدخل الميدان الأدبي 
أو يقترب منه وذلك لأن القصة الدينية ليست إلا لونا من ألوان القصص الأدبي. 

٠‏ ونحن مع احترامنا لكل من اللغويين والمفسسّرين لا نستطيع ونحن ندرس القصص 
الفني أن نقف عند هذه الحدود ذلك لاتا حين نذكر قصة إنما نقصد شيئاً آخر aal‏ من متابعة 
الخبر أو الحديث. نقصد ذلك العمل الأدبي الذي يكون نتيجة تخيّل القاص لحوادث وقعت من 
بطل لا وجود له أو لبطل له وجود ولكن الأحداث التي دارت حوله في القصة لم تقع أو 
وقعت للبطل ولكنها نظمت في القصة على أساس فني بلاغي فقدم بعضها وأخّر آخر وذكر 
بعضها وحذف آخر أو أضيف إلى الواقع بعض لم يقع أو بولغ في التصوير إلى الحد الذي 
يخرج بالشخصية التاريخية عن أن تكون من الحقائق العادية والمألوفة ويجعلها من الأشخاص 
الخيالبيق: 

ذلك هو الذي نقصده عندما نذكر لفظة قصة في الميدان الأدبي وهو الذي نقصد إليه 
من درسنا للقصص الفني في القرآن الكريم ومن هنا يجب علينا أن نقف لنبحث عن ذلك 
القصد الأدبي أو الفني من قصص القرآن الكريم فهل وجد ذلك القصد أو لم يوجد؟ وبعبارة 
أخرى هل قصد القرآن من قصصه إلى ما يقصد إليه الأدباء من التأثير الوجداني واستثارة 
العاطفة والخيال أو قصد إلى التأثير العقلي وإقامة الدليل والبرهان؟ 


لا أريد في هذا الموقف أن أملي عليك رأيا بعينه وإنما أريد أن نستعرض سويا بعض 
الأقاصيص القرآنية لنرى رأينا فيها من حيث ذلك القصد الفني وسأحرص في هذا العرض أن 
تكون هذه الأقاصيص في مجموعات كل واحدة منها تمثل Ga‏ من أالوان القصص الففي 
وسنكتفي في هذا العرض بالألوان التالية: 
الشخصيات التاريخية من أمثال الأنبياء والمرسلين والذي يعتقد الأقدمون أن الأحداث 
القصصية فيه هي الأحداث التاريخية. 

(Y)‏ اللون التمثيلي: ونقصد منه في هذا الموقف ذلك اللون الذي يرى بعض الأقدمين 
أن الأحداث فيه ليست إلا الأحداث التي يقصد منها إلى البيان والإيضاح أو إلى 


yoy 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


الشرح والتفسير والذي لا يلزم فيه أن تكون أحداثه من الحقائق فقد يكتفي فيه بالفرضيات 
والمتخيلات على حد تعبير الأقدمين. 

(Y)‏ اللون الأسطوري: وهو الذي تبنى فيه القصة على أسطورة من الأساطير والذي 
يقصد منه في الغالب إلى تحقيق غاية علمية أو تفسير ظاهرة وجودية أو شرح مسألة قد 
استعصت على العقل. والعنصر الأسطوري في هذه الأقاصيص لا يقصد لذاته وإنما يتخذ كما 
سذرئ بعد لحظاك: علق أ الؤسفلة HN y‏ 


ونستطيع أن jan‏ الآن بذلك اللون الذي يسلم الجميع بوجوده في القرآن الكريم وهو 
اللون التاريخي. 


)١(‏ القصة التاريخية 


ولن نقف هنا عند طبيعة الأحداث الواردة في هذا اللون من القصص من حيث 
وقوعها أو عدم الوقوع فلذلك محله في فصل خاص بالمواد القصصية وطبيعتها وموقف 
القرآن الكريم منها. وإنما سنمضي في هذا الموقف وقد فرضنا أو Ual‏ بأن هذه الأحداث قد 
وقعت حقا لنرى رأينا في كيفية صياغة القرآن الكريم لهذه الأحداث وتصويره للأشخاص وهل 
os‏ وراء ذلك إلى العطة والغيرة أن إلى الحفيقة sagal‏ 

)1( لنقرأ سويا هذه القصة: قال تعالى ل كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر * إتا 
Ulaj‏ عليهم ريحا [yaya‏ في يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر * 
فكيف كان عذابي ونذر OS‏ 

ولنفكر فسنرى أن القرآن قد تخلى عن كثير من التفصيلات فلم يذكر عن عاد شيا 
قبل التكذيب وحتى عملية الإرسال نفسها قد تجاوز عنها فلم يذكر عن هود شيئاً وهو الرسول 
الذي كثبه القوم. كما لم يذكر هنا صفة عاد ولم يتحدث عن بيوتها ومساكنها ولم يذكر لنا شيئا 
مما دار بين هود وقومه من جدل أو حوار. ترك كل هذا وأسرع إلى وصف العذاب. وهنا 
o jpa‏ صورة أدبية رائعة بألفاظ جزلة تهز العاطفة وتستثير الانفعال وتأخذ مكانها من الأفئدة 
والألباب فهناك الريح الصرصر وهناك النحس المستمر وهناك قوة 


YA سورة القمرء الآيات‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الريح التي تنزع الناس وكأنهم أعجاز نخل منقعر. 

فعل القرآن كل هذا لسبب بسيط هو أنه يريد في ذلك العهد أن يبث في نفوس 
المعاصرين للنبي he‏ الله عليه plus‏ الخوف من العذاب ويريد أن يريهم من الصور ما 
Jens‏ الحوفة:قويا عنقا ومن Un‏ اختار هذه -الضون و اكتفى بها حتى يشغ الذفن Lee‏ 
بغيرها. وحرص القرآن على أن يكون العذاب والخوف منه هو النتيجة التي يجب أن تقر في 
النفس وفي الفؤاد ومن هنا بدأ القصة بذلك الاستفهام الذي يصوّب إلى القلب السهام « فكيف 
كان عذابي ونذر 4؟ وختمها أيضا بالاستفهام نفسه وكأنه يريد أن يصيب من الناس المقاتل. 

وحرص القرآن في هذه السورة وبعد عرضه لكل قصة من قصصها أن يلفت Jai‏ 
مكة إلى موقفهم من النبي والقرآن وإلى أن هذا الموقف فيه ما فيه [ ولقد يسرنا القرآن للذكر 
فهل من مدكر 14". 

فعل القرآن كل هذا لأن قصص هذه السورة لم تنزل إلا للإنذار وللتخويف من 
العذاب. 

وعلى هذا فأنت ترى أن القرآن يختار من المواد الأدبية القصصية ما يحقق الغرض 
ويوفي بالقصد وأنه يعرض Le‏ عداه من أحداث وأشخاص وتفصيلات. ومن هنا لا نستطيع 
أن نقول بأن هذه القصة تقصد إلى تعليم الوقائع والتعريف بالتاريخ وإن كنا نستطيع أن نقول 
إنها قصة أدبية نزلت لقصد عاطفي هو التخويف والإنذار. 

ولقد فطن ابن الأثير إلى هذا الصنيع القصصي من القرآن وعلله تعليلا أدبيا أو بلاغيا 
أو فنيا حين قال # ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً * فقلنا اذهبا إلى 
القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمّرناهم تدميرا 4(): 

Vi»‏ ترى كيف حذف جواب الأمر في هذه الآية فان تقديره فقلنا اذهبا الى asil‏ الذين 
كذبوا بأياتنا فذهبا اليهم فكذبوهما 


NY سورة القمر, الآية‎ )١( 
NA Yo سورة الفرقان» الآيتان‎ (ï) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


فدمّرناهم تدمی رآ فذكر حاشيتي تى القصة أولها وآخرها لأنهما المقصود من القصة بطولها 

أعني ازام الحجة dieu‏ لوا واستحقاق التدمير بتكذيبهم Me‏ 

فابن es aS RS, ao‏ 
القرآن اكتفى في الذكر بحاشيتي القصة لأنها المقصود وأعرض Le‏ عداه الأمر الذي لا 
يستطيع المؤرخ yT‏ مجال له في العدول عنه لأن التاريخ لا يكون تاريخا إلا به 
وذلك من مثل ذكر صفة موسى ونسبه ووقت الإرسال والقصد من إرساله ولمّن daj‏ وأين 
وكيف des‏ هارون وزيراً وسببه وما كان بينهما وبين القوم من جدل وحوار... الخ. 

عدل القرآن عن كل هذا لسبب بسيط هو أنه يقص للموعظة والعبرة ولا يؤرخ للأفراد 
والجماعات أو للأمم والشعوب. 

جاء في المنار بصدد حديثه عن قصة الطوفان من سورة هود ما يلي: 

Gus »‏ أن قصة نوح عليه السلام els‏ في عدة سور في كل سورة leio‏ ما ليس في 

سائرها من ذلك ولهذا لم يذكر فيها من حادثة الطوفان الا ما فيه العبرة À Le pally‏ 

المقصودة بالذات منها فذكرت في بعضها باية وفي بعضها بايتين فما فوقها من جمع 

القلة وما في هذه السورة هو أطولها وأجمعها (Ve‏ 

ونستطيع الآن أن ننتهي من هذه الفقرة إلى القول بأن المقاصد والأغراض هي التي 
تدفع إلى ذكر بعض الأحداث وحذف بعضها الآخر. وإلى القول بأن ما يقال أساسا للذكر 
والحذف عند الأقدمين من مفسّرين وأدباء» هو ما نقول به اليوم أساسا لاختيار الأحداث في 
القصص القرآني وإن هذا الاختيار إنما يقوم على الاعتبارات البلاغية الأدبية التي نردها إلى 


منطق العاطفة لا إلى منطق النظر العقلي لأن قضايا الأول وجدانية شعرية وهي التي تليق 
بهذا الميدان. 


ومن هنا نستطيع أن نقول إن هذا اللون من قصص القرآن قصص أدبي وتاريخي 


NGO المثل السائر» ص‎ )١( 
ye ص‎ >٠١ المنار» ج‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يأخذ القرآن مواد القصص فيه من أحداث التاريخ ووقائعه لكنه يعرضها عرضا أدبي ويسوقها 
سوقا عاطفيا يبيّن المعاني ويؤيّد الأغراض Sas‏ بها التأثير الذي يجعل وقعها على الأنفس 
وقعا استهوائيا خطابيا يستثير منها العاطفة والوجدان. 

de A)‏ مى في هة لشن 

قال تعالى ‏ فلما sta‏ آل لوط المرسلون * قال إنكم قوم منكرون * قالوا بل جئناك 
بما كانوا فيه يمترون * وآتيناك بالحق Us‏ لصادقون * فاسر بأهلك بقطع من الليل واتبع 
أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا dun‏ توّمَرون * وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء 
مقطوع مصبحين * وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون * 
واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين * 
لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون * فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها 
وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين NG‏ 

وقال تعالى ‏ ولما جاءت رسلنا لوطاً سيءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذايوم 
عصيب * وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء 
بناتي هن أطهر لكم فاقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد 
علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن 
شديد * قالوا يا لوط إتا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت 
منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب * فلما 
جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك 
وما هي من الظالمين ببعيد AN‏ 

ثم انظر فستجد القصة في سورة هود وهي القصة الثانية جرت على هذا الأساس أو 
فلن هذه الطريقةة ٠ au‏ للاك محال لوط Na) Ju,‏ ك مك ع agi‏ تر ق 
منهم وعرضه لبناته حتى لا يخزى في ضيفه ثم ردهم عليه وعزمهم على المضي فيما 


VO 5١ سورة الحجرء الآيات‎ )١( 
AY VV سورة 98 64 الآيات‎ (Y) 


Yon 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


جاءوا من أجله ثم موقف الملائكة وإخبارهم لوطا بأنهم رسل ربه ونصحهم له بالسرى 
وإخبارهم له بأن العذاب نازل وأن موعدهم الصبح. 

وهكذا تجري القصة وقد رتبت وقائعها على أساس يشعر بأن الزمن هو المحور الذي 
يربط هذه الوقائع المختارة وتلك الأحداث المنتقاة من حياة لوط عليه السلام. كما تجري 
المحاورة بينه وبين قومه على أساس من المنطق النظري إذ تدور بينه وبين قومه قبل أن 
يعرف أن ضيفه هم رسل ربه. 

وستجد القصة في سورة الحجر تجري على نسق آخر إذ تعلمه الملائكة أنهم رسل 
ربه وتنصح له بالسرى وتنبئه Las‏ سيحل بالقرية وأهلها من عذاب قبل أن يجيئه قومه ويكون 
بينهم وبينه ذلك الحوار. 

إن المحاورة في قصة الحجر تدور بينه وبين قومه بعد أن عرف أن ضيفه هم رسل 
ربه وأنهم لن يصابوا بسوء. ويشعرنا هذا الصنيع بأن تسلسئل هذه الأحداث لا يقوم على 
الترتيب الزمني ولا على أساس من التسلسل المنطقي الذي كان من الممكن أن يكونء ذلك لأن 
العقل يجيز أن لوطا وقد عرف أن ضيفه هم رسل ربه وأنهم من الملائكة لا يخشى شيا ولا 
يخاف عليهم من قومه ومن هنا لا يعرض بناته لأذى أو مكروه. لكن القرآن خالف بين 
القصتين وجرى على نهجين مختلفين في البناء والتركيب. 

فكر في الأمر فستجد أن القصد من القصتين مختلف وسترى أن القرآن قد خالف 
بينهما في الترتيب ليشعرنا بأن هذه القصة مستقلة وتلك قصة مس تقلة وأن ترتييه للأحداث 
يختلف لاختلاف المقاصد حتى ولو أدى هذا الاختلاف إلى إهمال أهم مقومات التاريخ وهو 
الزمان. 

إن القصد من قصة لوط في سورة هود هو تثبيت قلب النبي محمد عليه السلام ومن 
أجل ذلك عني القرآن Le‏ ينال لوطا من أذى ومن هنا عني القرآن بحالته النفسية وقصد أن 
يبرز عواطفه Jang‏ أفكاره وهذا هو صنيع القرآن في كل القصص الذي ورد في هذه 
السورة وهو الذي يتلاءم مع بدئها والختام. فقد قال تعالى في مفتتح هذه السورة مصورا نفسية 
محمد عليه السلام « فلعلّك تارك بعض La‏ يوحى إليك وضائق به 


١ لاه‎ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك... 4 الخ. وقال في الختام b‏ وكلا 
نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك... 4 الخ. 

وحرص القرآن أيضا على أن يشعرنا بأن الضيق يجيء للنبي من حرصه على هداية 
قومه وموقفهم منه. كما صرح بأن السبب في قصص سورة هود إنما هو تثبيت فؤاده ومن 
هنا كان يعني بما ينال الرسل من أذى وما يشعرون به من ضيق. 

أما القصد من قصة لوط في الحجر فقد كان بيان ما ينزل بالمكذبين من أذى ومن هنا 
حرص القرآن على أن يجعل الملائكة تعلن عن نفسها وتخبر لوطا بما سيحل بالقوم من 
مصائب وما سينزل عليهم من عذاب. وهذا هو الذي يتلاءم وحالة النبي محمد عليه السلام 
وهو ما صرح به القرآن في ختام سورة الحجر حين قال à‏ فوربك لنسألنهم أجمعين * عما 
كانوا يعملون * فاصدع gagi Las‏ واعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين * الذين 
يجعلون مع الله إلهاً آخر... 4 الخ. 

فالحرص على العذاب الذي ينزل بأقوام الرسل هو المقصود من القصة وهو الذي 
يتلاءم مع ذلك القسم الأخير ومع إعلان حماية الله للنبي وطلبه منه أن يعرض عن المشركين 
وأنه سيكفيه هؤلاء agi g‏ سيعلمون عاقبة هذا الموقف ومغبَّة هذا الأمر. 

وهكذا تجد أن ترتيب هذه الأحداث يقوم على أساس غايته تحريك العاطفة ويؤدي 
نتيجة بغيتها هز العقول والأفهام. وكل هذا هو ما نطلق عليه اليوم منطق العاطفة والوجدان. 

ولقد كان هذا الاختلاف في أسلوب القرآن وطريقة بناء القصة من حيث ترتيب 
الأحداث محيرا للقدماء حين أشكل الأمر عليهم فذهبوا إلى أن هذه الحادثة في هذا الموطن هي 
التي ذكرت في ذلك. 


AY سورة هودء الآية‎ )١( 
.٠٠١ AYI نفس السورة»‎ (Y) 
JAN AT سورة الحجرء الآيات‎ (Y) 


10۸ 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


جاء في النيسابوري ما يلي: 

» وللمفسّرين خلاف في أن هذا الميقات cpe‏ ميقات الكلام والرؤية أم غيره. الذاهبون 
الى الأول قالوا إن موسى كان أمره ربه أن يأنيه في سبعين من بني إسرائيل Lali‏ 
سمعوا الكلام طلبوا الرؤية وقالوا ol à‏ نؤمن لك حتى نرى الله جهرة 4 فأخنتهم 
الصاعقة وهي المراد من الرجفة في هذه الاية. والذاهبون الى الثاني حملوا القصة على 
ما مر في البقرة في تفسير قوله gp‏ قلتم يا موسى لن نؤمن لك VS‏ وقد ذكرنا 
هنالك أن منهم من قال هذه الواقعة كانت قبل قتل الأنفس توبة من عبادة العجل ومنهم 
من قال انها كانت بعد القتل واحتج أصحاب هذا المذهب على المغايرة بأنه تعالى نكر 
قصة مبقات الكلام وطلب الرؤية ثم أتبعها ذكر قصة العجل ثم ختم الكلام بهذه القصة. 
فظاهر الحال يقتضي أن تكون هذه القصة مغاي 5 لتلك والا rT‏ 


فالنيسابوري هنا يصور لنا الخلاف في الترتيب بين قصتين ويرى أن ظاهر الحال 
يقتضي أن تكون هذه غير تلك وهو يقول بهذا القول خشية انخرام التناسب ولو فطن 
النيسابوري إلى أن القرآن هو الذي قصد إلى هذا لما قام عنده ولا عند غيره من المفسّرين 
أمثال هذه المشكلات القصصية في القرآن. 

إن ترتيب الأحداث في قصة البقرة على أساس تذكير اليهود أنفسهم بالنعم التي أنعم 
الله بها عليهم ليحببهم في النبي عليه السلام ويدفعهم إلى الدخول في الإسلام ومن هنا لم يعن 
القرآن بتفصيل الأحداث ولا بما وقع من المصائب كالقمل والضفادع والدم وغيرها أما ترتيبها 
في قصة الأعراف فيقوم على أساس آخر لم يعن القرآن فيه باليهود ليعظهم وي ذگرهم وإنما 
غني بالأحداث نفسها ليلقي الرعب في قلوب المشركين من Jai‏ مكة ويدفعهم إلى البعد عن 
التكذيب والاستكبار ومن هنا سرد الأحداث سردا تفصيليا ودل على ما كان ينزل بهم من 
العذاب والمصائب دلالة قوية وأظهر عطفه على موسى واختياره له كما أظهر عطف موسى 
عليه السلام على قومه. 


)\( سورة AN cb A)‏ 00. 
(؟) نفس السور 5 والآية: 
(Y)‏ النيسابوري» ج ۹ ص ON‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


إن المقاصد التي يرمي إليها القرآن هي التي تملي الأسلوب والطريقة وهي التي من 
أجلها يسلسل القرآن الأحداث ويربط بينها برباط من العاطفة والوجدان. 
ولقد كان الأستاذ الإمام رحمه الله سباقا إلى تقرير هذه القاعدة القصصية في ترتيب 
الأحداث. وهذه بعض النصوص التي توضح ذلك: 
جاء في المنار ما يلي: قال الأستاذ الإمام: إن كثيرين من أعداء القرآن يأخذون عليه 
عدم الترتيب في القصص ويقولون هنا إن الاستقساء وضرب الحجر كان قبل التيه 
وقبل الأمر بدخول تلك القرية فذكرها هنا بعد تلك الوقائع. والجواب عن هذه الشبهة 
يفهم Le‏ قلناه TI ya‏ في قصص الأنبياء والأمم الواردة في القرآن وهو أنه لم يقصد بها 
التاريخ وسرد الوقائع مرئبة بحسب أزمنة وقوعها Laily‏ المراد بها الاعتبار والعظلة 
ببيان ai‏ متصلة باسبابها لتطلب بها وبيان النقم بعللها EU‏ من وجهتها. ومتى كان 
هذا هو الغرض من السياق فالواجب ان يكون ترتيب الوقائع في الذكر علة الوجه الذي 
يكون أبلغ في التذكير وأدعى الى التأثي ر .٠‏ 
وجاء فيه أيضا: قال الأستاذ الإمام: جاءت هذه الآيات على أسلوب القرآن الخاص 
الذي لم يسبق اليه ولم يلحق فيه فهو في هذه القصص لم يلتزم ترتيب المؤرخين ولا 
طريقة الكتاب في تنسيق الكلام وترتيبه على حسب الوقائع حتى في القصة الواحدة. 
وانما ينسّق الكلام فيه باسلوب يأخذ بمجامع القلوب ويحرك الفكر الى النظر تحريكا 
ويهز النفس للاعتبار هزا وقد راعى في قصص بي il pal‏ أنواع المنن التي منحهم 
الله تعالى اياها وضروب الكف ران و الفسوق التي قابلوها بها وما كان في اثر كل ذلك من 
تاديبهم بالعقوبات وابتلائهم بالحسنات والسيئات وكيف كانوا يحدثون في أثر كل عقوية 
توبة ويحدث لهم في أثر كل توبة نعمة ثم يعودون الى بط رهم وينقلبون الى كف رهم "). 
وواضح من نصوص المنار أن الأستاذ الإمام يرى أن ترتيب الأحداث في القصص 
القرآني يرجع إلى اعتبار بلاغي خاص من أجله يقوم العرض على أساس عاطفي وإنه في 


NY ص‎ >١ المنار» ج‎ (\) 
VE ص‎ c jall نفس‎ (Y) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


ذلك يخالف الأساس الذي يقوم عليه ترتيب الأحداث عند المؤرخين قطعاً وهذا هو جوهر ما 
نقصد إليه حين نقول بأن عرض القرآن لأحداثه القصصية ليس إلا العرض الأدبي العاطفي» 
ليس إلا العرض الفني وأن القصص القرآني فني. 

وهكذا نستطيع أن ننتهي من هذه الفقرة إلى القول بأن أحداث التاريخ التي وردت في 
القصص القرآني قد رتبت Qi ji‏ عاطفيا وبُنيت su‏ يقصد به تحريك الهمم والنفوس ومعنى 
ذلك أنها لون من ألوان القصص التاريخي الفني. وأن العمل فيها فني يقدّر بموازين الفن 
القولي لا بموازين المؤرخين. 

واقرأ معي Laj‏ هذه الأقاصيص: 

قال تعالى à‏ كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تقون * إني لكم 
رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب 
العالمين * أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم 
بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم Las‏ تعلمون * أمدكم بأنعام 
وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا سواء علينا أوعظت أم 
لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين * فكذبوه فأهلكناهم إن 
في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم NG‏ 

وقال تعالى ١‏ كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * إني 
لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب 
العالمين * أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم 
قوم عادون * قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين * قال إني لعملكم من 
القالين * رب نجني وأهلي مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين * إل عجوزاً في 
الغابرين * ثم دمّرنا الآخرين * وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين * إن في ذلك 


AE سورة الشعراءء الآيات 1577ل‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 
لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم 04 

ثم انظر فسترى وحدة في التصميم واتفاقا في البناء والتركيب وإن اختلفت مواد البناء 
في بعض الأحيان. 

هذا المطلع في الثانية وذاك المطلع في الأولى متفقان في الألفاظ والتراكيب وحتى في 
الخروج من الإفراد في الرسل إلى الجمع gai‏ نعلم أن عاداً لم يكن لها من الرسل غير هود 
وكذلك الحال مع قوم لوط. 

وهذه الخواتم في القصتين متفقة في الألفاظ والتراكيب. 

وهذا الجو العاطفي الذي يسود القصتين من حرص على الهداية من الرسل ذلك 
الحرص الذي يدفعهم إلى الاستعانة ببعض الصفات التي تر 0 قق العاطفة وتذيب القلب من أنه 
لاا dd‏ اوتا AS‏ ا 9 
منهم إلا أن يتقوا الله ويطيعوه. أما هم فحريصون على المخالفة لا يقبلون النصح والإرشاد 
ويصرون على موقفهم على ما فيه من فساد وضلال. فقوم هود لن يستجيبوا وسواء عليهم 
أوعظ al‏ لم يكن من الواعظين وقوم لوط يطلبون إليه أن يكف عن وعظه Yy‏ كان من 
المخرجين. 

وهكذا ترى أن الأساس الذي قام عليه بناء القصتين واحد وأن الروح التي تسود 
القصتين واحدة وإن اختلفت العناصر من أحداث وأشخاص وحوار في بعض الأحيان. 

إن السر في هذه الوحدة هو أن القصد الذي يرمي إليه القرآن من القصتين واحد وهو 
ذلك الذي أشار إليه في أول السورة من حرص محمد عليه السلام على هداية قومه ثم من 
موقفهم منه ذلك الموقف الذي لخّصته السورة في الختام. 

قال تعالى à‏ طسم * تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا 
مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين Ng‏ 


AVO ٠٠١١ سورة الشعراءء الآيات‎ )١( 
.٤ ١ نفس السورة»ء الآيات‎ (Y) 


11۲ 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


ولعل هذه الروح هي التي سادت Le‏ ورد في السورة من قصص ومن هنا بنيت بناءً 
متشابها واتّفقت في DÉS‏ من مواد هذا البناء. 


ونستطيع أن ننتهي من هذه الفقرة إلى القول بأن المنطق العاطفي هو الذي يسود 
القصة التاريخية في القرآن الكريم من حيث الاختيار أو بتعبير الأقدمين من حيث الذكر 
والحذف وليس هذا فحسب بل هو الذي يسودها من حيث الترتيب أو باصطلاح القدماء من 
حيث التقديم والتأخير. وليس هذا فحسب بل من حيث التصميم والبناء ومعنى ذلك أن القصص 
التاريخي في القرآن قصص أدبي أولا وأخيرا وهكذا يكون معجزة بلاغية قولية ثفهم بأضواء 
الدرس الفني. 

عرضنا عليك في الفقرات السابقة أمورا تدل على أن القصة التاريخية ليست عرض 
تاريخيا تطلب فيه المطابقة الواقعية المحققة للصدق العقلي وإنما هي عرض أدبي يطلب فيه 
التأثير وقوة الواقع ليتحقق به الصدق الفني أو الأدبي ويكون التوجيه نحو الغاية المبتغاة 
وانتهينا إلى أن القصة التاريخية في القرآن قصة أدبية يقصد منها غير ما يقصد من التاريخ 
وتعرض غير ما يعرض التاريخ وتثبت غير ما يثبت التاريخ وشرحنا كل ذلك شرحا اعتمدنا 
فيه على العلاقات التي تقوم بين المواد القصصية المتعددة من حيث اختيار بعض المواد دون 
بعضها الآخر أو باصطلاح الأقدمين من حيث الذكر والحذف ومن حيث الإيجاز والإطناب. 
ثم من dus‏ ترتيب المواد المختارة أو المنتقاة أو بعبارة الأقدمين من dus‏ التقديم والتأخير 
وكان كل ذلك في القصة الواحدة. ثم شرحنا بعض ذلك شرحا اعتمدنا فيه على العلاقات بين 
القصص المختلفة من حيث التصميم أو الصوغ والتركيب وذلك في القصص التي تختلف 
غت ا ها أن مواد Les‏ :و للحظنا JS cf‏ :هذى الأمور 4855 Qi pas à mil (Gén Le de‏ 
وأن الذي يسودها هو الجو العاطفي وأن الذي ينظمها هو منطق العاطفة والوجدان وأنها لكل 
هذا قصة أدبية وعمل فني رائع معجز 

والآن نريد أن ننظر في أمر آخر هو موقف القرآن من العنصر القصصي الواحد. 
لننظر سوياً في هذه العناصر: 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ا على را عكري ال عور ريراك بجر SECS‏ 
أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم من ربكم عظيم 4( 

وهو قول يخاطب به القرآن المعاصرين للنبي عليه السلام من أهل الكتاب ويذكر 
نعمه عليهم وفضله الذي أسبغه فيما مضى لكنا نلحظ أنه لم يأت بالصيغ التي تدل على هذه 
الحقيقة من حيث الزمان فهو يعرض عن الماضي الذي يصور ما حدث لأجدادهم في زمن 
موسى وقبله Gang‏ هذا الحدث بالصيغة التي تدل على الحضور والمشاهدة وكأن الأمر يقع 
بهم لا بأجدادهم وكأنه يقع بهم الآن. 

إنما يفسسّر هذا الصنيع Le‏ نعرفه من العناية الأدبية التي يرمي إليها القرآن والتي هي 
سر إعجازه والتي تعنى بالتأثير على النفوس فيخرج الكلام وقد ساده ذلك المنطق الذي نسميه 
بمنطق العاطفة والوجدان. 

إن الأسرار التي من أجلها ذكر القرآن هذه النعم التي تفضل الله بها فيما مضى على 
اليهود وأهل الكتاب هي أن يرقق قلوبهم ويصرفهم إلى الإيمان بمحمد عليه السلام وأنه من 
أجل هذا أعرض عن الصيغة الدالة على الحدث والزمان إلى صيغة أخرى تضع المسألة بين 
أيديهم وتعرضها على أبصارهم بما فيها من حيوية فنية هي تلك الحيوية التي يعبر عنها في 
الأدب بالتصوير بالحركات والإشارات. 

إن هذه الصورة أقدر على تحريك القلوب وأكثر استثارة للعاطفة والوجدانء إنها 
الصورة التي تبعث في أنفسهم الخشية والخضوع المحبب للواحد الديان. 

(ب) قال تعالى < وبرزوا لله جميعاً فقال الضعفاء للذين استكبروا إثا كنا لكم تبعاً 
فهل aii‏ مغنون Lie‏ من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا Lie jai‏ 
al‏ صبرنا ما لنا من محيص * وقال الشيطان لما فضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق 
ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني 
ولوموا SS E ESE SERE ain‏ 
الظالمين لهم عذاب أليم 4(") 


=q الآية‎ cb A) سورة‎ (\) 
NN — Ni الآيتان‎ seal l سورة‎ (ï) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


هذه آيات تصوار موقفا من مواقف الآخرة وتصور نزاعا بين المستضصعفير 
والمستكبرين وبين الشيطان ومتبعيه وهي من dus‏ الزمان لم تقع بعد ولو كان المنطق العقلي 
يوجب الأمر للواقع والمطابقة وجب أن Jos‏ هذه الصورة بالصيغ التي تدل على المستقبل 
لكن القرآن عدل عن هذه الصورة إلى الصورة التي تدل على أنها وقعت فعلا ذلك لأنه عجر 
عن ذلك بالماضي. à‏ وبرزوا 4 à‏ وقال الشيطان 4 à‏ فقال الضعفاء... 4 الخ. فماهو 
السر؟ 

إن الوقوف على السر ليس بالعسير ولا الشاق فالقرآن لا يقصد من هذه الصورة أن 
يعلم الناس شيئا تتعلق به عقيدة ما أو عمل ما سيحدث بين المستضعفين والمستكبرين في 
الآخرة أو بين هؤلاء وبين الشيطان فيعرفوا منه حقائق ويتعلموا منه معارف يعتقدونها أو 
يستعملونها إنما يريد أن يصلح نفوسهم بهدايتها إلى ما ينتظرها في العالم الآخر من مؤاخذة 
ومسؤولية ومحاكمة وما إلى ذلك وهو يصل إلى هذا من الطريق الأدبي البليغ وما يتبعه من 
اهتزازات عاطفية وانفعالات نفسية. 

إنما يقصد القرآن من هذه الصورة أن يبث الخوف والقلق في نفوس المعاصرين للنبي 
عليه السلام وأن يصرف المستضعفين عن إتباع المستكبرين والاستماع إليهم وأن يصرف 
المستكبرين عن الجري مع الهوى وخلف الشيطان وأنه من أجل ذلك صوّر هذه المحاورة 
بصورة الأمر الواقع وجاء لها بصيغة الماضي وأنه لم يفعل ذلك إلا لأنه يعلم أن المعاصرين 
للنبي عليه السلام ينكرون البعث الذي هو حق لا بد من وقوعه وأنه يريد أن يسد عليهم 
المنافذ وأن يضع المسألة موضع الأمر الذي قد وقع ومضى فجاء بالصيغة الدالة على ذلك 
وهي صيغة الماضي الذي يؤكد وقوع الفعل أو بعبارة حديثة صور هذا المنظر بالصورة التي 
تدل على الإيهام بالواقع. 

إن التعبير بالماضي هنا يدل عقليا على الوقوع قبل زمن الكلام Jus‏ عاطفيا أو بلاغيا 
أدبيا أو فنيا على حقيقة الحدث وأنه لا بد كائن ولا مفر فالدلالة الأولى حين تراد يكون ذلك 
منطق العقل ويحكم عليه بالصدق الخلقي والعقلي أو قسيمه وهو ما ليس من مراد القرآن فلا 
محل للمؤاخذة به. 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وأما المعاني الثانية والدلالة البلاغية حين تراد فيكون ذلك منطق العاطفة الذي لا 
يحكم عليه أو معه بصدق أو كذب لأن المراد ليس إفادة الوقوع والتحقّق بل إفادة شيء آخر 
هو التحقّق والتأكد. 

ولعل الذي يؤكد كل هذا هو ذكره سبحانه وتعالى في الآية السابقة لهذه الآيات 
المتقدمة فقد قال à‏ ألم تر الله خلق السموات والأرض بالحق إن يشاء يذهبكم ويأت بخلق 
جديد * وما ذلك على الله بعزيز 4('. 

إذ يوجّه الخطاب إلى قوم النبي عليه السلام ويصوّر موقفهم منه ذلك الموقف الذي 
يدل على أنهم قد بلغوا من العنت نهاية الشوط حتى ليذهبهم ويأتي بخلق جديد. 


إن المنطق الذي يسود هذه الصورة هو المنطق الأدبي منطق العاطفة والوجدان ولقد 

جاء في ابن الأثير بصدد حديثه عن اللونين من التعبير» عن المستقبل بالماضي وعن الماضي 

بالمستقبل ما يلي: 
والفرق بينه وبين الاختبار بالفعل المستقبل عن الماضي أن الغرض بذلك تبيّن هيئة 
deil‏ واستحضار صورته ليكون السامع كأنه يشاهدها والغرض بهذا هو الدلالة على 
ايجاد الفعل الذي لم يوجد بعد فمن أمثلة الإخبار بالفعل الماضي عن المستقبل قوله 
تعالى... وكذلك جاء قوله تعالى à‏ ويوم نسير الجبال وترى الاأرض بارزة وحشرناهم 
فلم نغادر ché Laj g 4 hial agia‏ وحشرناهم ماضیا بعد نسير وترى وهما مستقبلان 
للدلالة على أن حش رهم قبل التسيير والبروز ليشاهد | تلك الأحوال كأنه قال وحشرناهم 
قبل ذلك لأن الحشر هو المهم لأن من الناس من ينكره كالفلاسفة وغيرهم من أجل ذلك 
ذكر بلفظ الماضي"". 

)\( سورة إبراهيم› الآيتان Va YA‏ 

. ٤١ سورة الكهفء الآية‎ (Y) 

AVY المثل السائر» ص‎ (Y) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


وواضح أن ابن الأثير يرى أن المنطق الذي يسير هذه الصيغ هو المنطق النفسي Y‏ 
العقلي» هو المنطق البلاغي أي المنطق الأدبي أو الفني. 


ولقد كان هذا الصنيع من القرآن jana‏ | للقدماء ذلك لأنهم مع وجود هذا الإيضاح لم 
يفسروا هذه الظاهرة على أساس من المنطق الأدبى وإنما فسروها على أساس المنطق العقلى 
أو المنطق التاريخيء ومن هنا وقعوا في المآزق وعانوا TËS‏ من المشكلات. ومن ذلك 
موقفهم من قصة عيسى في آخر سورة المائدة وهي قوله تعالى 8 وإذ قال الله يا عيسى ابن 
مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول 
ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت 
علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً 
Le‏ دمت فيهم فلما توقيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد * إن تعذبهم 
فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم OS‏ 

فقد وقفوا عند هذه المحاورة ليفسّروها على أساس الدلالة اللغوية والمعانى الأولى 
فجعلوها من المنطق التاريخي ومن هنا أخذوا يسألون أنفسهم متى وقعت هذه المحاورة فذهب 
قوم إلى أنها كانت عند رفع عيسى عليه السلام إلى السماء وذلك Qi‏ مع التعبير بصيغة 
الماضي وذهب اخرون إلى ES‏ 0 وإلى انها ستكون يوم القيامة بدليل قوله تعالى 
« هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم 714 إذ هو وصف ليوم القيامة وذلك واضح في 
النيسابوري. والسبب في هذا أنهم فهموا من الآية المعاني الأولى كما يقول البلاغيون فجعلوها 
من المنطق العقلي ومن هنا حاولوا معرفة الوقت الذي حدثت أو ستحدث فيه هذه المحاورة 
بين عيسى عليه السلام والخالق سبحانه وتعالى ولو أنهم ذكروا وجه المسألة وقدّروا أن المراد 
منها المعانى الثانية وهى المعانى الأدبية أو الفنية لوضعوها على أساس من المنطق الأدبى 
منطق العاطفة والوجدان وبحتوا عن القصد الذي يرمي إليه القرآن وأنه ليس الإخبار | 


ANA ١١١ الآيات‎ alal سورة‎ )١( 
NA نفس السورة» الآية‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عما يتمستكون به من عبادة عيسى عليه السلام. 


إن المفسّرين لو مضوا في فهم المسألة على هذا الوجه لما وجدوا فيها شيئا يسيّب هذه 
المشكلة ويجعلهم يختلفون هذا الاختلاف. ولو فعلوا لما بقي عليهم إلا أن يعللوا لماذا جاءت 
هذه المحاورة بالصيغة الدالة على الوقوع وهو الأمر اليسير ذلك لأن القرآن يريد أن يأخذ 
على هؤلاء الطرق ويسد عليهم المسالك ومن هنا وضع المسألة موضع الأمر الواقع المفروغ 
منه حتى ANG‏ ليس محلا للشك Suai‏ عن الإنكار وذلك مما يزعزع عقيدتهم ويخوفهم من 
عذاب المنتقم الجبار. وإني لا أرى aile‏ في أن تكون هذه المحاورة مشبهة للمحاورة السابقة 
التي دارت بين المستضعفين والمستكبرين وبين المستكبرين والشيطان. 

وإني لأعتقد أن مذهب القرآن في تصوير مشاهد القيامة أو ما يستبعد وقوعه من 
المصائب والعذاب يعتمد في الغالب على هذا الأسلوب أسلوب استعمال الصيّغ الدالة على 
re‏ ل اا ا ل او 
الآيات ‏ اقتربت الساعة وانشق القمر 4 أتى أمر الله فلا تستعجلوه OE‏ 

والذي نريد أن ننتهي إليه هنا هو أن القرآن وهو يعاجز معاجزة أدبية بلاغية كان في 
ف وا ايه من شال الع الان انما برد العا ا و دمن ها كن JEAN‏ 
للمنطق الأدبي في صيّغ الأفعال المحددة للزمان وأنه من هنا Laj‏ كان يخرج بها عن تلك 
الدلالة الزمنية التي هي المعاني الأولى إلى الصور الأدبية التي تستثير العاطفة وتهز الوجدان 
لذا لا نستطيع أن نحكم عليها بصدق عادي ولا بكذب عقلي. aan‏ كل .هذا أن ارت 
في عرض المواد القصصية الجزئية كان أسلوبا أدبي يخضع لمنطق العاطفة والوجدان. 


على أن هذا هو الأسلوب البياني في التعبير فالأديب المتفنن يريد وصف رجل 


.١ AN سورة القمر,‎ )١( 
.١ سورة النحلء الآية‎ (Y) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


بالشجاعة فيتجوز لذلك ويستعير ويكني عن ذلك بما يشاء الله أن يكني ولكل من هذه الألوان 
صيغه وعباراته وهي كلها صادقة في تحقيق الغاية الأدبية في وصف هذا الإنسان بالشجاعة 

وإذا كان هذا الأمر وقع حينما ذهب بعض الأقدمين إلى أن الاستعارة أو التخييل كذب 
والكذب لا يجوز وقوعه في القرآن فقد مضى ذلك الزمن وأصبحنا نرى وقوع الاستعارة 
والمبالغة واعترف بذلك علماء البيان ومضوا على أن هذه الأشياء البيانية من استعارة وتشبيه 
وكناية أبلغ من غيرها ومن هنا نراهم يقولون المجاز أبلغ من الحقيقة. 

إن المهم في هذه المسألة كما سنشرح ذلك في القصة التمثيلية أن يعرف الأسلوب 
الذي يبني عليه الأديب عباراته ومتى عرف ذلك له فلا صدق ولا كذب ولا خلافه من وجهة 
النظر الأدبية والبلاغة: 

لقد تقرر أن القرآن إنساني العبارة بشري الأسلوب ela‏ على ستن العرب في بلاغتها 
وبيانها فهل بعد ذلك كله يأتي مَن يقول إن القرآن لا يفهم على هذه القواعد أو تلك الأساليب؟ 

إن المسألة في القصة القرآنية هي بعينيها مسائل الصور البيانية من مجاز وتشبيه 
واستعارة وكناية... الخ وأنها من هنا لا توصف لا بتصديق ولا بتكذيب وإنما هي العرض 
الأدبي الذي يهز العاطفة ويستثير الوجدان. 
الأقاصيص المختلفة التي تدور حول شخصية واحدة فيختلف منها البناء والتركيب وطريقة 
العرض باختلاف القصد والغرض وظروف البيئة وتقلبات الزمن. اقرأ معي هذه الآيات: 

قال تعال ‏ وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على 
غنمي ولي فيها مآرب أخرى * قال ألقها يا موسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى * قال 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى * واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير 
سوء آية أخرى * لنريك من آياتنا الكبرى NG‏ 

ويعلق الزمخشري على هذه الآيات عند تفسيره لها بقوله: 

ان قلت كيف ذكرت بألفاظ مختلفة بالحية والجان والثعبان. قلت Li‏ الحية auli‏ جنس 

بقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير وأما الثعبان والجان فبينهما تناف لأن الثعبان 

العظيم من الحيات الدقيق وفي ذلك وجهان أحدهما أنها كانت وقت انقلابها حية حلا بها 

تنقلب حية صفراء دقيقة ثم تتورّم ويتزايد جرمها حتى تصير ثعبانا yb‏ بالجان أول 

حالهاء وبالثعبان مآلها. والثاني أنها كانت في شخص الثعبان de pus‏ حركة الجان 

والدليل عليه قوله a Lali‏ تهتز Lil‏ جان وقيل كان لها عرف كعرف الفرس قبل كان 

بين لحبيها أربعون VI y‏ 

dés‏ أن jui‏ هذه المسألة وندلك على ما بيننا وبين صاحب الكشاف من خلاف نحب 
أن نعرض عليك هذا العنصر القصصي الذي ورد بألفاظ مختلفة في سور مختلفة لنصل إلى 
الوجه الحق في تفسير هذه الظاهرة. 

قال تعالى à‏ قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك 
بشيء مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * 
ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين * قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم OS‏ 

وقال تعالى ‏ فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور ناراً قال 
لأهله امكثوا إني آنست نارآ لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون * فلما 
أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله 
رب العالمين * وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب يا موسى 
أقبل ولا تخف إنك من الآمنين * اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم 
إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون dilas‏ إنهم كانوا قوماً فاسقين * 
قال رب إني قتلت agia‏ نفساً فأخاف أن يقتلون... 4 الخ. 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


لقد تقرر أن القرآن إنساني العبارة بشري الأسلوب ela‏ على سنن العرب في 
بلاغتها وبيانها فهل بعد ذلك كله يأتي ce‏ يقول إن القرآن لا يفهم على هذه القواعد أو تلك 
الأساليب؟ 

ونحب هنا أن نلفت الذهن إلى أن الزمخشري قد أبعد حين أدخل قوله تعالى ™ فإذا 
هي ثعبان مبين 4 في الموضوع. ذلك OÙ‏ هذه عنصر آخر فهي Jos‏ موقفا غير ذلك 
الذي يصور في الموقفين السابقين. فمسألة انقلاب العصا ثعبانا كانت بمحضر من فرعون 
حين طلب البينة من موسى. ومسألة انقلابها حية أو اهتزازها كالجان كانت بين يدي الخالق 
du‏ وح حين أن فون OU)‏ بعة ا سار Ab‏ ورهة ا MENGA en‏ اة 

وقد أبعد صاحب الكشاف Laj‏ فيما ذهب إليه (je‏ رأى ذلك لأن اختيار الألفاظ لا 
يقوم إلا على اعتبار بلاغي عاطفي ومن هنا لم يحل الرأي الذي ذهب إليه المشكلة Y‏ يبقى 
du‏ ذلك — على فرك 5 EU pull Le dou ei‏ فى Gal‏ هذا اللفظ هتنا 3 ANS‏ 
اللفظ هناك؟ د 


إن الرأي فيما أعتقد هو أن الصورة التي يرسمها القرآن من سورة القصص صورة 
يشيع فيها الخوف من كل جانب وهو خوف قاتل وقد كان اللفظ الذي يلائم هذا الخوف ويجعل 
موسى يفر من الميدان هو أن يحضر اللفظ في الذهن صورة لشيء مخيف مرعب ومن هنا 
sla‏ لفظ الجان وفرق كبير بين الحية وبين الجان: إن الأولى لا تدفع الإنسان إلى أن يولي 
Lia | ada‏ وإن الذي يدفع إلى ذلك حتما هو الجان. 

أما قصة طه فقد نزلت تسلية للنبي عليه السلام وتسرية عنه وإزالة لما بنفسه من هم 
وقلق ومن هنا قال تعالى في أول السورة ا طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى Og‏ ولذا 
كان عرض المسائل في هذه القصة عرضا Ga‏ لينا يدفع إلى النفس الثقة والطمأنينة ويدفع 
عنها الهم والحزن ومن هنا كانت لفظة الحية أليق بالمقام. 


Yy الآية‎ cg) TA) سورة‎ (\) 
.7 ١ الآيتان‎ «db سورة‎ (Y) 


1۷1 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ونستطيع هنا أن نعلل لماذا كانت العصا في سورة الشعراء هي الثعبان المبين؟ إن 
الأمر يسير فيما نعتقد فالموقف موقف تحيّر وطلب بينة ومن هنا كان لا بد للعمصا من أن 
تكون Gi‏ ولا بد للثعبان من أن يكون Gus‏ ليسهل الإقناع. 
الأدبي لا التصوير التعليمي التاريخي وليس بعد ذلك من دلالة على أن القصة التاريخية في 
القرآن قصة أدبية. 

)1( على أثا نستطيع أن نمعن في الدلالة على أن القصة التاريخية في القرآن قصة 
أدبية يعتمد فيها القرآن على تصوير الأحداث كما يعتقدها المخاطبون وهو الأمر الذي أجازه 
بعض القدماء بل رآه بعضهم أمراً لا بد من القول به ليسلم القرآن من المطاعن ويس تقيم 
الأسلوب الأدبي في قصص القرآن الكريم. 

اقرأ معي هذه الأجزاء القصصية من سورة الكهف: 

(أ) قال تعالى من قصة أصحاب الكهف à‏ وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله 
حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم 
بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً * سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم 
ويقولون خمسه سادسهم كلبهم Lan,‏ بالغيب ويقولون سبعة وتامنهم كلبهم قل ربي أعلم 
بعدتهم La‏ يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهراً ولا تستفت فيهم منهم أحداً * ولا 
تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن 
يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً * ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً * قل 
الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا 
يشرك في حكمه Og [aa]‏ 


(ب) وقال تعالى « ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم Aia‏ ذكراً * إنا مكثا 
)١(‏ سورة الكهف» الآيات AT ۲١‏ 


V۲ 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً * فاتبع سبباً * حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها 
تغرب في عين حمئة ووجد عندها La sé‏ قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم 
وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسراً * ثم أتبع سبباً * حتى إذا بلغ 
مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً * كذلك وقد أحطنا La‏ 
لديه خبراً * ثم أتبع سبباً... 4 الخ. 

Ja aie مي قن‎ JE 

Lil‏ صنيعهم في القصة الأولى قصة أصحاب الكهف فأمر هين يسير ذلك لأن بعضهم 
قد رأى La‏ يروي الطبري أن القرآن الكريم يصوّر في هذه المسائل التي ستل عنها النبي 
عليه السلام آراء أهل الكتاب فيها ومن هنا كان القرآن يذكر هذه العبارات التي تدل على ذلك 
من أمثال قوله تعالى 8« قل ربي أعلم بعدتهم NG‏ وقل الله أعلم Lay‏ لبثوا 74). ومن هنا 
أيضا طلب القرآن إلى النبي عليه السلام ألا يماري فيهم وألا يستفتي فيهم Jaai‏ 

جاء الطبري بصدد حديثه عن عدد الفتية ما يلي à‏ قل ربي alej‏ بعدتهم ‏ يقول je‏ 

ذكره لنبيه محمد صلَّى الله عليه وسلّم قل يا محمد لقائلي هذه الأقوال في عدد الفتية من 

أصحاب الكهف رجما agia‏ بالغيب > ربي alej‏ بعدتهم ما يعلمهم ‏ يبقول ما يعلم 

عددهم الا قليل من خلقه كما حدثنا. .. قوله ر ولا تستفت فيهم منهم dsi # hial‏ 

تعالى ذكره ولا تستفت في عدة الفتية من أصحاب الكهف agia‏ يعني من أهل الكتاب 

أحدا لأنهم لا يعلمون عدتهم وانما يقولون فيهم رجما بالغيب ل يقينا من القول/). 


وجاء å‏ في الطبري بصدد حديثه عن المدة ولبثوا. .. الخ اختلف أهل التأويل في معنى 
سورة 5 الكهف»› الآيات 7م JAN‏ 


| 0 نفس السورة NYAN‏ 
(Y)‏ نفس السورة» الآية YT‏ 
)£( 


£ الطبري» ج 410 ص NONY‏ 


NY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


قوله ‏ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا g‏ فقال بعضهم ذلك Jus‏ من 
الله تعالى ذكره عن أهل الكتاب أنهم يقولون ذلك كذلك واستشهدوا على صحة قولهم 
ذلك بقوله à‏ قل الله أعلم Las‏ لبثو/ # وقالوا لو كان خبرا من الله عن قدر لبثهم في 
الكهف لم يكن لقوله D‏ قل الله أعلم Les‏ لبثوا ‏ وجه مفهوم وقد أعلم الله خلقه مبلغ 
لبثهم فيه وقدره. نكر من قال ذلك.. 

وهكذا ترى أن من الأقدمين Ge‏ أجاز أن تكون هذه الصور التاريخية صورا لما 


قصصه اعتقاد المعاصرين أو المخاطبين. 


وهذا الرأي هو الذي اعتمد عليه الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الوهاب النجّار في رده 


على الستشرقين الذين كرا مادة أضبحات الكيقه من JAN‏ المعاررك: الاسلاسة فقد قال ر dan‏ 


الذي ألاحظه أن عبارة دائرة المعارف الإسلامية كعبارة أكثر المفسّرين تعتبر أن قوله 
تعالى à‏ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا 4 خبر عن مدة مكث Jai‏ 
الكهف في كهفهم منذ دخلوه إلى أن استيقظوا. ولكني أفهم غير ذلك وأقول إن قوله 
ولبثوا الخ معمول لقوله سيقولون ثلاثمائة الخ فهو من مقول السائلين وليس fus‏ من الله 
تعالى ولذا أتبع ذلك القول بقوله à‏ قل الله alej‏ بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل 4. 5 وعلى 
ذلك فالقرآن لم ينص على عدد أهل الكهف ولا على المدة التي مكثوها فيه قبل أن يعثر 
aele‏ بل أمر الله رسوله أن يقول عن عددهم p‏ ربي أعلم بعدتهم 4 وأن يرد pee‏ 
PE‏ هقد .. 4 الخ بقوله ا الله أعلم بما لبثوا 4 وقد ورد هذا 
القول عن ابن Mike‏ 


وأعتقد أن pull‏ في هذه المسألة واضح بيّن فالقوم يسألون النبي عن العدد وعن المدة 


اللہ : 


وقد جعلوا آراء اليهود مقياسا يقيسون به صدق النبي عليه السلام ولو نزل القرآن بغير هذه 
الأر اء class‏ هذا المفياس لكنيوا النبى Late‏ آمنوا بة أو بالقرآن. 


إن إخبار القرآن بهذه الآراء هو الدليل على أن الوحي ينزل على النبي عليه السلام 


من السماء ومن هنا كانت أمثال العبارات السابقة: D‏ رجماً بالغيب 4 à‏ قل ربي alej‏ 


)١(‏ مادة أصحاب الكهفء دائرة المعارف الإسلامية التربية العربية. 


\Vé 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


بعدتهم 4 [ قل الله أعلم Les‏ لبثوا 4. أمرآ Wal;‏ لولاها لآمن الناس بأن هذا هو رأي 
القرآن في المسألة وعندئذٍ تقوم هذه المشكلات التي أوردها المستشرقون Lal jiel‏ على القرآن 
ودافع عن القرآن الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الوهاب النجار. 
ليس من شك فى أن الله سبحانه وتعالى قد أراد بالعدول عن الأخبار الصحيحة أمراً 
وليس هذا الأمر فيما نرى إلا صدق النبي عليه السلام والدلالة على أن الوحي ينزل عليه من 
السماء وأنه هو الذي أخبر النبي عليه السلام عما قاله اليهود للمشركين من قريش. 
على أن هذا الأمر الذي أجازه المفسّرون فيما يخص قصة أصحاب الكهف يصبح 
ضرورة من الضرورات الواجبة التصديق في قصة ذي القرنين. 
إن صنيع القرآن وموقف بعض المفسّرين يكشف عن هذه الظاهرة GES‏ واضحاً 
ويدفعنا إلى تفسيرها تفسيراً معقولا ويجعلنا نجزم OÙ‏ صنيع القرآن لم يكن إلا الصنيع الأدبي 
الذي يقوم على الدلالات التي يعتقدها المخاطب. 
جاء في الرازي بصدد حديثه عن قصة ذي القرنين ما يلي: أعلم أن المعنى أنه أراد 
بلوغ المغرب فاتبع سببا يوصله اليه حتى بلغه. أما قوله Wang‏ تغرب عن عين 
حمئۀ ‏ ففيه مباحث: 
البحث الأول - قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم في عين حامية 
بالألف من غير همزة أي حارة. وعن أبي ذر قال كنت رديف رسول الله صلّى عليه 
plus‏ على daa‏ ف رأى الشمس cya‏ غابت فقال أتدري يا أبا ذر أين تغرب هذه قلت الله 
ورسوله أعلم قال فانها تغرب في عين حامية. وهي قراءة ابن مسعود وطلحة ols‏ 
عامر والباقون حمئة وهي قراءة ابن عباس. 
واتفق أن ابن عباس كان عند معاوية فق رأ معاوية حامية بالف فقال ابن عباس Lia‏ 
فقال معاوية لعبد الله بن عمر كيف تق رأ قال كما بق رأ أمير المؤمنين. ثم وجه إلى كعب 
الأحبار كيف تجد الشمس تغرب قال في ماء وطين نجده في التو راة. 
والحمئة ما فيه ماء وحمأة سوداء. وأعلم أنه لا تنافي بين الحمئة والحامية لجائز أن 
تكون العين جامعة للوصفين جميعا. 
البحث الثاني أنه ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها ولا شك أن 


Iva 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الشمس في Hih‏ وأيضا قال à‏ ووجد عندها قوماً ‏ ومعلوم أن جلوس قوم في قرب 
الشمس غير موجود وأيضا الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها 
في عين من عيون الأرض. 

اذا ثبت هذا فنقول تأويل قوله à‏ تغرب في عين Las‏ € من وجوه. 

الأول - أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم ييقَ بعده شيء من 
العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وهذه مظلمة وان لم تكن كذلك في الحقبقة 
كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر اذا لم ير الشط وهي في الحقيقة 
تغيب وراء البحر. 

هذا هو التأويل الذي ذكره أبو علي الجبائي في تفسيره. 

الثاني - أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها فالناظر الى الشمس 
يتخبّل كأنها تغيب في تلك البحار ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية 
وهي أيضا حمئة لكثرة Le‏ فيها من الحمأة السوداء والماء فقوله ‏ تغرب في عين 
حمئة ‏ اشارة الى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به البحر وهو موضع شديد 
السخونة. 

الثالث - قال أهل الأخبار ان الشمس تغيب فى عين كثيرة الماء والحمأة وهذا فى 
غابة البعد UY‏ اذا ارصدنا كسوفا قمريا JG‏ اعثير ناه ورانا أن المغ نين LS‏ خضل 
هذا الكسوف في أول الليل و رأينا المشرقبين قالوا حصل في أول النهار فعلمنا أول الليل 
عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق بل ذلك الوقت الذي هو أول 
الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد ووقت الظهر في بلد آخر ووقت الضحوة في بلد 
ثالث ووقت طلوع الشمس في بلد رابع ونصف الليل في بلد خامس واذا كانت هذه 
الأحوال معلومة بعد الاستقرار والاعتبار ليس هناك تضارب فهي تغيب في الطين 
والحمأة وتختفي عن الطين والحمأة كما ثبت من العلوم الفلكية والجغ رافية وعلمنا أن 
الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال أنها تغيب في الطين والحمأة 
LAS‏ على خلاف اليقين وكلام الله تعالى مب رأ عن هذه التهمة فلم بيق الا أن يصار À‏ 
التأويل الذي ذكرناء١").‏ 


وواضح من هذا النص أن الرازي يرى أن التأويل في هذه المسألة من الأمور 
)١(‏ التفسير الكبير» ج cO‏ ص 205 وما بعدها. 


۷٦ 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


الضرورية ليبرأ كلام الله من أن يكون على خلاف اليقين. كما يرى ذلك أيضا كل من 
E‏ 
ا روه من نويل اء ES‏ واه واری لن Re‏ اللرن أو 
E‏ عدر قف حل الكتاب عن الإسكندر أو ذي à)‏ ها ل فر وق 
تاريخ المسألة في كتب التفسير يكشف لنا عن الحل. 


ينتهي الطبري كما ينتهي صاحب الكشاف من بعده إلى أن الشمس تغرب في عين 
ويوقق الطبري كما يوقق الزمخشري من بعد بين القراءتين وينتهي المفسّران من كل هذا إلى 
أنه لا مانع من أن تجمع العين بين الصفتين فتكون حمئة وحامية ثم يقفان عند هذا الحد ولا 
يصيران إلى التأويل كما صار إليه الرازي. بل هما يرويان الحديث السابق حديث أبي ذر 
والخبر السابق خبر كعب الأحبار. | 

وعلى الجملة فهما يقفان عند الذي وقف عنده الرازي في المبحث الأول. ومعنى كل 
هذا أن هؤلاء لم يأخذوا المسألة على أنها التعبير الأدبي البلاغي وإنما أخذوها على أنها 
Lis JUN Ai ia)‏ 

إن الرأي الواضح في هذه المسألة هو أن هؤلاء الأعلام لم يعرفوا ما je‏ 48 الرازي 
عن حقيقة الشمس والأرض وبقية الكواكب وأنهم ما كانوا يعرفون إلا تلك الحقائق المروية 
عن غروب الشمس وأنهم من أجل ذلك لم يجدوا ضرورة ملجئة تصرفهم عن هذا الفهم 
وتضطرهم إلى التأويل. 

إن الذي دفع المتأخرين من أمثال الرازي إلى هذا التأويل إنما هو الكشف العلمي عن 
الكون وحقائقه والتاريخ ووقائعه. وإن تاريخ المسألة في حياة النبي عليه السلام وموقف 
المشركين واليهود منه وتوجيههم إليه الأستلة le‏ أن تكون: الإجابة كما يعرفون هو الذي 
es eh E a at lead “to‏ 
والكونية عند أهل الكتاب aie‏ المشركين من الذين يعاصرون النبي. وإن تاريخ المسألة في 


yvy 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


كتب التفسير القديمة كالطبري والكشاف ووقوفهم عند أمثال هذه الحقائق التي تروى عن النبي 
عليه السلام وعن كعب الأحبار تدل على أن هذا الرأي السائد في هذا المجال: 

ثم إن موقف بعض أعلام التفسير من القصة السابقة قصة أصحاب الكهف ودلالتهم 
على أنها تصوّر معلومات Jai‏ الكتاب عنهم تؤيّد هذا الذي ذهبنا إليه في قصة ذي القرنين. 

إن التأويل كان al‏ ضروريا وواجبا دينيا عند الرازي Ces‏ جاء بعده لأن الكشف 
العلمي هو الذي pa kanal‏ إلى هذا. 

وإن تاريخ المسألة يدل على آنا لا نحتاج إلى مثل هذا التأويل إذا فهمنا القصة على 
حقيقتها وعرفنا القصد الذي يرمي إليه القرآن وهو أن محمد عليه السلام نبي وينزل عليه 
الوحي as‏ الذي أخبره بالإجابة عن تلك الأسئلة التي وجّهت إليه من مشركي مكة وأن هذه 

وإذا كان القرآن يعرض الأمور التاريخية في بعض الأحيان على هذا الوجه الذي 
وصفنا من مجيئها مطابقة لاعتقاد المخاطب af,‏ الأمر الذي يخرجنا من الميدان التاريخي 
عندما لا يكون القصد البحث عن الحقيقة التاريخية ويدخلنا في ميدان الأدب والبلاغة لأن 
القصد ليس إلا الإيحاء والتأثير وإستتارة العاطفة والوجدان. 

إن القصة التاريخية في هذا اللون قصة أدبية ما في ذلك شك أو جدال. 


الأدبي وذلك من أمثال: 

(أ) الجمع بين العناصر التي باعد بينها الزمن لا في حياة الرسول الواحد كما سبق أن 
بيّنا في أول هذا dail‏ عند حديثنا عن الأخبار أو الذكر والحذف بل في حياة الأمة الواحدة 
كأمة بني إسرائيل أو في حياة البشرية كما هو الحال في قصة بني آدم. 


AVA 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


جاء في النيسابوري ما بلي : 
iial‏ الرابعة à‏ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل E‏ الضمير في 
يجدونه للذين يتبعونه من بني اسرائيل. ثم إن كان المراد أسلافهم فالوجه أن يراد 
بالإتباع اعتقاد نبوّته من حيث وجدوا نعته في التوراة اذ لا يمكن أن يتبعوه في شرائعه 
قبل بعثه الى الخلق ويكون المراد من قوله والإنجيل أنهم يجدون نعته مكتوبا عندهم في 
الإنجيل فمن المحال أن يجدوه في الإنجيل قبل انزال الإنجيل. وان كان المراد 
المعاصرين فالمعنى أن هذه الرحمة لا يفوز بها من بني اسرائيل الا ya‏ اتفى وآتى 
الزكاة وآمن بالدلائل في زمن موسى واتُبع نبي آخر الزمان في شرائعه/"). 
إذ نلحظ هنا أن القرآن قد جمع بين عناصر متباعدة من حياة أمة بني إسرائيل في 
قصة واحدة فهم يجدونه مكتوبا في التوراة ويجدونه مكتوباً في الإنجيل ومطلوب منهم الإيمان 
به وهو سيأتي بعد مدة طويلة من الزمن. وكل هذا يقال على فرض أن هذا الخطظاب لمن 
يعاصر موسى عليه السلام. 
وعلى فرض أن الخطاب لمعاصري محمد عليه السلام فإن المسألة لا تزال قائمة لأن 
المعدق كما يفول النيسابوزي. أنه لا يفون بهذه Lan‏ :من يدي ارال إلا من اتف و اى 
الزكاة وآمن بالدلائل في زمن موسى ثم اثبع نبي آخر الزمان في شرائعه وهو بهذا يجمع بين 
أمور خاطب بها المولى موسى عليه السلام وامتدت إلى زمن محمد عليه السلام. 
وجاء في البحر المحيط حديثه عن قصة بني آدم ما يلي: 
وقل الحسن لم يكونا ولديه وانما هما أخوان من بني اس رائيل قال لأن القربان انما كان 
مشروعا في بني اسرائيل ولم يكن قبل ووهم الحسن في ذلك وقيل عليه كيف يجهل 
الدفن في بني pe‏ ائيل حتى يقتدي فيه بالغ راب/". 
وأحب أن نلفت سويا إلى التعليل وإلى الاعتراض ذلك لأن التعليل يقوم على 


OV ANT سورة الأعراف»‎ )١( 
.0T النيسابوري» ج ۹ ص‎ (ï) 
ET’ ص‎ «Ÿ a chad البحر‎ (Y) 


1۷٩۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم .سسسب 


أساس من تاريخ التشريع وهو أن القربان إنما شرع في بني إسرائيل. Li‏ الاعتراض فيقوم 
على أساس آخر من تاريخ العادات أو العقل البشري وهو كيف يظل دفن الميت مجهولا حتى 
يصل الزمن من آدم إلى بني إسرائيل وحتي يقتدي أبناء إسرائيل في ذلك بالغراب. 

ail‏ تعارضت النظريات وحاول المفسّر أن يرجح واحدة. ولو فگر تفكيرا بلاغيا أدبي 
لوضع المسألة وضعا آخر وفكّر فيها على أساس من القريب أن يكون سليما وهو أن القرآن قد 
جمع بين مواد قصصية متباعدة في الزمن AN‏ يقصد التصوير والتمثيل وأنه من أجل ذلك 
جمع بين تقديم القربان وبين ما ترتّب عليه من حسد وما أدى إليه هذا الحسد من قبل ثم من 
بعث الغراب ليريه كيف يدفن أخاه. 

إن المسألة ترجع فيما أعتقد إلى طريقة القرآن في اختيار مواده القصصية وفي عملية 
الربط بينها تلك العملية التي تقوم على أساس أدبي عاطفي حتى ولو باعد الزمن فيما بينها. 

(ب) انطاق الأشخاص بما لم ينطقوا به مراعاة لأمور اعتبارية وذلك هو الأمر الذي 
أجازه كثير من أئمة النفسير. 

جاء في الكشاف عند تفسيره لقوله تعالى: # وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن 
مریم رسول الله 4 فان قلت كان و١‏ كافرين بعيسى عليه السلام أعداء له عامدين لقتله di sany‏ 
الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة فكيف قالوا از اا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم 
رسول الله #. قلت قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون ™ إن رسولكم الذي أرسل اليكم 
لمجنون VE‏ . ويجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان ذك رهم القبيح في الحكاية عنهم رفعا 
لعيسى Lac‏ كانوا يذكرونه به وتعظيما لما أرادوا بمثله كقوله à‏ ليقولن خلقهن العزيز 
العليم * الذي جعل لكم الأرض مهدا (VE‏ 

فصاحب الكشاف يجيز هنا أن يضع الله الذكر الحسن على ألسنة القوم بدلا من 


NONY الآية‎ MAWA) سورة‎ ( ) 


١ 
NYAN سورة الشعراءء‎ (Y) 
+ AN سورة الزخرف›‎ NAN ص‎ >»١ الكشاف» ج‎ (Y) 


A: 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


الذكر القبيح ويضرب لنا الزمخشري المثل ANG Les‏ القرآن على ألسنة اليهود خاصا بعيسى 
عليه السلام وبما قاله القرآن على ألسنة المشركين خاصا بالخالق سبحانه وتعالى. 

وهذا الذي يجيزه الزمخشري في هذه الآية يجيزه Laj‏ كل من الرازي والنيسابوري 
وأبي حيان. بل وقف عنده ابن عطية فيما روى أبو حيان. جاء في اكه المحيط لأبي حيان 
ما يلي « ذكر الوجهين الزمخشري ولم يذكر ابن عطية سوى الثاني OV‏ 

وليس من شك في أن هذه العملية عملية إنطاق الأشخاص بما لم ينطقوا به لاعتبارات 
يراها الخالق جل وعلا Ji‏ على أن القصص القرآني عرض أدبي للأحداث والأقوال وليس 
عرضا تاريخيا لها. ومعنى ذلك أن القصة في القرآن عمل أدبي فني. 

(ج) إسناده الأحداث لأشخاص بأعيانهم في موطن ثم إسناده الأحداث نفسها لغير 
الأشخاص في موطن آخر وذلك هو الأمر الذي فطن إلى بعض صوره القدماء. 

جاء في كتاب درة التنزيل ما يلي: » للسائل أن يسأل في هذه القصة عن مسائل أولها 

قوله في سورة الأعراف » à‏ قال الملا من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم يريد أن 

يخرجكم من أرضكم AVE‏ قال في سورة الشعراء D‏ قال للملا حوله إن هذا لساحر 

عليم 4 فأخبر في الأول أن قائل ذلك الملا من قومه وفي الثانية أن فرعون هو القائل 

ذلك لملئه وهذا اختلاف ظاهر في الخبرين (a‏ 

وهذه الظاهرة واضحة كل الوضوح في قصة إبراهيم عليه السلام إذ نلحظ فيها أن 
البشرى بالغلام والحوار مع الملائكة والعجب من الولادة وإبراهيم شيخ وامرأته عجوز كانت 
في سورة هود مع امرأة إبراهيم وفي سورة الحجر مع إبراهيم نفسه. 

بل نلحظ في سورة الذاريات Dal‏ آخر هو أن البشرى بالغلام كانت لإبراهيم وأن 


AT البحن ا ارصن‎ )1( 
SYA سورة الأعراف» الآية‎ (ï) 
VE سورة الشعراءء الآية‎ (Y) 
Ae Ja DN Ba) 


NAN 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وكل هذه الظواهر تدل دلالة على أن القرآن يعرض عن الأساليب التاريخية وأنه 
يعتمد كل الاعتماد على الأساليب الأدبية والوسائل الفنية أو البلاغية. 

وأعتقد أن ما عرضناه عليك من ظواهر أدبية في القصص القرآني وما فسّرناه به من 
تفسيرات بيانية عاطفية قد جعلاك تطمئن إلى ما وصلنا إليه من نتائج. 
القرآني على أنها الصنيع الأدبي الذي يحقق صورة من صور تعريف القصة عند الأدباء. 

هذه الصورة هي « القصة هي ذلك العمل الأدبي الذي يكون نتيجة تصوير القفاص 
لأحداث وقعت من بطل له وجود لكنها نظمت على أساس أدبي أو عاطفي فقدّم بعضها 5 D}‏ 
آخر وحذف بعضها وذكر بعض آخر أو بولغ في تصويرها إلى الحد الذي يستأثر bise‏ 
القار 5( أو السامع . 

ee rente agahan ne جميها 19لا‎ OS, 
عليه أن‎ Se القرآن أو ينكر أن المنطق الأدبي هو الذي يسود القصة التاريخية في القرآن وإلا‎ 
لصنيع القرآن.‎ Y مقبو‎ Gln يجد‎ 

إن القرآن يجعل القصد من قصصه العظة والعبرة ويصل إليها بالأسلوب الذي يختاره 
وهو الأسلوب الأدبي الذي صوّرنا لك بعض ظواهره فيما مضى والذي سنصوّر لك ما بقي 
من ظواهره في الفصول أو الفقرات المقبلة من هذا البحث إن شاء الله. 

وننتقل الآن إلى لون آخر من ألوان القصص الأدبي في القرآن الكريم وهو: 


؟" ‏ القصة التمثيلية 

والقصة التمثيلية وهي القصة التي تضرب مثلا أو تجيء تمثيلاً موجودة في القرآن 
الكريم وهي قصة فنية. بل هي عند المفسّرين أدخل في باب الفن والأدب من القصة التاريخية 
ذلك لأن المفسّرين لم يعرفوا عن القصة التاريخية إلا أنها القصة التي تصوّر الحق والواقع 
من مسائل التاريخ وقضاياه فالأحداث التي تصوّرها القصة قد وقعت lia‏ والحوار قد صدر 
والأشخاص الذين ترسمهم القصة قد وجدوا حقا وصدر عنهم كل ما ينسب 


NAN 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


إليهم من أقوال وأفعال. كل ذلك قد كان لا زيادة فيه ولا نقصان ومن هنا كانت القصة 
التاريخية مصدراً من مصادر التاريخ عند هؤلاء. ومن هنا Laj‏ كانت هذه المشكالات الكثيرة 
التي وقفوا عندها طويلاً والتي لم يستطيعوا لها حلا إلا على ضروب من التأويل وإلا 
بالرجوع إلى المذهب الأدبي في فهم قصص القرآن الكريم. 

هذا ما يعرفه المفسّرون عن القصة التاريخية أما ما يعرفونه عن القصة التمثيلية 
فأكثر وأدخل في باب الفن الأدبي. 

يعرفون عن القصة التمثيلية أنها من التمثيل والتمثيلك ضرب من ضروب البلاغة وفن 
من فنون البيان. والبيان العربي يقوم على الحق والواقع كما يقوم على العرف والخيال فليس 
يلزم في الأحداث أن تكون قد وقعت وليس يلزم في الأشخاص أن يكونوا قد وجدوا وليس 
يلزم في الحوار أن يكون قد صدر وإنما قد يكتفى في كل ذلك أو في بعمض ذلك بالفرض 
والخيال ومن هنا كانت القصة التمثيلية عند المفسّرين قصة بيانية أي قصة فنية. 

وتفسير المفسّرين للقصة التمثيلية في القرآن يشعرنا Laj‏ بأنهم يعرفون عنها أنها من 
القصص الفني ذلك لأنهم ربطوا بينها وبين الفن القصصي بأكثر من رباط فالمعاني والتيارات 
الفكرية والخلقية لا تستقر في التمثيل إلا على ذلك النحو الذي تستقر فيه القصة الفنية ولا 
تلتمس منه إلا كما تلتمس منها. والتماس هذه المعاني وهذه التيارات من التمثيل يحتاج فيما 
يرى الزمخشري إلى نوع من الدربة والمران وإلا Cd;‏ الأقدام وض آت الأفهام. ويرى 
الزمخشري أيضا أن كثيرين ممّن ذهبوا إلى عد التمثيليات من كلام الله وكلام الأنبياء من 
المتشابه إنما ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه بسبب عجزهم عن فهم التمثيل وكيفية استخراج المعاني 
منه. ولعل أقوال الزمخشري تفر لنا بعض الشيء لماذا ذهب المفسّرون إلى عد القصص 
القرآني من المتشابه: 

القصة التمثيلية قصة فنية هذا ما يقرّره الأقدمون ويشهد به الواقع وهذا هو الذي نريد 

لنقرأ G gu‏ هذه القصة: 


1۸۳ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


قال تعالى ‏ وهل dti‏ نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داوود ففزع 
منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا ثشطط واهدنا إلى 
سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزتي 
في الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم 
على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل La‏ هم وظن داوود إنما فتناه فاستغفر 
ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب NK‏ 
ثم اقرأ معي هذه النصوص: 
جاء في الكشاف Le‏ يلي: فان قلت ما معنى ذكر النعاج قلت كان تحاكمهم في نفسه 
Sias‏ وكلامهم تمثيلا لأن التمثيل أبلغ من التوبيخ لما ذكرنا والتنبيه على أمر يستحيا 
من كشفه فيكنّى عنه كما lie LKR‏ يستمسج الإفصاح به... فان قلت الملائكة pet‏ 
السلام كيف ro‏ منهم أن يخبروا عن أنفسهم Las‏ لم يلتبسوا منه بقليل ولا كثير ولا هو 
من شأنهم قلت هو تصوبر للمسالة وفرض لها فصوّروها في أنفسهم وكانوا في صورة 
الأناسى كما تقول في تصوير المسألة زيد له أربعون شاه وعمرو له أربعون وأنت 
تشير اليهما فخلطاها وحال عليها الحول كما يجب فيها وما لزيد وعمرو سبد ولا لبد. 
وتقول أيضا في تصويرها الى أربعون شاه ولك أربعون فخلطناها وما لكما من 
الأربعين أربعة ولا ges‏ 
وجاء في الرازي ما يلي: المسألة الثانية ها هنا قولان: الأول أنهما كانا ملكين نزلا 
من السماء وأ راد وا تنبيه داوود عليه السلام على قبح العمل الذي أقدم عليه. والثاني 
GLS Logi‏ انسانين ودخلا عليه للشر والقتل فظنا أنهما يجدانه US‏ فلما رأيا عنده 
جماعة من الخدم اختلقا ذلك الكذب لدفع الشر. 
أما المنكرون لكونهما ملكين فقد احتجوا عليه بأنهما لو كانا ملكين لكانا كاذبين 


والكذب على الملك غير جائز لقوله تعالى D‏ لا يسبقونه بالقول 4 ولقوله b‏ ويفعلون 
ما 


Yo ۲۱ سورة ص» الآيات‎ )١( 
NAN ص‎ cY à الکشاف»‎ (Y) 
YV ANI سورة الأنبياء‎ (Y) 


۸4 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


UE يؤمرون‎ 


أجاب الذاهبون الى القول الأول عن هذا الكلام بأن قالوا إن الملكين انما نكرا هذا 
الكلام على سبيل ضرب المثل لا على سبيل التحقيق فلم يلزم MO‏ 


وقال أبو السعود: ثر بغى بعضنا على بعض ‏ هو على الفرض وقصد التعريض فلا 
كذب (Mas‏ 

وجاء في معالم التتزيل للبغوي ما يلي: فان قيل كيف قال D‏ بغى بعضنا على بعض ) 
وهما ملكان Y‏ يبغيان قبل معناه أ رأيت خصمين بغى أحدهما على الأخر. وهذا من 
معاريض الكلام لا على تحقيق البغي من أحدهما... قال الحسين بن الفضل هذا تعريض 
للتنبيه والتفهيم لأنه لم يكن فاك D‏ بغي فهو كقولهم ضرب Iyan yj‏ واشتری 
يكل دراولا کوت هناف ولا Ve‏ 

ele s‏ فق ja‏ الط ليق داق ga EN pi‏ اء لفل ا eye‏ في من 
ا ا ا a‏ 
كان صاد رآ من الملائكة على سبيل التصوير للمسألة والفرض لها مرة غير تلبس بشيء 
منها فمثلوا بقصة رجل له نعجة ولخليطه تسع وتسعون Ijli‏ صاحبه تتمة المائة rabi‏ 
في نعجة خليطه وأراد انتزاعها منه وحاجه في ذلك محاجة حريص على بلوغ مراده 
SE ne‏ 
Pape dis St)‏ 


أعتقد أنك بعد هذا العرض الطويل للنصوص قد لاحظت الفرق بين المذهبين اللذين 


يشير إليهما الرازي وعرفت على أي أساس يقومان. 


إن سر الاختلاف لا يقوم على التمثيل من حيث هو تمثيل ولا على أثره القوي في 


MAN) ca jail) وسورة‎ ۰ ANT النحل»‎ à سورة‎ 


التفسير الكبير» ج Y‏ ص AYA‏ 
gi‏ السعود» + cY‏ ص LEAT‏ 


AA التنزيل» + ۷» ص‎ alles (£ 
NAN ص‎ >»۷ a chadi البحر‎ (0 


(١ 
(٦ 
( 
( 
( 


Y 


) 
) 
) 
) 
) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


النفس فكلهم يعترف بذلك حتى مَّن يخشى منهم أن يكون التمثيل في قصة الملكين كذبا. 
ela‏ في النيسابوري ما يلي: ونحن نرى أن الإنسان يذكر معنى فلا يلوح كما ينبغفي 
فاذا نكر المثال اتتضح وانكشف وذلك أن من طبع الخيال حب المحاكاة فاذا ذكر المعنى 
وحده أدركه العقل ولكن مع منازعة الخيال واذا نكر التشبيه معه أدركه العقل مع 
معاونة الخيال ولا شك أن الثاني يكون أكمل. واذا كان التمثيل يفيد زيادة البيان 
والوضوح وجب ذكره في الكتاب الذي أنزل تبيانا لكل شيء١).‏ 


لا يرجع سر الاختلاف إذآ إلى التمثيل من حيث هو تمثيل ولا إلى قوته وأثره النفسي 
في العاطفة والوجدان وإنما يرجع إلى نظرية الأقدمين في الصدق والكذب وإلى إيمانهم بمنطق 
العقل وحده وإهمالهم لما عداه حتى المنطق الأدبي منطق العاطفة والوجدان. 


إن سر الاختلاف يرجع إلى أن بعضهم لا يعرف إلا الصدق العقلي وهو مطابقة القول 
للواقع وينكر أو ينسى ما عداه. ومن هنا رأى في المعاني التي تجيء في صورة التمثيل نوعا 
من الكذب لا يليق بالملائكة. أما البعض الآخر فقد وقق إلى الحقيقة الأدبية واقترب من رأي 
المحدثين في الصدق الفني ومن هنا لم ينظروا إلى المسألة هذه النظرة القاصرة ولم يذهبوا 
إلى أن التمثيل كذب ومضوا على أنه تصوير للمسائل وفرض لها والتصوير للمسائل والفرض 
لها لا يُعتبر من الكذب ومن هنا لم ير هؤلاء في صنيع الملائكة شيئا من الكذب في قليل أو 
كثير ومن هنا أصابوا التوفيق. 

إن الأقدمين قد لمسوا الحقيقة الفنية أو الأدبية حين عرفوا الصدق في كتب البلاغة 
وحين اختلفوا في هذا التعريف ولقد أضروا بالدراسة الأدبية حين وقفوا عند الصدق المنطقفي 
ورجّحوا التعريف Où JAWI‏ الصدق مطابقة القول للواقع ذلك لأنهم بهذا التعريف قد دفعوا 
غيرهم من المفستّرين ورجال الدين إلى إنكار وجود القياس الشعري والحقيقة الفنية في كل من 
القرآن الكريم وفي كلام الانبياء. 


No ص‎ »2١ a غرائب القرآن»‎ )١( 


NAN 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


إا نؤمن بالحقيقة الأدبية كما نؤمن بالحقيقة العقلية ونعرف الصدق الفني كما Ch pas‏ 
الصدق العقلي وإذا كان الثاني هو مطابقة القول للواقع فإن الأول هو الصدق في تصوير ما 
يخلقه الوجدان أو يخترعه الخيال» هو الصدق في الترجمة عما بالنفس من رأي أو فكرة أو 
عاطفة أو إحساس. وإذا كان لا بد من قول قديم نستند إليه فهو مطابقة القول للاعتقاد. 

إن هذه المسألة مسألة الصدق الفني لا تمس التمثيل وحده وإنما تمس غيره من أمور 
بلاغية أو بيانية كالمبالغة والغلو والإغراق ويعجبني في هذا الموقف رأي لابن قتيبة ذكره في 
كتاب الأشربة وأعتقد أنه يحل إلى حد ما هذا الإشكال. قال رحمه الله « وقال l‏ إسحاق عيب 
وكيع بقوله هو أحل من الماء لأنه إن كان VA‏ وهو بمنزله الماء فكيف جعله die Jal‏ ونحن 
نقول انه ليس يلحق وكيعا في هذا الموضع عيب ولا يرجع عليه منه عتب لأن كلمته خرجت 
مخرج كلام العرب في مبالغتهم في الوصف واستقصائهم بالمدح والذم. يقولون هو أشهر من 
الصبح واسرع من البرق وابعد من النجم وليس ذلك بكذب لان السامع له يعرف مذهب القائل 
فيه وكلهم متواطئون عليه كذلك قوله هو أحل من الماء يريد المبالغة في وصفه بالتحليل Ve‏ 

وواضح أنه يريد أن يقول إذا كان هناك مذهب أدبي أو بلاغي تجري عليه اللغة في 
التعبير عن العواطف والأفكار وكان هذا المذهب لا يعني بمطابقة لحق فإن للأديب Gal‏ في 
أن يجري على هذا المذهب وليس للقارئ أو السامع عليه اعتراض ما دام قد عرف مذهبه في 
هذا من باب الكذب بحال من الأحوال. 

ونعتقد أن هذا يوضح أموراً كثيرة ويجعلنا نقول بوجود القياس الشعري والتعبير عن 
الصور التي يخلقها الذهن أو الخيال في القرآن وفي كلام الأنبياء. 

لنعد الآن إلى التمثيل وإلى القصة التمثيلية في القرآن. 


وهنا أحب أن أصرّح بأني لا أقصد إلى القول بأن كل المواد القصصية في القصص 
التمثيلي القرآني وليدة الخيال ذلك لأن بعضها قد يكون وليد الأحداث الواقعية وذلك هو 
الواضح من قصة الملكين السابقة وما فيها من أحداث من تاريخ داوود عليه السلام. 


.54 كتاب الأشربة» ص‎ )١( 


NAN 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


في التمثيل القرآني لم تأت لحاجة المولى سبحانه وتعالى إلى الخيال في التعبير عن المراد. 
وحاشا لله أن يحتاج إلى الخيال. وإنما جاءت لحاجة البشرية لهذا الخيال ولأن ذلك هو 
الأسلوب الذي تجري عليه في التعبير عن الأحاسيس والأفكار. 
يقول صاحب الكشاف عند تفسيره لقوله تعالى [ إنا عرضنا الأمانة على السموات 
والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان di‏ كان ظلوماً 
Ya‏ 4. ما يلي: 
» وما ela‏ القرآن YI‏ على طرقهم وأساليبهم من ذلك قولهم لو قبل للشحم أين تذهب 
لقال أسوى العوج وكم لهم من أمثال على ألسنة البهائم والجمادات وتصور مقاولة 
الشحم محال ولكن الغرض أن السمن في الحيوان مما يحسن قبيحه كما أن العجف مما 
يقبح حسنه فصوّر أثر السمن فيه تصويرا هو أوقع في نفس السامع وهي به أنس ولو 
أقبل وعلى حقيقته أوقف وكذلك تصوير عظم الأمانة وصعوبة أمرها وثقل محملها 
والوفاء بها ». 
فان قلت قد علم وجه التمثيل في قولهم الذي لا بثبت على رأي واحد أراك pii‏ رجلا 
وتؤخّر أخرى لأنه مثلث حاله في تميله وت رجّحه بين ال رأيين وتركه المضي على 
أحدهما بحال من بتردّد في ذهابه فلا يجمع وليس كذلك ما في هذه الاية فان عرض 
الأمانة على الجماد وايائه واشفاقه بحال في نفسه غير مستقيم فكيف صح بناء التمثيل 
على المحال وما مثال هذا الآ أن تشبهه شيئا والمشبّه به غير معقول. 
قلت الممثل به في الاية وفي قولهم لو قبل للشحم أين تذهب وفي نظائره مفروض 
والمفروضات تتخيّل في الذهن كما المحققات. مثلث حال التكليف في صعوبته LÉ,‏ 
محمله بحاله المفروضة لو عرضت على السموات والأرض والجبال لأبين أن يحملنها 
PRP‏ فا KU‏ 
إذ يلفت الزمخشري ذهننا إلى أن التمثيل هنا قد جاء لأنه الأسلوب العربي ولأن 


)\( سورة الأحزاب» الآية VY‏ 
(؟) agaa ciel‏ 


NAN 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


القرآن ما ela‏ إلا على طرقهم وأساليبهم. كما يلفت ذهننا إلى أن التمشل يكون بالصور 
المفروضة التي تتخيل في الذهن أي بالصور التي يخترعها الخيال وأن لهذه الصور قوتها 
التي قد تكون أوقع في الذهن وأكد في النفس من الصور التي تمثل الحقيقة. 
وجاء في الكشاف Laj‏ عند تفسيره لقوله تعالى # وما قدّروا الله حق قدره والأرض 
جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى Las‏ يشركون 4 ما 
يلي: 
والغرض من هذا الكلام اذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته 
والتوقيف على كنه جلاله لا غير من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين الى جهة حقيقة أو 
جهة jla‏ وكذلك حكم ما يروى أن جبريل ele‏ الى رسول الله صلَّى الله عليه plus‏ 
فقال يا أبا القاسم إن الله يمسك السموات يوم القيامة على اصبع والأرضين على el‏ 
ثم يهزٌّ هن فقول أنا الملك فضحك رسول الله صلعم تعجّبا مما قال ثم قرأ تصديقا له 
à‏ وما قدروا الله حق قدره ١#‏ الآية. وانما ضحك أفصح العرب وتعجّب لأنه لم يفهم 
منه YI‏ ما يفهمه علماء البيان من غير تصوير إمساك ولا إصبع ولا هز ولا شيء من 
ذلك ولكن فهمه وقع أول شيء وآخره على الزبدة والخلاصة التي هي الدلالة على 
القدرة الباهرة وأن الأفعال العظام التي تتحيّر فيها الأفهام والأذهان ولا تكتنهها الأوهام 
هينة عليه هو أنا لا يوصل السامع الى الوقوف عليه ال إجراء العبارة في مثل هذه 
الطريقة من KS‏ ولا ترى بابا في علم البيان أدق ولا أرق ولا ألطف من هذا الباب 
الكتب السماوية وكلام الأنبياء فإن أكثره وغلبته تخبيلات قد زت فيها الأقدام قديما وما 
أتى الزالون الا من قلة عنايتهم بالبحث والتنقير حتى يعلموا أن في عداد العلوم الدقيقة 
Lae‏ لو قدّروه حق قدره لما خفي عليهم ان العلوم كلها مفتقرة اليه وعيال عليه اذ لا 
يحل عقدها الموربة ولا يفك قيودها المكربة YI‏ هو وكم À‏ من آيات التنزيل وحديث 
من أحاديث الرسول قد ضيم 


)\( سورة JAN AN) AH‏ 
(Y)‏ سورة الأنعامء الآية 1١‏ وسورة الحج. VE ANT‏ وسورة الزمرء الآية AV‏ 


۸۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وسيم الخسف بالتأويلات الغثة والوجوه الرثة لأن من BE‏ ول ليس من هذا العلم في عير 


ولا نفير ولا يعرف قبیلا من دبي ر1'). 


فصاحب الكشاف يدلنا على أن المعاني قد تجيء في صورة التمثيل مباشرة وهنا لا 
يأخذ القارئ أو السامع المعاني من الألفاظ المفردة ومن جزئيات التراكيب وإنما يأخذ المعاني 
من الكلام بجملته ويفهم أن معاني الألفاظ غير مقصودة في أمثال هذه التراكيب. ثم هو يددلنا 
على أن هذه الصور تكون عادة من صنيع الخيال وأن الوقوف على ما فيها من عواطف 
وآراء عسير شاق وأنه الأمر الذي تزل فيه الأقدام. 

وتنتهي من كل حديث الزمخشري على أن التمثيل من صنع الخيال وأنه موجود في 
كتاب الله. وأن من المعاني ما يجيء مباشرة في صورة التمثيل وأن استخراج هذه المعاني 
يحتاج إلى دربة ومقدرة في علوم البيان. 

وهكذا نرى أن الاعتماد على عنصر الخيال أسلوب من أساليب القرآن وأنه الأسلوب 
الذي دفع إليه حاجة العقل البشري إلى هذا اللون من الكلام. 

ويحسن بنا الآن أن نعرض عليك ألوانا من القصص التمثيلي الذي قال القدماء 
والمحدثون من أثمة التفسير بوجوده ف في القرآن. 

وقبل أن نعرض هذه الأشياء نلفت الذهن إلى أن للتمثيل مظهرين: الأول أن يجيء في 
أعقاب المعاني ليزيدها قوة وجلاء. والثاني أن يجيء المعنى ابتداء في صورة التمثيل. وهذا 
ما يشير إليه الجرجاني حين يقول: 

« واعلم أن مما اتّفق العقلاء عليه أن التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني أو برزت 

هي باختصار في معرضه ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته كساها أبهة 

وأكسبها منقبة ورفع من أقدارها وشبً من نارها وضاعف قواها في تحريك النفوس لها 

ودعا القلوب إليها واستثار لها من أقاصي الافئدة صبابة وكلفا وفسر الطباع على أن 

ا بد و 


)1( الکشاف» Y à‏ ص 770. 
(Y)‏ أسرار البلاغة. ص AT‏ وما بعدها. 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


الآية السابقة كما شرحها الزمخشري وهي آية à‏ وما قدّروا الله... 4 الخ. 

هذا التمثيل بمظهريه كما يكون بالصور الأدبية والتشبيهات يكون أيضا بالقصص فقد 
تجيء القصة في أعقاب المعاني لتزيدها وضوحا Gus‏ وذلك هو الواضح من سورة يس فقد 
ذكر المولى سبحانه وتعالى كثيراً من المعاني التي تصوّر حال النبي عليه السلام مع قومه ثم 
أتبعها بقوله تعالى à‏ واضرب لهم مثلآ أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون * إذ أرسلنا إليهم 
اثنين فكذبوهما فعزّزنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون * قالوا ما أنتم إل بشر Ulia‏ وما أنزل 
الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا 
البلاغ المبين * قالوا إنا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمتكم وليمستكم Ua‏ عذاب أليم * قالوا 
طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون * وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا 
قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا Ga‏ لا يسألكم أجراً وهم مهتدون * وما لي لا أعبد الذي 
فطرني وإليه ترجعون * أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم 
شيئاً ولا ينقذون * إني إذاً لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم فاسمعون * قيل ادخل الجنة 
قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين OS‏ 

وقد يجيء المعنى ابتداء في صورة القصة كما هو الحال في قصة الملكين مع داوود. 
وهي التي تبرز المعاني فيها في صورة القصة ابتداء. 

وإليك Gi‏ من هذه القصص: 

(أ) قال تعالى à‏ إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل 
علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين * قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن 
قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين * قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا 
أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير 
الرازقين * قال الله 


.۲۷ ۱۳ سورة يسء الآيات‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


إني منزلها عليكم فمّن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين Ng‏ 

وجاء a‏ في الطبري: وقال آاخرون لم ينزل الله على بني pu‏ ائيل مائدة. ثم اختلف قائلو 
هذه المقالة فقال بعضهم انما هذا مثل ضربه الله تعالى لخلقه نهاهم به عن مساعلة نبي الله 
الآيات. ذكر من قال ذلك. حدثنا ابن وكيع قال حدثنا يحيى بن ad‏ عن شريك عن ليث عن 
مجاهد: أنزل علينا مائدة من السماء قال مثل ضرب لم ينزل عليهم Mons‏ 

(ب a E GAR A‏ و 
لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون 4( 

وذهب بعض القدماء من المفسّرين فيما روى عنهم ابن كثير إلى أن هذه ليست قصة 
واقعية Lily‏ هي مثل « عن ابن جريح عن عطاء أن هذا مثل a‏ 

ويلاحظ أن الناشر قد كتب على الهامش هذه العبارة يعني أنها ضرب مثل لا قصة 
واقعية. 

(ج) قال تعالى ا أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى 
هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال 
بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسته وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس 
SGD‏ وا ل de‏ 
قدير 4 

وجاء في المنار بعد تفسيره للقصة ما يلي « ويحتمل أن تكون القصة من قبيل التمثيل 
والله | Yale‏ ». 


سورة المائدةء الآيات ANO ١١١‏ 


(1) 

)5( 
(Y)‏ سورة البقرةء الآية YEY‏ 
)£( 

(°) 

() 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


(د) قال تعالى à‏ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال 
بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن, إليك ثم اجعل على كل جبل متهن 
sja‏ أ ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم OS‏ 


وجاء في الر ازي ما يلي « المسالة الثانية: أجمع أهل التفسير على أن المراد بالاية 
قطعهن وأن اي راهيم قطع أعضاءها ولحومها وريشها ودماءها وخلط بعضها على بعض 
عير اسن ملم bal Ga cs AG‏ لما il‏ ا Nr‏ 
تقال اراد الل تقال مثالا فرت jan pal gak 5e Vi ds‏ فرح الك الامالة Capa‏ 
على الإحاية أن مرد الطير الأربعة أن تصير يجيت اذا دعوتها أجابتك وأتتك فاذا 
صارت AS‏ فاجعل على كل dia‏ واحدا حال حياته ثم ادعهن dhish‏ سعيا والغرض 
منه ذكر مثال محسوس في عود الأرواح إلى الأجساد على سبيل السهولة Ve‏ 

وأورد صاحب المنار هذا الرأي وعلق عليه بقوله: BT‏ 
للآية هو المتبادر الذي يدل عليه النظم وهو الذي يجي الحقيقة في المسللة.. 
ie‏ كي لبك SR RT‏ 
طيور من جنس كذا وكذا وقطعها وفرقها على جبال الدنيا ثم دعاها فطار كل جزء الى 
مناسبه حتى كانت طيو را تسرع اليه فأ ر ادوا تطبيق الكلام على هذا ولو RL‏ 

وأما المتأخرون فهمهم أن يكون في الكلام خصائص للأنبياء من الخوارق الكونية 
وإن كان المقام مقام العلم والبيان والإخراج من الظلمات إلى النور وهو أكبر الآيات. 
ولكل أهل زمان غرام في شيء من الأشياء يتحكم في عقولهم وأفهامهم والواجب على 
من يريد فهم كتاب الله أن يتجرد من التأثر بكل ما هو خارج die‏ فإنه الحاكم على كل 
شيء ولا يحكم عليه شيء ولله در أبي alua‏ ما أدق فهمه وأشد استقلاله (ag‏ 

(ه) وقال تعالى à‏ واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا فتقبل من أحدهما ولم 

.٠٠١ سورة البقرة الآية‎ )١( 


NIN ص‎ cY التفسير الكبير» ج‎ (Y) 


A المنارء ج ".ءا ص‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يتقبّل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبّل الله من المتّقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما 
آنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك 
فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من 
الخاسرين * فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي 
أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين... NK‏ 
sta‏ في المنار بصدد حديثه عن حب الأخوة ما يلي « والحق فيما قصّه Lil‏ 
الوحي من قتل قابيل أنه بيان لما في استعداد البشر من التنازع بين غرائز الفطرة 
بالتعارض بين عاطفة وشيجة الرحم وحب العلو والرجحان والامتياز على الأقران في 
رغائب النفس ومنافعها وما قد يلد من الحسد وما قد يتبع الحسد من البغي والعدوان 
فضرب الله مثا لبيان هاتين الحقيقتين oui y)‏ عليه بيان كون غريزة الدين بل هدايته 
هي المهذبة للفطرة البشرية بترجيح الحق على الباطل والخير على الشر فكان قابيل 
Ms‏ لمن غلبت عليه النزعة الثانية وهابيل Sa‏ لمن غلبت عليه الأولى بترجيح هداية 
الدين وذلك قوله حكاية die‏ «رلئن بسطت الي يدك لتقتلني ما Lif‏ بباسط يدي اليك 
لأقتلك اني أخاف الله رب العالمين * ني أريد أن تبوأ بائمي واثمك فتكون من 
أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين . والدليل على محبة الأخوة ووشيجة الرحم في 
نفس قابيل وتنازعها مع حب العلو والرجحان على أخيه أو مساواته وحسده لتقبل قربانه 
دونه قوله تعالى ‏ فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ‏ فان 
التعبير عن ترجيح داعية الشر المتولدة من الحسد العارض على عاطفة حب الأخوة 
ورحمة الرحم بالتطويع من أبلغ تحديد الق رآن لدقائق الحقائق Lilly‏ المفرد (Ve‏ 

(و) وقال تعالى à‏ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها 
فلما تغشاها حملت حملا خفيفاً فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً 
لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما 
يشركون 14(". 

NAN ۲۷ الآيات‎ aal سورة‎ )١( 


.۲۲۸ ص‎ .٠١ المنار» ج‎ (ï) 
AA ۱۸۹ سورة الأعرافء الآيتان‎ (Y) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


وجاء في الرازي ما يلي » قصة ‏ هو الذي خلقكم من نفس واحدة deag‏ منها 
زوجها 4 الي القفال فقال انه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل 
ضرب المثل وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين عن جهلهم وقولهم 
بالشرك. وتقرير هذا الكلام كأنه تعالى يقول هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس 
واحدة وجعل من جنسها lea gj‏ انسانا يساويه في الإنسانية فلما تغشّى الزوج زوجته 
وظهر الحمل دعا الزوج والزوجة ربهما لئن اتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من 
الشاكرين EYY‏ ونعمائك Lali‏ آتاهما الله ولدا صالحا سويا des‏ الزوج والزوجة لله 
شركاء فيما آتاهما لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد الى الطبائع كما في قول الطبائعيين 
زكارة الى الك راكب كما هو قول المنكمين وثارة الى الأصنام والأوثان كما هب و قول 
a pin‏ 
وهذا جواب في غاية الصحة والسداد 


(ز) وجاء في الطبري بصدد حديثه عن قصة آدم من سورة البقرة ما يلي » وهذا وان 
كان من الله جل ثناؤه خب را عن ايليس فانه تقريع لضربائه من خلق الله الذين يتكبّرون 
عن الخضوع لأمر الله والإنقياد لطاعته فيما نهاهم die‏ والتسليم له فيما أوجب لبعضهم 

وكان ممّن تكبّر عن الخضوع لأمر الله والتذأل لطاعته والتسليم لقضائه فيما ألزمهم 
من حقوق غير هم اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلّى الله عليه 
وسلّم وأحبارهم الذين كانوا برسول اي الله عليه وسلّم وصفته عارفين بأنه له 
عدي و ر detail‏ عن ليس الذق قعل فى الك د عن يدود ET‏ 
حسدا له وبغيا نظير فعلهم في التكبّر عن الإذعان لمحمد نبي الله صلّى الله عليه plus‏ 
ونبوّته اذ جاءهم بالحق من عند ربهم lus‏ وبغياً. 
والاستنكاف عن الخضوع لمن أمره الله بالخضوع له فقال جل ثناؤه وكان يعني ايليس 
من الكافرين نعم الله عليه وأياديه عنده بخلافه عليه فيما أمر به من السجود لادم كما 
قال كفرت اليهود نعم ربها التي آتاها وآباءها من قبل إطعام الله أسلافهم المن والسلوى 
واظلال الغمام 


)\( التفسير الكبير» 2 ٤‏ ص .VEY‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عليهم وما لا يحصى من نعمه... الخ a‏ 

وواضح من حديث الطبري أن إبليس في هذه القصة إنما يمثل يهود المدينة ومن أجل 
هذا التمثيل وصف المولى سبحانه وتعالى إبليس بمثل الذي وصف به اليهود وجعله من 
الكافرين. 
في سورة ص La)‏ حيث راه يج Co‏ هلك مثل رة من المشركين من آهل مكة tau‏ 
استكبروا أن يكونوا تبعا لرجل منهم وقالوا « أأنزل عليه الذكر من بيننا 4 ( Jo ol à Us‏ 
بصدد حديثه عن القصة: 


» وهذا تقريع من الله للمشركين الذين كفروا بمحمد La‏ الله عليه akang‏ وأبوا الانقياد 
له واتباع ما ela‏ به من عند الله استكبارا عن أن يكونوا تبعا لرجل منهم... الخ (a‏ 


(ح) ونستطيع أن نختم هذا العرض لأقوال المفسّرين بذلك النص الواضح البيّن الذي 
jones‏ رأي الأستاذ الإمام في القصة التمثيلية. جاء في المنار ما يلي: 


» وأما تفسير الآيات على طريقة الخلف في التمثيل فقال فيه إن القرآن كثيرا ما يصوّر 
المعاني بالتعبير عنها بصيغة السؤال والجواب أو بأسلوب الحكاية لما في ذلك من البيان 
والتأثير فهو يدعو بها الأذهان الى ما وراءها من المعاني كقوله تعالى مر يوم نقول 
لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (Ve‏ فليس المراد أن الله تعالى يستفهم منها وهي 
تجاوبه وانما هو تمثيل لسعتها وكونها لا تضيق بالمجرمين مهما كثروا ونحو قوله De‏ 
وجل بعد نكر الاستواء الى خلق السماء » à‏ فقال لها وللأرض اتيا Le ghb‏ أو Las‏ 
قالتا أتينا طائعين )د والمعنى في التمثيل ظاهر ». 


)\( الطبري»› ج ۱»> ص .١ VO‏ 
(ïY)‏ سورة ص» ANAN)‏ 

Na V ص‎ >۲۳ a gh (Y) 
Ye سورة ق» الآية‎ (£) 

(°) 


©( سورة فصلت. الآية .١١‏ 


١و5‎ 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


أقول هذا الأمر يُسمى أمر التكوين ويقابله أمر التشريع وإنما سمي بأمر التكوين 
للتعبير عنه في التنزيل بقوله تعالى ‏ إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون 4( 
فهو تصوير لتعلّق إرادة الربوبية بالإيجاد. ولا أذكر عن أحد من المفسّرين المتبعين JU‏ 
on HE Où as ps‏ التكوين إلا للحافظ بن كثير فإنه ذهب في تفسير 
à‏ قال hati‏ منها 4 من سورة الأعراف إلى أن الأمر فيه أمر قدري كوني. ومثله ما في 
معناه من قصة آدم ومن الآيات الأخرى من مخاطبة إبليس للرب وجوابها في شأن إغوائه 
للبشر وإنظاره إلى يوم القيامة. 
قال الأستاذ الإمام: 
» وتقرير التمثيل في القصة على هذا المذهب هك ذا. إن إخبار الله الملائكة يجعل 
الإنسان خليفة في الأرض هو عبارة عن تهيئة الأرض وقوى هذا العالم وأرواحه 
لوجود نوع من المخلوقات يتصرف فيها فيكون به كمال الوجود في هذه الأرض. 
وسؤال الملائكة عن des‏ خليفة يفسد في الأرض لأنه يعمل باختياره ويعطي استعادا 
في العلم والعمل لأحد لهما هو تصوير لما في استعداد الإنسان لذلك وتمهيد لبيان أنه لا 
ينافي خلافته في الأرض. وتعليم آدم الأسماء كلها بيان لاستعداد الإنسان لعلم كل شيء 
في هذه الأرض وانتفاعه به في استعمارها . وعرض الأسماء على الملائكة وسؤالهم 
عنها وتنصلهم في الجواب تصوير لكون الشعور الذي يصاحب كل روح من الأرواح 
المديرة للعوالم محدودا لا بتعدى وظيفته. وسجود الملائكة لادم عبارة عن تسخير هذه 
الأرواح والقوى له ينتفع بها في تربية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك. ely‏ 
ايليس واستكباره عن السجود تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشر وايطال داعية 
خواطر السوء التي هي مثال التنازع والتخاصم والتعدي والإفساد في الأرض. ولولا 
ذلك elad‏ على الإنسان زمن يكون فيه أف راده كالملائكة بل أعظم أو يخرجون عن 
كونهم من هذا النوع البشري... الخ ». 
وهكذا نستطيع أن ننتهي من الحديث عن هذا اللون القصصي إلى القول بأن iail‏ 
التمثيلية أو الخيالية موجودة في القرآن الكريم باعتراف أئمة التفسير من القدماء 


AY ANT سورة يس»‎ )١( 
AY سورة الأعراف»› الآية‎ (ï) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والمحدثين. وبأن ال لقصة التمثيلية قصة أدبية وأنها تدخل تحت صورة من صور sp‏ بف 
الأدبي للقصة وهي القصة هي العمل الأدبي الذي يكون نتيجة تخيّل القاص لحوادث وقعت من 
بطل لا وجود له أو من بطل له وجود ولكن الأحداث التي ألمت به لم تقع له أصلا. 

كما نستطيع أن نقول Wb‏ بعد كل ما تقدّم لن نجد (je‏ يعارض في وجود القصة 
التمثيلية في القرآن الكريم وأنها وليدة الخيال وأن الخيال إنما يسود هذا النوع من القصص 
لحاجة البشر إليه وجريهم في بلاغتهم عليه والله سبحانه وتعالى إنما يحدّثهم من هذا بما 
يعتادون. ولعل من القصص التمثيلي كل قصة أعرض القرآن فيها عن ذكر البطل فأهمله أو 
أخفاه. 

والآن نستطيع أن ننتقل إلى لون آخر من ألوان القصص الأدبي في القرآن وهو اللون 
الخاص بالأساطير. 


(Y)‏ القصة الأسطورية 

ويختلف الوضع هنا ie‏ في اللونين السابقين من dus‏ المواد الأدبيية ومن حيث 
تتاولها. 

أما من dus‏ المواد فيرجع الاختلاف إلى أن المواد الأدبية في القصة التاريخية كانت 
أحداثا واقعية تناولها القرآن Lei)‏ ترتيبا يحقق الغرض المراد في القصة القرآنية وإلى أن 
المواد في القصة التمثيلية كانت أحداثا لا نعرف لها هذه الصفة من التاريخية والواقعية ومن 
هنا استطعنا أن نسميها في عرفنا البشري Wani‏ مفروضية أو متخيلة وقد تناول القرآن هذا 
اللون من الأحداث وعرضه العرض الذي تتحقق به الأغراض المرادة من القص. 

أما في القصة الأسطورية فالمواد الأدبية قصة بأكملها ومن هنا يكون الصنيع البياني 
مخالفا بعض الشيء له في اللونين الأولين من ألوان القصص القرآني. 

وأما من dus‏ معالجة القصة الأسطورية فلن نستطيع أن نسلك السبيل التي سلكناها 
هناك فنبدأ بعرض بعض القصص Ball‏ الظواهر الأدبية ثم نسجلها la jadi g‏ 


۹۸ 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


كما فعلنا هناك. والأمر في ذلك واضح فالقدماء من المسلمين يجمعون على وجود القصة 
التاريخية في القرآن مهما يكن الرأي في طريقة تناولها ونحن متفقون معهم كل الاتفاق على 
هذا القدر وغاية الأمر أثا نقول إن عرض القصة التاريخية للأحداث والأشخاص إنما هو 
العرض الأدبي البلاغي أي الفني. وبعض القدماء من المفسّرين يقول بوجود القصة التمثيلية 
أو غير الواقعية وعلى حد قول بعضهم الفرضية. ومن كل ما تقدم صلح في اللونين السابقين 
أن نبدأ بعرض قصص انتهينا منه إلى المراد. 

أما هنا فلم يقل واحد من المفسّرين بوجود القصة الأسطورية في القرآن بل على 
العكس نرى agia‏ كما نرى من بعض المحدثين نفوراً من لفظ الأسطورة ومن القول بأنها في 
القران ولو إلى حد ما. 

نعم نحن لا ننكر أن بعض المفسّرين من أصحاب اللمحات قد فتح الباب وأجاز القول 
بوجود القصة الأسطورية وأصل لذلك أصولا مهمة لهذه الفكرة مثل تقريره أن هناك Lua‏ 
للقصة أو هيكلاً للحكاية وأن هناك أمورا أخرى. والجسم أو الهيكل غير مقصود أما المقصود 
حقا فهو ما في القصة من توجيهات دينية أو خلقية وهو ما ذهب إليه الأقدمون كالإمام الرازي 
وهو ما قرّره الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في صراحة ووضوح حين تحدّث عن التعبيرات 
البيانية وأنها قد تقوم على شيء من الخرافات الوثنية. وهذه هي أقوال هذين العالمين. 

جاء في الرازي عند تفسيره لقوله تعالى # بل كذبوا Lag‏ لم يحيطوا بعلمه Laly‏ يأتهم 
تأويله 4 من سورة يونس ما يلي » الأول انهم كلما سمعوا شيئا من القصص قالوا ليس في 
هذا الكتاب الا أساطير الأولين ولم يعرفوا أن المقصود منها ليس هو نفس الحكاية بل أمور 
شرق ا له 

Bab gai‏ أن الرازي هنا يفرّق بين شيئين: الأول هيكل القصة أو جسم الحكاية. 


NG سورة يونس» الآية‎ )١( 


DAN ص‎ cÉ à التفسير الكبير»‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الثاني ما في القصة من توجيهات دينية نحو قواعد الدعوة الإسلامية ومبادئ الدين الحنيف. 


والرازي يلحظ أن الأمر الأول وهو هيكل القصة أو جسم الحكاية هو الذي أدخل 
الشبهة على عقول المشركين حين ظتوا أنه المقصود من القصص ومن أجل هذا ذهبوا إلى ما 
ذهبوا إليه من أن القرآن أساطير الأولين. 
والرازي يقرر أن المقصود أمور أخرى مغايرة لهذا الجسم من القصة. 
وجاء في المنار من حديث عند ته تفسيره له لقصة هاروت وماروت من سورة البقرة ما يلي: 
» قال الأستاذ الإمام ما مثاله: Ly‏ غير مرة أن القصص جاءت في القرآن لأجل 
الغابرين ihg‏ ليحكي من عقائدهم الحق والباطل ومن تقاليدهم الصادق والكقاذب ومن 
عاداتهم النافع والضار لأجل الموعظة والاعتبار فحكاية القرآن لا تعدو موضع العبرة 
ولا تتجاوز مواطن الهداية ولا بد أن يأتي في العبارة أو السياق وأسلوب النظم ما يدل 
على استحسان الحسن و استهجان القبيح. 
وقد يأتي في الحكاية بالتعبي رات المستعمَلة عند المخاطبين أو المحكى peie‏ وان لم 
تكن صحيحة في نفسها كقوله à‏ كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المس (VE‏ 
وكقوله à‏ بلغ مطلع الشمس VE‏ وهذا الأسلوب مألوف Lili‏ نرى TS‏ من كتاب 
العربية وكتاب الإفرنج يذكرون الهة الخير والشر في خطبهم ومقالاتهم لا سيما في 
سياق كلامهم عن اليونان والمصريين القدماء ولا يعتقد أحد Gui agio‏ من تلك الخرافات 
الوثنية a‏ 
إذ الواضح أن الأستاذ الإمام يجيز أن يكون في التعبير القرآني قصصا وغير قصص 
أثر للأساطير إجراء للعبارات على تلك الظواهر الخرافية AN‏ يحكي من عقائدهم الحق 
والباطل كما يجيز أن يكون القرآن قد أجرى أساليبه كما هو المعروف عند الأدباء فجعل 
الخرافات الوثنية أداة للتعبيرات البلاغية. 


NYO ANI سورة البقرة»‎ )١( 
.٠١ AN سورة الكهفء‎ (Y) 


AA المنار» ج ۱> ص‎ (Y) 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


لا ننكر أن المفسرين الكبيرين قد VU‏ هذا وقد فتحا الباب أمامنا لكنهما وقفا عند هذا 
الحد ولم يضعا بين أيدينا قصة واحدة ليشرحاها الشرح الأدبي الذي يسمح لنا بأن نجعلها 
فاتحة الحديث عن القصة الأسطورية ونمضي على هدى منه. 

إن كل ما صنعاه أنهما جعلا جسم القصة أو هيكل الحكاية غير مقصود من القرآن 
وأنه لو كان أسطورة من الأساطير فإن ذلك لا يقدح في حق القرآن الكريم لأنه ليس من 
مقاصده وليس من الأمور التي عني بشرحها وتفصيلها. 

لا بد إذن من الحديث المفصل عن هذا اللون من القصص ونظر القرآن إليه وتناولنه 
له. 

ونقدم بين يدي ذلك ما نشير به إلى أن السبيل إلى درس متل هذه الموضوعات 
بموضوع ما ثم فهمها وتسجيل ظواهرها ثم تفسير هذه الظواهر والانتهاء من كل ذلك إلى 
حكم القرآن في المسألة. ولن تكون سبيلنا هنا إلا هذه السبيل. 

وتلك هي آيات القرآن الكريم التي عرضت لذكر الأساطير نجمعها مستقصين Jati]‏ 
فيها النظرة العلمية التي تسلم إلى الحق المبين. 

)١(‏ قال تعالى ‏ ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكثّة أن يفقهوه وفي 
آذانهم وقراً وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن 
هذا إلا أساطير الأولين 4("). 

(Y)‏ وقال تعالى à‏ وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن 
هذا إلا أساطير الأولين * وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا 
حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم NK‏ 

OS وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين‎ à وقال تعالى‎ (Y) 
YO سورة الأنعامء الآية‎ )١( 


.”7 ۳١ سورة الأنفال» الآيتان‎ (Y) 
NANI Jadi سورة‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


)٤(‏ وقال تعالى *# بل قالوا مثل الأولون * قالوا أئذا متنا وكنا تراباً Late‏ أئتا 
لمبعوثون * لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين 4(“ 

(5) وقال تعالى # وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا * قل 
أنزله الذي يعلم السر في السموات الأرض إنه كان غفوراً رحيما 04 

EA saa ap لوا ا‎ O 
Og وعدنا هذا نحن وآباونا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين‎ 

(Y)‏ وقال تعالى # والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت 
القرون من قبلي Lans‏ يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير 
الأولين OS‏ 

(A)‏ وقال تعالى # ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء apal‏ * مناع للخير معتد 
ل ل ل E‏ لت 
الأولين Og‏ 

ل ang‏ جو د وت سد كك 
معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين NK‏ 

هذه هي الآيات التي عرض فيها القرآن لهذه المسألة فلننظر لنرى ما فيها من دلالات 
على نظرية لهذه الأساطير. 


وأول ذلك أن هذه الآيات جميعها من القرآن المكي حتى ما وضع منها في سورة 
مدنية كالأنفال Mie‏ فقد نص القدماءء واعتمد ذلك المصحف الملكيء على أن الآيات من 


|( سورة المؤمنونء الآيتان AY‏ — 
(Y‏ سورة الفرقان» الآيتان 0 — ". 


(1) 

() 

AA ٦۷ سورة النمل» الايتان‎ (Y) 
.٠١ سورة الأحقاف» الآية‎ (£) 

)°( سورة c alal‏ الآيات .٠١ 5٠١‏ 
)3( سورة المطففين» الآيات .\ — 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


T ٠‏ من سورة الأنفال مكية. وأقرب agih Le‏ من ذلك أن الحديث عن الأساطير إنما كان 
من Jai‏ مكة وجمهرتهم المطلقة من المشركين وأنه قول لم يقل في المدينة بعد انتقال النبي 
عليه السلام إليها. وهذه ظاهرة تحتاج إلى تفسير وتعليل. 

وثاني ما يُفهم من النظر في هذه الآيات أن القائلين لهذا القول هم في الغالب الذين 
ينكرون البعث ولا يؤمنون بالحياة الآخرة. وذلك واضح كل الوضوح من آيات سور: 
المؤمنون» النمل» الأحقاف» المطففين. ذلك لأن الحديث معهم في هذه المسألة بالذات» وهو 
متصل بسبب قوي بالحديث عن الحياة الآخرة في آيات سور الأنعام والنحل. 

وتلك ظاهرة تستحق التفسير Lad‏ والتعليل. 

وثالث ما يُفهم من النظر في هذه الآيات أن المشركين كانوا يعتقدون بما يقولون 
اعتقاداً صادقاً وأن الشبهة R R E‏ هذه الآيات 

ف عور die‏ و إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيستمعون القرآن 
لكنهم بعد الاستماع يجادلونه ويقولون له D‏ إن هذا إلا أساطير الأولين ٠4‏ ). ونعتقد أنهم لم 
يقولوا هذا القول في مواجهة النبي وأمام سمعه وبصره إلا وهم يعتقدون أن ما يقولونه وما 
يرونه الصواب. ومعنى ذلك أن الشبهة عندهم في احتواء القرآن على الأساطير شبهة قوية 
جارفة. 

وفي سورة JANI‏ يذهبون ويستمعون وبعد هذا وذاك يقولون à‏ قد سمعنا لو نشاء 
لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين 4 '. ولا يكتفون في هذا الموطن بهذا القول وإنما 


يذهبون إلى a‏ ل د إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر 
علينا حجارة من السماء أو أئتنا بعذاب أليم °4 


.YO AN cala) سورة‎ (\) 
Y سورة الأنفال» الآية‎ (ï) 
Yy AN cö j gll نفس‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ونحن إذ نعتقد بصدق القرآن ودقته في تصوير إحساساتهم لا بد لنا من التسليم بأن 
هذه العقيدة كانت قوية عندهم وتقوم على أساس يطمئنون إليه من حيث وسعهم معه أن يقرروا 
بهذه القوة وجود الأساطير في القرآن ذلك لأنهم لا يستطيعون هذا القول إلا إذا كان هناك ما 
يبر فعلاً هذا القول في تقديرهم ويجعلهم يؤكّدون هذا التأكيد. 

وفي الأحقاف يقف ولد هو فيما يروي المفسّرون ابن أبي بكر الصديق من والديه هذا 
الموقف القاسي العنيف ‏ والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون 
من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير 
الأولين NK‏ 

وما من شك في صدق القرآن ودقته في تصويره لخلجات الأنفس ولذا نقدّر OÙ‏ هذا 
الشخص الذي يضجر من والديه ويتأفف من قولهما ويشك في عودته إلى الحياة مرة ثانية 
ويقيم هذا الشك على ملاحظته لظاهرة من الظواهر هي أن القرون قد خلت من قبله ولم يعد 
إلى الحياة أحد كان قوي العقيدة شديد اليقين في أن ما وعد به من الإخراج إنما هو من 
الأساطير. 

وهكذا نلحظ أن الشبهة عنده قوية عنيفة وأن القرآن يصوّرها تصويرآ دقيقاً صادقاً 
ونحس نحن من هذا التصوير القرآني أن القوم كانوا إنما يعبّرون Le‏ يحستون ويشعرون به 
نحو ما يتلى عليهم من آي الذكر الحكيم فهم لم يقولوا هذا القول كذبا وإدعاء وإنما قالوه عن 
شبهة قوية وعقيدة ثابتة. 

ونستطيع أن نسأل أنفسنا قائلين هل معنى ذلك الذي يقرّره القرآن أن في القرآن شيئاً 
دعاهم إلى هذا القول الذي يدل على التقرير القوي والاعتقاد المتمگن وهل هذا الشيء من 
الأخطاء التي ملكت عليهم نفوسهم أو هو شيء من حال القرآن جعلهم يقولون ذلك؟ لنل تمس 
الجواب عن هذا من ANG‏ تعرّض القرآن للأساطير من نفيها عن نفسه وشدة حرصه على ذلك 
أو من دلالته على وقوفه منها موقفاً يخالفه ذلك؟ 

لننتظر وسنرى. 


AY سورة الأحقاف» الآية‎ )١( 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


ورابع ما يُفهم من النظر في هذه الآيات التي هي كل ما تحدّث به القرآن عن 
الأساطير أن القران نفسه لم يحرص على أن ينفي وجود الاساطير فيه وإنما حرص على أن 
ينكر أن تكون هذه الأساطير هي الدليل على أنه من عند محمد عليه السلام وليس من عند 


الله . 

واستعرض معي الآيات مرة أخرى لتتبيّن موقف القرآن نحو هذا الحرص على نفي 
وجود الأساطير فيه وسترى: 

)١(‏ أن القرآن اكتفى بوصف هذا الصنيع من المشركين في آيات سور الأنفال» 
المؤمنون» النمل» الأحقاف» دون تعقيب عليه. 

(Y)‏ وأن القرآن اكتفى بتهديد القوم في أيات سور الأنعام والمطففين. وهو تهديد يقوم 
على إنكارهم ليوم البعث أو على صدهم الناس عن إتباع النبي وليس منه التهديد على قولهم 
ob‏ الأساطير قد وردت في القرآن الكريم. 

(؟) ومرة واحدة يعرض القرآن للرد عليهم في قيلهم بأنه أساطير وهي المرة التي 
ترد في سورة الفرقان» وهذه هي الآيات ‏ وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه 
بكرة وأصيلاً * قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيما Cg‏ 

فهل هذا الرد ينفي ورود الأساطير في القرآن؟ أو هو إنما ينفي أن تكون هذه 
الأساطير من عند محمد يكتتبها وتملى عليه ويثبت أنها من عند الله. à‏ قل أنزله الذي يعلم 


السر... 4 الخ. 
عليهم يقول 


البحث الأول في بيان أن هذا كيف يصلح أن يكون جوابا عن تلك الشبهة وتقريره ما 
قدّمناه من أنه عليه السلام تحدّاهم بالمعارضة وظهر leie as jac‏ ولو كان عليه السلام 


أتى بالق ران بان استعان بأحد لكان من الواجب عليهم أيضا أن يستعينوا بأحد فياتوا ha‏ 
هذا 


.1 ٠ سورة الفرقان› الآيتان‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الق Lali yj‏ عجزوا die‏ ثبت أنه وحي من عند الله وكلامه فلهذا قال à‏ قل أنزله الذي 

os 
g الأولين...‎ td a Aw قل أنزله الذي يعلم السر‎ à تعالى.‎ 
= de o الرد رد الذي كان توق‎ d الخ ذلك لآن المتبادر‎ 
الك ار ا‎ es سرا دو هد‎ 
الإجابة الطبيعية وهي الإجابة التي لا محيد عنها في هذا الميدان. ذلك لأن مدار الحوار بين‎ 
القرآن والمشركين لم يكن عن ورود الأساطير في القرآن وإنما كان عن اتخاذهم ورود‎ 
Sd an aa 

DA 1 id 9) ad à ا‎ de du à 
ربكم قالوا أساطير الأولين 4 | ذلك لأنهم كانوا يتخيلون استبعاد أن يصدر مثل هذا القصص‎ 
وغلوا وهم مخطئون.‎ 

وإذا كان إحساس القوم بورود الأساطير ف في القرآن قوياً عنيفا وعقيدتهم في ذلك قوية 
ثابتة. 


وإذا كان القرآن لا ينفي ورود الأساطير فيه وإنما ينفي أن تكون هذه الأساطير هي 
الدليل على أنه من عند محمد عليه السلام وليس من عند الله. 


)\( التفسير الكبير» ج “> ص TOE‏ 
(ï)‏ سورة النحلء ANI‏ 5 ؟. 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


إذا كان كل هذا ثابتا Gi‏ لا نتحرج من القول بأن في القرآن أساطير لأثا في ذلك لا 
نقول قو لا يعارض نصا من نصوص القرآن. 

ويبقى من ذلك الشرح للظواهر وتفسيرها أمران: الأول لماذا صدر هذا Jill‏ عن 
منكري البعث؟ والثاني لماذا كان من المكيين؟ 

لنستعرض سويا بعض القصص القرآني الذي عالج القرآن فيه مشكلة البعث: 

)١( ٠‏ قال تعالى 8 أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى 
هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال 
بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس 
وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبيّن له قال أعلم أن الله على كل شيء 
قدير * وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن 
aS ES ERATE ES‏ ثم ادعهن 
يأتينك alely hau‏ أن الله عزيز حكيم OÙ‏ 

وواضح من القصتين أنهما تفسّران وتجسمان عملية الإحياء بعد الإماتة وهي العملية 
التي كان ينكرها المشركون إنكارا تاما ويزعمون أنها أحاديث خرافة. 

ويقف بعض المفسّرين من هاتين القصتين موقفا يدل على أنهما عندهم من الأقاصيص 
التي تقع ولم تحدث. 

ل كوت لض روي لج ووو E‏ 
القفصة من قبيل التمثيل (a‏ 


وجاء å‏ في الرازي بعد تفسيره للقصة الثانية رأي لأبي مسلم ينكر فيه وقوع القصة 
ويذهب إلى أنها من قبيل التمثيل ليس غير. هذا الرأي الذي عرضناه عليك في الفقرة الخاصة 
بالقصة التمثيلية من هذا O) Jail‏ 


)\( سورة البقرة» الآيتان NG — Yo‏ 
(ï)‏ المنارء ج ۲»> ص ON‏ 
(Y)‏ الرازي» ج ۲» ص SY‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وإذا ما ضممنا إلى ذلك ما يذهب إليه بعض المستشرقين من أن قصة أصحاب الكهف 
قصة أسطورية(". تبيّن لنا السر في أن القائلين بالأسطورية هم الذين ينكرون البعث إذ أنهم لم 
يستطيعوا تصديق أمثال هذه القصص التي uni‏ عملية الإحياء بعد الإماتة وجروا على Lei‏ 
أساطير الأولين. 

ونستطيع أن نذكر هنا أيضا أن الشبهة التي دخلت على المشركين من أمثال هذه 
الأقاصيص قد دخلت Laj‏ على بعض المفسّرين من الباب نفسه ومن هنا لم يستطيعوا تصديق 
وقوع هذه الأحداث وفسّروا هذا اللون من القصص على أنه قصص يراد به التمثيل. 

والآن al‏ هذه الظاهرة. 

لماذا انقطع القول بالأساطير حينما انتقل النبي إلى المدينة؟ 

إن السبب فيما نعتقد واضح بين فالبيئة قد تثقّفت ثقافة كتابية بفضل اليهود. وفي الكتب 
السابقة وردت الأساطير لتشرح فكرة أو تمثل punis‏ عقيدة من Mall‏ وهذه فكرة يعرفها Jai‏ 
الكتاب ونعتقد أن قد كان يعرفها المدنيون من العرب من هؤلاء. 

والبيئة المكية لم تكن مثقفة ثقافة كتابية في هذا الجانب فيما نعتقد ومن هنا أنكرت 
على القرآن هذا الصنيع. 

إن القصص الأسطوري يعتبر تجديدا في الحياة الأدبية المكية وتجديدا ela‏ به القرآن 
الكريم وتجديدا لم يألفه القوم ومن هنا أنكروه. 

إن هذه النظرة تفسّر لنا جانبا من جوانب الإعجاز في القرآن الكريم فقد وضع تقليداً 
جديدا في الحياة الأدبية العربية وهو بناء القصص الديني على بعض الأساطير. وهو بذلك قد 
جعل الأدب العربي يسبق غيره من الآداب العالمية في فتح هذا الباب وجعل القصة 
الأسطورية Gal‏ من ألوان الأدب الدقيق الرفيع. 


يجب أن نحرص على فتح هذا الباب ولا نوصده في وجه الذين يقولون بوجود 
)١(‏ مادة أصحاب الكهف في دائرة المعارف الإسلامية. 


YA 


ما هي القصة؟ وهل في القران قصة فنية؟ 


الأساطير في القرآن الكريم وإنما يجب أن نفسّره التفسير الذي اهتدى إليه الرازي ووقف عنده 
الأستاذ الإمام ولم ينكره على نفسه القرآن الكريم. 

فإذا ما قال المشركون إن بالقرآن أساطير قلنا ليس عليه في ذلك بأس وإنما البأس 
عليكم لأنكم قد عجزتم عن فهم مقاصده وقصدتم عن المضي معه في هذا السبيل. 

وإذا ما قال المستشرقون إن بعض القصص القرآني كقصة أصحاب الكهف أو قصة 
موسى في سورة الكهف قد بُنيت على بعض الأساطير7". قلنا ليس في ذلك على القرآن من 
بأس فإنما هذه السبيل سبيل الآداب العالمية والأديان الكبرى ويكفينا فخرآ أن كتابنا الكريم قد 
سن الستن وقعد القواعد وسبق غيره في هذه الميادين. 

ونستطيع الآن أن ننتهي من هذه الفقرة إلى القول بأن القرآن الكريم لا ينكر أن فيه 
أساطير وإنما ينكر أن تكون الأساطير هي الدليل على أنه من عند محمد عليه السلام لم يجئه 
به الوحي ولم ينزل عليه من السماء. 

ومن هنا يجب ألا يزعجنا أن يثبت عالم من العلماء أو أديب من الأدباء أن بالقرآن 
أساطير. ذلك لأن هذا الإثبات لن يعارض نصا من نصوص القرآن الكريم. 

جاء في الرازي عند ته تفسيره AN‏ النحل ما يلي: 

» لقائل أن يقول كيف يكون تنزيل ربهم أساطير الأولين. وجوابه من وجوه: الأول أنه 

مذكور على سييل السخرية... الثاني أن يكون التقدير هذا الذي تذكرون أنه Jii‏ من 

ربكم هو أساطير الأولين. الثالث يحتمل أن يكون الم راد أن هذا القرآن بتقدير أن يكون 

والحقائق ». 
وواضح أن الرازي يجيز في رأييه الأخيرين القول بورود أساطير في القرآن الكريم 
وها ن عند À‏ 

إن المسألة أوضح من أن نختلف عليها بعد الآن والله الهادي إلى سواء السبيل. 

القصة الأسطورية 19 من القصص الأدبي الذي نجد من المفسّرين من أجاز أن يكون 
موجودآ في القران الكريم. 


)١(‏ راجع مادة أصحاب الكهف ومادة إلياس من دائرة المعارف الإسلامية. 


۲۰۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هذه هي الألوان الثلاثة من القصص الأدبي وضعتها بين يديك ودللت على وجودها أو 
على احتمال الوجود وإجازته وكلها يثبت أن القصة في القرآن الكريم عمل أدبي قصد إليه 
القرآن وجعله وسيلته إلى كل ما يريد من مقاصد وأغراض. 

وننتقل الآن إلى الحديث عن أمر آخر هو الوحدة القصصية وسنرى منها أيضا ما 
يزيد الأمر بيانا وإيضاحا ويطلعنا على أن القصد في القصص القرآني هو سر ما فيه من 
إعجاز. 


Yie 


الوحدة القصصية 





والنزعة التاريخية التي سيطرت على عقلية الدارسين للقصة القرآنية جعلتهم يضلون 
السبيل إلى الوحدة القصصية للقصة القرآنية. ذلك لأنها جعلتهم لا يمستطيعون التفرقة في 
سهولة yung‏ وفي دقة وإحكام بين صنيع المؤرخين وصنيع الأدباء في رسم صور 
الشخصيات فهم لم يستطيعوا مثلا أن يتبيّنوا أنه كان من واجب المؤرخ أن يرسم الصورة كما 
كانت عليه الشخصية في الحياة فإن من حق الأديب أن يختار من الملامح وأن يبرز من 
القسمات وأن يعرض من جوانب الشخصية ما يمكّنه من الوصول إلى تلك الأهداف التي قصد 
إليها من قص القصص. Us‏ من aia‏ أيضا أن يلون الصورة بالألوان التي تجعل الشخصية 
قادرة كل القدرة على القيام بذلك الدور الذي ji‏ لها أن تلعبه في القصة. ومن هنا لم يستطع 
هؤلاء الدارسون الإيمان بأن الشخصية الواحدة قد لا تتشابه صورها حين يصورها أدباء 
مختلفون أو حين Quai la Jus‏ واحد في أقاصيص مختلفة. ولعله السبب الذي من jee Ala)‏ 
هؤلاء عن تفسير تلك الظاهرة في الأقاصيص القرآنية» فلقد عجز القوم عن تفسير هذه الصور 
التي رسمها القرآن لفرعون من مجيئه مرة في مسوح العابد وأخرى في عزة المعبود. 


وعدم القدرة على التفرقة بين الصنيعين صنيع الأدباء وصنيع المؤرخين هو الذي دفع 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ولا ua Jai‏ إن اعتقاة أن الخ القصصنة ف القصيضل. الفز ي لهت :لأ KAN‏ 
dass ji‏ ران هذه الأخيرة هي كل شيء في القصص القرآني. فهي الأساس الذي تبنى عليه 
القضة رهي العحول الذي كور حرله julie As a) Aus‏ ك هى العنضن'المنين للوحدة 
القصصية والمميز لقصة قرآنية عن أخرى غير قرآنية. 

ونحن في هذا الموقف لا نريد الحديث عن العناصر القصصية وكيفية توزيعها في 
القصة القرآنية ولا عن الشخصية وكيف أن القرآن كان يجعلها العنصر الأول حين يقصد إلى 
الإنذار ولا عن الحوار وكيف أن القرآن كان يجعله العنصر الأول حين يقصد إلى الرد على 
المعارضة وإلى شرح مبادئ الدعوة الإسلامية. لا نريد الحديث عن شيء من هذا لأن لهذه 
المسائل جميعها محلها من البحث في فصل خاص بها هو فصل العناصر القصصية. 

إننا نريد في هذا الموقف الحديث عن الوحدة القصصية عن الأساس الذي نميّز به في 
القرآن قصة عن قصة. عن الأساس الذي يفرد القصة ويجعلها محل بحث ودرس لملاحظة 
الظواهر ثم تفسيرها وتعليلها ثم الوقوف على ما فيها من قيّم فنية وأدبية. 

كان الأساس عند الدارسين قبلنا الشخصية التاريخية ومن هنا كانت تسميتهم 
للأقاصيص القرآنية بأسماء الأنبياء والمرسلين وأسماء غيرهم من رجال التاريخ ففرى في 
كتبهم قصص e‏ ونوح وإبراهيم وموسى وذي القرنين. كما نرى فيها أيضا تمييزهم 
للأقاصيص بالصفات التي كان يطلقها القرآن ا ر ی اينه ank‏ 
ل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها 4 a l‏ الذي آتيناه آياتنا فاذ 


منها l A ١4‏ وإ الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف 04ء 
و« أصحاب الجنة Og‏ 


.Yo4 ANI سورة البقرة,‎ )١( 
VO ANT سورة الأعراف.‎ (ï) 
5 AN سوره 5 الكهف»›‎ (Y) 
VEY الآية‎ cb A) A) 

)°( د 


5 نفس السورة» AY ANT‏ وفي عدة سور أخرى. 


الوحدة القصصية 


كانت النتيجة المنطقية لهذا الصنيع من القدماء أن تكون قصة موسى وإبراهيم 
وغيرهم من الأنبياء الذين تكرّرت أسماؤهم في القرآن ودارت حولها أخبار وآراء هي مجموع 
هذه الأقاصيص التي دارت حول هذه الأسماء. وهنا نعترف بأنهم لم يقفوا طويلاً عند الأسرار 
التي من أجلها كرر القرآن هذه الأقاصيص وخالف فيما بينها بالذكر والحذف أو الزيادة 
والنقصان أو صوّرها بصور مختلفة من حيث التقديم والتأخير وغير ذلك من طرق وأساليب 
عمد إليها القرآن. 

إنه من هنا قامت في وجههم الصعوبات وتكاثرت أمامهم المشكلات وأحسّوا بعدم 
القدرة على الخروج مما وضعوا أنفسهم فيه من مآزق ولعلهم من هنا ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه 
من عد القصص القرآني من المتشابهات. 

إن الأساس الذي يحسن بنا أن نسير عليه في فهم الوحدة للقصة القرآنية Lai)‏ هو 
الأساس الذي جعله القرآن نفسه أساسا للمجموعات القصصية التي جمع بينها في السورة 
الواحدة وود فيها بين البناء والتركيب. هو المقاصد والأغراض والموض وعات الدينية لا 
الأسماء ولا الأشخاص. 


إن المشكلة التي تعالجها القصة هي الوحدة التي يقوم عليها فن التركيب والبناء. 


إن ذلك الفهم للوحدة القصصية هو الذي يتفق وقواعد الأصوليين ويجري وصنيع 
القرآن ثم هو الذي لعله يفتح الطريق لإدراك معنى لهذا التشابه في قصص القرآن. ولعله يرد 
عن القرآن مطاعن الطاعنين من ملاحدة ومستشرقين. 

Lai (1)‏ إنه يتفق وقواعد الأصوليين فلانهم يجعلون مدار البحث في الآية القرآنية ما 
تصوره من حكم شرعي أو عقيدة دينية ولا يجعلونه الأشخاص الذين تدور حولهم هذه الأحكام 
ومن هنا توزّع الحديث عن الأزواج في مواطن كثيرة elai‏ بعضه في آيات النكاح وبعضه 


ولا يستطيع باحث أن يجمع بين آيات الطلاق وآيات الميراث إذ هذه توضع في باب 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وهذا هو ما يحسن أن يجري عليه العمل في القصة القرآنية فيحسن أن تكون الوحدة 
هي الغرض القصصي فتكون هذه القصة للتخويف وتلك للإنذار وهذه للعظة وتلك لتثبيت قلب 
النبي عليه أفضل الصلاة والسلام. 

وواضح G‏ لا نستطيع أن نجمع بين قصة للبعث كقصة إبراهيم والطير i‏ فى البقرة 
وقصة لتثبيت قلب النبي عليه السلام كقصة إبراهيم في هود وقصة المحاربة والأوثان كقصة 
إبراهيم في الأنبياء لمجرد أن هذه القصص كلها تدور حول شخصية إبراهيم عليه السلام. 

وكذلك لا نستطيع أن نصنع هذا الصنيع في القصص الدائرة حول غيره من الأنبياء. 

(Y)‏ وأما إنه يجري وصنيع القرآن فلانه الأساس الذي قام عليه الجمع في الأقاصيص 
المختلفة من حيث الأسماء الواردة في سورة واحدة من سور القرآن. وذلك هو الأمر الواضح 
من مجموعات القصص الواردة في كل من سور القمر والأعراف وهود والشعراء وغيرها 
من السور التي وردت فيها أمثال هذه المجموعات. 

ثم لأن هذا الأساس هو الذي قام عليه التشابه والاتفاق في فن بناء قصة وتركيبها في 
كل من السور مهما تتغير الأسماء. 
هذه الأقاصيص في سورة واحدة وود بينها في فن بناء القصة وتركيبها مع الاختلاف في 
الأسماء. 

قال تعالى à‏ كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تقون * إني لكم 
رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب 
العالمين * أتتركون فيما ههنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * 
وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين * فائقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * 
الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر 
مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا 
تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * أخذهم العذاب إن 


الوحدة القصصية 


في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم 4. ١‏ كذب أصحاب 
الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تقون * إني لكم رسول أمين * فائقوا الله 
وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلآ على رب العالمين * أوفوا الكيل ولا 
تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا 
في الأرض مفسدين * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين * قالوا إنما أنت من المسحرين * 
وما أنت Y)‏ بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فاسقط علينا كسفاً من السماء إن كنت من 
الصادقين * قال ربي أعلم Les‏ تعملون * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم 
عظيم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم 04 

فهاتان القصتان جمع بينهما الغرض الذي ذكر في أول هذه السورة سورة الشعراء 
وهو حرص النبي على هدايتهم مع موقفهم منه موقف اللدد والخصومة حتى ليبخع نفسه ومن 
أجل هذا مضت القصة في عرض الحوادث التي تبث الثقة والطمأنينة في قلب النبي عليه 
السلام والتي ترد نفسه إلى الهدوء حينما يعلم من غيره من الرسل مثل هذا الححرص وبقاء 
أقوامهم على ما هم عليه من العناد. 

ومن أجل هذه المقاصد أيضا وحّد القرآن بين هاتين القصتين في فن البناء والتركيب 
حتى لقد جعل العبارات التي تجري بها الألسنة سواء من الأنبياء عليهم السلام أو من أقوامهم 
الثائرين الساخطين واحدة في كثير من الأحايين. 

الوحدة القصية كما ترى من صنيع القرآن تقوم على المقاصد والأغراض والمشكلات 
التي تستثيرها القصص وتحاول أن تضع بين يدي القارئ أو النبي عليه السلام لها حلة ولا 
تقوم على الأسماء أو الأشخاص بحال من الأحوال. 


على أنا لو تتبّعنا الآيات المختلفة التي يلفت القرآن بها الذهن إلى فوائد القصص 


.٠١۹ NEN سورة الشعراءء الآيات‎ )١( 
NAN ل‎ 1١١/5 نفس السورة الآيات‎ (Y) 


yio 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


القرآني في السور التي وردت فيها مجموعات من هذه القصص لوجدنا القرآن نفسه ينطق 
EN Eee ae‏ فى يبور هرد ل وكلد Aegan‏ مسن 
du sta‏ .ما caf‏ يه فؤادك € '. وقال في سورة الأعراف à‏ فاقصص القصص لعلهم 
يتفكرون 0 وقال في سورة يوسف p‏ نحن نقص عليك guaj‏ القصص Las‏ أوحينا إليك هذا 
القرآن 4" l‏ الخ وكلها تنطق كما ترى بأن القرآن Jess‏ القصد الحقيقي للقصص الأغراض 
الدينية. وإنه لتعطيل لمهمة القرآن الأدبية الإعجازية والدينية الخلقية أن نتعرض عن هذه 
المقاصد التي يرمي إليها القرآن ونشغل عنها بما لم يقصد إليه من بحث في قضايا الأزمنة 
والأمكنة والأسماء والأشخاص. 


(Y)‏ ثم هو الذي jui‏ التكرار في القصص وهو الأمر الذي دعا القدماء إلى القول 
بفكرة التشابه وإليك البيان. 
يروي الطبري ess AN pts‏ كن a ee Fa‏ 
وقصة باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني (a‏ 


ويقصد الطبري من هذا الحديث التشابه الذي يقع في صور التعبير عندما تختدف 
المعاني التي تجيء بها القصة أو الاختلاف في التعبيرات عندما يعون المعنى واحداً. وههو 
يسمي النوع الأول قصة باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني وهو يدل على النوع الثاني بقوله 
و قصة ة باختالاف الألفاظ و اتفاق المعاني. 


وقد ورد هذا الرأي مجملا في كثير من كتب التفسير وأصول الفقه كتفسير أبي حيان 
وكإحكام الأحكام للآمدي وكمجمع البيان للطبرسي وغيرهم. 


.٠٠١ سورة هود الآية‎ )١( 
AYT ANT سورة الأعراف»‎ (Y) 
NANI سورة يوسفء‎ (Y) 
eV ص‎ Y + الطبريء‎ )٤( 


الوحدة القصصية 


ولا يسعنا أن نعرض عليك في هذا المقام جميع الصور التي يتحقق بها مارواه 
الطبري فهي كثيرة في القرآن ولذا سنكتفي بعرض بعضها ملخصا في مسائل بعينها تدل على 
ألوان من التشابه كما جمعها صاحب كتاب « درة التنزيل وغرة التأويل في بيان الآيات 
المتشابهات في كتاب الله العزيز » ونرجو أن ننتهي منها إلى حل موقّق. 

se |)‏ على فى شور E‏ لاخر ve A SE AL‏ تومة ققال وا قوم عدوا 
الله ما لكم من إله غيره إني أخاف asde‏ عذاب يوم عظيم C ١4‏ وقال في سورة هود ا ولقد 
أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين * أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف asale‏ عذاب يوم 
أليم SO ١4‏ ايها إلى فرج يليا قرم اعدو E‏ 
لكم من إله غيره أفلا تتقون Oge‏ 


ويعلق الخطيب الإسكافي على هذه الآيات بعد إيراده لها بقوله: للسائل أن يسال عن 
اختلاف المحكيات كقوله بعد D‏ ما لكم من اله غيره اني أخاف عليكم عذاب يوم 
عظيم 4 و à‏ الي أخاف عليكم عذاب يوم أليم » وفي المؤمنين ™ ما لكم من اله غيره 
أفلا تقون والقصة قصة واحدة. 

الجواب أن يقال للأنبياء مقامات مع pead‏ يكون فيها الإعذار والإنذار فيها عودا على 
بدء الوعد والوعيد ولا يكون دعاؤهم الى الإيمان بالله ورفض عبادة ما سوى الله في 
موقف واحد Bib‏ واحد لا يتغيّر عن حاله بل الواعظ بفتن في مقاله والجاحد المنكر 
تختلف أجوبته في مواقفه فاذا جاءت المحكيات على اختلافها لم يطالب وقد اختلف في 
الأصل باتفاقها لأنه قال لهم مرة باللفظ الذي حكى ومرة بلفظ آخر في معناه كما نكر 
وكذلك الجواب برد من أقوام يكثر عددهم ويختلف كلامهم ومقصدهم. ومصدق الخبر 
يتناول الشيء على ما كان عليه فلا وجه اذا للاعتراض بهذا (Yo gais‏ 


.59 سورة الأعراف. الآية‎ )١ 
NG سورة هود» الآية‎ (ï 
YY ANT سورة المؤمنونء‎ | 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هذا لون من التشابه يفكر فيه الخطيب الإسكافي ويحله على أساس أدبي نستطيع أن 
نلخّصه في أنه رأى أن هذا موقف وذاك آخر ومن هنا اختلفت الصور المعبّرة فكانت هذه 
صورة وتلك أخرى. 

ونعتقد أن هذا الحل الذي يذهب إليه الخطيب الإسكافي يسلم إلى رأي أدبي آخر لا 
نحجم عن ذكره لأنه الحق الأدبي. 

ليس من شك في أنه إذا تعدّدت المواقف واختلفت الأشخاص وقال النبي أو الرسول 
من أجل هذا التعدّد في المواقف ومن أجل هذا الاختلاف في الأشخاص عبارات مختلفة تلائم 
المقام كانت النتيجة المنطقية لكل هذا اختلاف الصور المعبّرة أو اختلاف الأقاصيص لاختلاف 
الصور البيانية والمواد القصصية واختلاف المقامات. 

هذا حل يحسن بنا أن نحرص عليه لنستفيد به فيما يجيء من صور للمتشابه من آي 
القرآن. 

TAS‏ كد وجل اكاك كنت موسى: .. وما تلك بيمينك يا 
موسى * C eo‏ وقال في سورة النمل à‏ إذ قال موسى لأهله إني آنست ناراً 
سآتيكم. .. وألق عصاك Og‏ 

لمان أن يسأل فيقول قال الله تعالى ‏ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً 
كثيرا 4( لط لت يذ للدي حا الى مور لاقي ATS ge‏ 
SS‏ ). وفي الآية الأخرى 
de‏ سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون 4(“ 


سورة Ad‏ الآيات ۹ 
سورة النمل» الآيات .٠١ V‏ 


الوحدة القصصية 


في سورة القصص 9 لعلي آتيكم منها بخير أو جذوة من النار 04 

ثم قوله ١‏ لمان اناا ES‏ انربك فاحل تيك لك الوا LAN‏ 
طوى 4 إلى قوله p‏ وما تلك بيمينك يا موسى 4 فأخبر عن أشياء قيلت لموسى عليه 
السلام ثم جاء إلى ذكر العصا فقال à‏ وما تلك بيمينك يا موسى 4. وفي السورة الثانية 
à‏ فلما جاءها نودي أن بورك من في JU‏ ومن حولها وسبحانه الله رب العالمين * يا 
موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم * وألق عصاك (NS‏ وكذلك جاء في سورة القصص p‏ فلما 
أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا 
الله رب العالمين * وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز... 4(“ 

الجواب أن يقال إن الله تعالى لم يخبر أنه خوطب موسى عليه السلام باللغة العربية 
بألفاظ إذا عدل عنها إلى غيرها مما يخالف معناها كان DUS‏ في القرآن قادحا فيه بل معلوم 
أن الخطاب كان بغير هذه اللغة وأنه تعالى أخبر في بعض السور ببعض ما جرى وفي أخرى 
بأكثر مما أخبر به في التي قبلها وليس يدفع بعضها Ce,‏ 

ونشعر نحن بأن تلك الإجابة لا تحل المشكلة ما دام الموقف fanl y‏ وما دام القصد هو 
الإخبار عن هذا الموقف. 

إن رأينا فى حل هذه المشكلة نستمده مما لمحه الخطيب الإسكافى فى بيانه السابق 
ونقول بأن هذا موقف وذاك آخر وليس من اللازم أن يقوم هذا الاختلاف على أساس الذي 
وقع Sled‏ وإنما يقوم على أساس القصد الذي يرمي إليه القرآن من الصور القصصية فما 


سورة القتصص› الآية NA‏ 
سورة طه» الآيتان NY ١١‏ 


(1) 

Ay الآية‎ ka 
) (£) 

(°) 

() 


©( سورة القتصص› الآيتان NY Vs‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


دامت هذه القصة قد وردت لغرض ومقصد كالتسلية أو التسرية عن النبي عليه السلام AH,‏ 
لغرض آخر فهذه قصة وتلك قصة إذ هذا العرض الأدبي لحادث واحد من جوانب مختلفة إنما 
يكشف عن موضع العبرة وموطن العظة دون قصد إلى تقرير خبر بعينه ومن هنا تكون هذه 
قصة وتلك قصة وعند ذلك لا تكون هناك مشكلة UN‏ لن نربط بين القصتين حتى يقوم 
التعارض أو الاختلاف. 

وليس من شك في أنك ستذهب معي إلى أنه إذا اختلفت المقاصد القصصية اختلفت 
الصور المعبّرة وأنه اختلفت الصور المعبّرة كانت هذه قصة وتلك قصة. 

وليس من شك في أنك لا تستطيع أن تغلب الاتفاق في الشخصية على بقية العناصر 
القصصية من اختلاف فى المقاصد والأغراض واختلاف فى الصور والألفاظ واختلاف فى 
النسق والترتيب واختلاف في فن البناء والتركيب. | | 

وهنا نحس أن الاختلاف القائم على أساس الأحداث Laj‏ يزول فكون البشارة بالغلام 
مرة لسارة وأخرى لإبراهيم عليه السلام لا يُعتبر من الاختلاف لأن هذه قصة وتلك قصة. 
وكذلك غير هذا المثال من آيات القصص الذي يتغاير فيه التعبير. 

إن هذا الوجه من الرأي يبطل ذلك القول الخاطئ الذي يقول به المستشرقون من 
تطوار الشخصية القصصية في القرآن الكريم j'‏ أغراض النبي عليه السلام ودوافعه 
والظروف المحيطة به والمناسبات التي تدعوه إلى بعض المواقف. ذلك التطور الذي يمثلون 
له بما حدث في شخصية إبراهيم عليه OU‏ لأن أساس هذا القول أن الوحدة القصصية 
تقوم على وحدة الشخصية وهو قول باطل يريحنا منه تقرير أن هذه الوحدة إنما هي وحدة 
الغرض والعبرة لا وحدة الشخص ومن هنا تكون هذه قصة وتلك قصة وتكون أقاصيص 
صور العرض باختلاف المقصد والغرض. 

وقريب من هذا ذلك الاختلاف الذي يلاحظ في شخصية فرعون من أنه ظهر بمظه ر 
المعبود في قوله تعالى D‏ ما علمت لكم من إله غيري 4 وبمظهر العابد في قوله تعالى 


)\( راجع مادة إبراهيم في دائرة المعارف الإسلامية. 
(ï)‏ سورة القتصص› الآية NA‏ 


NY. 


الوحدة القصصية 


à‏ ويذرك وآلهتك 4 إذ أن القول إنما يقوم على أساس أن الوحدة القصصية تكون بوحدة 
pas Al‏ لآ as y‏ المقصيد:, ne jai‏ وهو ما الآ تر تشه يل قول كما EA Cat es‏ 
لاكتلافت المقضد والمعزى. 


(ع) ar‏ قصنة توح من ر à‏ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة 
من ربي وآتاني Lans‏ من عنده فعميت عليكم 4 أ وقل في قصة صالح عليه السلام في هذه 
السورة: $ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وآتاني من رحمة Og‏ 


للسائل أن يسأل عن مخاطبة النبيين نوح وصالح عليهما السلام قوميها باللفظين اللذين 
تساويا إلا فيما اختلفا فيه من تقديم المفعول الثاني في الآية الأولى على الجار والمجرور 
وتأخيره عنهما في الآية الثانية!؛). 

LD SR a 0)‏ ثرا لقانت بن 
المسحرين * وما أنت إل بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين Se Og‏ 


شعيب عليه السلام: à‏ وات خا حاف ولو Pr‏ إنما أنت من المسحرين * 
وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظتك لمن الكاذبين °04 


للسائل أن يسأل عن الواو في قصة شعيب في قوله h‏ وما أنت إلا بشر مثلنا g‏ 
وحذف الواو من مثله في قصة صالح عليه السلام!". 


وهنا نصرح بأتا لم ننقل إجابة الخطيب الإسكافي عن اللونين الثالث والرابع وذلك 
لسبب بسيط هو أنه أقام الإجابة عن أسباب الاختلاف وهو الأمر الذي يسأل عنه في هذا 


AYY AN سورة 5 الأعراف»‎ (\) 

NA فو © هود» الآية‎ (ï) 

(۳) ذ نفس السورة» الآية MY‏ 

)£( درة التنزيل» ص AAY‏ 

)°( سورة ة cp) pd‏ الآيتان 0۳ا NOL‏ 
)1( ذ نفس السورة» الآيات AAT ١+‏ 
(V)‏ رة التتريل Ga‏ ۸ : 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الموطن لأن القصتين في كل لون مختلفتان فهذه قصة لنوح وتلك قصة لصالح» وهذه قصة 
لصالح وتلك قصة لشعيب. 

إن الأمر الذي يجب أن يسأل عنه في هذا الموطن وإنما هو سر التشابه فيما نطق به 
كل من النبيين في السورة الواحدة إذ هو الأمر الذي يدعو إلى التساؤل في هذا المقام. 

إن الإجابة عن هذا التساؤل سهلة يسيرة على أساس ما نذهب إليه من فهم للقصص 
القرآني ذلك لأن كلا من اللونين قد اتحد فيه القصد والغرض ومن هنا كان التشابه في بناء 
القصة وكان الاتفاق في العبارات. 

نزلت قصص سورة هود لتثبيت قلب النبي عليه السلام واختار المولى سبحانه وتعالى 
من أحداث الأنبياء مع أقوامهم ما يحقق هذا الغرض ومن هنا كان التشابه فيما ينطق به 
الأنبياء عليهم السلام. 

ونزلت قصص الشعراء لتصوير اللدد في الخصومة وتهوين وقع الأمر على نفس 
النبي عليه السلام ومن هنا كان التوافق في بناء القصة وتركيبها وكان الاتفاق في العبارات 
التي تنطق بها الأقوام أو التي ينطق بها الأنبياء عليهم السلام. 

وأعتقد أنك ستؤمن بهذا الرأي إيمانا جازما لو رجعت إلى قصة لنبي واحد في 
سورتين مختلفتين وقصتين لنبيين مختلفين في سورة واحدة. 

سبق أن وضعنا بين يديك قصتين من سورة الشعراء هما قصة صالح وقصة شعيب 
لتلحظ ما بينهما من اتفاق في بناء القصة وتركيبها وما بينهما من تشابه فيما ينطق به القوم من 
عبارات في الجدل والحوار. 

والآن نستطيع أن نفعل العكس فنضع بين يديك إحدى القصتين وقصة للنبي نفسه الذي 
تدور حوله الأحداث من سورة أخرى لتدرك بنفسك لماذا نذهب إلى أن هذه قصة وتلك قصة 
ولتقف بنفسك على أسباب الاختلاف. 

قال تعالى في سورة الشعراء: ‏ كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا 
تقون * إني لكم رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن 


الوحدة القصصية 


أجري إلا على رب العالمين * أتتركون في ما Liga‏ آمنين * في جنات وعيون * وزروع 
ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا 
أمر المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا إنما أنت من المسحرين * 
وما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب 
يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * 
فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز 
الرحيم OS‏ 

وقال تعالى في سورة القمر: à‏ كذبت ثمود بالنذر * فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه Üj‏ 
إذاً لفي ضلال وسعر * أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غداً من 
الكذاب الأشر * G‏ مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة 
بينهم كل شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إثنا 
Ulaj‏ عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من 
مدكر ONE‏ 

إن الاختلاف بين القصتين هنا أقوى Aie‏ هناك وليس لذلك من سبب إلا أن المقاصد 
بين قصتي ثمود في كل من سورتي القمر والشعراء قد اختلفت ومن أجل ذلك اختلف فن 
البناء والتركيب وأصبحت هذه قصة وتلك قصة على الرغم من تشابه المواد واتفاق 
الأشخاص. 

على أتا لو نظرنا إلى المسألة من وجهة نظر أخرى وهي أن هذه الأجزاء لا يمكن أن 
تعتبر أجزاء قصة واحدة إلا على أساس أن صاحب النص قد أراد هذا وأنه حين أنزله إنما 
أنزله على أنه جزء من قصة موسى أو إبراهيم أو غيرهما من الأنبياء وذلك ما لم يقل أحد به 
بل ذلك ما يخالف أسباب النزول التي يذكرها المفسّرون Gal‏ عند تفسيرهم هذه الأجزاء 
وذكرهم أسبابا ومناسبات لنزولها. 


.٠١۹ ۱٤۱١ سورة الشعراءء الآيات‎ )١( 
."۲ ۲۳ سورة القمرء الآيات‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


إن هذه الأجزاء نزلت عندما نزلت لا على أنها تكميل لقصة سابقة بل نزلت لأغراض 
مختلفة باختلاف الظروف والمناسبات ومن هنا بنيت بناية مستقلة لتحقيق القصد من 
إيرادها. 


ثم إن هناك سببا آخر هو هذا التكرار الكثير لأقاصيص بعض الأنبياء عليهم السلام 
توزيع هذه الأجزاء فستجد أن الكلام لا يستقيم لأن الأحداث هي الأحداث والأشخاص هم 
الأشخاص في كل قصة وفي كل مكان ولن يسلمك هذا إلى القول بتوزيع الأجزاء في هذه 
المواطق das‏ هن الأحوال: 

إن المنهج السديد فيما نعتقد هو أن ننظر إلى هذه الأقاصيص على أنها أقاصيص 
مستقلة وليست من قبيل الأجزاء فهي عرض أدبي للحادث تختلف ألوانه باختلاف أغراضه. 
كما يكون الشخص التاريخي الواحد وأحداث حياته مادة قصص متعددة ثصاغ صوغا مختلفا 
لكشف جوانب مختلفة ومعان متعددة للشخصية وأحداثها وتلك ظاهرة رقي فني كبرى قدم 
يعاب على القرآن ويلتمس له الوجه ويطلب عنه الرد فيختلف في ذلك القدماء والمحدثون ولا 
يكادون يتفقون على الوجه الفني له بل يلتمسون لذلك أشياء وراء الصوغ البلاغي والنظم 
الأدبي والنسج الفني. ولو جعلوا هذا وجه الرأي في تلك القصص os‏ لكان وجها من 
الصواب في فهم القرآن الكريم وإعجازه وإنه لوجه نسأل الله له ذيوعا وبه مثوبة. 

وفي ختام هذا الفصل نستطيع أن نقول إن هذا الموقف هو الذي يتّفق والقاعدة 
ار وجو الذي يدوي وصديع Pa CO‏ المجمع ون !اقيض A‏ ي 
AE‏ ي اال اي ا ااي ا ل كي 


ونعتقد أن ا LS oh‏ 
a‏ فلنترزكها إلى الحديث عن شيء لخن هو الموضوعات.والأغراض: 


المقاصد والأغراض 





وعقائد ولكل ما أنكره الإسلام من خلق وعادات وآراء زائفة وعقائد وعبادات باطلة. لكنا مع 
كل هذا لا نستطيع أن نعد هذه الأمور أغراضا حين ندرس أغراض القصص القرآني ذلك لأن 
هذه الأمور كانت تأتي بين طيات هذا القصص وفي تناياه. وهي في هذا الوضع أو من هذا 
الجانب تشبهه تماما تلك الآراء المنثورة أو هذه الصور المبعثرة التي تجيء أثناء العرض 
هذه الأياء ودرسها دراسة مستقلة وسجلنا كل هذا على أنه لقم تي استطعنا الوقوف عليه ا 

e EG AN KAN‏ الأول مخ غات 
الآراء أو ES‏ الور المعروضة في القصة. والثاني النتيجة التي تنتهي إليها القصة 
الواحدة أو تنتهي إليها مجموعة من القصص وردت في سورة واحدة وكان لها مقصد واحد له 
أثره في طريقة البناء والتركيب وفي أسلوب العرض وطريقة توزيع العناصر القصصية من 
الأعراف» هودء الشعراءء الصافات. 


Yo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وإذا كنا قد جعلنا من النوع الأول دراسة القيّم فإننا قد جعلنا من النوع الثاني دراسة 
المقاصد والأغراض. 
ونحدد الوضع فنقول إن الغرض هنا هو المقصد الذي من أجله نزلت القصة القرآنية 
وهو الذي من أجله بُنيت على صورة خاصة وعرضت بأسلوب خاص. 
وإلى جانب هذه الأغراض على هذا الوضع توجد الوظيفة الاجتماعية التي تؤديها 
القصة في المجتمع وتخدم بها الحياة والأحياء وهي وظيفة تؤديها جميع الفنون من موسيقى 
ونحت وتصوير... الخ. 
هذه الوظيفة نستطيع أن نعدها غرضا عاما للقصة أدته في المجتمع العربي على 
اختلاف نحله وألوانه وعلى ما فيه من مؤيدين ومعارضين. 
هذه الوظيفة التي تؤديها الفنون جميعها ومنها الأدب تنتهي عند عمليتي الإيحاء 
والإفاضة فتلك وظيفتها الاجتماعية وذلك هو دورها الذي تلعبه في الحياة. ويستوي في هذين 
— الإيحاء والإفاضة ‏ الخالق المبدع والمشاهد المستمع وإن وقف دور الأول في الغالب عند 
عملية الإفاضة ذلك لأن الحياة نفسها هي التي تقوم بدور الإيحاء. 
وقد يكون من فضل الرازي علينا أن نذكر له هنا صنيعه الحسن في دلالته على وجود 
هذه الوظيفة الاجتماعية للفنون جميعها في القصة القرآنية. حتى لقد كرر الحديث عن هذه 
الوظيفة كما هي عادته في كثير من المواقف ونستطيع أن ننقل هنا بعض حديثه الذي ذكره 
عند تفسيره لقصة نوح من سورة يونس فقد قال رحمه الله: 
» وثانيها ليكون للرسول عليه الصلاة والسلام ولأصحابه أسوة (yas‏ سلف من الأنبياء 
فإن الرسول اذا سمع أن معاملة هؤلاء الكفار مع كل الرسل ما كانت الآ على هذا 
الوجه خف ذلك على قلبه كما يقال المصبية اذا عمّت és‏ 
وثالثها: أن الكفار اذا سمعوا هذه القصص وعلموا أن الجهّال وان بالغوا في ايذاء 
الأنبياء المتقدمين الآ أن الله تعالى أعانهم ونص رهم وأيّدهم وقهر أعداءهم كان سماع 
هؤلاء الكقار لأمثال هذه القصص سببا لإنكسار قلوبهم ووقوع الوجل في صدورهم 
وحينئذٍ يقللون من أنواع الإيذاء والسفاهة Ve‏ 


.٠١ Gad التفسير الكبيرء ج‎ )١( 


وتلك هي عمليات الإفاضة والإيحاء التي يقول بها المحدثون من النفسيين والتي 
تحدثوا عنها حين تحدثوا عن عمل العقل في الفن وعن الوحي العاطفي والوحي الذي يوحيه 
الفن. ونستطيع أن ننقل هنا تعريب عبارتين لواحد من هؤلاء لنفهم المسألة الفهم الواضح 
وللستعين بها على فهم كل Le‏ نصور في هذا الباب"من قم فية. 

يقول وردز وورث في كتابه « الحياة العقلية » بصدد حديثه عن الوحي الفني العاطفي 
ما يلي « إنك إذا مررت صدفة بالقطعة الفنية النفيسة أثناء اجتيازك متحف الفنون الجميلة قد 
تحرّك عواطفك بل ربما أثارت دموعك. وكذلك يقال عن القطعة الموسيقية الجيدة التي ليس 
من الضروري أن تكون محزنة ». 

أما لماذا ثثار هذه العاطفة الخاصة فأمر لم يتقرر بعد. وهو أمر لا نستطيع تحليله 
غير أن وحي الفن للعاطفة في غير هذه الأحوال قابل للتحليل. فإن الشيء المحزن يوحي 
لباعث الحزن مباشرة والمضحك لباعث الضحك والمؤسف للخوف والهرب. كما أن الدافع 
الجنسي يستثمر في الرسم والنحت في أحيان كثيرة كما يستثمر في الآداب('. 

كما يقول بصدد الوحي الفني الفكري ما يلي « إن الفن قد يرضينا لأنه يوحي إلينا 


وحيا فكريا كما يتضح Laie‏ نتذگر أن كثيراً من الأعمال الفنية العظيمة تحتاج إلى جهود 
فكرية لكي نفهمها ونرتاح إليها فيجب أن تكون منتبها كل الانتباه لتتمكن من متابعة رواية من 
روايات شكسبير كما أنك تحتاج إلى إيجاد مغزى لصورة زيتية قبل أن تتمكن من التلذذ بها 


Jus 


وقد لا نفتكر عادة عندما نرى صورة فنية جميلة أو نسمع قطعة موسيقية بديعة أنها 
aa‏ ر ga ul‏ الک أنها كنك aa‏ ر القطعة' JEN ASA‏ ين الي اا 
مسألة تحتاج إلى حل ولا يخفى أن إدراكنا مغزى قطعة فنية يحتاج إلى جه ود وانتباه وإذا 
كانت المسألة المطووحة ااا عا نذا كان العمل النتى هاا ول كانت de‏ قن 
تافها »/ .١‏ 


Y الحياة العقلية» ص‎ )١( 
AYY المصدر السابق»ء ص‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


على أن القرآن الكريم نفسه قد لفت الذهن إلى هذه الوظيفة الاجتماعية حين تحدّث عن 
أثر الأقوال في النفوس وكيف تستثير العاطفة ومن هنا حرص القرآن على أن تكون الأقوال 
بليغة مؤثرة à‏ في النفوس ليقوى الإيحاء ويشئد تد وذلك هو الواضح تماما من هذه الآيات. 

قال تعالى ( وإذا ذكر ا اشمأزّت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر 
الذين من دونه إذا هم ي يستبشرون OS‏ 

قل NG‏ بإ وا تلى عليه ارتا ات تحرف في وجوه السذين كفسروا متك ر 
pk E ET EE‏ قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين 


كفروا وبئس المصير 04" 
وقال تعالى ‏ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين 
آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى 


رجسهم وماتوا وهم كافرون DE‏ 


50 الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم 
في أنفسهم قول بليغآ OS‏ 
ولعله من هنا فرض القرآن على المؤمنين نوعا من الرقابة ففرض عليهم ألا يسبوا 
آلهة المشركين حتى لا يسب هؤلاء الهتهم. قال تعالى P‏ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله 
Ka OS‏ ا as‏ ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا 
يعملون 4( 


كما فرض على النبي عليه السلام ومن اتبعه أن يعرضوا على الخائضين في آيات الله 


ju (1)‏ 5 لمر اليه 40 

.VY AN si سورة‎ (ïY) 

YO ٠١١ سورة التوبةء الآيتان‎ (Y) 
Y الآية‎ AWU) سورة‎ (£) 

YA AN caka) سورة‎ (°) 


بل des‏ الذين يستمعون إلى هؤلاء. الخاتضين من :المنافقين- قال تعالى D‏ وإذا رايت اشذين 
يخوضون في آياتنا TELET‏ غيره وإما ينسيثك الشيطان فلا 
تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين '. وقال تعالى D‏ وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا 
سمعتم آيات ل یکا بها ونستهز به فل توا مهم حت يخؤضوا في حديث غيره انكام 
إذآ مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا 4( 


ولا يُفهم كل هذا إلا على أساس واحد هو أساس الوظيفة الاجتماعية للففون جميعها 
ومنها الأدب وإلا فلماذا فرض القرآن على النبي والمؤمنين هذا النوع من الرقابة؟ 

المسألة كما ترى في غاية الوضوح. ونعتقد أن من السهل أن ننتهي من كل ما تقدم 
إلى القول بأن المقصد العام أو الوظيفة الاجتماعية من القصة الأدبية يكون عادة الإفاضة أو 
التنفيس والإيحاء وهي الأمور التي توجد في القصة القرآنية Laj‏ 

وإذا كنا في حالة البحث وبخاصة الجامعي لا نكتفي بأمثال هذه العموميات كان من 
الواجب علينا أن نفصل ما أجملنا وأن نتناول هذه الأشياء بالعرض كما لحظناها في قصص 
القرآن. 

)١(‏ وأول هذه الأغراض وأهمها من وجهة نظر القرآن نفسه تخفيف الضغط العاطفي 
EN pa 4e Gil es 526 E EES‏ 
SS qu El‏ فى JS‏ بهد Ga gi LAN‏ عليه tal‏ لبي ns‏ 
قال تعالى ‏ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك Le‏ يقولون 4 Gal à 3 QE JE‏ ليدرنك 
الذي يقولون فإنهم لا يكذبون ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون OS‏ 


JA AN) cala) سورة‎ (\) 
YE الآية‎ AWU) سورة‎ (ï) 
JANGAN) JANI سورة‎ (Y) 
NN سورة الأنعام» الآية‎ (£) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


كان أثر هذه الأقوال فى نفس النبى قويآً وفعالاً وكانت تلك الخواطر التى أخذت 
مكانها من قلب النبي عليه السلام أو من قلوب الأتباع. قال تعالى ‏ فإن كنت في شك مما 
أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من 
الممترين Ng‏ 

على أن هذا الضغط العاطفي لم يقف عند حد البلبلة النفسية بل تجاوزها إلى ما هو 
أبعد مدى وأنفذ أثرآً حتى لنرى النبي عليه السلام يدعو ربه وهو محنق يكظم غيظه ويضغط 
عواطفه تلك التي أوشكت على الانفجار. Ba‏ ا E‏ 
الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ريه لنبذ بالعراء وهو منموم 14" 
وقال تعالى ‏ لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين 4ا C‏ وقال à‏ فلعلك تارك بعض ما يوحى 
إليك وضائق به صدرك أن يقولوا YA‏ أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله 
على كل شيء وکیل DE‏ 

كان تخفيف هذا الضغط أو كانت الإفاضة عما بنفس النبي عليه السلام ونفوس 
الأنصار والأتباع مقصدا من مقاصد القصص القرآني حتى لا تتزلزل النفوس وتترك الدعوة 
الإسلامية ولو حدث هذا لما قامت لها قائمة. 


كانت عملية القص في مثل هذه الظروف من العمليات التي يقصد من ورائها القرآن 
تثبيت قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين ورد الثقة إلى أنفسهم وبث الطمأنينة في قلوبهم 
وإزالة الهم والقلق. وكانت النتيجة التالية لكل هذا هي ذلك الصبر الطويل والثبات الذي وصل 
بهم في النهاية إلى النصر على الأعداء والمعارضين 


على أن القرآن نفسه قد صرح بهذا الغرض حين قال à‏ وكلا نقص de‏ من أنباء 
)١(‏ سورة يونس» الآية MAE‏ 
(ïY)‏ سورة c alal‏ الآيتان EN‏ 
)7( 
)£( 


Y سورة الشعراءء الآية‎ (T 
.٠١ سورة هودء الآية‎ (é 


NY. 


الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين 4 وحين قال 
à‏ نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون Gall‏ لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض 
وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة agia‏ يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من 
المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم 
الوارثين * ونمكن لهم في الأرض وثري فرع ون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا 
يحذرون OS‏ 

وهذا الأمر هو الذي فطن إليه الرازي فيما نقلنا عنه من حديث. 


والقصص التي نزلت من أجل هذا كثيرة i‏ في القرآن الكريم ومنها مجموعة القصص 
التي وردت في سورة هود. ولقد لفت القرآن كما هي عادته الذهن إلى المقصود من هذه 
المجموعة في مواطن كثيرة من السورة. فقد قال في أولها dalih‏ تارك بعض ما يوحى...) 
الخ. وقال في آخرها à‏ وكلا نقص عليك من أنباء الرسل... & الخ. 

ومن هذه القصص أيضا قصة موسى في سورة طه ولعله من أجل ذلك بدأ المولى 
سبحانه وتعالى هذه السورة بقوله p‏ طه * ما أنزلنا عليك القرآن لشقى * إلا تذكرة لمن 
يخشى * تنزيلاً ممّن خلق الأرض والسموات العلى * الرحمن على العرش استوى * له ما 
في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى * وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر 
وأخفى * الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى * وهل أتاك حديث موسى... 4 الخ. إذ 
يمضي القرآن في سرد القصة Que‏ العقبات التي لاقاها موسى عليه السلام والصعاب التي 
وضعها فرعون في طريقه ثم الصعاب والعقوبات التي تعاون في توجيهها إلى موسى DS‏ من 
قومه وأخيه والسامري إلى أن ينتهي القص بقوله تعالى < كذلك نقص عليك من أنباء ما قد 
سبق وقد آتيناك من لدنا ذكراً 94 


Ye ANI سورة هودء‎ )١( 
FN (؟)اشورة القضفن»‎ 
.4 ١ الآيات‎ cab سورة‎ (Y) 

(5) ذ نفس السورة» AN‏ 44. 


۲۳١ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ومن هذه القصص أيضا قصة موسى في سورة القصص ومجموعة من قصص سورة 
الأنبياء وأخرى من قصص سورة الصافات. 

وإذا أردنا نختار قصة تمثل نفسية النبي عليه السلام في موقفه من قومه وفي فترة من 
فترات تاريخية أصدق تمثيل فلن نجد أقوى وأعنف من قصة نوح في سورة نوح. تلك القصة 
التي تعرض لمشكلات النبي عليه السلام أول عهده بالدعوة الإسلامية مشكلة مشكلة والتي 
تتمث تتمشى فيها حركة الأسلوب مع حركة العاطفة والتي تمثل الضيق الذي ألم به كما تمثل اتجاهه 
إلى الخالق سبحانه وتعالى ليخقّف عنه البلاء وينقذ المؤمنين من هذه الجماعة الضالة المضلة 
وهي جماعة الكافرين. 

قال تعالى ‏ إتا أرسلنا La gi‏ إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * 
قال يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واثقوه وأطيعون * يغفر لكم من ذنوبكم 
ويؤخّركم إلى أجل مسمّى إن أجل الله إذا جاء لا يؤر لو كنتم تعلمون * قال رب إني دعوت 
قومي ليلا ونهاراً * فلم يزدهم دعائي إلا فراراً * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا 
أصابعهم في آذانهم وا iai‏ ستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً * شم إني دعوتهم 
جهاراً * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً * فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * 
يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل aS‏ جنات ويجعل aS‏ أنهاراً * 
ما لكم لا ترجون لله وقاراً * وقد خلقكم أطواراً * ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات 
Lh‏ * وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً * والله أنبتكم من الأرض li‏ * ثم 
يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً * والله جعل لكم الأرض بساطاً * لتسلكوا منها سبلا فجاجا * 
قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً * ومكروا مكراً 
كباراً * وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً * وقد 
أضلوا كثيراً ولا تزد الظالمين إلا ضلالا * مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً فلم يجدوا لهم 
من دون الله أنصاراً * وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً * إنك إن 
تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلآ فاجراً كفاراً * رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي 
مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين الآ تبار Ogi‏ 


TS 55% (1) 


yry 


فهنا قضبة لها فعا E‏ ولو حاؤل: النين عليه jouet ul‏ حال في فة لسا 
E E E‏ لكك alu‏ 

والتشابه هنا تام بين حالة نوح في القصة وحالة محمد صلّى الله عليه وسلم» a bah‏ 
في عناصر الدعوة من عبادة الله وطاعته كما نلحظه في طريقة الدعوة من حيث الجهر 
والإسرار. وفي مقابلة القوم لنبي الله ودعوته بالنفور والفرار ثم بالإستكبار وجعل الأصابع في 
الآذان. كفي الأشياء. التي رغب:يها فى الايمان Ge‏ الإمداد:بالمال والبئين والأنهارن cialis‏ 
ثم في الأشياء التي تلفتهم إلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى من خلقهم أطوارا ومن خلق 
السموات السبع الطباق es‏ جعل القمر نورا والشمس سراجا ومن إنباتهم من الأرض وجعلها 
بساطا ليسلكوا فيها سبلا فجاجاً. ثم في مناجاته لربه تلك المناجاة التي يخبره فيها أنهم اتبعوا 
الأغنياء ومن لم يزدهم مالهم وولدهم إلا خساراً. ثم في تصويره لمكر هؤلاء الأغنياء أو القادة 
حين طلبوا من قومهم البقاء على ما هم عليه من عبادة للأوثان. 

وهنا لا بد من لفت الذهن إلى أن الأوثان هنا هي بعينها تلك التي كانت تعبد في 
الجزيرة العربية أول عهد الجزيرة بالبعثة وبمحمد عليه السلام هودء سواع» يغوثء يعوق› 
نسر. 

وأخيرا يكون التشابه أيضا في اتجاهه نحو ربه ودعائه على الكفرة من قومه وطلبه 
من المولى سبحانه وتعالى أن يستأصل شأفتهم حتى ينجو العالم من شرورهم وآثامهم وحتى لا 
يبقى إلا من دخل بيته من Jai‏ التقوى والإيمان. 

ونعتقد أن هذه القصة من القصص التي كان النبي عليه السلام يجد فيها صدى نفسه 
وأنها من هذا الجانب كفيلة بأن تزيح عن كاهله بعض الأثقال وأن تزيل عن نفسه بعض الألم 
وأن ترد إلى نفسه الثقة والطمأنينة حين يرى أنه ليس الواحد الفرد في هذا الميدان. 


(Y)‏ ويجري مع عملية تخفيف الضغط العاطفي عملية أخرى لا تقل عنها أثرآ في 
حياة الدعوة الإسلامية تلك هي عملية توجيه العواطف القوية الصادقة نحو عقائد الدين 


yry 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الإسلامي ومبادئه ونحو التضحية بالنفس والنفيس في سبيل JS‏ ما هو حق وكل ما هو خير 
وكل ما هو جميل. 

ولعل هذه العواطف هي التي تدفع إلى النشاط للدعوة كما تجعل الإنسان يستعذب 
الأمل ويتحمّل الأذى في سبيلها. ومن هنا يكون التوجيه نحو القيّم الجديدة والإيمان بهائم 
الدفاع عنها والعمل على حث الناس على الإيمان بها إيمانا قد لا تزعزعه الحوادث وقد لا 
تذهب به النكبات. 

ومثل ذلك ومن صميم العمل الفني أيضا العمل على تكوين عواطف قوية وصادقة 
ضد كل ما هو قبيح ودميم من الأشياء والناس. وعند ذلك تتذبذب المبادئ التي شاخت 
وهرمت وأصبحت لا تسير الحياة والأحياء. وذلك هو الذي قصده القرآن حين قص ما استثار 
الغرائز وولد عواطف الكراهية والمقت للأوثان وعبادتها وما أحيطت به تلك العبادة من 
ضروب للتقديس ومن نقاليد وعادات. 

والأشياء التي حاول القرآن توجيه عواطف نحوها هي تلك التي سبق أن أشرنا إليها 
في حديثنا عن القيّم الاجتماعية والقيّم الخلقية والدينية تلك التي كان يختدف حرص القرآن 
عليها باختلاف نوعها وظروف البيئة والزمان. ولعل أهم هذه الأشياء مشكلات البعث 
والوحدانية وبشرية الرسل وتأييد بعضهم بالمعجزات... الخ. 

أما الأشياء التي حاول القرآن خلق عواطف ضدها فكثيرة متنوعة نذكر منها على 
سبيل المثال. 

)|( تلك الأشياء التي سبق أن أشرنا إليها في فصل القيّم الخلقية من أمثال اللواط 
وبخس الناس أشياءهم وتطفيف المكيال والميزان. 

(ب) ومنها إبليس والشيطان. وقصة إبليس مع آدم قصة أدبية بليغة تعتبر إحدى 


أمامه حائرآ حتى ينتهي إلى الإحساس بالعجز عن فهم تلك الأسرار الخفية التي دارت في 
Sell‏ الأعلى في جو تحيط به الظلال وتكتنفه الغيبيات. 


NY 


هذه الأمور بالذات هي التي دفعت بالرازي إلى الحيرة وجعلته عاجزآ عن agi‏ الصنيع 
الأدبي والمقصد القرآني والوقوف على أسرار ما دار هناك وكانت نتيجته إخراج آدم وحواء 
من الجنان. 

يقول رحمه الله عند تفسيره للقصة من سورة الأعراف ما يلي: السؤال الثاني أن آدم 
عليه السلام كان يعرف ما بينه وبين إبليس من العداوة فكيف قبل قوله. 


والجواب لا يبعد أن يقال إن إبليس لقي آدم مرارا كثيرة ورغبه في أكل الشجرة 
بطرق كثيرة فلأجل المواظبة والمداومة على هذا التمويه أئر كلامه في آدم عليه السلام. إذ 
نلحظ في هذا الموقف من الرازي أنه لا يطمئن إلى قصة دخول إبليس الجنة بعد طرده منها. 
كما نلحظ أن alic‏ لم يقبل Laj‏ قصة الحية ولذا نراه رحمه الله يفترض أن إبليس قد لقي آدم 
مرارآً وتحدّث إليه. 


على G‏ نجد الرازي في موقف آخر يعجب TËS‏ من موقف آدم واستجابته لدعوة 

إبليس وإهماله لتعاليم ربه وذلك عند تفسيره للقصة من سورة طه إذ نراه يقول: 
واعلم أن واقعة ادم عجيبة وذلك لأن الله تعالى رغَّبه في دوام الراحة وانتظام المعيشة 
بقوله b‏ فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * والك لا 
تظماً فيها ولا تضحى UE‏ و رعَّبه ايليس أيضا في دوام الراحة بقوله à‏ هل أدلك على 
شجرة الخلد 4 وفي انتظام المعيشة بقوله à‏ وملك لا بيلى TE‏ فكان الشيء الذي 
رعّب الله آدم فيه هو الذي رعَّبه ايليس فيه الا أن الله تعالى وقف ذلك على الاحتراس 
عن تلك الشجرة وايليس وقفه على الإقدام عليها. ثم إن آدم عليه السلام مع كمال عقله 
وعلمه بان ايليس عدوه حيث امتنع عن السجود له وعرض نفسه للعنة بسبب عداوته 
كيف قبل في الواقعة الواحدة والمقصود الواحد قول ايليس مع dale‏ بكمال عدوانه له 
وأعرض عن قول الله تعالى مع علمه بأنه الناصر والمربي. 

ANA ۱۱۷ سورة طه» الآیات‎ )١( 

.٠٠١ نفس السورة» الآية‎ (Y) 

(Y)‏ نفس السورة والاية. 


yro 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ومن تأمّل في هذا الباب طال تعجّبه وعرف آخر الأمر أن هذه القصة كالتنبيه على 

أنه لا دافع لقضاء الله ولا مانع منه وأن الدليل وان كان في غاية الظهور ونهاية القوة 

فانه لا يحصل النفع به الا اذا قضى الله تعالى ذلك وقدّره. 

ونحن لن يطول تعجبنا من هذه القصة كما طال مع الرازي ذلك لأنانعلم أن هذه 
القصة قصة jones‏ الصراع بين قوى الخير وقوى الشر. ولعل هذه الحيرة التي لحظناها عند 
الرازي هي الدليل القوي على أن هذه قصة أدبية بكل ما يحمل معنى هذا اللفظ من صور 
وهي من هذا الجانب من القصص Fo‏ الطليق. 

وإذا أردنا أن نختار واحدة من هذه القصص الدائر حول قصة الخروج من الجنة 
فأمامنا قصة آدم من سورة الأعراف. 

قال الله تعالى à‏ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا 
إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير dia‏ خلقتني من 
نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنك من 
الصاغرين * قال انظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني 
لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن 
شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها La ge da‏ مدحوراً Goal‏ تبعك منهم لأملأن 
جهنم منكم أجمعين * ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه 
الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما La‏ ووري عنهما من 
سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونامن 
الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما 
سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما 
الشجرة وأقل Last‏ إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغف رلنا 
وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر 
ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون * يا بني آدم قد أنزلنا 
عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم 
يذكرون * يا 


yri 


بني أدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما 
سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من dun‏ لا ترونهم Ú‏ جعلنا الشياطين أولياء للذين لا 
La 95‏ 4 . 

فهذه القصة كما ترى تستعرض العداوة بين آدم والشيطان وترينا أن إبليس يرى نفسه 
أفضل من آدم AY‏ خلق من نار وآدم خلق من طين وهذا هو الأمر الذي دفعه إلى الكبر 
والإستكبار فأبى السجود ومن هنا كان العقاب من الخالق سبحانه وكان العقاب إخراج إبليس 
م ال NA‏ اغ 

وهذه القصة ترينا أن إبليس طلب من الخالق قبل أن يخرج من الجنة أن يأذن له 
بالخلود ليستطيع أن يلعب دوره في الحياة وهو الإفساد وصد الناس عن إتباع السبيل القويم. 

هنا نحس أن إحدى مراحل القصة قد انتهت وهي مرحلة الخلق والسجود وههي 
ا الكن il eee‏ ل مر nb de‏ ادم ورا في الحم 
وهما شخصيتان تنعمان بالحياة أذن لهما الخالق سبحانه وتعالى أن يطعما كل ما في الجنة إلا 
شجرة واحدة. وهنا يأتي الدور الحقيقي لبطل القصة وهو إبليس فقد بدأ وسوسته لأول إنسان 
من البشر هو ذلك الذي من أجله خرج من الجنة. 

استجاب آدم لوسوسة الشيطان وأكل من الشجرة وخالف أوامر ربه فكانت عاقبته 
الخروج من الجنة وخرج إلى حيث ينتظره إبليس. 

بعد ذلك يكون العقاب بين الخالق والمخلوق ويكون التوجيه الديني وهو يشبه إلى حد 

لك ai La‏ قر ون ا Apa‏ لزاع ن انكر القن :رقص AU jf au‏ 
مع الغرائز الشريرة وهي قصة قصد القرآن إليها وبناها بناء أدبيا بليغا ودفع بها إليها لتثير 
فينا الحقد والكراهية لإبليس وتدفعنا إلى النفور منه حتى لا نستجيب له ولا نأتمر بأمره أو 
نستمع إلى نواهيه. 


.۲۷ ١١ سورة الأعراف» الآيات‎ )١( 


MAA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


(ج) ومنها الكبر والإستكبار والإصرار والعناد. ويستوي في ذلك كثير من الأشخاص 
خاصة الأغنياء والقادة أولئك الذين أخذوا دور العتاة الظالمين الذين يستكبرون على الحق ولا 
يريدون إتباعه. 

ولعل أبرع المواقف القصصية التي تصوّر هؤلاء القادة وتحرك Lili se‏ نحوهم 
موقف فرعون من موسى عليه السلام وموقف المستكبرين من قوم هود وقوم صالح. 

وإذا كانت قصة الخروج قد استثارت العواطف وأرخت للخيال العنان Él‏ نجد موقف 
فرعون يصنع مثل ذلك الصنيع في القارئ لقصصه في القرآن. 

وفرعون من الشخصيات القصصية التي تنبض بالحيوية وتتحرك قاسية عنيفة فتشيع 
الرهبة في النفوس والخشية في القلوب وتخرج منها ألفاظ التهديد والوعيد وهي تقطر دما. 

وإذا أردنا أن نختار قصة تمثل مواقف المستكبرين من الرسل والأنبياء والنتيجة التي 
انتهت إليها الأمور فلن نجد فيما يخص فرعون أحسن من موقفه من موسى في قصته الواردة 
في سورة يونس. 

قال Qi‏ ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا 
وكانوا قوماً مجرمين * فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين * قال موسى 
أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون * قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا 
عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين * وقال فرعون ائتوني 
بكل ساحر عليم * فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فلما ألقوا قال 
موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق 
بكلماته ولو كره المجرمون * فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرع ون 
وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين... 4 الخ. 

ففي هذه القصة التي لم نتم تسجيلها هنا عرض لمواقف فرعون من موسى وقومه 


AY ل‎ VO سورة يونسء الآيات‎ )١( 


YYA 


ومن السحرة ¡ انتهى بالنتيجة التي تنتهي بها القصة الشعبية في DÉS‏ من الآداب العالمية من 
انتصار البطل والقضاء على على الظلم PEN A‏ 


ونلمس الروح نفسها في موقف عاد من نبيها. قال تعالى à‏ فأما عاد فاستكبروا في 
الأرض بغير الحق وقالوا من أشد متا قوة أولم يروا أن الله الذي agili‏ هو أشد منهم قوة 
وكانوا WUL‏ يجحدون * فأرسلنا عليهم ay)‏ صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي 
في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون 4 

وليس من شك في أن نتيجة العرض القصصي لأمثال هذه المواقف يلقي في النفس 
الخشية والرهبة ويبث فيها الخوف عندما تحس أن النتيجة هي العقاب وليس من نتيجة للخوف 
سوى الهرب والابتعاد عن مصدر العقاب وعند ذلك تكون النفرة وتكون الكراهية. 

(د) ومنها عبادة غير الله فقد كثر استثارة الانفعالات ضدها وتنفير الناس عنها وكان 
إبراهيم هو البطل الذي دار حوله أكثر ما نزل من قصص يهدف إلى هذه الغاية ويستعين 
a Jet‏ و الاح 

دار بعض هذا القصص حول عبادة النجوم ودار بعضه الآخر حول عبادة الأوثان 
وكانت وسيلة إبراهيم إلى غايته أن يشكك القوم فيها يعبدون ويضع بين أيديهم صورا لهذه 
الآلهة وهي عاجزة العجز التام عن أن تنفع أو تضر كما أطلعهم على أنهم يعبدون ما ينحتون 
فهم الذين يصنعون هذه الالهة ثم يقومون نحوها بضروب التقديس والإجلال. LE‏ أردنا أن 
نختار إحدى القصص التي تصوار هذه الناحية فلن نجد خيرآ من قصة إبراهيم i‏ فى الشعراء 
D‏ واتل agale‏ نبأ إبراهيم * إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد أصناما فنظل لها 
عاكفين * قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا 
كذلك يفعلون * قال أفرأيتم Le‏ كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلآ رب 
العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو 
يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم 


AT ٠١ سورة فصلت» الآيتان‎ )١( 


yra 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الدين * رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الآخرين * 
واجعلني من ورثشة جنة النعيم * واغفر لأبي إنه كان من الضالين * ولا تخزني يوم 
يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم * وأزلفت الجنة للمتّقين * 
وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو 
ينتصرون * فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها 
يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلآ 
المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حبرم “لاز لحي كد( لكر ميد 
المؤمنين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم 04 

إذ في هذه القصة نلحظ موقف إبراهيم من أبيه وقومه وهو يسألهم عما يعبدون وإنهم 
ليجيبونه بأن معبوداتهم هي الأصنام. لكنه يعود فيسأل Lac‏ تقدّمه لهم من خير وما jui‏ لهم 
من منافع. وإنه ليتجه بالسؤال نحو حاستين ضروريتين للمخلوقات فضلاً عن الخالق هما 
الوسيلة للإستجابة وهما السمع والبصر. ويعجز القوم على الإجابة ويعرفون أنه التقليد وأنهم 
ما la sue‏ إلا لأنهم وجدوا اباءهم الأقدمين على هذه الحال يعبدونها ويقومون نحوها بضروب 
التقديس والإجلال. وهنا تثور نفس إبراهيم ويعلن العداوة إلا لخالقه لذن بعد sis‏ 
مرض فهو يشفيه والذي يميته ثم 3 يحييه والذي يطمع أن يغفر له خطيئته يوم الدين. وشتان بين 
الصورتين وبين النوعين من ANI‏ سيب ف د رضن ينوع AAN‏ 
يسمع ولا يبصر. وليس هناك من دافع يدفع إلى النفرة والكراهية من الأوثان أفضل من هذا؟ 

بعد ذلك نلحظ تلك المناجاة التي يتوجه فيها إبراهيم نحو خالقه يدعوه فيها بتلك 
الدعوات الصالحات [ رب هب لي lata‏ وألحقني بالصالحين * deals‏ لي لسان صدق في 
الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم * واغفر لأبي إنه كان من الضالين * ولا تخزني 
يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم 4. 

وتنتهي القصة بتصوير مشهد في الآخرةء مشهد يذيب القلوب ويبعث على النفرة من 
عبادة الأوثان» مشهد يصوّر ذلك الخصام العنيف الذي سيكون بين الأصنام وعابديها 


EE — 714 سورة الشعراء الآيات‎ )١( 


f 


ويصوار الحسرة والألم على ما أضاعوا من أعمار وما تركوا من خير كما يصوّر الندم على 
أتباع المجرمين والاستماع إلى القادة المضلين. à‏ قالوا وهم فيها يختصمون * AU‏ إن كنا 
لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلا المجرمون * فمالنامن 
شافعين * ولا صديق apaa‏ * فلو أن لنا SGS‏ فنكون من المؤمنين 4. 

ثم تكون تلك الفقرة التقليدية التي يختم بها القرآن قصصه في هذه السورة وهي # إن 
في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم 4. 

وكنا نستطيع أن نمضي في الحديث عن تلك الأشياء التي أثار القصص القرآني 
النفوس ضدها كصد الناس عن سبيل الله وكالحسد. وكنا نستطيع أن نمثل لذلك ببعض 
على وجود هذا الغرض وضرب الأمتلة التي تثبت وتوضح ونعتقد أن قد بلغنا من ذلك ما 
نريد. 
وصادقة مع أو ضد القيّم الخلقية والدينية والاجتماعية الموجودة في البيئة أو المراد فرضها 
عليها تقوم بعملية أخرى لا تقل عن هذه أثرا في حياة الإسلام والمسلمين تلك هي بث الثقفة 
والطمأنينة أو بذر بذور الخوف والقلق والاضطراب النفسي. 

والقصة القرآنية لها خطرها من هذه الناحية فهي التي تولد هذه الأشياء بعرضها 
صورا من الحياة الدينية انتصر فيها الدعاة ومّن آمن بهم وحاق الدمار والهلاك بالقادة 
المعارضين ضين ومن saga‏ وهذه الأمور ملحوظة في مجموعات قصص سور الأعراف 
اتر اع رار 

ونلحظ أن عملية الخلق الفني في هذه المجموعات تقوم على أساس اختيار oaa‏ 
العناصر المعروفة والمتداولة من أخبار الأمم السابقة ومزجها وإخراجها في الثوب الذي يؤثر 
الأثر المطلوب من إشاعة القلق والاضطراب في قلوب الكفرة والمشركين أو رد الثقة 
E‏ ور أو حادم ب لاوا لاو ا اك ا Wa‏ 
يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد 4( 


AA AYI سورة هود‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ونستطيع أن نأخذ بعضا من قصص سورة القمر ولتكن à‏ كذبت قبلهم قوم نوح 
فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء 
بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات 
ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف 
كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر # كذبت عاد فكيف كان عذابي 
ونذر * إنا أرسلنا عليهم Las,‏ صرصراً في يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم إعجاز 
نخل منقعر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر * كذبت 
ثمود بالنذر * فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا إذاً لفي ضلال وسعر * أألقي الذكر عليه من 
بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غداً من الكذاب الأشر * إنا مرسلو الناقة فتنة لهم 
فارتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر * فنادوا صاحبهم 
فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم 
المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر UNS‏ 

إنا نلحظ التشابه التام في بناية القصة في هذه المجموعة كما نلحظ أنها تبتدئ وتنتهي 
بعبارات تقليدية à‏ كذبت... بالنذر 4 à‏ فكيف كان عذابي ونذر 4 وتوجيها تقليديا # ولقد 
يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 4. ثم نلحظ قصر الفقرات وتعاقب الجمل بعبارات 
مسجوعة ذات رنين قوي وقد كان القصد فيما نعتقد أن 55 هذه الموسيقى على الحس 
فيتضاعف الأثر النفسي ويقوى. وإذا ما ضممنا إلى ذلك ما تقوم به عملية التكرار القصصي 
من عرض صور سريعة ومتلاحقة بحيث لا يكاد الإنسان ينتهي من مشاهدة واحدة منها حتى 
تهجم عليه الأخرى قدرنا مقدار ما تشيعه هذه الصور من اضطراب وفوضى وقلق نفسي 
خشية أن ينزل بهم الضرر أو ينالهم الأذى. 

وكذلك نلحظ العملية نفسها في قوله تعالى à‏ الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك La‏ 


VX = سورة القمر, الآيات‎ )١( 


الحاقة * كذبت ثمود وعاد بالقارعة * فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية * وأما عاد فأهلكوا بريح 
yapa‏ عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ali‏ حسوماً فترى القوم فيها صرعى 
كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية NG‏ 

أما قصة شعيب à‏ وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله 
غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * 
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض 
مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ * قالوا يا شعيب أصلاتك 
تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا La‏ نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد * قال 
يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي ورزقني dia‏ رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما 
أنهاكم عنه إن أريد إل الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب * 
ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح 
وما قوم لوط منكم ببعيد * واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود * قالوا يا 
شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً Yolg‏ رهطك لرجمناك وما أنت علينا 
بعزيز * قال يا قوم أرهطي jej‏ عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهرياً إن ربي بما 
تعملون محيط * ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب 
يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب * ولما pla‏ أمرنا نجينا شعيباً والذين آمنوا 
Ara‏ برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا 
فيها ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود NK‏ 

فهذه قصة تجري iia‏ لينة ويبقى البطل هادئا رزينا واستحق بحق ما أطلقه عليه 
بعض المفسّرين من لقب خطيب الأنبياء فهو يحاور القوم ويداورهم لكن لا نأمة ولا حركة 
ولا انفعالا قويآ عنيفا يدفعه إلى العبارات القاسية التي يقطر الدم من ألفاظ التهديد والوعيد 
فيها. وتمضي القصة حتى تنتهي إلى تلك النهاية السعيدة بالنسبة لشعيب والمؤمنين LE,‏ 


النهاية المؤلمة بالديية للكفوة و pra‏ 


.۸ ١ سورة الحاقةء الآيات‎ )١( 
Ao ۸٤ سورة هودء الآيات‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هذا وقصص الصافات إذ كل هذه القصص jpa‏ النتيجة الأخيرة لكل صراع في سبيل المبدأ 
والعقيدة وهي انتصار المؤمنين وخذلان المنكرين المخالفين p‏ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا 
في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء 
الدار NK‏ 

رابعا: ونستطيع أن ننتهي من هذه الأغراض بغرض أخير هو الإيحاء بأن محمداً 

وتقوم العملية الفنية في بعض القصص على أن حالة محمد عليه السلام تشبه حال 
غيره من الأنبياء كموسى وإبراهيم # إنا أرسلنا إليكم رسولآ شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى 
فرعون رسولا * فعصى فرعون الرسول p Og‏ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح 
والنبيين من بعده واوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وايوب 
ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبوراً * ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم 
نقصصهم عليك وكلّم الله موسى تكليماً * رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله 
حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً * لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة 
يشهدون وكفى بالله شهيدا 04 

وعلى أن ما طلب إليه وما أوصاه الله به هو ما أوصى به الأنبياء من قبل ™ شرع 
لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى 
أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من 
يشاء ويهدي إليه من ينيب CE‏ 


JON سورة غافر» الآيتان ايت‎ )١ 
.١5 ٠١ سورة المزملء الآيتان‎ (ï 
ATT ۱١۳ سورة النساءء الآيات‎ ( 


وفي هذين نستطيع أن نقول إن العرض كان من قبيل عرض الأخبار العادية التي لم 
يقصد بها إلا لفت الذهن إلى قضية من القضايا. 

ع جاح يد سه م عد اليم م 
كان JS da Lei je‏ 

والقصص التي تمثل هذا النوع كثيرة منها قصة موسى في القصص وقصة نوح في 
هود وإذا حاولنا انتقاء قصة تفي بالغرض وتدل على المراد فلن نجد أفضل من قصة مريم في 
آل عمران وهي à‏ إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني 
إنك أنت السميع العليم * فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت 
وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم * 
فتقبلها ربها بقبول حسن وانبتها نباتا حسنأ وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب 
وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق Da‏ يشاء بغير 
حساب * هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء * 
فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله 
وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين * قال رب أثى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي 
عار ا كلق انه يفعل ما GS nr‏ اد قال اينك. اذا تكلم الاش :105 ارا 
إل رمزاً واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار * وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله 
Sr‏ عار لحمو ak‏ اقنتي لربك واسجدي واركعي مع 
الراكعين Og‏ 

ففي هذه القصة نلحظ معرض صور فهناك صورة امرأة عمران ونذرها وصورة 
زكريا ودعائه وصورة عيسى ورسالته وتدخل مريم في كل صورة من هذه الصور ومع كل 
شخصية من هذه الشخصيات حسب ما يتطأبه الموقف من ظهور تام جلي أو ظهور ناقص 


JEN — Yo سورة آل عمرانء الآيات‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


نلحظ صورة امرأة عمران تلك المرأة المتدينة التى تنذر ما فى بطنها لله وفى سبيل 
الله. ثم نلحظ تلك المسحة الخفيفة من الألم والحسرة التي تطوف بنفسها على أن كانت المولودة 
أنثى وتلك العاطفة النبيلة أو تلك الرقة وذلك الحنان اللذان يتجليان في توجُهها إلى الله من أجل 
مريم وقولها له à‏ وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم 4. واستجاب ربها فأنبتها 
نباتا حسنا وتقبّلها بقبول حسن وجعلها في AUS‏ رجل من رجال المحاريب هو زكريا. وهنا 
نلمح أثر غير العادي في القصة من حوادث خارقة ومعجزات فمريم يأتيها رزقها من السماء 
وز LS‏ بنجب al gi‏ له يحي jets‏ أنه عاق :وتلك إرادة الله الك يقل ما sy‏ 

ولقد كان هذا الموقف من زكريا بعد توجهه إلى ربه وطلبه منه ذرية طيبة واستجابة 
ربه له ثم 5 تعجبه من تلك الاستجابة asa‏ | للرازي فيما شرح من تفسير للقصة. 


وتمضي القصة بعد ذلك ويكفينا منها هذه التوجيهات الدينية التي تتصل بمرادنا وهي 
قوله تعالى à‏ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل 
مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون I‏ وقوله p‏ ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر 
الحكيم Dé‏ (. وقوله à‏ إن هذا لهو القصص Gall‏ وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز 
الحكيم OK‏ 

وهكذا نستطيع أن نختم هذا الفصل دون أن يفوتنا لفت الذهن أو تكرير القول بأن 
أمون الدعوة 'الإسلامية وشرخ عقائدها وتؤضيح مبادتها كانت ترد في ثايا القصة وبين طياتها 
في كل ما جاء في القرآن من قصص وأنها كانت غرضا لكنه ليس بالغرض الذي تنتهي عنده 
الق وان متها ا و الككام ر مق أكل ذلك حا هذه ارجات مق ess‏ 
لا من الأغراض. 


.٤٤ AN «ch yes سورة آل‎ )١( 
JON ANT نفس السورة‎ (Y) 
AY AS الور‎ Qui (*) 


الباب الثالث 











مصادر القصص USB‏ 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


البيئة العربية 





والبحث عن مصادر القصص القرآني تتمثل فيه خطورتان: الأولى تتمثل في رجال قد 
تعرفهم بسيماهم هم أصحاب الثقافة الضحلة والعقل الضيق والنظر القصير. هم أولئك الذين 
da a à‏ ع Ro‏ 
العزة فكوا في ارت د علمية وأدبية. ار D Eur‏ مركم 

ومن طبع أصحاب العقول الضيقة والنظر القصير إذا خولفوا في أمر من أمورهم أن 
يستثيروا العامة ويستعينوا بالغوغاء» وهم في ذلك إنما يسيرون على هدى سلف لهم غير 
كا ا à PAR‏ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه 
لعلكم تغلبون NK‏ 

وأصحاب العقول الضيقة حين تأخذهم العزة في هذا رك اناكم 
إن البحث عن مصادر القصص القرآني أمر يجب ألا يكون وتسألهم عن 


YA AN سورة فصلتء‎ )١( 


Yo: 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


فيتمشدقون ويقولون: أليس القصص القرآني بعض القرآن؟ وأليس القرآن قد نزل من عند الله؟ 
وإذن فكيف نبيح لإنسان مهما يكن حظه من العلم والمعرفة» ومهما يكن قدره من العلو 
Aaë‏ أن يبحث خرن Le joe‏ انل it‏ إنها الفتنة قدهوها Lei‏ ولعن الد من أبقظها: 

La‏ الخطورة الثانية فتتمثل في أقوال المستشرقون والمبشّرين وتدور حول مصادر 
القصص القرآني. وهؤلاء المبشّرون يحتفلون للحديث عن هذه المصادر أكثر من احتفالهم AN‏ 
مسألة أخرى من مسائل القرآن وسر هذا الاحتفال أن هذه المسألة هي الباب الذي ينفذون منه 
إلى الموازنة بين ما جاء في القرآن الكريم من أحداث وأخبار وما جاء منها في التوراة 
والإنجيل وغيرهما من كتب التاريخ والأخبار. 

والمستشرقون والمبشّرون في موازناتهم ينتهون حتما إلى القول بأن في القرآن 
مخالفات تاريخية وأن هذه المخالفات هى ddal‏ على أنه من عند محمدء لأنه لو كان من عند 
الله لتنزه عن هذه المخالفات ولما كان فيه منها كثير أو قليل. وهم يعللون هذه المخالفات 
بقولهم لأقوامهم: إن محمداً كان يتعلم هذه الأخبار من العبيد والأرقاءء أولئك الأعاجم الذين 
كانوا يخدمون السادة من قريش والذين أشار القرآن إلى واحد peia‏ حين قال لإ ولقد نعلم أنهم 
يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين 4 . 
وهؤلاء ما كانوا يعرفون من التاريخ الديني للرسل والأنبياء إلا شائعات. ذلك لأنهم بحكم رقهم 
أو بحكم فقرهم أو بحكم فقرهم ما كانوا يستطيعون الحصول على نسخ من الإنجيل والتوراة 
وكتب الأخبارء فلم تكن المطبعة قد وجدت بعدء ولم تكن النسخ المخطوطة من الكثرة بحيث 
تقع في أيدي هؤلاء. لقد كانت نادرة» وكان الحصول عليها يتوقف على مقدار ما يُدفع في 
مها مخ تقد (es‏ هنا كانت وقفا حل NGAEN.‏ ومين هنا لکا كانت ji Ka nan‏ اء 
ومعارف العبيد والأرقاء وقفاً على الشائعات وليس يخفى 


AY الآية‎ cdhail سورة‎ )١( 
وراجع ريتشارد بل» مصادر الإسلام»‎ AN — Ta هنري سمث» الكتاب المقدّس والإسلام» ص‎ el )۲( 
NO ٠١54 ص‎ 


Yo: 


١‏ البيئة العربية 


أن ما كانت وسيلته المشافهة يكون WIS‏ عرضة للتحريف وعرضة للتغيير والتبديل وعرضة 
للزيادة والنقصان. 


إن أخطاء هؤلاء فيما يقول المستشرقون والمبشّرون هي التي ظهرت بوضوح في 
المخالفات التاريخية التي جاءت في قصص القرآن. 

والخطورة الأولى لا تلبث أن تزول حين نبيّن للرجميين والجامدين Cas‏ على شاكلتهم 
أننا في هذا الصنيع إنما نجري على ستن سلف لنا صالح هم العلماء الأجلاء من رجال aiil‏ 
والدين. 


ما الذي فعله المسلمون حين LS)‏ للتشريع الإسلامي؟ ألم يبحث الأصوليون عن 
مصادر هذا التشريع؟ ألم يذكر هؤلاء الأصول الأولى لكثير من الأحكام الشرعية الواردة في 
القرآن الكريم؟ ألم ينته الأصوليون من بحث صلة الإسلام بغيره من الأديان السماوية إلى 
القول ob‏ شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه؟ ألم يعلل المسلمون سر 
الاتفاق بين الأديان السماوية التي تشير إليه الآية الكريمة: « شرع لكم من الدين ما وصى به 
نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا 
فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ب ينيب Og‏ 
وسر الاختلاف الذي تشير إليه ANI‏ الكريم $ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله 
لجل Sant Lil‏ ولآن لاو في La‏ ج فاستيقو بقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما 
کنتم فيه تختلفون 4 ا لل ,اکا ع فى مره :التو اميل اف à‏ المستقرة؟ ألم يكن من بين هذه 
ا I‏ ال ا 
في تقدّمه والبيئة الاجتماعية في ترقيها؟9) 


فعل المسلمون كل هذا وفعلوا ما هو أخطر من هذا حين ذكروا أن من عناصر الدين 
الإسلامي ما يرجع إلى العهد الجاهلي وأن رجالا ذكروهم قد سنوا ما أبقى عليه 


NY سورة الشورى› الآية‎ (\) 
.£A AN سورة المائدة»‎ (ïY) 
NN uart a راجع إخوان الصفاء.‎ (Y) 


Yoj 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


الذكر مثل حظ الأنثيين وتحريم الخمر والسكر والأزلام وغيرها من أمور ذكرها صاحب 
كتاب المحبّر في فصل عنوانه « من حكم في الجاهلية حكما فوافق حكم الإسلام. ومن صنع 
صنيعا في الجاهلية فجعله الله سنّة في الإسلام »(. 


إن علينا أن نبحث مصادر القصص القرآني كما بحث الأصوليون مصادر التشريع. 
بل نحن هنا أولى بالرعاية ذلك لأنهم يبحثون عن مصادر العناصر الدينية وهي عناصر لا 
تتأتى معرفتها لما فيها من غيبية إلا من طريق الرسل والأنبياء. ونحن إنما نبحث عن مصادر 
العناصر القصصية وهي عناصر من الوقائع البشرية التي يمكن معرفتها والوقوف عليها من 
غير طريق الرسل والأنبياء. وإن علينا أن نضع بين يدي الرجعيين والجامدين ومن على 
شاكلتهم هذه الآية الكريمة التي 3 تشير في صراحة إلى أن القرآن الكريم كان يرد Dee‏ 
تشبيهاته وأمثاله إلى مصادرها الأولى أو إلى التوراة والإنجيل: # محمد رسول الله والذين 
daa‏ أشداء على الكفار رحماء agin‏ تراهم ركعاً سجداً يبتغفون فضلاً من الله ورضواناً 
سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج 
شطأه فآزره فاستغلط فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار 4" ale cs‏ أن 
ننشد الحقيقة الدينية وأن نضع بين أيدي الناس نظرية سليمة تقوم أول ما تقوم على ملاحظة 
الظواهر المختلفة الموجودة في القصص القرآني وتفسيرها تفسيرآ صحيحا وهي نظرية تحل 
جميع المشكلات التي وقف ندها المفسّرون وتخرج بالقصص القرآني من دائرة التشابه وترد 
جميع اعتراضات المستشرقين والمبشّرين» أما ما على قومنا فهو أن يفهموا رأينا ومذهبناء 
وأن يعرفوا الحق للحق» وأن يعلموا أن الدين الإسلامي يفتح أمام العقل الطريق وينير له 
السبيل ويمگنه من أن يضرب في PE‏ الفكري بسهم وافرء إن علينا ما تقدّم وإن على قومنا 
ما تأخر فإن أبوا إلا المضي في العناد وإلا دعاء الآمة الإسلامية إلى ذلك القول الذي كان 
يقوله الجاهليون من قبل à‏ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم 


.٠١١١ ط حيدر آباد سنة‎ NEW 75 ص‎ ۰۲٤٤٥ المحبرء لأبي محمد بن حبيب المتوفى سنة‎ )١( 
NA سورة الفتح› الآية‎ (ï) 


١‏ البيئة العربية 


تغلبون 4 عمدنا إلى الصبر والدفاع عن الحقيقة الدينية والله يرع انا بفضله AN‏ القاثفل: 
à‏ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين 
معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار UNS‏ 

والخطورة الثانية لا تلبث أن تزول حين نبيّن للناس حقيقة ما أنزل الله وحين نؤكد 
للمبشّرين والمستشرقين أنهم أقاموا موازناتهم على أساس لم يقصد إليه القرآن الكريم ولم 
يجعله غرضا من أغراضه وأنه حين ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه قد تحكّموا في الوسائل وفي 
النتائج العلمية لأن المخالفات التاريخية على فرض وجودها لا يمكن أن تكون الدليل على أن 
القرآن من عند محمد لم يجئه به الوحي ولم ينزل عليه من السماء. 

إن موازنات المستشرقين والمبشرين بين ما ele‏ في القصص القرآني من أخبار وما 
ela‏ منها في التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الأخبار والتاريخ يجب ألا تتم ويجب الا 
تكون حتى يثبت قطعا أن القرآن الكريم قد قصد من عرض هذه الأخبار معانيها التاريخية 
وأنه اختار ما اختار من الأشخاص والأحداث والحوار على أساس أن هذا هو الحق وأنه الذي 
يتمشى مع المنطق التاريخي. أما إذا كان قصد القرآن من قصصه ليس نشر الوثائق التاريخية 
وليس تعليم التاريخ فإن صنيع المستشرقين والمبشّرين يصبح لا قيمة له ولا خطر منه. 

والمسألة الأولى من مسائل هذا الفصل هي أن القرآن الكريم في قصصه لم يسلك 
مسلك التوراة فلم يقص أخبار الأنبياء والمرسلين كما قصّت هي وإنما اختار بعضهم ليقص 
es‏ ع D‏ و ,من قل RES TRUE‏ 
عليك 4 وهو حين اختار لم يعمد إلى أخبار هؤلاء جميعها وإنما اختار من هذه الأخبار ما 
يتفق وحالة الدعوة الإسلامية وموقف النبي من قومه ومن هنا لم يكن ذلك التفصيل الموجود 
في التوراة. ثم إن القرآن الكريم لم يعمد إلى الزمن فيجعله العامل الأساسي في ترتيب هذه 
القصص كما عمدت التوراة. إن كل ذلك إنما يدل على الفارق الأكبر بين قصص القرآن 
الكريم وبين قصص التوراة وهو أنها قد قصدت إلى التاريخ أما هو فلم يقصد 


YA AN سورة فصلتء‎ )١( 
JON — ON سورة غافر» الآيتان‎ (ï) 
NTE سورة النساءعء الآية‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


إلا إلى العظة والعبرة وإلى البشارة والإنذار وإلى الهداية والإرشاد وإلى شرح مبادئ الدعوة 
الإسلامية والرد على المعارضة وإلى تثبيت قلب النبي عليه السلام ومّن اتبعه وزلزلة نفوس 
المشركين والكفرة وإلى غير ذلك من مقاصد وأغراض ليس منها التاريخ على كل حال. 
والمسألة الثانية هي أن هؤلاء الذين اختارهم القرآن الكريم ليقص قصصهم لم يكونوا 
جميعاً من البيئة العربية وإنما كانت الكثرة الكاثرة agia‏ من غيرهاء من بلاد المصريين 
والعبريين والسبئيين ومن بلاد اليونان والرومان وأقاموا فيها وأرسلوا إلى أهلها ووقعت 
أحدائهم في هذه البلاد وجرى الحوار فيما بينهم وبين من أرسلوا إليهم بلغات هذه الأقاليم بل 
جرى الحوار Llaf‏ بلغات قد لا نعرفها وقد لا يستطيع عقلنا القاصر أن يتصورها وإلا فبأي 
لغة تحدّث الخالق جل وعلا إلى كل من الملائكة وإبليس في قصة خلق آدم وبأي لغة تحدّث 
à ad ao‏ قصة a‏ وج هن pod) Led Aa‏ اى لا ca pur‏ ميا إلا AN‏ 


هذه الكثرة الكاثرة من الرسل والأنبياء عليهم السلام من أمثال آدم ونوح وإبراهيم 
وإسحاق ويعقوب وسليمان وداوود ويوسف وموسى وأيوب ويونس والياس وغيرهم لم يكونوا 
مجهولين في بيئاتهم الأولى وإنما كانوا معروفين تعرف كلا agia‏ بيئته وتقص أخباره على 
بنيها وتنقل هذه الأخبار إلى الأمم المجاورة ونعتقد أن ليس هناك من يدّعي أن الذي قد حدث 
غين هذا ران :هذه امون مق الال الى MEN‏ للد يعلمها tes‏ من الت الذى لا بعر ف 
Y)‏ من يطلعه الد عليه Va ON‏ القول مما يخالك ail‏ الأشياء. 


كانت هذه الأشياء من الأمور المعروفة في بيئات الرسل عليهم السلام وفي البيئات 
التي انتقلت إليها هذه الأخبار. والذي نريده الآن هو الوقوف على الصلة التي كانت قائمة بين 
هذه الأقاضيص ونين البيكة العزيكة AE‏ والمكية ب خا قبل dt re if‏ 
نزول القرآن فهل كانت البيئة تعرف من أمر هؤلاء الرسل شيئا أو كانت تجهل من أمرهم كل 
شيء؟ إن الإجابة عن هذا السؤال من الخطورة بمكان ذلك لأنها التي س تحدد لنا المسائل 
التالية: 


FYI TMA ص‎ ci المستصفى› للغزالي» ج‎ el )١( 


١‏ البيئة العربية 


)1( المصدر الذي صدرت عنه هذه العناصر القصصية التي استخدمها القرآن الكريم 
في بناء القصص فيل كانت العقلية العربية أو كانت بيئات أخرى هي بيئات الرسل والاقوام؟ 
إن هذا هو الذي سيبيّن لنا مذهب القرآن الكريم في بناء القصة من حيث صلة العناصر بالبيئة 
فهل كان يذهب إلى بناء القصة على ما هو المألوف من العناصر أو على ما هو الغريب 
النادر؟ 
در 


(Y)‏ الصنيع البلاغي الذي alé‏ به القرآن والدور الفني الذي لعبه في تاريخ الحياة 
الأدبية ADU‏ العربية وذلك بدوره سيمكننا من الوقوف على أسرار الإعجاز في القصص 
القرآني ويجعلنا نفهم الحكمة التي من أجلها تحدّى القرآن العرب بالسور المفتريات. 

(؟) الوصول إلى قاعدة أو نظرية يمكننا تطبيقها من حل المشكلات ورد الاعتراضات 
والخروج بالقصص القرآني من دائرة المتشابه. 

والصلة بين هذه الأقاصيص وبين البيئة العربية تتحدد بما يلي: 

gs نوع نستطيع أن نسلم منذ اللحظة الأولى بأنه كان مجهولا في البيئة المكية‎ )١( 
إجابة عن‎ ela يكاد يكون تام وذلك هو النوع الذي نزل ليثبت نبوة النبي عليه السلام والذي‎ 
تلك الأسئلة التى يتوجه بها المشركون من أهل مكة إلى النبى ليعرفوا صدق رسالته وصحة‎ 
نبوته» ومن أمثلته قصص أصحاب الكهف وذي القرنين. والظاهرة الجديرة بالتسجيل في هذا‎ 
الموقف هي أن هذا القصص لم يرد إلا مرة واحدة فهو لم يتكرر تكرّر غيره ولم يجئ‎ 
لأغراض كثيرة ومختلفة. والتفسير الذي نرى أنه الصحيح بالنسبة إلى هذه الظاهرة هو أن‎ 
القرآن الكريم ما كان يذهب مذهب أولئك الذين يبنون أقاصيصهم على ما هو الغريب النادر‎ 
من العناصر إلا حين تدعو إلى ذلك ضرورة ملحة كأن تكون الغرابة نفسها هي المقصد‎ 
والغرض كما هو الحال بالنسبة إلى الأقاصيص السابقة. أما حين لا تدعو إلى ذلك ضرورة‎ 
من الضرورات فإنه لم يكن ليبعد عن العقلية العربية.‎ 

(Y)‏ ونوع نستطيع أن نسلم Laj‏ منذ اللحظة الأولى بأنه كان معروفا في البيئة 
الو و ذلك De‏ هذه الأقاصفصو القن وز فت "قناز اك ganak NANA tt Et‏ 
أحمر عاد وأحمر ثمود وقصص الجن مع سليمان أو تلك التي بدأت بالتعبير | 


Yoo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


القصصي D‏ ألم تر 4 فيما يذهب إليه Gg jakal‏ 

والظاهرة الجديرة بالتسجيل في هذا المقام هي أن أقاصيص هذا النوع قد كرّرت 
وجاءت في أكثر من موطن ولأكثر من غرض وتشهد بذلك أقاصيص عاد وثمود أو هود 
وصالح. والتفسير الذي نعتقده صحيحا في هذا المقام هو أن القران الكريم كان يذهب مذهب 
من يبني الأقاصيص على ما هو المألوف أو ما هو المشهور المتداول من مسائل التاريخ 
KERAP‏ 

(۳) نوع ثالث وهو الكثرة قد يشتبه فيه القارئ فلا يدري أهو من النوع الأول أم هو 
من النوع الثاني وأمثلته أقاصيص آدم مع إبليس وقصة الخلق وقصص لوط ونوح وإبراهيم 
وإسحاق ويعقوب ويوسف وداوود وأيوب وغيرهم. وهو نوع نستطيع أن نصل إلى حقيقة 
الأمر في الصلة بينه وبين البيئة العربية وبخاصة المكية بأمرين الأول طريقة القص والثاني 
التكرار. 

Li (|)‏ طريقة القص فتشعرنا بأنه كان معروفا ذلك لأن القرآن كان يجري في 
القصص أول الأمر على أسلوب موجز فكانت أقاصيصه أشبه بالإشارات إلى ماهو 
المعروف. أو كانت لفتات إلى أحداث تعرفها البيئة ولا تجهل من أمرها شيئا وذلك هو 
الواضح تماما من مجموعة أقاصيص سورة القمر. ولعل مما يؤكد هذا الذي نذهب إليه أن 
القصص القرآنى كان يقصد منه أول الأمر الإنذار والعظة والعبرة وكلها من المقاصد التى 
تطلب من الأحداث المعروفة حتى يكون للإنذار خطره وللعبرة أثرها. | 

(ب) وأما التكرار فإنه يؤدي إلى النتيجة نفسها حين يفيد أن القرآن الكريم كان يجري 
على مذهب أدبي معين هو بناء القصة القرآنية من مواد معروفة ومشهورة ومتداولة في البيئة 
ذلك لأنه على فرض أن هذه المواد التاريخية ما كانت معروفة فى البيئة العربية قبل i iadi‏ 
المحمدية ونزول القرآن فإنه ما نزل منها أولا كان يكفي بالتعريف بها وما نزل ثانيا CA,‏ 
ورابعا... الخ يعتبر من قبيل بناء القرآن للقصة على ما هو المعروف أو المشهور المتداول. 


)١(‏ راجع تفسير سورة الفجر في كل من الرازي والكشاف. 


Yon 


7 البيئة العربية 


ومما يؤيّد ما نذهب إليه أن دوران هذه المواد في القرآن كان يتبع الشهرة فالشخصية 
التى عرفت واشتهرت والأحداث التى شاعت فى البيئة كانت أكثر المواد استخداماً فى بناء 
القصة القرآنية. وعلى العكس من ذلك الأحداث التي لم تعرف والشخصيات التي لم تشتهر. 
ولعله من هنا كانت شخصية موسى أكثر دورانا من شخصية أيوب Sie‏ بل أكشر من أي 
شخصية أخرى. ذلك لأن موسى كان نبى اليهود ولقد كان اليهود فى ذلك الزمن يسيطرون 
على البيئة العربية من حيث التفكير الديني حتى لقد كان العرب أنفسهم يستبشرونهم في أمر 
محمد عليه السلام. وهذه السيطرة تجعلهم يقصون كثيرا أخبار موسى وفرعون وقليلا أخبار 
غيره من الأنبياء. 


إن مذهب القرآن فيما يتضح من الظواهر السابقة هو بناء القصة القرآنية على عناصر 
يستمدها من البيئة أو من العقلية العربية وليس ذلك إلا ليكون القصص أشد تأثيرا وأقوى 
سلطانا وإلا ليمضي القص بين المألوف العادي من الأحداث والأشخاص والغريب النادر من 
الأفكار والآراء. 


القليل النادر ومن هنا جاءت فكرة الأقدمين القائلة بأن القرآن ليس إلا أساطير الأولين ذلك 
لأنهم نظروا فوجدوا الشخصيات القصصية والأحداث القصصية مما يعرفون ومن هنا أيضا 
كان كل من الرازي والنيسابوري في غاية اللباقة والدقة في الفهم حين i‏ بين جسم القصة 
وهيكل الحكاية وبين ما جاء فيها من توجيهات دينية وحين قالا بأن هذه التوجيهات هي 
المقصد الأول من القصص القرآني أما الجسم والهيكل فليست له قيمة كبيرة لأنه ليس المقصد 
والغرض وليس هناك ما يمنع من أن يكون الجسم أو الهيكل من أساطير الأولين. ولعلك لا 
زلت تذكر نص الرازي الذي وضعناه بين يديك في الفصل الأول من هذا الباب عند حديثنا 
عن القصة الأسطورية:» فإنه النص الذي نشير إليه في هذا المقام. 

يأخذ القرآن كما ترى عناصره القصصية من البيئة العربية ويبني من هذه العناصر 
أقاصيص هي التي نراها في القرآن الكريم وهي التي نريد أن نشرح ما فيها من صنيع بلاغي 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


والعملية الفنية أو الصنيع البلاغي في القصص القرآني قد يكون في أسلوب القرآن 
وطريقته في رسم الأشخاص وفي تصوير الأحداث وفي إقامة الحوار كما قد يكون في توزيع 
العناصر القصصية وفي تحريكها الحركات التي تجعل كل عنصر قادرا كل القدرة على القيام 
بالدور الذي قدر له أن يلعبه في القصة بحيث تنتهي كل هذه الأشياء إلى المقاصد المطلوبة 
والأغراض المرجوة. وهذه الألوان من العمليات الفنية ستجدها مشروحة في الفصلين التالبين: 
فصل العناصر القصصية وفصل تطوّر الفن القصصي في القرآن الكريم. 

وقد تكون العملية الفنية في أخذ عنصر واحد أو عناصر بأعيانها ورسمها من جوانب 
عديدة وتصويرها من مواقع مختلفة لتنتج من ذلك رسوم عديدة للشخصية الواحدة وصور 
كثيرة للحدث الواحد بحيث يكون لكل رسم طابعه الخاص ولكل صورة شخصيتها المميزة ثم 
في بناء الأقاصيص المختلفة على هذه الرسوم وهذه الصور. إن هذا الصنيع الأدبي هو الذي 
نراه فيما سمّاه المفسّرون بتكرار القصص وما هو من التكرار في شيء وأنه الصنيع الذي 
يدل على هذه القدرة القادرة والقوة الباهرة التي لا يستطيعها إلا خالق مبدع والذي يعجز عن 
القيام به من لا يملك ناصية الفن ومّن لا تجري الأمور على يديه في سهولة ويسر. ولعله من 
هنا تحدى القرآن العرب وتحداهم بالسور المفتريات ذلك لأنه بنى أقاصيصه على ما يعرفون 
من عناصر وبنى أكثر من قصة على عنصر واحد هو شخصية النبي أو الرسول وجعل لكل 
قصة غرضها الخاص ومقصدها الذي تصل حتما بالقارئ إليه وكل ذلك من الأمور التي لا 
يستطيعها إلا من يقول للشيء كن فيكون. 

وقد تكون العملية الفنية في شيء غير ما تقدم في تخليص العناصر التاريخية من 
أشخاص وأحداث من معانيها التاريخية» وفى تحميل هذه العناصر بالعواطف الإنسانية أو 
البشرية وبالمعاني الدينية والخلقية والاجتماعية وشرح هذا العمل الففي أو الصنيع الأدبي 
يضطرنا إلى أن نمس المسألة مسا خفيفا عند الأصوليين والبلاغيين. 

يذهب الأصوليون إلى القول بالحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية وهم يقصدون بالأولى 
معاني الألفاظ كما هو في اللغة. وبالثانية معانيها التي وضعها لها الشارع. 


7 البيئة العربية 


ويضربون لهذا الصنيع المثل بألفاظ الصلاة والزكاة فكل Lagia‏ معناها في اللغة ومعناها في 
الشرع. ويذهب الأصوليون في الحديث عن هذا الصنيع إلى أبعد من هذا فيذكرون لنا أن 
ANG‏ هذه الألفاظ على المعاني الشرعية لا تحتاج إلى القرائن("). 
ويذهب البلاغيون إلى أن أسرار الإعجاز الأدبي لا تكون في المعاني اللغوية أو 
النحوية وهي المعاني الأولى وإنما تكون في المعاني الثانية وهي التي kelang‏ الأديب اللفظ أو 
العواطف البشرية التي تمتلئ بها الألفاظ والتراكيب ومن هنا يجعلون للنظم الفضل والمزية. 
يقول ابن الأثير : ... موضوع ale‏ البيان هو الفصاحة والبلاغة وصاحبه يسال عن 
أح والهما اللفظية والمعنوية وهو والنحوي يشتركان في أن النحو ينظر في دلالة الألفاظ 
على المعاني من جهة الوضع اللغوي وتلك دلالة عامة وصاحب علم البيان ينظر في 
فضلة تلك الدلالة وهى دلالة خاصة والمراد بها أن يكون على هيئة مخصومة من 
الحسن وذلك أمر وراء النحو والإعراب. ألا ترى أن النحوي يفهم معنى الكلام المنظوم 
والمنثور ويعلم مواقع إعرابه ومع ذلك فانه لا agi‏ ما فيه من الفصاحة والبلاغة ومن 
هنا غلط مفسّرو الأشعار في اقتصارهم على شرح المعاني وما فيها من الكلمات اللغوية 
وتبيين مواقع الإعراب منها دون شرح ما تضمنته من أسرار الفصاحة والبلاغ ة/". 
وواضح أن ابن الأثير يرى الغلط كل الغلط في الوقوف على المعاني الأولى وشرح 
الكلمات اللغوية وتبيين مواضع الإعراب. ويرى أن الفهم الدقيق للنصوص الادبية إنما يكون 
في الوقوف على ما فيها من أسرار للفصاحة والبلاغة أو بعبارة أخرى على ما فيها من فن 
أدبي جميل. 
ويرى النقاد والأدباء أن الفضل والمزية فى الأدب إنما يكونان بإيحاءات أدبية 
وإثارات فنية يحملها اللفظ كما تكون في مقدار ما يعبّر عنه من انفعالات وما jma‏ من 
أحاسيس ومن هنا نراهم يقدرون آثار الاستعمال وهي شيء بعد المعاني اللغوية كما نراهم 
يبحثون عن تلك الروح التي بكها الأديب في اللفظ ومنحه بها الحيوية. 


AYY YY) ص‎ 2١ فواتح الزحموت› ج‎ )١( 
Y المثل السائر» ص‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يبحثون عن كل ذلك ومن هنا لا يرون الأدب أدبا ولا الفن فنا إلا Les‏ فيهما من صور 
صادقة التعبير قوية التأثير ولعل هذا أو قريبا منه هو الذي أراده ابن الأثير حين قال: 
الجزلة تتخيل في paul‏ كأاشخاص عليها ilea‏ ووقار والألفاظ الرقيقة تتخيل كأاشخاص 
ذوي دماثة ولين وأخلاق ولطافة (gl je‏ 
يبحثون إذآ في الأدب والفن عن سر الإعجاز ويرون هذا السر في غير المعاني 
الأولى يرونه في المعاني الثانية أو فيما تحمل هذه المعاني من عواطف وتستثير من انفعالات. 
والمسألة الآن فيما يخص المواد الأدبية في القصص القرآني هي هذه. 
أقصد القرآن من عرضه لهذه الموادء أحداثآً وأشخاصاء الدلالة الأولى أي فائدة الخبر 
كما يقول البلاغيون وهي معرفة هذه الأحداث والأشخاص كما يقصد اللغوي معرفة مدلولات 
الألفاظ الأولى؟ A‏ قصد “i‏ آخر وراء ذلك وبعده هو المعاني الثانيةء هو تلك الآثار الأدبية 
فى النفس عند عرض هذه الأحداث والأشخاص عليها Gad Laje‏ فنيا لتثير الانفعال وتوحي 
BALANG 5 all‏ 
إن دارستنا لما سبق من a‏ تاريخية ومن ألوان قصصية ومن مقاصد وأغراض تدل 
على أن القرآن لا يقصد بقصصه إلى المعاني الأولى ولا يريد تعليم الناس التاريخ أو شيئا عن 
الأحداث وإنما يقصد إلى المعاني الثانية وهي المعاني الأدبية أو البلاغية وهي الاستثارات 
العاطفية والصور الفنية الأدبية وغيرها مما يعده أصحاب الفنون والآداب ملاك الأدب وغاية 
البلاغة. 


وإذا كانت هذه العواطف والانفعالات التي تستثيرها المواد الأدبية في القصص القرآني 
CES‏ تسو وعد UE DOS EP‏ عدي A‏ 
القرآن يصنع في هذه المواد ما يصنعه الأدب والفن Lila‏ بالألفاظ وأنه يستخرج من هذه المواد 
الأدبية القصصية معاني أدبية تشبه استخراجه المعاني المجازية من 


TA المثل السائر» ص‎ )١( 


ye 


7 البيئة العربية 


المعاني الحقيقة والصنيع هنا هو بعينه الصنيع هناك وأن هذه المواد وهذه الألفاظ في الصنيع 
الأدبي القرآني سواء. 

كان هذا الصنيع الأدبي من القرآن [use‏ للقدماء حين لم يتبيّنوا الأسرار الخفية 
اك ل O‏ م يا او هر 
أنفسهم بقاعدة الترادف أو الاتفاق في المعاني وهذا هو SAT.‏ الذي لا نرضاه... وإذا كناقد 
ضربنا لك بعض المثل فيما مضى من قصص موسى وغيره فإنا نضع الآن بين يديك هذا 
المثال. 

جاء في كتاب درة التنزيل وغرة التأويل Le‏ يلي قوله تعالى: à‏ قال ما منعك ألا تسجد 
SS‏ د اي MBN GES‏ 

أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين ١١4‏ '. وقال في سورة الحجر: D‏ قال يا إبليس مالك 

ال ونت الساجدين ”لل لم ان لاسجد لبان ت ن صلصال من هد pisa‏ ل 
فاخرج منها فإنك رجيم OS‏ 

للسائل أن يسأل فيقول إذا كان هذا في قصة واحدة ووقع في كلام الله حكاية عما قال 
إبليس وعما قيل له عندما كان يظهر من عصيانه فلماذا اختلفت الحكايتان والمحكى شيء 
واحد؟ 

والجواب ما قلته فيما قبله وأقوله فيما بعده من اقتصاص ما مضى إذا لم يقصد به 
أداء الألفاظ بأعيانها وإنما المقصود a‏ المعاني فإن الألفاظ إذا اختلفت وأفادت المعنى 
guañal‏ 3 كان اختلافها واثفاقها ai gun‏ 

ونعتقد أن الإسكافي قد أحس بأصل المعنى بعد إذ وضع يده على الإشكال ولكنه 
)١(‏ سورة الأعراف» الآيتان .٠١ _ ١١‏ 


\ 
.٠٤ ۳۲ SANI سورة الحجرء‎ (Y) 
NA درة التنزيل» ص‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


لم Leu‏ له من وضو ح التفسير الأدبي وسر العمل الفني في دلالة الألفاظ والمواد الأدبية ما 
يحل به الإشكال ففصل بين اللفظ والمعنى فصلا تحكيما. 

إن الأساس الذي jus‏ به الخطيب هذه الظاهرة هو الأساس الذي سبق أن نقلناه aic‏ 
فيما مضى من أنه لا اختلاف هناك. وواضح أن الإمام الفاضل إنما ينظر حينما ينظر إلى 
المعاني الأولى في هذه السور وهذه التعبيرات والمعاني الأولى ليست فيما نعتقد من الأمور 
التي يقصد إليها من قصص القرآن. 

إن ما يسميه البيانيون بالمعاني الثانية وما يسميه المحدثون اليوم بإيحاءات الألفاظ 
ووقعها النفسي والصور الأدبية هو المقصود من الدراسة الفنية لأمثال هذه النصوص وهذا هو 
المقصد بعينه الذي لا شك في أن القرآن المعجز قد جعله الأساس الأول في بناء القصة 
وتركيبها وفي جمع الأقاصيص في السورة الواحدة. أي أن ذلك كله من صنيع القرآن ذو 
مغزى أدبي فني ثم هو سر الإعجاز النظمي. 

لنقرأ سويا هذه الآيات من سورة النمل: قال تعالى à‏ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم 
صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال يا قوم al‏ تستعجلون بالسيئة قبل 
الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا أطيرنا بك ass‏ معك قال طائركم عند الله 
بل أنتم قوم تفتنون * وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * 
قالوا تقاسموا بالله لنبيتته وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * 
ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم Li‏ دمّرناهم 
وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا 
الذين آمنوا وكانوا يتقون * ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون * أئنكم 
لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون * فما كان جواب قومه إلآ أن 
قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم agil‏ أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله )9 امرأته قدرناها 
من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين * قل الحمد لله وسلام على عباده 
الذين اصطفى الله خير أما يشركون OS‏ 


)\( سورة النمل» الآيات £0 _ 04. 


١‏ البيئة العربية 


ولعلك قد لحظت أن هذه القصص لا تقصد إلى تصوير ما حدث بين ثمود ورس ولها 
وبين لوط وقومه فذلك ليس هو الذي يقصد إليه القرآن لأنه ليس إلا المعاني الأولى لهذه 
القصص. 

إن مقصد القرآن ليس YI‏ جعل هذه الصور pion‏ للإنفعال والتأثير وباعثا للأمن 
والخوف والرجاء. 


إن الذي نقوله هو الأمر الذي يدل عليه القصد القرآني وهو الذي يضح من تلك 
التوجيهات الدينية التي تنطق بها الآيات» فقد قال تعالى à‏ وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم 
عليم 4 وقال تعالى « لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون 4 حين وجّه الخطاب لمحمد 
عليه السلام في الأولى ولموسى عليه السلام في الثانية. 

وإني لأعتقد أن هاتين القصتين نزلتا في الوقت الذي كان يأتمر فيه المشركون بالنبي 
عليه السلام وهذا هو الواضح من مناسبة قصة صالح ومن الحديث عن المدينة وما فيها من 
تسعة رهط وعن التقاسم والتبييت لكل ما حدث في مكة إذ هذه تكاد تكون صورة لما حدث من 
قريش ويذكره المؤرّخون وأصحاب السيرة عند حديثهم عن أسباب الهجرة. ثم هذا هو الذي 
يضح من حديث قوم لوط ومحاولتهم إخراجه من القرية. 

إن المقصود من هذه القصص فيما نعتقد ليس إلا بث الثقة والطمأنينة في نفس النبي 
عليه السلام وأن الله حافظه وناصره ومهلك أعدائه. 

هذه المعاني أو هذه العواطف والانفعالات هي قصد القرآن من القصص وهي الرباط 
الذي يربط مجموعات القصص وهي الأمور التي يجب أن يقف عندها كل a‏ أراد أن يتذوئق 
أسرار الإعجاز في قصص القرآن وهي الأمور التي يجب أن يبحث عنها فيما لمح الخطيب 
الإسكافي من معان أدبية وفيما وقف عنده من إشكال. 

إن المسألة فيما بيننا وبينه لا ثفهم على أساس الموازنة بين هاتين الجزئيتين في 
قصتي إبليس وآدم في كل من الأعراف والحجر وإنما agih‏ على أساس الموازنة بين القصتين. 
ذلك 


MANI سورة النمل»‎ )١( 
AN (؟) نفس السورة» الآية‎ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


لأن القصة لا ثفهم على أساس فهم المعاني الأولى التي تعبّر عنها الألفاظ والأحداث 
والأشخاص أو بعبارة أخرى على أساس الفهم الجزئي وإنما ثفهم القصة كما aei‏ كل عمل 
أدبي وكل أداة للتعبير أو التأثير وهذه الطريقة في الفهم هي التي أشرنا إليها في التمهيد حين 
فرقنا بين نوعين من الفهم فهم حرفي يقوم على الوقوف على المعاني الأولى للألفاظ 
والأحداث والأشخاص. وفهم أدبي يقوم على الوقوف على ما في النص من a‏ عاطفية وفنية 
أو باصطلاح القدماء الوقوف على المعاني الثانية بما تسمح له الدراسة الأدبية من تفسير 
وتوضيح. 
| لنعد الآن إلى القصتيّن لنرى الفروق بين المقصدين في كل من سورتي الحجر 

والأعراف ولنعلل بذلك سر الاختلاف بين موقفي إبليس في القصتين. 

إن القصة في سورة الأعراف bal)‏ جاءت لتقص مبدأ العداوة بين إبليس وآدم ولتصل 
من ذلك إلى نتيجة أدبية هي ما قصد إليه القرآن من جميع قصص سورة الأعراف وهو أن 
يدفع المشركين إلى تعديل موقفهم من النبي عليه السلام ومن هنا كان قوله تعالى في ختام هذه 
الأقاصيص « واتل عليهم نبأ الذي آتيناه فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * 
ولو شتا لرفعناء اولك آخلد إلى الأرض وف SES MEN‏ تحمل عليه 
يلهث أو د à ia‏ 
ساء Sa‏ القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون OS‏ 

كما قال في ختام قصة إبليس ad‏ يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسآ يواري 
سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون * يا بني آدم لا 
ونع GSE CS‏ ب وو a‏ ا را 
يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ÚJ‏ جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون 04 

اما ns EN‏ ای ققد ا هده العداوة CIRE LAS‏ ن آخر .شن أن 
تذهب عن نفس النبي عليه السلام الهم والقلق الذي يساوره من أجل الدعوة وعدم 


VV WO سورة الأعراف» الآيات‎ )١( 
NY ۲١ نفس السورة» الآيتان‎ (Y) 


7 البيئة العربية 


نجاحها والذي يدفعه إلى نفسه موقف القوم منه واستهزاؤهم به. وهذا هو الذي تقصد إليه 
قصص هذه السورة وهو الذي يتضح من قوله تعالى في ختام السورة ‏ فاصعد بما Jagi‏ 
وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف 
يعلمون * ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين * 
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين NG‏ 

كما يتضح من قوله تعالى في أول السورة à‏ وقالوا يا أيها الذين نزل عليه الذكر إنك 
لمجنون * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين * وما ننزل الملائكة Y)‏ بالحق وما 
كانوا JA‏ منظرين * إتا نحن نزلنا الذكر وإثا له لحافظون * ولقد أرسلنا من قبلك في شيع 
الأولين * وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون 4(". 

وإذا كان القصد من قصص الأعراف تعديل موقف المشركين فقد كان أسلوب القرآن 
في القصص وطريقته في العرض أن يريهم النتائج ممئلة في أحداث ويريهم صنيع الله 
وعذابه بآخرين. ومن هنا كان النصح والإرشاد في ختام قصص السورة كلها. ومن هنا Laj‏ 
كانت رحمته سبحانه JUS‏ الأشخاص القصصية حتى الكفرة والمشركين وحتى إبليس نفسه 
فقد كانت المحاورة أقل ie‏ وكان السؤال أقل قسوة وتهكُما. 

وإذا كان القصد من قصص سورة الحجر هو الإفاضة عما بنفس محمد عليه السلام 
من قلق ليهدأ أو يستقر وكان هذا القلق مسبّبا عن موقف قومه منه واستهزائهم به فقد كانت 
الصور ناطقة بالقسوة ولعله من هنا لم يعرض القرآن لأحوال المؤمنين ولعله من هنا Laj‏ 
كانت المحاورة قاسية عنيفة مع إبليس فقال الله تعالى ‏ فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك 
اللعنة إلى يوم الدين 4(). وكان هذا التهديد والوعيد في ختام القصة D‏ وإن 


.19- 1515 سورة الحجرء الآيات‎ )١( 
.١١ 5 نفس السورة» الآيات‎ (Y) 
Yo ٠٤ نفس السورة» الآيتان‎ (Y) 


yo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب agha‏ جزء مقسوم NG‏ ولم يكن النصح 
والإرشاد كما هو في ختام قصة الأعراف. 

المسألة إذاً في طريقة الفهم وفي محاولة الوقوف على القصد في الوقوف طويلاً عند 
المعاني الثانية أو عند العواطف والأحاسيس والانفعالات التي هي مقصد القرآن الأول والأخير 
من قصصه والتي لم تكن التعريف بالتاريخ أو إملاء الأخبار. 


قال تعالى في سورة هود ما يلي D‏ وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا 
يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ÉL‏ قوا الله ولا تخزون في ضيفي 
a Ci SG en create uns‏ 
لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد * قالوا يا لوط... 4 ' الخ. 


وجاء في سورة الحجر ما يلي وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء 
ضيفي فلا تفضحون * واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء 
بناتي إن كنتم فاعلين * لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون... 14 الخ. 

لا أريد هنا أن أتحدث عن ترتيب الأحداث في القصتين فذلك أمر قد درسناه فيما 
مضى وجعلنا له علاقة باصطلاح القدماء « التقديم والتأخير » وإنما أريد أن أتحدث عن 
أمرين آخرين يوضحان ما نرمي إليه في هذا الفصل من عناية القرآن بالمعاني الثانية أو 
العواطف والأحاسيس ذلك لأن قصد القرآن الذي يرمي إليه في كل واحدة من القصتين له 
دخل كبير في المواد القصصية لا من حيث اختلاف المعاني في المواد بل من حيث تركيب 
المواد ذاتها. 

الحادثة هنا واحدة وهي موقف قوم لوط من لوط حين جاءته الملائكة لتجعل عالي 
)١(‏ سورة الحجرء الآيتان 57 EL‏ 


.۸١ VA سورة هودء الآيات‎ (Y) 
VY ٦۷ سورة الحجرء الآيات‎ (Y) 


١‏ البيئة العربية 


القرية سافلها ولتنجّى لوطا وأهله إلا امرأته. لكن استعمال القرآن للحادثة وتصويره لها فى 
الفضكين شاعة بين oui al is Gina‏ أن :هذه الحائكة غير لك لا أن هذه الشورة 
غير تلك وذلك من جراء الزيادة والحذف أولا ثم من جراء العواطف والأحاسيس تانيا. 

انظر في هذه المواد الواردة في القصتين فتجد في الأولى b‏ وجاءه قومه 4 وفي 
الثانية ©( Jai slag‏ المدينة 4 ونجد في الأولى ظ قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم K‏ 
وقال في الثانية p‏ هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين 4 فحذف الحديث عن الطهر وحذف المنادى 
وهو القوم. وقال في الأولى ا فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد » 
وقال في الثانية à‏ إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون 4 من غير سؤالهم 
ذلك السؤال الذي يدل على الضيق بهم والأسى والأسف أن وقفوا منه هذا الموقف وهو قوله 
à‏ أليس منكم رجل رشيد 4. 

إن الحادثة كما قلت واحدة فلماذا اختلفت الصور واختلفت التعبيرات الفنية والأدبية؟ 


الإجابة سهلة يسيرة لو جرينا على القاعدة التي نجري عليها في الدرس وهي 
الإعراض عن المعاني الأولى والبحث عن المعاني الثانية. إن القرآن هنا لا يقص ليعلم 
التاريخ أو يملي أخبارا وإنما يقص لأمور أخرى هذه الأمور هي التي تلعب دورها في 
تصوير الحادثة أو المادة القصصية كما تلعب دورها في فن بناء القصة وأسلوب عرضها. 


ما الغرض من قصص سورة هود؟ 

لقد ذكرنا هذا الغرض Gla‏ ولا بأس من أن نعيده هنا وهو تثبيت قلب النبي عليه 
السلام كما حدّث القرآن في ختام السورة ‏ وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به 
فؤادك 4 وكان هذا التثبيت مخافة عدم المضي في الدعوة الإسلامية كما حدث القرآن في 
مبدأ السورة « فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا... 4( الخ. 


Ye AN سورة هود»‎ (\) 
aed ن‎ ( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


كان هذا هو السبب في إنزال قصص سورة هود. وكان أسلوب القرآن في التثبيت هو 
الأسلوب الفني الذي يعمد إلى الإيحاء والإفاضة وليس ذلك إلا بعرض صور فنية تشبه هذا 
الموقف الذي يقفه نبي الإسلام عليه السلام. وكان أن اختار الله ما يحدث للرسل ليريه كيف 
مضت الأمور وكيف وقف هؤلاء الرسل مواقفهم التي تذكر لهم مع شدة حرصهم على هداية 
قومهم وشدة أسفهم على أن يقف منهم قومهم هذه المواقف. 

وأظنك الآن قد فطنت إلى السبب الذي من أجله كانت العبارات هنا من العبارات التي 
تدل على قوة الصلة بين لوط وقومه فكانت العبارات # جاءه قومه قال يا قوم هؤلاء بناتي 
هن أطهر لكم... أليس منكم رجل رشيد 4. 

إن هذه العبارات هي التي تحمل من المعاني الثانية ما يتلاءم وحالة النبي عليه السلام 
وقصد القرآن. 

إن هذا الصنيع مؤلم لا سيما من قومه. وإن ‏ أطهر لكم 4 تدل على حرص لوط 
على إبعاد قومه عن الضلال بترغيبهم في بناته وترغيبهم عن ضيفه وإن à‏ أليس منكم رجل 
رشيد 4 لتدل على متانة هذه الصلة وعلى الحسرة والأسف أن يكون من قومه هذا الذي 
يحدث له ولضيفه. ولم يكن شيء من ذلك في قصة الحجر لأن قصص هذه السورة نزلت 
لتشفي قلب النبي عليه السلام بقص القصص التي تطلعه على ألوان العذاب التي تنزل 
بالمكذبين من أقوام الرسل عليهم السلام. ومن هنا قال à‏ وجاء Jai‏ المدينة 4 فكأن الأمر لا 
يعنيه وكأنه لن يحزن أو يأسف على ما ينزل بهم من عذاب. وكان à‏ هؤلاء بناتي إن كنتم 
فاعلين 4# فكأنه قد ضاق بهم إلى الحد الذي يجعله غير مهتم بهم من حيث Qué Ji‏ والتنفير 
ولم يكن في القصة « يا قوم : من أجل هذا كما لم يكن ذلك الاستفهام المؤلم à‏ أليس منكم 
da‏ رشيد 4. 

إن هذه الألفاظ التي تدل على العطف والحنان والتي تدل على حرصه على هداية 
قومه لم ترد في القصة الثانية لأنها قصة العذاب. 


وهكذا ترى أن المعاني الأدبية والفنية هي مقصود القرآن من القصص وهي الأمور 
ای des‏ عنها وهي اور hS‏ ل د 


YAA 


7 البيئة العربية 


وإذا كان الأمر هو ما وصلنا إليه وكانت هذه العواطف والانفعالات تختلف فى موطن 
عنها في آخر مهما تتحد المواد الأدبية وتتشابه الأقاصيص القرآنية فإن النتيجة الحتمية لكل 
هذا هي الاعتراف بأن القرآن الكريم كان يخرج بهذه الأحداث عن أن تكون معبّرة عن 
معانيها الأولى وهي المعاني التاريخية أو الإخبارية إلى المعاني الثانية وهي المعاني العاطفية 
أو الأدبية البلاغية أو الفنية وليس وراء ذلك إلا أن القرآن الكريم لم يقصد من أقاصيصه إلى 

ويبقى من العملية الفنية أو من الصنيع البلاغي للقرآن في أقاصيصه أمر Y‏ بدمن 
الحديث عنه ذلك الأمر هو طبيعة هذه العناصر القصصية ومدى صلتها بالحقيقة والواقع. فهل 
كان القرآن الكريم يستخدم هذه العناصر من أحداث وأشخاص على الصورة التي كانت تعرفها 
عليها العقلية العربية في زمن النبي عليه السلام أو كان يرجع بها إلى الصورة التي وقعت بها 
الأحداث وكان عليها الأشخاص في الزمن الذي وجد فيه الرسل ووقعت فيه الأحداث. 

هل كان القرآن في حديثه عن أحداث الفراعنة مع اليهود Sia‏ واستخلاصه العظفة 
والعبرة منها يعتمد على صورة فرعون في الذهن العربي أو كان يعتمد على تلك الصورة 
التي كانت في أزمان فرعون وموسى في أذهان اليهود والمصريين؟ 

إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب منا بحث مسألة أخرى هي الأساس الذي كان يقيم 
عليه القرآن الكريم أسباب اختياره لهذه العناصر. فهل هو أساس المؤرخين الذي يقوم دائماً 
على اختيار الحق والواقع وما يثبته العقل والمنطق ويقوم عليه الدليل والبرهان أو هو أساس 
البلاغيين الذي قد لا يعنيه الحق أو الواقع بقدر ما يعنيه أن تكون هذه العناصر مما يستهوي 
النفوس ويأخذ بمجامع القلوب ويسيطر على الأفئدة والألباب؟ 

إن القدرة على التأثير هي الأساس الذي كان يلحظه القرآن دائماً في نفوس 
المعاصرين للنبي عليه السلام حين يستمعون إلى القرآن أو ما يلقى عليهم من كلام. ثم إنهم 
الأساس الذي كان يعتمد عليه القرآن دائما حتى في غير القصص من آيات الموعظة والعبرة 
وآيات الهداية والإرشاد. 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


اقرأ معي هذه الآية: قال تعالى ‏ وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا 

وقر ومن بيننا ding‏ حجاب فاعمل Lil‏ عاملون ٠4‏ ). وقال تعالى ١‏ ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً 
من الجن والأنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون 

بها أولتك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون 4/ nm ed‏ م 
ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إیمانا وعلى ربهم يتوكلون 4" 
القرآن يصور نوعين من الناس: نوع تبلّد منه الحس فعجز عن أن يتأثر ns JAL‏ ومن 
هنا صوئره القرآن على أنه قد فقد أدوات الحس التي تنتقل إليه المؤثرات. ونوع قد رهف منه 
الحس ودق الذوق فانفعل وتأثر حين استمع إلى ما يتلى عليه من كلام الله. وأعتقد أنك قد 
فطنت إلى أن القرآن الكريم يلفت منا الذهن إلى أن القدرة على التأثر أساس قوي من أسس 
الاستجابة وان القدرة على التاثير سر قوي من J‏ الإعجاز. 

ثم اقرأ معي هذه الآيات. Al La His à els JE‏ مور ة pl‏ من يفول FH‏ 
زادته هذه Gla‏ فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم 
مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم Len‏ 

وأظن أنك قد لمست أن النفوس التي تأثرت قد ذهبت مذهبين: فقوم زادتهم الآيات 
إيمانا وقوم زادتهم كفرا وقوم استبشرت نفوسهم وقوم ماتوا وهم كافرون. ومعنى ذلك أن 
الاستعداد النفسي في الجماعات له دخل كبير لا على التأثر فحسب بل على تحويل الانفعالات 
التي تستثار إلى انفعالات سارة أو انفعالات مؤلمة. وكل ذلك حسب الظروف والمناسبات أو 
حسب الأهواء والشهوات. 


ثم اقرأ قوله تعالى à‏ وإذا ذكر الله وحده اشمأزّت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة 
١‏ سورة فصلت ت SAN)‏ 
۲ سورة ة الأعراف»› الآية yA‏ 


O) 
(9) 
A AN) ة الأنفال»‎ d سور‎ (Y) 
.١75 1١5 سورة التوبة» الآيتان‎ (£) 


MAK 


١‏ البيئة العربية 


وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون 4 فسترى المسألة في غاية الوضوح. 

TAE tre Ms‏ قال تعالى $ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات 
تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا 4" |« وواضح 
أن القرآن هنا يصور قوة الانفعالات المستثارة وأن هذه القوة تشتد حتى تصل إلى حد الخطر 
أحيانا فهؤلاء يعرف في وجوههم المنكر وهم ظ يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم 
vus € LU‏ من شك في أن Lulu cf EN‏ الضون:"القوية الواضبحة للك الفتوة ات اة 
التى تكمن فى الألفاظ والعبارات وفى الصور الأدبية وأن هذه العناصر الأدبية لها قوتها 
الساحرة في تحريك الأفراد والجماعات وأنها سلاح قوي في يد a‏ يجيد استعماله من هنا 
ذهب القوم إلى أن القرآن سحر مبين. 

ولعلك الآن تستطيع أن تفهم لماذا نهى القرآن المسلمين عن سب آلهة المشركين حتى 
uns Ÿ‏ هؤلاء الله عدوا بغر طم ولك تستطيع أن agit‏ أيضا ga Hal‏ الفرآن الي عليه 
السلام أو طلب إليه الإعراض عن الذين يخوضون في آيات الله. بل لعلك قد فهمت لماذا جعل 
القرآن المسلمين الذين يستمعون إلى الخائضين في آيات الله مثلهم في التهديد بالعقاب. 

أعتقد أن السبب واضح Où‏ وهو أن القرآن يعرف للفن الأدبي قدرته القاهرة وقوته 
الساحرة وأنه من هنا يخشى على المسلمين خطر أحاديث المنافقين والكافرين. قال تعالى 
à‏ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوأ بغير ale‏ كذلك زينا لكل أمة عملهم 

ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم Les‏ كانوا يعملون 74 l‏ وقال تعالى D‏ وإذا رأيت الذين 

یخوضون في LU‏ فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره واما ينسينك الشيطان فلا 
تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين 4 وقال تعالى «١‏ وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا 
سمعتم آيات 


|( سورة الزمرء الآية .٤٥‏ 
(ï‏ سورة الحج, .VY AN‏ 
) سورة الأنعام» الآية AA‏ 
) نفس السورة: ANI‏ 1۸ . 


MAA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ES‏ ا ا عوك كن مثلهم إن 
الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً Ng‏ 

أعتقد الآن أنك لن تختلف معي في كل ما تقدم وأنك تتفق معي علي أن تأثير المواد 
الأدبية في النفوس يستمد قوته من علاقة هذه المواد بالبيئة وباستعداد النفوس وأن كل هذا من 
الأمور التي صوّرها لنا القرآن الكريم. 

على أن المسألة لا تقف عند هذا الحد فالأمر في القرآن أبعد gê‏ وأكثر عمقا ذلك 
لأن القرآن الكريم كان يلحظ هذه العلاقة التي يفرضها المجتمع ويقيمها بين الألفاظ والنفوس 
أو بين الصور الأدبية والنفس البشرية عندما يختار هذه المواد ليعبّر بها عما يريد. 

انظر إلى الأساس الذي أقام عليه اختيار 0 المواد الأدبية قال تعالى dp‏ يدعون 
من دونه إل EU‏ وإن يدعون إل شيطاناً مريدا C ٠4‏ وقال تعالى ‏ فاستفتهم ألربك البنات 
res‏ انون ا AT ASSA ER‏ وو ONE GADS‏ من إفكهم ليقولون * ولد الله 
وإنهم لكاذبون 74" SS‏ الل ا 
العربية مما هو من مسلماتها من كراهية للأنثى 

أعتقد a‏ ل هذا الاختيار لمثل هذه المواد الأدبية لا يكون 
يه Ales‏ نينا لبيك EN‏ يها AN A en‏ تصور أن هذا القول قيل فى 
بيثة تعرف للأنثى حقها وتقدّرها قدرها وتعتقذ Le‏ أجمل ما خلق الله. 1 

ومثل ذلك تماما ما صنعه القرآن في اختيار المواد الأدبية المنفرة من جهنم خاصة 
تلك التي تعتمد على الصفات البشعة لألوان الطعام والشراب. 


قال تعالى à‏ خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً 
فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم 


AIT AN التساء»‎ A ) 


١ 
NY AN b) gadi ذ نفس‎ )۲( 
NON 169 سورة ة الصافات» الآيات‎ (Y) 


Yyy 


١‏ البيئة العربية 


Liga‏ حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إل الخاطئون 4 وقال تعالى b‏ إن جهنم 
كانت مرصاداً * للطاغين GU‏ * لابثين فيها أحقاباً * لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً * إلآ 
حميماً وغساقاً * جزاء وفاقا 4 وقال تعالى ا ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون 
من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون * فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب 
الهيم 4 وقال تعالى à‏ أذلك خير نزل أم شجرة الزقوم * إنا جعلناها فتنة للظالمين * إنها 
شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين * فإنهم لآكلون منها فمالئون 
٠. x ` 5:‏ 3 | 0 3 
منها البطون * ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم * ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم (VS‏ 

وأعتقد أنك قد لمحت أن بعض هذه الأدوات الأدبية منفر لا في البيئة العربية فحسب 
وإنما في غيرها من البيئات. ومعنى ذلك أن القرآن الكريم كان يختار من الصور الأدبية ما 
يمكن أن يكون من الصور العالمية التي تظل موحية والتي يظل لها فعلها القوي الساحر مهما 
تختلف البيئات وتتابع الأزمنة. 

ولعلك أيضا قد لمحت أن هذا الأساس يقوم حتى ولو كانت هذه الصلة بين الأدوات 
الأدبية والنفس البشرية من الصلات التي تقيمها الجماعة على صور يخترعها الوهم ويخلقها 
الخيال وإلا فما بال القرآن ينفرهم من شجرة الزقوم وبتشبيهه طلعها برؤوس الشياطين. إن 
هذه الصورة من الصور الخيالية الوهمية باعتراف القدماء من المفسّرين. جاء في الكشاف ما 
يلي: 

وشبّه برؤوس الشياطين دلالة على تناهيه في الك راهية وقبح المنظر لأن الشيطان 

مكروه مستقبح في طباع الناس لاعتقادهم أنه شر محض Y‏ يخلطه us‏ فيقولون في 

القبيح الصورة كأنه وجه شيطان» كانه رأس شيطان. واذا صوّره المصورون جاءوا 

بصورته على أقبح ما بقدر وأهوله. كما أنهم اعنقدوا في الملك أنه خير محض لا شر 

فيه فشبّهوا به الصورة الحسنة قال الله تعالى à‏ ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم © 


وهذا تشبيه 


)١(‏ سورة الحاقة, الآيات سيت 
(Y)‏ سورة النبأء الآيات .۲١ ۲١‏ 
(Y)‏ سورة الواقعةء الآيات 01 _ .٠١‏ 
)£( سورة الصافات, الآيات 517 SA D‏ 
)°( سورة يوسف»› An AN‏ 


yyy 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ss 
وجاء فيه أيضا ما يلي: لا يقومون اذا بعثوا من قبورهم الآ كما يقوم الذي يتخبطه‎ 
الشيطان. أي المصروع. وتخبط الشيطان من زعمات العرب يزعم ون أن الشيطان‎ 
يخبط الإنسان فيص رع. والخبط الضرب على غير استواء كخبط العشواء فورد على ما‎ 
(D كانوا يعتقدون‎ 
وهنا نستطيع أن نضع بين يديك مرة أخرى هذا القول من أقوال الأستاذ الإمام. قال‎ 
رحمه الله:‎ 


وقد ياتي في الحكاية بالتعبيرات المستعملة عند المخاطبين أو المحكى عنهم وإن لم 
تكن صحيحة في نفسها كقوله: D‏ كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المس (VE‏ 
وكقوله: à‏ بلغ مطلع الشمس (VE‏ وهذا الأسلوب مألوف Lili‏ نرى كثيرا من كتاب 
العربية وكتاب الإفرنج يذكرون الهة الخير والشر في خطبهم ومقالاتهم لا سيما في 
سياق كلامهم عن اليونان والمصريين القدماء ولا يعتقد أحد agio‏ شيا من تلك الخ lih‏ 
ا 
وأعتقد الآن أن المسألة قد وضحت في ذهنك وأنها كادت أن تستقر في نفسك وأنك لن 
تستطيع أن تنكر أن القرآن يجعل الأساس في اختياره للمواد الأدبية من صور وألفاظ القدرة 
على التأثير كما أنك لن تنكر أن هذه القدرة إنما تستمد قوتها وحيويتها من تلك الصلة التشى 
يربط فيها المجتمع بين هذه الأدوات وبين النفوس وأن هذا هو الأمر الذي فطن إليه القدماء 
من علماء البلاغة عند حديثهم عن الدلالات. جاء في عروس الأفراج ما يلي: 


أي لا يشترط اللزوم العقلي الذي لا يتصوّر انفكاكه بلى لو اقتضى العرف العام أو 
كفى ذلك في اللزوم الذهني... وأعلم أن اللزوم العرفي هو اصطلاح البيانيين لاحتياجهم 
لفن ذلك es‏ 


YAE gaY + الكشاف؛‎ )١( 
AVT ص‎ >»١ ج‎ «(ul المصدر‎ (ï) 
NYO الآية‎ cb A) سورة‎ (Y) 
4e سورة الكهفء الآية‎ (£) 
AA المنار» ج ۱> ص‎ (°) 


YV£ 


١‏ البيئة العربية 


الاستعارة والكناية والتشبيه أما المنطقيون Laili‏ يعتبرون اللزوم العقلي"). وجاء في 
كتاج ساح كوا تر E‏ نه cb be‏ انا لع ارقن ا 
بيضاح ما بلي: ولا يشتر L‏ 2 و لغب 

وها هم القدماء كما ترى يجعلون لاعتقاد المخاطب أثره في بناء الجمل الأدبية 
ويقولون في غير تحرج إن القرآن كان يجيء على ما يعتقد الجاهليون وما يزعمون. وهو 
قول يشعرنا بان ما في الأقاصيص القرانية من أحداث وأخبار لا يلزم أن يكون هو التاريخ 
ذلك OÙ‏ القرآن الكريم قد يكتفي بما تزعمه العرب وما تعتقده في صوره البيانية المعجزة 
وليس يخفى أن القصة صورة من صور البيان العربي وأن القرآن الكريم قد اكتفى في قصص 
أصحاب الكهف وذي القرنين بما كان يعتقده المخاطبون. ومن هنا لا يصح لمعترض أن 
يعترض على أن في الأقاصيص القرآنية مخالفات للحق والواقع أو مخالفات للتاريخ. 

إن اختيار القرآن لبعض الرسل دون بعضء وإطالته الحديث عن بعض الرسل دون 
بعض» وتأخيره تصوير بعض الأحداث من حياة الرسول وتعجيله بتصوير بعضء واختياره 
لغة المرسل إليهم لتكون لغة الوحي والرسالة. إن هذا كله هو الدليل على أن القرآن لم يقصد 
قصصه إلى التاريخ. 
وأشخاص وأخبار من معانيها التاريخية وجعلها صالحة كل الصلاحية لإستثارة العواطف 
والانفعالات حتى تكون العظة والعبرة» وتكون البشارة والإنذار» وتكون الهداية والإرشادء 
ويكون الدفاع عن الدعوة الإسلامية والتمكين لها حتى في نفوس المعارضة. إن هذا كله لهو 
الدليل القوي على أن القرآن الكريم لا يطلب منا الإيمان برأي معين في هذه المسائل 
التاريخية. ومن هنا يصبح من حقنا أو من حق القرآن علينا أن نفسح المجال أمام العقل 
البشري ليبحث ويدقق وليس عليه من بأس في أن ينتهي من هذه البحوث إلى ما يخالف هذه 
المسائل» ولن تكون مخالفة لما أراده الله أو لما قصد إليه القرآن لأن الله لم يرد تعليمنا 


AVY ص‎ >۳ à شروح التخلیص»‎ (\) 
VVY ص‎ AN a المصدر السابق»‎ (ï) 


Vo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


التاريخ ولأن القصص القرآني لم يقصد إلا إلى الموعظة والعبرة وما شابههما من مقاصد 
وأغراض. 

إن المخالفة هنا لن تكون إلا مخالفة لما تتصوره البيئة ولما تعرفه عن التاريخ ولم يقل 
قائل بأن ما تعرفه البيئة العربية عن التاريخ هو الحق والصدق. ولم يقل قائل بأن المخالفة لما 
في أدمغة العرب من صور عن التاريخ هي الكفر والإلحاد بل لعل هذه المخالفة واجبة حتى 
يكون تصحيح التاريخ وخلوه من الخيالات والأوهام. 

أعتقد أنك قد فطنت إلى ما نريد تقريره من نظرية تحل مشكلات المفمّرين وترد 
اعتراضات المستشرقين والمبشّرين. وأعتقد أنك قد فطنت إلى أن هذه النظرية ليست إلا القول 
بأن ما في القصص القرآني من مسائل تاريخية ليست إلا الصور الذهنية لما يعرفه 
المعاصرون للنبي عليه السلام عن التاريخ وما يعرفه هؤلاء لا يلزم أن يكون هو الحق 
والواقع. كما لا يلزم القرآن أن يصحح هذه المسائل أو يردها إلى الحق والواقع لأن القرآن 
الكريم كان يجيء في بيانه المعجز على ما يعتقد العرب وتعتقد البيئة ويعتقد المخاطبون. 

وهنا قد تقول ما يقوله الكثيرون من أن هذا التفسير يعارض بعض نصوص القرآن. 
فهو يعارض وصف القصص القرآني بالحق ويعارض أيات الافتراء. ولذا يجب علينا أن نقف 
عند هذه الآيات لنريك أنه لا تعارض. ونستطيع أن نبدأ بآيات الافتراء فنقول: )١(‏ إن آيات 
الافتراء لا تتعلق بالمواد الأدبية القصصية ولا Les‏ في هذه القصص من صور للأحداث 
والأشخاص من حيث هي صور وإنما تتعلق بالقرآن كله من حيث هو كتاب ديني وصلته 
بالخالق سبحانه وتعالى أو بمحمد عليه السلام» تتعلق بصاحب النص أهو الخالق أنزله على 
النبي عليه السلام أم هو النبي وهو الذي يفتري حين ينسب هذا القرآن أو هذه القصص إلى 
الله. 

ذلك هو الأمر الذي تدور حوله هذه الآيات وهو الأمر الذي لم يغب عن بال القدماء 
من المفسّرين ثم هو الأمر الواضح من نصوص القرآن الكريم. 

ela‏ في الرازي عند تفسيره لقوله تعالى: à‏ فمن أظلم ممّن افترى على الله كذباً أو 
كذب بآياته... 4 الخ ما يأتي: 


واعلن أن تعلق هذه LYI‏ بما قبلها ظاهر وذلك لأنهم التمسوا 
)١(‏ سورة الأعراف» الآية YY‏ وسورة NYAN) cod gs‏ 


۲۷٦ 


١‏ البيئة العربية 


die‏ قرآنا يذكره من عند نفسه ونسبوه الى أنه انما بأتي بهذا القرآن من عند نفسه ثم انه 
أقام البرهان القاهر الظاهر على أن ذلك باطل وأن هذا القرآن ليس الا بوحي الله تعالى 
وتنزيله فعند هذا قال h‏ فمن أظلم ممن افترى على الله GiS‏ #. والمراد أن هذا القرآن 
لو لم يكن من عند الله لما كان في الدنيا أحد أظلم لنفسه مني حيث افتريته على الله ولما 
أقمت الدلالة على أنه ليس الأمر كذلك بل يوحى من عند الله تعالى وجب أن يقال انه 
ليس في الدنيا أحد أجهل ولا أظلم على نفسه منكم لأنه لما ظهر بالبرهان المذكور كونه 
من عند الله فاذا أنكرتموه كنتم قد كذبتم بأيات الله فوجب أن تكونوا أظلم C”) lih‏ 


ثم هو واضح من نصوص القرآن الكريم الظاهرة فهم Se‏ حين يقولون à‏ إن هذا إلآ 

إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون 4 l‏ يرد عليهم بقوله تعالى: à‏ قل أنزله الذي يعلم السر 
في السموات والأرض NG‏ ومعنى ذلك أن القرآن قد نزل على النبي عليه السلام من عند الله 

فلم يكن إفكا افتراه وأعانه عليه آخرون. 

والقرآن حين يطلب إلى النبي عليه السلام أن يجيب عن شبهات القوم في هذا الافتراء 
يقول له à‏ قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً 4 ويقول « قل إن افتريته فعلي 
إجرامي 4 ومعنى هذا أن القرآن من عند الله ولا يستطيع النبي عليه السلام أن يفتريه لأن 
العقاب جزاء المفترين ولا يملكون هم له من الله شيئا. 

والقرآن حين يتهدد النبي عليه السلام وخصوم JA‏ م يقول p‏ ومن أظلم (AA‏ 
افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء °4 


والقرآن Jones‏ قولهم في شأن النبي عليه السلام والآيات على هذا الأساس: à‏ ائت 
) ) الرازيء ج cé‏ ص °۷۱. 
) ( سورة الفرقان» AN‏ £< 
(Y)‏ نفس السورة الآية 5. 
)£( 
(e)‏ 
)7( 


سورة الأحقاف› الآية AN‏ 


Yyy 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


OE‏ ا OGRE PR‏ و د 
p el WA‏ وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها 4 | Lail à‏ يعلمه بشر 4 .. الخ. 


المسألة كما ترى تتعلق بهذا الجانب في مسألة القصص القرآني وهو جانب إضافة 
هذه القصص إلى الله مع أنها من عند محمد عليه السلام. ورد القرآن عليهم ينصب على هذا 
الجانب أيضا وهو أن هذه القصص من عند الله وليست من عند محمد عليه السلام. 

. وهنا نستطيع أن نقول أن الواجب العلمي يفرض علينا ألا نعمم في الحكم كما يفرض 
علينا أن نقف في بحثنا من هذه المسألة في القصص القرآني عند الحد الذي أراده القرآن 
الكريم وقصد إليه. إن قصة يوسف عليه السلام تكاد تكون القصة الوحيدة التي ختمت بآية 
re‏ ا ا ا لإ لقد كان في قصصهم عبرة 
لأولي الألباب ما كان ro‏ يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى 
ورحمة لقوم يؤمنون 04 . ومن البيّن أن القرآن يدل بهذه ai‏ وما ا دن أحاديت ينين 
إخوة يوسف عليه السلام على أن القرآن قد نزل من السماء. ويحسن بنا أن نقف بالآيات عند 
هذا ولا نعدوه إلى القصص وهل ما تصوّره هو الواقع أو صور الأحداث. لا نعدوه إلى هذا 
لأنه أمر مسكوت die‏ وأقل ما يجب هو التوقف حتى يأذن الله. 

NU ee A id‏ الفلا بح وا لذ اسار 
مثل قوله تعالى à‏ إن هذا لهو القصص الحق p Od‏ وجاءك في هذه الحق 4. فليس Less‏ 
ما يدل ANG‏ قطعية على أن المقصود بهذه الصفة إنما هي الأحداث التاريخية. بل لعل 


NO سورة يونس» الآية‎ )١( 
Ye ANT سورة الأعراف»‎ (Y) 
AY الآية‎ Jadi سورة‎ (Y) 
AAA AN cou gs سورة‎ (E) 
Y سورة آل عمرانء الآية‎ (0) 
Ye AN سورة هود»‎ (1) 


YVA 


١‏ البيئة العربية 


رأيا آخر هو الراجح وهو أن الصفة Le‏ تطلق على المقصود من هذه القصص من أمثال 
التوجيهات الدينية والأغراض القصصية. 
ونعتقد أنه من المستحسن أن نضع بين يدي يك هذا النص الذي يشرح حال هذه الصفة 
حينما تجيء مع الأمثال. جاء في المنار ما يلي: 
ثم ذكر تعالى ان الناس في ذلك فريقان «ر فاما الذين آمنوا فيعلمون انه الحق مسن 
ربهم a De a od VE‏ 
جانبه Lail g‏ فق الحق أنه "ددن cl‏ ومقرر ل#وسائق ال ك يهانما ACT Sea‏ 
في النفس١").‏ 
وأظنك توافقني على أن وصف المثل بالحق لا يقصد منه بأية حال أن هذه الأمور 
التي يقصها المثل قد وقعت خارجا وحدثت Slad‏ وأن هذه الصور التي يقصها القرآن الكريم 
هي الصورة التاريخية الكاملة لما يروى في الأمثال. وإنما يقصد بهذه الحصفة كما شرحها 
ضاق المنار أن الأمثال 3 تشرح الحقائق وتقررها في الأذهان. 


املع هر الج با اا لدو جو اللاو وري جاء 
في الرازي عند تفسيره لقوله تعالى D‏ إن هذا لهو القصص الحق OS‏ 

اممو لا و EEN a‏ 
ويأمر بطلب النجاة. 

a ka ل‎ 

المرسلين 04 

ل من حديث الألوف... الخ 
أما قوله à‏ بالحق ‏ ففيه وجوه أحدها أن المراد من ذكر هذه القصص أن يعتبر بها 
محمد صلَّى الله عليه plus‏ وتعتبر بها أمته في احتمال الشدائد في الجهاد كما احتملها 
المؤمنون في الأمم المتقدمين. 


)\( سورة cb A)‏ الآية NG‏ 
(ï)‏ المنار» ج >»١‏ ص NY‏ 
(Y)‏ سورة آل عمرانء الآية Y‏ 
)£( سورة البقرة» YOY AN‏ 


۲۷۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وواضح من النصين أن الصفة تتعلق بالتوجيهات الدينية ولا تتعلق بالأحداث وجاء في 
الرازي أيضا عند تفسيره لقوله lah‏ وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك 
وجاءك في هذه الحق HU ١4‏ 

« ... ثم انه تعالى is‏ أنه جاء في هذه السورة أمور ثلاثة الحق والموعظة والذكر. 

.» الحق فهو اشارة الى البراهين الدالة على التوحيد والعدل والنبوة‎ Li 

NE NOR See 
الحق 4 " الى أنه يجوز هذا الوصف ل باعتباره وصفا لجسم القصة وهيكل الحكاية أو ما‎ 
فيها من عناصر تاريخية وانما باعتباره وصفا لما فيها من انفعالات عاطفية تدفع الى الإيمان‎ 
هو الحق من مسائل الدين ولذا نراه يعلق على الآية الكريمة بقوله « لأن ما ينذر ويخوٌّف‎ Les 
Ve يوصف بذلك‎ 

A e 
MOT التي من أجلها نزلت الأقاصيص‎ ho الدينية الواردة في القصة أو وصف‎ 

ونستطيع الآن أن نلخّص لك ما نريد الاتفاق عليه من مسائل هذا الفصل. 

)١(‏ المقصود من القصة هو استخراج الحقيقة الدينية التي يرمي إليها القرآن الكريم 
من القصة الواحدة أو من مجموعة القصص الواردة في سورة واحدة. 

(Y)‏ إن استخراج هذه الحقائق يحتاج إلى نوع معين من الفهم هو ذلك الذي يجري 
عليه العمل في تحليل القصص الآن تحليلا أدبيا. وهو الأمر الذي أشار إليه الزمخشري عند 
حديثه عن التمثيل وعن القصة التمثيلية وذكرناه أول هذا الباب. 


)\( سورة هود» Ye ANI‏ 
(ï)‏ سورة آل عمران:» الآية Y‏ 
(Y)‏ تنزيه القرآن عن المطاعن» ص ؟5. 


YA: 


7 البيئة العربية 


(۳) إن الأحداث والأشخاص في القصص القرآني من المواد التي يكون بها البناء 
وهي مواد قد تكون تاريخية وقد تكون خيالية وقد تكون صورا لما في الأذهان أي معتقدات 
ومسلمات. 

)٤(‏ إن هذه المواد كانت موجودة في البيئة غالبا. وأن القرآن كان يعتمد على هذا 
الموجود كما هو وبحالته التي كان عليها OY‏ القصص القرآني لم يجئ للتاريخ حتى يصحح 
الأوضاع وإنما جاء للعظة والعبرة وفي هذه تكفي المعتقدات والمسلمات. 


(e)‏ إن باب التأويل مفتوح لمّن يعوزه مثل هذا التأويل إلى الاطمئنان. 


YAN 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


العناصر في القصة القرآنية 





وتوزيع العناصر في القصة القرآنية يجري على ما يجري عليه التوزيع في كل قصة 
أدبية قصيرة أو في كل أقصوصة. وهو يجري في أمثال هذه الأعمال الفنية على أساس إبراز 
عنصر واحد وإلقاء الضوء القوي عليه حتى يحل مكان الصدارة من القصة أو الأقصوصة 
وحتى يكاد ما عداه من عناصر أخرى أن يختفي أو يهمّل. ومن هنا لن نجد عناصر الأحداث 
والأشخاص والحوار مجتمعة في كل قصة قرآنية ومورّعة التوزيع الذي Jang‏ لكل عنصر 
منها قيمته وخطره في القصة بحيث لو اختفى لاختل التوازن الفني وانهد ركن من أركان 
البناء القصصي. لأن هذه الأشياء إنما تتطلب في الرواية وفي القصة الطويلة. 

نعم قد نجد هذه العناصر مجتمعة Ae gag‏ التوزيع الفني في قصة كقصة يوسف عليه 
السلام ولكن ذلك لم يكن الكثير الغالب لأن القرآن كان يجري في قصصه على أساس 
des‏ ل الت ALAN‏ 


وتوزيع و Ki il‏ كن رار بتطور الأغرة (ges y‏ 
sais‏ متها ال التخويف والإنذار. . وعنصر الأشخاص هو العنصر ju‏ 5 في الأقاضيض il‏ 


YAY 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يقصد منها إلى الإفاضة والإيحاء أو إلى تثبيت قلب النبي عليه السلام ومن اتبعه من 
المؤمنين. وعنصر الحوار هو العنصر jjul‏ في الأقاصيصض التي يقصد منها إلى الدفاع عن 
الدعوة الإسلامية والرد على المعارضة وهكذا. 

وتطور الفن القصصي في القرآن له فصل خاص به هو الفصل التالي وهناك سنرى 
هذه المسائل مشروحة بتفصيل ولكنا في هذا الموقف نريد أن نختار أقاصيص قرآنية تدور 
حول شخص واحد لنرى منها كيف كانت عملية توزيع العناصر في القصة تتبع الدعوة 
الإسلامية في تقدّمها وترقيها. 

والقصص التي وقع عليها الاختيار هي قصة صالح أو ثمود فلنقرأ Gou leia‏ هذه 
الأقاصيص: قال تعالى à‏ كذبت ثمود بطغواها * إذ انبعث قافا SS‏ 
الله وسقياها * o gisi‏ فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها Dé‏ 
وقال # كذبت ثمود بالنذر * فقالوا أبشراً Ua‏ واحداً نتبعه إنا إذاً لفي ضلال وسعر * أألقفي 
الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غداً Gya‏ الكذاب الأشر * إنا مرسلو الناقة 
فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر * فنادوا 
صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا 
كهشيم المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر Ng‏ 

ففي هاتين القصتين الواردتين في سورتي الشمس والقمرء وهما من أوائل Le‏ نزل من 
القصص حول ثمود وصالح» نرى أن العنصر القصصي البارز هنا هو تصوير الأحداثء ذلك 
لأن القصد من القصة تخويف المكذبين. وليس أبلغ من تصوير الأحداث التي تلم بالأمم 
والمصائب التي تنزل بالجماعات» من بث الرعب وإشاعة الخوف ليعدل الإنسان عن موقفه 
ويترك العناد والتكذيب» ومن هنا برز عنصر الأحداث واختفى ما عداه» واختير AN‏ الملائم 
لحال النبي أول عهده بالدعوة وإعلانه أنه رسول رب العالمين. 


وإذا ما انتقلنا خطوة إلى الأمام وقرأنا قصص الأعراف والشعراء. 


NO ١١ سورة الشمس» الآيات‎ )١( 
YY ۲۳ سورة القمرء الآيات‎ (Y) 


YAE 


Y‏ العناصر في القصة الق رآنية 


الأولى  à‏ وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد 
جاءتكم Liu‏ من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء 
فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من 
سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين * قال 
الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن agia‏ أتعلمون أن صالحاً مرسل 
من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون * 
فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح Lil‏ بما تعدنا إن كنت من المرسلين * 
فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة 
ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين NG‏ 

والثانية — ١‏ كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون * إني لكم 
رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب 
العالمين * أتتركون في ما ها هنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها 
هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين * فائقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر 
المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا إنما أنت من المسحرين * ما 
أنت إل بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم 
معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم 
العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك العزيز الرحيم 4. لحظنا 
تطورآ في فن البناء فنلحظ تعذد الشخصية. فهنا صالح وثمود وهناك ثمود ehai‏ ونلحظ الحوار 
بين النبي وقومه حيناء وبين بعضهم وبعضهم JAWI‏ أحياناء ونلحظ 3 المسرفين الذين 
يفسدون في الأرض ولا يصلحون 4 وهم الذين يصدون الناس عن الإيمان: ونلحظ إلى 
جانبهم الأحداث وتحديهم للنبي بطلب البينات. 


نلحظ fi‏ تعدد العناصر وإن ظل بعضها مهملا كصور الأشخاص. ونلحظ أن 


VA ۷۳ سورة الأعراف» الآيات‎ )١( 
.٠١۹ ۱٤۱١ سورة الشعراءء الآیات‎ (Y) 


YA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


العنصر الجديد القوي هو عنصر الحوار. ونلحظ أن موضوع هذا الحوار هو الأمور التي 
كانت تشغل الذهن العربي وقت إرسال محمد عليه السلام ونزول القرآن الكريم كما نلحظ أن 
الحالة الموصوفة من فرقة وانقسام وصد الناس عن سبيل الله أو اتباع النبي إنما هي بعينها 
التي كانت تعانيها الجزيرة العربية في ذلك الوقت بالذات. 

وإذا ما انتقلنا إلى قصة النمل وهي: p‏ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا 
الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال يا قوم لِم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا 
تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا أطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم 
تفتنون * وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا 
بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * ومكروا مكراً 
ومكرنا مكراآً وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمّرناهم وقومهم 
أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا 
وكانوا يتقون 4 تبيّن لنا إلى أي حد كان القصص يجاري الدعوة الإسلامية ويتغذى بلبانهاء 
إذ bal‏ هنا عنصراً fana‏ هو عنصر الغرائز والعواطف وعنصر القضاء والقدر فقد بلغ 
الضيق حدّه بعد إذ تجاوزت الخصومة منتهاها وتطيّر القوم برسولهم إذ أصبح نذير فرقة 
وانقسام وكذب القوم الرسول وتحذوه» فلم تأتهم البيّنة ولم ينزل بهم العذاب وإذاً فليس هناك 
سوى طريق واحدة هي طريق الاغتيال» ومن هنا كانت المؤامرة التي يراد بها القضاء على 
الرسول وكان المتآمرون à‏ تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون 4. وهنا يتدخل 
القدر فينجو النبي عليه السلام ويحل بقومه العذاب. 

وهكذا نستطيع المضي في التدليل على الصلة بين الأثر الفني والبيئة أو بين الدعوة 
الإسلامية وقصص القرآن» وأن توزيع العناصر كان يتبع هذه الظروف في كل قصة. ولكنا 
نكتفي بهذا القدر ونبدأ فنستعرض العناصر في القصص القرآني كله ونترك الحديث عن 
توزيعها في القصة الواحدة على تحليلنا لقصة يوسف في فصل تطوأر القصة في القرآن. 

ونبدأ فنعترف بأنا سنهمل الحديث عن الموضوعات من أفكار وأراء. فقد سبق أن 


ON ل‎ ٤٥ سورة النملء الآيات‎ )١( 


YAN 


Y‏ العناصر في القصة القرأنية 


Las‏ عن كل هذا في حديثنا عن القيّم في الباب الأول من هذا البحث» ولذا نبدأ بالحديث عن 
الأشخاص. 


أولا ‏ الأشخاص 
ولن نقصد هنا بالشخصيات الأناسي من عباد الله فنقصر الحديث عليهم» ذلك لأنا إنما 
في القصة وعلى هذا فسيكون من الشخصيات في القصص القرآني الملائكة والجن» وسيكون 
منها الطيور والحشرات ثم الأناسي من رجال ونساء. 


١‏ الطيور الحشرات: 

ونبدأ هنا بالحديث عنهاء ونلحظها في قصة واحدة هي قصة سليمان من سورة النمل»› 
فنرى الهدهد ونرى النملة ونلحظ أنهما يقومان بما يقوم به الشخص العادي في القصة. 

Li‏ النملة فتحدّر أخواتها وتخيفهم من أن ينالهم الشر أو يصيبهم الأذى ولذا تطلب 
إليهم LD‏ أيها النمل ادخلوا مساكنكم Y‏ يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسّم 
ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعتمك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن 
أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين OS‏ 

وأما الهدهد فيقف من سليمان موقف المطلع الذي يعرف من أخبار الممالك الأخرى ما 
يجهل النبي والذي يعرف من أمر الملكة وقومها ما e‏ بالأمر الغريب لدى سليمان» حتى 
ليعتذر عن تخلفه أو غيابه بقوله p‏ أحطت Las‏ لم تحط به 4 وإليك المنظر من القصة: قال الله 
تعالى: à‏ وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين * لأعذبنه عذاباً شديداً 
أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من 
سبا Lis‏ يقين * إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم * وجدتها 
وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزيّن لهم الشيطان أعمالهم 


.١9 VA الآيتاآن‎ eda) سورة‎ )١( 


YAN 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


فصدّهم عن السبيل فهم لا يهتدون * ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات 
والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا إله إل هو رب العرش العظيم * قال سننظر 
أصدقت أم كنت من الكاذبين * اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا 
يرجعون * قالت يا أيها الملا إني ألقي CN‏ كتاب كريم... 14 الخ. 

فالهدهد هنا يقظ متنبّه لكل ما يدور من الملكة وقومها من الناحية الدينية وهو يعجب 
من عبادتها للشمس وسجودها لها من دون الله ويرى أن الشيطان هو الذي زيّن لها هذا العمل 
وصدها وقومها عن السبيل» بل يمضي إلى أبعد من هذا فيلفت الذهن إلى الأسباب التي تدفع 
إلى عبادة الله من إخراجه الخبء ومن علمه بما يخفى الناس وما يعلنون. 


وهذا الموقف من الهدهد هو الذي أوقع الرازي وغيره من المفسّرين في حيرة فقد 
نالهم العجب من صنع الهدهد الذي يدل على رجاجة عقله ونفاذ بصريته وفهمه الأمور وفطنته 
إلى ما لم يفطن إليه سليمان. يقول الرازي في تفسيره للقصة: البحث الأول إن الملحدة طعنت 
في هذا القصة من وجوه... وثالثها كيف خفي على سليمان عليه السلام حال مثل تلك الملكة 
العظيمة مع ما يقال إن الجن والأنس كانوا في طاعة سليمان وبين بلدة بلقيس حال طيران 
الهدهد إلا مسيرة ثلاثة أيام. ينا السجود له 
وإنكاره سجودهم للشمس وإضافته إلى الشيطان وتزيينه 


SU ا‎ Gn 
وأجدت إلا لتؤدي أدوارها في القصة لما وقعوا في تلك الحيرة» ولما كان دفاع واتهام.‎ 

على أن المسألة قد تحتاج» من الجانب الفنيء إلى شيء من الإيضاح فنقول نلحظ في 
القصص الحديث أن بعض الأدوار الرئيسية في القصة تسند إلى الحيوانات ويكون الحيوان في 
مثل هذا القصص هو الشخصية الرئيسية التي تتوجه نحوها الأنظار وتلتفت إليها القلوب 
والأسماع. ولعلنا لم ننس بعد شخصية « لاسي » ذلك الكلب الذي يضطلع 


.۲۹ Ye سورة النمل» الآيات‎ )١( 


YAA 


iul العناصر في القصة الق‎ Y 


بالبطولة في قصة « لاسي يعود إلى منزله » وهي بطولة تتجلى فيما يرتسم على وجهه من 
انفعالات إنسانية» وفيما AS jana‏ من عواطف بشرية» ويتحرك لاسي في القصة كما يتحرك 
الإنسان النابه الممتاز الذي يملك رقة عواطف البشر ودقة إحساساتهم ويمتاز بما يمتاز به 
النابهون من ذكاء. 

على أن المسألة لا تقتصر على الأدب الحديثء ففي الآداب القديمة ألوان وألوان. 
ويكفينا من الأدب العربي كتاب « كليلة ودمنة » ففيه المثل الصالحة للدلالة على ما يقوم به 
الطير والحيوان من عملء وما ينطقان به من حكم وأمثال. 

أعتقد أن السبب فيما وقع فيه هؤلاء Ds pull‏ من حيرة هو اضطرابهم بين ما 
يشاهدون ويلمسونء وبين ما يذهب إليه بعضهم من حديث عن عقيدة الخوارق والمعجزات. 


۲ — الأرواح الخفية: 

والملائكة ناس من الناس يجيئون في الصورة البشرية ولا يفطن إليهم غيرهم إلا بعد 
مرحلة من مراحل القصة»ء كذلك كانوا في قصة إبراهيم ولوط وكذلك كانوا في قصة زكريا 
ومريم. ونعتقد أن قد كان ذلك في قصة داود عليه السلام. 

جاء الملائكة إبراهيم ولوطا في زي الأضياف وقام Lagia JS‏ بما يعتقد أنه الواجب 
نحو ضيفه. أما إبراهيم فقد قام بواجب الإكرام فقدّم الطعام. وأما لوط فقد خشي المعرة وخاف 
العاقبة لولا أن هدّأته الملائكة. وفي كلا الموقفين كان إبراهيم ولوط يجهلان القوم وأنكرهما 
الأول. وهذه قصة كل منهما مع الملائكة قال الله تعالى ‏ ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى 
قالوا سلاماً قال سلام فما لبث أن Lis dan ela‏ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم 
وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت 
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي 
شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت 
إنه حميد مجيد * فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن 
إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم 
عذاب غير مردود * ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم 


YA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عصيب * وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بنات 
هن أطهر لكم فاتّقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت ما 
لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد * 
قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلآ 
امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب * فلما جاء أمرنا 
جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي 
من الظالمين ببعيد OS‏ 
الكتاب مريم إذا انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً * فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها 
روحنا فتمثل لها بشرآ سوياً * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً * قال إنما أنا 
رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً * قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً 
* قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة Lie‏ وكان [jal‏ مقضيا 4 

وهكذا يسمع زكريا النداء وهو في المحراب ويدخل الملائكة على داود فيفزع ويقوم 
الملكان هاروت وماروت Lay‏ يقوم به البشر فيعلمان الناس السحر ويقولان لهم à‏ إنما نحن 
فتنة Ng‏ 

وهكذا أيضا نلحظ أن الملائكة في القصص القرآني لا تأتي بالخوارق ولا تخرج عن 
as‏ المعقول في أكثر القصص الذي اضطلعت فيه بدور البطولةء خاصة في مثل ذلك الوقت 
الذي نزل فيه القرآن والذي كان يمتلئ فيه العالم وخاصة في الجزيرة العربية بجو من الأوهام 
التي تضفي على الارواح الخفية من القدرة على الأمور بما يخرج بها عن حد الشخصيات في 


AY ٦۹ سورة هودء الآيات‎ )١( 
AA ٠١ سورة مريمء الآيات‎ (Y) 
.٠٠١ سورة البقرةء الآية‎ (Y) 


۹۰ 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


وإذا ما US ji‏ الملائكة إلى الجن وجدنا صوراً مبهمة غامضة لا تتمثل في صورة 
البشر ولا تأتي في أثواب الرجال. ومن هنا كانوا جديرين بهذا الإطلاق « الأرواح الخفية »: 
فإنا نلمس حركاتها ونسمع أقوالها ونلاحظ انفعالاتها واضطراباتها النفسية فيما نقرأ وما نسمع» 
ولكنا لا نشاهد صورها الحسية كما هو الحال مع الملائكة. 

والجن في ذكرها لآرائها التي تعرضها علينا تتحدث بما يتحدث به العربي في 
الجزيرة وقت مجيء النبي عليه السلام ونزول القرآن فهي تخاف مما يخاف die‏ وتطمئن إلى 
ما إليه يطمئن» وتنصرف عما يريد القرآن للعربي أن ينصرف Aie‏ 

وفي الجن مؤمنون وكافرون كما في العرب» وهم يتجادلون ويتحاورون فيما يتجادل 
فيه النبي عليه السلام مع قومه أو فيما يتجادل فيه العرب بعضهم مع بعض مما يخص أمور 
الدعوة الإسلامية. 

وسور ة الحو درکن Lie‏ كن ھا pl‏ كنا کا quel‏ فى NS À As‏ ےی 
ثواب المؤمنين من النوع البشري نفسه الذي يهم ساكن الصحراء ‏ وأنا Lia‏ المسلمون ومنا 
القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً * وأما القاسطون فكانوا aiga‏ حطبا * وأن لو 
استقا 2 ل a‏ ا ل ل 
hiie‏ صعدا OS‏ 


وللجن صور أخرى في قصة سليمان هي الصور التي نجد صداها في الشعر الجاهلي 
قبل ألنبي العربي وبخاضة AU jui‏ والجن هنا ها بين غر اأص وبناء fes‏ قن di NI‏ 
وصورتهم مبهمة غامضة على كل حال. # فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث 
أصاب * والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد 4" ولسليمان 
الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن 
ربه Gas‏ يزغ agia‏ عن أمرنا نذقه من عذاب السعير * يعملون له ما 


AV ٠٤١ سورة الجنء الآيات‎ )١( 
YA TT سورة ص» الآيات‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكراً وقليل من 
عبادي الشكور * فلما قضينا عليه الموت ما agia‏ على موته إل دابة الأرض تأكل منسأته 
فلما خر تبنت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين NG‏ 

وأظننا نلمس فرقا بين الصورتين: فالصورة الأولى في سورة الجن أقرب إلى 
الصورة البشرية فيما تأخذ وما تدع وفيما تقبل وما ترفض من أفكار واراء وأفعال وأعمال. 
والصورة الثانية أقرب إلى ما كان يتخيّله العربي» أو إلى ما كان يسمعه عن الجن والشياطين 
من حديث. | 

ولا ننسى هنا إبليس وصوره المعنوية واضحة ومتعددة وموقفه من ربه في قصة 
الخلق ومن آدم في قصة الخروج من الجنة يطلعاننا على تلك الذهنية الجبارة في الإيقاع 
بالناس في الشر وحيلتهم في التخلص من التبعات كما ترينا الكبر والاستكبار في أعنف موقف 
وأبرز صورة. 

يقول الله تعالى: ظ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا 
إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني 
من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنك من 
الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني 
لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن 
شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها La ge da‏ مدحوراً Goal‏ تبعك منهم لأملأن 
جهنم منكم أجمعين * ويا ad‏ اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من dus‏ شئتما ولا تقربا هذه 
الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من 
سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونامن 
الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما 


.١5 ٠١ سورة سبأء الآيات‎ )١( 


Y‏ العناصر في القصة الق رآنية 


سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهوكما عن تلكما 
الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا 
وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر 
ومتاع إلى حين * قال فيه تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون * يا بني آدم قد أنزلنا 
عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم 
يتذكرون * يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما 
ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين 
لا يؤمنون NG‏ فإبليس هنا لا يسجد لآدم وهو يحاوره ويداوره وهو يتوعد الجنس البشري 
بالإفساد والضلالء وهو يتوجّه أول ما يتوجّه إلى آدم أبي البشر فما يزال به يغريه حتى أكل 
من الشجرة وخرج من الجنة ولن نجد أبلغ من وصف الرازي في الدلالة على قدرة إبليس 
واستعداد آدم في تعليقه على تلك القصة من سورة طه إذ يقول: 
» واعلم أن واقعة آدم عجيبة وذلك لأن الله تعالى رعّبه في دوام الراحة وانتنظام 
المعيشة بقوله à‏ فلا يخ رجنكما من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * 
وانك لا تظما فيها ولا تضحى E‏ ور é‏ ايليس أيضا في دوام الراحة بقوله à‏ هل 
أدلك على شجرة الخلد NE‏ وفي انتظام المعيشة بقوله à‏ وملك لا ييلسى أا فكان 
الشيء الذي رعّب الله آدم فيه هو الذي رعَّبه ايليس فيه الا أن الله تعالى وققف ذلك 
على الاحتراس عن تلك الشجرة» وايليس وقفه على الإقدام عليهاء ثم إن ad‏ — عليه 
السلام - مع كمال dale g Alis‏ بان الله تعالى ja y o palig oY ga‏ 45 وأعلمه بان ايليس 
عدوه حيث امتنع من السجود له وعرّض نفسه للعنة بسبب عداوته كيف قبل في الواقعة 
الواحدة والمقصود الواحد قول ايليس مع علمه بكمال عداوته له وأعرض عن قول الله 


) سورة الأعرافء الآيات Yy ١١‏ 
) سورة طه» الآيات ۱۱۷ NA‏ 
( 

( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


أن هذه القصة كالتنبيه على أنه لا دافع لقضاء الله ولا مانع منه وأن الدليل» وان كان 

في غاية الظهور ونهاية القوة aili‏ لا يحصل النفع به الا اذا قضى الله تعالى ذلك 

T 
ريك أن شي‎ E ا اس رم في الفقرة الأخيرة.‎ 
آمن ومّن استكبرء وكيف يحاول الثاني‎ Ge المسألة على أنها قصة رمزية تصوّر النزاع بين‎ 
cala, أن يغلب الأول على أمره فيعده ويمنيه حتى يخرجه عن الطاعة والإيمان وعند ذلك‎ 
الشيطان فيما صوّره القرآن الكريم في قوله تعالى:  وقال الشيطان لما‎ ANG ويقول له ما‎ die 
قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا‎ 
| 
(4 أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم‎ Les إني كفرت‎ 

ونهاية القصة في القرآن الكريم JS‏ على ذلك» خاصة بعد أن وجه القرآن الخظاب 

See‏ القند تور لكا رعاو D‏ ترا 
T E‏ ان رك اام aa‏ اه 


۳ = الرجال: 


والرجال في القصص القرآني كثيرون منهم رسل وأنبياء كآدم ونوح وهود وصالح 
وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وشعيب ولوط وموسى وزكريا ويحيى وأيوب وغيرهم. 
ومنهم أفراد عاديون أو ملوك ووزراء كفرعون وهامان وآزر ولقمان والعزيز وابن نوح 
وإخوة يوسف وأصحابه في السجن. ويشترك هؤلاء جميعا في أن القرآن لم يقم وزنا لصفاتهم 
ومميزاتهم الحسية فلا طول ولا عرض ولا لون بشرة ولا ملامح ولا قسمات» من كل تلك 
الصفات التي تميّز شخصية عن أخرى والتي يلجأ إليها الباحث dead‏ منها معالم يهتدي بها 
بين الأجسام والعقول حين يؤثر أحدهما في صاحبه. 


نعم نحن لا ننكر أن هناك بعض اللفتات إلى هذا الجانب من مثل قوله تعالى 


)\( سورة إبراهيم› الآية NY‏ 


Y‏ العناصر في القصة الق رآنية 


à‏ واحلل عقدة من لساني 4 وقوله à‏ ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك 
مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي افلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا 
AG‏ يبين 4 ومن dus‏ دلالتها على لكنة موسى ومن مثل قوله تعالى D‏ وقال لهم نبيهم إن 
الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أتّى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك die‏ ولم يوت 
سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من 
يشاء والله واسع عليم 4. من حيث دلالتها على متانة الجسم. لكنها لفتات نادرة» والنادر لا 
حكم له فيما يقال. 
وإذا ما عدونا الصفات الحسية إلى شيء قريب منها وهو الأسماء لاحظنا ما يلي: 


)١(‏ يهمل القرآن الأسماء إهمالا LG‏ في القصص الذي يراد به التخويف والذي يبرز 
فيه عنصر الحوادث ويختفي ما عداه» وذلك كقصص الطور الأول وذلك من أمثال قصص 
يكون تاماء كما تختفي شخصية البطل لو كانت القصة دائرة حول فرد عادي غير نبي أو 
رسول وذلك من أمثال قوله تعالى à‏ كذبت ثمود وعاد بالقارعة * فأما ثمود فأهلكوا 
بالطاغية * وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام 
حسوماً فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية (Og‏ 
وقوله: à‏ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * 
ولو شئنا لرفعفهه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل 
عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم 
يتفگرون 4. وقوله تعالى: [ أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى 
يحيي هذه الله بعد موتها 


NYAN) سورة طه»‎ )١( 

.OY ON سورة الزخرف› الآيتان‎ (ïY) 
NEGEN الآية‎ cb A) سورة‎ (Y) 

)£( سورة الحاقةء الآيات ٤‏ ۸. 

)0( سورة الأعراف» الآيتان NYA VS‏ 


4° 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام 
فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسته وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام 
كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبيّن له قال alej‏ أن الله على كل شيء قدير OS‏ 

ونستطيع أن نذكر حكما Le‏ فنقول: إن القصص الذي يقصد فيه إلى التأثير بالأحداث 
تبرز فيه الحادثة ويختفي ما عداها ومما يختفي الأسماء وصور الأشخاص. 

(Y)‏ في القصص الذي يبرز فيه عنصر الحوارء والذي يقصد فيه القرآن إلى بث 
الآراء والأفكار وتقرير الدعوة الإسلاميةء ثم هدم العقائد الباطلة ومحو أثرها من النفوسء» 
يسلك القرآن طريقين: فهو lus‏ يهمل الأسماء إهمالا LG‏ ويكتفي ببعض الصفات المبهمة أو 
العامة» وذلك من مثل قوله تعالى: # واضرب لهم Sa‏ أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون * 
à‏ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون * قالوا ما أنتم إلا بشر 
مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إل تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * 
وما علينا إلا البلاغ المبين * قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا 
عذاب أليم * قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون * وجاء من أقصى المدينة 
رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون * ومالي 
لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون * أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن 
عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون * إني إذآ لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم فاسمعون * 
قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين * وما 
أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين * إن كانت Y)‏ صيحة واحدة 
فإذا هم خامدون * يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون 4" 
وقوله: ١‏ ثم أنشأنا من بعدهم قرناً آخرين * فأرسلنا فيهم رسولاً agia‏ أن اعبدوا الله ما لكم 
من إله غيره أفلا تتقون * وقال Dali‏ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم 
في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون dia‏ ويشرب مما 


)1( سورة البقرة الآية YOA‏ 
(ï)‏ سورة يس » الآيات Ye NY‏ 


"55 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


تشربون * ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً 
وعظاماً أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلآ حياتنا الدنيا نموت ونحيا 
وما نحن بمعبوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله GIS‏ وما نحن له بمؤمنين * قال رب 
gija‏ يما كدَبُون * قال عما قليل ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم 
غثاء فبعد | للقوم الظالمين ١١4‏ ) وقوله: à‏ ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود 
والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا 
إنا كفرنا Las‏ أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب * قالت رسلهم أفي الله شك 
فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن 
أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين * قالت لهم 
رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على (a‏ يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم 
بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكّل المؤمنون * وما لنا ألا نتوكّل على الله وقد هدانا 
سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكّل المتوكلون * وقال الذين كفروا لرسلهم 
لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنس كننكم 
الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد * واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد * 
orne en A‏ ل ا ل 
مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ Ng‏ 


وهو حينا آخر يذكر الأسماء ولكنها في هذا الوضع تشبه الرموز التي جيء بها 
ليتمكن القارئ أو السامع من متابعة الأفكار والوقوف على مجرياتها. ولذا نلحظ في أمثال هذه 
القصص ذكر القوم أولاء ثم ذكر الألفاظ العامة المبهمة كلفظ المرسلين. ثم اسم البطل 
الرسول. aaa ee‏ ا KE E‏ 
المرسلين 4 وهكذا. ونستطيع أن نكتفي هنا بمثل واحد لأنا نقلنا في الفصول السابقة 


)\( سورة المؤمنون› الآيات ات 
(ï)‏ سورة إبراهيم› الآيات 1 
(Y)‏ سورة NY AN cp) PA)‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


كثيرآً من قصص هذه السورة. يقول الله تعالى ‏ كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم 
أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من 
أجر إن أجري I)‏ على رب العالمين * فائقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك 
الأرذلون * قال وما علمي Las‏ كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما 
أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يانوح لتكونن من 
المرجومين * قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني (aj‏ معي من 
المؤمنين * فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك 
لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم NG‏ 

وعلى الجملة فالذي نستطيع قوله في مثل هذا القصص الذي يقصد فيه إلى الآراء 
والأفكارء والذي يتخذ فيه الحوار وسيلة إلى ذلك» إن عنصر الشخصية فيه يكاد أن يختفي 
لولا بعض الأسماء وبعض الصفاتء وإن العنصر القوي الذي يسير جنبا إلى جنب مع عنصر 
الحوار إنما هو عنصر الأحداث وإن يكن العنصر الثانوي. 

أما في القصص الذي يقصد فيه إلى التنفيس والإفاضة فإن الأمر يتغيّر تماما لا فيما 
يتعلق بالأسماء فقطء بل فيما يتعلق بتوزيع العناصرء إذ تبرز الشخصية بروزا قويَا وإن 
تفاوت هذا بتفاوت الظروف والأحداث. ونفصل هذا الأمر فنقول» قلنا في تدليلنا على أثر 
البيئة في اختيار الأشخاصء وذلك عند حديثنا عن مصادر القصص القرآني» إن القرآن كان 
Gaël s‏ في اختياره لعنصر الأشخاصء وإنه كان يكثر الحديث عن الأنبياء المعروفين ويدير 
حولهم القصص» وذلك كموسى واإبراهيم» وإنه كان يهمل الآخرين حتى ليكون الحديث أو 
القصة بضع جمل» وذلك كقصص أيوب ويونس. UE,‏ إن القران كان يختار من الأحوال ما 
كان معروفاء ولكنه حين ينطق الأشخاص ينطقهم بما Gé‏ والدعوة الإسلامية. ومن هنا 
نستطيع أن نقول إن الأحداث التاريخية المعروفة هي التي تميّز إحدى الشخصيات عن 
الأخرى وإنه كلما كثرت الأحداث تميّزت الشخصية» ووضحت الصورة:؛ وكلما قلت جرى 
الأمر على العكس» وجاءت الشخصية مبهمة غامضة حتى ليصح أن يقال إنها 


AYY ٠٠١ سورة الشعراءء الآيات‎ )١( 


iul العناصر في القصة الق‎ Y 


وعلى هذا الأساس نستطيع أن نميّز صور موسى وإبراهيم وعيسى من أحداثهم» وموقفهم من 
أقوامهم» أو من أرسلوا إليهم في سهولة ويسر. ونستطيع أن نميز شخصية نوح وصالح ولوط 
أحيانا» ولا نستطيع أن نميّزها أحيانا أخرى. والواقع أنه لولا بعض الأحداث d jhad)‏ 
كالطوفان والناقة والعجوز» لأصبحت صور هؤلاء مبهمة غامضة. 

أما صور هود وشعيب Ma‏ ومحاورتهم الأقوام فهي الصورة العامة التي تصلح لكل 
رسول كما قلناء وهي التي تصلح للنبي العربي عليه السلام. 

ويجب ألا ننسى في هذا المقام ما سبق أن ذكرناه عن حرية الفنان في حديثنا عن 
الصلة بين الأدب والتاريخ» إذ قلنا هناك إن هذه الحرية تتسع كلما أوغلنا في القدم» أو اخترنا 
فیکون الإيحاء أقوىء والتأثير أشد» وهذا هو الذي نلاحظه بالضبط في تصوير القرآن 
لشخصيات الرسل والأنبياء فقد كان يعطي لنفسه الحرية التامة حين تكون المعلومات العامة 
عن الشخصية معدومة أو في حكمهاء فيتحدّث عن الأمور التي يقصد إليها في الدعوة 
الإسلامية. ومن هنا كان يتجاوز الأسماء والصفات الحسية ويجنح إلى الإجمال والإبهام ليؤثر 
الأثر المطلوب. 


فإذا كانت تصرّفات الأشخاص حيال الأحداث التي تلم بهم تدلنا على عقليتهم 
ومزاجهم» كان من المتوقع أن نرى فروقا بين هذه الشخصيات على هذا الأساس وهذا هو 
الذي حدث عند القدماءء فنلحظ أنهم يقولون عن شعيب وموقفه من قومه في تفسيرهم لسورة 
هود إنه خطيب الأنبياء» ونلحظ شيئا مثل هذا من حديثهم في أسباب النزول à AN‏ ماكان 
لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض Og‏ عن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى حين 
يقولون: 
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال Li à‏ أبو 
معاوية عن الأعشى عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما كان يوم 
بدر وجيء بالأسرى قال رسول الله he‏ الله عليه وسلّم: ما تقولون في هؤلاء 
الأسرى؟ فقال 


.٦۷ سورة الأنفالء الآية‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


أبو بكر : يا رسول الله قومك وأصلك استبقهم واستان بهم لعل الله Ge‏ وجل يتوب 
ناس Kb‏ بقول أبي بكر وقال ناس BG‏ بقول عمر وقال ناس Kb‏ بقول عبد à‏ ثم 
خرج عليهم فقال: إن الله Ge‏ وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون الين من اللبن وان 
الله Ge‏ وجل ليشدّد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة» ون مثلك يا L‏ بكر 
كمثل اي راهيم ر قال فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم VE‏ وان 
مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال à‏ إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت 
العزيز الحكيم UE‏ وان مثلك يا عمر كمثل موسى قال # ربنا اطمس على أموالهم 
واشدد على قلوبهم a‏ ومثلك يا عمر كمثل نوح à‏ وقال رب لا تذر على الأرض 
من الكافرين ديار !*). 
إذ نلحظ وصفهم لإبراهيم وعيسى بالرقة والرحمة» ووصفهم لموسى ونوح بالشدة 
والقسوة» ولكنا لا نريد أن نسلم JS‏ هذا إذ هي اللمحات التي تلمح lol ju‏ ثم يتركها الإنسان 
دون فحص وتدقيق» إذ الواقع أن المشابهة بين تصرفاتهم وأقوالهم وقعت كثيرا وفي مواطن 
مختلفة» حتى لقد لحظ الرازي هذه المشابهة بين شخصيتين قويتين وفي أكثر من موطن قال 
عند تفسيره لقوله تعالى: p‏ أفلا يرون ألا يرجع إليهم قول ولا يملك لهم ضراً ولا نفعا Og‏ 
ما يأتي: أما قوله à‏ أن لا يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً 4 فهذا استدلال على 
عدم آلهيتها بأنها لا تتكلم ولا تنفع ولا تضرء وهذا يدل على أن الإله لا بد وأن يكون 
موصوفا بهذه الصفات وهو كقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام à‏ لم تعبد 


y3 AN) سورة إبراهيم»‎ (1) 
YA ANT سورة المائدة,‎ (Y) 
AAN سورة يونس» الآية‎ (Y) 
(£) 
(e) 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني Ng Upi die‏ وإن موسى عليه السلام في أكتر الأمر لا 
Jon‏ إلا على دلائل إبراهيم عليه السلام. Ji,‏ هه سروه قله Laly à kl‏ توجّه تلقاء 
مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل 4 ' ما يأتي: أما BAT Gi‏ عسى ربي أن 
يهديني سواء السبيل € فهو نظير قول جده إيراهيم عليه السلام p‏ إني ذاهب إلى ريسي 
سيهدين 4ء وموسى عليه السلام قلما يذكر CONS‏ في الاستدلال والجواب والدعاء والتضرٌع 
إلا ما ذكره إبراهيم عليه السلام» وهكذا الخلف الصادق للسلف الصالح صلوات الله عليهم. 


ولا نريد أن نعلل المشابهة telle Le‏ به الرازي من أن موسى Joe‏ على دلائل جده 
وأن تلك سنة السلف الصالح» وإنما نذهب إلى شيء آخر هو أن تلك المشابهة قامت لأن تلك 
الدلائل التي يرمي إليها القرآن لتقرير الدعوة وهدم الأوثان» وإن الظروف المحيطة بالنبي 
العربي هي التي كانت السبب في أن ينزل القرآن بمثل هذه الآيات. وسنشرح المسألة بتفصيل 
عند حديثنا عن القصص القرآني ونفسية النبي العربي إن شاء الله. 


ونستطيع أن نقول إن شخصيات الرجال في القصص القرآني تتميز بالأحداث 
التاريخية المعروفة ولا تتميز بالصفات er‏ من خاو ور جو لير ee‏ قمعم ما 
يعرض لكل منهم من إنفعالات نفسية وتأثرات عاطفية فلا بد UI‏ من فهم الظروف المحيطة 
بالنبي العربي» والعوامل المؤثر a‏ ا a ed‏ 
توضح لنا شخصية البطل وتجلي صورته. وهذا هو الذي يتمشى مع القصد العام لهذا اللون 
من القصص وهو التنفيس وتخفيف الضغط العاطفي وإنه ليتحقق كل هذا ولا بد وأن تتشابه 
المواقف وتتماتل الظروف. 

وإذا أردنا أن نختار إحدى الشخصيات لندرسها ونوضح صورتها فلن نجد خيرا من 
شخصية يوسف. ذلك لأنها شخصية فنية واضحة الصورة» بارزة المعالم 


.£Y الآية‎ cana سورة‎ )١( 
YY سورة القصص» الآية‎ (Y) 
44 ANI سورة الصافاتء‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


القرآن. 

ونلقى يوسف أول ما نلقاه فتى صغير السن يجلس إلى أبيه ليقص عليه رؤياه $ إذ 
ساجدين NG‏ ويسمع الوالد ثم يعلق Les‏ يشاء؛ ونفهم من التعليق أن يوسف محل dus‏ إخوته 
وأنه من أجل هذا سيلقى عنتا وبلاء. 

ونرى يوسف وهو في غياهب الجبء وقد التقطه القوم ونراه وقد بيع» وهو في كل 
هذا يقف موقفا سلبيا لا يفصح عن عقليته أو عن خلقه ومزاجه. وإن كنا نحس أن الحظ قد 
التفت إلى ذلك البدوي وأنه في منزل سيد يريد أن يتخذه ولدآ وأن عين الإله قد cn Rai aie‏ 

ثم نلحظ يوسف وقد بلغ أشده وأوتي العلم والحكمة وبدأ يتصرف التصرف الذي يدانا 
على الخلق والمزاج. 

ويوسف - قبل كل شيء - فتى تغيرت بيئته الاجتماعية فنزل | لحضر بعد إذ كان 
بادياء ونزل في بيت تظهر فيه النعمة والثراء» نزل في بيت العزيزء وهو من البيوت 
المرموقة من القوم في ذلك الزمان. وحمل يوسف معه من البادية أخلاق البداة وصفات 
الرعاة. ولاحظ يوسف ‏ من غير شك الفروق القائمة بين بيئته الأولى تلك وأحدث له هذا 
a‏ لمج قينا من RAR‏ 

ونلحظ من alia‏ يوسف في بيت العزيز شيئا من الصلة بين السادة والأتباع فالعزيز 
يوصي به خيراء ويتوقع أن تكون agin ail jia‏ منزلة الأبناء من الآباء. 

ويوسف فتى مليح cda sl‏ حلو القسمات» > جميل الصورة إلى حد الفتنة والإغراء. تقع 
في حبه أولا امرأة العزيز ثم بعدها جمع من كريمات النساء. 

ويوسف فتى فاضل» يعرف للبيت حرمته ويحرص على الوفاء لسيده. تراوده التي 


.4 سورة يوسف» الآية‎ )١( 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


هو في بيتها عن نفسه فتتنازعه العواطف» ولكنه يكبت غرائزه ويميت شهواته لينتصر ما في 
قلبه من حب للخير وصدق في العهد وإيمان بحق البيت وحرمته. ويتكرر الموقف ويحس 
الفتى بما في نفسه من نزعات بشرية ويخيّر فيختار, . يخيّر بين السجن أو التورط في الإثم 
فيقول à‏ رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه 4 ورلا ci ts‏ الصبوة وكان الجهل 
والهلاك. 

ويوسف رجل متدين» قد أوتى ي العلم والحكمة وتفسير الأحلام» ثم هو رجل محظوظ 
يدخل السجن فيدخل معه من القصر فتيان» ويطلبان إليه تفسير الرؤى ويحاول أن يفيدهم فيعقد 
بينه aging‏ عواطف الإلف والمحبة ويدعوهم إلى عبادة الواحد الديان» ويطلب إلى واحد caka‏ 
بعد تفسيره الرؤياء أن يذكره عند ربه ولكن الزمن قد مضى دون ذكر أو انتباه. ويرى الملك 
رؤياه» ويسعف الحظ يوسف فتتحول نحوه الأبصار والأسماع» ويحرص يوسف على إزالة ما 
علق بسمعته من أدران وأقذارء وتعاد المسألة مرة ثانية بين يدي الحاكم» وهو في هذه المرة 
رب البلاد وينتصر يوسف ويعرفه الملك فيختاره لنفسهء ويطلب منه يوسف أن يجعله على 
خزائن البلادء ويستجيب الملك ويتصرف في خزائن الأرض فينقذ البلاد وما جاورها من بلاء 
وأي بلاء. 

ويوسف رجل حريص نهاز للفرص يحضر إليه أخوته فيعرفهم ويذكر ما كان بينهم 
وبينه من كيد ومكرء ويحاول أن يحتال عليهم ويسعفه من طبعه الفطنة فيطلب إليهم أن ياتوه 
بأخ لهم من أبيهم» وبعدئذ Giai‏ القصد dus‏ يكيد لهم Où‏ يجعل السقاية في رحل أخيهء ويبدأ 
بأوعيتهم قبل iles‏ ويرى القوم الواقعة» ولا يفطنون إل الحيلة فيذكرون ما كان بينهم وبين 
أبيهم من عهد وحرص على ce)‏ وينتهي الأمر إلى المصارحة وإلى استحضار أبويه وأهله 
من بادية الشام. 

ويستقبل يوسف أباه بما في نفسه من عواطف البر والحنان وعواطف التقى والإيمان 
ويرفع يوسف أبويه على العرش ويتوجه إلى ربه بالدعاء والابتهال. 


NYAN سورة يوسفء‎ )١( 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


; وأخيرا فإن شخصية يوسف تمثل شخصية كثيرين من الإسرائيليين الذين يتركون 
أوطانهم وينتقلون إلى غيرها فينبه agili‏ ويعلو صيتهم» وينهضون نهضات إقتصادية Dai‏ 
لهم رتل Sal‏ لما pese GI‏ من ag‏ مارك al‏ 


؛ ‏ شخصيات النساء: 


وشخصيات النساء في القصص القرآني يجمعها والرجال صفات» ويفررقها عنهم 
صفات» وإن كنا نلحظ أن شخصيات النساء أكثر وضوحا Jami;‏ | من شخصيات الرجال. 

)١(‏ والأمر الأول الذي يستوي فيه أولئك وهؤلاء وهو العدول عن الصفات الحسية 
والجثمانية» تلك التي تميز فرداً عن فردء والتي توضح العلاقة بين المنظر الخارجي والصفات 

(Y)‏ وثاني الأمور هو العدول عن التسمية وإن اختلفت العلة هنا عنها هناك. فقد كنا 
نرى الأمر بالنسبة للرجال عدم الاهتمام بالشخصية كعنصر رئيسي في القصة ونرى العدول 
عنها إلى غيرها من العناصر كالأحداث والحوار. ولكنا هنا نجد للمسألة تعليلاً آخر هو سلطان 
البيئة والحرص على مراعاة التقاليد المعروفة في البيئة العربية إذ ذاك. والذي يدفعنا إلى هذا 
التعليل هو ما نلاحظه من أن هذه الشخصيات النسائية قد قصد إليها قصدا لتؤدي أدوارا بعينها 
في القصة»ء ولم يجيء بها لتكون رموزآ أو كالرمز لتجري على لسانها الأفكار والآراء. 

قصد القرآن إلى هذه الشخصيات كما هو الواضح من قصصه لكن البيئة كانت 
تحرص على تقليدين: الأول أن تكون المرأة تابعة للرجل. والثاني ألا يذكر اسمها be‏ حين 
تتناول بالحديث في أي موقف وبين قوم كلهم من الرجال. 

ويتضح الأمر الأول من موقف القرآن من حواءء فهو لم يذكر اسمها ولا مرة واحدة 
وهو الأمر الذي قد يدعو إلى العجب» خاصة وهي أم البشريةء وأول امرأة في هذه الحياة. ثم 
هي التي ساعدت على إخراج آدم من الجنة حين أغوته بالأكل من الشجرة كما تقول التوراة. 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


وعدول القرآن عن التسمية مقصود من غير شك. وعدوله عن أن تكون البطلة في 
الغواية والإخراج مقصود كذلك من القرآن. فقد La js‏ تابعة لآدم في كل شيء» تابعة له في 
النهي عن الأكل من الشجرةء وتابعة له في الأكل وفي الخروج. وتلك التبعية هي التي كان 
يحرص عليها في البيئة العربية إذ ذاك. 

وتتضح المسألة في الأمرين من استعراضنا لشخصيات النساء الواردة في قصص 
القرآن. فنلحظ أنه يعبّر عنها بالمرأة دائما» وسواء فى ذلك المتزوجات وغير المتزوجات. 
فهي إن كانت متزوجة امرأة فلان» كامرأة نوح وامرأة لوط وامرأة إيراهيم وامرأة عمران 
ga‏ وامراة us e‏ غير متروجة Cl‏ مر بهذا التي Tal Lu ASUS‏ 
تملكهم l ١١4‏ وابنتا الشيخ D‏ ووجد من دونهم امرأتين تذودان 4 pas‏ و la‏ 
عن هذه الطريقة إلى التسمية المباشرة وذلك عند حديثه عن مريم ولم يكن ذلك إلا لظضروف 
خاصة قاهرة. فقد كان القوم يعتقدون أن عيسى ابن الله. وكان القرآن يحاول القضاء على تلك 
العقيدة الباطلة ويثبت مكانها أمرآ آخر هو أنه ابن مريم وأنه ولد من غير أب» وآن مثله في 
ذلك كمثل آدم عليه السلام. ومن هنا ‘ja‏ ح القرآن بالاسم عارياً ومن هنا كرّره وكرّره على 
أنه ابن مريم ومعنى ذلك أنه ليس ابن الله. 

وفي غير هذين تختلف المرأة عن الرجل في الدور الذي تلعبه وفي الصورة التي 
يرسمها لها القرآن. تختلف أولا في أنها لم تأخذ دورا رئيسيا في أية قصة من قصص القرآن» 
فأدوار المرأة دائما أدوار ثانوية حتى مع مريم وحواء. 

وتختلف Gi‏ فى أن المرأة ولو أنها تلعب دورآً ثانويا فى القصة»ء إلا أنها واضحة 
الصورة متميزة المعالم» ولكل منها طابعها الخاص. 1 

فتذهب امرأة فرعون Las ie‏ فى المرأة من حرص على الأمومة وما يصاحب هذه 
الأمومة من بر وحنان؛ ونلحظ ذلك من موقفها من موسى عليه السلام: D‏ وقالت امرأة 


NYAN) سورة النمل»‎ (\) 
NY AN سورة القتصص›‎ (ï) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


فرعون قرة عين لي ولك ولا تقتلوه عسى أن ينفعا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون O‏ 

وتذهب امرأة العزيز Las‏ فى المرأة من أنوثة مكتملة» وما يصاحب هذه الأنوثة من 
محبة للجمال وحرص على الفتنة والإغراء» ونلحظ ذلك من موقفها من يوسف ذلك الموقف 
الذي صوره القرآن à‏ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك 
قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون * ولقد همت به وهم بها لولا أن 
رأى برهان ربه كذلك لنصرف die‏ السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين * واستبقا 
الباب وقدت قميصه من دبر والفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً I‏ 
أن يسجن أو عذاب أليم 4 الخ. وإن يكن إلى جانب هذه الأنوثة المكتملة التي يحوطها 
المكر والدهاء eus‏ الحيلة حرص على أن يكون عندها شىء من عزة النفس والاعتراف 
بالأخطاء وبيان أن ما وقعت فيه كان من الأمور التي لم يكن لها إلى دفعها قدرة أو سلطان 
ونلحظ ذلك من سحر الجمال وفتنته حتى لقد خضع له عواذلها من النساء. # وقال نسوة في 
المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها Lis‏ إنا لنراها فى ضلال مبين * فلما 
سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت لهن متكا وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج 
عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم 
ات فت لذ لمشي فيه ولق رودل عن ننه pa‏ وان à‏ يفل ما DR‏ 
وليكونا من الصاغرين MK‏ 

كما نلحظه من حرصها على الفضل واعترافها بما اقترفت من إثم ومحاولتها تبرئة 
الفتى يوسف بين يدي المليك حين وجه إليها السؤال # قال ما خطبكن إذ راودئن يوسف عن 
نفسه قلن حاشى لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز GY‏ حصحص الحق أنا 
راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين * ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد 


)\( سورة القتصص› AN‏ 8. 
(Y)‏ سورة يوسف: الآيات ۲۳ Yo‏ 
(Y)‏ نفس السورة الآية Ve‏ 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


الخائنين * وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور 
رحيم 4(". 

وتذهب ابنتا الشيخ بما في الأنثى من محبة للفتوة وإعجاب بها وبما فيها من خفر 
وحياء ونلحظ أن هذا الحياء يدفعهن إلى الحيلة فيحتلن على أبيهن وعلى الفتى موسى حتى أقام 
بينهن وتزوج إحداهن ثم رحل بها إلى حيث أراد الله. ويصوّر القرآن في هذه الآيات à‏ ولما 
ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما 
خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى JA‏ 
فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن 
أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من 
القوم الظالمين * قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير Ga‏ استأجرت القوي الأمين * قال 
إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن 
عندك وما أريد أن أشق ق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين * قال ذلك بيني وبينك أيما 
الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل OS‏ 


ا ا ع ا 
والعار وتخاف من رسول ربها حين يتمثل لها بشراً فتستعيذه بالله إن كان GS‏ وهي لا تفهم 


مطلقا أن يكون لها ولد ولم يمسسها بشر ثم هي ليست بالبغي التي قد يدور بخلدها شيء من 
ذلك [ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً * فاتخذت من دونهم حجاباً 
فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً * 
قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً * قالت أتى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر 
ولم أك بغياً * قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان i‏ | 
مقضياً * فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت 


ON — OÙ سورة يوسف» الآيات‎ )١( 
.۲۸ 77 سورة القصصء. الآيات‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا 4("). 

وتذهب ASL‏ سبأ Les‏ في المرأة من ضعف مستحب» وما فيها من سعة الحياة وحسن 
السياسة» تلين إلى درجة تشبه الضعف» وتستسلم إلى حد AG‏ يكون خضوعاء وهي المالكة 
لناصية الحال» ترسل الهدية إلى الملك لتكتسب بها يدا oaie‏ لكنه يرفض ويأبى عليها إلا أن 
تأتي إليه» فتذهب إلى الملك كالمستسلمة وتعلن أمامه أنها قد ظلمت نفسها ثم تعترف بأنها قد 
انلمك فعة NA AGE E‏ 


ولسنا بحاجة إلى الحديث عن امرأة عمران وعاطفتها الدينية ونذرها ما في بطنها 
محررا. ولا إلى الحديث عن امرأة إبراهيم وعجبها من أن يكون لها ولد وبعلها شيخ وهي 
عجوز عقيم. ولا إلى الحديث عن موقف كل من امرأة نوح وامرأة لوط لان كل هذه لفقات 
وصور واضحة لا تحتاج إلى وقوف طويل. 

وننتهي من الحديث عن الشخصيات في القصص القرآني بقولنا: 

)١(‏ إن مذهب القرآن في رسمها وتصويرها كان المذهب غير المباشر وهو الذي 
يذهب فيه القاص إلى عرض الشخوص في تفكيرهم وأعمالهم وحركاتهم» ويترك لنا نحن 
ci ail‏ إليها من طرق تفكيرها ونهج أعمالها وسبحات روحها حتى لكأنها الشخص الذي 
beja, abab alika‏ فعر فنا KN‏ مز dal‏ وط ايا Lis 9 alice‏ فد os!‏ 

(Y)‏ إن شخصيات النساء كانت تسيّرها الغرائز والعواطف الأولية. أما شخصيات 
الرجال» من غير الأنبياء» فكانت تسيّرها المصالح الخاصة والعقائد الباطنية والنزعات النفسية 
والأهواء. ومن هنا كانوا خليطاً تخضع كل مجموعة منها لمؤثر من هذه المؤثرات. أما 
شخصيات الرسل فكانت تسيّرها المثل العليا والمبادئ الدينية ومن هنا تشابهت صفاتهم العقلية 
وحركاتهم الفكرية وجرى على ألسنة الكثيرين منهم عبارات بعينها متحدة الصورة أو 
متقاربتهاء وإن كانواء بين فترة وأخرى» يخضعون لما يخضع له غيرهم من الجنس البشري 
فيغضبون ويفرحون ويتناولون الاعداء بالذم ويتوجهون إلى الله بالدعاء عليهم» 


YF ۱١ الآيات‎ cg a سورة‎ )١( 


- العناصر في القصة القرآنية 


حتى لقد da‏ الأمر أحياناً إلى درجه ة مخالفة المبادئ الدينية أو iQ‏ العلي العظيم est à‏ 
عصى ربه ونس فلم نجد له عزما لإ وعصى آدم ريه فغوى 14 '. à‏ ولقد عهدنا إلى آدم 
من قبل فنسي ولم نجد له عزما Ng‏ 

ويوسف يحتال على إخوته ويجعل a a‏ ص عترم 
بجهازهم dea‏ السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون OS‏ 


وسليمان يحتال لتكشف ملكة سبأ عن ساقيها فيقول à‏ قال نكروا لها عرشها Ji‏ 
أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون * فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا 
العلم من قبلها وكنا مسلمين * وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم 
an‏ اكيز حي لكرج الجا رخات ESS‏ جك مسرم 
ممرد من قوارير 4( 


(Y)‏ إن تصوير الشخصيات في القصص القرآني» خاصة في عهده الأول» لم يكن 
بالأمر الذي يعني eds‏ ولعل القرآن في هذا اللون يمثل المذهب الفني في رسم الأشخاص عند 
قاصّي العربية فقد كان القوم يهتمون بالحادثة أكثر من اهتمامهم بالبطل» ويهتمون بالفكرة 
والرأي أكثر من اهتمامهم بالأشخاص» وهذا هو الواضح تماما فيما روي عن العرب من 
قصص. فنجد في العقد الفريد بعض هذه النوادر التي وإن تكن إسلامية إلا أنها قد حافظضت» 
إلى حد ماء على الشكل والصورة في لون من ألوان القصص والنوادر. 

(é)‏ إن القرآن في حديثه عن الأشخاص كان يختار من مواقفهم ما يتفق وأحوال النبي 
العربي ليثبت نفسه ويسري عنها ما ألم بها من حزن والم» كما كان يختار من أحوالهم» أو 
يجري على ألسنتهم ما يشرح عقائد الدعوة الإسلامية ويؤيّد مبادئها. ومن هنا 


.١ 7١ الآية‎ ON 

NYO ذ نفس السورة» الآية‎ (X) 
NG سورة يوسفء الآية‎ (Y) 
.٤٤ ٤١ الآيات‎ ehaill سورة‎ (£) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


كانت شخصية النبي عليه السلام هي الأساس أو العامل الأول في الاختيار» ومن هنا أيضا 
تقاربت الصورة واتّحدت في كثير من الأجزاء. وهذا يلقي في الروع أن شخصية النبي 
العربي قد وضحت في هذا القصص أكثر من صورة غيره من الرسل والانبياءء وذلك هو 
الذي سنشرحه بتفصيل عند حديثنا عن القصص القرآني ونفسية الرسول عليه السلام. 


الحوادث 

والصلة بين الحوادث والشخصيات في القصة أقوى من أن يدلل عليها أو يلفت الذهن 
إليهاء ذلك لأنهما العنصران الرئيسيان في كل قصةء ثم نحن لا نستطيع أن نتصور شخصا 
من غير أحداث تلم به أو تقع عليه. نعم نحن لا ننكر أن القصة في القرآن لقصرها قد تجعل 
العنصر البارز في تكوينها عنصر الحوادث» وقد تبهم عنصر الأشخاص وتجعله Lle‏ غامضاً 
لكن ذلك لا يدفع إلى التسليم بخلو القصة من هذا العنصر مهما يبرز العنصر الآخر ويقف 
وحده في الميدان. 

NY‏ ذلك النوع من الأحداث الذي يكون نتيجة تدخل عنصر القضاء والقدر في 
القصةء فقد يجيء الرسول فيكذبه القوم ويطلبون إليه أن يأتي ANG‏ البيّنات التي Ji‏ على 
الأول من الكفر والعناد. وقد يصل الأمر أحيانا إلى الحجاج في طلب الآيات والمعجزات» 
فتتعقد الأمور ويشق على الرسول ما وصل إليه الأمر خاصة إذا كان نصيبه منهم التهديد 
بالقتل والاغتيال إذ عند ذلك يتقدم ANY)‏ الذي تفضل عليه بالاختيار وعلى قومه بإرساله إليهم 
هاديا ef jus‏ فينزل عليهم غضبه ويصب عليهم نقمته جزاء ما قدمت أيديهم من مكر وكيد. 
وذلك من أمثال ما تصوّره هذه القصة à‏ كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا 
تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري 
إلا على رب العالمين * أتتركون في ما ها هنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل 
طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا Jai‏ 
المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا إنما 


۳1۰ 


iul العناصر في القصة الق‎ Y 


أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقفة 
لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها 
فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو 
العزيز الرحيم NG‏ 

Gb,‏ ذلك النوع من الأحداث الذي يعتبر من الخوارق أو المعجزات وهي الأمور 
التي يجريها الله على أيدي الرسل أو يحدثها في الكون استجابة لدعوة أحدهم حين التحدي 
وطلب البيّنة وذلك من أمثال الأمور الواردة في هذه القصة à‏ إذ قال الله يا عيسى ابن مريم 
اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلاً وإذ 
علّمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها 
فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني 
إسرائيل عنك إذ جئتهم Cl‏ فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين * وإذ أوحيت 
إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون * إذ قال الحواريون 
يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم 
مؤمنين * قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من 
الشاهدين * قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون U‏ عيداً لأولنا 
وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين * قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد 
منكم فإني atej‏ عذاباً لا أعذبه أحدآ من العالمين 4("). 

وإيراد هذين النوعين في غير القصص القرآني أو القصص الديني يخرج به عن 
واقعيته ومالوفة ويجعله قصصا خيالياء لكنه هنا يبقى على ما هو عليه من واقعي ومالوف› 
ذلك لأن القوم كانوا يعتقدون بكل هذا فيطلبون المعجزات للتصديق ويؤمنون بغضب الآلهة 
حين المخالفة. ومن هنا كانوا يتحدون الأنبياء حين لا يطمئنون إليهم وحين يرونهم غير Jai‏ 
للتصديق وذلك هو الواضح من قول قوم شعيب له ا قالوا إنما أنت من المسحرين 


.٠١۸ ۱٤١ سورة الشعراءء الآيات‎ )١( 
NYO ٠٠١ الآيات‎ alal سورة‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


* وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفاً من السماء إن كنت 
من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب 


يوم عظيم 4( aa‏ ار حير SAN CE‏ 
عندك فأمطر Lite‏ حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم Ng‏ 


وموقف القرآن من هذين النوعين موقف يدعو إلى الإعجاب» فقد وقف عند الأحداث 
المعروفة للرسل والأقوام» وكان في هذا الصنيع منه كسب عظيم للحياة العقلية والفكرية في 
ذلك الزمان وما تلاه» فقد كان القوم يربطون بين تلك الأمور وبين كل دعوة يقصد منها إلى 
الرقي الفكري والتقدّم الاجتماعي حتى لكأن كل رسول في عرفهم من الأحداث من خارق أو 
إنزال عذاب» وكان هذا الربط قليل النفع» ane‏ الجدوى من dus‏ الإقناع والإلزام» وإلى هذا 
قصد القرآن الكريم حين قال > ولو أننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم gigal‏ وحشرنا عليهم 
كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلى أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون 4/ ولقد كان الأمر 
يحتاج إلى شيء من المهارة في سوق الجماعة نحو هذا الرأي في ذلك الوقت الذي كان يمتلئ 
فيه العالم العربي بجو من الخرافات والأوهام ولذا عمد القرآن إلى الوقوف من هذه الأحداث 
عند هذا الحد أو اكتفى بالاعتماد على الواقع النفسي» ولم يعمد إلى الخلق الففي أو إلى 
الاختراع والابتكارء وفصل بين الأمرين فلم يجعل الرسالة SH DT FO‏ 
الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد OS‏ 


pipes |‏ بأنه قد منع هذه البيّنات حتى لا يكون تكذيب فعذاب ‏ وما منعنا أن نرسل 
بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل 


سورة الشعراءء الآيات 146 NAN‏ 
سورة الأنفال» AN‏ بحرت 


۳1۲۳ 


Y‏ العناصر في القصة الق رآنية 


بالآيات إل تخويفا 4'. 


غير أا مع إعجابنا منه بهذا الموقف من هذه الوجهة نلحظ أنه قد حدّد الحرية وجعل 
العمل الفني محصورا في رسم الحادثة وعرض الصورة وهذا بدوره مع اعتماد القران على 
التكرار كوسيلة من وسائل الإقناع دفع إلى شيئين: 

)|( إنطاق الأشخاص المختلفين بعبارات واحدة نحو قوله  J‏ قال لهم أخوهم هود ألا 
تتقون * إني لكم رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري 
إل على رب العالمين 4 وقول صالح ‏ إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون * إني لكم 
رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب 
العالمين NK‏ 

(ب) Cal‏ في العرض والتنويع في الرسم» فيصور الحادثة الواحدة بصور مختلفة 
ويعبّر عن المعنى الواحد بألفاظ مختلفة. وكل تلك الظواهر لحظها القدماء وإن لم يوققوا في 
تعليلهاء وقد سبق لنا أن ذكرنا أشياء عنها في حديثنا عن المعاني التاريخية. 

Li — Gé‏ النوع الثالث والأخيرء فهو تلك الأحداث العادية أو المألوفة التي وقعت 
للأبطال رسلا كانوا أم غير رسل باعتبارهم أفرادا من الناس يأكلون ويشريون ويمشون في 
عليه السلام. 

وهذا النوع لم يقف فيه القرآن عند حد رسم الحادثة وعرض صورتها بل جاوز ذلك 
إلى عملية الخلق الفني الأدبي. وقد أشرنا إلى شيء من ذلك عند حديثنا عن القصة التمثيلية 
ويكفي هنا أن نلفت الذهن إلى أمور أخرى من مثل حديث الهدهد والنملة ومن الالتفات الواقع 
في ثنايا القصص القرآني نحو أمور لم تقع بعد كالحديث بين عيسى 


.04 AN سورة الإسراع.‎ )١( 
AYY YE سورة الشعراءء الآيات‎ (Y) 
NEO L NEY نفس السورة الآيات‎ (Y) 


vir 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وخالقه» والحديث بين المستضعفين والمستكبرين مما صوّر على أنه سيحدث فى الآخرة إن 
il si‏ | 

وننتقل الآن إلى أمر آخر غير طبيعة الأحداث هو الربط بينها أو تسلسلها ولن نعيد 
هنا مرة ثانية الحديث عن قيد وعدم اهتمام القرآن به بعد أن وضّحنا القصد القرآني عند حديثنا 

عن القيّم التاريخية» وبعد إذ وضعنا قصة لوط بين يدي القارئ لتدل على أن الزمان لم dass‏ 

محورآ ترتبط به الأحداث» وإنما سنمضي إلى شيء آخر هو أن القصة القصيرة قد يهتم فيها 
بالحادثة من dus‏ تصويرها لتحدث أثرها في النفس و تستثير من الناس الانفعال وذلك هو 
الواضح من هذه القصة à‏ كذبت ثمود وعاد بالقارعة * فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية * وأما 
عاد فأهلكوا a yaya Gaji‏ عليهم بتع اول وثمانية Laguna ali‏ فترى القوم 
فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية Ng‏ 

وقد تتابع الأحداث على هذا النسق فتجري سراعا لتستثير الانفعال وتؤثر الأثر 
المطلوب من إلفة أو نفور وذلك من مثل قوله تعالى à‏ وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم 
موسى بالبيّنات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين * فكلا أخذنا بذنبه فمنهم Ga‏ أرسلنا 
عليه خاصيا و من Gia‏ الصيحة ومنهم عن كلا يه الارن ومتهم من أغر فنا وما 
كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 4 اولس مك هذا أن ا لاحات لا شوقظ 
أصلا برباط الزمن وإنما معناه أن تسلسل الأحداث في القصة يخضع للغرض أو القصد الذي 
من أجله نزلت القصة» فإن كان التخويف فإنه يقصد إلى الحادثة من حيث هي ويصورها 
لتلقي الرعب في القلوب وتبث الخشية في النفوس. 

أما إذا كان تخفيف الضغط العاطفي أو تثبيت قلب النبي جعل المحور الذي تدور حوله 
الأحداث هو الشخص نفسه» وتصرٌّر الحادثة على أنها الحادثة ة التي وقعت له فلم تضعف نفسه 
ولم توهن عزمه» وإنما مضى حتى كان النصر من عند الله وقصة إبراهيم» إلى جانب قصة 
لوط السابقة» تمثل لنا هذا النوع من تسلسل الأحداث. قال الله as‏ ولقد 


.۷ ٤ سورة الحاقةء الآيات‎ )١( 
٠۹ سورة العنكبوتء الآيتان‎ (Y) 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى 
أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * 
وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتي أألد 
Lis‏ عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله 
وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد * فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى 
يجادلنا في قوم لوط * إن E OS‏ 
أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود OS‏ 

وقال تعالى p‏ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً 
قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله plai‏ بعجل سمين * فقربه إليهم قال ألا تأكلون * 
فأوجس agia‏ خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم * فأقبلت امرأته في صرة فصكت 
وجهها وقالت عجوز عقيم * قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم * قال فما خطبكم أيها 
المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * لنرسل عليهم حجارة من طين * مسومة 
عند ربك للمسرفين * فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من 
المسلمين * وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم 04 

وقد لاحظ الرازي الفروق بين القصتين من جوانب كثيرة وذلك عند تفسيره لقصة 
الذاريات وكان مما قال: 

المسألة الرابعة قال في سورة هود فلما رأى أيديهم لا تصل اليه نكر هم فدل على أن 

انكارهم كان حاصلاً بعد تقريبه العجل agio‏ وقال à Liga‏ قال سلام قوم منكرون # ثم 

قال تعالى D‏ فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين * فقرّيه إليهم 4 بعد حصول الإنكار 

لهم... لكن الحال في سورة هود محكية على وجه أبسط مما ذكره ههنا فإن ههنا لم 

Cas‏ المبشّر به وهناك ذكر باسمه وهو اسحاق ولم بقل ههنا إن القوم قوم من وهناك 

قالوا قوم لوط وفي الجملة ya‏ يتأمل السورتين يعلم أن الحكاية محكية هناك على وجه 

الإضافة أبسط فذكر فيها النكتة الزائدة ولم يذكرها هنا... clé‏ قبل 31 قال à Lies‏ الحكيم 

العليم » وقال في 


)١(‏ سورة هودء الآيات TA‏ كل. 
(Y)‏ سورة الذاريات» الآيات NY ۲١‏ 


Yio 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هود مجيد ‏ نقول لما بيا أن الحكاية هناك أبسط.. 


D الح ارده‎ re 

الروع وبشّروه وهنا قالو/ ‏ انا أرسلنا » بعد ما سألهم عن الخطب وأيضا قالوا هفاك 

à‏ ا أرسلنا الى قوم لوط * وقالوا ههنا ث LI‏ أرسلنا إلى قوم مجرمين E‏ والحكاية 

عن قولهم فان لو يقولو/ ذلك ورد السؤال أيضا. 

والأمر هنا كما ترى - واضح كل الوضوح من أن الأحداث لم تر ترتيباً واحداً 
ولم يجعل الزمن هو المحور الذي تدور حوله ولم تصور الأحداث بصورة واحدة وأنضطق 
الملائكة بألفاظ مختلفة وعبارات متفاوتة في الحادثة الواحدة والمنظر الواحد. 

ea‏ عدي نرج o a‏ مو كنا ا 
WE kii‏ وساق LA‏ هذا المساق فكان danl Arg ile dual‏ 
GK 5‏ الحديث عن قوم لوط لا المجرمين وكان الحديث عن الحميد المجيد. 

وفي الذاريات بنيت القصة للتخويف وهنا كان الإنكار cles pu‏ ومن هنا وصف قوم 
لوط بالمجرمين» ومن هنا أسرع إلى الحديث عن قوم لوط لينزل بهم العذاب. 

وهنا يجب ألا ننسى أن القرآن قد يعمد إلى التنويع أحيانا حتى لا يمل القارئ أو 
السامع من التكرار. 

كان محور الربط إذآ هو القصد الذي من أجله بنيت القصة وكانت الحبكة الفنية قائمة 
على أن هذا التسلسل يوصل إلى هذه النتيجة أو تلك وكان اختلاف التسلسل قائما على هذا 
الأساس. 

وننتقل الآن إلى أسلوب القرآن الكريم في رسم الصورة أو عرض الحادثة. ونلحظ أن 
القرآن لم يسلك طريقة واحدة وإنما نوع في قصصه ونلحظ من تنويعه هذه الظاهرات. 


)1( كان القرآن يعتمد أحيانا على BUYI‏ الفخمة الضخمة ذات الرنين ن القوي التي 
تؤثر بمبناها ومعناهاء كما تؤثر بموسيقاها. وكان يعمد أحيانا إلى الجمل المسجوعة القصيرة 
الفقرات ليزيد من قوة الرنين Da‏ موسيقى الألفاظ الأذن نغما والقلب خشية 


vit 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


ورهبة أو غبطة وسرورا. وذلك من أمثال هذه القصص p‏ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا 
وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء 
منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح 
ودسر * تجري بأعيننا جزاء Cal‏ كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان 
عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر * كذبت عاد فكيف كان عذابي 
ونذر * إنا أرسلنا عليهم ريحاً yaya‏ في يوم Quai‏ مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز 
نخل منقعر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر NK‏ 

(Y)‏ وكان يعتمد أحيانا أخرى على تتابع الأحداث تتابعا سريعا لتؤثر في النفس وتهز 
الفؤاد وذلك من أمثال قوله تعالى ل فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم 
آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا 3 Le‏ مجرمين ١/4‏ ' ولعل هذا هو الذي دعا أيضا إلى أن 

يجمع ألوانا من القصص في سورة واحدة وذلك من أمثال قصص الأعراف وهود والشعراء 
00 

(Y)‏ وكان أحيانا أخرى وهو الغالب يعتمد على الألفاظ السهلة اللينة التي تصدر عنه 
كما تصدر الألفاظ في الأحاديث العادية. يقص وكأنه يخاطب Se al‏ ويتحدث 
إليهم أحاديثهم المألوفة ويلاحظ في مثل هذا اللون أن حركة الأسلوب كانت تتمشى مع حركة 
العاطفة dely‏ خير ما يمثل هذه الخاصية هذا الجزء من قصص موسى $ ولما ورد pla‏ مدين 
وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا 
نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما 
أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك 
ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم 
الظالمين * قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير Ga‏ استأجرت القوي الأمين * قال إني 
أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن 0 


NN Ce À سورة القمر, الآيات‎ )١( 
AYY ANT سورة الأعراف»‎ (Y) 


YAV 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عندك وما أريد أن أشق ي due‏ ستوزني إن شاع ca dif‏ الصالحين: * قال ذلك ييحي is‏ 
أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل OS‏ 


فنحن نلحظ في الجزء الأول وهو الخاص بورود موسى ماء مدين استعمال الفعلين 
المضارعين à‏ يسقون 4 و « تذودان 4 للدلالة على الحركة ولتصوير الأحداث حتى لكأنها 
حاضرة مشاهدة» وليس ذلك إلا لأنهما الفعلان الدالان في هذا الجزء من ANI‏ على ما سيقع 
وكأنهما ينبّهاننا إلى أن هذه الأحداث هي التي تهم موسى ولقد كانت هي التي استثارته فعلاء 
فالناس يسقون وهاتان تذودان ولذا تقدّم إلى الفتاتين p UE‏ ما خطبكما 4 وأظنك تلحظ معي 
ما في هذا اللفظ من عنف وجزالة وما فيه من ANG‏ على تلك الخواطر التي ألمت بذهن 
موسىء وإني لأحس منه الغضب على أولئك الذين يسبقون الفتاتين إلى السقيا. 

وتنطق الفتاتان بهذه الجملة التي تدل على ما في الأنثى من ضعف وحياء يدفعانها إلى 
التخلثف في مثل هذه المواقف التي يكثر فيها التزاحم ويختلط فيها النساء بالرجال à‏ لا نسقي 
حتى يصدر الرعاء 4 وبهذه الجملة التي تستثير الرحمة وتست الحنان # وأبونا شيخ 
كبير 4. إنها لألفاظ سهلة لينة تداعب رقتها الآذان والقلوب وإنها الجمل التي تنطق بها الأنثى 
والأنثى ليس غير ما في ذلك شك أو جدال. 

ويأتي جزء آخر دال على الحركات الخاطفة السريعة التي يأتي بها الإنسان ليصل إلى 
ما وراءها ‏ فسقى لهما ثم تولى إلى الظل 4 ونلحظ موسى هنا وفي هذا الظل متراخيا 
منهوك القوى مستسلما ضارعا à‏ رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير 4. وتمشي Alan)‏ مع 
هذه الضراعة ويطل الشعور الديني من وراء النداء ومن التصريح بالفقر والحاجة إلى الخير 
أمام الغني الكبير. 

على أن المقام بموسى لن يطول فجاءته إحداهما تمشي على استحياء 4 ألا ما 
أعذب هذه الجملة وما أخف وقعها على الأسماع والقلوب» وما أقدرها على تصوير 


NA NY الآيات‎ < Yaa) سورة‎ (\) 


YAA 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


الحركة والانفعال» تمشي وتمشي على استحياءء ثم ما أجمله من تعبير دال على خير ما في 
الفتيات من جمال هو جمال الخفر والحياء. جاءته à‏ قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما 

سقيت ek U‏ وهل ينتظر موسى حتى يجيب إنه عجل لأنه في حاجة إلى هذا الأجر وهو 
لديف الفقير وإذاً فلتطو الإجابة وليطو معها الطريق وليلق موسى الشيخ وليقص عليه 
القصص وهل يفعل غير هذا الغريب الطريد. 

ويفطن الشيخ إلى ما بنفس الفتى المطلوب JEU‏ فيقف Aia‏ موقف الشهم الكريم ويلقي 
إليه تلك العبارة التي ترد عليه الهدوء والطمأنينة وتشعره بأنه في كنف شجاع كريم. ١‏ لا 
تخف نجوت من القوم الظالمين 4. لا تخف هذه ينطق بها الرجل القوي الواثق حين يشمل 
الناس بعطفه وحنانه» ونجوت هذه التي توحي إلى السامع باطمئنان النفس وراحة القلب 
وهدوء الخاطر ومن القوم الظالمين تلك التي تدفع عنه القلق النفسي وتأنيب الضمير. 

وتبدأ مرحلة أخرى Jos‏ الإعجاب بالفتى والاحتيال على لقاء الحبيب إذ تتقدم 
إحداهما إلى أبيها وتطلب إليه أن يستأجره Ces‏ يستأجر؟ إن خير Ge‏ يستأجر القوي الأمين. 
وكأن الشيخ قد فطن إلى المراد فأسرع إلى تحقيق رغبة الفتاة وأقدم على الفتى بهذا القول 
المؤكّد الذي يقطع على المتردّد كل سبيل ‏ إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين... 4 
ويستجيب الفتى وهو الشريد المقتفى» وهو القاتل المستجير ويجيب بتلك الجملة التي تشعرنا 
باستسلامه وكأنه الطفل الصغير أمام الشيخ الكبير. « ستجدني إن شاء الله من الصالحين 4 
ويتم الاتفاق ويشهدان الله لأنه على ما يقولان وكيل. 

وكان القرآن يعتمد في أحيان كثيرة على تصوير الحركات لتدل بدورها على 
الانفعالات قوة وضعفا أو عنفا وليناء وذلك من أمثال قوله تعالى: ظ ألم يأتكم نبأ الذين من 
قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رس لهم بالبينات 
فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا Les‏ أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه 
مريب 4 وقوله: à‏ فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم 4 وقوله: 


.8 AN seal l سورة‎ (\) 
YA AN سورة الذاريات»›‎ (Y) 


vis 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


à‏ وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا 
واستكبروا استكبارآ 4 وقوله: [ وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن 
نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين * فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت 
لهن LS‏ وآتت تت كل واحدة منهن Gisa‏ وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن 
واكاك C LS‏ وقوله: à‏ وامرأته قائمة 
فضحكت Og‏ 

كما كان يستعين أحيانا بالعبارات التصويرية والصيغ الدالة على الانفعال نحو قوله 
تعالى: (١‏ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت Gi‏ 04( و à‏ فأجاءها المخاض إلى 
جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً 4( C‏ وقوله: « يا أبت لا تعبد 
الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن 
فتكون للشيطان وليا 4 l‏ وقوله: à‏ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم Las‏ 
وضعت وليس الذكر ANG‏ وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان 
الرجيم 4" ' وقوله: à‏ وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون 
DAS‏ ا ES‏ ا ل mS SS a‏ 
عظيم VE‏ 

وعلى كل فيجب ألا ننسى أن أسلوب القرآن» في الغالب» هو أسلوب التخاطب فقد كان 
ue de‏ تحت فى Ne‏ 
في مبدأ القصة نحو à‏ ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم 4 '. à‏ ألم تر إلى 


سورة TH‏ الآية V‏ 
سورة يوسف»› الآيتان mS Ts‏ 


نفس السورة» الآيتان LÉO _ ٤٤‏ 


(1) 
(9) 
(“) 
NYAN) نفس السورة»‎ (0) 
a(n) 
(۷) 
(۸) 
(3) 


Pya 


iul العناصر في القصة الق‎ Y 


الذي حاج إبراهيم في ربه NG‏ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها 4 الخ. 


ثالثاً ‏ الحوار 


| وليس من الضروري أن يوجد الحوار في كل قصة فقد تخلو منه القصة وتمضي على 
أنها صورة لشخص أو رسم لحادثة وهذا هو الغالب في القصص القصيرة. ثم هذا هو الأمر 
الذي مضى عليه القرآن في كتير من قصصه الذي يقصد فيه إلى التخويف» بل مضى القرآن 
إلى شيء آخر في دعايته للعقائد أو ضدهاء فأدار الحوار على أنه الخواطر النفسية التي تلم 
بالشخص والتي تنقله من طور إلى طور ليتخلص من عقيدة ويدخل في أخرىء وهذا هو 
الأمر الواضح كل الوضوح في قصة إبراهيم من الأنعام: à‏ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ 
أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين * وكذلك ثري إبراهيم ملكوت السموات 
والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا 
أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن 
من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم 
إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما L‏ من 
المشركين AU‏ 

لكناء مع كل هذاء نجد كثيرا من القصص القرآني كان الحوار فيه عنصرا مهما إن لم 
يكن العنصر البارز. وهو موجود على كل حال في كل قصة تعددت شخصياتها وذلك من مثل 
قصة يوسف وقصة موسى في طه وقصة آدم في الأعراف ثم في مجموعات قصص سورتي 
هود والشعراء وفي قصة إبراهيم في سورة مريم وفي غيرها من القصص الذي يراد به 
التثبيت أو شرح مبادئ الدعوة الإسلامية. ونستطيع أن نضرب Sie‏ لذلك 


.YOA AN cb A) سورة‎ (\) 
NYO سورة الأعراف» الآية‎ (ï) 
NG — yé الآيات‎ caka) سورة‎ (Y) 


۳۲1 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


هذا الجزء من قصة موسى في سورة طه ظط اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري * 
اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قول لين لعله يتذكر أو يخشى * قالا ربنا إننا نخاف 
أن يفرط علينا أو أن يطغى * قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى * فأتياه فقولا إنا رسولا 
ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اثبع 
الهدى * إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على مَّن كذب وتولى * قال فمن ربكما يا موسى * قال 
ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي 
في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى * الذي جعل لكم الأرض مهداً وسلك لكم فيها سبلا وأنزل 
من السماء ماء فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى * كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات 
لأولي النهى * منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى * ولقد أريناه آياتنا 
كلها فكذب وأبى * قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى * فلنأتينك بسحر مثله 
فاجعل fac ga ding Lily‏ لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى * قال موعدكم يوم الزينة وأن 
يحشر الناس ضحى * فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى * قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا 
على الله کا فيسجتكم يعذاب ولد خاب من التجرى © DRE‏ اجر يينتهم ورو 
النجوى... 4 الخ. 

وموضوعات الحوار في القصص القرآني هي الموضوعات الدينية في الغالب وههي 
الموضوعات التي بسببها قام بين النبي عليه السلام وقومه جدل عنيف وتلك من أمثال 
col tue ol‏ كن laut, Je du‏ من فف وإجدات الامجو JAAN‏ 
المعجزات AN all‏ على النبوة وغيرها. وقد سبق أن Upa‏ كثيراً من هذه الموضوعات في 
الفصول الأولى عند حديثنا عن القيّم الدينية والاجتماعية فلا داعي لذكرها هنا. 
0 وطريقة القرآن في تصوير الحوار تقوم على أساس الرواية؛ فيحكي القرآن أقوال 
الأتتكاضن: la aus‏ فونه قال À‏ قال أذ hs‏ 

هذا التصدير يلفت ذهننا إلى أمر خاص بالحوار في القصص القرآني هو أنه ليس من 
الؤزة أن يقرع الحران بين eo a aga‏ وکل امور رة في 


AY ٤١ سورة طه» الآيات‎ )١( 


Yyy 


iul العناصر في القصة الق‎ Y 


القصص القرآني» فيكون الحوار بين اثنين كالحوار بين إبليس وآدم وبين إبراهيم وأبيه وبين 
موسى وفرعون. ويكون بين واحد من طرف واثنين من طرف آخرء كما هو الواضح في 
قصة موسى السابقةء فقد كان موسى وهارون الركن الثاني من أطراف المحاورة. وقد يكون 
بين واحد من طرف وجماعة من طرف آخر كالحوار الواقع في أكثر القصص القرآني بين 
الرسل وأقوامهم من مثل قوله تعالى: ‏ ولقد أرسلنا La gi‏ إلى قومه إني لكم نذير مبين * أن 
لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم * فقال الملا الذين كفروا من قومه La‏ نراك 
إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل 
بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وآتاني رحمة من عنده 
فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون * ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على 
الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوماً تجهلون * ويا قوم من 
ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا alej‏ الغيب 
ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خي را الله أعلم qi Lay‏ 
أنفسهم إني إذآ لمن الظالمين * قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا Las‏ تعدنا إن كنت 
من الصادقين * قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما aii‏ بمعجزين * ولا ينفعكم نصحي إن 
أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون OS‏ 

والقضايا التي يعتمد عليها القرآن في حواره ترجع في الغالب إلى المسلمات الدينية أو 
المسلمات بحسب العرب والبيئة» ومن هنا تقوم على أساس اللذة والألم أو المنفعة والمضرة 
وأنهما بيد الإله المتفضّل يمن بهما على عباده كل وما يستحق. 

والأسلوب الأدبي في الحوار يخضع خضوعا يكاد يكون LG‏ لسمات الأسلوب القرآني 
كله ولذا نلحظ فيه هذه السمات: 

)١(‏ إن لغة الأسلوب تختلف باختلاف الموضوعات والطور الذي نزلت فيه» ومعنى 
ذلك أنه أسلوب فني يجري في كل قصة من القصص على وتيرة واحدة» ومعنى 


TEL Yo الآيات‎ aga سورة‎ )١( 


vyr 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


ذلك أيضا أن القرآن كان لا يساير نفسية المتحاورين بقدر ما يساير نفسية محمد عليه السلام 
أسلوب القرآن في عهديه المكي والمدني. 

(Y)‏ يلاحظ أنه في القصص الذي نزل أولاء كان يعتمد على الرنين الصوتي للألفاظء 
يعاونه في ذلك الفقرات القصيرة المسجوعة» وذلك عاطفة النبي عليه السلام كانت في ذلك 
الطور قوية جياشة مندفعة» ومن هنا كانت الانتقالات الفجائية السريعة التي تظهر في القصة 
الواحدة» والتي تظهر في مجموعة القصص الواردة في سورة واحدة» ولذا كان القصص 
قصيراً fan‏ في هذه الفترة» ويمتل هذه السمات قصص سورة القمر. 

(F)‏ يلاحظ في القصص الذي يوضح العقائد الجديدة ويحاول أن يهدم القديمة أن 
السخرية بالأفكار والعقائد تدخل فيه كعنصر فني» وهي سخرية pe‏ نافذة» إذ تحاول أن تضع 
الحقائق الواضحة المتميزة أمام كل ذي عينين ليستفيق من غشيتهء وليحس إحساسا قويا بما 
هو فيه من ضلالء وذلك الأمر Alias‏ قصص إبراهيم عن عبادة الأوثان» خاصة في سورتي 
ويحاول أن يصرف عنه القسوة والعذاب» ويمثل هذا اللون قصص هود وصالح وشعيب من 
سورة الأعراف كما يمثله قصة إبراهيم في سورة مريم. 

)٤(‏ في القصص الذي يأتي للتنفيس والإفاضة تكون العواطف جياشة قوية» وإن تكن 
أميل إلى الاستسلام» وذلك هو الأمر الذي تدفع إليه العلاقة القائمة بين الرسل والأقوام. ومن 
هنا تأتي الألفاظ هيّنة مسترسلة لتجري مع طبيعة العاطفة وما فيها من يأس واستسلام. ومن 
هنا نلحظ من حين لآخر وجود العنصر الفني الديني الذي أسميناه فيما يأتي بالمناجاة» وهي 

وهنا قد نلاحظ اختلافا في العاطفة بين المتحاورين» فيبقى المستكبرون على ما عرف 
agic‏ من قسوة وجبروت» ويمضي الأنبياء بين بين وإن غلبت المسالمة» وذلك لما يكمن في 
قلوبهم من محبة الأهل والعشيرة» ولما يبلغونه من انتصار الدين» ولما يرجونه من 


- العناصر في القصة الق iul‏ 


إسعاد الأهل والعشيرة» أو إسعاد (ya‏ تحمله الأرض أو تظله السماء. 


وعلى الجملة فالأسلوب القرآني à‏ في القصص يساير نفسية النبي محمد عليه السلامء» 
وستظهر هذه المسايرة في حديثنا المقبل عن القصص القرآني ونفسية الرسول عليه السلا 
وإن LE‏ تحمل الككم AN‏ فى هذه الجملة..وهو أن أسلوث- قران فى ce pue‏ افكار 
الأنبياء والمرسلين أو الأقوام لا يشاكل الواقع وإنما يمشي على وتيرة واحدة في القصة 
الو اهاي وهو امن الذي das‏ فكي اال ع خلافه فى هواك اني 
الحوار يمل نفسية المتحاورين رهت في ات والمخاطبة وعقليتهما في التفكير وفي 
LS nee d‏ يمثل لخر فب و الضتاعاك. 

ومرات قليلة تلك التي نجد الحوار فيها Jia‏ شخصية المتحاورين وما فيها من قوة 
وجبروت وما لها من عظمة وكبرياءء وتلك هي المحاورات التي يقصها القرآن الكريم على 
لسان فرعون أو على لسان إبليس حين يحاور كل واحد منهما شخصية الرسول الذي قام إلى 
جانبه في القصة كشخصيات موسى وآدم عليهما السلام. وهي مرات لا تجعلنا نطمئن Lel‏ 
dal Ga‏ "إلى الامو لاخر وهو أن الحؤار لما يمل أكثر من كل ia Vs‏ 
الإسلامية ونفسية محمد عليه الصلاة والسلام. 


رابعاً - القضاء والقدر 


وقريب منهما الحظ وكل تلك عناصر وأجدت وأدت دورها في ب بعض القصص القرآني 
کف د ا ست A‏ 
كيف يدخل عنصر القضاء فينقذ الرسول عليه السلام من القتل والاضطهاد. 

والآن نستطيع أن نضرب Se‏ آخر يوضح لنا أهمية هذا العنصر في بعض القصص 
وكيف يغيّر مصائر الأشياء. في قصة إبراهيم من سورة الصافات يرى إبراهيم رؤيا LS‏ 
تؤدي بحياة ابنه لولا قضاء الله وقدره: ‏ وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي 
من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام 
أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين * 
فلس 


Yo 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


* للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين‎ AH; alul 
OS إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الآخرين‎ 

وهو واضح كل الوضوح في قصة يوسف وسنتناولها بالتحليل في القريب العاجل إن 
شاء it‏ 


خامساً ‏ المناجاة 

المناجاة» وهو في القرآن يأتي على صورة مغايرة لتلك التي يأتي بها في أغلب القصص 
الأدبي» dus‏ يقوم على مناجاة الشخص لنفسه ليسمعه غيره» ولكنه يأتي في القرآن كما يأتي 
في بعض القصص المسرحي الغربي كقصة « قلوب سعيدة » مثلاء إذ ترى البطلة فيها تتوجه 
إلى صورة العذراء ضارعة داعية ونحس نحنء كما تحس البطلة» بأن هذا eleal‏ قد «dé‏ وأن 
الله قد استجاب. كما نحس بأن هذه العبارات تكاد تكون تقليدية Les‏ فيها من ألفاظ قد ألفت في 
مثل هذه المواطن. وقد حملت بالعواطف الدينية القوية» تلك التي تدفع بسريان الشعور الديني 
بين النظارة والمتفرجين. 

والمناجاة في القرآن تأتي على هذه الصورة A jé‏ النبي عليه السلام إلى خالقه 
ويتوسّل إليه أن يستجيب لدعائه. وهذا موجود في قصة نوح حين دعا على قومه فقال à‏ رب 
لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً 
كفاراً * رب اغفر لي ولوالدي ولمّن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد 
الظالمين إل تبارا 14). وفي قصة إبراهيم: gd‏ قال إِبْرَاهِيمُ رب ral‏ هذا البّله آمِناً 
وَاجِنْبْنِي وبَنِي أن تُعَبْدَ الأصتام * رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمّن تبعني فإنه مني 
ومن عصاني فإنك غفور رحيم * ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك 
المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم 
k ٠ a‏ 
يشكرون 


NAN — سورة الصافات» الآيات 48 ب‎ )١( 
YA ۲١ الآيات‎ gù سورة‎ (Y) 


۳۲٦ 


Y‏ العناصر في القصة الق رآنية 


ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء * 
الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء * رب اجعلني 
مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء * ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم 
الحساب 4. وفي قصة يوسف: إرب قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث 
فاطر السموات والأرض أنت وليّي في الدنيا والآخرة توقّني مسلمآ وألحقني بالصالحين4'. 

هذه هي العناصر الفنية التي تقوم عليها القصة في القرآن قد صورناها كما لحظنا من 
القصص القرآني المتفرق» وسنتناولها بالحديث في تحليلنا لقصة يوسف في نهاية الفصل 
dial‏ إن شاع À‏ 


.5١ ٠١ CAN cal jf سورة‎ )١( 
Ar» AN سورة يوسف»›‎ (ï) 


۷ 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


jobi‏ الفن القصصي 





قد يكون من اليسير على الباحث أن يمضي في مثل هذا الدرس في غير القصص 
القرآني» فيرتّب عند الأدباء الذين يقصد دراسة قصصهم آثارهم الفنية ترتيبا تاريخيا ليلاحظ 
الظواهر الفنية وتطوراتها من حيث الكم ومن حيث الكيفء وقد لا يجد الباحث حرجا في أن 
يصل إلى تلك النتائج التي تتوع من أمثال هذه الأبحاث؛ فيرى مثلا أن التطور الفني كان يتبع 
المران والتجربةء كما يتبع الموهبة الفنية والقدرة على الابتكار والاختراع» ذلك لأنهدمن 
المسلّم به عند النقاد ورجال الأدب أن الفنانين يبدأون حياتهم الأولى بتنمية ما فيهم من مواهب 
ومدارك فيقرأون أو يشاهدون اللوحات أو يستمعون إلى الموسيقى والغناء» هم على كل حال 
يلتمسون المتعة واللذة في كل أثر فني يُعرض لهم» ثم يتقدمون خطوة فيتبعون الاستمتاع واللذة 
بالمحاولات الأولى التي تقوم على التقليد والمحاكاة» ثم يكون التخأص شيئا فشيئا والدخول في 
ميدان التجارب الخاصة. وهنا قد يبرز ما في بعضهم من مواهب فيمئلون روح العصر 
ويظهر في فنهم طابع البيئة» وقد تلمس عصا الفن السحرية ما فيهم من عبقرية فتتجلى قدرتهم 
على الخلق والإبداع» فينسجون على غير منوال سابق» فينشئون المدارس ويصبحون أصحاب 
مذاهب. 


هذه الأمور واضحة كل الوضوح والسبيل إليها لا عوج فيها ولا التواء والنهاية لا 


۳۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


mak e RSS Lan ee‏ للدي DONS‏ لكن 
المسألة حين تنتقل إلى ميداننا هذا تعسر وتشق وتكاد تتغير طبيعة الأمورء ذلك لأن القرآن قد 
ee Sas deals‏ مبدع متنزه عن كل ما يتصف 
به البشر من ضعف وقدرة يخضعان للتجربة والمران» وإذآ فلا سبيل إلى الوصول إلى Ja‏ 
هذه النتيجة» ونحن لا نكاد نلمسها بالخيال حتى نرد عن القصد ونقف مكتوفي الأيدي حتى لا 
حراك ولا كلام. لكن ما العمل والتطوّر موجود لا شك فيه؟ 1 

أعتقد أن الوصول إلى هذه النتيجة ميسر أو التمسنا الطريق إليها فيما خلف الأولون 
من رجال الفقه والأصول من حلول لمثل هذه المشكلات. 

قال القوم بالنسخ» وقالوا بالتدرّج في التشريع. ومعنى ذلك أن أحكام القرآن وشرائعه 
ومبادئ الدين وعقائده لم تنزل دفعة واحدة وإنما نزلت على دفعات وأن الزمن قد طال بها 
حتى شمل مدة البعثة وزمن الإرسال» وهم يرون في هذين حكمة أرادها الخالق هي أن تستعد 
النفوس وتتهيًاً العقول والقلوب لتقبل الدين الجديد» فلم يكن معقولا أن العربي الذي تسلّطت 
عليه العقائد واستبدّت به التقاليد يتخلى عن كل تراثه الروحي على ما فيه من زيف وبهتان في 
يوم وليلة» ولا أن يتسكل الدين الجديد إلى نفسه فيستقر فيها ويتمكن منها في يوم وليلة كذلك. 
هكذا رأوا وإلى تلك الحكمة ذهبواء وهي الأمور التي تثفق وطبيعة الدعوات. 


ولن نذهب نحن إلى أبعد من قولهم حين ندل على ما في القصص القرآني من تطور 
داخلي هو بعينه ذلك التدرج في التشريع. فنحن نعلم أن القصص القرآني قد نزل لخدمة 
الدعوة الإسلامية, وشرح مبادئهاء وتوضيح عقائدهاء والدفاع عن النبي العربي والقرآن 
الكريم. على هذا جرى الواقع» وبهذا نطق القرآن الكريم. وإذا كانت الدعوة الإسلامية قد 
نزلت في فترة طويلة وجاء القرآن على قاعدة التدرّج في التشريع وإذا كان القصص القرآني 
قد ela‏ لخدمة هذه sœ all‏ 8« كان لا بد من أن تصبح القصة صورة لهذه الدعوة تعبّر عما يدور 
في البيئة من آراء وأفكار وتصور ما يجري في البيئة من حركات عدائية أو سلمية وتدافع عن 
النبي عليه السلام والدعوة» تدعو لهما لتثبيت أركانهما وتمكّن لهما من قلوب الكفرة 
والمشركين. 


AÉ 


jhi‏ الفن القصصي 


كان القصص القرآني إذن يتطوّر من dus‏ الموضوعات أو من حيث الأفكار والآراء 
حسب قاعدة ge jail)‏ هذهء وهذا هو التطوّر الداخلي لعنصر من palic‏ القصة. 

وكان فن البناء كما كان فن توزيع العناصر كما وكيفا يتأثر بهذاء وهذا هو الأمر الذي 
سندل عليه هنا بعد إذ نتناول ظواهره وعلله بالشرح والتفصيل. 

نلحظ القصص القرآني أول ما نلحظه خبرا عاديا يصوّر حالة أو موقفا أو å iaa‏ 
فنرى صحف إبراهيم وموسى 9 إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى 4( 
ونلحظ حديث الجنود فرعون وثمود وما نزل بهم وبقوم عاد من المصائب à‏ ألم تر كيف فعل 
ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر 
بالواد * وفرعون ذي الأوتاد * الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم 
ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد 04 

وقد كان القصد الأولء أول عهد القرآن بالنزول» زلزلة المشركين وزع زعتهم من 
مواقف العناد. ومن هنا نرى القرآن يعني بالأقاصيص التي تبرز الحوادث بروزا قويا ويهممل 
ما عداها من عناصر القصة. ومن هنا أيضا نلحظ أن الرنين الصوتي كان له أثره القوي في 
تصوير هذه الأحداث وكان ما يُذكر في القصة ليس أسماء الرسل الذين أرسلوا وإنما أسماء 
الأقوام الذين نزلت بهم الكوارث وألمت بهم المصائب à‏ الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك ما 
الحاقة * كذبت ثمود وعاد بالقارعة * فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية * وأما عاد فأهلكوا بريح 
صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً فترى القوم فيها صرعى 
كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية 4 

وفي ذلك الوقت أيضا كان جدلهم عن نبوّة محمد عليه السلام واتهامهم له بالسحر أو 
الجنون وأنه كذاب أشر وأنه لا يتلقى الوحي من الله وأنه بشر مثلهم وكيف يتبعون واحدا منهم 
مع أن الرسول لا يكون من البشر بحال من الأحوال. ويمضي القصص 


.١5 ۱۸ سورة الأعلىء الآيتان‎ )١( 
.١5 5 سورة الفجرء الآيات‎ (Y) 
.۸ ١ سورة الحاقةء الآيات‎ (Y) 


ri 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


القرآني على طريقته من تصوير الأحداث والاستعانة بالرنين الصوتي في أسلوب مسجوع 
وتظل أسماء الرسل في الغالب مخفية وإن ظهرت ففي الحين بعد الحين. ويمئل هذا الطور 
قصص سورتي القمر والذاريات ‏ اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا 
ويقولوا سحر مستمر * وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر * ولقد جاءهم من الأنباء 
ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر * فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر * 
خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر * مهطعين إلى الداع يقول 
الكافرون هذا يوم عسر * كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا 
ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى 
الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان 
كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر 
فهل من مدكر * كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في 
يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد 
يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر * كذبت ثمود بالنذر * فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا 
إذاً لفي ضلال وسعر * أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غداً من 
الكذاب الأشر NG‏ | 

à‏ وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين * فتولى بركنه وقال ساحر أو 
مجنون * فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم * وفي عاد 4 أرسلنا عليهم الريح 
العقيم * وما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم * وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى 
حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون * فما استطاعوا من قيام وما 
كانوا منتصرين * وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوماً فاسقين * والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا 
لموسعون * والأرض فرشناها فنعم الماهدون * ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم 
تذكرون * ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين * ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إني لكم منه 
نذير مبين * كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا 
به بل هم قوم 


NAN سورة القمر, الآيات‎ )١( 


ve 


jhi‏ الفن القصصي 


طاغون * فتول عنهم فما أنت agla‏ * وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين NK‏ 

وبعد ذلك بقليل» حين تشتد الخصومة وبعد أن يقبل بعض الناس على الدخول في 
الدين canal‏ يدخل عنصر الحوار في القصة ويكون موضوعه موضوعات الدعوة الإسلامية 
من بعث ووحدانيةء كما يكون الدفاع عن النبي عليه الصلاة والسلام والقرآن الكريم. 

وإذا كان هناك حوار فلا بد من وجود أشخاص يقومون به Us ns‏ المسائل الوجهة 
التي يتطلّبها الدين الجديد. وهنا تظهر أسماء الرسلء ويقف القرآن من هذا العنصر عند هذه 
الأسماء حتى لكأنها ‏ كما قلنا سابقا — الرموز التي توجّه سير الحوار وتعيّن أغراضه 
ومراميه. 

وأطراف المحاورة هم الرسل وأقوامهم» كما هو الحال في قصص سورة الشعراءء 
كما قد يكون المستضعفين والمستكبرين» Jang‏ النوعين قصص سورة الأعراف D‏ وإلى عاد 
أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تقون * قال الملا الذين كفروا 
من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني 
رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين * أوعجبتم أن جاءكم 
ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في 
الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون * قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد 
آباؤنا فأتنا Las‏ تعدنا إن كنت من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب 
أتجادلونني في أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم 
من المنتظرين * فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا 
مؤمنين * وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من Al‏ غيره قد جاءتكم 
Ain‏ من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم 
عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها 
قصوراً 


)\( سورة الذاريات› الآيات NA‏ — 


vyr 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين * قال الملا الذين 
استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا 
إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون * فعقروا الناقفة 
وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة 
فأصبحوا في دارهم جائمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم 
ولكن لا تحبون الناصحين NK‏ 

وهنا نستطيع أن نسجّل هذه الظواهر: 

أولا ‏ تعدّدت العناصرء فأصبحنا نجد الموضوعات والأحداث والحوار والأشخاص» 
ولا يزال عنصر الأشخاص أقلها بروزآء حتى لقد كان القرآن يتخلى عنه في بعسض قصص 
هذه الفترة» كما هو الحال في بعض قصص سورتي إبراهيم والمؤمنين. 

Gi‏ بدأت هذه العناصر تتميز ويصبح لكل منها طابعه Gala)‏ فالأحداث الآن 
تنزل بالمستكبرين أو المكذبين لا بقوم عاد أو قوم ثمود عامةء كما هو الحال في قصص 
الطور السابق. والرسول هنا يحاور القوم ليقنعهم وليست سبيله التهديد والوعيد كما هو الحال 
في فى القصص السابق» بل الأسباب الموجبة للعبادة والاستجابة لرسول الواحد القهار الذي ينعم 
عليهم. وموضوعات الدعوة التي يكفر بها القوم هنا معلومةء وزاد عليها جديد هو تكذيبهم بما 
يتهددهم به من مصائب الدنيا وويلاتها. والبيئة التي يحيا فيها الأبطال واضحة كما هو الحال 
في قصة agé cale‏ يتخذون من السهول قصوراً وينحتون من الجبال بيوتاء ثم إن تقدم اح 
واضح» فقد استجاب لها قوم وإن يكونوا من الفقراء» ونفر منها آخرون وإن يكونوا من 
الاأغنياء المستكبرين» وقام بينهما حوار. 

Gé‏ — أخذ الأسلوب يبتعد عن السجع SUE‏ قليلاء فهو ة فى الشعراء يشبه أن يكون 


سجعاء وهو في غيرهاء كالأعراف» بدأ يسترسل ويقترب من الأسلوب القصصي الذي يشبه 
أساليب الأحاديث والتخاطب. 


NA to سورة الأعراف» الآيات‎ )١( 


Yrs 


hs‏ الفن القصصي 


رابعا ‏ يكاد قارئ القصة في هذا الطور يشعر بأن هناك شخصية مختفية el jy‏ هذه 
الأسماء المبهمة العامة» وأن الموضوعات التي يدور حولها الحوار هي الموضوعات التي 
تعنى بها هذه الشخصية. وذلك أمر سنشرحه في الفصل التالي عند حديثنا عن القصص 
ونفسية الرسول. 

بعد ذلك أو في أثنائه يألم النبي عليه السلام» ويحس بضيق شديد من جراء تلك العداوة 
التي قد تؤدي إلى التهديد بالنفي والإخراج من الأرض أو الاغتيال والتقتيل» وينزل القرآن 
ليصور هذه الأحوال ويذهب عن نفس النبي ما All‏ بها من ضيق» ويمئل هذا اللون من 
القصص قصص سور هود وطه والقصص والأنبياء ويوسف. 

ويلاحظ في هذا الطور أن الشخصية القصصية بدأت تتميز بعواطفها الخاصة 
وأحداثها التاريخيةء وأن البناء القصصي قد بدأ يتكامل» وأن الحوار قد استقر وظهرت آثاره 
الفنية لا في توضيح الفكرة فحسب» بل Las‏ تستثيره الأفكار من عواطف وانفعالات تؤثر في 
مجرى الأحداث وحياة الأشخاص. وأعتقد أن خير قصة يجب أن نقف عندها لنحتلهاء ونبيّن ما 
فيها من عناصر قصصية وظواهر فنية هي قصة يوسف. 

وقصة يوسف قصة إنسانية» تلعب فيها العواطف البشرية الدور الأول فتؤثر في سير 
الأشخاص وتوجههم نحو الخير أو نحو الشر في حياتهم» ثم هي قصة رحبة واسعة تتعدّد فيها 
الشخصيات وتتلون الأحداث» ويجري فيها الحوار هين لينا رقيقاء وتتوزع فيها العناصر 
التوزيع الذي يتطآبه الفن القصصي» فهي Ae ya‏ بمقدار» تظهر وتختفي حسب الفروف 
الطبيعية وحسب ما يحيط بالأبطال من أحداث. 

ثم هي» من حيث البناء القصصي» أجود قصة في القرآن. ولعله من أجل هذا Lie‏ 
القرآن من أحسن القصص حين قال: p‏ نحن نقص عليك أحسن القصص Lay‏ أوحينا إليك هذا 
القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين OS‏ 

تبدأ القصة بتمهيد هو رؤيا يوسف: D‏ إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت sai‏ 


Y ANI سورة يوسف»‎ )١( 


مم 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين * قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك 
فيكيدوا كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين * وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل 
الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق 
إن ربك عليم حكيم 14'). ونفهم نحن من هذا التمهيد ما سيدور في القصة من أحداث تلم 
بيوسف فنعلم أنه cal Ahu‏ ونعلم أن هذا الكيد لن يقضي عليه فسينجّيه ربه ويعلمه من تأويل 
الأحاديث ويتم نعمته عليه ويجعله Qui‏ كما أتمها على أبويه من قبل. 

والتمهيدات تظهر بكثرة في هذا الطور من القصص فنلحظها في قصة موسى في 
القصص: ‏ نتلو عليك من نبا موسى وفرعون Gall‏ لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في 
الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من 
المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم 
الوارثين * ونمكن لهم في الأرض وثري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا 
يحذرون 4. كما نلحظها في قصص عيسى في سورتي مريم وآل عمرانء والتمهيدات هنا 
قصص بأكملهاء فقصة يحيى أو زكريا في سورة مريم تمهد لقصة عيسى وتهيّئ لها الأذهان. 
وقصة مريم في سورة آل عمران توحي بقصة ولادة يحيى» وهي بدورها أيضا à gai‏ لقصة 
عيسى عليه السلام. 

Tag‏ القصة بعد هذا التمهيد في شكل مؤامرة لاغتيال يوسف أو التنكيل به يدفع إليها 
الحسد والغيرة» ونسمع حديث القوم حول الطريقة التي يريدون سلوكهاء ونراهم وهم يردّدون 
الأمر بين جانبين: جانب القتل» وجانب الإلقاء في «ail‏ ونفهم أن قد رجح Dad)‏ الاخير. ثم 
نلحظ الجريمة وقد بدأت تأخذ شكلها العملي» فهم يحتالون على أبيهم وهو يخشى أن يأكله 
الذئب وهم يؤكّدون له أن هذا لن يكون» وكيف يقع وهم عصبة وماذا يكون موقفهم لو أكله 
الذئب وهم غافلون إنهم T‏ لخاسرون. وأخيراً يمضون بأخيهم إلى dus‏ أرادوا ويجيئون أباهم 
عشاء وهم يبكون. 


.١ 5 سورة يوسفء الآيات‎ )١( 
e الآيات‎ < Yaa) سورة‎ (ï) 


var 


hs‏ الفن القصصي 


a,‏ هنا قوسا من ا ياك فن ار ار الل او ف كان خرف اة 
بين الخوف والاعتذار سذاجة في البناء القصصي تلائم طبيعة البداوة فيما أعتقد. 


ونلحظ بعد ذلك تلك السحابة الرقيقة من الحزن التي تغشى نفس يعقوب وتسمع حديثه 
إليهم وإيمانه القلبي بأن أنفسهم قد سوّلت لهم Tal‏ ونرى استسلامه للقدر فصبر جميل والله 
المستعان على ما يصفون. 

ثم نمضي مع يوسف حين يلتقط من الجب وحين يُشرى بثمن بخس فنترك أرض 
فلسطين إلى أرض مصر ونترك البادية إلى المدينة» ونستقر في بيت من أعظم بيوتها هو بيت 
العزيز» ونستمع إليه يوصي به Jya‏ لعله أن ينفعه أو يتخذه ولدا. وهنا نحس أن يد العناية قد 
لمسته فمكّنت له في الأرض وعلّمته من تأويل الأحاديث» ثم أخذت تدفع به إلى الأمام لينتصر 
على الكيد والحسد ويفوز على Ge‏ أرادوا التخأص منه لتستقيم لهم الأمور وتستقر في نفوسهم 
أسباب المودة والسعادة ويكونوا من بعده قوماً صالحين. 

وفي بيت العزيز تتعقد الأمورء فيكون الصراع بين العقل والعاطفة وينتصر العقل 
لدى يوسف الفاضل» وتحس المرأة بالهزيمة فيملأها ذلك حقدا وغيظاء ويبدأء بالنسبة إلى 
يوسف» كيد جديد وتتّهمه امرأة العزيز بأنه قد أراد بها السوء وأن جزاءه يجب أن يكون 
السجن أو العذاب الأليم. وهنا يدخل القصة عنصر جديد هو عنصر الكشف عن حقيقة 
الجريمة» ويستدل العزيز على أن فتاه لم يخنه من أن قميصه قد من دبر. 

وتتوالى الأحداث وهي طبيعية متساوقة إذ يسمع النسوة بالمدينة عن الحادث فيأخذنه. 
كما في عادتهن» بإكثار الحديث عنه»ء وتسمع امرأة العزيز Les‏ يدور حولها وتفگر في مخرج 
من هذا المأزق» فتهديها فطرتها إلى ذلك الاجتماع الذي ينقلب فيه العاذلات عواذرء إذ يؤخذن 
بجمال الفتى ويرين أنه ليس من البشر وأنه ليس إلا الملك الكريم. وتحس امرأة العزيز أن قد 
ملكت ناصية الموقف فيعاودها حرصها على إشباع رغبتها الجنسية وتعلن أمامهن أنها قد 
راودته عن نفسه فاستعصم» وأنه إن لم يفعل ما تأمره به ليسجنن وليكونا من الصاغرين. 
ويختار يوسف الفاضل السجن ويرى أنه أحب إليه مما يدعونه إليه ويخشى 


ضف 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


أنه إن لم ينصرف عنهم أن تتغلب فيه النزعات البشرية والعواطف الجنسية فيص بو إليهن 
ويفعل ما يفعله الجاهلون. وهنا تلمس يوسف يد العناية فتستجيب لدعائه وتصرف عنه كيد 
sel‏ 

وندخل مع يوسف السجن ونلحظ Le‏ أفادته العناية الإلهية» كما نلحظ Le‏ فيه من شعور 
ديني» فهو يعبّر الرؤيا لصاحبيه» وهو يدفعهم إلى التوحيد وعبادة الواحد القهارء وهو ينهاهم 
عن عبادة الأوثان» وهو يطلعهم على أن ذلك من فضل الله عليه. 

ثم Jess‏ الناجي من صاحبيه أمانة ويطلب إليه أن يذكره عند ربه وإن يكن الشيطان 
قد أنساه. ويعاود الحظ يوسف وتلمسه يد العناية حين يرى الملك رؤياه وحين يعجز الملا عن 
تعبير تلك الرؤياء إذ عند ذلك يذكر الناجي من صاحبي يوسف يوسف ويذهب إليه مستفتيا 
ويجيبه يوسف إلى ما طلب ويعبّر له الرؤيا ويدل على القصد من البقرات السمان والعجاف 
والسنبلات الخضر واليابسات. 


ويطلب الملك يوسف ويأبى هذا حتى يحقّق الملك مبتغاه وحتى يرسل إلى النسوة 
ويقف منهن على الحقيقة فيما كان من أمره مع امرأة العزيزء وتأتي هذه وتعلن أنها هي التي 
ay‏ ا ie de‏ 
الأرض ويستجيب الملك وينال يوسف مبتغاه. 

Asan de الي رر الذي‎ a) لك ار اهر اا‎ pains; 
تلحظه كما لحظنا من قبل أثر العنضر الجنسي في توجيه حياة يوسفه من الكيد له قي أشاء‎ 
مقامه في بيت العزيز إلى أن انتهى به ذلك الكيد إلى إلقائه في السجن حتى أنقذته يد العناية‎ 
وخرج من السجن بسبب رؤية الملك.‎ 

وتعود بنا القصة إلى بعض الذكريات السابقة فتجمع بين يوسف وإخوته مرة ثانية 
فيعرفهم وهم له منكرونء ويحتال عليهم حتى يأتوه بأخ لهم من أبيهم ويحتالون هم بدورهم 
على أبيهم ليرسل معهم ذلك الأخ» ويحتاط والدهم كما احتاط أولاء ولكن القدر الذي يوجّه 
القصة يدفعه إلى a‏ ويذهب الأخ إلى أرض مصر حيث يقيم يوسف. فأواه إليه وقال إني 
Pb Ci‏ 


YYA 


تطوّر الفن القصصي 


واحتال يوسف عليهم مرة ثانية حين des‏ السقاية في رحل أخيه وحين أن المؤدّن 
بأنهم سارقون» وحين سألهم عن جزاء السارق» فقد كان هذا الجزاء هو كل ما يطلب يوسف 
وما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله. ويحاول هؤلاء الإخوة دفع أحدهم مكان 
السارق ويأبى يوسف ويستعيذ بالله أن يكون من الظالمين ويرحل الإخوة ويبقى كبيرهم فلن 
يبرح الأرض حتى يأذن له أبوه أو يحكم الله. ويطلب إليهم أن يخبروا أباهم بكل ما حدث» 
وأن يدفعوه إلى السؤال عن صحة الحادثة بسؤاله أهل القرية التي كانوا فيهاء أو العير التي 
أقبلوا فيهاء وهنا تعاود الرجل أفكاره السابقة ويخبرهم بأن قد سولت لهم أنفسهم أمرا؛ ويستسلم 
للقدر كما استسلم له أولاً ويصبر ذلك الصبر الجميل الذي يحوطه الأمل بأن الله سيأتيه بهم 
حمبعاً. 


وتغشى الرجل سحابة حزن قاتمة حتى ليكاد أن يكون من الهالكين. وتطوف بنفسه 
خواطر ملهمة فيدفع أبناءه إلى الذهاب للتحسس من يوسف وأخيه ويطلب إليهم ألا ييأسوا من 
روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. ويذهب هؤلاء ويلتقون بيوسف للمرة 
الثالثة وهنا يعيد إلى أذهانهم ما ألم به من all Jis‏ والكيدء ويسألهم عن فعلتهم إلتي فعلوها 
وهم جاهلون. ويعرف القوم الحقيقة ويسألونه عن نفسه فيقدّم لهم نفسه olal g‏ وينبئهم بأن ذلك 
جزاء الصبر والتقوى وأن الله لا يضيع أجر المحسنين ويعترفون بالخطيئة ويعترفون له 
بالفضل وإيثار الله له عليهم. ويحس يوسف بما في أنفسهم من إحساس باللوم والتعنيف فيخقف 
و «pelle cu‏ البو و pel‏ 5 08 عم کن 

ويعود الإخوة بقميص يوسف ويلقونه على وجه أبيهم فيرتد إليه البصر ويقبل الأب 
والأبناء ويستقبلهم يوسف استقبال الابن البار والأخ العطوف ويفيض الحنان من قلبه» وتجري 
عبارات الشكر على لسانه ویذگر أباه بما كان din‏ وبينه من حديث ( فلما دخلوا على يوسف 
آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين * ورفع أبويه على العرش وخروا له 
سجداً وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي إذ أخرجني 
من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي 


۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم 4("). 

فأنت ترى هذه القصة بُنيت بناء محكما من حيث فن البناء القصصى. ففيها وحدة 
الموضوع» وإحكام التصميم وفيها جودة الحبكة» وفيها الإنفتاح بالحوادث الاستطرادية. 

نض تونق هن اخس الركسية القن Ja‏ حولها الكو اذك ها قرو فين 
الشخصيات فتظهر وتختفي كلما دعت الحوادث. فيظهر الإخوة في أرض فلسطين حيث كان 
يقيم معهم ويختفون dus‏ رحل. وتظهر السيارة كوسيلة لانتقال يوسف من البدو إلى الحمضر. 
ويمضون إلى غير رجعة حين باعوه للعزيز. ويظهر العزيز وامرأته وواحد من أهلها ونسوة 
المدينة» كل يؤدي دوره المنوط به حين يكون مسرح الحوادث بيت العزيز. ثم يختفون حين 
ينقل يوسف إلى السجن. وهنا يظهر صاحباه ويتركه أحدهما إلى غير رجعة حين يصلبء 
ويعود إليه الثاني مرة ثانية حين يرى الملك رؤياه. ويظهر الملك على مسرح الحوادث حين 
نسمع رؤياه ويبقى حتى يسلم خزائن الأرض ليوسف بعد إذ يبرئه من دعواه» ويحضر النسوة 
ويظهر إخوة يوسف مرة ثانية ويبقون على المسرح حتى ينقلوا إلى مصر ومعهم أبوهم ومن 
فنا 

فأنت ترى أن الشخصية الرئيسية هى شخصية يوسف وأن الشخصيات الأخرى 
شخصيات ثانوية تظهر وتختفي حسب الخطوط أو حسب ما يؤدون من أدوار. وقد Lis‏ فيما 
مضي ضقن كن :هذه الات هداو ن و تة ja)‏ اء sal‏ 

والأحداث في هذه الشخصية أحداث عادية تقع لكل شخص وفي كل زمان ومكان 
فليس يبعد أن يرحل إسرائيلي من بلد إلى آخر وهو فقير معدم فتصير إليه مقاليد بيت المالء 
وليس يبعد أن تقع كل هذه الأحداث لشخص فيكون موقفه منها موقف يوسف حتى حادث 
المراودة» ولا تستغرب إلا حالة إلقاء القميص على وجه أبيه وارتداده بصيرآ فتلك قد تكون 
من خصائص الأنبياء. 


Yat 1۹ الآيتان‎ cou gs سورة‎ (\) 


WÉ. 


hs‏ الفن القصصي 


وأمكنة الأحداث هنا متميزة بعض التميّزء فهي حينا أرض فلسطين التي كان يسكنها 
يعقوب» وهي حينا أرض مصرء بيت العزيز أو السجن أو بيت المال. 

والآراء والأفكار عادية» وكذا ما كان يمضي بين الشخصيات من حوار. 

والانفعالات القوية والغرائز المؤئرة في مجرى الحوادث من الأمور التي تترك أثرها 
في كل لحظة من لحظاتنا في الحياةء فالحقد والحسد والحب أقوى العواطف والغرائز في 
القصة» وهي الأمور التي تلمس في كل مجتمع منذ خلق الله الأرض والسماء. 

وعنصر الرؤى هو الذي يجري قليلا مع الاتجاهات الدينية dus‏ تفر على Lei‏ 
الأمور القريبة من أمور الوحيء وإذآ فلا بد من أن تصدق وتقع في الحياة. وتفاوت Lhal‏ 
موجود واختلافها على يوسف واضح حتى لا يحتاج إلى تفسير أو إيضاح. 

وعلى كل فقصة يوسف من القصص الفني المحكم البناء. وقد اجتمعت فيها كل 
العناصر القصصية التي توزّعتها القصص المختلفة في القرآن. 

وأخيرآ نصل إلى الطور المدني ونحس أن القصة فيه قد بدأت تكون في الغالب 
معرض صور أو آراءء فلا مقدمات ولا نتائج» وإنما الأحداث تصوّر لتهز النفوس وتستثير 
العواطف» والآراء ثذكر لتأخذ مكانها من القلب وتستقر في طوايا الفؤاد. 

والقصة في هذا الطور Éi‏ أيضا الصراع القائم بين النبي عليه السلام وأهل US‏ 
ومن هنا كانت موضوعاتها دائرة في الغالب حول ما نزل باليهود من مكر وكيد وكيف سامهم 
فرعون سوء العذاب. 

كذلك كانت تدور حول عيسى وما دار حوله من جدل بين أهل الكتاب والنبي عليه 
السلام في قتله وصلبه» وأنه ابن أو ليس ابنا لله. وخير ما يمثل هذه الألوان من القصص قصة 
موسى عليه السلام في سورة البقرة وعيسى في سورة آل عمران. 

وقبل أن نختم هذا الفصل نذكر أننا نلاحظ وجود قصص في هذا الطور Joss‏ أحداثا 
لكنها لا تصورها بقصد استثارة الانفعالات والعواطف» خاصة تلك التي تخيف 


LEA 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


وترعب. وإنما التى تصور الأحداث وكأنها التجارب البشرية التى أخذت مكانها فى الحياة 
وكان. noël‏ هق استقران الفكرة فى 'النفومس» وإزالة ظلك A el‏ التي تحسها العقول. وأكثر Lo‏ 
كان يدور القصص في هذا الطور من تلك الناحية حول مسألة البعث وخير ما يمثله قصة 
إبراهيم والطير وقصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها وهما من قصص سورة 
البقرة» وسبق أن نقلناهما في غير هذا المكان. 


Yey 


الباب الرابع 











jte -‏ 
نفسية الرسول وقحص olal‏ 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


نفسية الرسول وقصص القران 


ومما تقدّم» ومن نصوص القرآن الصريحة نستطيع أن نسجّل بعض الحقائق لتكون 
العون والسند في الحديث عن نفسية الرسول عليه السلام. 

)١ )‏ وأول تلك الحقائق تلك الوحدة؛ أو ذلك التشابه التام القائم بين الأديان كلها في 
الكثير من عناصر الدعوات» لا سيما ذلك الجزء الخاص بالوحدانية ومحاربة الأوثان» أو 
بعبارة أعم في الجزء الخاص بالمعتقدات وذلك هو الآمر الواضح من قوله تعالى à‏ شرع لكم 
من الدين ما وصى به lagi‏ والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن 
أقيموا الدين ولا د حل بر ارون KA SS‏ 
ويهدي إليه من ينيب 4( 

(Y)‏ وثاني تلك الحقائق ق ذلك التشابه التام القوي بين حالة النبي عليه السلام وأحوال 
غيره من الرسل من حيث الاختيار والاصطفاء ونزول E‏ ل عد سه 
في كل أمة سبقت الإسلام» D‏ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ING‏ 


(Y)‏ وثالثها ذلك التشابه التام الواضح من عمومية النص في الآيات الكثيرة المصورة 
لمواقف الأمم المختلفة من رسلها العديدين. Ta‏ كن امال ادل D‏ 
ما يأتيهم من رسول إل كانوا به يستهزءون 4" l‏ ومن مثل قوله à‏ كذلك ما أتى الذين من 
قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا بل هم قوم طاغون 4( 


NY AN سورة الشورى›‎ (\) 

Nt سورة فاطرء الآية‎ (ï) 

Yoe AN) » سورة يس‎ (Y) 

)£( سورة الذاريات› الآيتان JON oy‏ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


إلى غيرها من الأشياء التي سجّلناها في حديثنا عن المعاني الاجتماعية في القصص 
القراني. 

ومعنى ما تقدّم أن الجو القصصي الذي يمثل هذه الحقائق يمثل إلى جانبها نفسية كل 
رسول في كل عصر من dus‏ الجانب الفكري الواضح مما يدعو إليه من أراء ومعتقدات» كما 
يمثليا ue Ge‏ الجانبه الاجتماغي من :وجرد القادة JEN‏ أو الزسل: و العظماء: 


ومحمد عليه السلام لم يكن إلا واحدا من هؤلاءء وإذآ فهذا الجو الفكري والاجتماعي 
في القصص القرآني يمئله كما diy‏ غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام. 

وإذا تركنا هذا الجانب الذي توجد فيه الوحدة» ويقوم فيه التشابه بين الدعوات والرسل 
إلى غيره من الجوانب التي لا تقوم فيها أو عليها هذه الأشياء التفت ذهننا إلى أمر آخر هو 
السبب الذي من أجله اختيرت أحداث بعينها من حياة بعض الرسل في القصص القرآني دون 
اداه والقران A‏ ب علي هذه الأسياب حين يقول :9 وكا نقص عليك من ابام الرسكل 
ما ذ تبك به delas di‏ تفن هذه الح .. 4 وحين يقول ا فاقصص القصص لعلهم 
يتفكرون 4 l‏ وحين يقول ‏ نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا 
القرآن... AU‏ 

ومعنى كل هذا أن اختيار أحداث بعينها من تاريخ هؤلاء الرسل أو قصصهم كان 
مقصوداء وأن هذا القصد لم يكن إلا التنفيس والإفاضة عن النبي عليه السلام والمسلمين وإلا 
خدمة الدعوة الإسلامية. وإذا فالقصص القرآني من هذا الجانب الذي تتفاوت فيه حيوات 
الرسل ويمضي فيه كل منهم إلى نوع من الأحداث تلائم ظروفه وتتفق وطبيعة الدعوة وأحوال 
البيئة Jas‏ نفسية النبي عليه السلام من حيث أنها العامل الأول في الاختيار. 


.٠٠١ سورة هودء الآية‎ )١( 
AYT سورة الأعراف» الآية‎ (Y) 
سورة يوسف»› الآية‎ (Y) 


"45 


نفسية الرسول وقصص الق رآن 


غير أننا يجب أن نأخذ حذرنا ونحتاط وأن نتذكر ما قلناه سابقاً من أن الفروق المميزة 
لشخصيات الرسل في القرآن تقوم أول ما تقوم على هذه الأحداث المعروضة لكل واحد من 
هؤلاء. فتقوم متلا على حادثة إلقاء إبراهيم في النار أو إلتقام الحوت ليونسء أو إبراء الأكمه 
والأبرص وإحياء الموتى بالنسبة لعيسى عليه السلام كما تقوم على فرق البحر بالنسبة لموسى 
وحادث الطوفان بالنسبة لنوح والناقة بالنسبة لصالح ومعنى ذلك Laj‏ أنه يجب علينا أن 
نعي هذا القصص القرآني من تلك الوقائع الخاصة إذا أردنا أن تبقى لنا الوقائع العامة التي 
قد تتكرّر في أكثر من قصة ولأكثر من مناسبة لأنها التي اختيرت أكثر من مرة» ومن هذا 
الباقي نستطيع أن نلمس صورة تلك النفسية التي عقدنا من أجلها لهذا الفصل وهي نفسية محمد 
عليه السلام» ولكن ليس معنى هذا أن تلك الوقائع الخاصة لا قيمة لها فذلك أمر لا أستطيع 
القول بهء ذلك لأني لا أستطيع أن أنكر قيمة هذه الأحداث من dus‏ عملية الإفاضة أو الإيحاءء 
ثم هي تدل على ما كان يعانيه الواحد من الرسل من ألم أو شقاء. لكن هذه القيمة تقف عند 
هذه الدلالة وعند عرض الصورة التي قد تسري عن نفس النبي عليه السلام ولا تعدوها إلى 
ما يجري خلفها من آراء وأفكار أو عواطف وانفعالات تستفيد منها في هذا الميدان بالذات. 

والذي نستطيع أن نلحظه بعد عمليات التعرية هذه» وبعد استبعاد الأجزاء العامة التي 
تمل نفسية كل رسول لما فيها من وحدة أو تشابه تام هو ما يأتي: 

أو لا — نلحظ أن بعض عناصر الدعوة الإسلامية قد توزّعته القصص المختلفة فشت 
e a‏ ومضى غيره إلى dal Re dada des‏ دون 
e‏ وتلحظ أن قصبة لوط ف Jadi eaei‏ 
من العالمين. وسبق أن سجلنا بعضا من قصص لوط وشعيب فلا داعي لذكرها في هذا 
المكان. ونلحظ أن قصة صالح في النمل تصوّر فكرة اغتيال النبي محمد عليه السلام. قال الله 
تعالى à‏ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال 
يا قوم al‏ تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا 
بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون * وكان في 


Yev 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا بالله لنبيّتنه وأهله ثم 
لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * مكروا مكراً ومكرنا مكراً وهملا 
يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم LÍ‏ دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية 
بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون 4 ثم هي 
التي تتمشى مع هذه الآيات المصوّرة لنفسية النبي عليه السلام وأحواله مع قومه. قال تعالى 
à‏ وان كلاوا ليستفزولك. من ANT‏ لتخرجوك. متها ولا لا يلبثون A‏ إلا La > DE‏ 
Ge‏ قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لستتنا Sa gai‏ 4/ و كك Gi de‏ عسوي 
ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين 04 

ولعل من متمّمات هذه الصورة التي تؤذن بما كان في مكة من حرص على الانتقام 
والاغتيال والتي نعتقد أن قصة صالح تمثله أن نذكر هنا أطرافا من قصص موسى تلقي 
ضوءا على ما نحس أنه قد وقع في البيئة المكية في ذلك الزمان. 

وأول هذه الأطراف محاولة بعض الناس الدفاع die‏ وصرف الناس عن قتله واغتيالهء 
وتلك يمثلها جزء من قصة موسى في سورة غافر. قال تعالى ‏ وقال فرعون ذروني أقتل 
موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد * وقال موسى 
إني عذت بربي وربكم من كل متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب * وقال رجل مؤمن من آل 
فرعون يكتم إيمانه أتقتلون as‏ أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك 
كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي (ja‏ هو مسرف 
كذاب 4 à‏ وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد * يا قوم إنما هذه الحياة 
الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار * من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل 
صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب 


JON ° الآيات‎ chill سورة‎ (\) 
VV = ۷٦ سورة الإسراء الآيتان‎ (Y) 
Ye AN سورة الأنفال»‎ (Y) 

YA YT سورة غافرء الآيات‎ )٤( 


YÉN 


نفسية الرسول وقصص للق رآن 


* ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار * تدعونني لأكفر بالله وأشرك به 
ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار * لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة 
في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار * فستذكرون ما 
أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق 
بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل 
فرعون أشد العذاب 4 إذ ليس من شك عندي في أن الجزء الأخير يحمل في طياته 
خصائص من الدعوة الإسلامية فى مكة» خاصة الحديث عن عبادة الأوثان وعبادة ما ليس به 
ale‏ وعبادة Ce‏ [ ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة 4. 

وثاني هذه الأطراف ذلك الذي oela‏ يسعى ليخبره عن تلك المؤامرة التي تدبّر لقتله 
واغتياله إذ هي في هذا الوضع تشبه حال النبي عليه السلام وليس من شك في أن النبي قد علم 
بمؤامرة قتله واغتياله» وأنه من أجل هذا هاجر إلى ديار أخواله بنى النجار» هاجر إلى 
المدينة. وهذا الجزء من قصة موسى هو المذكور في سورة القصص. قال تعالى $ وجاء 
das‏ من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من 
الناصحين * فخرج منها خائفاً يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين 4. 

ونص القرآن صريح في أن النبي عليه السلام قد علم Le‏ يضمرون له من مكر وكيد. 
وذلك هو الواضح من الآيات التي ذكرناها هنا بعد قصة صالح فهي آيات مكية حتى الأخيرة 
الواردة في سورة الأنفال وهي من السورة المدنية إذ نص على أنها من الآيات المكية. 

(ls‏ فهذه القصص لصالح وموسى jani‏ هذه المؤامرة التي حيكت لاغتيال النبي عليه 
السلام وتكشف عما كان يدور في مكة بين الأعداء والأصدقاء وكيف عاونه منهم الآخرون 
بالعمل على إحباط هذه المؤامرة. 


JEN ۳۸ سورة غافرء الآيات‎ )١( 
NNGNG سورة القتصص› الآيتان‎ (ï) 


۳4۹ 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


أما الأمور التي تمضي في أكثر من قصة وإن تميّز بها رسول بالذات فهي من أمثال: 

)١(‏ عبادة غير الله وسواء في ذلك الكواكب والأوثان وعبادة الأرواح الخفية وأفراد 
من بني الإنسان» فهذه تمضي في أكثر من قصة وتكرّر في غير آية ولكن إبراهيم وحده يتميز 
من بين سائر الرسل بنفيه عبادة الكواكب وتحطيم الآلهة من الأصنام» وتتميز شخصيته كل 
التميّز في موقفه من عبادة الكواكب والقمر والشمس في سورة الأنعام» وتحطيم الآلهة في 
سورة الأنبياء. وهو في هذه المواقف يكاد يخفي شخصية غيره من الأنبياء. 

(Y)‏ يتكرّر عرض مواقف المستكبرين من الرسل والأنبياء أو من المستضعفين 
والفقراء ونجد آثارهم في قصص كل من شعيب وصالح مثلا. ولكن بطلين يكادان ينفردان 
بالموقف في هذا الميدان» أولهما إيليس في بعض قصص can‏ وثانيهما فرعون المتعالي 
الجبار. a DAN an vs‏ 
فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين NK‏ 

ثانيا ‏ وهذا الأمر هو الذي يعنينا أكثر من غيره في هذا الفصل من الكتاب وهو أن 
الشخصيات تتساوى فيما عدا ما تقدّم في تمثيل نفسية النبي عليه السلام. 

نلحظ الصورة المعروضة للواحد من الرسل فنحس لساعتنا كأنها صورة محمد عليه 
السلام وكأن الحوار القائم وكأن الأحداث البارزة هي التي تلم به أو تقع بينه وبين De‏ يدعوهم 
إلى الدين الجديد من مشركين وأهل كتاب. 
المراد فذلك أمر قد يكفي فيه المثال أو الشاهدء يستغني بهما عن كل شاهد ومثال ولذا سأختار 
إحدى الشخصيات أتتبّعها في جميع مراحلها وسنلحظ Gou‏ أن هذه المراحل هي التي مرت 
بالدعوة الجديدة وبنبي الإسلام. 


ولن أختار موسى وإبراهيم فقد تحدّث الناس كثيرا عما بينهما وبين النبي عليه السلام 


AY AYI سورة يونس»‎ )١( 


نفسية الرسول وقصص الق رآن 


من صلات» وإنما سأعمد إلى شخصية أخرى أعتقد أنها شخصية فذة فريدة في هذا المقام. 
سأختار SL‏ شخصية نوح وأعتقد st‏ ستطالبني بد بتعليل هذا الاختيار. 


ولقد كان من الممكن أن أصبر عليك أو أطلب منك الصبر حتى أعرض عليك 
الصورة النفسية لنوح» ثم أدلك على وجه الموافقة أو التشابه التام بينها وبين نفسية نبيّنا عليهما 
السلام. ولكني لا أريد أن أفوت عليك قصدا رمى إليه القرآن. 

لنقرأ سويا هذه الآيات من القرآن: يقول الله تعالى: ‏ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى 
نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى 
وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورآ NG‏ ويقول تعالى: > شرع لكم من 
الدين ما وصى به langi‏ والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا 
الدين ولا ن A à ee‏ باه Ca‏ 
إليه ca‏ ينيب NK‏ 


وو لسكاءترى أن en où‏ الشيحضية: الذي A)‏ القران أن Les oies‏ وبين ای محمد 
صلات؟ وأفلا 3 تعتقد أن ذلك هو الأمر المتوقع ما دمنا نعتقد أن نوحا هو الأب الثاني للبشرية» 
وما دام القرآن يرمي إلى أنه لا فضل لقوم على قوم ولا رعاية icha‏ دون أخرى من حيث 
النبوة والرسالة وإيتاء الحكمة وإنزال الكتاب ف D‏ الله يجتبي إليه مَن يشاء ويهدي إليه من 
ينيب 4. 

ونبدأ فنقرأ قصص نو ح على أساس هذه المجموعات: 

المجموعة الأولى: قصص القمر ونوح والشعراء والأعراف ويونس والمؤمنون وهي 
القصص التي تمثل بدء الدعوة» كما تصوّر موقف المكذبين» وهي القصص التي غلب عليها 
التخويف أو شرح مبادئ الدعوة» وما يتبع كل ذلك من حوار وتصوير أحداث. 

المجموعة الثانية: قصص هود والصافات والأنبياء» وهي القصص التي تمل القلق 
النفسي والاتجاه إلى المولى القدير» والقصص الذي يقصد به إلى التنفيس والتطهير. 


NANI سورة النساءء‎ )١( 
NY سورة الشورى› الآية‎ (Y) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


LÍ‏ المجموعة الثانية فنستطيع الإعراض عنها لأنها من الأمور العامة التي يجمع 
القرآن في الحديث عنها بين نوح وبين غيره من الأنبياء. 

ونعود إلى المجموعة الأولى فنقول قال الله تعالى في سورة القمر p‏ كذبت قبلهم قوم 
نوح فكذبوا Use‏ وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا اواب 
السماء بماء منهمر. Ng.‏ '. وذلك بعينه هو الذي حدث من قوم محمد عليه السلام. ولعل هذه 
القصة لا توضح الوضوح الكافي صورة محمد عليه السلام من الجانب النفسي» ولذلك ننتقل 
على غيرهاء وهي قصة نوح في سورة نوح. ولن أنقل إليك هذه القصة»ء فقد سبق أن وضعتها 
بين يديك فيما مضى ولذا سأكتفي بلفت الذهن إلى هذه الأشياء: 

)0 الدعوة في السر والعلن وفي الليل والنهار وتصوير موقف المعارضة من الدعوة 
إذ هو بعينه موقف النبي عليه السلام à‏ قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهاراً * فلم يزدهم 
دعائي إلا فراراً * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا RP ka‏ وا ستغشوا ثيابهم 
ا ل لا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم 
إسرارا OÙ‏ 

(ب) إن عوامل الترغيب في الدخول في الدعوة هي بعينها تلك العوامل التي صوّرها 
a pr 0‏ ا ل ا D‏ 
الجزيرة. قال تعالى ‏ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * 
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً * ما لكم لا ترجون لله وقاراً * 
وقد خلقكم .اطوارا * الم ترواكيفا بخلق الله qu‏ سماؤات:طباقا * dass‏ القمر فيهن Lo‏ 
وجعل الشمس سراجاً * والله أنبتكم من الأرض Gi‏ * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا * 
ونه جا لكم ga A‏ وا ا متها بياذ جلها FL‏ 

(ج) موقف المعارضة هو هو بعينه إذ يطلبون إليه البقاء على دين الآباء والأجدادء 


١١ 1 سورة القمرء الآيات‎ )١( 
AT © سورة نوح» الآيات‎ (Y) 
YA aa نفس السورةء الآيات‎ (Y) 


نفسية الرسول وقصص للق رآن 


دين الوثنية» ويذكرون الأصنام العربية بأسمائها. والمعارضون هم الأغنياء الذين ينفقون 
أموالهم لصد الناس عن سبيل الله وإتباع الدين الجديد . قال تعالى: لإ قال نوح رب إنهم 
عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً * ومكروا مكراً كباراً * وقالوا لا تذرن 
ا St Nr‏ * وقد أضلوا كثيراً Yy‏ تزد 
الظالمين إلا ضلالا Ng‏ 


(د) الأمر من حيث النفسية يجري بين الضيق بالقوم والاستسلام لله وهو بعينه الذي 
يلحظ عند النبي عليه السلام؛ ونتبيّن هذا الضيق من الدعاء agile‏ بقوله: « وقال نوح رب 
لا تذر على الأرض من الكافرين ديار * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إ9 فاجراً 
(ous‏ ا ali de aj‏ #رب إني دعوت قومي. Ng.‏ أ رب إنهم 
عصوني... Ig‏ الإرب اغفر لي ولوالدي als‏ دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا 
تزد الظالمين إل تبار؟ Og‏ 

ونمضي بعد هذه القصة إلى قصص نوح في سورتي المؤمنين والأعراف فنلحظ 
نفسية النبي عليه السلام هي الواضحةء كما نلحظ أنا لا نزال في الطور الأول من أطوار 
الدعوة الإسلامية. يقول الله تعالى في سورة الأعراف: p‏ لقد أرسلنا La gi‏ إلى قومه فقال يا 
قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملأ من قومه 
إنا لنراك في ضلال مبين * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * 
أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من 
ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون * فكذبوه فأنجينا والذين معه في الفلك 
وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قومآ عمين 4. ويقول في سورة المؤمنين 


VEN) الآيات‎ TA سورة‎ )١( 
NV 5 نفس السورة الآيتان‎ (Y) 
الآية فم‎ & soul )انف‎ 

)£( نفس السورة الآية .7١‏ 

)0( نفس السورة» الآية YA‏ 

(0 


or 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


à‏ ولقد أرسلنا La gi‏ إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره j‏ تتقون * فقال 
الملأ الذين كفروا من قومه La‏ هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل 
ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربّصوا به حتى حين * 
قال رب انصرني Les‏ كذبون NG‏ 


فنحن نلحظ من هاتين القصتين أن عناصرهما تصور الحياة العربية المعاصرة للنبي 
عليه السلام ونزول القرآن. فهم يرونه في ضلال ويرون به جنة ويعتقدون أن لو شاء الله 
لانزل ملكا فما سمعوا من قبل Gb‏ الرسول يكون من البشر وليست المسألة إلا أنه واحد منهم 
يريد أن يتفضل عليهم. وكل هذه الأشياء هي التي حدثت في البيئة العربية بين الععرب وبين 
النبي عليه السلام: 


والذي يصح أن نلفت إليه الذهن في هذا المقام هو أن الضيق بالرسول قد بدأ يمستقر 
في نفس الجماعة» وأن الرغبة في التخأص منه قد أفصحت عن نفسها ولكنها رغبة لينة لم 
تستكمل عناصر القوة بعد» ولذا فهي تكتفي Gan jih‏ وليس ذلك إلا ما ذكره القرآن عن Lis‏ 
عليه السلام. قال الله تعالى ظ فذكر فما أنت بنعمة ريك بكاهن ولا مجنون * أم يقولون 
شاعر تتربّص به ريب المنون * قل تربّصوا فإني معكم من المتربّصين 4. 

وننتقل بعد ذلك إلى القصة في سورة يونس فنرى الضيق قد بدأ يشتد؛ والرغبة في 
التخأص منه قد أخذت تقوى» وهو لا يزال قوي العاطفة رابط الجأش يعتمد على ربه في 
الصغيرة والكبيرة من أمره. ثم هو في الوقت نفسه حريص عليهم شديد الرغبة في هدايتهم 
يظهر شيئا من الحنان نحوهم. يقول الله تعالى < واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن 
كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توکلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا 
يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون * فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري 
إل على الله وأمرت أن أكون من المسلمين OS‏ 


NAK سورة المؤمنونء الآيات‎ )١( 
.5١ ۹ سورة الطور. الآيات‎ (ïY) 
WY — V\ سورة يونس» الآيتان‎ (Y) 


نفسية الرسول وقصص لقرآن 


على أننا نلحظ هنا عناصر أخرى غير السابقة هي عدم سؤالهم الأجر ثم إعلانه لهم 
بأنه أمر أن يكون من المسلمين. وليس من شك عندي في أن هذه التفاتة من القرآن واضحة 
صريحة نحو الدعوة الإسلامية وأن إبراهيم قد جاء بعد نوح في الترتيب الزمني حتى في 
القرآن. 

ولم يبق من هذه المجموعة غير قصة نوح في سورة الشعراء» وهي تمثل عناصر 
مختلفة من الدعوة الإسلامية. يقول الله تعالى « كذبث قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم 
أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فائقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من 
أجر إن أجري إلا على رب العالمين * فاتقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك 
الأرذلون * قال وما علمي Las‏ كانوا يعملون * إن حسابهم إل على ربي لو تشعرون * وما 
آنا بطارد المؤمنين * إن آنا إل نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من 
المرجومين * قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومن معي من 
المؤمنين 4 . 

فهنا نلحظ غير ما تقدّم في القصص السابقة التهديد والوعيد وأنهم سيرجمونه إن لم 
ينته Lee‏ يقول أو عن دعوتهم للدين الجديد كما نلحظ عنصرآ آخر هو الحديث عن الأرذال» 
وعن أنهم العقبة الوحيدة في سبيل دخولهم إلى الدين الجديد» وأنهم من أجل ذلك يطلبون إليه 
أن يطردهم ولكن أنى له أن يبعد عنه الأنصار والأعوان» وليس من عمله إلا Li JANI‏ ما 
عدا ذلك من ثواب أو عقاب فأمر يملكه الواحد القهار. 

وأظنك لست في حاجة إلى أن أدلك على أن هذا الصنيع بعينه هو الذي كان من 
الأغنياء ومن مشركي قريشء وأنه الذي من أجله نزلت بعض آيات القرآن ‏ ولا تطرد الذين 
يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك 
عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين NG‏ 

وننتقل إلى قصص المجموعة الثانية» وهي القصص التي يراد بها إلى التنفيس فنجد 


NYA ٠٠١ سورة الشعراءء الآيات‎ )١( 
JON AN) سورة الأنعام»‎ (ïY) 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


قصة هودء وهي القصة التي سبقها الحديث عن الحالة النفسية للنبي عليه السلام وكيف كان 
يضيق صدرا بالمعارضة حتى ليهم بترك الدعوة من جراء die agina‏ من أنه يفتري على الله 
كذبا ويجيء بالقرآن يقول الله تعالى ‏ فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن 
يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل * أم 
يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا Ga‏ استطعتم من دون الله إن كنتم 
صادقين 4('. 

وهذه الأمور هي التي نلحظها في قصة نوح من هذه السورة» كما نلحظ إلى جانبها 
عناصر قصصية من القديم والجديد. يقول الله تعالى ‏ ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إني لكم 
نذير مبين * أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم * فقال الملا الذين كفروا 
من قومه La‏ نراك إلا بشرآ مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى 
لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وآتاني 
رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون * ويا قوم لا أسألكم عليه مالآ 
إن أجري إلا على الله وما آنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوماً 
تجهلون * ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا أقول لكم عندي 
خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله 
خيراً الله أعلم Las‏ في أنفسهم إني I‏ لمن الظالمين * قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا 
فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين * 
ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه 
ترجعون * أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون * وأوحي 
إلى نوح إنه لن يؤمن من قومك إلا Ce‏ قد آمن فلا تبتئس Lay‏ كانوا يفعلون... ويصنع الفلك 
وكلما ja‏ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما 
تسخرون * فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم... ونادى نوح 
ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه 
ليس من أهلك 


.٠١ ١١ سورة هودء الآيتان‎ )١( 


نفسية الرسول وقصص للق رآن 


إن حل حر عات Ka E A E A‏ 
رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين * 
تاروع ل يي يد رركت بطي a‏ م بيك E‏ وميم بيت 
عذاب أليم Ng‏ 

فهنا كما ترى بعد حذفنا للعنصر القصصي الخاص بأحداث الطوفان تجد العناصر 
القصصية الباقية تصور الحالة العربية في زمن النبي عليه السلام وموقفه منها. ونس تطيع أن 
نهمل شرح كونه نذيرآ وأنه بشر وأن الذين اثبعوه هم الأراذل» وأنه لن يطردهم» Os‏ أجره 
على cl‏ وأنه لا يطلب منهم مالا فتلك عناصر قد تكررت. وتبقى بعد ذلك أمور دالة» منها 
EE‏ > تلك التي عميت عليهم والتي لا يريد أن يلزمهم بها وهم كارهون. أليست هذه هي 
الحال المشابهة تماما لحال النبي عليه السلام حين طلبوا منه الآيات البيّنة على صدق الرسالة 
وصحة الدعوةء والتي كان يجيب القرآن عليها بمختلف الإجابات. ولقد كان من أوضح إجاباته 
تلك التي وردت في سورة العنكبوت من قوله تعالى D‏ وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل 
D aa ne Ass‏ عارك اكات يتلى عليهم إن 
في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون 14' '. ومنها أنه لا يدّعي أنه يملك خزائن الله أو يدعي 
علم الغيب أو يقول إنه ملك. ومنها ذلك التحدي القائم على تكذيبه ob‏ يأتيهم بالعذاب إن كان 
صادقا فيما يذهب إليه. ومنها مسألة الافتراء» وهي من غير شك التفاتة al‏ الأمور المعاصرة 
فما تعلم أن نوحا قد نزل عليه كتاب. ولعل هذا هو الذي دفع بعض المفسرين إلى القول بان 
هذه ANT‏ ليست من قصة نوح وأنها خاصة بمحمد عليه السلام. ومنها تلك السخرية التي 
يقومون بها حين يمرون عليه وهو يصنع الفلك. 

ونستطيع أن نضيف إلى الأمور السابقة موقف ابنه منه» وما كان من فرقة دينية 
بينهما كما نستطيع أن نضم إلى ذلك موقف زوجته منه فهي الأمور التي تمثل الوضع العربي» 
وإن متته على أنه القاعدة العامة أو الناموس النفسي الذي لا يتخّف. وقد أشرنا 


)١(‏ سورة هودء الآيات Yo‏ ل 
(ï)‏ سورة العنكبوتء الآيتان 5٠‏ ل ON‏ 


الفن القصصي في n aAA‏ 


A‏ هذه النصوص عند حديثنا عن الأسس النفسية والاجتماعية في الفصل الثاني من الباب 
الأول من هذا البحث. 

ويبقى بعد ذلك قصص الصافات والأنبياء» وهي جميعها تمثل الحديث عن النصر 
الذي يمن الله به على الأنبياء. وتلك أيضا قاعدة عامة» أو ناموس نفسي يحدث لكل نبي وفي 
كل زمان. 
كل هذا Y)‏ نفسية محمد عليه السلام. 

على أن Tal‏ آخر يبيّن الصلة بين هذا القصص ونفسية النبي عليه السلام هو أن النبي 
هو الذي كان يلقيه. وليس من شك في أنه كان يعبر بصوته عما يصوأره النص من معان» 
مراحلها وفي أعنف صورها وليس بنا من ناحية بعد ما تقدّم من شرح إلى إقامة أي دليل أو 
هان. 
USR‏ 


الخاتمك 





هذه هي رسالة الفن القصصي في القرآن الكريم» وهي رسالة تلقي بالقارئ إلى هدفين 
رئيسيين: الأول منهما درس أدبي أو بلاغي فني للقصة القرانية» وهو درس يكشف عن بعض 
أسرار الإعجازء AN‏ يبيّن لنا مذهب القرآن الكريم في بناء القصة» فيبيّن الألوان القصصية 
من تاريخية وتمثيلية وأسطورية» وكيف كان القدماء يفهمون كل لون ويفسّرونه» وإلى أين 
انتهى بهم هذا الفهم وهذا التفسير. ويبين أيضا طريقة القرآن الكريم في توزيع العناصر 
القصصية أي في هندسة القصةء وكيف كان هذا التوزيع للعناصر يتبع الظروف والمناسبات» 
ويتأثر إلى حد كبير بالدعوة الإسلامية في تدرجها وترقيها. ثم يبيّن مذهب القرآن الكريم في 
رسم الأشخاص وتصوير الأحداث وإقامة الحوار» وكيف كان Jess‏ العنصر الواحد من 
عن مذهب القرآن القصصيء وعن العوامل النفسية التي كان يقيم عليها القرآن أسس 
الاستهواء» وعن النواميس الاجتماعية التي كان يرد إليها القرآن السبب في قوة الدعوة 
الإسلامية وفي صحتها وسلامتها. 

Lol‏ الهدف الثاني فقد كان الانتهاء من هذا الدرس إلى قاعدة أو نظرية jai‏ لنا مواقف 
الكفرة والمشركين من القصص القرآني» وتحل لنا هذه المشكلات الكثيرة التي وقف 


الفن القصصي في القرآن الكريم 


عندها المفسّرونء ثم تعمد في النهاية إلى رد جميع الاعتراضات التي يتقدم بها المستشرقون 
والمبثترون» ومن لف لفهم أو نحا نحوهم من الزنادقة والملاحدة» وكل طاعن على النبيء أو 
في القران الكريم. 

وتفسير موقف المشركين يقوم على ذلك الأساس الذي قال به الرازي ثم النيسابوري 
عند تفسير كل ADU agia‏ الكريمة p‏ بل كذبوا Les‏ لم يحيطوا بعلمه alg‏ يأتهم تأويله Ng‏ 
من سورة يونس» وهو الأساس الذي يقول بان هؤلاء الكفرة قد نظروا من القصة إلى هيكلهاء 
ومن الحكاية إلى جسمهاء ولم ينظروا منها إلى الجوهر: إلى التوجيهات الدينية والخلقية وإلى 
الأسس النفسية والنواميس الاجتماعية. ولو أنهم نظروا هذه النظرة الأخيرة» لما وقفوا عند 
الأحداث والأخبار من حيث هي تاريخ؛ ولما دفعت بهم هذه الوقفة إلى القول بأن القرآن 
أساطير الأولين» ولما عارضوا القران حين عارضوه بالقصص التاريخي؛ قصص رستم 
واسفنديار وملوك الفرس» ولعرفوا في النهاية أن القصص القرآني لا يقصد إلا إلى التوجيهات 
الدينية والخلقية» وإلى تقرير الدعوة الإسلامية» وإقامة هذا التقرير على الأسس النفسية 

وحل مشكلات المفسّرين يقوم على ذلك المذهب الذي لفت الأستاذ الإمام إليه الذهن 
عند تفسيره لقصص آدم وهاروت وماروت من سورة البقرة» وهو المذهب الذي يقرر بأن 
كان المفسّرون يذهبون هذا المذهب في كثير من المواقف» وكانت المشكلات Jai‏ عندهم في 
هذا الأساس» ومن ذلك تفسيرهم لقصة داود والملكين من سورة صء وتفسيرهم لقول اليهود 
عن عيسى إنه رسول الله» وغير هذين مما سبق أن ذكرناه. 

أما الرد على الملاحدة والزنادقة» وعلى المستشرقين والمبشّرين فيقوم على أساس أن 
القرآن الكريم كان يقيم بناء القصة على ما يعتقده المخاطب» وعلى ما تتصوّره الجماعة من 


VA ANI سورة يونس»‎ )١( 


۳۹۰ 


الخاتمة 


مسائل التاريخ» وليس ذلك إلا لأنه يريد الهداية والإرشاد» ويقصد إلى À Ball‏ والعبرة ولا 
يقصد إلى تعليم التاريخ أو نشر وثائقه بحال من الأحوال. 

والمذهب الذي جرى عليه القرآن الكريم مذهب أدبي مقرّرء تعرفه جميع اللغات 
ويجري عليه العمل عند جميع الأدباء» ثم هو مذهب التفت إليه كثير من المفسرين» فقال به 
بعض القدماء ممَّن روى الطبري أقوالهم عند تفسيره لقصة أصحاب الكهف» وقال به الأستاذ 
الإمام عند حديثه عن قصة هاروت وماروت» وقال به علماء البلاغة من المسلمين حين اكتفوا 
باللزوم العرفي أي بالعرف والعادة» واعتقاد المخاطب في مسائل البيان» ولم يتطلبوا اللزوم 
العقلي أي الحق والواقع. 

ذلك هو مذهب القرآن القصصيء وهو مذهب يرد على هؤلاء جميعا اعتراضاتهم» 
ذلك لأنهم يبنون هذه الاعتراضات على أساس المخالفات التاريخيةء مخالفات القصص القرآني 
لما أثبته الكشف التاريخي وقال به المؤرخون من غير المسلمين» وهو بناء لا يستقيم مع هذا 
العرف الأدبي الذي ob JS‏ ذلك لأن الذي يعاب على القاصين هو المخالفة التاريخية الصادرة 
عن جهل بمسائل التاريخ وقضاياه. أما تلك التي تصدر عن مذهب أدبي هو تصوير اعتقاد 
المخاطب ليتّخذ وسيلة إلى ما وراءه فأمر لا يعاب» وبخاصة إذا كان هذا الكشف التاريخي قد 
جاء بعد قرون وقرون. إن المخالفات مع فرض تبوتها وإقامة الدليل عليهاء إنما هي مخالفات 
لما كانت تعرفه البيئة من تاريخ» وأمثال هذه المخالفات لا تضير القرآن في شيء» لأنه لم يدل 
على أنه قد قصد إلى التاريخ وإلى تعليمه للناس ونشر وثائقه بينهم. هذا هو رأيناء لك أن 
تخالف فيه ولك أن تقرهء وليس بيني وبينك إلا هذه الآية الكريمة: à‏ فل هذه سبيلي أدعو إلى 
الله على بَصيرة أنا es‏ اتَبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله. Og..‏ 


NAN AN) cou gs سورة‎ (\) 


ri 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 


الجزء الثاني 


الفنّ القصصيّ في القرآن الخريم 


عرض وتحليل 


خليل عبد الكريم 


© Muhammadanism.org — All Rights Reserved 


[Blank Page] 





عندما طلبت مني دار سينا مقدمة ل (الفن القصصي في القرآن الكريم) تردّدت كثيراً 
إذ شعرت بهيبة عميقة قالكتاب أولا يُعتبر من علامات الطريق في الفكر الإسلامي الحديث 
فمن بعد (في الشعر الجاهلي) لطه حسين و (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرزاق لم 
يُحدث مصنف تورة ولا أقول ضجة مثلما فعل (الفن القصصي) شارك فيها عدد من رموز 
الثقافة والسياسة. 

هذا من ناحية. 

ومن ناحية أخرى فإن الفكرة التي يتمحور عليها الكتاب فكرة ائسمت بالجرأة 
والأصالة معا. 

أما عن الأولى فالذي لا شك فيه أنها صدمت المؤمنين خاصتهم وعامتهم» الذين gah‏ | 
وشابوا على أن قصص القرآن حقائق تاريخية أو أنها تموضعت على أرض الواقع فإذا 
بالمؤلف ينحو منحى مغاير ويقول بوجهها الفني وأنه قصد بها تحقيق أغراض» وترتيب 
مجانياً ولم يرسله إرسالا بل بناه على منهج علمي صارم والتزم الموضوعية الرصينة وهذا 
في رأينا من أخطر البواعث التي حركت المناوئين والمعارضين لخلف الله فلو أنه طلع 


Yro 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


على الناس بفكرة هشة لم يدعمها بمنهج علمي محبوك أو حتى بمنهج فطير (غير ناضج) لما 
وفيرة وزادهم منهما كبير» يشهد على ذلك تاريخهم الفكري هذا إن صح تسمية ما يدلقونه من 
آراء فكراً. 

لو أن خلف الله قدّم ما قدّم في AUS‏ هذا الرائع المعجب بعبارات إنشائية وجمل 
خطابية لما شاهدنا خصومه في الرأي آنذاك» بل وحتى الآن يلفون حول أنفسهم ويكلمونها 
شأن المتغبّط المفروس... ولكن AN‏ قم الدليل إثر الدليل والحجة بعد الحجة والبرهان عقب 
البرهان مما ألقمهم حجرآ وراء حجر فقد فقدوا صوابهم وطاشت أحلامهم وخقّت عقولهم 
وسلكوا مسالك لا تليق. 

أما عن الصفة الأخرى وهي الأصالة فلقد أثبت خلف الله أن فكرته ليست مبتدعة وأن 
faae‏ من علماء اللغة أشار إليها وألمح إلى فحواها. ولكنهم توقفوا في أول الطريق elai‏ هو 
وأكمل المسيرة fs‏ الشوط Le‏ بطريقة تقطع بالأستاذية والتمكن والتعمّق والثراء الفكقري 
والخصوبة الثقافية. وهذا جميعه يجعل تقويم هذا المؤلّف (بفتح (OUI‏ للقارئ مهمة عسرة أشد 
ما يكون العسر ثقيلة أوعر ما يجيء الثقل» فادحة أوفر ما تغدو الفداحة. 

Li‏ عن الجانب الثالث أو الأخير: فهو المؤثف. 


الذي أثبت منذ (الفن القصصي) وهو رسالته للدكتوراه أنه Kia‏ عميق جمع من العلوم 
الإسلامية أشتاتا بمقدرة ومهارة وفي مقدّمها علوم اللغة وتفسير القرآن وتئضح إحاطته بهما 
إحاطة نادرة في كل صفحة من صفحاته. 

ولم تكن أطروحة (الفن القصصي) بالنسبة له هي بيضة الديك شأن سواه بل JE‏ 
يواصل العطاء أكثرء ومثل هذا المصتف (بكسر النون) من أصعب الأمور أن تتحدّث عنه ‏ 
دعك من أن توفيه حقّه من التقدير - ومما يضاعف الصعوبة أنه لم ينل ما هو جدير به من 
مكانه حتى بعد وفاته إلى رحمة الله ده تشرع أقلام في تقييم فكره أو عرض مؤلفاته ورفع 
الحجاب عما فيها من أصالة وجدّة معا ومما يؤسّف له أن من هم أقصر قامة من خلف 


Y 


مقدمة تحليلية 


الله نالوا أضعاف ما يستحقون» والذي لا شك فيه أن الغبار الذي أثير حول الرسالة كان له 
أثره الفعّال في الإحجام عن الكتابة عنه ومن العجيب أن يستمر عقوداً عديدة (حتى الآن 

ولعل هذا يعطينا Sul‏ على أن Gal‏ في منطقتنا ‏ كان ولا زال من (المحرًمات) 
التي يحظر الاقتراب منها أو معالجتها إلا بالطريقة التقليدية أو على الأقل الإتباعية أما 
الخوض فيه بموضوعية ومن منطلق منهج علمي فهذا ممنوع منعاً تاماء ولا يعني سلوك 
الطزيقة الموضوهية أن المنهج اللي تقد co‏ ك فيد مرا Aie‏ بات sales‏ 2 
J‏ لان يه انما يعني AU‏ في علو المتويعة من مان اة لما 33 عة il ui‏ 
وعرضه من وجهات نظر مباينة لما ساروا عليه» حتى ولو كان في ذلك كشف عن جوانب 
مضيئة للدين أو إبراز قسمات وسيمة له أو تقديم أدلة تؤكده وبراهين تؤثقه وحجج تدعمه كما 
فعل خلف الله في (الفن القصصي) إذ قدّم مرافعة علمية ممتازة تدحض ما يثيره بعض 
نؤوب إلى سياقة القول: 

إن الهدف الذي نتغياه من هذه المقّمة» ليس هو تقد تهييم خلف الله أو | إيضاح وزنه 
الفكري وتقله الثقافي. pp‏ ساي Pt‏ اك لج ار ET ab ag‏ 
منها (المقدّمة) إلقاء حزمة من الضوء وإذا شئنا الدقة Lana‏ منه على محتوى الرسالة... 
كه و سحت او ار كك حر اوور 
جوانبها والتمعن في خوافيها والأهم من ذلك كله هو: التبصُر في ما بين سطورها وقراءة 
المسكوت die‏ فيها ذلك أننا نرجّح - والعهدة علينا في ذلك - أن خلف الله كتب بين سطور 
db ue lol E‏ .. وسكت عن 
الكثير الكثير لأن الوقت لم يحن أيامها ولا حتى الآن وربما لنصف قرن قادم (وهذا منتهى 
التفاؤل). نقول سكت عن البوح به والإفصاح عنه ولكنه ترك للقارئ أن يدركه ويتفهّمه... 
بذكائه ولماحيّته. 


۳۹۷ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


يتكوّن (الفن القصصي في القرآن الكريم) من مقدّمة وتمهيد ثماربعة أبواب ينتهي 
بخاتمة شديدة القصر. 

ويبيّن من عرض محتوى الكتاب بمجرّد إلقاء نظرة عجلى على AA‏ مدى الجهد 
الذي بذله خلف الله فيه وإصراره على الإحاطة بالموضوع من أقطاره كافة ومدى الظلم الذي 
وقع عليه عندما قيل عنها إن أقل Le‏ تستحقه هو الرفض التامء الأمر الذي ترك على نفسيته 
ندوب واضحة بل جروحا عميقة غائرة ظلت تلازمه طوال kange yan‏ كل من قابله وقد 
لمست ذلك شخصيا عندما سعدت بلقائه بعد أكثر من ثلاثين Lle‏ 


— التمهيد 

في التمهيد كشف خلف الله النقاب عن: 

| الأسباب التي دفعته لاختيار (القصص الفني) موضوعا لرسالة الدكتوراه. 

ب — المنهج الذي سلكه في دراسته. 

عن الأسباب فقد ذكر أن لدروس أستاذه الشيخ أمين الخولي عن المنهج الأدبي في فهم 
القرآن وتفسيره كان لها القدح المعلى بالإضافة إلى تربيته الدينية التي أنشئ عليها وعوامل 
أخرى كلها هي التي وجّهته إلى اختيار das)‏ القرآن الكريم) مادة لرسالة الماجستير... ولما 
واصل بحثه وقراءته تبيّن له اعتماد القرآن على ذات ما اعتمد عليه أصحاب الدعوات من 
عوامل. واستقر في نفسه على أن ما ذهب إليه المفسّرون وأصحاب الفِرق الدينية المختلفة 
على غير أساس وأنهم لم يفهموا قصد القرآن من استعمال الألفاظ ومن ثم فهي قد أرادت أن 
تفرض آراءها ومعتقداتها هي على القرآن وضرب لذلك مثلاً على ذلك بما ela‏ في سورة 
(يس) فقد استخدمه أصحاب الفِرّق وعدد من المفسّرين على خلاف ما رمى إليه القرآن 
وجادلوا فيه جدالا عقيما بينما القرآن كان يهدف شرح ظاهرة اجتماعية تواجه كل دعوة La‏ 
بالرفض أو بالقبول. والقصد هو تصوير استعدادات النفوس تسرية عن النبي ‏ ص - وإزالة 
ما يعتوره منهم رغم الموقف المعاند أو التنفير من ذلك الموقف. 


۳1۸ 


مقدمة تحليلية 


ولاحظ أن موقف الفِرّق وبعض المفسّرين يرجح إلى الموقف الذي يصفه بالانحراف 
وهو دراسة القصص القرآني كما درس الوثائق التاريخية. 

في حين أن القرآن — برأي خلف الله لم يقصد إلى التاريخ من حيث هو تاريخ إلا 
في النادر الذي لا حكم له وبذلك يكونون قد عكسوا القضية وشغلوا أنفسهم عن المقاصد الحقة 
التي تغيّاها القرآن والجوانب الاجتماعية والدينية الهدف الرئيس من القص في القرآن. 

وهكذا بدأ المنهج الأدبي يستقر في نفس الباحث ومن ثم ازداد تعلقا بالقرآن وبالتالي 
Asi‏ ذهنه إلى القصص القرآني - حتى انتهى به الأمر إلى أن يصبح (الفن القصصي في 
القرآن الكريم) هو موضوع أطروحته التالية أي الدكتوراه. 
المتشابه وأن الملاحدة والمبشّرين والمستشرقين وجدوا فيه ثغرة للطعن على النبي والقرآن 
الكريم. 

وارجع ذلك إلى أنهم درسوا القصص القرآني دراسة وثائق التاريخ الأمر الذي دفعه 
إلى دراسته على منهج الأصوليين واللغويين والأدباء. 

is‏ أن المستشرقين عجزوا عن فهم أسلوب القرآن الكريم وطريقته في بناء القصة 
وتركيبها ووحدتها ومن ثم ذهبوا إلى أن القرآن أخطأ التاريخ وأرجعوا ذلك إلى أن بشرآ هو 
الذي كان يعلم محمدا وهو رأي سبقهم إليه مشركو مكة (وسجله القرآن في إحدى الآيات)... 

تلك هي العوامل التي دفعت خلف الله إلى الاختيار موضوعه. 


dés‏ أن نغادر الأسباب ونتطرق إلى المنهج نلاحظ أن بعضها ذاتي مثل نشأته في 
أسرة وبيئة دينية وتأثره بأستاذه الشيخ الخوليء بيد أن الذي يتعيّن علينا ألا نمر عليه مرور 
الكرام هو الأسباب الموضوعية منها وهو دراسة القصص القرآني دراسة أدبية تفاصل بينها 


۳۹ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


و fe S‏ يتلق JEN pan‏ ا cha‏ ا کان ر ESS‏ 
إذا قلنا إن هذا هو Ci‏ الرسالة وهو (خلف الله) بذلك يدحض قالة عدد من المفسّرين إن 
el‏ من aies DE‏ .هذا مده nt‏ الله يعلعه و طلم عليه اران قي 
العلم... كما يدفع عن القرآن شبهة Bas all‏ والمبشّرين والمستشرقين أن القرآن فيه تناقض 
وفيه مخالفة لما هو ثابت في وثائق التاريخ فيما يتعلق بما يرويه من قصص وانتهوا إلى أنه 
ابس مرا من السماء من عند ار ر( كان يعلد Rasa‏ اوغا اكت اف ى 

عجز المستشرقين عن فهم أسلوب القرآن. 

ولكن هذه المقالة من قبل خلف الله تثير مشكلة وهي: 


إذا كان المستشرقون (كان الأصح أن يقول؛ بعض المستشرقين) قد ذهبوا إلى ذلك 
لعجزهم عن فهم أسرار القرآن فإن مشركي مكة ذهبوا المذهب عينه ولم يدع أحد ولا يجرؤ 
أحد أن يدعي أنهم لم يفهموا أسرار القرآن. 

أما عن المنهج فهو يذكر أن الخطوات التي سار عليها إبان دراسته موضوعه جديدة 
وقديمة وليس في هذا تعارض أو تلاعب بالألفاظ. فهي جديدة من حيث أنها دراسة للقصص 
القرآني على أساس أدبي وقديمة لأنه استقاها من كتب المناهج أو من الواقع العملي لما يفعله 

رشك رف cad au‏ الخطؤة الكانية وهو يقن ان aise‏ في ذلك على 
نصحت الملكن ركان اسر ت ل أنه قال المضبحت الي اح رعو أنه يام وة 
ما سجله ‏ بقلمه أنه ليس بالترتيب التاريخي القويم ويعلل ذلك SE‏ (ولكن ليس في الإمكان 
أبدع مما كان) وهذه ذريعة إنشائية وليست موضوعية وفي اعتقادنا أنها تنبو عن الرسالة 
الخلمية و لذي تر 42% أن cils‏ الله وعد يذل هذا الخد المشكون à‏ الرسالة لمريكن sis‏ کے D‏ 
محاولات عديدة قام بها مستشرقون أكابر وأعلام لترتيب آيات القرآن وسوره وكان حريا 
بالباحث أن يلقي نظرة عليها. 


ا 


مقدمة تحليلية 


ونرجّح أن خلف الله قد غضً الطرف عنها لدافعين: 
الذي بدا واضحا من الصفحات الأولى من الرسالة» وهذا أمر كنا نأمل أن يربأ بنفسه عنه. 
سوف ثثير عليه الثائرات ولو أنه اعتمد في الترتيب التاريخي على ما ذهب إليه ذلك البعض 
من المستشرقين لأضاف إلى وقود النار kang Lha‏ ويزيدها اشتعالا. 

وردآ على اعتماد المؤلف على المصحف في الترتيب التاريخي نذكر ما ذهب إليه د. 
عبد الرحمان بدوي في أحدث كتبه الذي أنشأه باللغة الفرنسية ثم ثقل إلى اللسان العربي وهو 
آيات القرآن. 

Li‏ الخطوة الثالثة فهي فهم النصوص dus‏ أكّد الباحث على ضرورة التفرقة بين الفهم 
الحرفي والفهم الأدبي وعرف كلا من الفهمين. ولما كان هو ينحو منحى الفهم الأخير فهو 
يقرر أن هذا الصنيع في الفهم جديد بالنسبة لموضوعه وأن ما في القصص القرآني من 
ظواهر أدبية وفنية لم يدرس ولم يعرض بالصورة التي عرضها وهو محق في ذلك ومحق 
أيضا Lai‏ ذكره عن معاناته في ذلك. 

والخطوة الرابعة تحمل عنوان التقسيم والتبويب وفيها شرح الباحث الدوافع التي حثته 
على القيام بالتبويب الذي حملته الأطروحة. 

ويختم خلف الله خطواته بما أطلق عليه (الأصالة والتجديد)... ويصفها بأنها مسألة من 
أهم المسائل لدى دارسي حياة العلوم والفنون وكل من يبتغي laci‏ دقيقا عميقا للمسائل العلمية 
والأدبية... والذي أراه في هذه الخطوة أن الباحث عمد فيها إلى عبارات إنشائية أو أنه لم 
يوفها حقها من التوضيح وأيا كان الأمر فلا شك أن المنهج وخطواته US‏ من الرصانة بمكان 
وثيق إذ أنهما طرحا هذا الكتاب A‏ الذي لاقى فيه خلف الله jaw‏ | ومشةة قوبلا للأسف 
بالجحود والنكران... 


MAA 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الباب الأول: المعاني والقيّم التاريخية والاجتماعية والخلقية والدينية. 

بدأه بالفصل الأول وخصّصه للمعاني التاريخية وفيه يفصح خلف الله عن أن الهدف 
هو البحث عن قيمة الأحداث القصصية في المجالات التاريخية ويطرح تساؤلاً مهماً: هل هي 
من الوقائع التاريخية أو من الأحداث القصصية التي لم يقصد منها إلى التاريخ؟ 

ويخبرنا أن لهذه المسألة جذرا تاريخيا يرجع إلى ما قبل البعثة المحمدية بقليل وهو 
المقياس اليهودي في التفرقة بين النبي والمتنبّي فالأول يعلم الغيب ومنه أخبار السابقين من 
رسل وأنبياء... وضرب مثلا لذلك وهو إرسال قريش اثنين من رجالها لأحبار يهود ليسألاهم 
عن محمد فطلبوا منهم أن يسألاه عن ثلاثة أشياء وهي التي وردت في سورة الكهف = 
أصحاب الكهف» ذي القرنين» والروح - فإن أجاب عنها فهو نبي وإلا فهو متقول ويرى 
الباحث أن القرآن A,‏ اعتمدا هذا المقياس في الإيحاء بنبوّة محمد وصيدق رسالته واستدل 
على ذلك بما جاء في سور آل عمران ويوسف والقصص. 

وطلب الالتفات إلى أن القرآن حين فعل ذلك (أي العلم بهذه الأخبار من علامات 
النبوّة) أضاف إليها شرطا آخر هو أن تكون مطابقة إما لما في الكتب السابقة أو لما يعرفه 
أهل الكتاب. والانتباه إلى هذا الملحظ ذو قيمة كبيرة كما سيبيّن فيما يأتي. 

بيد أن اعتماد القرآن على هذا المقياس خلف في الجو الإسلامي سواء في عصر النبوة 
أو ما تلاه رأيين: 

أولهما: هو أن الوقوف على هذه الأخبار لا يعسر على محمد فهو إما اكتتبها من كتب 
الأقدمين أو علّمه إياها بشر فهي إذن ليست وحيا ولا تدل على Foi‏ 

هذا هو رأي المشركين والكقار من أهل مكة الذين تمادوا فذهبوا إلى أبعد من هذا: 
وصفها أنها أساطير وأنهم يستطيعون الإتيان بها ولقد سجّل القرآن كل هذا في بعض آياته. 


Yyy 


مقدمة تحليلية 


ثم سار الملاحدة أو اليهود أو النصارى والمستشرقون أو المبشثرون في طريق الطعن 
في النبي - ص وفي القرآن الكريم. ساروا شوطا وذلك باتخاذ التاريخ مقياسا قاس به 
الأخبار وكثنف الحجاب عن مخالفة قصص القرآن للتاريخ الذي يعرفونه. وهذه الفقرة أو 
الفاصلة أو المقطع من أخطر المقاطع التي أوردها خلف الله في مؤلفه حتى الآن وهي التي 
تنضوي على الأمثال التي ضربت تأكيدآ لوجهة النظر تلك بداهة من منظور قائليها ‏ 
والتي las jf‏ عدد من سادة المفسّرين وهي بإيجاز شديد: 

Le —‏ جاء في القرآن أن عيسى تكلم في المهد ولم يثبت ذلك من قبل. 

- لم يكن في زمن فرعون موسى وزير يسمّى هامان ولا دليل عليه لدی Ge‏ سبق. 

لو كانت بلقيس موجودة وقت سليمان لما خفي عليه أمرها ولما انتظر هدهداً يخبره 
بشأنها. 

— أن مريم ليست أخت هارون L)‏ أخت هارون) وأن بينهما قرونا عديدة (تزيد المدة 

هذه الأمثال وغيرها كثير ساقها المبشّرون والملاحدة لإثبات أن fi ass‏ هو مؤلف 
القرآن وليس وحيا من عند الله ويؤكّد خلف الله أن المسلمين أو بعبارة أدق العقل الإسلامي هو 
الذي أعطاهم الفرصة لهذه المطاعن كيف؟ 

لأن العقل الإسلامي فهم قصص القرآن على أساس من التاريخ ولو فهمه على أساس 
من الفهم الأدبي... أو البياني البلاغي “Lal‏ الملاحدة على وجوههم aele ahis‏ طريق القدح 
والطعن في القران ومحمد. 

ثانيهما: أي ثاني الرأيين هو رأي المسلمين الذين يؤمنون بهذا المقياس ويعتقدون 
بصحّته ويذهبون على أن ورود هذه الأخبار في قصص القرآن iaa‏ دامغة على صحة نبوة 
محمد ورسالته لأنه أمّي لا يقرأ ولا يكتب ولم يُتلمذ على مَن قرأ في كتاب ولم يقرأ هو GGS‏ 


۳۷۳ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


واستتبع ذلك إقدام المفسسّرين على تفسير القرآن وفهمه عن ثقافة تاريخية لا ثقافة فنية 
أدبية... وكان من البديهي أن تنتصب في وجوههم عقبات كؤود وقفوا طويلا أمامها ولم 
ينقذهم منها إلا رجوعهم Gall‏ ويقصد به خلف الله فهم قصص القرآن على أسس البلاغة 
العربية والفن القصصي. 

dés‏ أن نتناول بإيجاز ما اتخذوه سبيلاً لذلك نشير إلى أن خلف الله ai‏ هذا الأساس 
(الأدبي واللغوي والبلاغي) ودعوته إليه أسدى خدمة جليلة للقرآن ومحمد ولكن مناوئيه لم 
يقدّروا له هذا الصنيع وليس Et‏ في حاجة إلى حل هو أن مبعث غض بهم وهذا أمر 
ضروري لجأ إليه القرآن ذاته — هو ذكر حجج المعارضين À ai,‏ المناوئين وبراهين 
المخاصمين فهم يرون أنه ما كان يحق له أن يذكر في رسالته: 

ان هامان لم يكن وزيرآ لفرعون موسى — وأن مريم ليست أخت هارون لأن بينهما 
ما يقرب من ألفي عام وأن عيسى لم يتكلم في المهد وأن سليمان وله ملك لا ينبغي لأحد 
من بعده ما كان له أن يجهل وجود بلقيس ومملكتها في حين اكتشفها هدهد على مسافة قريبة. 

والرد على ذلك أن إيراد هذه المطاعن لازم للرد عليها وإلا فكيف يتستى تنفيدها 
دونه. فضلاً عن أن الأقدمين أو السلف الصالحين ألفوا US‏ فى تنزيه القرآن عن المطاعن 
فعلوه وأكثر منه - ولقد تأكد لي من مقارنة كتب سيرة محمد التراثية بالحديثة أو المحدشة أن 
الأولى كانت تسم بالأمانة العلمية فذكرت وقائع السيرة بأكملها دون حذف أو تزويق بخلاف 
الأخيرة فإنها عمدت إلى الحذف والتزيين والبرقشة... وبداهة أن هذا منهج فسيد ومن ثم 
في رأينا أن مسلك الدكتور خلف الله في إبراز المطاعن سواء الخاصة بالأخطاء التاريخية أو 
التناقض والتعارض مما سوف يأتي بعد كان أحد أهم أسباب الثورة التي قوبلت بها الرسالةت 
ولا يهم أن يصرح الغاضبون بذلك وسوف يأتي الكثير فيما يلي ويستجد. 

نرجع بعد ذلك إلى عدد من المواقف التي وقف عندها المفسّرون ليصح فهمهم ويستقيم 
تفسيرهم لقصص القرآن. 


ان 


مقدمة تحليلية 


أولاها: الإشارات التاريخية 

هي مادة بناء القصص القرآني والتي تعمد القرآن إبهامها أو إبهام مقوّماتها التاريخية 
وقد فعل ذلك لأن أول من خوطب به (أهل مكة) كانوا يعرفون الثقافة التاريخية القابعة ca ils‏ 
أو لأنه هدف إلى أن يتّجه إلى بشر بعقولهم إلى ما فيها (القصص) من مواعظ وهداية وإنذار 
وبشير... الخ. ومن بين مقومات الإبهام وأبرزها: إبهام الزمان والمكان وما يميّز الأفخاص 
الفروض النظرية. 

ولوقفات المفسّرين عند هذه الإشارات ظواهر منها رضاهم وقناعاتهم بالأساس 
التاريخي دون سواه بل إنهم لشدة الفهم له أنكروا ما عداه ولو أن خلف الله يلحظ بوادر التفاتهم 
إلى المذهب الأدبي ويضرب أمثلة بالغة السرعة والإيجاز مثل تفسير الزمخشري لنبأ الخصم 
الذين تسوروا المحراب وتفسير الطبري لقصة آدم في كل من سورتي البقرة وص. 

إن كل ما ذكرناه — مع تمستكهم بالأساس التاريخي ‏ لم يوصلهم إلا إلى متاهات ولا 
يرسل خلف الله كلامه على عواهنه بل يقدّم البراهين فعلى سبيل المثال لا الحصر: الذي مر 
على قرية.... تخبّطوا فمرة هو عزير وأخرى أرمياء أو الخضر وثالثة رجل كافر أو 
إسرائيلي أو من قوم لوط... الخ أما القرية فالتضارب بشأنها أشد فهي: بيت المقدس...أو قرية 

وكذلك في مسألة وسوسة إبليس لآدم هل دخل في جوف الحيّة أو في صورة دابة أو 
كان آدم يخرج إلى باب الجنة وإبليس يقترب منه فتتم الوسوسة. 

وهكذا فإن الأساس التاريخي أفضى إلى هذا التيه. 

وثانيها: التكرار 

0 ويعني تكرار القصة في عدة سور فقصص pol‏ ونوح ولوط وموسى وصالح وشعيب 

تكرر في مواطن من القرآن وضرب المؤلف أبرز الامثلة: قصة موسى فقد 


Vo 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


CL 


تختلف روايتها وتتباين أشكالها... 

إنما الذي ينجي من ذلك كله هو الفهم الأدبي البلاغي واختلاف المقصد من كل صورة 
لأن اختلاف المقاصد يؤدي إلى الاختلاف الصور. وترتيبا على ذلك فإن المقصد في قصة 
موسى وفي طه غيره في النمل وهكذا. 

وثالثها: المادة القصصية والحقيقة. 

يجيء في بعض القصص مقطع أو صورة تنافي الحقيقة المعروفة مثل غروب الشمس 
في عين حمئة وهي حقيقة طبيعية أو يصادم حقيقة تاريخية مثل بقاء الأصنام الخمسة: ود 
وسواع ويغوث ويعوق ونسر بعد طوفان نوح إذ العقل يحيل نقل نوح لها معه في سفينته 
المعروفة. 

ومثل قوله الله لعيسى ‏ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله 4 مع 
أن الثابت أن عيسى لم يقل ذلك ولم يحدث أن رسولا طلب من أتباعه تأليهه. 

ومثل وصف عيسى بأنه رسول الله على لسان اليهود كما حكاه القرآن في حين أنهم 
لو كانوا يؤمنون برسوليته لما ناصبوه العداء ولأصبحوا مسيحيين» ومثل قتال الملاتكة مع 
المسلمين في وقعة بدر الكبرى لان ملكا واحداً يكفي في dal Dal‏ الآرض أجمعين ولو كانوا 
أجساما كثيفة لرآهم المسلمون والكافرون وهذا ما لم يحدث وإن كانوا أجساما لطيفة فكيف 
ثبتوا على الخيول! 

من هذا كله استبيان للعقل الإسلامي أن هذه الأشياء — المنافية للحقائق الطبيعية أو 
التاريخية أو العقلية من المحال أن agt‏ على أنها الحق التاريخي أو الواقع. 

هنا أعاد العقل الإسلامي التفكير في عد هذه الأخبار من المعجزات ذلك أن بعضاً 
منها كان معروفا لعرب الجزيرة مثل أخبار عاد وثمود والبعض الآخر كانوا يسمعونه من 


NANI سورة المائدةء‎ )١( 


۳۷٦ 


مقدمة تحليلية 


أهل الكتاب die‏ أخبار موسى مع فرعون. إذن لا يجوز أن يكون العلم بها دليل شوت على 
نبوّة محمد ولا دليل إعجاز... وهنا ينتصب رد على هذا النفي أن محمداً لم يخالط مَن كانوا 
يعلمون تلك الأخبار مخالطة ت تمكّنه من معرفة aa)‏ يلات الدقبة à‏ الث | وردت عذ قحي 
القرآن... أي أن ذكرها دليل على النبوّة والإعجاز ولو أنه لا يصلح ردا على ما قال مشركو 
العرب بأن محمدا اكتتبها من كتب الأولين... التي لا بد أن تحوي التفصيلات الدقيقة وغير 
الدقيقة بيد أن اكتتاب محمد لها من تلك الكتب يهدمه أن محمداً كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب. 

فعاد العقل الإسلامي مرة أخرى وفگر أن الإعجاز ليس في الأخبار ولا في تفاصيلها 
بل في قوة التأثير وسحر البيان وفصاحة الألفاظ وجزالة القول وبلاغة السرد ومتانة التركيب 
ومن هنا كان التحدي بالإتيان بعشر سور مثلها أو حتى بسورة واحدة. 

ويرى خلف الله أن احتواء القصص على الأخبار مع ذلك أفاد TES‏ في الإيحاء بنبوّة 
النبي عليه السلام وعلى صيدق رسالته» لكن على أساس أن قوة هذا الإيحاء تقوم على الرأي 
الديني اليهودي والذي لا يلزم حتما أن تكون من التاريخ بل مما يعرفه اليهود أو العرب. 

تلك الوقفات إذن دفعت العقل الإسلامي لأن يسلم أن التاريخ في ذاته كان هدفاً 
ومقصدآ وغاية وأن التمسّك بهذا يشكّل خطرا على القرآن ومحمد معا بل إنه يمد الطريق 
أمام الناس للكفر بالقرآن كما كفروا بالتوراة. 

لذا نرى ie Fée‏ الرازي يقول (إن المقصود ليس هو نفس الحكاية بل أمور أخرى 
مغايرة لها). والنيسابوري يذهب إلى أنهم (مشركو مكة) لم يعرفوا المقصود منها أي من 
قصص القرآن فقالوا: أساطير الأولين وخفي عليهم أن الغرض منها بيان قدرة الله تعالى على 
التصرف في هذا العالم ونقل الأمم من العز إلى الذل... الخ. 
تاريخ ليست من مهمات الدين وإنما ينظر الدين من التاريخ إلى وجه العبرة. وهكذا بعد 


Yyy 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


طول مكابدة بدأ العقل الإسلامي يلتفت إلى أن المذهب التاريخي ليس هو الأساس ولاامن 
مقصود القرآن حين يقص أن يؤرخ أو يضبط وقائع لها أمكنة محددة وأزمنة معينة... ومن ثم 
فإنه قد GS‏ لخلف الله أن يقرّر أن العقل الإسلامي حينما انتهى إلى هذه المرحلة وصل إلى 
خير كثير ولكنه قطع في ذلك شوطا طويلاً وأيا كان العناء الذي كابده أو الوقت الذي أهدره 
فإنه حقّق العديد من الفوائد: 


١‏ - التحرر من الإسرائيليات والتخأص من الكثير من الفروض النظرية.... ونحن 
نختلف مع المؤلف فيما ذهب إليه عن التحرر من الإسرائيليات بل نراه غير صحيح فقد وقع 
في أسرها صحابة أكابر مثل عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبو هريرة 
وغيرهم... كما أن العديد من كتب التفسير محشوة بها. 

Y‏ لفت الانتباه إلى أن المعاني الدينية والاجتماعية من أهم مقاصد القصص 
الإتلامي. 


۳ لم يعد لازما الإيمان برأي معيّن بشأن الأخبار التاريخية الواردة في القصص 
القرآني إذ عم الاعتقاد أنها بهذه المثابة ليست دينا يتبع إنما الهدف منها ضرب الأمثال 
واستخراج العبّر واستنباط المواعظ - وأصبح من حق العقل إهمالها أو حتى إنكارها (باعتبار 
أنها تاريخ) وينهي خلف الله هذا الجزء (الأول) من الفصل الأول بأن القضية ما كانت لتحيل 
اللجاج والعناد وأن مبعث ذلك هو تجاهلهم لما بين التاريخ والأدب من علاقات ولصنيع الأدب 
حين يستغل التاريخ وهو يؤدي رسالته في الحياة. 

في الجزء الثاني من الفصل الأول (الأدب والتاريخ) تحدّث المؤلف عن صلة كل 
منهما بالأخر ولكن الذي يعنيه اعتماد القصة على التاريخ وحرية القصاص (الأصح أن يقال 
القاص والقصاص هو من يتتبّع الأثر أ.ه.) وميدانها وحدودها... وأفاض في علاقة التاريخ 
بالقصة وكيفية تصرف المبدع في الأحداث التاريخية والأشخاص والمواقف ومدى حريته في 
ذلك... 


ولكننا لاحظنا أنه عند ضرب الأمثلة fab‏ لمذهبه يذكر شكسبير وبرنارد شو 


YVA 


مقدمة تحليلية 


وشوقي وهؤلاء لم يكونوا قاصين أو قصاصين حسب تعبيره Lai‏ هم مسرحيون كما أورد اسم 
والتر سكوت وأنه من (القصاص الذين استغلوا التاريخ) ومعلوم أن سكوت هذا روائي وإذ أن 
والروائي والقاص... وأن يفرق بين الرواية والقصة والمسرحية... 

بعد ذلك العرض الجيد ‏ رغم ما فيه من هنات - ينتقل خلف الله إلى القصص 
القرآني ومدى انطباق تلك القواعد عليه خاصة في حرية التصرّف في الواقعة التاريخية: 
أحداثهاء شخوصهاء زمنهاء مكانها. وانتهى إلى القول أنه لن يقرّر ما في القرآن من قيّم إلا 
مذهب أدبي التزمه القرآن نفسه. هذا قول وجيه وبالتالي يلزمنا أن نبحث طريقة القرآن من 
واقعه العملي... ثم يتساءل هل وُجدت فيه تلك الحرية» حرية تصرف القاص في الأحداث 
والأشخاص والمواقف والأزمنة والأمكنة... أم التزم طريقة الصدق وتحرّي الحقيقة وحدها؟ 


ويجيب عن هذا السؤال بوجود ظاهرات كثيرة للحرية الفنية في قصص القرآن منها: 
— إهمال الزمان: والمكان من مقومات الخد التازيخي همال المكان هو أغلب: 
— اختيار بعض الأحداث دون البعض الآخر. 


— إغفال الترتيب الزمني أو الطبيعي عند إيراد أو تصوير الأحداث وضرب ل ذلك 
قصة لوط مع قومه بشأن الملائكة الذين زاروه فقد جاءت في سورة الحجر بصورة مغايرة 
Lac‏ تضمنته سورة هود. 

— إسناده بعض الأحداث لأناس بأعيانهم في بعض ثم إسنادها هي ذاتها لآخرين Je‏ 
قول ملأ قوم فرعون عن موسى إنه jalu‏ عظيم وفي سورة الشعراء ورد هذا القول aain‏ 
وفصه على لسان فرعونء وفي سورة هود البشرى بالغلام بعد العقم الطويل وجهت لسارة في 
حين أن إبراهيم نفسه الذي تلقى البشارة كما جاء في سورتي الحجر والذاريات. 


va 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


و غ محش کی ان اکن »و افد" خن JE‏ الف مكل مو قف لاله 
من موسى فقد جاء في سورة النمل بصورة وفي سورة القصص بهيئة مغايرة... 

وتصوير خوف موسى وانفجار الماء وانبجاسها وهكذا... 

وهذه وأمثالها دفعت المفسّرين إلى القول بأن القصص القرآني من المتشابه. 

— إضافة 'مواقف للقضة لم تحدث فيها حتى أندهت وتكاملت ففي:سياقة تضوير موسى 
واختياره إلى سبعين رجلا وذهابه إلى الله جاء ذكر الذين يتّبعون الرسول النبي الأهّي الذي 
يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وقول اليهود المنكرون لرسولية عيسى إنكارا مطلقاً 
أنهم قتلوا المسيح بن مريم رسول الله وبداهة هم لم يقولوا ذلك لأنهم لو اعترفوا به رسولا 
لآمنوا به واتّبعوه لا قتلوه» ومثل سؤال الله لعيسى Lac‏ إذا قال لأتباعه أن يؤلهوه من دون اللهء 
وما كان ينبغي أن يفعل ذلك رسول قبله ولو أقدم عليها لما استحق أن يكون رسولا. 

هذه بعض لا كل الظواهر التي تقطع بأن الحرية التي منحها القاصّين لأنفسهم إزاء 
الوقائع التاريخية قد وُجدت في القرآنء بل إنه قصد إليها قصدا. 

وقبل أن نمضي في عرض وجهة نظر خلف الله في هذه المسألة (علاقة الأدب 
بالتاريخ) وحرية القاص في التصرف في أحداث التاريخ وشخوصه وزمنه وأماكنه نضع تحت 
عيني القارئ الجرأة الفكرية التي put‏ بها خلف الله من بين AR‏ المحدثين فلم يسبقه أحد 
منهم في القول بهذه الصراحة في القصص القرآني مثل إسناد بعض الأحداث لشخص بعينه 
في سورة وإسنادها هي ذاتها لآخر في سورة أخرى أو تصوير موقف محدد في سورة ثم 
تصويره في سورة أخرى بهيئة مغايرة أو إيراد عبارات على لسان شخص في موقف ثم 
وشيع التتخصن 415 ف dut kd ad)‏ دون AAN À ga À jui‏ اراك مغايرة 3 Jan‏ 
معاينة. أو dea‏ شخص معين أو أشخاص كثيرين يقولون ما يستحيل Sie‏ ودينا أن يقولوه 
مثل نة التاليه لعيسى بل.ومظالية تبعة الكاذه ومعه cell kah‏ :وقول gadi‏ عن المسيح اة 
رسول الله وهم الذين كفروا به ورموه وأمه الصديقة بأبشع الصفات وأشنع النعوت. 


YA: 


مقدمة تحليلية 


لم يسبق أحد من المُحدثين خلف الله في هذه الجرأة ولعله قد راعى أنها رسالة جامعية 
وأطروحة أكاديمية حرية البحث والتعبير فيها مكفولة. بيد أن مما يؤسف أن العاصفة التي 
واكبتها والزوابع التي قابلت كتابي طه حسين وعلي عبد الرزاق أرعبت من ela‏ بعد ذلك من 
الباحثين وبذلك افتقدت جامعاتنا حرية البحث العلمي العمود الفقري لأي جامعة والتي بدونها 
لا يصح أن (aus‏ جامعة... كما خسرت مصر باحثا cael y‏ كان يُنتظر منه الكثير من العطاء 
الكثير العميق. 

لأمر ما كان فإن لسورة الكهف مكانة خاصة عند المؤلف فهو بعد أن ذكر الظواهر 
التي أوجزناها بعاليه فإنه يأخذ منها مثلين للتدليل على صحة هذه الظواهر التي كان له هو 
نفسه فضل اكتشافها أو التعرف إليها: 

المثل الأول: الفتية أصحاب الكهف فهو يرى أن القرآن أبهم عددهم وعدد السنين التي 
لبئوها وطلب من محمد أن يوكل ذلك كله إلى le‏ الله وحده. مع أن الله يعلم الأمرين: عدد 
الفتية وعدد السنين التي لبثوها ومكثوها. فلماذا فعل ذلك؟ أي لماذا ela‏ العددان مبهمين» مع 
أن هذه الواقعة إحدى ثلاث وقائع cos‏ بها أحبار يهود [lana‏ بعد لجوء صناديد قريش إليهم 
لمعرفة هل هو نبي يأتيه الوحي من السماء أو pie‏ متقول؟ 

في رأي المؤلف أن الإبهام كان مقصودا لأن اليهود أنفسهم كانوا مختلفين في عدد 
الفتية وعدد سني اللبث فإذا eta‏ القرآن وقص هذا الاختلاف فإنه إنما جاء مطابقا لرأي اليهود 
وبحسب المقياس اليهودي السابق ذكره يكون محمد نبياً رسو Y‏ (ولو ذكر القرآن العدد الحقيقي 
ERR TE‏ لت 
حمئة لأن القرآن بذلك يكون قد صوّر مسموعات القوم لا مبصراتهم أي ما سمعوه عن هذا 
الأمرء لا ما يشاهدونه كل يوم في الغروب ويميل الباحث إلى أن القرآن كان يقيم تشبيهاته 
واستعارته كما كانت تقيّمها العرب ويورد SUIS‏ على ذلك ما ela‏ في بعض 


FAN 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


كتب المفسسّرين Jia‏ وصف aleb‏ الجهنميين وشرابهم وتشبيه شجرة أصل الجحيم برؤوس 
الشياطين لاعتقاد الناس المعاصرين لمحمد أن الشياطين ذوو خلقة مشوّهة بعكس الملائكة فهم 
أصحاب هيئات حسينة قسيمة. TP‏ ا ال I‏ 
جاء القرآن وقال # لا يقومون إل كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من الممس OS‏ 
النشور من القبور. 

وهنا يتطق خلف الله لمسألة على قدر وفير من الخطر وهي اعتقاد الكفار أن محمداً 
من الكهان وأن الذي يطلعه على الغيب هم الشياطين وليس وحي السماء. 

عندما تطالع CES‏ السيرة f yaa)‏ وتحديدا التراثية) تجد أن aana‏ كان ينفر أشد 
النفور من الكهّان والكهانة ويصرّح في بدي أمره أنه لم يكره شيئا قدر كرهه لهما. وعندما 
a‏ ب (تجربة غار حراء) وذهب إلى خديجة يرجف فؤاده وتهتز بوادره كان مما قاله إنه 
يخشى أن يكون ما حدث له ضرب من الكهانة فستنفي له ذلك الطاهرة أم هند (زوجته) وتؤكّد 
له أنه نبي هذه الأمة. فإذا جاء المشركون بعد ذلك وإثر أن صدع بدعوته وأدرجوه ضمن 
الكهّان الذين يتولى الشياطين إبلاغهم أنباء الغيب وأخبار السماء توافرت الدواعي لتبيين 
سخافة استراق الشياطين السمع ونقل ما يتيسّر من أخبار سماوية يتداولها الملائكة في ما بينهم 
أي نقلها إلى الكهّان الذين يتظاهرون بمعرفة الغيب ثم من البديهي أن تتضاعف الدوافع بعد 
أن أعلن محمد للملا أنه نبي يُوحى إليه من السماء بيد أن المفسّرين كانوا حتى ذاك الوقت 
يعتنقون مذهب فهم القرآن وتفسيره على الأساس التاريخي أو الواقع العملي توقفوا مشدوهين 
dj. A} al‏ كيف أن هوا EN‏ الذي فن ذلك ثم شعيم شات تفت يوني لا 
يتعظون بمّن احترق agia‏ مرة أو عشر مرات فيكقوا عن استراق السمع. وإذا كان الجن من 
نار فكيف تحرقهم الشهب وهي من نار إذ من المعلوم أن النار لا تحرق النار بل تزيدها 
اشتعالاً وتوهُجا؟ 


كما أن الفلاسفة فسّروا الشهب تفسيراً علمياً وثبت أنها ليست مرسلة من 
)1( سورة البقرةء .YVo AN‏ 


YAY 


مقدمة تحليلية 


السماء. والملائكة وقد علموا أن الشياطين تسترق السمع مرة ومرات فلماذا لم يكقوا عن 
تداول الأخبار بينهم بالحديث ليفوّتوا على الشياطين غرضهم؟ وما دام قذف الشياطين بالشهب 
كان لحماية النبوّة فلماذا استمرّت الشهب بعد انتقال محمد للرفيق الأعلى راضياً مرضيا؟ 


وأخيرا: ألم يكن من السهل منع الشياطين من الصعود إلى السماء أصلاً بدلا من 
الانتظار حتى اقترابهم منها ثم رميهم بالشهب بعد ذلك. ويرى خلف الله أن القرآن قد اختار أن 
يحارب هذه العقيدة (استراق السمع والرمي بالشهب) بأسلوبه الخاص القائم على فكرة التدرّج 
كما حدث في محاربة الخمر كما أن القرآن يأخذ الناس بتصوراتهم وأنه سكم بهذه العقيدة 
ليهدمها بالتدريج. 

ونحن لا نوافق المؤلف في هذه الخصوصية ولا نسلم بمسألة التدرّج وذلك لعدة أسباب 
منها أن منهج القرآن لم يكن الأصل فيه التدرّج وهناك عقائد كثيرة نهى عنها مرة واحدة 
وبحسم ومسألة الخمر تكاد تكون استثناءً لا يقاس عليه. ومنها أن هذه العقيدة مرتبطة بعقيدة 
وجود الجن أو الاعتراف بوجوده فإذا كان الجن موجوداً أصلاً فإن صعوده لاستراق السمع 
فرع منه إذن ليس الأمر الأخذ بالتصورات والإيجاز والقول إن الإقرار بالجن أو بمعنى أدق 
الإيمان بوجوده أخذ بتصوّرات الناس وهذا ما لا يسلّم به أحد» ومن ناحية أخرى لو كانت 
مسألة التدرّج صحيحة لانسحب التدرّج إلى فكرة الجن نفسها. 

ولأن عقيدة الجن معترّف بها في الديانتين الإبراهميتين الساميتين (اليهودتة 
والمسيحيّة) ونرجّح أنهما ورثتاه من الديانات السامية القديمة التي كانت مهيمنة على المنطقة 
قبل ظهورهما ثم جاء الإسلام وأقرَ عقيدة وجود الجن مع الوضع في الحسبان Li‏ من 
عقيدة عرب الجزيرة وقت ظهور محمد. ولا ندري لماذا ترك خلف الله في هذه الخصوصية 
فكرة التفسير الأدبي وتبنى فكرة الأخذ بتصوّرات أهل مكة والقول بها. فالأقرب إلى Gill‏ 
أن يقول إن قصة استراق الشياطين للسمع وإحراقهم بالشهب الثواقب يمكن تفسيرها بأنها 
صورة أدبية مُعجبة لتصوير مناعة السماء وما فيها من غيوب وأن (ja‏ يدفعه غروره من 
البشر لمحاولة اختراقها أو الاقتراب منها يحترق... 


Yar 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


يختم خلف الله هذا الجزء من الفصل الأول بأن القارئ إذ وضح لديه أن القصة 
القرآنية قد فصد منها إلى التاريخ فعليه أن يؤمن Le‏ جاء فيها على أنه التاريخ مثل أن إبراهيم 
لم يكن نصرانيا أو يهودياء أما المقصود د منها إلى العبرة والعظة والهداية والإرشاد فلا يلزم 
أن يكون تاريخا بل معارف تاريخية شاعت لدى اليهود والعرب ولا ب يشترط مطابقتها للحق 
والواقع» والقرآن إذ فعل ذلك فهو أمر أجازه النقد الأدبي والبلاغة العربية وجرى عليه كبار 
الكثاب ويخلص إلى أنه لا يصح بذلك توجيه اعتراض على النبي عليه السلام ولا على JA‏ 
الكريم. ne a‏ ی ا و و في ذلك فإن الكتاب في مجمله 
هو دفاع عنهما 3 يستحق المؤلف عليه الثناء والحمد. 


الفصل الثاني 

في الفصل الثاني تناول خلف الله القيّم الاجتماعية والنفسية التي تغيّاها قصص القرآن 
فذهب إلى أنه يحق لكل مسلم أن يفخر بها وأن يطمئن كل باحث وهب ذوقا رفيعا أنها من 
أكبر مواطن الإعجاز (في القرآن). 

وذكر أنه سيقتصر على دراسة القيم الاجتماعية العامة كالنواميس الاجتماعية والنفسية 
التي تثبت وتستقر ولا تتغير بتغير الظروف والأحوال ويعني بها النظريات التي أشار إليها 
القرآن أو لفت الذهن إليها وهو ي يصوار العوامل المؤثرة في رقي الأمم وحياة الشعوب التي لا 
تتخلف في زمان أو مكان. 

وضرب على ذلك أمثلة شارحة منها ما جاء في سورة البيّنة عن iala‏ الأمم 
والجماعات إلى قادة وأبطال ينيرون أمامها الطريق وينقذونها من إسار التقاليد البالية. وإلى 
اختلاف الناس بشأنهم ما بين مؤيد ومعارض. وبما جاء في سورة الإسراء من أن الأمة التي 

تعض على التجديد oi > plus celles‏ ايبن النفسية وما وقصده lei‏ في Ca Li all‏ 

والانفعالات أو الأسس النفسية التي تصاحب سلطان مبدأ أو سيطرة زعيم والتي تمكن للمبادئ 
أو تزعزع سلطانها أو تحد من قدرتها أو التي تظهر في الأفراد أو في الجماعات حين تلم بها 
الأحداث أو تزعجها صروف الزمان ومثل التضحية في سبيل المعتقد بالنفس والنفيس ويوضح 
لنا المؤلف أنه جمع بين القيّم الاجتماعية والنفسية تأسيا بالقصص القرآني 


A“ 


مقدمة تحليلية 


an 


وقبل أن نمضي مع خلف الله في تسجيله لتلك الظواهر Waga‏ أن نبدي ملاحظة وهي 
أنه لم يبيّن لقارئه ما هو الإعجاز الذي يستشعره الباحث والذي يفخر به المسلم وهو يطّلع 
على هذه all‏ الاجتماعية والنفسية التي امتلأ بها قصص القرآن فإن كان الإعجاز في إيراد 
هذه القيّم بنوعيها ففي رأينا أن ذلك ليس Tjac)‏ لأن فلسفات ومذاهب قديمة عرفتها ونادت 
بها وقال بها ودونها حكماء وفلاسفة منذ قرون طويلة سابقة على ظهور الإسلام. 

أما إذا كان الإعجاز في طريقة السرد... الخ فهذا ما لا يجادل فيه أحد... وكان حريا 
بالمؤلف أن يحدّد مبعث اطمئنان الباحث صاحب الذوق الرفيع والحس المترف عند إطلاعه 
على موطن الإعجاز وأن يعيّن لنا أسباب فخر المسلمين جميعهم وعلى بكرة أبيهم بهذه القيم 
هل لذاتها أم لطرريقة عرضهاء 

بداية تلك الظواهر هي: 


أ الأنبياء والبيئة: 


من نافلة القول أن نسطر أن الأنبياء لهم دور متميّز في أي ديانة حتى يمكن أن يقال 
إنه الدور الأول ومن هنا اهتم القرآن بتسليط الأضواء الكواشف عليهم وصور نفسياتهم حيال 
مبادئ الإصلاح وسلطانهم عليها وحيال كل من مؤيّديهم ومعارضيهم؛ وهم رغم أنهم كانوا 
[Si‏ من آثار بيئاتهم ومن نتاجها إلا أنهم أئّروا فيها فهم الذين يجدّدون بناء المجتمعات بما 
يبثونه فيها من أفكار وآراء وفي بدي الشأن آمن بعضهم Les‏ كانت مجتمعاتهم تدين به من 
عقائد فلما استبان لهم فسادها باينوها وفاصلوها ودعوا إلى العقائد الصحيحة التي أوحى الله 
لهم بها وفي DÉS‏ من الأحيان كانت البيئات أو المجتمعات تصل إلى حال من الفساد aii y‏ 
حتى إن حكماءها وعقلاءها كانوا يعلقون آمالهم على ظهور مخلص لها ومصلح لأحوالها 
ويستجيب الله لهم فيرسل النبي. والواضح أن المؤلف يتبتّى نظرية إمكانية الفردء أي فردء في 
تغيير مجتمعه إما بتأثيره الذاتي Les‏ يتمع من شخصية كارزمية أو 


Ao 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


Le‏ يدعو إليه من أفكار ومبادئ Jag‏ وهي نظرية تجد معارضة شديدة فالفرد أي فرد — من 
المستكيل أن مخ الع أن قر ذلك N‏ كانت اعا ble es‏ وخر ال as‏ 
المادية والمعنوية وظروف بيئته التحتية والفوقية تعينه على ذلك ولا يتوقّق له ذلك ولا يُكتب 
له النجاح إلا بتبديل الظروف المادية على وجه التخصيص ولنضرب لذلك مثلاً من المسيحية 
فرغم سمو المبادئ التي نادى بها عيسى بن مريم فقد JE‏ المؤمنون بدعوته على هيئتهم رغم 
ثمانة الرأسمال الرمزي الذي كان بين أيديهم ولم JA‏ أحوال المسيحيين والمسيحية Y)‏ بعد 
اعتناق الأباطرة الرومان لها وانتقالها إلى مجتمعات وبيئات ذات أحوال مادية مختلفة تمام 
الاختلاف عن أحوال البيئة والمجتمع اللذين بشّر بها فيهما ابن مريم. 


ب — انقسام الجماعات: 


ما إن يدعو رسول إلى عقيدته أو مصلح إلى دعوته حتى ينقسم الناس حياله إلى 

فرقتين: الذين هداهم الله فاتّبعوه والذين لم يهتدوا فعارضوه. JB‏ القرآن أن هذا ناموس عام 
من النواميس الاجتماعية وأنه انطبق على pal‏ جميع الأنبياء (lle‏ القرآن على المناوئين 

وصف p‏ عدواً من المجرمين 4ا '' وأن ذلك حدث ‏ لكل نبي 4ا "!يدل إن E re‏ 
والاختلاف ينطبق على الأسرة الواحدة وفي البيت الواحد وأمثلته: فرعون وزوجته ونوح 
وابنه وإبراهيم وأبوه. 

BIT مر ا‎ es a ST 
nel a RE 

ويسمّي القرآن الفرقة الأولى: المستكبرين أو الملا ويفسسّره الراغب الأصفهاني في 
المفردات بأنهم الذين يملاون العين مهابة. ويطلق على الفرقة الأخرى: المستضعفين أو 
الأرائلويذاهة ie Je‏ توجهات الفرقتيق. حتى Logis print‏ الخصحومة Ch jy‏ 
بالمستكبرين مداه حين يعون أن من أسباب رفضهم الانضواء تحت راية النبي هو انضمام 


A AN سورة الفرقان»‎ )١( 
AN قش السورة‎ () 


YAN 


مقدمة تحليلية 


الأراذل أو المستضعفين إليه ويسألون النبي نبذهم وإبعادهم ويذهب المؤلف إلى أن علة 
معارضة الأغنياء أو الملا هو حرصهم على عدم إحداث أي تبديل في أحوالهم الميسرة التي 
ألفوها... وهذا سر تخويف القرآن لهم وقصده إلى زعزعة تلك الأسس في نفوسهم. 

أما الفقراء فقد ألهتهم ضرورات الحياة وطالما تمتوا تغيير أحوالهم فما إن سمعوا 
الداعي حتى سارعوا إلى تلبيته. والغنى والكبر والاستكبار والعناد قرناء ومن هنا ينبع 
الطغيان. والفقر والذل توأمان ومن هنا يغدو الفقير أسهل انقيادا. والغني يندفع إلى حب الحياة 
والحرص عليها والتمسنّك Les‏ خلّف الآباء والنفور بل المقت الشديد لترك ما ألفه Liy‏ من 
السلف. والفقير ليس بيده ما يحرص عليه فلا مال ولا جاه ولا ميراث من الآباء والجدود. 
ومن هنا نجد الغني شديد المناوأة والفقير سريع الاستجابة لدعوات الأنبياء. 

لقبول دعوة النبي شرط على درجة من الأهمية والخطر وهو تهيئة الأذهان لقبولها 
والإقناع بها وهو (هذا الشرط) من أول مهام النبي ويتوقف نجاح دعوته على توفيقه في القيام 
به وهو يفعل ذلك مرة بالتبشير وأخرى بالإنذار أي بالترغيب والترهيب ولما كان الإنسان 
يفسسّر ظواهر الوجود بما يعتنقه من أفكار وآراء فهذا الملحظ النفسي يجعل الذين تتقارب 
تفسيراتهم متحدين في الأفكار والآراء والعكس Laj‏ صحيح. والهداية التي يقوم بها الأنبياء 
هي توحيد الآراء والأفكار بين تبعهم مما يستتبع توحيد تفاسير ظواهر الوجود ‏ ولكي تغدو 
الثقافة ‏ التى يذيعها النبى فى أتباعه مفيدة لدعوته يتعيّن ألا تكون الصلة بينهما وبين الثقافة 
القديمة منبكة ‏ وكلما كانت العلاقة cils Loges ein‏ جوا Lille‏ يمكن لذعوة:النبى Le gs‏ 
والعكس صحيح إذ كلما ضعفت الصلة قويل الجديد بفتور وإعراض وكره. | 

وضرب خلف الله لذلك ‏ متلا من السيرة النبوية وهو سرعة استجابة اليثاربة Jai)‏ 
يثرب/المدينة) للدعوة الإسلامية في حين نفر منها المكيون. لماذا؟ 

لأن اليثاربة وقد جاوروا واختلطوا بل وتناكحوا باليهود كانت ثقافة (الكتاب) لديهم 
معروفة أما أهل مكة فقد كانت ثقافتهم وثنية. ولذا فعندما رفض أهل الكتاب دعوة محمد عاب 
عليهم هذا الموقف. 


AV 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وينهي خلف الله حديثه عن الانقسام والفرقة بتناول سلطة التقاليد وما لها من قيمة 
اجتماعية إنما هي عُملة ذات وجهين فمن ناحية تفيد المجتمع بالتماسك والترابط ومن ناحية 
أخرى تثقله وتكبّله وتجعله يخلد إلى الأرض ولا يقبل أي دعوة إلى التقدّم ويرى الباحث أن 
خير الأمم الواقفة في الوسط فلها من التقاليد ما يحفظ عليها تماسكها وفي الوقت نفسه لا 
يمنعها من النهووض. 

ويذهب إلى أن الأمم الصناعية والتجارية أقل انقيادا للتقاليد من الأمم الراعية 
والزارعة... وإلى أن النظام الرعوي أشد انصياعا للتقاليد وقد ga)‏ ذلك في القرآن في عدة 
مواضع وهذا ما أفقد العرب عن الاستجابة لدعوة محمد ومنع المجتمعات الرعوية عن 
الاستجابة لسابقيه من الرسل: إبراهيم» 6338 موسى. 

وقبل أن نختم هذه الفقرة نتساءل لماذا لم يوضنّح لنا خلف الله العلة في وراء ظهور 
الأنبياء والنبوات في المجتمعات الرعوية وعدم ظهورها في المجتمعات الصناعية والتجارية 
وكذلك ظهورها في المجتمعات المتبدّية أو التي حظها Jali‏ من الحضارة والمدنية؟ 

ألم يكن هذا لازما وهو يتناول الأنبياء والبيئة والتقاليد وسلطانها وكيف أنها في 
مجتمعات الرعاة لها القِدْح المعلّى ونصيب الأسد من التمڭن... وكيف انعكس ذلك أثره في 
(القصص القرآني). 


ج - نفس المؤمن لا تطيق المخالف: 

يخلق الإيمان في نفوس المؤمنين جوا عاطفيا نحو الآراء والأشياء معا وهو ذاته الذي 
يحدد مواقفهم من المخالفين فهم بداية ينفرون بل يكرهون من يقترب من عقائدهم (بنقد) أو 
يمستها مسا ولو خفيفا بسوء وبداهة أن هذا ينطبق على المؤمنين بأي عقيدة أو ih‏ ومن هذا 
المنطلق تكره الجماعة Li Ge‏ عن عقيدتها ويخرج عن دينها وتعد ذلك من علامات ai‏ 
وانحلال الجماعة وساق خلف الله أمثلة من القرآن مثل موقف الثموديين من صالح وقوم هود 
منه وقوم فرعون من موسى. وهذا ناموس اجتماعي عام ينطبق على الناس جميعهم بلا 

وق Hal‏ يف" الفومن A‏ عل is de EN ch Ga‏ أنه يملك 


A۸ 


مقدمة تحليلية 


CN ك علص ف‎ 6 ill (fa sol JEUI على‎ allée, AL a) 
النصارى عنهم القالة نفسها وقوم نوح اعتقدوا فيه الضلالة وأگد قوم شعيب على أن من يتبعه‎ 
فهم الخاسرون وهكذا.‎ 

والإيمان بعقيدة يوحد مشاعر المؤمنين بها ويخلق aein‏ نوعا من الترابط Dans‏ 
عليها تقاليد وعادات تحرص عليها الجماعة الحرص كله وتعد الخروج على العقيدة والأعراف 
والتقاليد المنبثقة منها مروقاً وفتنة. إنما المخالف للعقيدة قد يأتي بعقيدة جديدة وهذه هي حال 
الأنبياء فيصيبه الأذى الذي يبدأ بالسخرية والاستهزاء والتحقير والتهوين ثم الوعيد والتهديد 
مرة بالرجم وأخرى بالنفي والتغريب وثالثة بالتصفية الجسدية وفي عدد من الأحوال يتحول 
التهديد إلى دائرة التنفيذ مثل محاولة اغتيال صالح ورمي إبراهيم في النار والتآمر ضد محمد 
حتى اضطر إلى الهجرة إلى يثرب وكذلك أتباعه من المهاجرين وقتل زكريا ويحيى. 


ويوحي هذا الناموس بأن الدعوات بهذه المثابة محكوم عليها بالإخفاق لأن المناوئين 
والمعارضين ن أقوى من الداعية الجديد وتبعه الذين وضح من ناموس سابق أنهم من الضعفاء 
cs a Ne‏ هناك عوامل تبطل مفعول هذا الناموس منها أن ill‏ بالقديم 
والتعصب له عند مخالفيه بمضي الزمن يخفت أوراهما وتبرد نارهما ويضرب خلف الله مثلا 
من مسيرة الدعوة الإسلامية فالعقيدة أو الثقافة الوثنية تراخت مفاصلها ووهنت قبضتها وههزل 
سلطانها على النفوس (بفعل اليهودية وغيرها فتهوّدوا وتنصّروا وتحتّفوا وتركوا عبادة الآباء 
والأجداد بل هقّت نفوسهم إلى الرسالة والكتاب). وثاني تلك العوامل أن هناك صلة ما تربط 
على الدوام بين الجديد والقديم من الأديان ومن ثم فلا يكون JAWI‏ (أعني الجديد) غريبا على 
البيئة وأهلها وهو ما أكّده القرآن حينما ذكر أنه شرع لمحمد ما وصَّى به نوحا ومن ela‏ بعده 
من الأنبياء وأن الكتب يصدق بعضها البعض وأن القرآن (الكتاب) نزل بالحق مصدقا لما بين 
يديه من الكتاب Garas‏ عليه... 
الألم ويستمرئ العذاب ويستملح الأذى في سبيل هداية قومه الذين يقفون منه 


AA 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


موقف العداء فيعتب عليهم ذلك لأنهم لم يدركوا أن مقصده سام وهو إخراجهم من الظلمات 
إلى النور وأن هدفه الإصلاح ما استطاع... ويأتي خلف الله بالأمثلة على ذلك من سيّر الرسل 
كما نص عليها القرآن. هذا الموقف المتسامح الصادر من النبي حيال قومه بالضرورة يترك 
أثره على الجماعة نفسها فلا تعجّل بعقوبته وهي تعزو خروجه عما ألفته من عقيدة إلى أنه قد 
أله 43 ja‏ من الجنون أو أن آلهتهم التي جاء هو لإلغائها قد اعترته بسوء انتقاما وقد تعمد إلى 
سبيل آخر وهو الرجوع إلى رهطه وعشيرته eds ais‏ المؤلف إلى ماجاء 
بالقرآن عند ذكره لقصة شعيب p‏ ولولا رهطك لرجمناك E ai ١١4‏ سوير 

محمد وهو ذهاب بعض صناديد قريش إلى عمه وكافله وراعيه أبي طالب وكبير قريش آنذاك 
أن يكقه عن التعرض إلى آلهتهم. 

إذن الصلة بين البطل والبيئة قد تكون Qu‏ في نجاح الدعوة وقد تكون عقبة في سبيلها 
ومن هنا ينبع سر محاربة القرآن لها وإعلاء شأن العاطفة الدينية عليها وحث المسلمين على 
نبذ المودة القرابية إذا كانت على حساب الدين وضرب لهم إبراهيم متلا في الأسوة الحسنة J‏ 
تبرأ من أبيه وأقربائه الأدنين عندما خالفوه في العقيدة. 

ويختم خلف الله هذه الفاصلة أو الفقرة (نفس المؤمن لا تطيق المخالف)... بقوله إن 
البطل (المخالف) لما يناله من أذى هو الطرف الضعيف فاقد الحول والقوة الذي لا يملك إلا 
الالتجاء لربه بالدعاء بالتمكين له ولأتباعه وبهلكة مناوئيه وأنه يلجأ إلى طريق أو وسيلة 
أخرى هي تهديدهم بالمصائب تنهال عليهم في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة ويضرب أمثلة 
مما جاء في القرآن تأبيدا لوجهة نظره مثل إرسال الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم 
على آل فرعون... وما أصاب قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب... 

ولكن البطل لا يظل ضعيفاً بل يتكاثر حوله الأعوان والأنصار ويستشعر القوة Ja nå‏ 
في مواجهة المناوئين وإجبارهم قهراً على إتباع تعاليمه وهذا هو الذي نلحظه من موقف النبي 
العربي من المشركين. وفي تلك اللحظة يتحقق النصر للدعوة. 


AY AYI سورة هودء‎ )١( 


ra. 


مقدمة تحليلية 


وهنا نعيد القول في جرأة خلف الله فيما يسطره في أطروحته غير عابئ بما قد تسببه 
كتاباته من غضب التقليديين فهو هنا يؤكد أن النبي العربي قد أجبر المشركين من العرب 
بالقوة على الدخول في الدين الذي كان يفشوه ورغم وجود نصوص صريحة من القرآن 
Au y‏ (أقوال وأفعال وتقريرات محمد) تؤكد ذلك فإن التقليديين يحاولون قدر المستطاع 
التضبيب على هذه المسألة وإلقائها في مربع الظلام مع أن وقائع السيرة المحمدية تثبت انتشار 
الإسلام بالسيف وأن شعار السزايا والبعوث الث ,كان du À‏ إلى القبائل والبطيون: A,‏ 
calus al‏ أي اعتئق الديانة الإسلامية تحقن دمك وتحفظ أولادك ونساءك من السبي وأموالك 
من اغتنامها. .. فعندما يجيء المؤلف ويؤكد هذه الحقيقة التي يشيح بوجهه عنها المُحدثون من 
tt NN le St‏ ينوا NU AG‏ ماخ وان 
ذلك كان منذ Le‏ يقرب من نصف قرن من الزمان» ولسنا في حاجة إلى تكرير القول بأن هذه 
النقطة كانت من أسباب العاصفة التي ثارت حول الرسالة سواء صرح بذلك أصحابها أم 
جمجموا. إذ كيف يفتقرون لخلف الله أن يبعث من بطون الكتب وتلافيف المؤلفات حقيقة هشر 
عرب الجزيرة على دخول الإسلام بحد السيف مع أن ذلك ثابت من آيات القرآن الصريحة 
وأقوال: وأفعال محمد الواضحة التي لا ليس فخا Anal‏ في كل AS JAN GS‏ 

ويكفي أن نث نشير إلى ما جاء في صحيح مسلم: باب الأمر بقتال الناس حتى بقولوا: لا 
اله الا الك de‏ رسيو "الله ر ررد dut‏ متعمد افزات أن قان النابن حتى LE‏ 1 : لا اله الا 
cah)‏ فمن قال: لا اله إلا اله عصم في ماله ونفسه ال بحقه وحسابه على الله. أورد الحديث 
A pagi Bas‏ هما يو كد لوقي Laos‏ من معلوه أن طيحي ميلم کو من كنت À plan‏ 
وأنه A ja à CHEN‏ لصحيح البخازي الذي يقال die‏ أنه أصح E‏ يعد الفرآن ولو هناك 
من الباحثين Ali Ge‏ على البخاري. 

وأيا كان الأمر فإن نشر الإسلام بالسيف حقيقة نصوصية وتاريخية ثابتة وأن خلف الله 
عندما أكدها إنما أد حقيقة علمية وليغضب المناوئون ما شاء لهم الغضب وليسخط المخالفون 
ها "استطاعو eos‏ الحفائق a‏ ا الف و Lau dti‏ 
السخط. 


۴۹۱ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


ولقد أحسن خلف الله أيما إحسان عندما ضرب مثلا على أن النبي ‏ أي نبي Laie‏ 
يكثر أنصاره ويغزر معاضدوه ويتضاعف أتباعه يقضي على مخالفيه بالقوة ويقهرهم على 
إتباع تعاليمه والإيمان بدعوته نقول عندما ضرب Ma‏ « بموقف النبي العربي من المشركين 
وأضرابهم » ورغم ضالة هذه الفكرة في سياق الرسالة وهامشيتها بالقياس إلى متنها فإنها ولا 
جدال تعد نقطة ضئيلة ولا يمنع صغر حجمها من أنها أضافت إلى الأطروحة قدرآ مهما كان 
حجمه من الأصالة والصدق والإصرار على تحري إيراد الحقائق العلمية مهما كانت شائكة. 


د الرسول لا يشك في مستقبله: 

الأولى: ذهاب الرسول ضحية المبدأ والعقيدة بالقتل أو بالهجرة والقرآن لم يقص ذلك 
إلا نادرا أو لجأ إلى الإبهام وممّن قتل يحيى وممّن هاجر إبراهيم بعد أن أجمع قومه على قتله 
أو حرقه فأنجاه الله من النار. بيد أن الهجرة في حقيقتها نصر للنبي وللدين الداعي إليه وتأييداً 
لوجهة نظره ضرب Ma‏ بموسى ومحمد عليهما السلام. 

والأخرى: انتصار الرسول وسيادة الدين الجديد وذيوع مبادئه ولقد أكثر القرآن من 
ذكر هذه النتيجة. ولم يبيّن لنا خلف الله لماذا أبهم القرآن وأجمل الأولى والعكس بالنسبة 

ولعل من الأسباب التي طرح شرحا لذلك هو أن منهج القرآن في ذلك كان حكيما ففي 
الإبهام والإيجاز dus‏ الأولى والإكثار بالنسبة للأخرى jia‏ لهمة النبي وتشجيع له ولأتباعه 
على مواصلة المسيرة وبالمقابل تثبيط ail je‏ المناوئين له من المشركين والمنافقين ومّن على 
شاكلتهم» والعكس صحيح. 

إنما هناك عقبات متعددة تقف في سبيل انتصار النبي عليه تجاوزها وأطلق عليها 
الباحث (العقبات الداخلية): 

يأتي في مقدّمها طبيعة الشخص ذاته مثل كونه ضعيف الإرادة لا طاقة له بالسيطرة 
عليها ومثل الباحث لذلك بآدم عندما عصى ربه إذ نهاه عن الأكل من الشجرة فلم يمتثل 


ray 


مقدمة تحليلية 


ووصفه القرآن ب 9 لم نجد له عزماً NG‏ وقد تكون عقيدة نفسية تقبع في لاشعوره ولكنها 
تتخايل له وتسيطر عليه وضرب على ذلك بمثل من قصة موسى وهو قتله للمصري فلما 
اصطفاه ربه واختاره لأداء رسالته طلب منه أن Ara du y‏ أخاه هارون ليغدو له fes)‏ 
lea‏ 


والرغبات المكبوتة إحدى صورها (العقبات الداخلية) مثل حرص محمد عليه السلام 
Ga le‏ ااانه ils aa ons Lu Fat Less‏ القرآن إلى ذلك # ولولا أن ثبتناك 
لقد كدت أن تركن إليهم شيئاً قليلا 4(). 


ثم يتناول Le‏ يسميه (العقبات الخارجية) ويذهب إلى أن صورها في القصص القرآني 
متنوعة وكثيرة منها تكذيب الرسول أو النبي ووصفه بنعوت بشعة ونزول الشيطان عليه أو 
أن الهتهم À jet‏ ينوه أو AAA‏ أن بای بمعجزة ca ju s‏ لها مذلا بمجابهات ملا عاد نيبي 
هود. 

هذه العقبات الخارجية قد تكون لها آثار أو عواقب تختلف من رسول JAY‏ فقد تؤثر 
على AS pal‏ نج sil Tey‏ انرز مال لها هو ذو CA‏ عليه السلام ا إذ 
ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه ee en ٠4‏ ب لاسرا 
مثل ما جاء à‏ في القرآن à‏ فلعلك تارك بعض ما يُوحى إليك وضائق به صدرك OS‏ 

و ARE aa DE NS‏ و a‏ 
La je‏ القرآن ب ١‏ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك C ١4‏ والأخرى في قوله « حتى 


.٠٠١ AYI سورة طه»‎ )١( 
NE سورة الإسراع. الآية‎ (ï) 
ANY سورة الآنبياء الآية‎ (Y) 

)£( سورة هودء الآية .١7‏ 
)°( سورة يونس» الآية AÉ‏ 


var 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ONE‏ 

وقبل أن نغادر هذه النقطة من البحث نبادر بالتعقيب عليها: 

فقد كنا نفضل أن يسمي الأولى (العقبات الذاتية) بدلا من (العقبات الداخلية) لأنها تنبع 
من الذات كما أن توصيف داخلية وخارجية أدخل في ميدان السياسة. كذلك فإن dail‏ بين 
الداخلية والخارجية في بعض الحالات فصل (ue‏ إذ ما هو الحد الفاصل بين ضعف الإرادة 
والعقدة النفسية والرغبات المكبوتة وبين الاستجابة لدواعي الألم (النفسي) وانبعاث الشك في 
النفس واليأس في القلب» فهي إما غرائز die‏ غريزة الخوف أو عواطف مثل انبعاث اليأس 
في القلب أو محاولة التحبّب أو التقرب من القوم أو الرهط أو العشيرة وجميعها عقبات ذاتية 
أو داخلية حسب تعبير المؤلف. والحالة الوحيدة التي صحّ وصفها ب (الخارجية) هي موقف 
المعارضين والمناوئين للنبي أو الرسول إما بالأقوال أو الأفعال. 

وفي النهاية ورغم جميع المعوقات والعقبات ينتصر الرسل لأن الله كتب لنفسه ولرسله 
الغلبة والفلح وتلك العقبات تزيدهم صلابة وقوة ويرجع نصرهم إلى أمرين: 

١‏ العقيدة الدينية التي تملأ صدور المؤمنين ويحسبون أن الله معهم يكلأهم برعايته 
والمثل على ذلك ما gang‏ به موسى قومه من الاستعانة بالله مع الصبر وعاقبة ذلك ورائة 
الأرض. 

١‏ فن القص الذي يفيض أثراً نفسيا عميقا على المعاصرين وهم يطالعون أخبار 
السابقين الذين كان النصر حليفهم في نهاية الأمر. 

ولما كان خلف الله يتكلم عن نواميس عامة تنطبق على كافة النبوات وسائر المرسلين 
فإن العامل الأخير وهو فن القصص وأثره على النفوس لا ينطبق على Je‏ الأنبياء فأتباع نوح 
وهود وصالح وشعيب وذي النون الخ. لم يكن بين يديهم قصص يترك أثرا نفسيا عميقا أو 
غير عميق عليهم. 

في الفصل الثالث الذي يحمل عنوان (القيّم الدينية والخلقية) يعترف خلف الله بأنه 


.٠٠١ سورة يوسفء الآية‎ )١( 


Yas 


مقدمة تحليلية 


لم يقم فيه بأي إبداع وإنما تنظيم وعرض ويرجع ذلك إلى سبق معالجته لموضوعاته في 
الأول: الخروج من الأمور الخاصة إلى الأمور العامة الخاصة بمحمد عليه السلام 


وبغيره من المرسلين. 
الآخر: أي الثاني هو تناوأل المعاني الخلقية واللمحات الخاطفة التي Gya‏ بها القرآن 
بعض العادات. 


بعد هذا التمهيد السريع يذهب إلى أنه فيما يتعلق بالمعاني الدينية الواردة في قصص 
القرآن هي الخاصة بالآلهة ثم الرسل والمعجزات» وهو ما يمشي مع طبيعة الدعوة الإسلامية 
ومع طبائع الأشياء... ويقرر الباحث أن أكثر القصص القرآني مكي وفي تلك Ala jal‏ الجهت 
الدعوة إلى المسائل الكبرى التي تشغل كل دين وهي الوحدة التي تنظم كافة الأديان وعرضها 
القرآن à‏ شرع لكم من الدين ما وصّى به La gi‏ والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم 
وموسى وعيسى... NG‏ 

بيد أن القصص القرآني كان يعتني بأمور مخالفي الدعوة ومعارضي النبي ‏ ص 
كيف؟ إذ أن في هذه العبارة قدر من عدم الالتثام! 

القصص عندما يشر ح تلك (المسائل الكبرى) ويكون الخطاب للمخالف والمناوئ فإن 
في هذا اعتناء به فعندما يجادلهم في الوحدانية والرسالة والبعث... الخ. فكأنما أو هو Jill‏ 
أعطاهم قدرآ من الالتفات. فى الوقت الذي يرى فيه خلف الله أن معتنق الديانة الإسلامية 
والداخل في حظيرتها لا يقيم صعوبة ولا يثير جدلاء إنما يستثني بعض العادات الأخلاقية التي 
استقرّت في نفسه من أثر النشأة الأولى die‏ بخس الناس أشياءهم وتطفيف المكيال والميزان... 
الخ. 

في عنوان هذا الفصل قدّم المؤلف القيّم الدينية على الخلقية وربما مرجع ذلك قدسية 
الدين وأول ما بدأ به في هذا المجال هو التديّن الذي هو في حس القرآن غريزة 


AY AN سورة الشورىء‎ (\) 


Yao 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


إنسانية وبتعبيره الراقي « فطرة الله التي فطر الناس عليها 4. ويشرحها بأنها تلك التي 
تسند قدرة عظيمة وقوى قاهرة إلى موجودات وكائنات مثل الأصنام التي يصنعها القوم بأيديهم 
عبد اتقاءَ لغضبها ورجاءً لخيرها ومن هنا فالمجرمون أعداء كل نبي كانوا يخوفونه بها أن 
تلحق به أذى أو تمسّه بسوء. 
نهاية الأمر يقرر القرآن أن حب المؤمنين لله يفوق كل حب. 

ولفت القرآن النظر لتناقض عقلية عبدة الأوثان بين الصورة النفسية للآلهة في 
وجدانهم وبين واقعها العملي. وجسّم ذلك ليدرك عبدة الأوثان غفلتهم وضلالهم وهم يؤلهون ما 
صنعت أيديهم وساق على ذلك ela Las Se‏ في سورة الشعراء عن نبأ إبراهيم وجدال أبيه 
وقومه دفاعا عن أصنامهم. وأيضا Le‏ ورد في سورة الأنبياء في هذا الأمر وإصرار Se‏ 
التماثيل على عبادتهم إياهما وتعليلهم ذلك بإلف الآباء ومحاولة إبراهيم إقناعهم بالحسنى وفساد 
عقيدتهم... الخ. 

ثم سطر الباحث ما قاله القرآن في حق المعاصرين للنبي - عليه السلام - والذي 
تغياه القرآن من هذه الصور هو إفهامهم ضلال الإنسان وهو يتخذ معبوداً سوى الله. 

ورد القرآن غريزة التديّن أو الفطرة التي فطر الناس عليها إلى إله واحد هو الله الذي 
دعا جميع الرسل بلا استثناء إلى عبادته وحده. فهو المستحق للعبادة الحقة لأنه jia‏ عن كل 
نقص وعن الشريك أو الشريكة أو الولد ويسوق الباحث سورة الإخلاص - والتي قال محمد 
إنها تعدل ثلث القرآن ‏ على أنها الصورة المثلى لله الواحد الأحد. 

وإذ أن الإنسان كان يعبد الآلهة لدفع الضر وجلب المنفعة ومن ثم غدا أمر تنظيم 
علاقة العابد بمعبوده Lo sise Tya]‏ بتقديم فروض الطاعة والمحبة الذي يتخذ هيئة الفرائض 
الدينية وتقديم القرابين والضحايا. 


ويلاحظ خلف الله أن القرآن (أهمل هذا الجزء الأخير إلا في النادر القليل) ولذا 
)١(‏ سورة الروم» الآية A‏ 


yas 


مقدمة تحليلية 


قصر حديثه عن الصلات التي بموجبها يعرف العابد الأوامر والنواهي التي تؤدي بطريق 
الختم واللزوم إلى مرضاته ليدفع النقم ويجلب النعم وييسّر العسيرء وقد AA‏ صوراً حسية 
بالغة الجلافة مثل إجالة الأقداح والاستقسام بالأزلام وهذا ما كان يفعله معاصرو محمد 
ووسيلة أخرى تكخذ صورة وسائطية أي غير مباشرة مثل اتصال الكهّان والعرّافين بالأرواح 
الخفية لكي تطلعهم على أخبار السماء وقد حارب القرآن هذا المسلك. 

بيد أن أسمى طرائق الذي ينظم علاقة العبد بالرب أو العابد بالمعبود هو اختيار واحد 
من البشر ليكون هو الرسولء والباحث هنا لا يتناول بشرية الرسول من الوجهة الاجتماعية 
بل تلقيه الدين ليوصله إلى الخلق ودعوتهم إلى الإيمان» فالله يستأثر بعلم الغيب ولا يطلعه 
على أحد إلا مَّن ارتضى من رسول وهو يصطفي الرسول ليُطلع البشر على ما بلّغه الله إياه 
من غيب ويرسم لهم طريق المستقبل السعيد»ء وإلقاء ذلك في نفس الرسول له طرق متنوعة 
مثل الرؤيا الصادقة وهذا ما حدث مع كل من إبراهيم ويوسف عليهما السلام فبالنسبة إلى 
الأول رؤيا إبراهيم ذبح ابنه أما يوسف فقد رأى أحد عشر CSSS‏ والشمس والقمر يسجدون له 
ونضيف أنه في سيرة محمد في بدي رسالته كان يرى الرؤيا الصادقة فتأتي كفلق الفجر. 


E d UN ER Si‏ ركد جات AR‏ مع مودي وكلم الله موسي 
تكليما l ١١4‏ أو يرسل إليه ملكا تمل في صورة البشر مثلما حدث مع مريم ومع إبراهيم... 
ونضيف أن هذه الهيئة كانت الغالبة مع محمد وكان جبريل يأتيه في العديد من المرات في في 
صورة دحية الكلبي وهو صحابي كان يتمتع بقسامة ووسامة غير عادية حتى أنه كان يضع 
على وجهه leui‏ خشية أن تفتتن به الأثربيات ويرى خلف الله أن طريقة إلقاء المعاني المرادة 
في ذهن الرسول وهي Ce RENE‏ ا ga‏ 
جمع كل هذه الطرائق في قوله تعالى ١‏ وما كان di. a Dial‏ 
حجاب ؛ Jui ‘gl‏ رمئولا فيُوحي Le AL‏ يَشَاء إِنَهُ علي حكيم 4 و 


NE الآية‎ cg uill سورة‎ (\) 
JON سورة الشورى› الآية‎ (ï) 


۳۹۷ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


أن الغالبية العظمى من الباحثين تطلق على (إلقاء المعرفة من الإله في نفس الرسول) وحيا 
فإن خلف الله لم يفعل ذلك واختار التوصيف أو العبارة المذكورة والذي نراه أن التوفيق حالفه 
في ذلك من وراء الوحي بحسب الاية التي سطرناها آنفا ضرب من ضروب الإلقاء في نفس 
الرسول p‏ ... إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا... 4 لأن (أو) تفيد المغايرة 
والاختلاف هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن الوحي ‏ بحسب نص القرآن - قد يأتي إلى 
بشر عادي مثل أم موسى أو حتى إلى غير البشر مثل النحل. 

ويعود الباحث إلى الحديث عن الأرواح الخفية فيذهب إلى أنها كانت تختلط في ذهن 
العربي وآثارها تدل عليها فإن أتت بالخير فهي ملائكة وإن جاءت بالسوء والشر فهي شياطين 
والأخيرة هي التي كانت تنزل على محمد في زعم daj‏ مكة وهذه علة خروجه على الجماعة 
وسبه لآلهتهم. وسبق أن ذكر الباحث أن الشياطين كانت تسمع أخبار السماء ومُنعت من أجل 
النبي عليه الصلاة والسلام. بيد أن هناك أمرين يلزم ذكرهما: 

الأول: أن الشياطين مُنعت بعد بعث النبي ويرى Os jade‏ أنها تمنع في حياة كل نبي 
وليس المنع من خصوصيات محمد. 

الآخر (الثاني): أن الرسول الذي يأتيه الوحي وتتنزل عليه الملائكة لا بدّدلهمن 
معجزة تدل على صدق رسالته وصحة نبوته. وهنا نذكر ملحظاً Cas pus‏ وهو أن خلف الله قرن 
بين الوحي وتنزل الملائكة مما يدل على أن اعتبرهما شيئا haal y‏ فهل هذا يدل على رجوعه 
إلى رأي غالبية البْحَّاث من أن الإلقاء في نفس النبي هو الوحي الذي يشمل كافة الصور 
s s s mM‏ 

cam‏ الذي يمق آل يفطل اكتيان: أحد أبداقه رسو die‏ تفده à ajaa)‏ مل 
الرعاية والعناية وقد آمن الإسرائيليون بذلك وأشاعوه في جزيرة العرب وترك ذلك أثره في 
حياتهم في الجزيرة وفي حياة الإسلام ونبيه والقرآن حكى عنهم قولتهم أنهم أبناء الله وأحبّاؤه 
في معرض حربه عليها (تلك العقيدة) JE‏ في حسم أن الرسالة لا تخص شعبا بعينه ولا أمة 
مخصوصة والله صاحب الفضل العظيم يؤتيه من يشاء. ويخلص خلف الله إلى أن القرآن 
يجعل الرسالة ظاهرة دينية واجتماعية لا تختص بها أمة ولا شعب إلخ. ثم 


YAN 


مقدمة تحليلية 


يبدأ في دراسة المعجزات ونرجّح أن ذلك مرده أنها ترتبط في الأذهان بأنبياء الله ورسله. 
والقرآن عندما جاء كان هناك مذهبان: 


| الأول: استقر إلى أن الرسول بطريق الحتم واللزوم يكون من الملائكة وقد رفضه 

ol s وانتهى إلى أنه لا بد أن يكون من الجماعة التي عاش فيها وعرف آمالها‎ Ci 
بآلامها.‎ 

الآخر (الثاني): يكون الرسول من البشر لكنه يؤيّد بالمعجزات ومن هنا تنبع المطالبة 
الدائمة بإتيان المعجزة أو المعجزات على يديه... ولكن القرآن لا ينكر المعجزات إنماينكر 
توقف الإيمان عليها أو حتى تعلقه بها ورغم أن ذكر معجزات من سبق محمدا من المرسلين 
وفي المقدمة: موسى وعيسى فإنه يرى أنها جاءت للإنذار والتخويف وسماها آيات. 

والقرآن يصرّح أن الآيات قد تتوالى ومع ذلك فلا تثمر الإيمان لأن أكثرهم يجهلون. 
ويفسّرها شيخ المفسّرين — الطبري — أي أنهم يحسبون أن الإيمان موكول إليهم والكفر 
بأيديهم فإن شاءوا آمنوا وإن أرادوا كفروا. وعند هذا الحد يرى خلف الله أنه استوفى معالجة 
المعاني الدينية. 

ثم ينتقل إلى المعاني الأخلاقية ومنهج القرآن في تصويرها فيقول إن له طرقا خاصة 
في تصوير الأشياء الخلقية أولها النهي خاصة عن العادات الاجتماعية المرذولة وأمثلتها: 
تؤكده (النهي). وبعده يأتي التعجب أو الاستفهام الاستنكاري وكلاهما عن العادات القبيحة 
المرذولة التي بلغ من استقرارها أن تحوّلت إلى خلق عام وأبرز مئل عليها اللواط الذي ابتدعه 
آل لوط ا إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين NK‏ 

وثالثها هو عرض أخلاق جماعات معينة أو بيئة ما من خلال السرد وفي Lis‏ السياق 
فرعون. وتطرّق الباحث إلى نقطة على غاية الأهمية في هذا المجال الخلقي أو 


YA ANT سورة العنكبوت»‎ )١( 


8 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الأخلاقي وهو الدور الذي يلعبه التعبير الأدبي في تصوير المعاني وذگرنا بالحرية الفنية التي 
يملكها الأديب أو القاص والتي تناولها وهو يتحدّث عن المعاني التاريخية. ويُلمع إلى أن 
المسألة قد تكون حرب أعصاب لا أكثر ولا أقل وضرب على ذلك مثلاً: هو الهجوم العنيف 
الذي شنّه القرآن على اليهود في العهد المدني. 

وهنا نرى أن الدقة قد أعوزت الباحث وكان Ga‏ به أن يسطر (في أواخر العهد 
المدني) لأن fase‏ حاول في بادئ الأمر استمالة اليهود وإدخالهم في دينه pariul Lali‏ | عليه 
انتهت بهم العلاقة إلى الإجلاء ثم ill‏ وفي هذه المرحلة المتأخرة كان الهجوم العنيف الذي 
حمله القرآن وأشار إليه خلف الله. 


أول ما أخذ على اليهود هو عدم الوفاء بالعهود ولف الوعود ونقض الإيمان المؤكدة 
وعدم الأمانة (المالية) والكذب الصريح. ثم يضيف خلف الله أن هذا ما صنعه القرآن عن 
المصريين مع إضافة الاستكبار والخفة والطيش. وهنا يحق لنا أن Liu‏ الضوء على Lhi‏ 
وقع فيه خلف الله كنا نتمتى أن يربأ بنفسه عن التردّي فيه هو الخلط بين فرعون وملئه من 
جانب والمصريين من جانب آخر فالقرآن عندما تحدّث أو June‏ إنما تحدّث أو صوّر أخلاق 
الأولين فقط ولو أن الباحث كلف نفسه عناء (إن كان في ذلك عناء) قراءة تاريخ مصر القديمة 
وعادات وأخلاق المصريين القدماء لما انزلق إلى هذه السقطة ولبرأ المصريين وهو أحد 
أبناء مصر - من تلك المثالب والعيوب ولعلم أن المصريين القدامى هم الذين علموا الدنيا 
الضمير والأخلاق كما يقول برستيد في كتابه الرائع (فجر الضمير) وغيره من علماء 
caso‏ ااا ارج خاصلة أن ماهو ت في القران ed a y eV‏ 
Nil Gas il‏ 1 


ويختم المؤلف حديثه في المعاني الخلقية بقوله إن الاقتصاد له أثره في بعضها مثل 
الاستكبار والعناد بالنسبة للأغنياء والذل والخنوع بالنسبة للفقراء وهو يرى أن الجوانب 
الخلقية في قصص القرآن قليلة» وهو رأي يخالفه فيه العديدون. 


الفن في القصة القرآنية 
وأول فصوله القصة القرآنية وألوانها ومن البديهي أن يبدأ بتعريف القصة ثم بعده 
delai‏ بحل في" JAN‏ ان CA Li‏ 


مقدمة تحليلية 


يؤكد خلف الله أن الأقدمين من علماء البلاغة لم يلتفتوا إلى أن القصة لون من ألوان 
الفنون والآداب بيد أنه يعترف أن هناك من مسائل البيان ما يُعتمد عليه في شرح عناصر 
القصة الفنية وكذلك في تفسير الحوار والأحداث وصلة كل هذا بالحق والواقع أو بالعرف 
والخيال وكذا في بيان استخراج القيّم العقلية والتيارات الفكرية منها (القصة) وأن Jal‏ به لا 
يلزم من الحقائق بل من المشهورات المتداولة والفرضيات المتخيّلة. 

والمؤلثف يعترف أنه من الممكن إستقاؤه مما aña‏ علماء اللغة الأقدمين من بحوث بل 
إنه اعتمد عليه؛ إنما لا يعني ذلك أنه يندرج تحت الثقافة الأدبية للقصة الفنية ولكن نحا ذلك 
المنحى بالالتفات إلى مسائل البيان العربي القديم — لترضى عنه العقلية الأزهرية التي تجهل 
الثقافة القصصية ولا يعجبها إلا ما اتصل بالقديم بسبب - والحق أنها عبارة بالغة الغرابة من 
قبل خلف الله كم سام برجم كان عاك مروت 
الأزهرية أم سخطت» ومع ذلك فلم ترض عنه تلك العقلية فهي التي قادت الثورة عليه ونخرج 
من ذلك أنه بذلك خاصم روح العلم أو المنهج العلمي وأغضب العقلية الأزهرية. 

ويُرجع المؤلف الإهمال الشنيع الذي لقيته القصة الفنية في بيئاتنا الرسمية ولدى أساتذة 
اللغة العربية في معاهدنا وجامعاتنا إلى عدم وقوف القدامى من البيانيين وعلماء اللغة عليها. 

ويذهب إلى أن بعض المفسّرين وعلماء اللغة لهم وقفات على أعتاب القصة أما 
الأخيرون (علماء اللغة) فقد اكتفوا بتحديدات مبهمة وتعريفات ناقصة وما يثيره لفظ القصة 
نفسه من معنى في الذهن وهذا جريا على منهجهم في الكشف عن معاني الألفاظ وما قد تضمّه 
من مصطلحات علمية وفنية. 

أما المفسّرون فقد خطوا إلى الأمام خطوة لأنهم نظروا إلى المسألة باعتبارين: الأول 
لغوي وفيه شاركوا اللغويين والآخر ديني وهو القصد الذي تغيّاه القرآن الكريم من قصصه أو 
ما هدف إليه وفي نظر خلف الله أن الرازي هو أبرز ممثل لهذا الاتجاه وأتى بمقاطع من 
تفسيره تؤيّد وجهة نظره. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


لفظة قصة عنده تعني شيئا أعمق مما كانوا يذهبون إليه وهو متابعة الخبر أو الحديث» إنما هو 
ذلك العمل الأدبي الذي هو نتيجة لتخيّل القاص لحوادث وقعت من بطل لا وجود له أو لبطل 
له وجود ولكن الأحداث وقعت أم لم تقع للبطل إنما نظمت على أساس فني بلاغي ولا مانع 
a‏ اي الريك ين eee DT‏ إلى 
الا وا pe pee in 7 E e‏ وإقامة الدليل والبرهان؟ 
وقبل أن يجيب المؤلف على هذا السؤال يطرح تنويها يقطع أو يشي بما يتسم به من 
وله موف يحبا القراء أو لري تي رحلة vai Élu‏ الك بوه علي 


لهذا العرض يكتفي بألوان DE‏ 


أ التاريخي: وهو الذي يدور حول الشخصيات التاريخية مثل الأنبياء والمرسلين 
وهو الذي اعتقد الأقدمون أن الأحداث القصصية فيه هي الأحداث التاريخية. 
ذهب بعض الأقدمين ولا يلزم أن تكون أحداثه من الحقائق فتكفي فيه الفرضيات والمتخيّلات. 

ج الأسطوري: تبنى فيه القصة على إحدى الأساطير يكون القصد من إيرادها 
تحقيق غاية علمية أو تفسير ظاهرة وجودية أو شرح مسألة مستعصية على العقل. 

القصة التاريخيةء ما زال خلف الله يتساءل: هل صياغة القرآن للأحداث 


مقدمة تحليلية 


والأشخاص في هذا اللون من القصة قصد به إلى العظة والعبرة أم إلى الحقيقة والتاريخ؟ 


ثم يضرب أمثلة حتى يمكن استخلاص هدف القص القرآني. أولها العذاب أو العقاب 
يصل إلى أن القرآن تخلى عن كثير من التفصيلات مثل عدم ذكر أي شيء عن حال عاد قبل 
لأن القصد هو تخويف مناوئي محمد صلَّى الله عليه abus‏ ولم يكن ذلك في هذه السورة فحسب 
بل فعل ذلك في العديد من السور المماثلة لأنها al)‏ تنزل إلا للإنذار والتخويف من العذاب) 
وبذلك يمكن أن يقال أن القرآن يختار من المواد القصصية ما يحقق غرضه ويوفي بقصده. 
ويؤوب إلى قصة عاد فينتهي إلى أن قصده (القصص القرآني) لم يكن التعريف بالتاريخ ولا 
تعليم الوقائع إنما هي قصة أدبية نزلت للتخويف والإنذار. 

a‏ ل aa‏ ل ل ae‏ د 
الراك Sites alle à‏ فا بلاغيا و التهى. إلى أن المقصتوة-من. القضة الزام us Na Anal‏ 
واستحقاق التدمير لمكذبيهم ثم عرَّج إلى ما جاء في Re ak ie‏ 
أيضا وأنها لم تأت به إلا لما فيه من العبرة والموعظة وهي المقصودة بالذات ‏ ويقرر في 
وك ف Aer‏ أن Da‏ قيض لبي كي رحد ول ين IN DR‏ 
للتأثير فى اشر وهل ا فيا ons Cu (jeu Ca,‏ 
والوجدان. 

هنا نذكّر بما قلناه في مفتتح هذه المقدمة من أن خلف الله لم يطرح فكرته طرحا 
Sa ya‏ بل كان يقثم بين يذيها الأسانيد العقلية As‏ 

والمثل الثاني من قصة آل لوط فقد وردت في سورة | لحجر بصورة وفي سورة هود 
بصورة أخرى مغايرة فمجيء الملائكة إلى لوط واضطرابه النفسي وقدوم قومه إليه وموقفه 
منهم وعرضه بناته عليهم وموقف الملائكة وإخبارهم إياه أنهم رسل ربه ثم نصحهم له 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


بالسرى وأن العذاب نازل بالقوم صبحا في سورة هود يشعر بأن الزمن هو المحور الذي ربط 
الوقائع وكذا المحاورة مع القوم تدل على عدم معرفته بالذين قدموا وأنهم رسل ربه وكذلك 
الضيق الذي انتابه خوفا على ضيوفه. ولذا ينتهي المؤلف إلى أن السبب في قصص سورة 
هود Lal‏ هو لتثبيت فؤاده أما القصد من القصة ذاتها في الحجر فهو بيان ما ينزل بالمكذبين 
وهذا يضح من حرص القرآن على إعلان الملائكة عن نفسها وإخبار لوط بالعذاب الذي 
سينزل على قومه ويذهب خلف الله إلى أن ذلك كان ملائما لحال النبي محمد عليه السلام وقد 
استقى ذلك Le‏ ورد في ختام السورة وأن ترتيب أحداثها ينبني على أساس غايته تحريك 
العاطفة وهز العقول والأفهام وبالتعبير المعاصر: منطق العاطفة والوجدان. 

ويؤكّد المؤلف أن اختلاف أسلوب القرآن في بناء القصص والذي اتضح في المثلين 
اللذين ضربهما من سورتي الحجر وهود أشكل على القدماء ومن ثم قالوا أن هذه الحادثة في 
موطن غير التي وردت في موطن آخر ودل على مذهب القدماء بما أورده النيسابوري. 
ويعقب على ذلك بقوله أن مقاصد القرآن هي التي تملي عليه الأسلوب والطريقة وتسلسل 
الأحذات الريط نها وبين 'العاطفة والويجدات o‏ 

وهنا يتعيّن علينا أن نسجّل هذا الكشف الفني الذي توصل إليه خلف الله... والذي 
يضاف إلى رصيده في gual‏ عن القرآن وتجلية ما فيه ورفع ما تبادر إلى أذهان المفسّرين 
القدامى من وجود إشكاليات فيه. وقد دفعت الأمانة العلمية المؤلف إلى أن يقرر أن الأستاذ 
الإمام محمد عبده قد سبق إلى كشف قاعدة القرآن في ترتيب الأحداث وضرب La Ma‏ جاء 
في تفسير المنار وينتهي إلى أن الأستاذ الإمام يرى أن ترتيب الأحداث يرجع إلى اعتبار 
بلاغي خاص من أجله يقوم العرض على أساس عاطفي يخالف الأساس الذي يقوم عليه 
ترتيب الأحداث عند المؤرخين. 

وواضح أن الأستاذ الإمام قد اهتدى إلى جزئية خاصة مما اكتشفه خلف الله ولا يفهم 
من هذا غض من قيمته أو تهوين من شأنه أو تقصير من قامته لحساب خلف الله فهذا ما لا 
يقول به عاقل. وينهي المؤلف هذه الفقرة أو هذا المثل بأن أحداث التاريخ التي وردت في 
القصص القرآني رتبت ترتيبا عاطفيا قصد تحريك الهمم والنفوس وبعبارة أوضح هي لون من 
القصص التاريخي الفني وترتيب] على ذلك فإنها وزن بميزان الفن القولي لا بموازين 
المؤرخين. 


مقدمة تحليلية 


والمثل الثالث من سورة الشعراء الآيات ١٠١‏ إلى NYO‏ وهى تتناول قصة عاد وهود 
والآيات ١7‏ إلى ٠٤٠١‏ وهي تتحدث عن قصة لوط فرغم اختلاف مواد البناء في كل فإن 
وحدة التصميم واتفاق البناء لا تخفى عن عين الناظر المتوسم. وقد لاحظ المؤلف أن 
المطالع في الأولى والثانية متفقة بل إن الاتفاق شمل الألفاظ والتراكيب وكذا الخواتيم اتتفقفت 
Wa‏ 

والجو العاطفي الذي يسود القصتين واحد die‏ حرص الرسل على هداية أقوامهم, 
والذي يدفعهم إلى ما يرقق العواطف ويذيب القلوب وكذا الاتفاق بين المناوئين واتخاذهم موقفا 
Ta ga‏ وهو التكذيب وعدم الاستجابة. 

وأساس هذا الاتفاق في القصتين واحد سواء في البناء أو الروح مع اختلاف العناصر 
مثل الأحداث والأشخاص والحوارات وسر هذه الوحدة هو القصد الذي يرمي إليه القرآن وهو 
حرص محمد عليه السلام على هداية قومه ثم موقفهم منه. وينتهي الباحث إلى أن المنطق 
العاطفي هو الذي يسود القصة التاريخية في القرآن من حيث الذكر والحذف والتقديم والتأخير 
والبناء والتصميم إذ هو قصص أدبي في المقام الأول ومعجزة بلاغية قولية ثفهم بأضواء 
الدرس الفني. 

يذهب خلف الله إلى أنه فى الفقرات السابقة ما يدل على أن القصة التاريخية ليست 
عرضا تاريخيا تطلب فيه المطابقة الواقعية المحققة للصدق العقلي إنما هي عرض أدبي يقصد 
منه ما لا يُقصّد من التاريخ وذلك يلاحظ في اختيار المواد دون بعضها AYI‏ وترتيب المواد 
والصوغ والتركيب وكل هذه الأمور توجّه لتحقيق القصد والغرض. 

وينتقل بعد ذلك إلى موقف القرآن من العنصر القصصي الواحد Mad‏ توجيه الخظاب 
إلى بني إسرائيل بتذكيرهم بأنه نجّاهم من آل فرعون وما كانوا يفعلون بهم (الآية1: من 
سورة البقرة) والمخاطب هنا هم اليهود المعاصرون للنبي عليه السلام ومع ذلك لم يأت 
الخطاب بصيغة الماضي بل بصيغة الحضور والمشاهدة أي كأنه وقع لهم لا لأجدادهم 
وتفسيره أنه من العناية الأدبية التي هي من أسرار إعجازه وللتأثير على النفوس وهو ما 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


يسمّى بمنطق العاطفة والوجدان أي بهدف ترقيق قلوبهم وصرفهم إلى الإيمان بمحمد عليه 
صورة قادرة على تحريك القلوب واستثارة العاطفة والوجدان. 

والصورة الثانية وهي ما قاله الضعفاء للمستكبرين من أنهم كانوا لهم تبعا de‏ يغضون 
agic‏ شيئا من عذاب الله ورذهم عليه بأنهم لو هداهم الله لدلوهم على الهدى وتدخّل الشيطان 
بأنه وعدهم وعدا باطلا ثم أخلفهم الوعد وتركوا وعد الله الحق وكل ما à Li‏ أنه دعاهم 
فاستجابوا له دون أن يكون له عليهم سلطان (الآيتان ۰۲١‏ ۲۲ من سورة إبراهيم). 

ويرى المؤلف أن هذه الصورة ‏ زمانيا لم تقع ‏ والمنطق العقلي يوجب تصويرها 
بصيغة المستقبل لا الماضي كما فعل القرآن والهدف من ذلك هو إصلاح نفوس الناس 
وهدايتهم بتبصيرهم Les‏ ينتظرهم من مساءلة ومؤاخذة» وبث الخوف في نفوس معاصري 
النبي عليه السلام وتذكير المستضعفين منهم بان إتباعهم للمستكبرين سوف يودي بهم إلى 
العذاب الأليم وتعريف المستكبرين بأن جريهم مع الهوى وإتباع الشيطان سيهوي بهم إلى قاع 
الجحيم وليعلم منكري البعث من المعاصرين لمحمد عليه السلام أنه حق لا ريب فيه وصيغة 
الماضي هي الصيغة المثلى للتعبير عن ذلك كله فهي التي تدل Ge‏ على الوقوع وعاطفيا أو 
بلاغيا على أن الحدث حق لا ريب فيه. 


ويستدل المؤلثف على مذهبه هذا بالآيتين التاسعة عشرة والعشرين من ذات السورة 
(إبراهيم) وفيهما يوجّه الخطاب إلى معاصري النبي عليه السلام بأن الله خلق السموات 
والأرض بالحق وهو قادر على أن يُذهبهم ويأتي بخلق جديد وما ذلك عليه بعزيزء فهذا 
المنطق هو المنطق الأدبي منطق العاطفة والوجدان ويضيف خلف الله أن القدامى من علماء 
البلاغة تنبَّهوا إلى العلاقة بين الصورة والصيغة وبين أثرهما النفسي والعاطفي ثم ساق فقرة 
كاملة مما جاء في (المثل السائر) وأن ابن الأثير صاحبه ينتهي إلى أن المنطق الذي يسيّر هذه 
الصيغة هو المنطق النفسي أي البلاغي الأدبي الفني لا المنطق العقلي ومع ذلك كله فقد حير 
هذا الصنيع القرآني أولئك القدماء لتمسكهم بالمنطق التاريخي مما أوقعهم في DÉS‏ من 


مقدمة تحليلية 


المآزق والمشكلات وضرب المؤلف لذلك مثلاً طالما ردّده وهو خطاب الله لعيسى ابن مريم 
وسؤاله إياه عما إذا كان قد قال للناس أن 58153 0 هو وأمه مريم فقد وقفوا عندها مليا وإذ 
نظروا إليها من المنطق التاريخي تساءلوا متى وقع ذلك الحوار؟ 


البعض ذهب إلى أنه وقع عند رفع عيسى عليه السلام إلى السماء واستدلوا على ذلك 
أنها جاءت بصيغة الماضي. والبعض يرى أنها لم تقع وإنما سوف تقع يوم القيامة وحجّته في 
ذلك قوله تعالى بعدها هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم فهو وصف ليوم القيامة وممّن قال به 
النيسابوري ويعلل الباحث ذلك أنهم جعلوها من المنطق العقلي ولو أنهم انطلقوا من المنطق 
الأدبي الفني منطق العاطفة والوجدان وبحثوا عن قصد القرآن وأنه توبيخ لنصارى عصر 
محمد عليه السلام لتمسكهم بتأليه وعبادة عيسى عليه السلام لما وجدوا في ذلك مشكلة. 
وينتهي إلى أن هذه المحاورة تشبه تلك التي دارت بين المستضعفين والمستكبرين وبين هؤلاء 
والشيطان. ركيت !لي إن Le‏ 439 في OLA‏ من يهلا فد العامة يرطي Ci‏ على اراوح sis‏ 
لا Le‏ فى يلق ga goal‏ لدو كان b id‏ اقتربت الساعة وانشق القمر OS‏ 
ولا أتى أمر الله فلا تستعجلوه 4ا "© ويخلض إلى أن اسلوب fi‏ فى .ركن dl‏ 
القصصية الجزئية كان أسلوبا Quoi‏ يخضع لمنطق العاطفة والوجدان. 

وإذا كان بعض الأقدمين ذهب إلى أن الاستعارة أو التخيّل كذب والكذب لا يجوز 
وقوعه في القرآن فقد مضى ذلك الزمن واعترف علماء البيان أن الاستعارة والتشبيه والكتابة 
بلغ من La né‏ وان العجاز أبلغ من الحقيقة ويعيبة على الزمخشري دين أدخل قوله تحالى 
ط فإذا هي ثعبان مبين 4( في الموضوع فهذا عنصر آخر لأن الآية Jas‏ موقفا مغايراً 
للموقفين السابقين وهما: حوار المستضعفين والمستكبرين والشيطان وقول الله تعالى لعيسى 


.١ ANI سورة القمرء‎ )١( 
à) الآية‎ «Jail سورة‎ (ï) 
YY ANT وسورة الشعراءء‎ ٠١١ ANT سورة الأعراف»‎ (Y) 


tV 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


« أأنت قلت للناس... 4 لأن انقلاب العصا إلى ثعبان مبين لا يقوم على اعتبار بلاغي 
عاطفي إنما أراد القرآن منه تقديم صورة يشيع فيها الخوف من كل جانب ثم ينتقل إلى القصة 
التي وردت في سورة طه التي نزلت تسلية للنبي عليه السلام ومن هنا جاء عرض القصة فيها 
عرضا Ga‏ يدفع إلى النفس الثقة والاطمئنان ويدفع عنها الهم والحزن ومن هنا كان اختيار 
الحية اليق بالمقام بخلاف ما جاء في سورة الشعراء من أنها ثعبان مبين لان الموقف فيها 
موقف تحير وتحد وطلب بينة. 

والنتيجة التي ينتهي إليها هي أن العنصر القصصي الواحد يُعرض في صور مختلفة 
تناسب السياق ويُلحظ فيها القصد والغرض Gas‏ للمنطق العاطفي وأن القرآن يعمد إلى 
التصوير الأدبي الفني لا التعليمي التاريخي (وليس بعد ذلك دلالة على أن القصة التاريخية في 
القرآن قصة أدبية). 

ثم يورد المؤلف الآيات ۲١‏ وما بعدها من سورة الكهف وهي الأجزاء القصصية 
الخاصة بأصحاب الكهف ANAN‏ على أن القصة التاريخية في القرآن قصة أدبية تصور 
الأحداث كما يعتقدها المخاطبون وهو ما أجازه بعض الأقدمين ورأى البعض الآخر أنه لازم 
ليسلم القرآن من المطاعن ويستقيم أسلوبه الأدبي في القص وكذلك الآيات من ۸۳ إلى 18 من 
السورة ذاتها وهي التي تحكي قصة ذي القرنين ثم يعقبه بما أطلق عليه (صنيع الأقدمين): 
| البعض فيما رواه الطبري يرى أن القرآن الكريم صوّر قصة أصحاب الكهف طبقا 
لآراء أهل الكتاب وهذا يتضح من جهة عددهم في قوله je‏ ذكره # ولا تستفت فيهم منهم 
أحداً 4 أي لا تستفت في عدتهم من أهل الكتاب Tani‏ لأنهم لا يعلمونها وإنما قولهم فيهم 
رجما بالغيب لا يقينا من القول وعن المدة فإن ما ورد في السورة بشأنها Tea)‏ سنة) هو خبر 
من الله تعالى عن Jai‏ الكتاب ومّن ذهب إلى ذلك كما ela‏ في الطبري استشهد 


NANI سورة المائدةء‎ )١( 
SYAN AN سورة الكهف,‎ (ï) 


مقدمة تحليلية 


على صحة قوله p‏ قل الله Les alej‏ لبثوا 4 ولو كان خبرا منه عن المدة لما كان لهذا القول 
وجه مفهوم. 

ويخلص الباحث في هذه الجزئية إلى أن هناك من بين القدامى مَّن أجاز كون الصورة 
التاريخية صورة لما يعرفه Jai‏ الكتاب ودلالته أن القرآن الكريم ya‏ في عدد من قصصه 
اعتقاد المعاصرين أو المخاطبين. 

وعندما رة فضيلة الشيخ عبد الوهاب النجار على المستشرقين فيما كتبوه عن سورة 
الكهف في دائرة المعارف الإسلامية استند على هذا المذهب أو هذا الرأي. ويكرر خلف الله 
ما كرره من قبل من أن آراء اليهود كانت المقياس الذي به يقيسون صدق النبي عليه السلام 
فلو نزل القرآن بغيرها أي بما يخالف المقياس المذكور لكذبوا النبي ولما آمنوا به أو بالقرآن 
الذي جاء به أي أن إخبار القرآن بما أخبر سواء عن العدد أو المدة هو الدليل على أن الوحي 
ينزل على النبي محمد عليه السلام من السماء. 

والحق أن في النفس أشياء من هذا التفسير الذي يتبتاه خلف الله في العديد من 
النفس بشأنه عديدة منها: 

هل آمن اليهود برسولية محمد وصدقوه واتّبعوه بعد أن ela‏ القرآن (صورة لما يعرفه 
أهل الكتاب)؟ 

من نوافل الكلام أن تقول إن الجواب معروف أليس القول بأن مجيء القرآن مطابقا 
للصورة التي يعلمها أهل الكتاب في خصوصية العدة والمدة وذلك للتدليل على صدق نبوة 
اليهود حاكم على القرآن وبعبارة أوضح أن القرآن رضخ لمقياس اليهود حتى تثبت Bon‏ محمد 
ans‏ ان ie‏ هاو كديرا 

هل ما قاله البعض من القدامى ووافقه عليه خلف الله ومن قبله النجار يتفق مع 


NANI سورة الكهف,‎ )١( 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


رأي القرآن في اليهود؟ وكيف يلائم ما جاء في القرآن إن بشأن عدة الفتية أو مدة مكثهم 
بالكهف تصوير معارف اليهود وقد رماهم القرآن بكل خسيسة ودمغهم بكل نقيصة وأوعر من 
هذا جميعه أن تكون المطابقة لهذه المعارف هي مقياس صدق محمد وأنه Jon‏ يُوحى إليه 
من السماء؟ 

أن المنظق .و لفقل" لا Obs‏ ذلك وير فصان Gas ANG‏ العادئ: ju‏ من À M AY‏ 
الكذوب ميزان لصحة كلامه فما بالك aib‏ تعالى جل جلاله! إن الذي لا شك فيه أن رغبة 
خلف الله العارمة في إثبات أن المذهب الأدبي الفني هو المدخل الصحيح لتفسير ما أطلق عليه 
(القصص التاريخي) والذي سوف نتناوله بالتعقيب في مغلاق هذه الفاصلة» هذه الرغبة هي 
التي دفعته لهذا القول. 
(ماء وطين) فذكر أن بعض أصحاب القراءات السبع كانوا يقرأونها في عين حامية وأن 
جندب بن جنادة المشهور بأبي ذر الغفاري روى عن النبي Gaa‏ جاء فيه أن الشمس تغرب 
في عين حامية وأن معاوية ‏ وهو في نظرنا من الصحابة الذين امتازوا بقدر لا بأس به من 
العقلانية كان يقرأ حامية Cal,‏ وأيّده في ذلك عبد الله بن jee‏ ولكن عبد الله بن العباس 
— ترجمان القرآن - قال أنها حمئة وأن كعب الأحبار ‏ وهو أحد المنسوب إليهم الولوغ في 
call ul‏ — عندمنا ملقل: 


كيف تجد الشمس تغرب؟ 

أجاب: في ماء وطين كذلك نجده في التوراة. 

بيد أنه لما ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها وأن الشمس في الفلك 
فكيف Jin‏ دخولها في عين من عيون الأرض؟ فإن تأويل غروبها في عين حمئة له عدة 
Res‏ 

الأول: أن ذا القرنين بلغ أقصى (المعمور) فكأنما وجد الشمس تغرب في عين مظلمة 
— كما أن راكب البحر يراها كأنها تغيب فيه — والذي نراه أن هذا التأويل نوع من Jani‏ 
فلو كان ذلك لجاء: تغرب في ظلام. 


5٠ 


مقدمة تحليلية 


الثاني: أن للجانب الغربي مساكن يحيط بها البحر ذي المياه الساخنة للغاية فهي حامية 
وحمئة لكثرة ات ل وهذا اتأويل في راينا لا يقل عن سابقه Us‏ مما 
سوداء مسألة فيها نظر. 

الثالث: قول أهل الأخبار أن الشمس تغيب في عين كثيرة الماء. والرازي نفسه كشف 
عن فساده بقوله (وهذا في غاية البعد) ويرى أن الشمس طالعة وظاهرة في كل الأوقات لأن 
الذين عندهم ليل في نصف الكرة يكون هناك نهار طالعة فيه الشمس عند من هم في النحصف 
الآخر ومن ثم يغدو القول بغيابها في عين حمئة على خلاف اليقين ولما كان كلام الله مبرأ من 
ذلك لزم التأويل (الذي ذكرناه) مع أننا رأينا أن هذا التأويل أو التأويلات (ليست بشيء)! 

ويخلص خلف الله إلى أن كلا من النيسابوري والرازي وأبي حيان ذهبوا إلى ضرورة 
التأويل في هذه المسألة (ليبرأ كلام الله من أن يكون على خلاف اليقين) ويضيف أنه إذ Gi‏ 
ليست في حاجة إليها إذ أن القرآن سواء في هذه القصة أم تلك التي سبقتها إنما كان يصور 
عن محمد وهل هو نبي حقا. 

ثم يقارن بين الطبري والزمخشري صاحب الكشاف من جانب وبين الرازي من جانب 
آخر ويُرجع العلّة في ذلك إلى أن الأخير (الثالث) عرف ما لم يعرفه الأول والثاني عن حقيقة 
الشمس والأرض وسائر الكواكب ومن ثم فلم يضطرا هما إلى التأويل» إذن الكشوف العلمية 
هي التي دفعت الرازي إلى طرح تلك التأويلات. 

ويوضح لنا خلف الله السبب في اضطراره إلى القول بأن هذه القصة تصور المعارف 
التاريخية والكونية عند Jai‏ الكتاب والمشركين المعاصرين للنبي عليه السلام. السبب هو 
تاريخ المسألة في حياة النبي وموقف المشركين واليهود منه وتوجيههم الأسئلة إليه بشرط أن 
تكون الإجابة (عليها) كما يعرفون. وفي رأينا أن تعليل خلف الله يشوبه 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الاضطراب الذي يؤدي إلى عدم الإقناع فهل المقصود هو تاريخ المسألة في حياة محمد 
وموقف المشركين واليهود منه أم هو تاريخها كما يعرفه اليهود Dad‏ أي التاريخين يؤم وهما 
مختلفا 

ل 


فالوفد الذي أرسله بنو قريش لليهود في يثرب لمعرفة حقيقة محمد وهل هو نبي أو 
متقول ثم رد أحبار اليهود على الوفد بسؤاله عن مسائل ثلاثة حدّدوها فإن عرف إجاباتها فهو 
نبي وإلآ فهو مدع للنبوّة» هذا تاريخ أو هذه واقعة تاريخية. 
(السؤال الثالث كان عن الروح ولا يدخل في نطاق البحث). وهذا تاريخ أو على الأقل هو 
كذلك من وجهة نظر أحبار اليهود. 

فإن كان الثاني (الأخير) يصدق عليه ما قاله خلف الله (القصة jai‏ المعارف 
التاريخية والكونية عند Jai‏ الكتاب) فهل الأول يصورها كذلك؟ 

إذن الجمع بين الأمرين وإن شئت الدقة بين التاريخين أحدث تشويشا نتج عنه نزع 
المنطقية أو المصداقية عن العِلّة التي طرحها المؤلف daly‏ هذه الفقرة تؤكّد ما سوف نطرحه 
من رأي في مذهب المؤلف عن تاريخية القصةء أو القصة التاريخية. 

وربما استشعر خلف الله ما في رأيه من وهن ومن ثم فقد جاء في نهاية هذه الفقرة 
السادسة وقال إن القرآن يعرض الأمور التاريخية أحيانا مطابقة لاعتقاد المخاطب (بفتح 
الطاء) وهو الأمر الذي يخ رجنا من الميدان التاريخي ويدخلنا ميدان البلاغة والأدب لأن 
القصد هو استثارة العاطفة والوجدان. فهنا بصريح العبارة: عرض القرآن للوقائع حسب عقيدة 
المخاطب عنها خارج عن ميدان التاريخ وداخل في ميدان الأدب والبلاغة والفن والبيان.. 
الخ. إذن فما هو الداعي لإدراج هذه النوعية من القصص تحت عنوان (القصص أو å aill‏ 
التاريخية)؟ 

يأخذ المؤلف بعد ذلك في الفقرة السابعة والأخيرة من هذا الجزء الثاني من الفصل 
الأول (القصة التاريخية) في تقديم مزيد من الأمثلة أو الأدلة على الفكرة التي سيطرت عليه 
وملكت عليه كل تفكيره وهي أن صنيع القرآن في قصصه التاريخي ليس إلا الصنيع 


مقدمة تحليلية 


الأدبي وحسب. ويأتي على رأسها الجمع بين العناصر المتباعدة زمنيا في حياة الأمة بل في 
حياة البشر. ويمثل للأولى Le‏ ورد في حق بني إسرائيل أنهم يجدون نعت محمد في التوراة 
والإنجيل فإن كان المقصود هم الأسلاف فكيف يعتقدون نبوّته وهو لم يُبِعث بعد كما أنه في 
ذاك الزمان لم يكن الإنجيل قد أنزل؟ 


وإن كان المراد المعاصرين فلا يفوز بها (هذه الرحمة) إلا Ge‏ اتقى من بني إسرائيل 
وآتى الزكاة وآمن بالدلائل في زمن موسى واتبع آخر نبي الزمان في شرائعه. 

غاية القول أن القرآن جمع بين عناصر متباعدة في حياة بني إسرائيل. 

أما هذا (الصنيع) في حياة البشرية فقد جاء بصدد الحديث عن قصة هابيل وقابيل ابني 
آدم ف ففي البحر المحيط أنهما لم يكونا كذلك وإنما هما أخوان من بني إسرائيل لأن القربان 
شرع في بني إسرائيل وفي رأينا أنها ملاحظة غاية في الدقة والذكاء لأن تاريخ الأديان يخبرنا 
أن تقديم القرابين جاء متأخرا كثيرا عن فجر البشرية وأنها تفاوتت ما بين قرابين بشرية 
وحيوانية مما يجعل أنه من أعسر العسر تقديم قابيل وهابيل ابني آدم قرابين لعدم معرفتهما 
بهذا الطقس العبادي. والذين دفعوا ملاحظة صاحب البحر قالوا إنه من المستحيل Aie‏ أن 
يجهل بنو إسرائيل طريقة الدفن حتى يعلمهم إياها غراب؟ ويفهم من سياقة قول خلف الله أنه 
أخذ بهذا الاعتراض إنما في رأينا أنه اعتراض غير سديد لأن الجمع بين تقديم القربان والقتل 
غير لازم إذ قد يرجع القتل إلى فوز الأخ بالأخت أو الزوجة الجميلة ثم بعد ذلك des‏ طريقة 
مواراة الجثة في الثرى أما تقديم القربان فهو طقس متأخر لم تعرفه البشرية وتضمنه عباداتها 
إلا بعد حين إما استرضاءً للآلهة أو إتقاءً لغضبها! 

وينتهي خلف الله إلى أن المخرج من هذه البلبلة كلها في القصتين أن القرآن ما قصد 
إلا التصوير والتمثيل على أساس أدبي عاطفي ولو باعد الزمان بين أحداث القصة الواحدة. 

والصنيع الثاني هو إنطاق الأشخاص بما لم ينطقوا به مراعاة لأمور إعتبارية وهو ما 
أجازه كثير من المفسّرين والمثل على ذلك - وقد كرّره خلف الله كثيرآ — à‏ وقولهم إنا قتلنا 
المسيح عيسى ابن مريم رسول الله 4 ومعلوم أن اليهود لم يعترفوا برسوليته ولكن الرد 
ياتي 


NOV ANT سورة النساءء‎ )١( 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


على أن ذلك La‏ جاء للإستهزاء كما ورد على لسان فرعون عن موسى OP‏ رسولكم...14") 
وقد أجاز هذا التأويل بالإضافة إلى الرازي كل من النيسابوري وأبي حيان. ويعقّب المؤلف 
SU‏ إن إنطاق الأشخاص Le‏ لم ينطقوا به لاعتبارات يراها الخالق Je‏ وعلا دليل على أن 
القصص القرآني عرض الأحداث والأقوال عرضا Gal‏ لا تاريخيا. 

وثالثها إسناد الأحداث لأشخاص بأعيانهم في موطن ثم إسنادها بذواتها لغيرهم في 
موطن آخر وضرب لذلك مثلا سبق له أن ضربه وهو عبارة jalul p‏ عليم 4 عن موسى» 
فهي مرة نطق بها فرعون ومرة جاءت على لسان all‏ من قومه وكذلك البشارة بالخلف بعد 
العقم المديد مرة وُجّهت إلى الزوج إبراهيم ومرة أخرى خوطبت بها الزوجة سارة. وهذه كلها 
ثراكم الأدلة على أن القرآن في سرده يعرض عن الأساليب التاريخية ويعتمد على الأساليب 
الأدبية والوسائل الفنية أو البلاغية. ويطلب منا المؤلف أن نتّفق جميعا ولا يشذ واحد منا على 
وجود القصة التاريخية الأدبية في القرآن وأن المنطق الأدبي هو الذي يسودها وإلى هنا يختم 
التاريخي إذ لم يحدّد Li‏ المؤلف المعيار الذي انطلق منه لتحديد تاريخيّة القصة: 

هل هو ثبوتها في مدونات التاريخ المعتمدة؟ 

أم هل هو احتفاظ الشعوب في ذاكرتها لوقائعها؟ 

وهل مجرد ورودها في التوراة يُضفي عليها صفة التاريخية؟ 

لقد كان حريا به وهو بصدد كتابة بحث أكاديمي أن يفعل ذلك ولعل إغفاله ذكر هذا 
أنها ليست كذلك. فنزاع ابنى آدم Jäs‏ أحدهما الآخر وجهل القائل بكيفية دفن جثة أخيه 
المقتول هذا ليس تاريخا وإنما هو أدخل في باب الميثولوجيا ولهذه الأحدوثة ة (العامة في 


)\( سورة الشعراء الآية NY‏ 
(Y)‏ نفس السورة» الآية 5" وسورة الأعراف» .٠١5 ANT‏ 


tié 


مقدمة تحليلية 


مصر تقول: الحدوتة أ.ه.) مثيلات في عقائد العديد من الشعوب القديمة والبدائية الحالية مثل 
أحدوثة الطوفان والسفينة المُعجبة التي أنقذت البشرية من الانقراض! 


وكذلك حكاية عاد وهود وهلاك القوم بالريح التي تحمل العذاب الأليم فهي من 
الفولكلور العربي القديم وحتى الآن يُضرب مثل للرسول (الوافد أو المندوب) المشؤوم ب 
(وافد عاد). 
يوم وسدوم التي ضربها أحد الزلازل فشسب إلى iid‏ أحاقت بهم من جراء شذوذهم الجنسي 
تنفيراً من دعاة الإصلاح لهذا العمل الخبيث وكذلك قصة أهل الكهف الذين لبثوا فيه أكثر من 
ثلاثة قرون وهم يغطون في نوم عميق وينعمون بأحلام وردية دون أن يصابوا بجوع أو LE‏ 
ولا تتغير أجسامهم بمضي القرون فلما استيقظوا ظنوا أنهم ناموا بضع ساعات. 

وكذا قصة ذي القرنين الذي غزا البلاد ودوّخ السلاطين والملوك والأقيال وسار إلى 
الشرق حتى وصل إلى حدود بلاد يأجوج ومأجوج فبنى fau‏ منيعاً din‏ وبينهم. ومن ضمن ما 
رآه في رحلاته تلك: الشمس وهي تغرب في عين حمئة. 

والبعض بكل جرأة على الحق يؤكد أن ذي القرنين هذا هو الإسكندر الأكبر الذي alah‏ 
الفلسفة وسائر (علوم الأقدمين) على كبير الفلاسفة في كل العصور: أرسطو. ثم بعد ذلك يقال 
إنه رأى الشمس تغرب في عين حمئة أي ماء ساخن وطين من عيون الأرض التي تعلم من 
tels‏ حول لشم 

ومع ذلك يذهب خلف الله إلى أن هاتين الحكايتين من صلب التاريخ فكل هذا من 
قصص الفولكلور الشعبي الذي كان يتناقله عرب الجزيرة أو اليهود وكان معروفاً ومحفوظاً 
في عهد محمد ويردّده الجميع. فكيف يعتبره خلف الله تاريخا وكيف يعد حكاياه اللطيفة حينا 
والمرعبة Ga‏ آخر تاريخا. 

أما الأوعر من ذلك فإنه يعتبر حكاية موسى وفرعون وخروج بني إسرائيل من مصر 


وضرب ملا فرعون بالجراد والضفادع والقمل والدم وتحدي موسى للسحرة وانقلاب 


£10 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الغضى اق فيه أو فيان أن a ee‏ ر قل ها لمقلا را مجم اف لا 
يوجد في العالم ab‏ حرص على تدوين تاريخه كتابة كمصر وليس في التاريخ المصري شيء 
منها ومع ذلك عدّها المؤلف قصصا تاريخيا. 

والأشد إثارة للدهفن أن يضفي صفة التاريخية على المحاورة التي دارت بين 
المستضعفين والمستكبرين ثم بين هؤلاء الآخرين وبين الشيطان أو على سؤال الله تقّست 
oilani‏ عيسى Lac‏ إذا كان قد طلب من تبعه أن يعبدوه هو وأمه؟ 

ويلحق به ما جاء على لسان اليهود أنهم قتلوا المسيح رسول الله فبأي مقياس يُعد هذا 
تاریخا؟ 

وهل يمكن للقصص التي أوردنا أمثلة منها أن تنضوي تحت صفة التاريخية. وبقدر 
ما أخفق المؤلف في إضفاء التاريخية على هذه القصص بقدر ما حالفه التوفيق في القول بأنها 
حقيقية بحسب اعتقاد المخاطبين بالقرآن المعاصرين لمحمد. 

فعرب الجزيرة آنذاك كانوا يؤمنون بصحة gili y‏ قصص عاد وهود وثمود وصالح 
والناقة وآيات العذاب الأليم الخ. 

واليهود يؤمنون بصدق قصة موسى Ds‏ عون ailes‏ والضفادع والقمل والدم والآيات 
المفصّلات وموسى وشعيب وانقلاب العصي إلى حيّات وثعابين... الخ وخروج بني إسرائيل 
وانشقاق البحر... الخ وقبلها بقصة ابنيّ آدم وبالطوفان وبالسفينة الرائعة التي حفظت ذرية آدم 
من الغرق... الخ. 

إذن كان الأولى أن يصف هذه القصص بأنها (القصص الشعبية والقصص الدينية) ولا 
يغض هذا من قيمتها أو يقلل من قدرها أو يهون من مصداقيتها أو ينال من حقيقتها خاصة 
وأنه جعل النوع الأخير Le)‏ أسميناه القصص الدينية) هو المقياس لصدق نبوّة محمد وصحة 
رسوليته ولو أننا فتدنا هذا الزعم في ما سبق. 

خلاصة القول إن الكسوة التاريخية التي حاول المؤلف أن يدثر بها تلك القصص 
ليست ملامة لها: 


مقدمة تحليلية 


النوع الثاني من القصص هو القصة التمثيلية وهي قصة فنية وهي التي تضرب متلا 
أو تجيء تمثيلاً وهي موجودة في القرآن» ولدى المفسّرين هي تدخل في باب الفن والأدب»› 
والتمثيل ضرب من ضروب البلاغة وفن من فنون البيان ومن ثم ليس بلازم وقوع الأشخاص 
والأحداث والحوارات ولا مانع أن يكون منشأها الخيال أو العرف إذن هي عندهم من 
القصص الفني وهي تحتاج فيما يرى الزمخشري إلى نوع من الذربة والمران وإلا زت 
الأقدام وضلّت الأفهام ويرجع عَدَ هذه التمثيليات لدى البعض من المتشابه إلى العجز عن فهم 

التمثيل. ويخلص خلف الله إلى أن القصة التمثيلية قصة فنية وهو ما ذهب إليه 
الأقدمون وما يشهد به الواقع ثم يضرب أمثلة لهذا النوع من القص: 

نبأ الخصم الذين تسوروا المحراب ودخلوا على داوود وكيف أن أحدهم له تسع 
وتسعون نعجة والآخر له نعجة واحدة فأراد أن يغتصبها منه بذلاقة لسانه فظن داوود إنما 
فتناه فركع واستغفر وأناب. 

واختلف أصحاب التفاسير القدامى ‏ الزمخشري والرازي والنيسابوري وأبو 
السعود ‏ في شأن هذه القصة اختلافا واضحا ويُرجع المؤلف ذلك إلى نظريتهم في الصدق 
والكذب وإلى إيمانهم بمنطق العقل وحده وإهمالهم لما عداه حتى المنطق الأدبي منطق العاطفة 
والوجدان ولا صلة لهذا الاختلاف بالتمثيل وأثره النفسي في العاطفة والوجدان. 

ونحن نرى قدرا ملحوظا من التناقض بين هذا التعليل الذي عل به خلف الله هذا 
الاختلاف وبين ما ذكره في بدي القول من أن هؤلاء القدامى عرفوا أن القصة التمثيلية قصة 
فنية تتأسس على العرف والخيال. ولعل مرد هذا التناقض الذي وقع فيه المؤلف هو موقف 
الأقدمين أنفسهم حين عرفوا الصدق في كتب البلاغة واختلفوا حول التعريف ووقفوا عند 
الصدق المنطقي وهو مطابقة القول للواقع وأدى هذا التعريف إلى إنكار وجود القياس الشعري 
والحقيقة الفنية في القرآن وكلام الأنبياء. 

e jang‏ خلف الله بأنه لا يقول أن كل مواد القصص التمثيلي وليدة الخيال ذلك لأن 
بعضها قد يجيء وليد الأحداث الواقعية وهذا واضح من قصة الملكين (الخصم الذين تسوروا 
المحراب) ولا ندري كيف عدّها المؤلف ذات أحداث واقعية وهو يدرجها في باب 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


القصص التمثيلي ومن أين جزم Wb‏ المتسورين ملكان مع أن هذا قول بعض المفسّرين وليس 
إجماعا منهم إذ أن بعضهم ذهب إلى أنهم من البشر. 

ولما كان الباحث قد ذهب إلى أن بعض قصص القرآن التمثيلي وليد خيال فإنه fe jo‏ 
لكل معارضة لجوجة يبادر إلى القول بأن الله ojia‏ عن الخيال ولا حاجة له به وإنماجاء 
لحاجة بني آدم إليه فهو أحد الأساليب التي يجرون عليها تعبير عن أحاسيسهم بل وعن 

١‏ حمل الإنسان الظلوم الجهول الأمانة بعد أن رفض حملها كل من السموات 
والجبال والارض ومعلوم أن عرص الأمانة على هذه الجمادات محال ولكن الزمخشري 
صاحب lei‏ يرى أن هذا ما جرى عليه العرب في أسلوبهم فهم يقولون: 

لو قيل للشحم أين تذهب لقال أسوّي العوج» وبداهة الشحم لا يعقل ولا ينطق ولكن 
الغرض هو تبيان أن السمن في الحيوان يحسن قبيحه. 
Y‏ — الأرض في قبضة الله يوم القيامة والسموات مطوية Airan‏ سبحانه وتعالى» ومن 
aes AN A Bagan el el Nes‏ 
عظمته والتوقيف على كنه جلاله مثل الحديث النبوي إن الله يمسك على كل إصبع من أصابعه 
Í paie‏ من عناصر الكون: السماءء الأرضء الجبال» الشجر... الخ. 

الز مخشري صاحب الكثتاف يدلنا على أن المعاني قد تجيء في صورة التمثيل i‏ فيفهم 
سامعها أنها لذات ألفاظها غير مقصودة (كما هي في الكلام المتعارف عليه) إنماهي من 
صنيع الخيال. وهذا موجود في كتاب الله وحتى تستخرج المعاني منه تحتاج إلى ذربة ومقدرة 
في علوم البيان. ومن جانبه يضيف المؤلف أن للتمثيل مظهرين: 

الأول: يجيء في أعقاب المعاني ليزيدها قوةٌ وجلاءً. 

الآخر (الثاني): أن يأتي المعنى ابتداءً في التمثيل. 

وأتى بمثال لكل منهما بالنسبة للأول من سورة ياسين والآخر (الثاني) بقصة الملكين 
مع داوود. 


مقدمة تحليلية 


ذلك إنما يبدو أنه النوع الغالب من التمثيل في القصص القرآني. 

١‏ طلب الحواريين من عيسى بن مريم أن ينزل ربه عليهم مائدة من السماء لكي 
يعلموا أنه قد صدّقهم وليشهدوا هم بذلك عليها ودعاء عيسى ربه أن يستجيب لتكون المائدة لهم 
fae‏ فاستجاب له ربه بشرط أن من يكفر منهم بعدها يعذبه Dlie‏ لا يناله أحد من العالمين 
١١8/517 el)‏ من سورة المائدة)..وقال ADN‏ 5 إن التعطن فف إلى أن :الله ل بزل 
على بني إسرائيل مائدة إنما هو مثل ضربه الله تعالى لخلقه نهاهم عن مسألة نبي الله 
الآيات. 

۲ ما ورد في سورة البقرة الآية ۲٤١‏ عن الألوف الذين خرجوا من ديارهم حذر 
الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم والله ذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون. وفي 
رأي بعض المفسّرين أن هذه ليست قصة واقعية إنما هي مئل وممّن ذكر ذلك ابن كثير في 


aa 


تفسيره. 

۳ قصة الرجل الذي pe‏ على قرية خاوية على عروشها فتساءل al‏ يحييها الله 
فأماته مئة عام ثم بعثه ثم Jiu‏ عن مدة لبثه فأجاب: يوما أو بعض يوم فقيل له بل مائة عام 
وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتغير وإلى حمارك وإلى العظام كيف ينشزها الله ثم يكسوها 
لحدا هلما فين له ذلك امن وصدق رد الله التي Ÿ‏ حدوة الها VOA AVI)‏ من مورد Kaga‏ 
وفي تفسير المنار أن هناك احتمالا أن هذه القصة من قبيل التمثيل. 

> سؤال إبراهيم ربه كيف يحيي الموتى فسأله: أولم تؤمن فأجاب à‏ بلى ولكن 
ليطمئن قلبي 4 فطلب dia‏ ربه أخذ أربعة طيور وتقطيعها ببعض ووضع كل جزء منها على 
جبل ثم يدعوها فتسعى إليه كل ذلك ليعلم أن الله عزيز حكيم (سورة البقرة الآية (YT.‏ 
وذهب الرازي إلى أن هذا مثال محسوس في عود الأرواح إلى الأجساد بغاية السهولة ووافقه 
عليه صاحب المنار. أما المتأخرون فقد رأوا أنها من خصائص الأنبياء فى الخوارق الكونية 
وإن كان المقام مقام العلم والبيان والإخراج من الظلمات إلى النور وهو أكبر الآيات. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


o‏ قصة ابني آدم وتقديم القرابين وقتل أحدهما JANI‏ وعجزه Nes‏ أن يواري سوأة 
أخيه وتعليم الغراب له ذلك (الآيات ۲۷ ۳١‏ من سورة المائدة). ويورد المؤلف Le‏ جاء في 
تفسير المنار بشأنها وأنها بيان لتنازع غرائز الفطرة لبني البشر فهنا حدث تعارض بين 
عاطفة وشيجة الرحم مع حب العلو والحسد وأن غريزة الدين هي التي تتولى تهذيب الفطرة 
البشرية بترجيح الحق على الباطل والخير على الشر. 


وسبق للمؤلف أن أورد هذه القصة ذاتها ضمن (القصص التاريخي) وقد اعترضنا 
على ذلك ولعل نظمها في سلك القصص التمثيلي يؤكد اعتراضنا ما قررناه وأن خلف الله لم 
يطرح لنا المقياس الذي قاس به القصة التاريخية وانطلق منه مما أوقعه في الاضطراب عند 
سرده إياها إذ من غير المنطقي أن تكون القصة تاريخية وتمثيلية ON‏ الاولى تطرح وقائع 
تحققت Dad ui,‏ أما الأخرى فعمادها كما ذكر المؤلف الخيال والتمثيل والفن وضروب 
البلاغة وفنون البيان... الخ. 


ونحن نعرف أن القصة التاريخية من الجائز أن توحي بقصة تمثيلية فالقاص المتمكن 
من فنه من الميسور له إبداع قصة تمثيلية يستمد موضوعها أو فكرتها من قصة تاريخية 
حدثت في زمان غابر أو سابق وذلك على سبيل المثال لنقد أوضاع سياسية أو اقتصادية أو 
اجتماعية معاصرة لزمنه ولا يستطيع أن يجهر بهذا النقد وهذا ما يسمى ب (الإسقاط). بيد أن 
هذا لا يخرج هذه القصة التمثيلية من نطاق (القصص التمثيلي) ويدرجها في مجال (القصص 
التاريخي) لأن عمودها الفقري التخيّل والفن والإبداع... الخ. وهذا غير (صنيع) خلف الله فهو 
قد اعتبر القصة الواحدة بقضها وقضيضها مرة (تاريخية) وأخرى (تمثيلية) وهذا ما نأخذه 
عليه. 


G 


o‏ — الآيتان ٠ «YA‏ من سورة الأعراف وفيهما أن الله تعالى خلق الخلق جميعاً 
من نفس واحدة وجعل منها 55 les‏ ليسكن إليها فلما تغشاها وظهر لهما حملها دعوا الله ربهما 
اور فا ودا انت بويا lee‏ ذلك فلم Lai‏ للك ا sorte‏ 
الله عما يشركون. وذهب الرازي إلى أن لهما أكثر من تأويل فالقفال من مذهبه إلى أنها تمثيل 
أي ضرب مثل لبيان جهالة المشركين ذلك أن الله بعد أن رزقهما 


رتك 


مقدمة تحليلية 


الولد الصالح السوي نسباه تارة إلى الطبيعة وأخرى إلى الكواكب وثالثة إلى الأصنام وكل هذا 
شرك والله منزه عما يشركون. 

5 يرى الطبري أن ما جاء في سورة البقرة في قصة آدم عن استكبار oal‏ عن 
السجود لآدم لأنه مخلوق من طين وهو خلق من نار وهذه أشرف كما أنه حسد منه لآدم على 
هذا الفضل الذي ini‏ به ربه عليه حتى أنه jal‏ بالسجود له يرى الطبري أنه Ja‏ مضروب 
لليهود المعاصرين لاستكبارهم وحسدهم لمحمد أن أتاه الله النبوّة. وفي موضع آخر ذهب 
الطبري أنها قصة تمثيلية ضربها الله في سورة صاد لمشركي مكة الذين استكبروا أن يختص 
الله تعالى faal g‏ من دونهم بالنبوة والرسالة. 

وختم المؤلف هذا العرض من أقوال المفستّرين برأي للاستاذ الإمام محمد عبده في 
ET‏ التمثيلية (أورده كاملا) ثم ينتهي إلى أن القصة التمثيلية أو الخيالية موجودة باعتراف 

ثمة التفسير قدامى ومحدثين وهي قصة أدبية. ويأمل ‏ خلف الله بعد كل ما قدّمه من 
ارو لح اسم جردم د 

وينتقل خلف الله إلى (القصة الأسطورية) التي يقول عنها أنها تختلف عن (التاريخية) 
و (التمثيلية) إن من dus‏ مادتها أو تناولها فمن الناحية الأولى فهي قصة بأكملها Lai‏ من 
الناحية الأخرى فهي مخالفة عن النوعين الأولين. 

ورياك إجماع من المعد رين AN aneng A ga A a‏ 
التاريخية وبعضهم أجاز القول بوجود القصة التمثيلية أو غير الواقعية أو الفرضية بتعبير عدد 
مته كذا اهناك إجماع يمك أن نموه مضا على الشعاك القضدة الأسيطووية في الفرآن: 


ويضيف المؤلف أن بعض المفسّرين من أصحاب اللمحات فتح الباب وأجاز وجودها 
وذلك عن طريق تأصيل أصول على قدر من الأهمية للفكرة مثل التقرير بأن هناك جسما أو 
NSA‏ للقصة بيد أنه غير مقصود بل المقصود ما فيها من توجيهات دينية أو خلقية ومن أبرز 
هؤلاء من غير القدامى الإمام الشيخ محمد عبده حين تحدث عن التعبيرات البيانية وأنها تقوم 
على شی Ga‏ الخرافات Ah‏ ومن الد ای الاي فعتدها:تخاول اشر 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


قوله تعالى P‏ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله 4 من سورة يونس فرق بين 
أمرين: 

الأول: هيكل القصة. 

الآخر (الثاني): ما انضوت عليه من توجيهات دينية. 

والأول: هو الذي أشكل على عقول المشركين فقالوا عن القرآن أنه أساطير الأولين» 
في حين أن الهيكل أو الجسم ليس هو الهدف المبتغى. وهو ما ذهب إليه الشيخ محمد عبده في 
المنار فحكاية القرآن لا تعدو موضع العبرة وموطن الهداية ومثل بالذي يتخبّطه الشيطان من 
المس والذي بلغ مطلع الشمس مثلما يفعل كثاب عرب وفرنجة عندما يذكرون آلهة الخير 
SA‏ عن قنما ءا المضويان أو a agi V ENT‏ :فكي تلك 
الخرافات الوثنية. بيد أن كلا من الرازي وعبده اكتفيا بفتح الباب في هذه الخصوصية ثم توقفا 
إذ كل ما صنعاه هو التأكيد على عدم استهداف الجسم أو الهيكل ولو كان eT‏ 
قادح في القرآن الكريم. 

يأخذ خلف الله استقصاء الآيات التي عرضت لذكر الأساطير لكي يتستى له بعد ذلك 
أن ينظر إليها النظرة العلمية التي تؤدي إلى الحق وهي تسع آيات: الأنعام ٠٠١‏ الأنفال 
۰ النحل ۸۳/۲١‏ الفرقان et/o‏ النمل 1۸/٦۷‏ الأحقاف ١١ء‏ القلم »١5/٠١‏ المطففين 
AYD.‏ 

وأول الحقائق ie‏ أنها جميعها من القرآن المكي حتى ما وضع منها في سورة مدنية 
مثل الآيات "6/١‏ من سورة الأنفال لأن الأحاديث عن أساطير القرآن جاءت من جمهرة 
مشركي مكة ولم يقل بذلك أحد من أهل يثرب لا من اليهود ولا من بني قيلة. وهي ملاحظة 
ية تحسب لخلف الله وتضاف لرصيده وتعوّض ما فاته من تعليل إجماع المفسّرين على نفي 
لقصة الأسطورية في القرآن فهؤلاء فعلوا ذلك لأنهم لو قالوا بخلافه أي بوجود قصة 
أسطورية في القرآن لأيّدوا بذلك مذهب مشركي مكة وهي أن القرآن Le‏ هو 


NG AN) سورة يونس»‎ (1) 


مقدمة تحليلية 


إلا أساطير الأولين. 
والحقيقة العلمية الثانية أن القائلين بذلك هم المنكرون للبعث ولا يؤمنون بالحياة 
الأخرى. 


وثالث ما يُفهم من النظر إلى هذه الآيات التسع اعتقاد المشركين الجازم بصدق ما 
يقولون لدرجة أنهم كما نقلت لنا إحدى آيات الأنفال يدعون الله أنه إن لم يكن هذا أساطير 
وحق من عنده فليرسل Clic‏ كما فعل بالأمم السوابق. 

ويرى خلف الله رأيا في غاية من الأهمية وهي أن هذه العقيدة الراسخة بوجود 
أساطير في القرآن لدى JUS‏ مكة لا بد أن لها سند يبرّرها. ويضرب لذلك Ma‏ بولد أبي بكر 
الصديق الذي رفض دخول الإسلام OÙ‏ ما في القرآن Le‏ هو إلا أساطير الأولين ويستدل على 
ذلك بأن القرون الأولى التي هلكت لم يعد منها أحد. Lacs‏ هو جدير بالذكر أن السيدة عائشة 
بنت أبي بكر حاولت نفي نسبة ما جاء بالآية المذكورة لواحد من إخوتها ولكن هذا النفي في 
نظرنا لا يُعتد به لأنها عندما نكحها محمد كانت بنت ست سنوات وعندما بنى بها بالمدينة 
كانت قد بلغت الثامنة أي أن هذه الواقعة التي حملتها تلك ANT‏ قد حدثت إما قبل ولادتها أو 
هي طفلة صغيرة لا تعي ولكن... 

لماذا نذكر ذلك؟ 

لكي لا يعترض أحدهم ويزعم أن الحادثة لم تقع في بيت ابن أبي قحافة وإنما هي 
غابرة وبذلك يوهن أو يهزل الدليل الذي ساقه المؤلف. 

ويطرح خلف الله سؤالا: 

هل تلك العقيدة المتمكّنة من نفوس مشركي مكة من أخطائهم التي أحسب عليهم أو هو 


شيء من حال القرآن ولّده في نفوسهم؟ بيد أنه لا يسوق إجابة فورية ويطلب من قارئه 
الانتظار. 


الأساطير هو أن القرآن ذاته لم يكن حريصا على نفي وجود الأساطير فيه إنما حرص على 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


نفي أن تغدو هذه الأساطير هي الدليل على كونه من محمد وكعادته فإنه يقدّم بين يدي قارئه 

١‏ في آيات سورة الأنفال / المؤمنون / النحل / الأحقاف وصف صنيع المشركين 
دون أي تعقيب. 

a Y‏ امات سو رركي الأنعام / المطففين هدّدهم القرآن لإنكارهم البعث وصذهم 
الناس عن إتباع النبي إنما لم يهدّدهم لنعتهم القرآن ail‏ أساطير الأولين. 

Ÿ‏ المرة الوحيدة التي رد فيها القرآن على زعم المشركين بوجود أساطير فيه هي 
تلك التي وردت في سورة الفرقان. 

ولكن هل الرد ينفي ورود الأساطير في القرآن؟ 

أو ينفي أن تكون هذه الأساطير من عند محمد وينسبها إلى الله؟ 

ويجيب المؤلف لعل الثاني أوضح» ويستشهد على ذلك بما أورده الرازي في مناقشته 
لرد القرآن على المشركين» ولو أنه Ry‏ الرازي في نقطة مؤثرة وهي شرح de‏ 
تعالى: Y‏ قل أنزله الذي يعلم السر ٠4‏ | إجابة على قولهم: وقالوا أساطير الأولين 4 
لان المتبادر أن الرد الذي كان يتوقعه الرازي هو نفي الأساطير ومن هنا حاول ل 
Gg N A SR ERE‏ 
لله لا نفي الأساطير ويستدل (المؤلف) على رأيه بما جاء في القرآن في آية « وإذا قيل لهم 
الأسطوري من عند HA di‏ و ققوا ذلك الموقف من النبى عليه السلام ومن القرآن. 


وينتهي المؤلف إلى أنه إذا كان القرآن لا ينفي ورود الأساطير وإنما نفى ورودها من 
MANI a Aan )‏ 


١ 
JO AN) ذ نفس السورة»‎ )۲( 
NE الآية‎ Jadi 5 سور هة‎ (Y) 


مقدمة تحليلية 


عند محمد لا من عند الله ومن جهة أخرى كان إحساس مشركي مكة إحساسا قويا عنيفا 
وعقيدتهم قوية راسخة بوجود أساطير في القرآن إذا كان ذلك كله فإنا ‏ وهذا على لسان 
خلف الله لا نتحرّج من القول بأن في القرآن أساطير وهذا القول لا يعارض أي نص في 
القرآن. 

والحق أن خلف الله في تقريره هذا بلغ قمة الجرأة الفكرية وأننا لم نقرأ لمفكر لا في 
القديم ولا في الحديث ‏ ينطق من أرضية إيمانية إسلامية ‏ هذا الرأي. 

وكما ذكرنا فيما سبق أن المؤلف لا يرسل كلامه إرسالا بل يقدّم عليه البراهين العلمية 
الصحيحة. ولعل ما ذكره خلف الله في بداية تناوله لهذا النوع من القصص (القصة 
الأسطورية) هو من إجماع المفسسّرين وسائر العلماء على نفي وجود القصة الأسطورية في 
القرآن يؤكد ما قلناه من أن الرأي بوجود أساطير في القرآن الذي طرحه المؤلف رأي غير 
مسبوق وغير ملحوقء والذي نرجّحه أن هذا الرأي هو أحد أسباب الشورة التي واجهت 
الرسالة أو الكتاب» لأن المعاصرين مثل القدامى يهوّلهم هذا الرأي فمن ناحية هو يشكل 
خروجا على إجماع علماء المسلمين ومن ناحية أخرى ‏ وهذا هو السبب أو العلة في هذا 
الإجماع الذي استمر قرونا طويلة = أنه يذكّر برأي مشركي مكة أن القرآن ما هو إلا أساطير 
الأولين اكتتبها محمد. أي أن القائل بوجود أساطير في القرآن يلحق بأولئك المشركين وهذا 
غير صحيح لأن خلف الله عندما قال بذلك أي عندما طرح هذا الرأي إنما طرحه في نقطة 
محصورة أو مجال محدود وهو القصة وأنه فرق بين جسم أو هيكل الأسطورة أو القصة 
الأسطورية وأنه ليس هدفا أو قصداً أو غرضا أو غاية... وبين التوجيهات الدينية والخلقية 
والمعاني الكامنة وهي القصد والهدف والغاية ولعل توصل كل من الرازي ومحمد عبده إلى 
لمحات من ذلك يؤكد أن رأي خلف الله لم يكن شططا وليس بقادح في القرآن من أي وجه 
فضلاً عن عدم اصطدامه بأية آية من آيات القرآن. 

بعد ذلك يتبقى من شرح الظواهر السابقة أمران: 

الأول: لماذا صدر هذا القول من منكري البعث؟ 

الآخر (الثاني): لماذا صدر من المكيين دون غيرهم؟ 


¿yo 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


قبل أن يجيب المؤلف على هذين السؤالين يبدأ باستعراض بعض القصص القرآني 
الذي عالج القرآن فيه مشكلة البعث. 

أولا: الرجل الذي مر على قرية خاوية على عروشها وتساءل متى وكيف يحييها الله. 

والأخرى: سؤال إبراهيم ربه أن يريه كيف يحيي الموتى - وقد سبق تناولهما ‏ 
ويقول خلف الله أنهما تفسّران وتجسّمان عملية الإحياء بعد الإماتة التي ينكرها مشركو مكة 
إنكاراً تاما. ويضيف أن وقفة بعض المفسّرين إزاهما تقطع بأنهما لم تحدثا وفي تفسير المنار 
أن القصة الأولى من قبيل التمثيل وأورد الرازي رأي أبي مسلم الذي ينكر وقوع الأخرى 
بحزم وأنها من قبيل التمثيل لا غير. 

فإذا انضاف إليهما رأي بعض المستشرقين أن قصة Jai‏ الكهف قصة أسطورية تبيّن 
السر في أن القائلين بالأسطورية هم منكرو البعث إذ لم يستطيعوا تصديقها لأنها puni‏ عملية 
الإحياء بعد الإماتة وجروا على أنها أساطير الأولين. 

وينهي خلف الله الإجابة على السؤال الأول بأن الشبهة التي دخلت على المشركين من 
أمثال هذه الأقاصيص دخلت على المفسّرين من نفس الباب ومن هنا لم يستطيعوا القول بوقوع 
تلك الأحداث وفسّروا هذا اللون من القصص بأن المراد به التمثيل فحسب. 

يتساءل خلف الله: لماذا انقطع القول بالأساطير بعد انتقال النبي إلى المدينة؟ 

ويجيب: في المدينة كانت البيئة ذات ثقافة كتابية من أثر اليهود الذين في كتبهم وردت 
الأساطير لشرح فكرة أو تجسيم عقيدة وهم (اليهود) يعرفون ذلك فانتقل إلى اليثاربة العرب 
بعكس البيئة المكية التي كانت مليطة من الثقافة الكتابية وهذه علة du g‏ مشركي مكة للقرآن 
بالأسطورية. 

وإذآ إن القصص الأسطوري يعتبر تجديدا في الحياة الأدبية في مكة أتى به القرآن 
الكريم ومن ثم فهو يعد من جوانب إعجازه وأنه جعل الأدب العربي يسبق غيره من الآداب 
العالمية في فتح هذا الباب وجعل القصة الأسطورية لونا من ألوان الأدب الرفيع. 

ونحن نعتقد أن خلف الله في عبارته الأخيرة قد شطح شطحا ظاهرا وكان من 


مقدمة تحليلية 


الأفضل ألا تضمّها رسالة جامعية أو كتاب علمي رصين فعدد من الشعوب عرفت الأساطير 
وضمنتها آدابها الرفيعة ولعل أبرز ie‏ يرد على الذهن سريعا هو الإلياذة والأوديسة ولعل 
العاطفة الإيمانية لديه هي التي دفعته إلى تسطير هذا الرأي الفطير وقد ذكرني صنيعه هذا بما 
يفعله البعض في هذه الأيام عندما يسمع عن اكتشاف علمي أو نظرية في الاقتصاد أو 
الاجتماع أو السياسة أو التعليم أو الإعلام أو الإسكان أو في أي فرع من فروع العلم التجريبي 
أو الإنساني فيبادر ويدّعي أن القرآن قد سبق ولا مانع من أن يتمحّل آية يؤكد بهازعمه 
المفضوح ولطالما سألناهم: 

إذا كان الأمر كذلك وأن القرآن يحتوي على كل النظريات العلمية التجريبية والإنسانية 
والمعادلات التي تؤدي إلى الكشوف والاختراعات والتكنولوجيات بأنواعها فلماذا لم يتوأصل 
إليها المسلمون وانتظروا حتى اهتدى إليها الفرنجة الملعونون ثم ينسبونها إلى القرآن! 

وقلنا لهم أن القرآن كتاب دين وهداية وأخلاق وقيّم ومُثل وكفى بذلك Taa‏ وشرفا له 
وأنه ليس كتاب علوم (تجريبية) وهندسة وطب واقتصاد واجتماع... الخ. وأن نسبة هذه 
النظريات إليه يسيء إليه لأنها متطورة ومتغيرة في حين أن القرآن ثابت ومطلق... الخ. 
وكيف في ميزان العقل والمنطق أن يحتوي القرآن على نظريات علمية تجريبية في حين أن 
المجتمع الذي die Gui‏ لم يكن لذيه أي علوم ce‏ أي توغ يل كل La‏ كان لديه jan‏ عازف 
ساذجة أشد ما تكون السذاجة بسيطة أبلغ ما تكون البساطة. 

Nadi‏ کر كلت« فى nm pes‏ الطواء ji‏ ان بعلن أناطين» أن اة الي 
ظهر فيها كانت بيئة أساطير فهي تؤمن بالجن والعفاريت ووادي عبقر وأن لكل واد سيد من 
الجن يتعيّن أن dort‏ به مَن يريد أن يبيت فيه وبالغيلات والرقي والتعاويذ والعين والحسد 
والسحر الأسود الذي يحمله الخصم لخصمه ليؤذيه ويضره (تسميه العامة في مصر العمل 
وفي سيرة محمد أن يهوديا هو لبيد بن الأعصم سحره ودفن العمل في أحد الأبيار وأن السماء 
سلكت ماك ذل lou os‏ وز ال ارد وطن كيد اد و 
وعاد محمد إلى حالته الطبيعية أ.ه.)» وذلك وصف شديد الإيجار لحالة 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


ذلك المجتمع الذي كان معجونا بالأساطير فكان من المحتّم وقد ظهر القرآن فيه بأن تكون فيه 
salaka‏ حسيما ذهب AN‏ خلف ii‏ 

ومن ثم فنحن لا نأخذ عليه القول بوجود أساطير في القرآن بل نؤيّده فيه وقدّمنا العلة 
لذلك تلك العلة التي غفل عنها أو أغفلها (خلف الله). إنما الذي عارضناه فيه هو تقريره سبق 
القرآن فى انضوائه على القصة الأسطورية وفى سبقه الآداب العالمية فى جعل هذا اللون من 
القص من ألوان الأدب الرفيع وبيننا وبين المؤلّف تاريخ الآداب العالمية أو الأدب المقارن بيد 
أن الذي يغفر له هذه الكبوة هو العاطفة الدينية المشبوبة في جوانحه والتي لم يلتفت إليها الذين 
أثاروا تلك العاصفة الهوجاء عليه وعلى كتابه أو رسالته (أطروحته). 


ويختم الفصل الأول بقوله إنه قام بالتدليل على وجود الألوان الثلاثة من القصص 
الأدبي ثم يتحقظ - شأن العلماء الذين Usa yea‏ أن ما يطرحونه مجرد رأي وليس هو 
الحقيقة المطلقة التي لا تقبل نقاشا أو Yas‏ فيقول أو على احتمال الوجود وإجازته وكلها 
يُثبت أن القصة في القرآن الكريم عمل أدبي وظفه القرآن لتحقيق مقاصده وأغراضه. 


الوحدة القصصية 

وف كلف انه غنؤانا للفضل الثائن: هو" (الورخدة القصيضية) ونظر ] jh 5 plu‏ هة 
التاريخية على عقلية القدامى فإنهم عجزوا عن الاهتداء إليها إذ لم يفرّقوا بين عمل الأديب 
وعمل المؤرخ ثم شرح الفرق أو الفروق الدقيقة بينهما وهذا ما أدى بهم إلى تفسير ظاهرة 
jp cut‏ 5 الشخصية الأ لحد طا اتات CAS sell‏ وضرب De‏ لذلك فى وديم ضمورة 
فرعون مرة في مسوح العابد وأخرى في عزة المعبودء وعدم التفرقة بين الصنيعين جعلهم 
يعتقدون أنه لا شخصية ة قصصية في القران إلا Sil‏ لشخصية التاريخية. 

في مضمار الحديث عن الوحدة القصصية يبدأ بتناول الأساس الذي يتعيّن أن نميّز به 
قصة عن أخرى ويضيف أن الأساس كان لدى من سبقه من الدارسين هو الشخصية التاريخية 
وإليه يُعزى تسمية أقاصيص القرآن بأسماء المرسلين وغيرهم وكذا بالصفات التي أطلقها 
القرآن الكريم على الشخصيات die‏ الذي مر على القرية الخاوية على عروشها 


مقدمة تحليلية 


وأصحاب الكهف وأصحاب الجنة والألوف الخارجين من ديارهم حذر الموت الخ. 

ولكن ماذا كانت نتيجة هذا الصنيع؟ 

جُمعت كل الأقاصيص التي ذكرت حول نبي أو شخصية أخرى واعثبرت كلها ههي 
قصة هذا النبي أو هذه الشخصية. ومن هنا حجبوا أنفسهم عن إدراك أسرار القرآن البلاغية 
والأديبة والفنية المعجزة في: التكرار» الحذف» الذكرء الزيادة» النقص» التقديم» التأخير الخ. 
وترتيبا على ذلك وجدوا أنفسهم أنهم كانوا يسيرون في طريق مسدود ومن هنا لم يجدوا 

هل يمكن شرح المقصود ب (الوحدة القصصية)؟ 

هي المشكلة التي تعالجها القصة ويقوم عليها فن التركيب والبناء. 

ويتّفق هذا مع قواعد الأصوليين لأن مدار بحتهم في الآية القرآنية هو ما تصوّره من 
حكم شرعي أو عقيدة دينية دون الأشخاص الذين تدور حولهم هذه الأحكام والمثل عليه هو أنه 
عند الحديث على الازواج توزّع الحديث عنهم في مواضع كثيرة مثل النكاح والطلاق والخلع 
والإبراء واللعان والظهار والنفقات... الخ. ولما كان من المحال الجمع بين آيات هذه المواقف 
إذ لكل منها باب فإنه يستحسن العمل بهذا المنهج في فضاء القصة القرآنية بأن تغدو هذه 
القصة للعظة وهذه لتثبيت قلب النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وثالثة للتخويف الخ. 

وعودنا خلف الله على ترسيخ رأيه بضرب الأمثلة التي هي بمثابة الحجج والبراهين 
فيقول إنا لا نستطيع الجمع بين قصة البعث أي الإحياء بعد الإماتة كقصة إبراهيم مع الطير 
التي وردت في سورة البقرة وقصة شن الغارة على الأصنام التي يعبدها الوثنتيون كقصة 
إبراهيم في سورة الأنبياء لمجرد أن البطل في كليهما هو نبي الله إبراهيم عليه السلام. 


هذا الصنيع GÉ‏ وصنيع القرآن Sal‏ 


لأنه الأساس الذي قام عليه الجمع في الأقاصيص من حيث الأسماء الواردة في سورة 
واحدة من سور القرآن ومن ناحية أخرى فلأنه الأساس الذي قام عليه التشابه 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


والاتفاق في بناء القصة وتركيبها في كل من السور مهما تتغير الأسماء. 

ثم يقوم المؤلف بعرض بعض من الأقاصيص القرآنية التي جمعت في سورة واحدة 
بالإضافة إلى وحدة البناء والتركيب كل ذلك مع اختلاف الاسماء: 

أولها الجمع بين قصة صالح وأخوهم هود وأصحاب الأيكة وشعيب. فلوحدة المقاصد 
في كل منهما وح القرآن بينهما إذن الوحدة تقوم على المقاصد والأغراض والمشكلات لا 
على الأسماء والأشخاص ولقد صرح القرآن Les‏ يؤكد هذه الوحدة في العديد من الآيات. والذي 
يلتفت عن هذه الوحدة فهو بدوره التفت عن القصد الحقيقى للقصص وهو الأغراض الدينية 
5 (الذي يفعل ذلك) سواء عن إدراك أو غفلة يعطل المهمة الأدبية الإعجازية بل والدينية 
الخلقية التي يتغياها القرآن. Sig MIRE RCE AN AR SARA‏ 
القدامى إلى القول بالتشابه الذي هو بتعريف الطبري: هو ما اشتبهت الألفاظ به عند التكرار 
فهناك قصة باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني و أخرى باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني. 
والصور التي تحقق فيها رأي الطبري كثيرة + في القرآن وإيرادها عسر ومن ثم فإنه (خلف (àl‏ 
سوف يكتفي بالبعض الذي يؤكد رأيه ويوثقه: 

١‏ في سورة الأعراف قصة إرسال نوح لقومه يدعوهم لعبادة الله وأنه يخاف عليهم 
عذاب يوم عظيم وفي سورة هود: نوح نذير مبين يخاف عليهم عذاب يوم أليم وفي المؤمنين: 
ما لكم من إله غيره أفلا تقون ثم يورد خلف الله رأي الخطيب الإسكافي صاحب » درة 
E‏ دو يعت عليه وا ah a‏ ,انه يدور ماسم موري حي الخو لذ 
أنه من البديهي أنه عندما تتعدد المواقف وتختلف الأشخاص فلا بد أن يكون هناك في 
العبارات ما يلائم المقام ومن هنا تجيء النتيجة المنطقية وهي اختلاف الصور أو اختلاف 
الأقاصيص لاختلاف الصور البيانية والمواد القصصية واختلاف المقامات. 


e بوتي تعرز ة‎ RE NAS حت سور له سوال ی‎ y 
NG ألق عصاك‎ ١ موسى أهله أنه آنس نار‎ 


.٠١ سورة النملء الآية‎ )١( 


رت 


مقدمة تحليلية 


والله نفى الاختلاف عن القرآن وأنه لو كان من عند غيره لكان مليئاً بالاختلاف. 

ا an aa‏ الاير هد a Ka‏ 
واحدة فمرة قال موسى لأهله « لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى De‏ 
ps‏ سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون 4“ er et‏ 
« لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من JUN‏ 4 . وفي موضع: : أخبره أنه ربه وأمره بخلع 
نعليه واه يوادي وى المقدين و آله Les‏ ديمينه وفي Lli  .. LEN‏ جاءها نودي أن بورك 
من في النار Gas‏ حولها. .. 04 ' ثم أعلمه أنه الله العزيز الحكيم وأمره بإلقاء عصاه. وفي 
القصص : à‏ نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة 4 وار اة 
للذ رت الغالمين ر yah‏ بإلقاء. العا Lali‏ راها كهنن أجاب الخطيب الإسكافي فى )3 8 التنؤيل) 
هذا السائل Lay‏ يلي: 


أن الله تعالى لم يخبر أن موسى خوطب باللغة العربية فإذا عدل عنها إلى غيرها مما 
يخالف معناها كان اختلافا في القرآن قادحا فيه بل معلوم أن الخطاب كان بغير هذه اللغة 
ويعقب خلف الله أنه جواب غير مقنع لا يحل المشكلة ما دام الموقف واحدا والقصد هو 
الأخياز كن :هذا اموق والحل فى ,49 5 dau‏ الخطيب AY‏ ان هذا موقيف 
وذاك آخر والاختلاف يرجع إلى القصد الذي تغياه القرآن من الصورة القصصية فقصة وردت 
للتسلية أو التسرية عن النبي عليه السلام وأخرى لغرض آخر والغرض الأدبي لحادث واحد 
من جوانب مختلفة يكشف عن موضع العبرة والعظة دون قصد إلى تقرير خبر بعينه فإذا 
اختلفت المقاصد تباينت الصورة المعبّرة عنها. والاتفاق في الشخصية لا يصح أن يطغى على 
بقية عناصرها من اختلاف في المقاصد والأغراض والصور والألفاظ والنسق 


)1( سورة Vs AI «de‏ 
(ï)‏ سورة النمل» ANI‏ ۷. 
(Y)‏ سورة القصص. الآية ۲۹. 
)£( سورة النمل» الآية ۸. 
)°( سورة القصص. Ye AN]‏ 


<۳۱ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


والتركيب والبناء وهذا الوجه يبطل قول المستشرقين الخاطئ من تطور الشخصية القصصية 
في القرآن j'le‏ أغراض النبي عليه السلام ودوافعه والظروف التي أحاطت والمناسبات التي 
دعته إلى اتخاذ بعض المواقف. والمستشرقون يمثلون لذلك بما حدث في شخصية إبراهيم 
عليه السام لأ انان و لهم إن اك القصصية po‏ على sans‏ الفح وهو فزن JE‏ 
والصحيح أن هذه الوحدة هي وحدة الغرض ومن ثم فلا pile‏ مع وحدة الشخصية أن تكون 
هناك أقاصيص متعددة لها عن موقف واحد لتعدّد الأغراض وتباين صور العرض باختلاف 
المقاصد والأغراض. 

وقريب من هذا الاختلاف في شخصية فرعون فمرة هو معبود وأخرى هو عابد لأن 
آل sueur ne ses‏ ارك ى اكك و فكو الا حك اا ةا 
ا JEN‏ وك نر ليده tr‏ فة ادت الف و es a‏ 

ونحن نرى أن خلف الله لم Les‏ الرأي Oil‏ من قبل المستشرقين (هكذا بألف لام 
الاستغراق وهذا تجاوز كما سبق أن ألمعنا. أ.ه.) ‏ من أن jo‏ أغراض محمد ودوافعه 
(A cas is‏ :أحاطت هه والمنايداة AN‏ د فة إلى AA‏ عضن gi) gali‏ اتك ذلك بعلي 
القرآن كله لا على قصصه فحسب تقول إنه لم يعطه حقه من البحث والفحص والتمحيص بل 
تعامل معه بقدر من العجلة والسرعة لا يناسبان الأطروحة أو الكتاب... علما oh‏ هذا ليس 
هو رأي المستشرقين فقط بل هو يمثل وجهة نظر أو قناعة عدد لا بأس به من SAN‏ 

والصحيح أن هذا رأي ولكنه حقيقة ثابتة وظاهرة لكل من يقرأ سيرة محمد والقرآن 
بإمعان وبعقل مفتوح وفكر يقظ متحرر من إسار عاطفة القداسة التي لا شك أنها تمنع من 
النفاذ أو التوصل إلى الحقيقة» حقيقة أن تاريخ سور وآيات القرآن معضلة من أعقد المعضلات 
في تاريخ العلوم الإسلامية ولكن هناك سورآ بأكملها وآيات تحدثت هي ذاتها عن وقائع 
تاريخية die‏ غزوات ju‏ وأحد والخندق وخنين Jus‏ حادث الإفك الأثيم... الخ فضلا عن أن 
TÈS‏ من البْحَاثْ استطاع أن يؤرّخ لعديد من الآيات نخص منهم علماء (أسباب النزول). 


AA 


مقدمة تحليلية 


وبمقارنة هذه السور والآيات بمسيرة محمد سوف يتكشتّف للقارئ الواعي أن هناك 
علاقة حميمة بين الاثنين وسوف ينتهي إلى أن أغراض النبي وما عرض له من ظروف 
ومناسبات كان له تأثير وأي تأثير ولقد تناولنا بالدراسة هذه النقطة في خصوصية لهجة آيات 
ci‏ ي الجيوة cumul‏ شعي اق رى والعداففين وري الجزير 5 Cages‏ 
قبل عام الوفود وفتح مكة (فتح الفتوح أو الفتح الأعظم) وبعدهما وكيف أن تلك اللهجة 
تطورت وذلك في كتابنا (دولة يثرب» بصائر في عام الوفود وفي أخباره) دار سيناء مصر 
ومؤسسة الانتشار العربي بيروت/لبنان. 

في سورة الشعراء بصدد صالح عليه السلام أخبره قومه أنه من المسكّرين وأنه بشر 
مثلهم وإن كان صادقا فليأتهم بآية وفي قصة شعيب عليه السلام طلب من قومه أن يتّقوا الله 
الذي خلقهم ومن سبقهم فردوا عليه أنه من المسحرين ومجرّد بشر مثلهم وأغلب الظن أنه 
كاذب. وإذ أن في الاثنين تشابه في الصياغة فما سر ذلك؟ 

يجيي كلك الله أن :قي كلتما ail Qi‏ والغرضن AL ele À Gas‏ :في LU‏ 
والاتفاق في العبارات. 

ودائما يختار القرآن الأحداث والشخصيات والمواقف التي تحقق الهدف الذي el‏ 
ففي قصص سورة هود الغرض منها هو تثبيت قلب النبي عليه السلام فاختار المولى س بحانه 
وتعالى من أحداث الأنبياء مع أقوامهم ما يحقّق هذا الغرض. 

أما قصص سورة الشعراء فقد نزلت لتصوير اللدد في الخصومة وتهوين وقع الأمر 
على النبي _ ص - وهذا هو أساس التوافق في البناء والتركيب بل والعبارات. وكان ذلك 
واضحا وملحوظا في قصتي صالح وشعيب اللتين جاءتا في سورة الشعراء سواء من ناحية 
البناء والتركيب أو ما نطق به أبطالها من عبارات في الجدل والحوارات. 

وإذ أن خلف الله متمكّن من رأيه أو نظريته فإنه يعرض من الأدلة ما يؤيّدها طرداً 
وعكسا» (fie‏ قصة لنفس الشخص الذي تدور حوله الأحداث أي أن البطل واحد ولكن هناك 
اختلاف يترك لفطانة القارئ إدراكه على ضوء الرأي الذي طرحه... ففي سورة الشعراء 
قصة ثمود وصالح والناقة التي لها شرب ولهم شرب يوم معلوم وتحذيره إياهم من مسها Iy‏ 
حاق بهم عذاب يوم عظيم ولكنهم عقروها فأصبحوا نادمين فاخذهم العذاب» 


iry 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وفي سورة القمر بدأ سرد القصة أن ثمود كذبت بالنذر ووصفوا النذير بالكذب واستبعدوا 
(Jun jé‏ عليهم صيحة فغدوا كهشيم المحتظر. 

ويعقّب الباحث أن الاختلاف في القصتين قوي وليس ثمة سبب لذلك إلا اختلاف 
المقاصد ومن ثم اختلاف البناء والتركيب. أي كما يؤدي التشابه في المقاصد إلى التشابه في 
أو رأي صحيح لا يتخلّف أثره في الحالين. 

ويلفت المؤلف إلى أن أجزاء أي قصة لا يمكن أن تعتبر كذلك إلا على أساس أن 
صاحب النص قد أراد هذا وأنه حين أنزله إنما أنزله على أنه جزء من قصة هذا النبي أو ذاك 
وهذا ما لم يقل به aaf‏ فضلاً عن أنه يخالف أسباب النزول. 

ومن ثم يذهب خلف الله إلى أن هذه الأجزاء نزلت لا لتكملة قصة سابقة بل لتحقيق 
أغراض مغايرة مختلفة باختلاف الظروف والمناسبات. وسبب آخر هو التكرار الكثير الذي 
حظيت به بعض أقاصيص عدد من الأنبياء مثل لوط» شعيب» صالح وأن تمعن الفكر في 
مسألة توزيع أجزائها فسوف نتأكد على الفور أن الكلام لا يستقيم... لماذا؟ 

لأن الأحداث والأشخاص واحدة في ذات القصة فكيف يتأتّى توزيع الأجزاء؟ إن ذلك 
لن يستقيم بحال من الأحوال. ويقرر خلف الله اعتقاده بوجوب النظر إلى هذه الأقاصيص 
تختلف ألوانه باختلاف أغراضه ويضرب مثلاً لشخصية تاريخية Lad‏ $ من أحداث حياتها 
قصص متعددة لكشف جوانب مختلفة فيهاء ويعدّها ظاهرة رقي فني قدّم القرآن مثلاً منها صح 

وهكذا استطاع خلف الله أن يعلل تعليلا علميا وفنيا هذه الظاهرة التي لم ثفهم الفهم 
السديد» وأضاف نقطة هامة لرصيد القرآن في الإعجاز - وكان حريا بمَّن ناوا خلف الله أن 
يدرك ذلك الصنيع ويقدّره له حق قدره ويحمده عليه - كما أنه كشف من ial‏ أخرى عن 
غيرة المؤلف على القرآن وتنزيهه عن المطاعن بمنهج علمي رصين لا يخلو من قدر وفير 
من الأدب والفن. 


<< 


مقدمة تحليلية 


وبذلك يصل المؤلف إلى ختام الفصل الثاني (الوحدة القصصية) ولا مشاحة أن خلف 
الله أتى في ثناياه بمنهج جديد أو على الأقل قد طور الملامح الأولية أو اللمحات الخاطفة التي 
ألمع إليها بعض القدامى وواحد أو اثنان من المحدّثين حتى أنه يمكننا أن نقول أنه أبدع هذا 
المنهج lela‏ وأنشأه من جديد. 

ولا ينال من الجهد الذي بذله بعض الملاحظات التي أوردناها في ثنايا العرض 
والتحليل وكلما تقدّمنا في قراءة الكتاب ودراسته وتحليله استبان أن المؤلف يطوي بين جوانحه 
عاطفة متأججة نحو القرآن دفعته لأن يبذل كل ما لديه من ثقافة وفكر للدفاع die‏ دفاعا (ja‏ 
بل أنها حملته في أكثر من موضع للتجاوز والشطط وهذا من بين ما أخذناه عليه. 


المقاصد والأغراض 

في هذا الفصل يعالج المؤلف (المقاصد والأغراض) ويبدأه بضرورة التمييز بين 
أمرين: 

Y‏ النتيجة التي تنتهي Ste cn)‏ روت ا 
واحدة ذات مقصد واحد له في كافة العناصر: البناء» التركيب» أسلوب العرضء الأحداث» 
الحوارء الأشخاص... الخ. ولكن ما هو الغرض؟ 

هو المقصد الذي من أجله نزلت القصة القرآنية cuis‏ على صورة خاصة وبأسلوب 
خاص ولنا هنا وقفة: 
(المقاصد والأغراض) ومعروف أن الواو تعني المغايرة: أقبل زيد وعبيد فهما شخصان وفي 
القرآن: فاكهة G y‏ فهما صنفان مختلفان إذن كان حريا به أن des‏ عنوان Jail‏ (المقاصد) 
أو (الأغراض).» ولا يجمع بينهما ‏ ويستطرد المؤلف فيقول إنه بجانب الأغراض 


¿ro 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


تنتصب الوظيفة الاجتماعية التي تضطلع بها سائر الفنون الجميلة. ويخبرنا الباحث أن الرازي 
استدل على هذه الوظيفة الاجتماعية فى القصة القرآنية» ويضيف أن عمليات الإفاضة والإيحاء 
التي قال بها النفسيون المحدثون... وردت في القصص القرآني في ثنايا تلك الوظيفة وتأديه 
لها. 

والقرآن الكريم لفت الذهن إلى الوظيفة الاجتماعية عندما تحدث عن أثر الأقوال في 
النفوس وأنها تستثير العاطفة وهذا يفسسّر لنا ضرورة بلاغة الأقوال لتؤثر في النفوس وليقوى 
الإيحاء ويشتد وأورد الباحث عددا من الآيات تأكيدآ لرأيه. ويختم ما يمكن أن نسميه تمهيد هذا 
الفصل أنه من السهل أن ننتهي أن المقصد العام أو الوظيفة الاجتماعية من القصة الأدبية 
يكون عادة الإفاضة أو التنفيس والإيحاء وهي الأمور المتحققة في قصص القرآن. 

ونبادر إلى القول بأن خلف الله إذن يسوي بين الغرض والقصد والوظيفة الاجتماعية 
وسبق أن تحدّثنا عن الغرض والقصد وكيف أنه كان عليه أن يختار Laaj‏ لأن الجمع Lein‏ 
إنما يعني المغايرة والاختلاف والمفاصلة. 

أما عن الوظيفة الاجتماعية فسيتحدّد كُنهها فيما نستقبله من المؤلف من أفكار ومن 
جميعه بدي ما يعن لنا من ملاحظات. 

يشير المؤلف أنه بصدد بحث جامعي ولذا فهو لا يكتفي بالعموميات ويتعين عليه أن 
يفصل ما أجمل وأن يورد المقاصد والأغراض بشيء من التفصيل: 

وله جر EE‏ للق ا un À ner‏ 
المؤمنين والذي يرى أنه كان عنيفا وأسبابه جلية واضحة ومنشؤها أقوال وأفعال المشركين 
الذين كانوا يكيدون بها له وللقرآن وللدعوة الإسلامية وكانت تدفع به إلى الضيق FT‏ 
القرآن فى أكثر من آية وأحدثت تلك الممارسات أو culs‏ ضغوطا تموضعت فى قلب النبى 
عليه السلام وقلوب تبعه وأيضا ورد ذلك في القرآن. ولم تقم تلك الضغوط العاطفية عند حد 
البلبلة النفسية بل تجاوزتها إلى ما هو أبعد حتى لنرى النبي عليه السلام يدعو ربه وهو في 
حال من الغيظ يوشك على الانفجار.. . ويسوق الباحث بعدها الآيات A‏ وک ذلك. فكان 
تخفيف ذلك الضغط أو الإفاضة عما بنفس النبي وأتباعه 


r 


مقدمة تحليلية 


من مقاصد القصص القرآني حتى لا تزلزل النفوس وتترك الدعوة الإسلامية فلا تقوم لها قائمة 
وقام القص بدور تثبيت قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين ورد الثقة إليهم وبث الطمأنينة 
وإزالة القلق وإزاحة الهم ونتج عن ذلك الصبر والثبات اللذين أفرخا النصر على الأعداء. 

والقرآن صرح بهذا الغرض في الكثير من آياته وقد فطن الرازي إلى ذلك ومن تلك 
القصص قصة موسى في سورتي طه والقصص بيد أن قصة نوح في السورة التي تحمل 
اسمه ‏ هي في رأي خلف الله التي تمثل نفسية النبي عليه السلام في موقفه من قومه وفي 
فترة من فترات سيرته أصدق تمثيل خاصة في أول عهده بالدعوة والضيق الذي ألم به 
وتوجهه إلى الله سبحانه وتعالى ليخقف die‏ وينقذ المؤمنين من كيد فة الكافرين الضالة 
ea‏ 


ومن الأشياء التي حاول القرآن توجيه العواطف نحوها تلك التي سبق أن أشار إليها 
الباحث في حديثه عن Ai‏ الخلقية الدينية والاجتماعية والتي يحرص القرآن عليها مع اختلاف 
هذا الحرص باختلاف ظروف البيئة والزمان. ويجيء في مقدّمها مشكلات البعث والوحدانية 
وبشرية الرسل. 

وهناك أشياء حاول القرآن خلق العواطف ضدها منها ما أشار إليه في فصل القيم 
الخلقية مثل اللواط وبخس الناس أشياءهم وتطفيف المكيال والميزان ومنها إبليس والشيطان 
وقصة إبليس وآدم ويرى الباحث أنها قصة أدبية بليغة تعتبر نموذجا Quai‏ لقص القرآن وهي 
تبعث العاطفة وتنشّط الخيال ويقف الفكر حيالها حائرآ بل يعجز عن فهم أسرارها الخفية 
خاصة تلك التي دارت في الملا الأعلى محاطة بالظلال والغيبيات حتى أنها دفعت الرازي إلى 
العجز عن فهم الصنيع الأدبي والوقوف على أسرار ما دار هناك وهو الذي wi‏ إلى إخراج 
elga g a‏ من الجنة وأورد خلف الله مقاطع من تفسير الرازي تؤكد حيرته وعجزه عن 
الوقوف على تلك الأسرار ثم يعقب على ذلك أن تعجّبنا من هذه القصة لن يطول كما طال مع 
الرازي... لماذا؟ لأننا نعلم أنها قصة بليغة تصور الصراع بين قوى الخير وقوى الشر وتؤكد 
حيرة الرازي - وهو من أكبر المفسّرين ‏ أنها قصة أدبية بكل Le‏ تحمل من معنى هذا Lall‏ 
من صور وهي من هذا الجانب من القصص الأدبي الطليق. ثم سطّر آيات 


AA! 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


تحكي قصة خروج آدم من الجنة وردت في سورة الأعراف وفيها استعراض للعداوة بين آدم 
والشيطان ورؤية الأخير أنه أفضل من الأول لخلقه من نار وخلق ذا من طين مما دفعه إلى 
Sol‏ اتان الات وهو إخر هه من els Mi KA‏ 

والقصة ترينا أن إبليس طلب من الخالق قبل خروجه من الجنة الإذن له بالخلود لكي 
يلعب دوره في الحياة والذي يتمثل في الإفساد وصد الناس عن إتباع الطريق المستقيم. 

عند هذا الحد تنتهي مرحلة من مراحل القصة وهي: نشأة العداوة لتبدأ أخرى هي 
a‏ رخواء في الك رفيا وزز الدور الكقيقي لل القضة اليس اليوسوين :مسن أجل 
ينتظره إبليس ثم العتاب من الخالق للمخلوق والتوجيه الديني الذي هو أشبه بمغزى القصص 
الديني. 

قصة آدم وإبليس هي قصة النزاع بين الخير والشر أو بين الغرائز الفاضلة والغراقز 
الشريرة قصد القرآن منها أن يثير فينا الحقد والكراهية لإبليس والنفور منه وعدم الاستجابة 
إليه. 

ومن تلك الأشياء التي قصد القرآن توجيه العواطف نحوها الكبر والاس تكبار 
والإصرار والعناد التي تصدر عادة من الأغنياء والقادة الذين يأخذون دور العتاة الظالمين 
الذين يستكبرون على الحق ويأنفون من اتباعه وأبرع المواقف القصصية في هذا المجال 
موقف فرعون من موسى وملا قوم هود وملا قوم صالح. ويرى المؤلف أن فرعون من 
الشخضيت: القصصية Ai‏ الخو داك الحركة القاسية العبيفة التي تنيع الوه ك فى 
النفوس والخشية في القلوب بألفاظ الوعيد والتهديد التي تقطر دما. وهي متل فريد لتمثيل 
مواقف المستكبرين من رسل الله ويبرز ذلك Ge‏ في سورة يونس إذ تعرض لمواقف فرعون 
من موسى وقومه ومن السحرة وموسى وتنتهي بانتصار البطل والقضاء على الظالم مثلما 
يحدث في القصة الشعبية. وشبيها بها موقف عاد من نبيها ويؤكد الباحث أن نتيجة العرض 
القصصي لهذه المواقف وأضرابها يلقي في النفس الخشية والرهبة ويبعث فيها الخوف عندما 
تدرك أن نتيجة ذلك هي العقاب. 


EYA 


مقدمة تحليلية 


ومنها عبادة غير الله فقد كثر استثارة الانفعالاات ضدها والتنفير منها وكان إبراهيم 
بطل القصص في هذا المضمار وبعضها بشأن عبادة النجوم والآخر حول عبادة الأوثان ولجأ 
إبراهيم للوصول إلى مبتغاه بتشكيك القوم في آلهتهم بأن يصوّرها sjale‏ عن التفع أو الضرر 
وأنهم يعبدون ما ينحتون فكيف يقدّسون ما صنعت أيديهم وأبلغ متل على تصوير ذلك القصة 
التي حملتها سورة الشعراء. فهي صوّرت موقف إبراهيم من أبيه وقومه والحوار البليغ الذي 
دار نين ALA PT cui EN‏ أن إبراهيم 43 إلى حاستين ضروريتين لدى المخلوقات 
للاستجابة هما السمع والبصر حتى يُعجز المخاطبين (بفتح الطاء) عن المجادلة ولا يجدوا 
مفرآ من الاعتراف بأنهم La sue‏ تقليدا لآبائهم وهنا تثور نفس النبي ويعلن العداوة إلا للذي 
خلقه فهو الذي يطعمه ويسقيه وعند مرضه يشفيه ويميته ويحييه والذي يطمع أن يغفر خطيئته 
يوم الدين. بعدها يناجي ربه بدعوات صالحات ثم ينتهي بتصوير مشهد في الآخرة يذيب 
القلوب ويبعث النفور من عبادة الأوثان» مشهد يصوّر خصام الأصنام وعبدتها ثم تأتي الفقفرة 
التقليدية التي يختم بها القرآن قصصه وهي أن في ذلك AY‏ وإن ربك لهو العزيز الرحيم. 

أما الغرض الثالث الذي تقوم به القصة فهو عمليتا الإفاضة والإيحاء ويفسّرهما خلف 
الله بتكوين عواطف قوية مع أو ضد القيّم الخلقية والدينية والاجتماعية الموجودة في البيئة أو 
à pal‏ رسع leo‏ وتقام ايض Lilas‏ أخررى لا تفل baie‏ أثرا في jas‏ ارماك ر لفن 

هي (القصة القرآنية) تفعل ذلك بعرض صور من الحياة الدينية التي انتصر فيها 
الدعاة وتبعهم وفي المقابل نزل الهلاك بالقادة المعارضين وجنودهم ولعل أبرزها Dai‏ 
سور: الأعراف والشعراء والقمر. 
Li ;‏ الأسلوب الذي اتبعه القرآن في ذلك فهو اختيار عناصر معروفة ومتداولة من 
أخباق الات الدبو ابن Len jara‏ ر ارجا ي رت ال ga a AN naa‏ إشاعة GUN‏ 
والاضطراب في قلوب الكفرة والمشركين ورد الثقة والطمانينة لنفوس المؤمنين. ثم أورد 


۹ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


والنذر وجعلها مسجوعة ذات رنين قوي للتأثير على الحواس فيتضاعف ويقوي أثرها النفسي 
وقد اسم عرضها بالسرعة والتلاحق حتى تؤتي ثمرتها من إشاعة الاضطراب والقلق النفسي 
فيخشى Ge‏ يقرأها أو يسمعها نزول الضرر عليه ثم يأتي بمقابل لهذه القصص وهي قصة 
شعيب مع مدين ويرى أنها هيّنة وليّنة وبطلها هادئ رزين وأنه يستحق اللقب الذي أطلقه عليه 
بعض المفسّرين (خطيب الأنبياء) فهو يحاور das‏ دون انفعال ولا يستعمل العبارات العنيفة 
القاسية التي يقطر منها الدم أو يشيع منها التهديد والوعيد وتنتهي بالنهاية التقليدية السعيدة 
بالنسبة لشعيب والمؤمنين والمؤلمة بالنسبة للكفرة والمشركين. وقد حدث هذا أي بالنسبة 
للنهاية التي يلقاها كل طرف في قصة موسى وقصة يوسف. 

والغرض أو القصد الرابع هو الإيحاء برسولية محمد عليه السلام وأن الوحي ينزل 
عليه ويبلغه أخبار السماء وتتأسس العملية في بعض القصص على المشابهة بين حالة محمد 
عليه السلام وحالة غيره من الأنبياء مثل موسى وغيره وعلى أن ما طلب إليه أو أوصاه الله 
به هو ما أوصى به الأنبياء من قبل إنما كان العرض فيهما يدخل تحت الأخبار العادية التي لم 
يفضد يها إلا لفت الذهن: إلى Aah‏ :مخ القضاناء Lt‏ ما يمكن أن نذه Aah‏ وقد .عالجث التاحية 
الثالثة من هذا الغرض هي التي تناولت معرفة أخبار السماء وأن الوحي ينزل عليه بهاوما 
s N nee‏ 

ومن هذا النوع قصة موسى في سورة القصص وقصة نوح في سورة هود إنماما 
يمكن أن نسميه نموذجا في هذا المجال هو قصة مريم في سورة آل عمران ويرى أنه يمكن 
أن تكون معرض صور ومريم تدخل في كل صورة منها ومع كل شخصية فيها. ويأخذ من 
ذلك الغركن لطت :ریخات تفي ve il‏ :و ينتبي إلى أنه يكفي منها التوجيهات dd‏ 
بالمراد أي المطلوب منها قوله تعالى 3 ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك O‏ و« ماكنت 
لديهم إذ يختصمون 4 و p‏ إن هذا لهو القصص الحق E‏ 


.45 AN «ch pes سورة آل‎ )١( 
AN السورة‎ wai) 
AY نفس السورة الآية‎ (Y) 


لت 


مقدمة تحليلية 


ويختم المؤلف هذا الفصل الثالث بتكرير القول شرح عقائد الإسلام وتوضيح مبادئه 
الذي تنتهي به أو عنده القصة ومن هنا ل حسب عبارة الباحث — Uka‏ هذه التوجيهات من 
الموضوعات لا من الأغراض. 

إن التفرقة بين التوجيهات الدينية لمبادئ الدعوة الإسلامية ولما أنكره الإسلام من GE‏ 
وعادات وآراء زيوف وعقائد فاسدة وعبادات باطلة وبين أغراض القصة القرآنية لفقة ذكية 
من خلف الله تؤكد أصالة رسالته (أطروحته) أو AUS‏ بيد أننا نجده بعد قليل يجعل من 
أغراض القص القرآني خلق عواطف ضد الأشياء التي سبق له (خلف الله) أن عالجها في 
فصل القيّم الخلقية من أمثال: اللواطء بخس الناس أشياءهم» تطفيف المكيال والميزان. 

ألا تندرج هذه الأفعال تحت بند الأخلاق السيّئة والعادات الذميمة التي أنكرها الإسلام 
والتي وصفها المؤلف في افتتاحية الفصل: توجيهات دينية وفرق بينها وبين أغراض القصة 

هذه واحدة. 

أما الأخرى: فقد أدرج من ضمن أغراض القصة: الكبر والاستكبار والإصرار والعناد 
أي محاربة هذه (الأشياء) وفق عبارته وعدّها من أغراض أو مقاصد القصة. 

ومن حقنا وحق أي قارئ أن يسأل أليست هذه (الأشياء) أخلاقا دنيئة ومن ثم ففضحها 
وتعرية أصحابها والكشف عنها أدخل في باب التوجيهات. 

أما الثالثة: فقد حشر ضمن مقاصد القص القرآني التنفير من عبادة غير الله: 
الأصنام... الكواكب. فإذا رجعنا إلى التوجيهات الدينية للإسلام أو للدعوة الإسلامية نجد 
ضمنها إنكار: 

أ العقائد الفاسدة. 


ألا تشكّل عبادة غير الله مثل الأصنام والكواكب الأمرين معا: العقائد الفاسدة 
والعبادات الباطلة. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


نخلص من ذلك إلى أن خلف الله وهذا ما سبق أن شدّدنا الانتباه إليه كانت 
تعوزه الدقة في صياغة التعريفات وأن ملكة وضع الحدود للأفكار والآراء التي يطرحها كانت 
ضعيفة ونحن ترجع ذلك إلى حداثة سنه نسبيا عند كتابة هذه الأطروحة أو تأليف هذا الكتاب» 
لأننا لاحظنا أنه قد تلافى ذلك في المؤلفات التي كتبها عندما تقدّم به العمر وغزر فكره 
وتعمّقت ثقافته وتراكمت تجاربه. 

بقيت كلمة سريعة عن ما أسماه الباحث (الوظيفة الاجتماعية) التي أضافها إلى مقاصد 
القصة ووضعها إلى جانبها أو بجوارها مما يعني أنها شيء مستقل عنها وذكر أن الففون 
جميعها تؤديها وفي مقدمها الأدب وذكر عمليتي الإيحاء والإفاضة وأن الرازي له فضل عليه 
إذ دله عليها وأن القرآن لفت الذهن إليها حتى تحدّت عن أثر الأقوال في النفوس... الخ. إذ 
معنى ذلك أن الوظيفة الاجتماعية عند الباحث مرتبطة بالأقوال البليغة والعبارات الفصيحة 
والجمل الطليقة التى تحرك الوجدان وتستثير العاطفة jy,‏ على المشاعر وتستفز 
الأحاسيس... الخ. وبمعنى آخر أن الوظيفة الاجتماعية في نظره انحصرت في بلاغة القول 
وذلاقة اللسان وطلاقة الخطاب الخ. وهذا في رأينا تضييق شديد لدائرة الوظيفة وتحجير 
لواسعها وتحديد لمجالها وتضمير لكنهها وتهزيل لمهمتها وتقصير لمأموريتها فضلاً عن أنه 
يخالف المبادئ الأولى لعلم الاجتماع والذي لا شك فيه أنه تأثر في ذلك بدراساته اللغوية. ذلك 
أن الوظيفة الاجتماعية لا تنبني على الأقوال والتعبيرات والتراكيب... الخ. إنما هي تدور 
وتتمحور على تغيير الظروف المادية لأي مجتمع وخاصة للبنى التحتية... بيد أن العذر الذي 
قد يشفع لخلف الله هذه الكبوة صغر سنّه النسبي عند وضع هذه الرسالة أو تأليف هذا 
الكتاب. 

هذا من جانب» ومن جانب آخر طبيعة الأطروحة ذاتها والقسم الذي قُدّمت إليه قسم 
اللغة العربية ‏ لا قسم الاجتماع والموضوع أو المادة التي تناولها والذي أو التي - إلى حد 
كبير CSI‏ ليس شاملا فرض بصماته على الباحث. 


مقدمة تحليلية 


مصادر القصص القر آني 


يبدأ السير في منطقة شائكة فقراءة العنوان تستنفر الغرائز الفجة والعواطف الفطيرة (غير 
الناضجة) وتثير حفيظة أصحاب الأفق الضيق والفهم المحدود والذين تنقصهم الفطانة 
وتعوزهم الزكانة وذوي الحظ الوثيل من اللفانة فيحوقلون ويبسملون ويتعوذون من إبليس 
اللعين والشيطان الرجيم والوسواس الخئّاس... فإذا سألتهم لماذا كل هذا؟ 


مصدراً. 


فإذا ردت عليهم أننا بصدد دراسة جامعية وبحث أكاديمي عن القص القرآني ومن ثم 
فإن القيام بحفرية علمية من المصادر أمر لازم. عقبوا عليك قائلين (إنها شنسنة أعرفها من 
أخزم) أي أنها أقوال المستشرقين. ونحن من جانبنا لا نرى أن جميع Le‏ طرحه المستشرقون 
باطل وقبض الريح ويتعيّن تسفيهه والحط منه أو تجاهله وازدراؤه والإقدام على ذلك شبيه 
بصنيع النعام» والمنهج السديد هو دراسته والتنقير فيه ثم تفنيد ما يستحق التفنيد والرد على ما 
يستوجب الرد واستجادة الجيد واستحسان ما هو حسن هذا هو السلوك العلمي الرصين. 

استشعر خلف الله وعورة ولوج هذا الموضوع فذكر أن فيه خطورتين: 

الأولى: أصحاب الثقافة الضحلة والعقل الضيق والنظر القصير وإذ أن المقادير 
سلّمتهم مقاليد الثقافة العربية فقد ظتوا أنفسهم أنه أحق الناس بتبيين الصحيح من الخطأ 
وأخذتهم العزة فتحكّموا في البحوث سواء كانت علمية al‏ أدبية وباعثهم في هذا akad‏ هواهم 
ومصلحتهم ومن دأب ضيقي الأفق» قصيري النظر استثارة العوام واستعداء الغوغاء إذ 
خولفوا ويتوقع الباحث اتخاذ هذا الموقف منه إذ طرح للبحث (مصادر القصص القرآني) لأنه 
يتجاوز طاقة البشر العلمية المعرفية لأنها من عند الله. 

الثانية أو الأخرى: تتمئل في أقوال المستشرقين والمبشّرين فهم يحتفون بهذا البحث 
ويهللون له لماذا؟ 


EAN 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


لأنه المنفد أو الطريق لإجراء موازنة الأحداث والأخبار التي رواها القرآن وما جاء 
بشأنها هي ذاتها في التوراة والإنجيل وغيرهما. وهؤلاء عادة ما ينتهون إلى الادعاء بوجود 
مكالفات Vi‏ تخ Suis quai‏ على أنه من cali‏ محمد Bj‏ أنه لو كان من sie‏ الله لما اتضوى 
على مخالفة ولو ضئيلة ويزعمون أن مصدرها (المخالفات) ان محمدا كان dei‏ الأخبار على 
أيدي العبيد والأرقاء الأعاجم أولئك الذين كانوا يخدمون صناديد قريش وقد أشار القرآن نفسه 
إلى واحد منهم في إحدى آياته وكانت معلومات أولئك dell‏ مهزولة لا تعدو أن تكون 
شائعات لعدم اطلاعهم على التوراة والإنجيل لعدم تيسر تسخهما لديهم فضلاً عن أن طريقة 
التعلّم كانت المشافهة وهي قرينة التحريف والتبديل والتحوير والزيادة والنقصان والحذف 
والإضافة... الخ. 


| ذاك كان تلخيص موجز وسريع للخطورتين اللتين استشعر الباحث وجودهما وهو 
يرى أن أولاهما سرعان Le‏ تزول عندما يبيّن لأصحابها أنه سوف يتبع نهج سلفه الصالح من 
رجال الفقه والدين ويستطرد متسائلا: 


ألم يبحث الأصوليون عن مصادر التشريع الإسلامي وأنهم انتهوا من صلة الإسلام 
Les‏ سبقه من الأديان إلى القول بقاعدة (شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه) 
وأن سر الاتفاق بين الأديان السماوية أشارت LE‏ الكريمة بز شرع كم من ان مسا 
وصى به نوحاً. C r‏ وسر الاختلاف جاء في ANI‏ الكريمة الكل جعلنا منكم à‏ شرعة. Og..‏ 
وأن ذلك لعلل اجتماعية هي من النواميس المستقرة ايل إن وجل ت الصاح PA‏ 
خطوة ds e‏ 
رجالا من ذلك العهد سئوا لهم سننا أبقى عليها القرآن الكريم وذكر خلف الله أمثلة لها Mas‏ عر 
كتاب (المحبر). 


AYAY سورة الشورى»‎ )١( 
LEA سورة المائدةء الآية‎ (Y) 
انظر في هذه الخصوصية كتابنا: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية  الطبعة الأولى ۱۹۹۰م دار‎ (Y) 


مقدمة تحليلية 


ويدف St‏ أن SS‏ 
- في جن أن مسار الاسر da‏ بشرية يمك نا معرقتيا دون GAN‏ 


لأنها a‏ شير في صراحة إلى أن القرآن الكريم كان يرد بعض تشبيهاته وأمثانه لي 
مصادره الأولى إلى التوراة والإنجيل « مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع. Wa.‏ 
وعلينا نحن بصدد gaid‏ الحقيقة وضع نظرية سليمة تقوم Y‏ على ملاحظة الظواهر 
المختلفة الموجودة في القرآن (تحديدا في القصص القرآني) ونفسسّر ذلك أنه بوضع النظرية 
سوف ثحل جميع المشكلات التي توقف عندها المفسّرون وبذلك نحقق هدفين: إخراج القصص 
2x‏ مز ar a er‏ قن ويوجّه النصح لمناوئيه أن يفهموا رأيه 
ومذهبه وأن يعلموا أن الدين الإسلامي ذ فتح الطريق أمام العقل وأنار له السبيل مما يجعله 
ا ل ا 1 IN‏ 
الصبر والمضي في الدفاع عن الحقيقة الدينية ثم يتضرَع إلى الله eleal‏ أن aÑ alai ole y‏ 
وعد رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا بالنصر. 

ولسنا في حاجة إلى القول بأن هذه الفقرة إنشائية مبعثها العاطفة ويمكن أن تنضوي 
عليها خطبة منبرية لا أطروحة جامعية ولا رسالة أكاديمية ويبدو أن خلف الله قد أحس ببوادر 
الثورة ومقدمات الهجوم de‏ عليه وبلغ به AN‏ لجأ إلى الدعاء إلى الله أن ينصره على 
مناوئيه. 


ويذهب الباحث أن الخطورة الأخرى أو  :‏ وله هن 
أنزل الله ويؤكد للمستشرقين والمبشرين أن A‏ موازداتيه ,لع و a‏ الكريم و ا 


“asie يكن حا ن‎ KN A RT 


)\( سورة الفتح› الآية NG‏ 


٥ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


موازناتهم يجب ألا تتم حتى يثبت أن القرآن الكريم قد قصد معاني الأخبار التاريخية 
حين يعرضها وأنه اختار من الأشخاص والاحداث والحوار باعتبار أنها الحق الذي يتمشى مع 
المنطق التاريخي أما وأن القرآن لم يقصد من قصصه نشر وثائق تاريخية أو إعطاء درس في 
التاريخ فلا قيمة إذن لموازناتهم. 

أولى المسائل أن مسلك القرآن الكريم ومسلك التوراة متباينان فلم يقص أخبار الأنبياء 
كما فعلت هي إنما اختار بعضها وأعرض عن بعض وعند الاختيار راعى حال دعوة الإسلام 
وموقف نبيه من قومه. وهناك عامل فارق بين الكتابين المقدّسين وهو عامل الزمن فقد كان 
أساسيا في التوراة وليس كذلك في القرآن وهي تغيت التاريخ وهو هدف إلى À all‏ العبرة 
الهداية, الإرشادء Jill‏ هيب› التر «oué‏ النذارة البشارة شرح مبادئ الدعوة الرد عل 
المناوئين» تثبيت قلب النبي عليه السلام وتبعه... الخ. 


أما ثانيهما فهي أن أولئك الذين اختارهم القرآن ليكونوا مواد قصصه هم من خارج 
البيئة العربية مثل المصريين والعبريين والسبئيين والإغريق والرومان... إما منها أو أرسلوا 
إلى أهلها ووقعت الأحداث في تلك البلاد وتحاوروا فيما بينهم ومع ca‏ أرسلوا إليهم بلغات هذه 
الأقاليم بل جرى الحوار أحيانآ بلغات قد لا نعرفها ولا يمستطيع عقلنا القاصر (هكذا) أن 
يتصورها مثل لغة حديث الخالق جل وعلا إلى الملائكة وإبليس في قصة خلق آدم ولغة حديث 
إبليس إلى آدم في قصة خروجه من الجنة. إنها الأمور التي لا نعرف منها إلا الفروض 
الخيالية وخلف الله هنا يتقمص شخصية أبي حامد الغزالي ويردّد ما سطره في كتابه 
(المستصفى). 

كل واحد من الأنبياء كان معروفا في بيئته وتقص أخباره على بنيها وتنقلها لجيرتها 
وهذه أمور طبيعية وليست من الغيب الذي لا يعرفه إلا من أطلعه الله ade‏ بيد أن الذي يود 
الباحث معرفته هو صلة هذه الأقاصيص بالبيئة العربية عامة والمكية خااصة قبل البعثة 
المحمدية dés‏ نزول القرآن أي هل كانت تلك البيئة تعرف أمر أولئك الرسل أم تجهله؟ ثم 
ينتهي خلف الله إلى أن إجابة هذا السؤال خطيرة لأنها ستحدّد المسائل الآتية: 


مقدمة تحليلية 


واستخدامها في بنائها فهل كانت العقلية العربية أو هي بيئات الرسل والأقوام؟ 

الإجابة سوف تحدّد مذهب القرآن الكريم في بناء القصة من حيث صلة العناصر 
بالبيئة؟ هل كان يبني القصة على المألوف أم على الغريب النادر؟ 

y‏ بلاغة القرآن ودوره الفني سيوقفانا على أسرار الإعجاز في قصصه وسيفهمانا 
N,‏ مان كه ون ga‏ اور al‏ 

٣‏ الوصول إلى قاعدة أو نظرية نطبّقها لحل المشكلات ورد الاعتراضات وإخراج 
القصص من دائرة المتشابه. 

ولكن ما هو كنه الصلة بين الأقاصيص وبين البيئة العربية؟ 

يجيب الباحث على هذا السؤال بأنها أنواع ثلاثة: 

tp mena SL ee الأول‎ nah tn 
وكانت غاية إنزاله تثبيت نبوة النبي عليه السلام كالذي ورد إجابة على أسئلة مشركي مكة‎ 
daj التي طرحوها عليه لمعرفة هل هو نبي صادق أو متقول يدعي النبوّة وأشهرها قصتي‎ 
الكهف وذي القرنين» ويورد خلف الله ملحوظة جديرة بالتدبر فيها وهي عدم تكرارها‎ 
وورودها مرة واحدة والقرآن يفاصل أولئك الذين يبنون أقاصيصهم على الغريب النادر من‎ 
مقاصده... وإذ لا تنتصب ضرورة فلا يبعد القرآن الكريم عن عقلية العرب.‎ 

ب معروف لدى عرب ما قبل البعثة وعدد منه وردت عنه إشارات في شعرهم 
مثل قصص عاد وثمود والجن مع سليمان — وهذه القصص تكررت — ويرجّح الباحث أن 
العلة وراء ذلك هي أن القرآن الكريم يتمحور مذهبه في بناء القصة على المألوف والمتداول 
والمشهور... 

ج - النوع الثالث والأخير هو بين بين بتعبير العميد الدكتور طه حسين وما قد يشتبه 
على القارئ فلا يدري sai‏ من الأول أو من الثاني ومن أمثلته: آدم مع إبليس وقصة الخلقء» 
ولوط sis‏ وإبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف وداوود وأيوب الخ. 

هذا النوع المشنكل كيف نتمكن من الوصول إلى حقيقة صلته بالبيئة العربية عامة 
والمكية خاصة؟ يجيب المؤلف: بأمرين: 


££V 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


أ طريقة القص التي i‏ تشعرنا بأنه كان معروفا ذلك أن القرآن في بدي الشأن كان 
يأتي بأسلوب موجز يمكن عده إشارات لأمر معروف» أو هي لفتات لأحداث تعرفها البيئة 
والذي يؤكد ذلك أن القرآن في قصصه كان يهدف إلى الإنذارء العظة» العبرة» مقاصد تطلب 
من الأحداث التي يعرفها المخاطبون (بفتح الطاء) لكي ينتج الإنذار أو العظة أو العبرة أثره. 

ب كذلك تكرار القصة في أكثر من موضع أو عدة مواضع فهو يؤدي إلى النتيجة 
ذاتها إذ يفيد أن القرآن الكريم درج على مذهب Cine‏ هو بناء قصصه على مواد معروفة في 
البيئة العربية ومتداولة وحتى إذا فرضنا عدم معرفتها من قبل فإن تكرار نزولها يُعد بناء لها 
على ما قد غرف. ويرسئخ ‏ خلف الله على عادته ‏ قالته هذه إن مثل هذا النوع من مواد 
قصص القرآن كان يتبع الشهرة... كيف؟ 

الشخصية التي غرفت وذاعت شهرتها في البيئة» والأحداث التي استفاض ذكرها 
ذلك امون ت البهود: کین كانت :ليد الط على الفضناء. الديني في للك à‏ في 
ذاك الوقت مما يعطيهم الفرصة للإكثار من أخبار موسى وقصته مع فرعون وملئه والسحرة 
الخ. 

إذن يمكن الوصول إلى نتيجة هي أن القرآن بنى قصصه على عناصر استمدّها من 
البيئة أو حتى من العقلية العربية لتغدو أشد أثرآ وأقوى سلطانا. 

العقلية العربية في الغالب هي مصادر القصص القرآنيء لم يبعد عنها إلا SLE‏ ولعل 
هذا fai‏ لنا فكرتهم عن القرآن أنه ليس إلا أساطير الأولين فقد وجدوا ذات الشخصيات 
والأحداث التي ألفوها وعرفوها ويحيّي المؤلف فطانة الرازي والنيسابوري ولباقتهما لتفرقتهما 
بين جسم أو هيكل القصة وبين ما انضوت عليه من توجيهات دينية وأنها الهدف الرئيس 

fil‏ أخذ القرآن عناصر قصصه من البيئة العربية فيجب أن نذكر صنيعه الففي 
والبلاغي في رسم الشخصيات وتصوار الأحداث وإجراء الحوار وتوزيع كافة العناصر 


مقدمة تحليلية 


الأخرى وتريك كل واحد منها الحركة التي تنفحه القدرة على القيام بدوره باقتدار حتى النهاية 
وقد تتمئل الصياغة الفنية في pu)‏ عنصر أو عناصر من جوانب مختلفة ومن زوايا متباينة 
ومواطن مختلفة حتى يستقل كل رسم بطابعه الخاص وشخصيته المتميّزة. وإذ لم يدرك 
المفسّرون هذا الصنيع الفني قالوا بالتكرار وهذا غير صحيح AN‏ ليس من التكرار في شيء 
بل هو دليل على أن مبدعه ذو قدرة باهرة وقوة فائقة لأنه الله جل جلاله. 

ومن هنا جاء تحديه لهم بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور أو بسورة. 

وقد تتمتل ١‏ لعملية الفنية في تخليص العناصر التاريخية من أن شخاص وأحداث من 
معانيها التاريخية وفي تحميلها بالعواطف الإنسانية أو بالمعاني الدينية والخلقية والاجتماعية. 
وشرحها يضطر المؤلف إلى ممتها مسا Gus‏ عند الأصوليين ثم ينتهي منه إلى أن الغلط كله 
في الوقوف على المعاني الأولى وشرح الكلمات اللغوية وتبني مواضع الإع راب وأن الفهم 
الدقيق للنصوص الأدبية إنما يكون في الوقوف على ما انطوت عليه من أسرار الفصاحة 
والبلاغة أي من فن أدبي جميل. 

أما النقاد والأدباء فيرون أن الفضل والمزية في الأدب إنما يكون بإيحاءات أدبية 
وإثارات فنية يحملها اللفظ ولا يعد الأدب أدبا ولا الفن فنا إلا Las‏ فيهما من صور صادقة 
التعبير قوية التأثير. هم إذن كشفوا في الأدب والفن عن سر الإعجاز ولا يرونه في المعاني 
الأولى بل في المعاني الثانية أي فيما تحمل من عواطف وتستثير من انفعالات ويرى المؤئلف 
أنه فيما يخص المواد الأدبية في القصص القرآني هي هذه: 

هل قصد القرآن من عرضه لهذه المواد — أحداثا وأشخاصا ‏ الدلالة الأولى أي فائدة 
الخبر بتعبير البلاغيين أم هو قصد شيئا آخر وراءه أي قصد المعاني الثانية؟ 

الإجابة عند خلف الله أنه قصد إلى المعاني الثانية: الأدبيةء البلاغية» استثارة العواطف 
ولم يقصد أبدآ إلى المعاني الأولى فهو لم يرد تعليم الناس التاريخ أو شيئا من أحداثه. وإذ أن 
العواطف والانفعالات تختلف من موطن لآخر فإن القرآن يصنع من هذه المواد ما يصنعه 
الأدب والفن دائما بالألفاظ ويستخرج من المواد الأدبية القصصية معاني أدبية تشبه استخراجه 
المعاني المجازية من المعاني الحقيقية. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


حيّر هذا الصنيع القدماء إذ لم يتبيّتوا الأسرار الخفية للصور المختلفة التي يعرض فيها 
المواد الجزئية حين يقص عن هذا النبي أو ذاك عن موطن وآخر واعتبروه تكراراً وشكوه 
منه واجتهدوا في تعليله تم ضرب لذلك مثلا بما ela‏ في كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل) 
ag S OSCE SA ND ES CS‏ 
طين oaa M ١#‏ أخرى ١‏ قل يا ابابش ملك الااتكون جع الساجدين AR‏ 
لأسجد لبشر خلقته من صلصال من Lan‏ مسنون OK‏ 

للسائل أن يسأل: لماذا اختلفت الحكايتان والمحكي شيء واحد؟ 

ويجيب الإسكافي صاحب الدرة أنه لم يقصد أداء الألفاظ بأعيانها إنما قصد ذكر 
المعاني ذلك أن الألفاظ إذ اختلفت وأفادت المعنى المقصود كان اتفاقها واختلافها سواء. 
ويعقّب خلف الله على جواب الإسكافي بأنه وإن أحس بأصل المعنى إنما لم يتهيأله من 
وضو ح التفسير الأدبي وسر العمل الفني في ANG‏ الألفاظ والمواد الأدبية مايحل به 
الإشكال. 

ما يطلق عليه البيانيون المعاني الثانية وما يسميه المحدثون اليوم إيحاءات الألفاظ 
ووقعها النفسي هو المقصود من الدراسة الفنية لأمثال هذه القصص وهو المقصد ذاته الذي 
جعله القرآن المُعجز الأساس الأول في بناء القصة وتركيبها وأيضا في pes‏ الأقاصيص في 
سوره» وضرب لذلك متلا بآيات من سورة النمل تناولت قصة صالح مع ثمود وقصة لوط مع 
قومه. وعقب عليها بقوله إن المقصود ليس هو تصوير ما حدث بين الرسولين وقومهما إنما 
قصد القران أن تصبح هذه الصور مصدر انفعال وتاثير وباعث أمن وخوف ورجاء. ويقدم 
le gl‏ ايه دراك Aa here ces‏ الى le‏ فى er : AN‏ 
القرآن من لدن حكيم عليم VE‏ أ و“ لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون 4( 


| سورة الأعراف» الآية .١7‏ 

) سورة caa‏ الآيتان NE = NY‏ 
) سورة النمل» الآية ". 

) نفس السورة» الآية + 


foh 


مقدمة تحليلية 


وجّه الخطاب في الأولى لمحمد عليه السلام وفي الأخرى لموسى عليه السلام. 
ويرجّح أن هاتين القصتين نزلتا في وقت ائتمار المشركين بالنبي عليه السلام خاصة 
ما جاء في قصة صالح عن التسعة رهط والتقاسم والتبييت فهو صورة لما حدث من قريش 
مع النبي عليه السلام فالمقصود د منهما طمأنته وأن الله حافظه ومهلك عدوه. 


قصد القرآن من هذه القصص هذه العواطف أو الانفعالات وهي الرباط الذي ينتظم 
مجموعاتها وهي ما يتعيّن الوقوف عندها لدى مَن يريد تذوق أسرار الإعجاز والتي يتعين 
البحث عنها فيما لمحه الإسكافي صاحب الدرة من: 

١‏ المعاني الأدبية. 

؟ ‏ الإشكال الذي وقف عنده. 


ليست المسألة هي الموازنة بين جزئيتيْ قصتي آدم وإبليس في سورتي الأعراف 
والحجر إنما agii‏ على أساس الموازنة بين القصتيْن لأن القصة لا agil‏ على أساس جزئي 
وإنما كما يُفهم JS‏ عمل أدبي وكل أداء للتعبير أو للتأثير. ثم يؤوب خلف الله إلى القصتين 
(اللتين سجلتهما سورتا الحجر والأعراف) لإبراز الفروق بين المقصدين لكي يعلل علة 
اختلاف موقفي إبليس في القصتين. 
في سورة الأعراف جاءت القصة لتحكي مبدأ العداوة بين إبليس وآدم للوصول إلى 
تنيجة ادو في Sa‏ اران في دار jai OS pacs‏ وهو حك المشركيق لتعديل مو كيم 
من النبي عليه السلام ثم أورد آيات توثق المعنى الذي استخرجه أو القصد الذي حدده. 
أما القصة فى سورة الحجر فهى وإن حكت Laj‏ العداوة إلا أن قصدها شىء آخر هو 
محو الهم والقلق من نفس النبي عليه السلام اللذين يساورانه من أجل إخفاق الدعوة بسبب 
استهزاء المشركين ثم يورد مقاطع من السورة لتأكيد وجهة نظره. وإذا كان قصد قصص 
الأعراف تعديل موقف المشركين فقد عمد إلى أن يري المشركين صنيع الله بالمستكبرين 
والمستضعفين وما يمثل رحمته بقوم وعذابه بآخرين ومن ثم يختم بالنصح والإرشاد. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


أما في سورة الحجر فلما كان القصد إفاضة Le‏ بنفس محمد من قلق Jael‏ ويستقرء 
وقلقه هذا سببه استهزاء صناديد مكة به جاءت الصورة تنطق بالقسوة والمحاورة مملوءة 


إذن المسألة تنحصر في طريقة الوقف أو الوقوف على القصد أي على المعاني 
الثواني أو الأحاسيس والانفعالات. ومرة أخرى لم يؤم القرآن في قصصه قصد التعريف 
بالتاريخ أو إملاء أخبار. 

والمسألة تزداد وضوحا في قصص لوط عليه السلام كما وردت في سورة هود ثم 
سورة الحجر. ويخبرنا الباحث أنه لا شأن له بترتيب الأحداث في كليهما السابق دراسته إنما 
يبغي توضيح أمرين يكشفان ما يرمي إليه من عناية القرآن بالمعاني الثواني أو الأحاسيس أو 
العواطف» ذلك أن قصد القرآن الذي يرمي إليه في كل واحدة منهما له دخل في اختيار المواد 
الأدبية القصصية لا من جهة اختلاف المعاني الثواني بل من تركيب المواد ذاتها. 

الحادثة واحدة وهي موقف قوم لوط منه حين جاءته الملائكة لتدمّر قريتهم els‏ 
النبي لوط وأهله خلا امرأته» بيد أن استعمال القرآن للحادثة ذاتها وتصويره لها في كليهما 
يباعد بين صورتيهما حتى يخيّل للقارئ أو السامع اختلاف الحادث في كل لا اختلاف الصورة 
فحسب كل هذه بسبب الحذف والزيادة ثم من جراء العواطف والأحاسيس. 

وهنا يثور سؤال: لِم اختلفت الصورتان وتباينت التعبيرات الفنية والأدبية؟ 

الإجابة تكمن في قاعدة: ابحث عن المعاني الثواني وأعرض عن المعاني الأوائل. 

والتذكير بأن القرآن لا يؤرّخ إنما يحكي أمورآ أخرى هي التي تملي طريقة بناء 
القصة وأسلوب عرضها وبالتالي ومن جميعها يتاتى التصوير للحادث. 

ثم يكرر خلف الله الغرض من قصص سورة هود وهو تثبيت قلب النبي عليه السلام 
وأسلوب القرآن في ذلك هو الأسلوب الفني الذي يعمد إلى الإيحاء والإفاضة وعبارات القصة 
تحمل من المعاني الثانية ما يلائم حال النبي عليه السلام وقصد القرآن. 


مقدمة تحليلية 


بيد أن ذلك مغاير لما في قصة أو قصص سورة الحجر لأنها إنما أنزلت لتشفي قلب 
النبي عليه السلام بأن تطلعه على ألوان العذاب الذي يصبّه صبا على المكذبين من أقوام 
الرسل السابقين عليهم السلام ويخلص الباحث بعد كل هذا إلى أن القرآن لم يهدف إلى المعاني 
الأولى ولا ليعطي دروسا في التاريخ بل إلى المعاني الثواني وهي العاطفية أو الأدبية البلاغية 
أو الفنية. 
بالتساؤل عما إذا كان القرآن الكريم يستخدم هذه العناصر على الصورة التي كانت تعرفها 
العقلية العربية في زمن النبي عليه السلام أم صورتها التي كانت عليها زمن وقوع أحداثها. 
ويضرب متلا توضيحيا: هل حديث القرآن عن أحداث الفراعنة مع اليهود على صورة 
فرعون كما هي منطبقة في ذهن العربي أم على الصورة التي كانت في أزمان فرعون 
وموسى في أذهان اليهود والمصريين؟ 

يقول إن الإجابة تستد تستدعي بحث الأساس الذي كان يقيم عليه القرآن الكريم أس اختياره 
لهذه العناصر. هل أس المؤرّخين الذي يقوم على اختيار الحق والواقع وما يثبته العقل 
والأخذ بمجامع ل e‏ الباحث N d‏ 
ل TE anggi‏ 
شك فيه أن القرآن يعطينا الصورة القوية الواضحة لقوة الألفاظ والعبارات وفي الصور الأدبية 
ويصفها بأنها قوة ساحرة ولها فعلها الأكيد في تحريك الأفراد والجماعات ولعل هذا ju‏ لنا 
مذهب القوم بأن القرآن سحر مبين. كما يفسّر لماذا نهى القرآن المسلمين عن سب آلهة 
المشركين ولماذا طلب من الرسول الإعراض عن الخائضين في آيات الله وهدّد المسلمين 
الخائضين فيها بالعقاب. ذلك أن القرآن يعرف قدرة الفن الأدبي القاهرة وقوته الساحرة وكان 
يخشى على المسلمين خطر أحاديث المنافقين والكافرين. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


ولا تقف المسألة عند هذا الحد بل تذهب إلى أبعد من ذلك فقد كان القرآن يلحظ 
العلاقة التي يفرضها المجتمع ويقيمها بين الصورة الأدبية والنفس البشرية. ويمثل لذلك بالآية 
التي تنقّر من عبادة الملائكة بتشبيهها بالإناث والبيئة العربية مستقرة على كراهية الإناث فلو 
أن تلك البيئة تعرف للأنثى حقها وتقدّرها وتعتقد أنها أجمل خلق الله لما أقدم القرآن ذلك. 

وكذلك اختار النعوت البشعة لجهنم باختيار أفظع ألوان الطعام والشراب لها die‏ 
الغسلين والزقوم وطلعها كأنه رؤوس الشياطين... الخ. حتى ولو كانت بعض هذه الصور من 
اختراع الخيال وهذا Le‏ جاء في الكشاف: وشبّه برؤوس الشياطين لأن الشيطان مكروه مستقبح 
في طباع الناس لاعتقادهم أنه شر محض لا يخلطه خير. 

ثم يخاطبه القارئ بأنه لن يستطيع ‏ بعد ذلك كله أن ينكر أن القرآن oi des‏ 
اختياره للمواد الأدبية من صور وألفاظ القدرة على التأثير وهذه القدرة تستمد قوتها وحيويتها 
من الصلة التي يربط فيها المجتمع بين هذه الأدوات وبين النفوس وهو ما فطن إليه القدامى 
من علماء البلاغة عند حديثهم عن الدلالات. ثم يعرّج بعد ذلك الطواف الطويل أو يصل إلى 
الإجابة عن السؤال فيرد: 

أن القدماء لا يتحرجون من القول بأن القرآن كان يجيء على ما يعتقده الجاهليون 
ويزعمون ويستطرد بأن هذا القول يشعرنا بأن ما في الأقاصيص القرآنية من أحداث وأخبار 
لا يلزم أن يكون هو التاريخ ذلك أن القران يكتفي بما تزعمه العرب وما تعتقده في صوره 
البيانية المعجزة» ولا يخفى أن القصة إحدى صور البيان العربي وأنه (القرآن) اكتفى في 
قصص أصحاب الكهف وذي القرنين بما كان يعتقده المخاطبون ومن هنا لا يصح الاعتراض 
على أن في أقاصيص القرآن مخالفات للحق والواقع بل للتاريخ ذاته. 

دليل آخر يقدّمه الباحث على أن القرآن لم يهدف في قصصه إلى التاريخ. هو اختياره 
لبعض الرسل دون بعض وإطالته الحديث عن واحد أو نفر دون غيرهم وتأخيره تصوير 
حدث في حياة رسول وتقديم آخر كذا اختياره لغة المرسل إليهم لتغدو لغة الرسالة والوحي. 


مقدمة تحليلية 


أما الدليل القوي على أن القرآن الكريم لا يطلب منا أن نؤمن برأي معين في المسائل 
التاريخية هو أنه كان يخلص العناصر القصصية Wan)‏ وأشخاصاً من معانيها التاريخية 
وجعلها صالحة لاستثارة العواطف والانفعالات حتى تكون العظة والعبرة والبشارة والنذارة 
والهداية والإرشاد والدفاع عن الدعوة الإسلامية والتمكين لها حتى في نفوس المناوئين. 
وبالتالي يغدو من حقنا وحق القرآن علينا إفساح المجال أمام العقل البشري للبحث والتدقيق 
حتى ولو أدى البحث إلى مخالفة هذه المسائل إنما أبدآ لن تكون مخالفة لما أراده الله أو قصد 
إليه القرآن لأنه لم يرد تعليمنا التاريخ إنما إلى الموعظة والعبرة وما شابههما قصد. 


ويخلص إلى جوهر نظريته وهي أن المسائل التاريخية في القصص القرآني هي 
الصور الذهنية لما يعرفه معاصرو النبي عليه السلام وما يعرفه هؤلاء لا يلزم أن يمثل الحق 
والواقع وليس مطلوبا من القرآن تصحيح هذه المسائل أو Las,‏ إلى الحق والواقع لأنه كان 
يجيء في بيانه المعجز على اعتقادات العرب وبيئتهم. 

وهنا يرد الباحث على ما قد يثور في الذهن من أن هذا الذي يذهب إليه يعارض 
بعض آيات القرآن فهو يعارض وصف القصص القرآني بأنه الحق وكذا يعارض آيات 
الافتراء. وعن الأخيرة يقول أنها لم تتحدث أو تتعلق بالمواد الأدبية القصصية ولاافي 
تصويرها للأشخاص أو الأحداث» إنما هي تتعلق بالقرآن ككل من حيث هو كتاب ديني 
وصلته dit‏ سبحانه وتعالى أو بمحمد عليه السلام. Ge‏ هو صاحب النص أهو الله أنزله على 
النبي عليه السلام أو هو محمد عليه السلام الذي ينسب القرآن والقصص إلى الله افتراء. 


ثم يأتي من تلك التي تناولت الافتراءات وتفسيراتها ويخلص إلى القول بأن المسألة 
تتعلق بهذا الجانب في مسألة قص القرآن أي جانب إضافتها إلى الله مع أنها من عند محمد 
عليه السلام بمعنى أدق أن رد القرآن عليهم انصبً على هذا الجانب وهو كون القصص من 
عند الله لا من عند محمد عليه السلام. 

ويختم الكلام عن (آيات الافتراء) ob‏ الواجب العلمي يحتم عدم تعميم الحكم والوقوف 
في بحث هذه المسألة في القصص القرآني عند الحد الذي تغياه القرآن» ويرى أن قصة يوسف 
عليه السلام الوحيدة التي ختمت A‏ انضوت على حديث عن الافتراء # ما 


{oo 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


كان حديثاً يفترى 4 أي أن القصة وما فيها من أخبار وأحاديث وشخصيات كلها من عند 
Ka a‏ 
المقصود الأحداث e Os a. T‏ المقصود منها التوجيهات الدينية 
وسائر الأغراض ويسوق مقطعا من تفسير المنار يؤكد ما يذهب إليه أو نظريته ومقطعين من 
تفسير الرازي من قبيل التوثيق بأن القصص هو مجموع الكلام المشتمل على ما يهدي إلى 
الدين ويرشد إلى الحق ويأمر بطلب النجاة. 

كذلك يورد قولا للقاضي عبد الجبار في (تنزيه القرن عن المطاعن) يعالج قوله تعالى 
à‏ إن هذا لهو القصص الحق 4 ويذهب إلى أن هذا الوصف لا ينصرف لجسم أو هيكل 
القصة أو الحكاية أو La polie‏ التاريخية إنما هو وصف لما فيها من انفعالات عاطفية تحث 
RE‏ وي و 4 pe‏ ا mr‏ 
المقاصد التي نزلت من أجلها القصة. 

وينهي هذا الفصل بتلخيص ما يريد الاتفاق عليه من مسائل: 

١‏ المقصود استخراج الحقيقة الدينية التي يرمي إليها القرآن الكريم. 

۳ - الأحداث والأشخاص في القص القرآني الذي يكون به البناء» فإذا مواده قد تكون 
تاريخية أو خيالية أو صورة لما في أذهان أو معتقدات أو مسلمات معاصري محمد. 

 :‏ غالبا ما توجد تلك المواد في البيئة وأن القرآن اعتمد على هذا الموجود كما هو 
وبحالته التي كان عليها... لماذا؟ 


.١١١ AN سورة يوسفء‎ )١( 
AYAN سورة آل عمرانء‎ (Y) 


مقدمة تحليلية 


لأن القصص القرآني لم يأت لتصحيح أوضاع تاريخيةء إنما أتى للعظة والعبرة 
والإرشاد والهداية. وفي هذا كله تكفي المسلمات والمعتقدات. 

ه ‏ إذا حاك في صدر شخص شيء من هذا واحتاج إلى قدر من الاطمئنان فعليه 
بالتأويل لمن يعوزه الاطمئنان. 

كاتب هذه السطور لا يتعالى على (الثقافة الشعبية) أو ينظر إليها على أنها الثقافة الدنيا 
أو الثقافة غير العالمة بل ينظر إليها بقدر وافر من التقدير ويضعها في مكانها اللائق إذ أنها 
تحتوي على رصيد هائل ومخزون ضخم من تجارب الأمة وخبراتها والدليل على ذلك أنني 
في كتاباتي أستعمل كثيرآ من مفرداتها وأرجع إلى القواميس والمعاجم التي تحمل ألفاظ 
وتراكيب الثقافة العليا أو الثقافة العامة فأفاجأ في العديد من الحالات أنها هي المفردات ذاتها 
وفي بعض الأحيان أجدها مع تحوير أو تبديل بسيط فأفتح قوسين أكتب فيهما: والعامة أو 
العامة في مصر تقول كذا... ومما يشد انتباهي في الثقافة الشعبية الأمثال التي تجري على 
ألسنة الناس البسطاء إذ أنها في نظري تكثيف شديد وتقطير مضاعف لتجاربهم وخبراتهم. أقدم 
هذه الفرشة السريعة الموجزة التي هي أشبه ما تكون بالبرقية كمسوغ لهذا المثل الشعبي: 
(عشّمتني بالحلق. ces‏ أنا وداتي): وشرحه أنك متّيتني بأن تحضر لي حلقا فص دقتك 


ها الم 335 غل دهن فور ان فرطت مق قرا وتتحيمن النضل الراب وهو 
(مصادر القصص القرآني) ذلك أن خلف الله بدأه بأنه سوف يلاقي خطورتين الأولى من 
أصحاب الثقافة الضحلة والأخرى من المستشرقين وتحدّث طويلاً عن العقول الضيقة hil y‏ 
القصير الخ. وتوقعنا بعد ذلك أن يخب ويضع في موضوع المصادر ويتناوله بجرأة 
وموضوعية ولا يبالي بأولئك الذين رماهم بكل نقيصة وأضاف إلى جانبهم كل خسيسة ولكننا 
بعد قليل ذهلنا لأنه انطلق من أرضية أصولية وسطّر لغة نصوصية وتبتكّى ثقافة الحفظ 
وفاصل لهجة العقل واستند إلى حجة الإسلام محمد الغزالي والخطيب الإسكافي والرازي 
ومحمد عبده وأضرابهم. ولم يأت في موضوع المصادر وهو جد خطير gh‏ جديد بل ردد 
آراء القدامى وإن حاول أن يدثرها بثياب جديدة Wela jag‏ بشعارات حديثة ويلبسها DL‏ 
معاصرة. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


والذي لا شك فيه وبعيدا عن عواطف الأسى وشعور الخيبة وإحساس الإحباط فإن 
خلف الله قد أضاع فرصة عمره ليغدو رائدا لنقد الفكر الديني وقائدا لكتيبة البحث الحر في 
الجذور العميقة التى تتمحور عليها العقيدة. بيد أن هناك fie‏ قد ينتصب له لأنه لو فعل ذلك 
لازدادث الثورة علية Va‏ و الاعف jf‏ النقمة ail ae‏ داك من CRAN‏ تن لأ بات 
لذلك في سبيل العلم وخاصة في الرسائل الجامعية والأطروحات الأكاديمية. 


في رده على المستشرقين والمبشّرين في ادعائهم بأن في القرآن مخالفات تاريخية وأنه 
من ثم فهو من عند محمد أنهم يعلّلون المخالفات بأن (محمدا) كان يتعلم الأخبار من daal‏ 
والارقاء خدمة صناديد قريش وان المستشرقين تناسوا أن لسان هؤلاء أعجمي والقران جاء 
بلسان عربي مبين وأنهم لفقرهم عجزوا عن الحصول على تسخ مكتوبة من الإنجيل والتوراة 
وبذلك كانت معارفهم تتأسس على الشائعات ووسيلتها المشافهة التي هي Lia‏ عرضة للتبديل 
والتحوير والتغيير والزيادة والنقصان والحذف والإضافة. ولقائل أن يفند ردود خلف الله بما 

إن المستشرقين وأضرابهم من الحاقدين على الإسلام وكتابه ونبيه لم يقصروا زعمهم 
على لقاء محمد بالعبدان والأرقاء الأعاجم خدام سادة قريش بل أضافوا إليهم fase‏ من رجال 
الدين المسيحي أو العلماء في هذه الديانة أو على الأقل ممّن قرأوا ودرسوا العهدين القديم 
والجديد منهم بحيرا ونسطور وعداس والأخطر فيهم جميعا القس ورقة بن نوفل ابن عم 
الطاهرة أم هند خديجة أولى وأهم زوجات محمد والذي استمر تماسه بمحمد من لحظة زواجه 
بها حتى وقوع تجربة غار حراء بل وبعدها ومن الثابت الذي لا ذرة فيه من ريب أن ورقة 
العربية. وهؤلاء بحيرا ونسطور وعداس وورقة وردت أسماؤهم ولقاءاتهم بمحمد في أهم 
كتب السيرة المحمدية التي تلقتها أمة لا إله إلا الله بالتجلة التي تقارب تخوم التقديس وفي 
طليعتها سيرة ابن هشام والسيرة الحلبية والسيرة الشامية الخ. إذن لم يكن لقاء محمد في 
زعم المبشّرين والمستشرقين — مقصورآ على العبيد والأرقاء فلماذا تغاضى خلف الله عن 
هؤلاء Le)‏ أنه كان لا يعرف هذا الأمر وهذا Le‏ نهزّله (من ن الهزال) ونضمره 


مقدمة تحليلية 


(من الضمور) ونضعفه (ya)‏ الضعف) أو كان يعرفه بيد أنه أسقط في يده ولم يجد لديه دفعا 
أو حتى تهوينا. 

ويتصدى فلحاس (معائد ت والعامة في فس فون فلحوس أو فلحوص بالصاد) 
فيسأل إذا كان محمد سمع تلك الحكايا الدينية من العبيد الأعجميين فهل من الحتم اللازم أن 
يثبتها في القرآن بالصورة التي سمعها منهم والتي تملؤها العجمة وتحشوها الركاكة أم أنه يعيد 
صوغها بلغته الفصيحة وهو أفصح العرب قاطبة فهو من الذؤابة العليا من قريش واسثرضع 
في بني سعدا 

sn‏ المولك هرك هذا : EN‏ وروما كلض إلى :اند لا مى y‏ وا 

وفى هذين الحالين شأن الحالين السابقين مباشرة فقد كان Gé su‏ على المؤلف الالتفات 
والتنقير ثم التعقيب وطرح الدفوع المقنعة والردود المُفحمة قطعا لألسنة المخاصمين. 

وجاء في المتن أن تلك المعارف كانت وسيلتها المشافهة التي هي غرضة للتحوير 
لك Ad hace SNG,‏ على رسلك» فقد كان ذلك المجتمع يعتمد 
على المشافية Ga,‏ فية الذاكز 5 الختافظطة دور | متميز | foi‏ اك 
ذات الثقافة الكتابية أو المدوئة أو المسطرة ويذكز ls‏ الله ef‏ أحد وسائل حفظ القرآن نة 
كان (صدور الرجال) لأنهم في ذلك الزمن المُعجب كانوا يعتقدون أن آلة الحفظ تكمن في 
الصدور ولذلك فإنًا نقرأ في السيرة كثيرا أنه مسح على صدره فلم يتفلت منه (القرآن) شيء 
ولم نقرأ fa‏ أنه مسح على رأسه وكانوا يريدون بالقلب أو الفؤاد ما نعنيه نحن بالعقل أو حتى 
الدماغ... إنها بيئة مغايرة تماما للبيئة المعاصرة من كل الوجوه حتى من ناحية وظائف 
الأعضاء إن ماديا أو معنويا. 

is‏ ذلك المعترض خلف الله بواقعة حفظ عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 
لقصيدة ALLS‏ ألقاها عليه مرة واحدة شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة فأعادها laah‏ وفسّها 
لم يخرم منها شطرآ faal y‏ مما أثار دهش نافع بن الأزرق — وهذه أحدوثة (تقول العامة في 
مصر حدوتة أ.ه.) مشهورة ترد في كتب التفسير تحت عنوان (مسائل ابن الأزرق) 


۹ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وينتهي ذلك الشكس إلى أن المشافهة في ذياك الوقت المدهش لم تكن وسيلة غريبة من وسائل 
نقل المعارف أي أن ناقلي الأخبار المُحرّفة والأحداث المحورة والحوارات المبدّلة والمواقف 
الناقصة لم يكونوا هم العُبدان والأرقاء وبالتالي فليست هي إذن أخطاءَهم كما يزعم الناقمون 
على دين الإسلام من المستشرقين والمبشّرين ومن يسير على دربهم النكد وسكتهم المعوجّة 
وطريقهم الملتوي وشيرعتهم اللولبية... الخ. هذا ما كان فرض عين على الباحث أن 
يطرحه. 

إنما الأهم من ذلك كله أن خلف الله قد صمت عن تقديم أمثلة من تلك الأخطاء التي 
يزعم المستشرقون والمبشّرون وأندادهم من الذين يتنقّصون كتاب الإسلام الأقدس وهو صمت 
حيرنا ونقبنا عن تعليل له فأعيانا العثور عليه ذلك أن المؤلف سبق له وهو في معرض لقطة 
عرضية أبرز بعض الأخطاء أو بمعنى أدق ما ينعتها الحقدة أنها أخطاء مثل ela‏ مريم بيا 
أخت هارون والحال أن بينهما قرونا أو ذكر اسم هامان كوزير لفرعون في حين أن هذا اسم 
لم تعرفه مصر القديمة لا بين السوقة ولا بين الوزراء ومدونات المصريين القدماء على 
بكرة أبيها لم يرد في أحدها: لا بردية ولا لوحة جدارية ولا هرم ولا تابوت ولا مسلة هذا 
الاسم. 

نؤوب إلى سياق المتن فنقول إن الباحث ذكر أمثلة لتلك الأخطاء التي يزعمها 
الشائنون في ذلك الموضع الهامشي ثم يأتي في موضع في غاية الأهمية والخطورة هو 
(مصادر القصص القرآني) ويُحجم عن تقديم الأمثلة بدون سبب معروف أو علة ظاهرة» وهذا 
في اعتقادنا نقص شأن الرسالة ونزل درجة بالقيمة العلمية للأطروحة وعاب الكتاب. 

يفتخر المؤلف أن يجري على سنن السلف. هو لا يعترف بذلك فحسب ويقارن بين ما 
قرره العلماء الأجلاء: أن من عناصر الدين الإسلامي ما يؤوب إلى عهد ما قبل الإسلام 
(خلف الله يطلق عليه العهد الجاهلي وسبق أن سطرنا في كتابات لنا سوابق أن كلمة جاهلية 
ذات مصدر أيديولوجي القصد منه تنفير تبع محمد من الفترة الزمانية السابقة على ظهور 
الديانة التي كان يبشّر بهاء ومن ثم فإن هذا التوصيف الأيديولوجي ما كان يجوز استعماله في 
أطروحة أكاديمية أ.ه.) وبين ما يذهب إليه هو إتباعا لسلفه الصالح أن 


۰ 


مقدمة تحليلية 


القرآن في قصصه وافق أو بمعنى أكثر دقة تبع Le‏ كان شائعا في تلك البيئة عن الشخصيات 
والأحداث والمواقف والأخبار والأماكن لا الأحداث التاريخية الصحيحة ولندع العلة التي 
طرحها خلف الله من وراء ذلك لندعها SU‏ لحين يأتي الوقت لمناقشتها وتبيين ما تنتضوي 
عليه من خطأ أو صواب ‏ إذ أن من حق أي alua‏ غيور على دينه أن يوجّه هذا السؤال إلى 
الباحث: 

منذ متى ينساق القرآن ويتبع تصوّرات (الجاهليين!) وأفكارهم وآراءهم؟ وفيم كان كل 

ألم يبعث لإخراج أولئك (الجاهليين!) من الظلمات إلى النور؟ 

والظلمات تعني بكل بساطة وفي المقام الأول: الأفكار والآراء التي كانت مسيطرة 
عليهم وسائدة agin‏ ومعششة في أدمغتهم ومقيّدة لعقولهم. فكيف وبأي منطق يسير بل يتبع 
حسب عبارة المؤلف الأحداث والشخصيات والأخبار والمواقف... الخ. التي كانت مشهورة 
بينهم وشائعة في بيئتهم وذائعة في أوساطهم وينقلها بنصها وفصها وقضنّها وقضيضها وبما 
فيها كله إلى قصصه؟ 

ومن حق هذا السائل أن يستفهم من الباحث: حسب نظريتك التي طلعت بها علينا 
سواء أخذتها برمّتها من سلفك الصالح أو نفخت فيها من إبداعك ألا تعطي هذه النظرية سنداً 
قويا لأولئك الذين يدّعون أن القرآن ela‏ معجونا بماء البيئة التي انبثق فيها حاملاً لبصماتها 
منطبعة على وجهه قسماتها ما دامت قصصه جاءت مطابقة حذوك saa‏ بالفدّة لحكايا 
(الجاهليين!) حتى بما يعدّه البعض أو الكل من الشانئين تجاوزات أو هفوات أو أخطاء! 

وسؤال آخر ينتصب بقوة: أيهما أشد أثرآ في حياة المجتمعات: 

العقائد والعبارات والمعاملات والأحوال الشخصية أم القصص والحكايا حتى لو حملت 
الهداية والإرشاد والعظة والعبرة والترغيب؟ 

فإذا كان القرآن je‏ عقائد القوم وعباداتهم ومعاملاتهم وأحوالهم الشخصية تغييراً 
جذريا وخاض في ذلك حربا ضروسا ومعارك ضواري فلماذا لم يغيّر القصص والحكايا 
ونقلها كما هي وكما كان يتداولها (الجاهليون!)؟ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وأيهما الأيسر والأسهل: تبديل العقائد والعبارات والمعاملات أم تبديل الحكايات 

ثم نرجع إلى النقطة التي علقناها SE‏ وهي العلة التي تغيّاها القرآن من وراء نقله 
قصص (الجاهليين وحكاياهم!) كما هي دون تصحيح وهي حسب عبارات المؤلف: أسلوب 
القرآن في رسم الأشخاص وفي تصوير الأحداث وفي إقامة الحوار وفي توزيع العناصر 
القصصية وتحريكها وهي العملية الفنية المبتغاة أو المقصودة. هي أن تكون هذه القصص 
مصدر هداية وإرشاد ووعظ وترغيب وبالمقابل ترهيب وتنفير وزجر ووعظ... الخ. وهو 
القصد والهدف لا التاريخ ولا تعليمه أو تدريسه هل هذه العلة على سموّها وجلالها وارتفاع 
قدرها وعلو درجتها... الخ. تستلزم السير وراء أو بتعبير الباحث اتباع حكايا الجاهليين؟ 

لنطرح السؤال بصيغة أخرى: هل من الحتم اللازم حتى يحقق القرآن هذا الهدف 
الجاهليين؟ 

إن القرآن من لدن حكيم خبير من الله جل جلاله إذن هو قادر على أن يستخلص ذلك 
الهدف ويستخرج ذلك الغرض ويستقطر ذلك القصد من القصص التاريخية الحقيقية Le‏ عرف 
عن القرآن من بلاغة وإعجاز ولا نريد أن نذكر في هذا المجال أمثلة من شكسبير وغيره لأن 
الله المثل الأعلى وئنزّهه عن أن نقارن قرآنه بمسرحية أو رواية keal‏ واحد من خلقه. 

إذن فرضية إتيان القرآن بالوقائع التاريخية الواقعية الصحيحة بنسبة مئة بالمئة مع 
كسوتها بالصور الفنية الأدبية البلاغية الإعجازية والتي تستهدف كل الأهداف التي JS‏ القول 
فيها خلف الله لحد الإملال هذه الفرضية قائمة. وما دام ذلك كذلك يسقط الافتراض الذي يتبناه 
المؤلف أو الباحث وهو أن القران أورد قصصه حسب اعتقادات معاصري محمد من 
المشركين أو اليهود بهدف إبراز صورة فنية أدبية تنتج تلك الأهداف. 

والقول بأن القرآن A‏ أو ad)‏ القصص حسب تصوّرات أو اعتقادات الجاهليين! فيه 
إعلاء لشأن هؤلاء الجاهليين! وتعظيم لأمرهم يخالف نظرة القرآن إليهم سواء أكانوا من 


مقدمة تحليلية 


المشركين من قريش أو من يهود عصر محمدء وآيات القرآن تنطق بذلك. 

وإذا كان القرآن يبغي تقديم صورا أدبية فنية بلاغية معجزة يعرضها في القصص ثم 
يستهدف من ورائها JEUN‏ في نفوس المخاطبين ودفعهم إلى الأغراض المتنوعة التي ذكرها 
الباحث فلماذا لم يأت بقصص خيالية أو تمثيلية لتؤدي هذا الدور. 

إن Ge‏ أنزل القرآن على قلب محمد وهو الله Us‏ جلاله لم يكن لبُعجزه ذلك فأي حكمة 
إذن في عرض قصص تاريخية في الأصل بصورة ليست هي حقيقتها وواقعها ولكنها الصورة 
أحاسيس الخصومة وأفظع مشاعر الكراهية هذا من جانب. 
ذهبية سرعان ما اهتبلوها وطعنوا فيه بأنه ليس من عند الله بل هو من عند محمد الذي أورد 
القصص بالصورة عينها التي كانت شائعة وذائعة في مجتمعه وفي بيئته؟ 

من المشروع لأي قارئ يطالع أطروحة خلف الله أو يقرأ كتابه أن يلفت انتباهه 
تركيزه على أن قصص القرآن المستقاة من معتقدات وتصوارات معاصري محمد حفلت 
بالعواطف والانفعالات التي تستثيرها المواد الأدبية في القصص القرآني وأن هذه الأحاسيس 
التي la Joss‏ هذه المواد تختلف في موطن عنها في آخر أي أن الوظيفة الرئيسة لهذه 
القصص تمحورت على العواطف والانفعالات والأحاسيس والمشاعر الخ. 

إذن أين دور العقل والفكر فيها ولماذا خلت من أي شيء منهما؟ 


وإذا كان الرد يأتي من أن ذلك المجتمع كان في طور gadi‏ ومن ثم فلا تناس به إلا 
العواطف والأحاسيس والمشاعر والانفعالات شأن الأطفال جاء دفع هذا الرد: 


إن القرآن لم ينزله رب العالمين لتقتصر مهمته على مخاطبة الجاهليين فقط إنما 
يخاطب البشر من لدن نزوله حتى يرث الأرض ومن عليها. إذن دعوى أن lé‏ القصص 
انحصرت في استثارة العواطف والانفعالات... الخ. دعوى فطيرة وبعبارة أخرى لم تنل 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


حتى يثبت خلف الله رأيه ذاك أو نظريته تلك نراه يلجأ إلى تمل وجوه المشابهة بين 
ما جاء في بعض القصص وما قرأناه في سيرة محمد فعلى سبيل المثال: 

ما جاء في قصة صالح والحديث عن المدينة والتسعة رهط في المدينة والتآمر ضد 
محمد من صناديد قريش ومحاولة إخراج قوم لوط إياه من قريتهم وهجرة محمد من مكة ومبدأ 
العداوة بين إبليس وآدم وموقف عداوة المشركين لمحمد. ودليل الثبوت الذي نقذمه على 
التمحّل الظاهر هو قول المؤلف إن القصة مرة تأتي في صورة عنيفة وأخرى في صورة ليّنة 

لماذا هذا التباين في التصوير والموقف واحد وهو العداوة والتبييت والإخراج لمحمد 
وهو موقف لا يحتاج إلى مراوحة أو سوم (مساومة)؟ 


E ci و‎ ge كا تك‎ (fi فى قطن‎ E E E كانت‎ La 
منبتة الصلة عن سيرة محمد.‎ 


العناصر في القصة القرآنية 

وما عداه (من العناصر) يبقى في الظلء وبالتالي فإن العناصر لا تكون مجتمعة أو موزّعة 
بحي يكو وکل .متها y dia‏ وحطرم ولو اختفى لاختل التوارن Qui‏ منلما يخدث في ابروا 
أو القصة الطويلة ويورد استثناءً لتلك القاعدة قصة يوسف عليه السلام. ثم يقفز إلى رأي بالغ 
الخطورة وهو أن توزيع عناصر القصة القرآنية تطور بتطور الدعوة الإسلامية ونذكر أن 
خلف الله كان فيما تقدّم قد عاب على المستشرقين رأيا شبيها بهذا. ويفرق بين أنواع من 
القصص: التي يقصد منها إلى التخويف والإنذار وهذه يكون عنصر الأحداث هو عنصرها 
البارز وتلك التي يقصد منها الإفاضة والإيحاء وتثبيت قلب النبي عليه السلام وتبعه من 
المؤمنين بديانته وبهذه يغدو عنصر الأشخاص هو الأبرز. والنوع الثالث هو الذي Des‏ 
للدفاع عن الدعوة الإسلامية وفيه يتميز عنصر الحوار. 


وردت في سورتي ثمود وصالح ليخلص إلى أن العنصر الرئيس هو تصوير الأحداث 


مقدمة تحليلية 


لأن الهدف هو تخويف المكدبين وقد تم الاختيار لملاءمة حال النبي أول عهده بالدعوة 
وإعلانه أنه رسول الله. 


فإذا ما تقدّمنا خطوة وقرأنا القصة ذاتها في سورتي الأعراف والشعراء لحظنا تطوراً 
في فن البناء وكذا تعدّد الشخصية وأيضا الحوار بين النبي وقومه آنا وبين بعضهم البعض آنا 
آخر ومع المسرفين المفسدين في الأرض وإلى جانبهم الأحداث وتحدّيهم للنبي بطلب البينات» 
إنما أهمها وأقواها هو عنصر الحوار وموضوعه هو ذات الأمور التي كانت تشغل الذهن 
العربي وقت إرسال محمد ونزول القرآن الكريم عليه. 

أما في سورة النمل فنرى القصة نفسها تجاري أحداث الدعوة الإسلامية وتتغذى بلبانها 
ونلحظ عناصر جديدة هي الغرائز والعواطف والقضاء والقدر إذ بلغ الضيق مداه بعد تفاقم 
الخصومة وتطير القوم برسولهم وعزمهم على اغتياله وتآمر التسعة رهط المفسدين في 
الأرض لتنفيذ المؤامرة لولا تدخل القدر ونجاة النبي عليه السلام وحلول العذاب بقومه. 

إذن توزيع العناصر كان يتمشى مع ظروف كل قصة» ويكتفي بهذه الفرشة أو الأمثال 
ثم يأخذ في شرح العناصر. 

يبدأ بالأشخاص ولا يقصد الناس فقط إنما aal‏ | كل شخصية وقعت منها أحداث 
وصدرت منها عبارات وأفكار من ثم فهي تشمل الجن والملائكة والطيور والحشرات بداهة 
مع الأناسي رجالا ونساءً واختار أن يكون افتتاح القول من سورة النمل بالهدهد والنملة 
والأخيرة تحدّر أخواتها من الأذى الذي يوشك أن يحيق بهم إذا ظلوا خارج مساكنهم أما 
الهدهد فهو يقظ متنبّه لكل ما يجري في أنحاء المملكة بل ومتطلنّع لأخبار ما يجاورها من 
الممالك ويلحظ خاصة ما يرتكبونه من مخالفات دينية. وموقفه هو الذي حيّر الرازي وأضرابه 
من المفسّرين إذ تعجّبوا من رجاحة عقل هذا الطائر الصغير وفطنته وبصره بالأمور... الخ. 
ولو أنهم نظروا إلى المسألة بمنظار الخلق الفني والإبداع الأدبي لما تحيّرواء ويذكّر المؤلف 
قارئه où‏ بعض الحيوانات في القديم والحديث كانت صاحبة أدوار رئيسة رأسمت بطريقة فنية 
وأبرز مثل على ذلك كتاب (كليلة ودمنة). 

ثم يأتي إلى (الأرواح الخفية) وأولها الملائكةء منها التي جاءت إلى إبراهيم ولوط 


<٥ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وفي أحيان تقوم الملائكة Lay‏ يؤديه البشر كهاروت وماروت فيعلمان الناس السحر إنما 
يخبرانهم إنما هي فتنة. ويرى أن الملائكة لا تأتي بالخوارق وتخرج عن حد المعقول خاصة 
في مثل الموقف الذي نزل فيه القرآن والذي كان Te glaa‏ بالأوهام Hia‏ على الأرواح 
الخفية القدرة على الإتيان بالخوارق وتغدو أشبه بالشخصيات الخرافية أو الخيالية. 

ونحن نخالف المؤلف فيما ذهب إليه: 


pas شافلها ان‎ te ا ل‎ LOTS ملك أو اعون أن‎ tn 
خوارق العادات ويخرج عن حدود المعقول. والملك الذي وهب لمريم غلاما زكيا دون أن‎ 
يباشرها هل فعله هذا ما جرت عليه السنن الطبيعية أو هو من المألوف؟‎ 

آخرا: إذا كانت الملائكة لدى عرب الجزيرة وقت نزول القرآن تأتي بالأعمال الخارقة 
والتي تخرج عن حدود العقل وتند عما ألفه الناس وجوهر نظرية خلف الله أن القرآن كان 
يأتي بالقصص القرآني وفق اعتقادات معاصري محمد من عرب ويهود فلماذا إذن لم ينسب 
القرآن ‏ من وجهة نظر الباحث ‏ إلى الملائكة الخوارق حسب ما يعتقده SLA j‏ 
المعاصرون؟ لماذا جاء في هذه الخصوصية وخالف هذا الاعتقاد؟ وما هي الحكمة؟ أليس من 
الواضح أن الباحث قد ناقض نفس وهدم بذاته نظريته! 

بعد الملائكة يأتي دور الجن وهم صور مبهمة غامضة لا تتمثل في صور الرجال ولا 
تأتي في أثواب البشر وبالتالي فهم أحق بهذا اللقب (الأرواح الخفية) وهنا يقرر أنها تتحدث 
بلسان العرب المعاصرين لمحمد عليه السلام وتخاف مما يخافون وتطمئن إلى ما يطمئنون 
إليه وتنصرف عما يريد القرآن للعربي أن ينصرف عنه وهنا يعود خلف الله إلى نظريته وهي 
أن القرآن صوّر الجن بالصورة التي كانت مطبوعة في أذهان العرب وقت نزول القرآن على 
محمد. وليس هذا سببا معقولا لتفرقة القرآن بين الملائكة والجن فالأولى يصورها بصورة 
مخالفة عما هي عليه في أذهان العرب والأخرى يرسمها بالرسم ذاته المحفور في مخيلة 
أولئك العرب. ويضيف أن الجن صنفان: مؤمن وكافر وأن حوارات تجري 


٦ 


مقدمة تحليلية 


بينهم ومنها ما يدور حول النبي عليه السلام ويؤكد أن سورة الجن عرضت كل تلك الأمور 
كما تخيلها العربي في حياته. 

أما رسم الجن في قصة سليمان فله صداه في الشعر الجاهلي خاصة في شعر النابغة 
وهي قضية خطيرة ة tatil‏ المؤلف إلقاءَ سريعا ولم يتوقف laaie‏ وكان Las‏ عليه أن يفعل لأن 
بعضا ولا نقول كثيراً مما تضمّنه شعر أولئك الشعراء نجده ربما بألفاظه في بعض آي الذكر 
الحكيم ونخص بالذكر شعر أمية بن أبي الصلت فكان عليه أن يلتفت إلى هذه القضية ويقول 
رأيه فيها ويدلي بدلوه فيها خاصة في (المصادر) ولكنه تقاعس ربما لما لها من حساسية وما 
يكتنفها من دقة وما يحوطها من شوك بل من ألغام. وبذلك يتفطن القارئ أن الأطروحة 
يعتورها النقص بإغفاله هذه القضية ونؤوب إلى السياق: 


الباحث يرى فرقا بين الصورتين الأولى كما رسمتها صورة الجن والأخرى كما 
رسمتها قصة سليمان فالأولى حسب De‏ — أقرب إلى الصورة البشرية والأخرى هي 
وفق ما كان يتخيّله العربي وبداهة أن ب يضم إلى المسألة نفسها صورة إبليس أو صوره 
(بالجمع) إن في موقفه من آدم والكبر والاستكبار والعناد أو تعهده بالإيقاع ببني آدم في حبائل 
الشر ثم يورد مقطعا من تعليق الرازي على القصة التي جاءت في سورة طه ويذهب إلى أنه 
مستقيم فيما عدا أنها من وجهة نظر خلف الله رمزية تصوّر النزاع بين الإيمان والاستكبار 
ويخلص إلى أن القرآن الكريم رسم لإبليس شخصية جبارة متكبرة بيد أن قسوتها وعنفوانها 
يخظفان Cat‏ الدور الذي تلعيه في الفا ولا يندس انكر أن اخ بيش ال 
la né‏ من الشنخصيات: quant‏ لائر البيئة والظروف المحيطة ا والأزماك :بين الى ”عليه السلام 
ومعاصريه. 


Li‏ الرجال فهم في القصص القرآني كثيرون فهم رسل وأنبياء وملوك ووزراء وأفراد 
عاديون بيد أن القرآن لم يقم وزناً لصفاتهم ومميّزاتهم الحسية فلا طول ولا عرض ولا لون 
راواه مالس واد لمات ولي أنه الك QUE‏ بار لكر اذى اسيل حي لكيه 
المعنوية مثل: Jlai s à‏ عقدة من لساني 4 p l‏ هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين NG‏ 


NYAN) سورة طه»‎ )١( 
JON سورة الزخرف› الآية‎ (ï) 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


GT O‏ ا 


sed‏ الأسماء يهمل القرآن ذكرها إهمالا تام في قصص التخويف التي 
يبرز فيها الحوادث وأمثالها قصص عاد وثمود وقوم شعيب. 

أما في القصص التي يبرز فيها عنصر الحوار والتي يقصد منها القرآن بث الآراء 
والأفكار وتقرير الدعوة الإسلامية وهدم العقائد الباطلة فله فيها طريقان: 

Wak ales‏ « واضرب لهم Sie‏ أصحاب القرية slag © C ١4‏ من 

Wg‏ الأسماء أا Dai dat Les GS‏ القن :جيه برا تسكن لسارت أن 
السامع من متابعة الأفكار والوقوف على مجرياتها ولذا نلحظ في هذه السور ذكر القوم أولا ثم 
aam a E‏ 
المرسلين 04 


إذن القصص المقصود فيه الآراء والأفكار والذي يستخدم فيه الحوار وسيلة لذلك فإن 
عنصر الشخصية يكاد أن يختفي لولا بعض الأسماء وبعض الصفات والعنصر القوي الذي 

يتغير الآخر تغيّرا LG‏ فيما يتعلق بالأسماء وبتوزيع العناصر في القصص ا 
منها الإفاضة فستبرز الشخصية ولكن بدرجات متفاوتة حسب الظروف والأحداث ثم يث يشير إلى 
Ji‏ البيئة في اختيار الشخصية الذي عالجه في (المصادر) ويقرر واقعية القرآن في اختياره 
لعنصر الأشخاص وإكثاره من الحديث عن الأنبياء المعروفين ومحورة الأقاصيص 


YEV الآية‎ cb A) سورة‎ (\) 
MAS AN سورة يسء‎ (ï) 

(۳) ذ نفس السورة» الآية 1% 
)£( سورة ة NY a cp) jidi‏ 


EA 


مقدمة تحليلية 


عليهم وإهماله لمن عداهم ويضرب مثلا للأولين بموسى وإبراهيم وبالآخرين أيوب ويونس 
ويكرر ما سبق له ذكره أن القرآن كان يختار الأحوال المعروفة إنما عند إنطاقهم أي إجراء 
الكلام على ألسنتهم كان يجريه وفق أحوال دعوة الإسلام. ويخلص إلى معادلة وهي كلما 
كثرت الأحداث وتميزت الشخصية ووضحت قسماتها وبرزت ملامحها والعكس صحيح» 
وجاءت الشخصية مبهمة غامضة حتى ليصح أن يقول إنها شخصية كل رسول وإنها شخصية 
النبي العربي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم ‏ وهذه عبارة لا شك يعتورها 
الغموض لو أن المؤلف تداركها بالتوضيح بعد عدد قليل من الأسطر في ذكر محاورات بعض 
الأنبياء متل هود وشعيب التي تجري مع أقوامهم في صورة عمومية فهي التي تصلح لكل 
رسول وأيضا تصلح للنبي العربي عليه السلام... أما كل من إبراهيم وموسى وعيسى فلهم 
صور متميزة تتمثل في الأحداث والمواقف من أقوامهم والذين أرسلوا إليهم. ولكن هناك فريق 
أن نميّزهم وفي أحيان لا نستطيع لولا بعض الأحداث المميزة مثل الطوفان والناقة التي بدونها 
غدت ad jpa‏ مبهمة غامضة. ونحن نرى أن هذا التقسيم يشوبه قدر غير قليل من التعدمشف 
خاصة بالنسبة إلى الفريق الثالث ذلك أن كل نبي أو رسول له أحداث مميزة لولاها لأصبحت 
صورته باهتة غائمة حتى من أفراد الفريق الأول فعلى سبيل المثال لا الحصر: إبراهيم لولا 
المجادلة والتحريق بالنار ثم النجاة منها وموسى لولا الحوار مع فرعون ومبارزة السحرة ثم 
الخروج وانشقاق البحر وعيسى لولا الكلام في المهد وإحياء الموتى وشفاء المرضى كله 
buh‏ بإذن الله — نقول لولا هذه الأحداث الخوارق المُعجبة لماعت صورهم وهزلت بل وغدا 
وجودهم بلا معنى وفاقدا لأي ANG‏ 

إذن المعيار الذي AS‏ خلف الله تعوزه الدقة ويفتقر إلى الضبط ويحتاج إلى التحديد. 
كما أن القول بأن محمدآ يقف في طابور الأنبياء ذوي الشخصية المبهمة الغامضة وبألفاظ 
الباحث (وجاءت الشخصية مبهمة وغامضة حتى ليصح أن يقال إنها شخصية كل رسول وإنها 
شخصية النبي العربي) هذا القول نعارضه بشدة ونختلف فيه مع المؤلف اختلافا جوهرياً 


۹ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الغيبي — اختر أي لفظ شئت — عند من يؤمنون بهذا الجانب أو في سيرته البشرية كقائد 
ومؤسّس وصاحب شخصية سيادية آسرة كارزمية أو في علاقاته الإنسانية مع كل مَن 
يحيطون به: أزواج وأبناء وأحفاد وأصحاب وعبدان... الخ. 

محمد ol qu‏ فى هذا الشق أو ذاك يستحيل Mac‏ ونقلاً أن يكون صاحب شخصية مبهمة 
غامضة والحق أنني لم أقرأ لمؤلف أو كاتب سواء من العرب أو العجم أو الفرنجة Ya‏ أضفى 
على محمد هذا النعت الفلوت والذي نرجّحه أن قلم خلف الله شط die‏ وهو يسطر هذه العبارة 
أو أنني لم أحسن فهمها واستعصى علي إدراكها وتعدّر علي استيعابها وتعسّر علي الإحاطة 
بها ولا أبرئ نفسي. 

ويذهب الباحث إلى أن القرآن في تصويره للرسل والأنبياء كان يعطي لنفسه الحرية 
التامة في الحديث عن الأمور التي يقصد إليها في دعوة الإسلام حين تكون المعلومات العامة 
عن الشخصية معدومة أو في حكمها فيتجاوز الأسماء والصفات الحسية ويجنح إلى الإجمال 
والإبهام ليأتي بالأثر المطلوب ويشير في هذه الخصوصية إلى حرية الفنان في انتقاء الصور 
التاريخية التي عمد إليها وهو يقوم بالتصوير الفني للأحداث. بيد أن هنا ينتصب اعتراض 
يتمتع بشيء من الرسوخ والمصداقية: 

القرآن منزل من الله الذي لا يخفى عليه شيءء لا في الأرض ولا في السماءء ولا في 
الماضي ولا في الحاضرء فكيف تكون المعلومات عن الشخصيات الواردة في هذا النوع من 
القصص معدومة أو شبه معدومة؟ 

وإذا صح انعدام المعلومات عند القاص أو الروائي البشر الإنسان ابن آدم فكيف يجوز 
Sie‏ نسبة ذلك إلى الله العليم سبحانه وتعالى؟ إن هذه إشكالية غفل عنها خلف الله. 

الفروق بين الشخصيات تنبني على تصرافاتهم dus‏ الأحداث وهذه التصرافات هي 
التي تنبئ عن عقليتهم ومزاجهم ومن هنا قيل عن شعيب إنه خطيب الأنبياء وهو لقب أطلقه 
عليه قدامى المفسّرين عند تفسيرهم لسورة هود وقد ورد في أسباب النزول أن محمدا شبّه 
موقف أبي بكر بإبراهيم وعيسى وموقف عمر بن الخطاب بموسى ونوح وذلك 


NG 


مقدمة تحليلية 


في مسألة التصرف في الأسارى بعد غزاة بدر الكبرى. فوصف إبراهيم وعيسى بالرقة 
والرحمة ووصف موسى ونوحا بالشدة والقسوة ولا شك أن هذا مصدره قصص القرآن. 

والمشابهة بين تصرفاتهم (الأنبياء) وأقوالهم وقعت في مواطن مختلفة ولقد لحظ 
الرازي التشابه بين شخصيتين قويتين في أكثر من موطن وأورده في تفسيره. ويرى المؤالف 
أن شخصيات الرجال في القصص القرآني تتميز بالأحداث التاريخية المعروفة ولا تتميز 
بالصفات الحسية أو الصفات المعنوية من خلق ومزاج. ولا شك أن خلف الله يقصد بعبارة 
(الأحداث التاريخية) حسب نظريته هو لا الأحداث التاريخية الحقيقية أو الصحيحة. 

يضيف: إننا لو حاولنا Le‏ يُعرض لكل agia‏ من انفعالات نفسية وتأثرات عاطفية فلا بد 
لنا من فهم الظروف المحيطة بالنبي العربي والعوامل المؤئرة في الدعوة الإسلامية فهي التي 
تفصح لنا عن المواقف التي توضح لنا البطل وتجلي صورته وهذا هو قصد قصص التنفيس 
وتخفيف الضغط عن محمد... 


وهذه دعوى جريئة من قبل خلف الله ولا شك أنه يعتمد في فهمها حق الفهم وإدراكها 
الإدراك الصحيح على فطانة القارئ ولقانته ونذگر هنا بما سطرناه في بداية هذه المقدمة إلى 
أن المؤلف ترك للقارئ Le‏ يطالعه ببصيرته لا بباصرته. ثم ضرب مثلا بيوسف لتوضيح 
دعواه لأنها شخصية واضحة الصورة بارزة المعالم ظاهرة القسمات. 

من البديهي أن يجمع جامع بين صفات النساء والرجال وأن يفرقها فيها (الصفات) 
فارق إنما لحظ خلف الله أن شخصيات النساء أكثر وضوحا وتعبيرآً من شخصيات الرجال 
وهو أمر لا شك أنه يسعد النسوان. 

والأمر الأول الذي يتساوى فيه الرجال والنسوة هو العدول عن الصفات الحسية 
والجسمانية. 

والآخر هو العدول عن التسمية ويرجع ذلك إلى سلطان البيئة والحرص على مراعاة 
التقاليد المعروفة في البيئة العربية» ويدلل على هذا التعليل بأن الشخصيات النسائية قصد إليها 
لتأدية أدوار بعينها لا لتكون رموزا أو كالرموز لتجري على ألسنتها الأفكار والآراء. 

وهنا قد ينتصب اعتراض له بعض الوجاهة على أن تعليل عدم ذكر أسماء النسوة 


۷۱ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


كان مجاراة للتقاليد العربية وهي تقاليد كانت تنظر إلى المرأة بقدر واضح من الدونية ومن 
أبرز قسمات هذه الدونية هو اعتبارها عورة وعدم ذكر اسمها. 

إذن لماذا جاراها القرآن في ذلك ولماذا لم يحاول ترقية هذه التقاليد والارتفاع بشأن 
المرأة وتعلية رتبتها وأبسطها ذكر اسمها؟ 

ثم ألا يعطي هذا التعليل حجة إضافية أن القرآن قد انبثق من البيئة العربية وتخلق في 
أجوائها ومن ثم جاء موسوما بسماتها وحاملا لقسماتها؟ 

لا أدري هل فكّر الباحث في ذلك وهو يطرح هذا التعليل أم أنه لم يخطر له على 
بال. 

ثم يذكر التقليدين اللذين كانت تحرص عليهما البيئة العربية وهما: 

تبعية المرأة للرجل تبعية تامة وعدم ذكر اسمها البتة حين الحديث في أي موقف وبين 
قوم كلهم رجال. ولم يعلل لنا هذين التقليدين وهو أن ذياك المجتمع كان ذكوريا بطريركيا 
ومن ثم كانت مكانة المرأة فيه هامشية. ثم يدلل على صحة وجهة نظره بأن القرآن راعى 
موجبات المجتمع العربي وتقاليده بأن القرآن وقف هذا الموقف من أم البشرية وأول امرأة في 
الحياة لم يذكر اسمها ولا مرة واحدة ويقول (وهو الأمر الذي يدعو إلى العجب). وهنا يناقض 
— الباحث ‏ نفسه إذ ما هو وجه العجب ما دام القرآن ساير البيئة العربية ومجتمعها ذكوري 
يتمحور على الرجل ووضنع المرأة فيه متدن. إنما يبدو أنه (خلف (àl‏ لم يشعر بأي قدر من 
الحروجة من ادعائه ذاك ونعني متابعة القرآن لتقاليد البيئة العربية حيال Ee‏ 
بعبارات تؤگده وتوثقه فيقول إن العدول عن التسمية مقصود.. . لماذا؟ 

إذ عدل أن تكون هي البطلة في الغواية والإخراج وهذا تأكيد لذات الرأي أو النظرية 
وبتعبير المؤلف نفسه فقد صوّرها تابعة لآدم في كل شيء في النهي عن الأكل من الشجرة ثم 
في الأكل فالخروج ويضيف أنها أي تلك التبعية كانت تقاليد البيئة العربية التي تحرص عليها 
أشد الحرص. 

ثم يؤوب إلى معالجة الأمرين السابقين وهما العدول عن ذكر الصفات الحسية 


¿VY 


مقدمة تحليلية 


والجثمانية والعدول عن ذكر الأسماءء فيذكر أن القرآن دائما يعبّر عنها (الأنثى) بلفظ امرأة 
سواء أكانت متزوجة أو za‏ 

امرأة نوح وامرأة لوط وامرأة إبراهيم وامرأة عمران وامرأة العزيز.وامرأة فرعنون 
هذا الي al‏ رجات اذا عن lat} a‏ تملكهم 1€ أ وهي ملكة سبأ D‏ ووجد من 
دونهم امرأتين تذودان 4 C‏ وهما ابنتا الشيخ. 

والاستثناء الوحيد الذي كسر هذه القاعدة جاء في حديثه عن مريم ويعلل الباحث ذلك 
لأن أتباع عيسى كانوا يعتقدون أنه ابن الله فصمم القرآن على القضاء على هذه العقيدة الباطلة 

ومجاراة للتقاليد اختلف دور المرأة عن دور الرجل فهي لم تأخذ دوراً رئيسا في أية 
قصة قرآنية بل دورا Ga‏ ولكنه دور متميّز ذو صورة واضحة وطابع خاص ويضرب أمثلة 
يويد بها وجهة نظره: 

امرأة فرعون تمثل الحرص على الأمومة بما فيها من بر وحنان ويبرز هذا في 
معارضتها لقتل موسى Css)‏ وامرأة العزيز الأنوثة المكتملة التي 
تحرص على الفتنة والإغواء ويتضح هذا من موقفها مع يوسف ومحاولتها مرادوته عن نفسه. 
ثم يفصلء الباحن القول .في .مواقفها 3e Les‏ ههن ضفاتها وكذلك تقوالات نسو المدينة الدالة 
على مكرهن ورذها على هذا المكر ثم اعترافها مؤخراً بأنها هي التي راودته وهو صادق. أما 
صورة ابنتي الشيخ فهي تفصح عن محبة الأنثى للفتوة ذ في الرجل مع المحافظة في الوقت 
نقسه على الخفر .و الحياء. CAN‏ تاا من . ابتعفال: الحيلة اء cales‏ الج الق 
بينهما ‏ وهو موسى — إلى أن يتزوج واحدة منهما. 

ولم يشر خلف الله إلى لمحة أوردها عدد من Cu pull‏ أن الفتاة — إحدى الفتاتين — 
تحت أن سير Late jauge AL‏ دعا of‏ ها A Lan off‏ — وذاك لكي 


NGA «ail 5 jou (1) 
NY AN < Yaa) سورة‎ (ï) 


VT 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


تستعرض ald‏ عينيه — lue‏ موسى - مفاتن جسدها الأنثوي الفائر وهذا من مكر النسوان. 
بيد أن موسى وهو بعين الله يرعاه ag ms‏ طلب إلى الفتاة أن تمشي خلفه خاصة فيما يقال إن 
الريح بدأت تكشف عن بعض تلك المفاتن أو تجعل ثوبها يشف عنها. 


وعذر خلف الله في إغفال هذا الملمح الذي يكشف عن المكر الأنثوي وعما يمكن أن 
نسميه (الغواية المشروعة) التي انتهت بالنكاح في مقابل (الغواية الحرمة) التي مارستها امرأة 
العزيز. نقول أن عذره في ذلك الإغفال أن هذه الجزئية لم ترد في القرآن بيد أن دفع هذا 
العذر أن المؤلف كثيراً في سبيل تأييد رأيه — ما يلجأ إلى استعارة مقاطع من كتب 
المفسّرين القدامى منهم أو المحدثين. أما مريم فهي تذهب بما في المرأة من حرص على 
الشرف والعفاف والخشية من الفضيحة والعار في حين أن ملكة سبأ تذهب بالضعف المستحب 
في المرأة المصحوب بسمة الحيلة وحُسن السياسة الذي يطرحه إرسال الهدية لسليمان فلما 

والتي تمثل العاطفة الدينية أوضح تمثيل هي امرأة عمران أي أم مريم. 

ويوجز خلف الله حديثه عن عنصر (الأشخاص) أو (الشخصيات) في قصص القرآن 

١‏ يذهب القرآن في رسمها وتصويرها المذهب غير المباشر (كتبها المؤلف الغير 
المباشر ومعلوم أن الألف ولام التعريف لا تدخلان على غير وكان حريا به ألا Jdi‏ ذلك 
خاصة وأن الأطروحة مقدّمة إلى قسم اللغة العربية أ.ه.) وهو يعني به المذهب الذي يعمد 
القاص فيه إلى عرض الشخوص في تفكيرهم وأعمالهم ويترك للقارئ التعرّف من طرق 
التفكير ونهج الأعمال. 

Je ji الشخصيات النسائية تسيّرها الغرائز والعواطف الأولية بعكس شخصيات‎ "١ 
خلا الأنبياء — التي تهيمن على تسييرها المصالح الخاصة والعقائد الباطنية والنزعات‎ — 
النفسية والأهواء...‎ 


£V£ 


مقدمة تحليلية 


وهنا ندلي ب بمتلحظين: 

الأول: أن ما ذكره عن النسوان فهو تابع لنظرة العربي للمرأة ايان pis‏ محمد 
تكون في صالح القرآن. 

الآخر: أنه ما الفرق بين قوله إن النسوة ت تحركها الغرائز والعواطف وبين قوله إن 
الرجال حاشا الأنبياء والرسل — تسيّرهم النز عات النفسية والأهواء ثم يممضي — الباحث — 
فيقول إن شخصيات الرسل كان قائدها المثل العليا والمبادئ الدينية وإلى هذا يرجع تشابه 
صفاتهم العقلية وحركاتهم الفكرية. 

ومرة أخرى نحن نختلف مع خلف الله في ALES‏ الصفات العقلية والحركات الفكرية 
للرسل/الأنبياء... فأين هي تلك المشابهة في الصفات العقلية والحركات الفكرية بين نوح 
وإبراهيم ويعقوب ويوسف وموسى ولوط وشعيب وصالح وهود وعيسى ومحمد.. 

لو كان هؤلاء الرسل نسخة (كاربونية) في العقل والفكر لما كانت هناك حاجة بالقرآن 

۳ القرآن في حديثه عن الأشخاص كان يختار من مواقفهم ما يتّفق وأحوال النبي 
ليثبت نفسه وليسري aie‏ ما af‏ به من حزن وألم. 

ثم ينتهي إلى رأي في غاية الخطورة: شخصية النبي عليه السلام هي الأساس أو 
العامل في الاختيار الخ. وهذا الرأي يذكّرنا بما يذهب إليه بغض غلاة الصوفية من أن الله لم 
يخلق الخلق إلا من أجل محمد. 

وبذلك ينهي المؤلف معالجته لعنصر الأشخاص أو الشخوص أو الشخصيات. ونذكر 
القارئ بالملاحظات والاعتراضات التي قدّمناها في LU‏ تحليلنا لهذا الفاصلة وبداهة لا نريد 
تكريرها إنما نريد أن نذكّر القارئ أن تلك التعقيبات أو التفنيدات لا تنفي أن خلف الله اجتهد 
وأصاب وأبدع فأظهر قدرة فاذة في الإبداع وأنه أثبت أنه باحث جريء فكريا طرح ما 
استطاع طرحه في شجاعة نادرة وما لم يستطع فقد تركه لفطانة القارئ وذكائه ولقانته 
ولماحيته. 


¿Vo 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


ويثتّي خلف الله بتفصيل القول في الحوادث: فيذهب إلى أن صلة الحوادث 
بالشخصيات ليست في حاجة إلى دليل فهما عنصرا القصة الرئيسان ولا يمكن jpa‏ شخص 
بلا أحداث» ولقصر القصة القرآنية فإن أبرز عناصرها الحوادث وعنصر الأشخاص مبهم 
غامض وتختلف طبيعة الأحداث فيها فهناك: 

أحداث تنتج عن تدخل القضاء والقدر مثل أن CAS‏ قوم الرسول أو الملا منهم 
رسولهم ويطلبوا منه إظهار معجزاته ويهدّدوه بالتصفية الجثمانية فهنا يتقدّم مَّن أرسله Jis‏ 
عليهم غضبه ثم أورد آيات فيها قصة ثمود وصالح Jus‏ هذا الأمر أصدق تصوير. 

وأحداث أخرى تعتبر من الخوارق والمعجزات التي يجريها الله إما على أيدي الرسل 
أو استجابة لدعوة أحدهم بعد أن تحداه قومه أو حتى تبعه لنوع من البيّنة وأبرز متل عليها 
المائدة التي طلب الحواريون إنزالها من السماء فضلاً عن أن معجزات عيسى مثل خلق طير 
من الطين وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الأموات (طبعا كله بلا استثناء بإذن (àl‏ أوضح 
متل على الخوارق المؤيّدة لنبوّة أو رسولية النبي أو الرسول. 

ولو أن هذين النوعين (تدخل القدر) و(الخوارق) وردا في غير القرآن أو القص الديني 
لاعثبر قصصا خيالياء ولكنه في فضاء القصص القرآني هو خلاف ذلك واقعي بل مألوف... 
لماذا؟ 

لأن المخاطبين من قبل الرسل/الأنبياء کانوا يعتقدون أن ذلك أمر بديهي وأن 
المعجزات هي دليل الرسالة والخوارق برهان النبوة ومن ثم كانوا يطالبون الأنبياء بإتيانها 
حتى تطمئن قلوبهم إلى صدقهم. 

ويرى الباحث أن موقف القرآن من هذين النوعين مثار الإعجاب إذ وقف عند 
الأحداث المعروفة للرسل والأقوام وهذا كسب عظيم للحياة العقلية والفكرية آنذاك. 

ولكنه (القرآن) وقف عند هذا الحد ولم يتجاوزه واكتفى بالاعتماد على الواقع النشسي 
ولم يعمد إلى الخلق الفني وفصل بين الأمرين فلم يجعل الرسالة تتوقف على الخوارق. وهنا 
يحق لنا أن نقول إن هذا الرأي الذي يقرّره خلف الله قد ela‏ متأخراً فما من نبي قبل 
محمد إلا وصحبته معجزات: إبراهيم: النجاة من النار. داوود: إلانة الحديد. 


٤۷٦ 


مقدمة تحليلية 


سليمان: تسخير الريح والجن. حتى أن بلقيس لم تؤمن وتسلم إلا بعد أن رأت عرشها عنده... 
موسى: الآيات البيّنات الدم والضفادع والقمل... الخ والغلبة على السحرة... وتحول العصا 
إلى حية أو ثعبان أو جان وشق البحر وعبوره دون غرق. وعيسى المعجزات التي ذكرنا آنفا 
مراحل الدعوة. عالجنا موضوع المعجزات بشيء من التفصيل في كتابنا (بصائر في عام 
الوفود وفي أخباره) دار سينا ومؤسسة الانتشار العربي. ولو أن القران هو معجزة محمد = 
مما جعلنا نسطرء أن ما يذكره المؤلف من أن القرآن لم يجعل الرسالة متوقفة على المعجزات 
غير صحيح على إطلاقه إنما Talis ela‏ وربما يغدو محمد هو المثل الفاذ وحتى في حالته 
فقد كان بعض أو إن شئت الدقة عدد كبير من تبعه يطلب إليه أن يدعو ربه للقيام أو بإنجاز 
عمل معين مثل إنزال المطر أو الإبراء من الجنون أو الشفاء من المرض. وهذا أمر بديهي 
لأن تلك الشعوب كانت لديها قناعة راسخة أن النبي أو الرسول هو (فم السماء) بل لا زالت 
الشعوب ذات المستوى الحضاري الخفيض تعتقد ذلك أو لديها ذات القناعة ولكن بدلا من 
الرسول/النبي تحوّل الأمر إلى أولياء الله الصالحين والقديسين وأصحاب الأحوال وأرباب 
الكرامات فهؤلاء في نظرهم هم ورثة الأنبياء الحقيقيين لأنهم أصحاب العلم اللدني وهناك 
حديث لمحمد يقول فيه (العلماء ورثة الأنبياء). 

نعود إلى سياق الحديث: ما يقوله خلف الله: إن القرآن فصل بين الرسالة والخوارق 
غير دقيق فهو: 

إما أنه ينطبق على محمد فحسب أي جاء متأخرا ولم يكن منذ البداية مطبقا. 

وإما أنه لم يحدث على إطلاقه لأنه ما من نبي إلا وله خوارق. 

وهذا Le‏ يؤيّدنا فيما ذهبنا إليه من أن الباحث يفتقر بشدة إلى ضبط القواعد وتقعيد 
الضوابط وحد الرسوم ورسم الحدود وتبيين الفوارق. ويخلص المؤلف الباحث بأن هذا 


VV 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الصنيع من قبل القرآن مع أنه مُعجب إلا أنه حدد الحرية في عرض الصورة وحصر العمل 
الفني في رسم الحادث» وإذا أضيف ذلك إلى اعتماد القرآن على التكرار كوسيلة إقناعية فإن 
ذلك دفع إلى: 

أ إنطاق عدة أشخاص متباينين بعبارات واحدة وساق Ma‏ على ذلك. 

ب - التفدّن في العرض والتنويع في الرسم عبر تصوير الحادثة الواحدة بصور 

آخر الأنواع هو الأحداث العادية أو المألوفة التي وقعت للأبطال أو الرسل باعتبارهم 
أفرادا من البشر والقرآن مليء بهذا النوع وأطيب (fe‏ عليه قصة يوسف عليه السلام. 

ويحايث العرض - هنا - الخلق الأدبي والإبداع الفني وسبق للباحث معالجة ذلك 
عند حديثه عن القصة التمثيلية» ويمثل لذلك بقصة أو حديث الهدهد والنملة والحديث الذي لم 
يقع بين عيسى وربه « أأنت قلت للناس... 4 وكذا حديث المستضعفين والمستكبرين وتدخل 
الشيطان ثم ينتقل إلى أمر آخر مكمل ولو أنه يدخل في طبيعة الأحداث وهو ربطها وتسلس لها 
ويذكّر القارئ بأن القرآن في بعض الأحيان لا يمحور الأحداث على الزمان. 

ويسلّط الضوء على أن القصة القصيرة قد يهتم فيها بالحادث لكي تؤثر في النفس 
وتستثير في الناس انفعالاتهم وضرب لذلك Ma‏ بتكذيب تمود ale y‏ بالقارعة. 
موسى فاستكبروا. ويشرح المؤلف ما يعنيه بعدم des‏ الزمن محورا للقصة فيقول ليس معناه 
فصم الأحداث عن الزمن بالكلية وإنما يعني أن تسلسلها (الأحداث) يخضع لقصد القصة الذي 
من أجله نزلت. 

وعندما يكون القصد هو تخفيف الضغط العاطفي أو تثبيت قلب النبي فإن محور 
مصے في طريقه حتى ela‏ نصر الله والفتح» وة قصتا لوط ونوح تمثلان ذلك» ولو أن بينهما 
فروقا كثيرة لاحظها الرازي. 


EVA 


مقدمة تحليلية 


وينتهي المؤلف إلى أن المسألة عنده تؤوب إلى قصد القصة الذي من أجله بنيت: 


في سورة هود كان القصد التسرية عن نفس محمد صلى الله عليه وسلم وتخفهيف 
الضغط العاطفي... 

أما في سورة الذاريات فكان غرضها التخويف وعليه تأسست. 

ويلفت الانتباه إلى أن القرآن يعمد إلى التنويع حتى لا يمل قارئه أو سامعه في 
التكرار. 

أما ما هو أسلوب القرآن الكريم في رسم الصورة أو عرض الحادثة؟ فقد سلك في ذلك 
عدة طرق: 

| الاعتماد على الألفاظ الفخمة ذات الرنين القوي وذات التأثير بمعناها ومبناها 
وموسيقاها على الجمل المسجوعة ذات الفقرات والرنين القوي Se‏ الألفاظ الأذن نغماً والقلب 
خشية ورهبة أو غبطة وسرورآاء ثم ضرب أمثلة على ذلك. 

ب - الاعتماد على تتابع الأحداث تتابعا سريعا لتؤثر في النفس وتهز الفؤاد ولعل هذا 
سر جمع ألوان من القصص في سورة واحدة مثل ما حدث في سور: الأعراف» هودء 
الشعراءء القمر. 

ج أما الأغلب فهو الاعتماد على الألفاظ السهلة الليّنة كألفاظ الأحاديث العادية. 
يفعل القرآن ذلك وكأنه يوجّه خطابه إليهم بالكلمات العادية وهنا نلاحظ أن حركة الأسلوب 
تذودان وسؤاله إياهما عن شأنهما... الخ. 

ثم يحدّثنا المؤلف عن اعتماد القرآن أحيانا على تصوير الحركات لكي تدل بذاتها على 
الانفعالات قوة وضعفاً أو عنفاً وليناً أو يستعين بالعبارات التصويرية والصيغ الدالة على 
الانفعالات. ويذكرنا أن أسلوب القرآن غالبا هو أسلوب التخاطب... لماذا؟ 

AN‏ كان يلقي القول إلقاءَ ومن هنا امتازت أساليب القص فيه بأسلوب الحديث 
والمشافهة خاصة في بذي القصة. 


۷۹ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


ولكن ألا يعني هذا أن القرآن SG‏ في ذلك بالبيئة العربية التي كانت لا تعرف من 
الأساليب الأدبية سوى أسلوب التخاطب أو الخطابة حتى أن القصائد الشعرية كانت تلقى في 
الأسواق ie‏ عكاظ وذي الجنة وغيرهما Sl‏ خطابيا. 


يرى الباحث أن الحوار ليس ضروريا في القصة وهذا بديهي فهو ليس عنصرا رئيسا 
فيها بعكس المسرحية وقد سار القرآن على ذلك في قصصه ذات قصد التخويف وفي أحيان 
أدار الحوار مع النفس أي أن الخواطر النفسية تتحادث مع بعضها البعض كما جاء في سورة 
الد اهرك a‏ فته مظان تن di ad de‏ 
انتهى إلى أن وجه وجهه لفاطر السموات والأرض. 

يه أن كلين] "من الفعنصن: JA‏ ات ل ف لحور عضرا جانا:خاضنة فك الى 
تعدّدت شخصياتها مثل قصة يوسف في السورة التي تحمل اسمه وقصة موسى في سورة طه 
ثم مجموعات قصص سورتي هود والشعراء وقصة إبراهيم في سورة مريم وغيرها من 
القصص التي قصد منها التثبيت أو شرح مبادئ دعوة الإسلام» وضرب مثلاً لذلك من قصة 
موسى في سورة طه. والموضوعات الدينية التي قام الجدل العنيف بشأنها بين النبي عليه 
السلام وبين قومه مثل الوحدانية والبعث والنشور وبشرية المرسلين الخ هي الغالبة على 
موضوعات حوارات قصص القرآن ويرى أن طريقة اا لبور الحوار تتأسس على 
الرواية Gb‏ يصدرها بقوله: قال... قالا... قالوا. 

ولم يبيّن لنا الباحث العلة في ذلك وهي أن ذياك المجتمع كان مجتمعا أميا متبدياء 
طريقة العلم بالشيء فيه المناقلة والمشافهة وقد paul‏ هذه الطريقة حتى بعد ظهور العلوم 
الإسلامية أي حتى بعد عصر التدوين فنجد على سبيل المثال في علم الحديث أخبرنا/أنبانا/ 
حدّثنا/قال:.../سمعنا... والاهتمام بالسند وهو سلسلة رواة الحديث وعلم الجرح والتعديل أي 
ما إذا كان راوي الحديث عدلا أو مجروحا أي تلحقه علة تطعن في صلاحيته لحمل الحديث 
وروايته. إلى هذا الحد الخطير أكرت الفترة السابقة على ظهور محمد (يسمّونها الجاهلية). 


ويضيف خلف الله أن الحوار في القصص القرآني لا يلزم أن يجري بين اثنين بل قد 


A. 


مقدمة تحليلية 


يجري بين كثرة أو بين واحد من طرف واثنين من طرف آخر أو بين واحد من طرف 
وجماعة تمن طرف حن كن كيرب أمظة NG,‏ 

أما القضايا التي اعتمدها القرآن لحواره مرجعيتها في الغالب إلى المسلمات الدينية jt‏ 
a‏ ره ود د 
أسلويةالأذبي يكاد يخضيع خضوها اما لمات الأسلوب القراتى ومن ك تحط فيه الات 
الآنية: 

١‏ اختلاف لغة الأسلوب باختلاف الموضوعات والطور الذي نزلت فيه أي هو 
أسلوب فني يجري على وتيرة واحدة في كل قصة ويخلص من ذلك أن القرآن كان لا يساير 
مذهبه هذا فأسلوب القصص القرآني لا يجري على وتيرة واحدة ودليلنا على ذلك القصص 
القرآني ذاته إذ يستحيل على قارئه أو سامعه أن يسلم بمقولة جريانه على Gui‏ واحد أو وتيرة 
واحدة.... كما أن Le‏ طرخه المؤلف ذاته شما سيق يتاقضن هذا الرأي الأخير مناقضة Ati‏ 

كل هذا في كوم (كما تقول العامة في مصر) وتقف في كوم لوحدها منفردة النتيجة 
تابعا لهما وهو ما يعطي برهانا إضافيا لمقولة إن القرآن من عند محمدء ذلك أن الإدعاء بأن 
القص القراني يجري وفق أسلوب فني ذي وتيرة واحدة يتسق مع نفسية محمد والمعاصرين 
معناه بمنتهى البساطة أن ذلك القصص لم يكن له شغل يشغله سوى نفسية محمد ومعاصريه. 
en a‏ ال ل a‏ ا امي 
امن وار د ds‏ يل ON MEN‏ قلنا من مق السنناء التق اه A‏ چا 
Kai dé one du‏ 


۸1 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


القرآن الذي صرح أن محمد رسول قد خلت من قبله الرسل ولم يحدث في الكتابين السابقين 
(التوراة والإنجيل) أن قصرت قصصها وحكاياتهما وأمثالهما على رسوليهما (موسى بالنسبة 
للتوراة وعيسى بالنسبة للإنجيل) ونكرر ما سبق أن ذكرناه أن العاطفة الدينية المشبوبة لدى 
خلف الله هي التي دعته إلى تقديم مثل هذه الأفكار الغالية ومن الغريب أن هذا الحماس منه 
SU dou‏ محمد لم قى له لذى ا دروا ade‏ 


ويؤكد المؤلف أن أسلوب القصص القرآن يساير نفسية النبي محمد عليه السلام 
وستظهر هذه المسايرة عندما يتحدث عن القصص القرآني ونفسية الرسول» والحكم الأدبي هو 
أن أسلوب القرآن في التعبير عن أفكار الأنبياء والمرسلين أو الأقوام يمشي على وتيرة واحدة 
أي أنه لا يشاكل الواقع ويقارن بينه وبين أسلوب قصص هذه الأيام الذي يمضي على خلاف 
ذلك إذ الحوار فيها يمثل نفسية المتحاورين وطريقتهم في المخاطبة وعقليتهم في التفكير 
والحركات الذهنية كما يمل حرفهم وصناعاتهم. 

بيد أنه يستثني بعض الحالات القليلة التي نجد فيها الحوار يمل شخصية المتحاورين 
وما تنضوي عليه من قوة وجبروت وعظمة وكبرياء وهي المحاورات التي تجري على لسان 
إبليس حين يحاور الرسول الذي يواجهه مثل آدم وموسى ولكنه الاستثناء الذي يؤكد القاعدة 
التي يعتنقها (المؤلف) وهو أن الحوار يمثل الدعوة الإسلامية ونفسية محمد عليه الصلاة 
والسلام ثم يأتي إلى عنصر القضاء والقدر وسبق أن ألمع إلى ذلك عندما شرح كيفية تدخل 
عنصر القضاء والقدر لإنقاذ الرسول من القتل والاضطهاد وكان حرياً بخلف الله أن يسمى 
هذا العتضير فى :هذه Aus ga SAN‏ — مقيكة السا أو a‏ و NN JAN Maan jaban‏ 
أهمية هذا العنصر في بعض القصص مثل رؤيا إبراهيم ذبح ابنه ثم فدائه بذبح عظيم. وكذلك 
قصة يوسف التي وعد بتحليلها في القريب ثم أردفها بالمشيئة الإلهية: (إن شاء الله) ومثل هذه 
العبارة نسمعها في الخطب المنبرية العصماء التي ترتجف لها الأفئدة وتخشع من بلاغتها 
القلوب وتذرف من طلاقتها العيون... الخ أما أن تضمها رسالة جامعية أو بحث أكاديمي أو 
كتاب علمي رصين ولو كان في العلوم الدينية فهذا ما لم نعهده. 


يدنك 


مقدمة تحليلية 


خامس العناصر الفنية في القصص القرآني هو عنصر المناجاة وإن كان حظه Si‏ 
ويرد بصورة مغايرة لما يأتي به أغلب القصص الأدبي وهو المناجاة الشخصية أو الذاتية. 

اا في pu dde ill alé cf ji‏ ريه AN quais NA Su sie‏ رارزا 
الخامس وهو العناصر. 


إن أخطر ما طرحه خلف الله فى هذا الفصل هو أن القصص القرآنى جاء بأسلوب 
فني ذي وتيرة واحدة تنسق مع نفسية محمد والمعاصرين مما يعني أنه تمحور على ذلك وقد 
فتّدنا هذا الادعاء فيما سبق وكشفنا عن عواره وأوضحنا الباعث الدافع له على ذلك لدى 
المؤلف» في حين أن عنصري الأشخاص (الشخصيات) و(الحوادث) asa)‏ بالغنى والدسامة 
Ds‏ على الجهد الواضح الذي بذله الباحث فيهما وكشف عنصرا (القضاء والقدر) و(المناجاة) 
على العجلة والتسرّع إذ لم يأخذا حقهما من التمحيص والتنقير ويبدو أن طاقته قد اس تنفدها 
عنصرا الأشخاص والحوادث أو الأحداث ‏ فضلا عن أن تسمية عنصر القضاء والقدر أدخل 
في باب الوعظ الديني منها (التسمية) في البحث الفني الأدبي. 


أما عنصر الحوار فقد كان (بين بين) بمعنى أنه لم يقتله بحثا ولا هو مر عليه مرور 
الكرام. 

ونختم بلفت الانتباه بمنتهى الشدة إلى ما أكده المؤلف من أن القصص القرآني لم تكن 
سوى مرآة انعكست عليها مكانة المرأة لدى الرجل العربي وفي البيئة العربية التي ظهر فيها 
القرآن والذي كان من البديهي أن يتبتّى تلك النظرة نلفت انتباه أولئك الذين يعون بكل جرأة 
على Gall‏ أن الشريعة الإسلامية ارتفعت بمكانة المرأة إلى درجة لم ترفعها إليها شريعة أو 
حضارة لا قبلها ولا بعدها وردّدنا عليهم في كتابات لنا سوابق أن ذلك غير صحيح ومناف 
لبدائه العقول لأن فاقد الشيء لا يعطيه فالبيئة التي أفرزت (النصوص) والمجتمع الذي انبتقت 
منه بعد أن تخلّقت في حناياه وتشگلت في باطنه لم يكونا ليسمحا بأن يُعطى النسوان أكثر مما 
أعطتها (النصوص) ويكفي هذه شرفا أنها فتحت الباب لتحرير المرأة وإنصافها ومنحها طرفا 
من حقوقها. 


يدنك 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وكان على المجتهدين من الفقهاء والمفتين أن يكمّلوا السيرة كلما تقدّمت المجتمعات 
صعوداً في alu‏ الحضارة AN‏ من غير المعقول أن تكون حقوق المرأة الأعرابية المقصورة 
في الخيام والأخبية مثل سيدة القصور والبيوت في عهود الحضارة الزاهرة في الخلافة 
العباسية في بغداد والأموية في الأندلس والفاطمية في القاهرة. بيد أنه للأسف أحجم الفقهاء 
والمفتون عن ذلك ووقفوا عند الحقوق الأولية كما قدّمتها النصوص فحسب والتي كانت توائم 
موجبات ذلك المجتمع. ومن ثم يثبت بالدليل القاطع أن دعوى الشريعة الإسلامية في مجال 
حقوق المرأة ومكانتها فاقت ما سبقها من الشرائع والحضارات بل وحتى ما سوف يلحقها 
دعوى عجفاء هزيلة وتنتصب أدلة الثبوت من النصوص ذاتها ثم من جمودها القرون أو 
تجمّدها لقرون عديدة كما أن الذين رفعوا هذا الشعار الضامر لم يقرأ واحد agia‏ سطورأ قلائل 
عن مكانة المرأة في أي شريعة أو حضارة سابقة ومع ذلك تبلغ به الجرأة أن يتشدّق بهذه 
الدعوى» أما الشرائع اللاحقة فلا ندري كيف اطلع عليها إلا إذا كان يعتقد في قرارة نفسه أنه 
يعلم الغيب وما يستجد من شرائع وحضارات في المستقبل وأنه لأكرم وأشرف للشريعة 
الإسلامية أن يقرر في جانبها الحق الذي لا مرية فيه وهي أنها جاءت بنصوص فيها إنصاف 
للمرأة وبداية لتحرير أوضاعها المختلفة وأن تلك النصوص التي تحمل آثار البيئة التي ais‏ 
منها وبصمات المجتمع الذي ولدت فيه وأنه كان من المتعيّن على معتنقيها أن يسيروا على 
دربها ويكملوا المشوار نقول ذلك أشرف وأكمل من أن ينسب إلى النصوص ما هي براء منه 
وما لم تكن (النصوص) تحتمله بل ولا يخطر لها على بال فضلاً عن منافاة ذلك الادعاء 
للموضوعية والعلم. 

ثم نرجع إلى السياق كالعادة: 


إن خلف الله وقد لفت الانتباه إلى وضع المرأة كما جاء في القص القرآني وأنه نبت 
البيئة العربية إبان انبثاقه قدّم حجة لم يكن الكثيرون ينتبهون إليها في مجال بحث وضع المرأة 
ومكانتها وحقوقها في الشريعة الإسلامية وهي بكل المقاييس نقطة إيجابية تضاف إلى 
الإيجابيات العديدة التي ضمنها أطروحته.  ٠‏ 


AE 


مقدمة تحليلية 


يرى المؤلف في تطور الفن القصصي: أنه ميسور للدارس ترتيب قصص الأدباء 
موضوع دراسته ليلحظ الظواهر والتطورات لديهم كما وكيفا ومنها يستخلص النتائج فيعزو 
التطور إلى المران والتجربة أو الموهبة الفنية والقدرة على الابتكار والإبداع ويشرح Soi‏ 
المختلفة التي يسلكها في تنمية مواهبهم وقدرتهم على الخلق والتأليف وقد يرزقون بالعبقرية 
فينهجون أساليب جديدة ويخطون مذاهب جديدة ويؤسسون مدارس جديدة بيد أن الأمر مختلف 
تماما مع القصص القرآني إذ القول فيه بالتجربة والمران محال لأنه منزل من الله المنزه عن 
الضعف والنقصان والتجربة والخطأ والمران ومع ذلك فالتطور (موجود لا شك فيه) إذن ما 
هو الطريق لحل هذه الإشكالية؟ 


يرى خلف الله أن الحل يكمن في ولوج طريق سلكه السلف من قبل إن في الفقه أو في 
الأصول ونرجّح أنه يعني أصول الفقه لا أصول الدين. وفي طليعة تلك الحلول التي عمد إليها 
القدامى: النسخ والتدرّج في التشريع» ذلك أن مبادئ الدين وعقائده وشرائعه لم نتزل دفعة 
واحدة وإنما نزلت على دفعات وأن الزمن طال واستغرق مدة البعثة وفى هذه الخصوصية 
نحن نختلف مع خلف الله إذ هو خلط بين العقيدة (مبادئ الدين حسب لفظه) وبين الشريعة 
(الأحكام العملية) فالعقيدة (المبادئ) لم يلحقها نسخ أو تدرّج وربما حصل ترتيب في نزول 
العبارات التالية أو الرديف للعقيدة (المبادئ) إنما هنا فرق بين التدرّج والترتيب وأوضح مكل 
على ذلك هو تحريم الخمر فهذا تدرّج أما أن تجيء الصلاة قبل الزكاة والصوم والحج فهذا 
ترتيب وليس RS‏ وبداهة أن التدرّج يأتي من مجال أو موضوع واحد. كذلك تفريق بين 
الشريعة التي هي تنزيل من الله تقدّست أسماؤه أي إبداع وخلق إلهي وبين الفقه وهو صنيع 
بشر وتحضرنا قولة الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان شيخ مذهب الأحناف (أما إذا جئنا إلى 
سفيان الثوري ومكحول والنخعي فهم رجال ونحن رجال). إنما نهد الباأحث يؤوب إلى 
الصواب فيقارن بين ما حدث للتشريع من تدرّج وبين القصص الفني أي أن التدرّج اقتصر 
على التشريع أي الشريعة ولم يؤم العقيدة أو حتى as‏ حولها والتشريع أو الأحكام العملية 
هي الميدان الذي خب فيه الفقهاء ووضعوا وأظهر فيه بعضهم عبقرية فاذة وكاتب هذه 
الأسطر لديه قناعة كاملة أن الفقهاء هؤلاء هم 


Eno 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الذين أسسوا الشريعة (التشريع) ورسّخوا أسسها وقعدوا قواعدها وأقاموا بنيانها هذا الشامخ 
الذي يعترف بسموه وسموقه وشموخه المناوئ قبل المعاضد والمعارض قبل المؤيد والخصم 
قبل المدافع والعدو قبل الحبيب والشانئ قبل الصديق ذلك أنهم أزالوا ما في النصوص من 
شوائب وطهروها مما بها من معضلات وحلوا ما يعتورها من مشكلات mE‏ 
مطاعن والذي لا يماري فيه إلا الشكس ولا يجادل فيه إلا العنيد ولا ينكره إلا اللجوج 
امتزاج ابام ER E N‏ 
النهر E‏ والبربر وأبناء شبه جزيرة أيبيريا والأفارقة والآسيويين تحت راية الحضارة 
الإسلامية هذا المز ج أفرز فقهاء أعاظم هم الذين قاموا بالدور المعجب الذي ذكرناه. 

ونعود أدراجنا إلى السياق: يرى الباحث أن القصص القرآنى نزل لخدمة الدعوة 
الإسلامية وشرح المبادئ وتوضيح العقائد والدفاع عن النبي العربي والقرآن الكريم وإذ ‏ كما 
سبق ذكرنا — استطال عمر دعوة الإسلام ودرج القرآن على التدرأج في التشريع. ومرة 
أخرى أسقط المؤلف من حسابه العقائد والمبادئ وبذلك يكون قد رجع إلى الصواب. إذن من 
البديهي أن يأتي القص القرآني متطورا... لماذا؟ 

لأن القصة من الحتم اللازم أن تغدو صورة لدعوة الإسلام وتعبّر عن آراء وأفكار 
البيئة - ونحن نرى من جانبنا أنها لفتة ذكية من خلف الله فضلاً عن اتسامها بالجرأة البالغة 
التي لا نملك إلا أن نحييه بشأنها ‏ كما ترسم بدقة حركات العداء والسلام وتدافع عن النبي 
عليه السلام ولدعوته وتثبيتها والتمكين لها في قلوب المخاطبين. 

ومن هنا يصح القول إن القصص القرآني يتطور من dus‏ الموضوعات والأفكار 

والآراء نزولا على قاعدة التدرئج هذه وهو ما يسميه Joli‏ الداخلي لأحد العناصر وقد تأثر 
بذلك البناء وتوزيع العناصر وأوليات القص القرآني التي بدأت بخبر عادي يصوّر إما حالة أو 
lle out tie‏ 

وفي فجر الدعوة أي في بدايات النزول كانت الغاية زلزلة المشركين وتقويض عنادهم 
وزعزعة مقاومتهم... وانعكس ذلك على القصص التي نزلت آنذاك ومن ثم جاءت تصوّر 


الكوارث والبلايا والمصائب التي ألمت Cas‏ كذبوا برسلهم مثل عاد وثمود وتتميز بجرس قوي 


EAN 


مقدمة تحليلية 


وفي ذياك الوقت نفسه كانوا ينكرون على محمد نبوته ويتهمونه بالكذب والسحر 
والجنون وأنه لا يتلقى الوحي من الله سبحانه وتعالى بل هو بشر مثلهم ويصور القصص ذلك 
في أسلوب مسجوع له رنين صوتي ولا يركّز على الأسماء ‏ أسماء المرسلين بقدر ما 
يركز على الحوادث أو الأحداث وأوضح Jia‏ على ذلك سورتا القمر والذاريات. 

ويشير بعض الدارسين إلى أن محمداً فى تلك الحقبة المبكرة كان يمثل الداعية 
المشبوب العاطفة ذا الوجدان الثائر والأحاسيس الملتهبة غيرة على الديانة التي يغشوها 
والعقيدة التي يذيعها والمبادئ التي يطرحها ومن ثم جاءت سورها وقصصها ذات جرس 
يصك الآذان ورنين يقرع الأسماء ويقارنونها بخطب يوحنا المعمدان النارية التي أودت به إلى 
التصفية الجسدية. ويضيفون أن محمدا عندما نزح (هاجر) إلى أثرب (المدينة) وتحول إلى 
قائد عسكري ورأس حكومة وزعيم دولة وتحلّقت حوله حاشية من العبدان وأمناء “pull‏ (كتاب 
الوحي والرسائل) والمستشارين والوزراء والخاصة والبطانة والوليجة وتعددت زوجاته 
وكثّرت بيوته... الخ. وبالتالي انخفضت حرارة آيات القرآن وغدت برداً وسلامآا واختفت 
المقاطع الملتهبة ذات الجرس القوي والرنين والفواصل القصيرة وحلّت محلها الفواصل الهادئة 
المطمئنة الطويلة النفس وتوارت ألفاظ القارعة والصاعقة والحاقة والريح الصرصر العاتية 
والنحس المستمر والنخل المنقعر. وتناولت (الآيات) مسائل معاشية وشغلت بما كان يحدث 
لمحمد مع زوجاته: الإفك... التآمر عليه... وطلب مطاليب تكون مغبّتها التخيير. 

هل كان خلف الله متأثرآ بمقولة هؤلاء الدارسين عندما ذكر في الفصل السابق أن 
القصص كان يتمحور حول نفسية محمد؟ 

لا أدري ولا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال إجابة شافية... بيد إن كل ما يمكنني 
قوله أن أولتك الباحثين الذين ذكرتهم كان من agin‏ مستشرقون. 

وهل هذا التأثر من قبل خلف الله مع الفرض الجدلي على حدوثه - يتّفق مع Ailes‏ 
عليهم في البدايات الأولى للرسالة أو الأطروحة أو الكتاب؟ 

دخل عنصر الحوار القصة إثر إقبال البعض على اعتناق الدين الجديد وموضوعه هو 


AV 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


موضوعات الدعوة الإسلامية مثل الوحدانية والبعث وأيضاً الدفاع عن النبي عليه الصلاة 
بالرموز التي تحدد خط سير الحوار وغرضه ومرماه. وسبق تعيين أطراف الحوار فمرة بين 
الرسل ومن أرسلوا إليهم وتارة بين المستكبرين والمستضعفين... الخ. وهنا يرصد الباحث 
بعض الظواهر من الآيات التي جاء بها كبرهان على رأيه: 

١‏ تعددت العناصر فنجد الموضوعات» الأحداث» الحوار» الأشخاص بيد أن الأخير 
هو أقلها بروزا. 

Y‏ تميّز العناصر واتخاذ كل واحد منها طابعا خاصا وأخذ يورد أمثلة على ذلك. 

el — Ÿ‏ الأسلوب عن السجع وبدء استرساله واقتر ترابه من الأسلوب القصصي الشبيه 
بأسلوب التخاطب. 

£ — شعور من يقرأ القصة بوجود شخصية تختفي وراء ما أبهم من أسماء وأن 
الحوار دائر حول الموضوعات التي تهم هذه الشخصية. 

وفي إبان تألم النبي عليه السلام وإحساسه بالضيق الشديد من عداوة قومه al‏ تلك 
العداوة التي تبلغ حد التهديد بالتغريب أو التصفية الجثمانية ينزل القصص ليصور هذا كله 
بقصد إذهاب ما Ali‏ بنفس النبي من ضيق وعنت. 

هنا فى هذا الدور أو الطور طفقت الشخصية في القصة القرآنية تتميز بعواطفها 
|الخاضية كينا kajak‏ التاريخية وبتكامل بنائها واستقرار حوارها وظهور آشاره الفنيية في 
توضيح الفكرة وما تستثيره من عواطف وانفعالات ذات تأثير في مجرى الأحداث وحياة 
الأشخاص وأطيب Ja‏ على ذلك قصة يوسف وهنا ينجز خلف الله وعده الذي وعد القارئ به 
في dail‏ السابق وقدّمه بالمشيئة (إن شاء (ail‏ ويعرض القصة عرضا laa‏ استغرق عدة 
صفحات لكي ينتهي إلى القول بأن قصة يوسف من القصص الفني المحكم البناء وأنها جمعت 
كل العناصر القصصية التي توزّعتها القصص المختلفة في القرآن وهو بذلك يعتبرها قمة 
تطوار القص المكي. 

أما في الدور المدني فالباحث يرى أن القار ئ لقصص هذا الدور يحس أنها غدت 


AA 


مقدمة تحليلية 


معرض صور وآراء وأنها تخلو من المقدمات والنتائج وأنها تركيز على الأحداث وتصويرها 
بهيأة تهز النفوس وتستثير العواطف أما الآراء فهي SM‏ لكي تحتل مكانها من القلب وفي 
طوايا الفؤاد. 

الصراع بد 50 a AG‏ 
اليهود بكثافة في أثرب وكذا ما نزل باليهود من مكر وكيد وما A5‏ بهم ترعون من ie‏ 
ابن dd,‏ تلف ول فلو A‏ رن تضيف اقا ف هذه الفقرة در يما دار 
من Joe‏ ببق asa‏ وبين رؤبباء .وفك در ی ران الذي أوشك: أن يؤذي الى المياهلة لحولا 
ومما يؤسف له أن كتب السيرة لم تدوّن تلك المحاورات وبذلك ضاعت ثشروة فكرية دينية 
شديدة الثمانة بل لا تقدّر قيمتها ويرى الباحث أن خير ما يمثل تلك الألوان قصة موسى عليه 
السلام في سورة البقرة وقصة عيسى عليه السلام في سورة آل عمران. 

وقبل ختام هذا الفصل يذكر أنه لاحظ وجود قصص في هذا الطور Jus‏ أحداثا إنما 
ليس بقصد استثارة الانفعالات والعواطف خاصة التي ثرعب إنما تصور الأحداث كأنها 
التجارب البشرية التي أخذت مكانها في الحياة وكان القصد هو استقرار الفكرة فى النفوس 
وإزالة الغرابة التي تحسها العقول أما موضوعاتها فأكثرها دار حول البعث مثل قصة إبراهيم 
والطير والذي ‘a‏ على قرية SS‏ والقصتان وردتا في سورة البقرة. 

إن الفقرة الأخيرة التي أوردها خلف الله د تعتبر لمحة ie pu‏ بل خاطفة لبيان اختلاف 

قصص الطورين المكي والمدني Lil ot site,‏ وهي فقرة سريعة هرول فيها 
هرولة ظاهرة على هذه النقطة بالغة الخطورة والتي سبق أن أوردنا بشأنها رأي عدد من 
الدارسين أو الباحثين ومنهم مستشرقون وكان حريا بالمؤلف ألا يفعل ذلك» وأن يوفي هذه 
adi‏ لنقطة ما 5 8 تستحقه من بحث وتنقيب وأن يعرج على ذلك الرأي الذي أوردناه وأن ب يبصعب عليه 
إما بالتأييد أو التنفيذ وفي كلتا الحالتين كان يتعين عليه أن يأتي بحججه. وهو إذ لم يفعل شيئا 
من ذلك فإن هذا في رأينا قد خدش القيمة العلمية للأطروحة أو الكتاب. 


£ AA 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


نفسية الرسول وقصص القرآن 

اكز de‏ كلف اللا رك TEER‏ شعي ستول E‏ 
القرآن ويبدأه بتبيين عدد من الحقائق لتساعد في الحديث عن النفسية: 

١‏ وحدة الأديان أو تشابهها في كثير من العناصر أي عناصر الدعوات ويأتي في 


Y‏ المشابهة التامة بين حالة النبي عليه السلام وأحوال غيره من المرسلين من حيث 
الاختيار والاصطفاء ونزول الوحي وعمومية الرسالة. 

٣‏ تشابه الآيات العديدة التي تصوّر مواقف الأمم من رسلها. 

إذن الجو القصصي الممثل لهذه الحقائق يعكس أيضا نفسية كل رسول من حيث 
الجانب الفكري فيما يدعو إليه من آراء ومعتقدات ويمثلها من حيث الجانب الاجتماعي وجود 
القادة والعظماء والرسل وهذه العبارة وخاصة في الشطر الأول منها نوع من التوليف أو 
التلفيق فكيف يتّسق أن يقال إن نفسية الرسول لها جانب فكري يتضح فيما يدعو إليه من el J‏ 
ومعتقدات. إذ من المعلوم أن الجزء النفسي من الإنسان والرسول إنسان بشر ينضوي على 
الأحاسيس» المشاعرء العواطف» الانفعالات» التوثرات» ولم يدع أحد قبل خلف الله أن هذا 
الجزء له جانب «y‏ ويختص بالآراء والمعتقدات. ثم يمضي المؤلف فيقول: إن محمداً عليه 
السلام كان واحدآ من أولئك المرسلين إذن الجو الفكري والاجتماعي في قص القرآن يمثله. 

وينتقل إلى العلة من وراء اختيار أحداث معينة Í paa‏ وتحديدا من حياة بعض الرسل 
ويورد fase‏ من الآيات إحداها تتكلم عن تثبيت الفؤاد وأخرى من أجل Käl‏ ويعقب بعدها 
بأن الاختيار كان مقصودا ثم يحدد القصة بأنه التنفيس والإفاضة عن النبي عليه السلام وخدمة 
دعوة الإسلام وفي اعتقادنا أنه تحديد تعسفي لا مسوّغ له ولا برهان عليه وأنه jan‏ وسيعا 
وضيّق رحيبا وقيّد طليقا دونما سند من نقل أو die‏ وبغير أساس من نص أو منطق. 
ويضاعف المؤلف من اضطراب الرأي الذي يطرحه من هذه ipa paill‏ فيقول إن القص 
القرآني الذي تتفاوت فيه حيوات الرسل ويمضي فيه كل نوع من الأحداث 


£4: 


مقدمة تحليلية 


يوائم ظروفه ويتفق وطبيعة دعوته وأحوال بيئته كل هذه يمثل نفسية النبي عليه السلام التي 
هي العامل الأول في الاختيار... كيف؟ 

كيف تشكل الأحداث المختلفة والظروف المتباينة والبيئات المغايرة والدعوات المتعددة 
للرسل الذين يتفاصلون في العمر والمزاج النفسي والتكوين العقلي والاتجاه الفكري والمحمول 
العاطفي والبنية الجسدية والملكات والقدرات والمواهب. كيف JR‏ جميعها تمثيلا لنفسية 


محمد؟ 


إن المؤلف pal‏ .على طرخ هذا الخليظ ina‏ والمجمحوع saja) aka‏ 
المتعاكس بهدف يتيم سبق لنا أن فتّدناه وهو أن القصص القرآني إنما يمثل النفسية المحمدية 
وأنها هي العلة الرئيسة والباعث الحثيث والدافع المُلح والسبب الفريد والعامل الأول في اختيار 

يلفت المؤلف النظر إلى ضرورة تذكر أن الفروق التي تميّز شخصية رسول عن آخر 
La‏ تقوم على الأحداث المعروضة لكل منهم فمثلاً في حق إبراهيم تقوم على إلقائه في النار 
وعند يونس إلتقام الحوت col)‏ وبالنسبة لعيسى ‏ عليه السلام ‏ إيراء الأكمه والأبرص 
وإحياء العو see Leica‏ له النافة الك لها شوك يوم le‏ وف درا 
ذلك فيما سبق ومن ثم يغدو ذكر خلف الله له جاء من قبيل الاستدراك الناتج عن معاودة النظر 
وإمعان التفكير وتقليب الرأي» ونحن نحمد له ذلك ونعتبره نقطة إيجابية فهذا من سمات 
العلماء. 


ويستأنف كلامه: إنه يتعين علينا أن نعرتي هذا القصص القرآني من الوقائع الخاصة 
إذا أردنا أن تبقى لنا الوقائع العامة التي تم اختيارها عدة مرات وهي التي نلمس فيها صورة 
النفس المحمدية بيد أن هذا لا يعنى تقليل قيمة الأحداث الخاصة من حيث عملية الإفاضة 
أوالإيحاء إذ أنه لدى عرضها قد تسري عن نفس النبي عليه السلام ومن جانبنا تضيف أن 
إلقاء إبراهيم في النار وإلتقام الحوت ليونس ثم نجاتهما لا مشاحة أن يسرّي عن محمد وينفحه 
fa ja‏ من العزم على المضي في تبليغ دعوته. إنما — على حد قول المؤلف ‏ لا تعدوها 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


إلى ما يحدث وراءها من آراء وأفكار وعواطف. ويذهب إلى أنه بعد إنجاز عمليات التعرية 
وبعد استبعاد العموميات الممثلة لنفسية كل رسول لما تنضوي عليه من وحدة أو حتى تشابه 
نستطيع أن نلحظ الآتي: 

١‏ هناك قصص مختلفة ce gi‏ عدداً من عناصر دعوة الإسلام والتصقت برسل 
معينين يمتازون بها مثل قصص شعيب اختصت بتطفيف المكيال ويخس الناس أشياءهم وذلك 
عند وردوها في كل موطن Wal‏ قصة لوط فقد التزمت الحديث عن إتيان الذكور. ويذهب إلى 
أن القصة التي jou‏ فكرة اغتيال النبي محمد عليه السلام هي قصة صالح في النمل وأنها 
Jonas‏ أحوال النبي مع قومه. وألحق بها قصص موسى وعلى سبيل المثل المقطع الذي ورد 
في سورة غافر. 

وهنا يعود خلف الله إلى ما أسميناه قبل ذلك التمحل فهو يرى أن الرجل الذي جاء إلى 
موب وأخيره بإكتمان القوع "يه لنظه A‏ حال خمد عة sa. ad)‏ اد 

لأنه علم بمؤامرة اغتياله ولا شك أن المؤلف قد أجرى عملية إسقاط دون سند ففرّق 
بين حضور من أخبر موسى بالمؤامرة وتخمين أو حدس محمد بها ويرى الباحث أن AN‏ 
التي أوردها تقطع بأن القرآن صرح بعلم محمد بمؤامرة المكيين وهو رأي لم يسبقه إليه أحد 
ويؤكد أن قصص صالح وموسى هي نفسير لتلك المؤامرة وهذا مذهب انفرد به خلف الله. 
ولعل عدم وجود تاريخ دقيق أو غير دقيق لنزول الآيات والسور وعلى الأخص في الفترة 
المكية هو الذي أعطى الباحث راحته في طرح مثل هذه الآراء المُعجبة. 

ويرى أن الأمرين اللذين تراهما في كل قصة وان تميّز بهما رسول بالذات فهما: 

الأول: عبادة غير الله سواء في ذلك الكواكب والأوثان أو الأرواح الخفية. بيد أن 
إبراهيم هو الذي تميّز من بين المرسلين بنفي عبادة غير الله وتحطيم الأوثان. 

الآخر: تكرار عرض مواقف المستكبرين من الرسل والأنبياء أو من الأراذل والفقراء 
والمستضعفين بيد أن أبرزهما: إبليس وفرعون. 

۲ تساوي Sill‏ لشخصيات في تمثيل نفسية النبي عليه السلام لدرجة أنك ما أن 


مقدمة تحليلية 


تلحظ الصورة حتى تحس لساعتها كأنها صورته بل وكأن الحوار القائم والأحداث البارزة هي 
ذاتها التي تلم به أو تقع بينه وبين Ge‏ يدعوهم إلى دينه. وسيكتفي بمثال واحد اختاره من 
شخصية نوح ثم أورد آيات من القرآن من قصص نوح المختلفة ويذهب إلى أن القرآن أراد 
أن يعقد بينها وبين النبي محمد صلات. ثم يلفت الذهن إلى أشياء هي: 

| — الدعوة في pull‏ والعلن وفي الليل والنهار وتصوير مواقف المعارضين المناوئين 
للدعوة. 

ب عوامل الترغيب لاعتناق الديانة الجديدة هي ذاتها. 

ج - المعارضون الأغنياء الذين يستخدمون أموالهم لصد الناس عن الدعوة الجديدة 
ويطلبون إبقاء دين الوثنية الذي اعتنقه الآباء والجدود. 

د الضيق بالقوم والاستسلام لله الذي يتوزع النفسية لدى كل من الرسولين. 
عن illa‏ محمد عليه السلام النفسية وكيف كان يضيق صدره بالمعارضة والمعارضين حتى 
إنه ليهم بترك الدعوى بسبب ادعائهم افتراءه على الله كذباً. 

وبعد هذه الفقرة التي يمكن أن نسميها فقرة اعتراضية يعود الباحث إلى استعراض 
قصص نوح في ما تبقى من سور وايات لم يذكرها قبلها. أما قصص الصافات والانبياء فهي 
تتحدث عن نصر الله لأنبيائه وتلك قاعدة عامة أو ناموس نفسي يحدث لكل نبي وفي كل 
زمان. 

ويدل هذا المقطع من الرسالة أو الكتاب على صبر خلف الله في الحفر والتنقير فهو قد 
تتبع قصص نوح في كافة السور التي وردت بها وعقب إثباتها يتولى الشرح وسواء وافقته 
على الفكرة التي يطرحها أم خالفته فيها فلا يسعك إلا أن تقدّر له هذا الجهد. 

ثم يضيف أنه من الممكن أن نفعل ذلك في قصص كل نبي نحذف منه الوقائع 
المعروفة فلن نجد بعدها إلآ نفسية محمد عليه السلام. 
السلام هو أن النبي الذي كان يلقيه أي أنه كان jana‏ بصوته o fpa Lee‏ النص من 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


معان ويحمله اللفظ من أحاسيس وعواطف. وأن القصص القرآني يمثل نفسية النبي في أدق 
مراحلها وفي أعنف صورها وليس ثمة حاجة بعد ما قدّمه من شرح إلى أي دليل وبرهان. 

ونحن بدورنا لا نريد أن نكرر ما طرحناه من تفنيد لهذه الفكرة وهي أن القصص 
القرآني مثل نفسية caama‏ ونأمل ألا يفهم من اعتراضنا أن القصص القرآنية لم تمشل نفسية 
محمد بل هي مثلتها في كثير من الجوانب بيد أنها لم تقتصر على تمثيلها فحسب بل هي 
شملت على جوانب أخرى. ويحق لنا أن نسأل خلف الله أن نفسية محمد خاصة عندما نزح 
إلى أثرب لها جوانب متعددة: فهو قائد عسكري قاد بنفسه العديد من الغزوات وكان على 
رأسها واشترك اشتراكا فعليا في بعضها وانتصر في كثير منها ولم يكن النصر نصيبه في 
عدد محدود منهاء فليدلنا المؤلف على القصص القرآني الذي يمثل نفسية محمد في هذه 
الحالات المتباينة. 

نحن نعلم أنه نزلت سور وآيات بشأن غزوات مثل بدر الكبرى وأحد وحنين ولكن هذه 
tas‏ وكا cl du‏ واخ خا و الفا dan‏ وة 
من أمثال كعب بن الأشرف وأبي عفك وأم فروة حتى إنه اضطر لانتداب فرق خاصة 
لتصفيتهم Gaua‏ وفي بعض الأحيان مثل أم فروة كانت صورة التصفية بالغة العنف مما يدل 
على شناعة الجرم الذي ارتكبته تلك المرأة التي كان يُضرب بها المثل في المَتَعَة فيقال: ei‏ 

من أم فروة. .. فأين هي القصص التي حاولت تصوير نفسية محمد إزاء أولئك المتقولين؟ 

زفي تيوت محمد التسعة كانت تحدث من زوجاته أمور ضرائرية يضيق بها صدره 
فأي قصة من قص القرآن رسمت حالته النفسية إزاءها؟ 

والأزمة النفسية التى ja‏ بها محمد من حديث الإفك والخائضين فيه سواء من المنافقين 
أو المسلمين وللأسف من agin‏ بعض الصحابة وأحدهم بدري (شهد بدرا الكبرى) تلك الأزمة 
أشهر من أن نذكرها de‏ وردت بشأنها قصة - نحن نعلم أن آيات نزلت فيها ولكن هذه شيء 
والقصص شيء آخر — وخيانة عضل والقارة من الهون بن خزيمة بن مدركة وقتلهم لستة من 
قرام الميجابة يوم الرجيع وحن مكمه عليهم ودعار: 


مقدمة تحليلية 


في الصلوات على عضل والقارة هل نزلت بشأنها قصص قرآنية تمل نفسية محمد إبانها أو 
تسرأي faic‏ 

وأخيراً تحالف الأحزاب عليه وخيانة اليهود له في غزوة الخندق التي وصفتها السيدة 
أم سلمة إحدى زوجات محمد التسع أنها كانت من أشد الغزوات وأقساها وآيات القرآن بشأنها 
تؤيد ذلك وتؤكده وتوثقه فهل هناك قصة وردت بشأنها تمثل نفسية محمد ومعاصريه ومرة 
أخرى نحن نفرق بين الآيات والقصص وخلف الله لم يقل إن آيات القرآن Jas‏ نفسية محمد 
وإنما Gel‏ إن القصص القرآنى أشبه بمرآة انعكست عليها نفسية محمد ومعاصريه... وهذا ما 

ونكتفي بهذه الأمثلة من سيرة محمد نقدّمها كأدلة وبراهين وحجج دوامغ لدحض 
الفكرة التى طرحها خلف الله ولإثبات أنها ليست صحيحة حتى لو أنه قصرها على الفترة 
المكية فنحن نرى أنها لم تكن دقيقة وإن كانت تنضوي على قدر لا بأس به من الصحة فهناك 
العديد من وقائع السيرة المحمدية في الحقبة المكية من التعسّف البالغ القول بأن القصص 
القرآني قد Wela‏ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: هجرة أو نزوح بعض المسلمين 
الأول إلى الحبشة وترحيب النجاشي بهم ومحاولة قريش تهييجه cage‏ الإسراء والمعراج» 
ll‏ اليثاربة بمحمد في العقبتين الأولى والثانية. إذن كان يتعين على خلف الله وهو يقدم 
أطروحة جامعية أو رسالة أكاديمية أو CUS‏ علميا أن يتحئى الدقة والموضوعية وأن يذكر أن 

بعض القصص القرآني قد (Jia‏ نفسية محمد ومعاصريه في عدد من المواقف والحالات. 


رسالة الفن القصصي في القرآن 

في خاتمة الكتاب يذهب خلف الله إلى أن رسالة الفن القصصي في القرآن الكريم لها 
هدفان : 

الأول: درس gl‏ أو بلاغي فني للقصة القرآنية يكشف عن د بعض أسرار الإعجاز 3 
هو يبيّن مذهب القرآن الكريم في بناء القصة وألوانها: : تاريخية Dos ils,‏ ويوضح 
كيف فهم القدماء كل لون وكيف فسروه وإلى أين انتهى بهم الفهم والتفسير وبيّن طريقة 


£40 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


توزيع العناصر القصصية أي هندسة القصة وكيف أنه (التوزيع) ابع ag hal‏ والمناسبات 
وتأئر لحد كبير بتدرّج الدعوة الإسلامية وترقيها وكذلك كشف عن مذهب القرآن الكريم في 
رسم الأشخاص والأحداث وإدارة الحوار وكيف des‏ عنصرآ واحدا من الأحداث والأشخاص 
النواميس الاجتماعية التي كان يُرجع إليها القرآن السبب في قوة الدعوة الإسلامية وفي صحتها 
وسلامتها. 

الآخر: الانتهاء من الدرس إلى قاعدة أو نظرية فسّرت مواقف الكفرة والمشركين من 
القصص القرآني وحلّت المشكلات العديدة التي وقف عندها المفسّرون ثم ردت اعتراضات 
المستشرقين وأضرابهم من الزنادقة والملاحدة وكل طاعن على النبي والقرآن. 
03 يتأسس تفسير المشركين على ما قال به الرازي والنيسابوري عندما فس كل منهما 
الآية الكريمة ‏ بل كذبوا بما لم يحيطوا ولما يأتهم تأويله 4 من سورة يونس وهو الذي 
يتمحور على التقرير بأنهم حبسوا نظرهم في هيكل القصة وجسم الحكاية وبذلك عجزوا عن 
رؤية الجوهر: التوجيهات الدينية والخلقية والأسس النفسية والنواميس الاجتماعية ولو أنهم 
التفتوا إليها ولم يقفوا عند الأحداث والأخبار من dus‏ هي تاريخ لما عارضوا القرآن 
بالقصص التاريخي ولما اعوا أنه أساطير الأولين ولأدركوا أن القص القرآني لم يؤم إلا إلى 
التوجيهات الدينية والخلقية وتقرير دعوة الإسلام وابتناء هذا التقرير على الأسس النفسية 
والنواميس الاجتماعية وآنذاك كانوا سوف يُقرون حتما بأنه وحي أنزله الحكيم المجيد. 

إن حل المشكلات التي اعترضت المفسّرين يقوم على المذهب الذي لفت الذهن إليه 
الأستاذ الإمام محمد عبده عندما فسّر قصص آدم وهاروت وماروت التي حملتها سورة البقرة 
والذي يقرر أن القصص القرآني يصح فهمه بلاغيا ولا يجوز فهمه فهما تاريخيا كما كان 
يفعل المؤرخون في العديد من المواقف وبه يحلون المشكلات مثل 


NG سورة يونس» الآية‎ )١( 


مقدمة تحليلية 


تفسيرهم ب: قصة داوود والملكين من سورة صادء وقول اليهود عن عيسى إنه رسول الله 
الخ. 

أما الرد على الملاحدة والزنادقة والمستشرقين والمبشّرين فيتأسس على أن القرآن 
الكريم أقام بناء قصصه على ما كان يعتقده المخاطب وما o jpa‏ الجماعة من مسائل التاريخ 
لأنه كان يهدف إلى الهداية والإرشاد والعظة والعبرة إنما Taf‏ لم يقصد إلى تعليم التاريخ أو 
نشر وثائقه بأي حال من الأحوال. 

وهذا المذهب الذي جرى عليه القرآن هو مذهب أدبي Jik‏ ومعروف في جميع 
اللغات ودرج عليه كل الأدباء وقد التفت إليه كثير من المفسّرين وقال به بعض الأقدمين منهم 
ga‏ نقل آراءهم الطبري ساعة تفسيره قصة أصحاب الكهف وذهب إليه الشيخ محمد عبده عند 
تناوله لقصة هاروت وماروت» وأخذ به علماء البلاغة عند اكتفائهم باللزوم العرفي أي 
بالعْرف والعادة» واعتقاد المخاطب في مسائل البيان» ولم يتطلبوا اللزوم العقلي أي الحق 
والواقع. 

ويستطرد المؤلف Ma‏ 

إن مذهب القرآن القصصي رة على أولئك جميعهم اعتراضاتهم التي محوروها على 
أس المخالفات التاريخية يعني مخالفات القصص القرآني لما أثبتته الكشوف التاريخية وما aŭ‏ 
المؤرخون غير المسلمين» وهو أس لا يتواءم مع العرف الاد (الذي تفانى البلأحث في 
شرحه (asus is‏ فالذي يعيب القاص هو المخالفة التاريخية التي تنم عن جهله بالتاريخ: 
مسائله وقضاياه» أما الصادرة عن مذهب أدبى يتمحور عن تصوير اعتقاد المخاطبين لاتخاذه 
تكأة إلى ما خلفه فهذا لا يقدح فيه خاصة إذا تأخر الكشف التاريخي عنه بعدة قرون. تلك 
المخالفات مع فرض تبوتها فهي مخالفات لما كانت تعرفه البيئة من تاريخ وهي لا تضير 
القرآن في شيء لأنه ما قصد إلى التاريخ غ أو تعليمه للناس أو نشر وثائقه. 

ل سوم لمر BET‏ ل كر 
سيق هذه (lu‏ أذعو إلى الله على بَصيرة Ul‏ ومن cit‏ 


وَسبْحَان الله Og‏ 


NAN AN) cou ga سورة‎ (\) 


۹۷ 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وبعد. 
شهري يوليو وأغسطس من العام ۱۹۹۸ ul‏ دح انيما" امريد الهاو di‏ كلت كيم 
وسائط الإعلام إن مصرنا المحروسة لم ند تشهد لها Sie‏ منذ قرن وعشر سنوات. 

وكان من أهم بواعث العناء أن انتابني إحساسان: 


pi Ÿ is Gi ire Gal dif لفاو الخرضن على‎ D iles, لحي‎ Re 
ذهب اليد لیوا ار ف‎ ce کک‎ de dt المطلقة. .. بمعنى أدق:‎ 
رأيا مخالفاء بيد أنني أظن أن هذا التصويب من جانبي لبعض ما اعتقدت أنه خطأ أو جنوح أو‎ 
غلو أو شطط ينال من تقديري للباحث جريا وراء القالة المشهورة: الاختلاف في الرأي لا‎ 

في أثناء تحليلنا للمقدمة Wayi‏ بالجرأة الفكرية والشجاعة الأدبية CA‏ تحلّى baga‏ خلف 
الله وهو يعرض أفكاره في هذه الرسالة أو الكتاب تلك الأفكار التي أثارت عليه العديد من 
المعارضين والتي أحدثت تلك العاصفة والتي انتهت إلى ما انتهت إليه. كذلك أشرنا إلى ما 
أضمره المؤلف وما dus‏ لا في السطور فحسب بل ما بينها وترك فهمه وإدراكه لفطانة 
a A‏ لي ل و 
عدد من المستشرقين وإن عبنا عليه تعميم حكمه على > nent‏ 
البلاغيين وإن توصل بعضهم إلى طرف منه ولكنه ا 
بدايته فجاء الباحث واضطلع بذلك باقتدار وكفاية ولا نريد أن نكرر ذلك أو Lan‏ منه دفعا 

كذلك في ثنايا التحليل رفعنا الستار عما اعتقدنا أن خلف الله لم يحالفه التوفيق 


۹۸ 


مقدمة تحليلية 


فيه وأثبتنا ما نرى أنه صواب ولم نزعم أنه الحق المطلق is‏ ما كان يقوله أئمة السلف: 
نحن نذهب إلى أن رأينا هذا صحيح فإن جاء أحد بدليل ينقضه قبلناه على العين والرأس. 

بقي أن نبدي بعض الملاحظات التي نرى أنها لا تقلل من قيمة الرسالة /الأطروحة/ 
الكتاب إنما لو خلت منها لضاعف ذلك من ثمانتها ورفع مرتبتها وسما بمكانتها: 

— التكرار: إن القارئ يدرك أن المؤلف عمد إلى التكرار الذي من الجائز أن نسطر 
أنه بلغ تخوم الإملال وحوم حول حدود الزهق» لم يقتصر على الأفكار والآراء بل تعداه إلى 
الأمثلة التي في غالبيتها آيات من القرآن. ونحن ترجع ذلك إلى أمرين: 

— محاولة خلف الله تأكيد وتثبيت الفكرة الأم التي يتمحور عليها الكتاب أو الرسالة 
وإضفاء مزيد من المصداقية عليها ومنحها قدراً إضافيآ من ASA)‏ وزخما زائداً من البرهانء 
هذا من زاوية الفكرة. أما من منظور الأمثلة فقد اضطر للإستعانة بها هي بذاتها نعني بها 
الآيات لأن القرآن لا يضم سواها كأدلة ثبوت على صحة الفكرة أو النظرية التي يقول بها 
الباحث وهذا بدوره يجرنا إلى الأمر الآخر وهو: 

— أن الفكرة أو النظرية ضيقة المساحة صغيرة الحجم وقد تراءى للمؤلف أن 
تكريرها هي وشواهدها يوسّعها ويضحَم جرمها. وهذا مسلك قد يفتح باب عدم الوفاق معه 
لأنه في مجال الآراء والنظريات العبرة بالكم ولا الكيف» وربما يعاضد على تقريب المعنى 
الذي نهدف إليه: قولة العرب: ترى الرجل الضئيل فتزدريه ويُخليف ظنك الرجل الطرير 
(الفخم المفحّم الطويل العريض... الخ). 

— رغم أن الرسالة/الأطروحة مقدّمة في الأصل إلى قسم اللغة العربية بكلية الآداب 
وفي موضوع فني بلاغي أدبي وتتحدث عن إعجاز القرآن في فن القص وسرده وبنائه 
والتوليف بين عناصره وحبكة حواراته المتعددة المتنوعة وروعة المواقف وتناغم العناصر 
الخ. 

نقول رغم ذلك فإن أسلوب خلف الله فيها كان أبعد ما يكون عن البلاغة والفن والأدب 
وخسن السبك ونصاعة البيان وطلاوة الطرح. بل جاء على النقيض وأتى على العكس تقريريا 
وجافا أشبه بالتقارير العلمية في غير مجالات الأدب والبلاغة والنثر الفني ولا أدل على ذلك 
من أنه كان يكرر اللفظة الواحدة لا في الصفحة الواحدة» ولا في المقطع 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الواحد ولا في الفقرة الواحدة بل في الجملة الواحدة يكرّرها عدة مرات وهذا يقطع بهُزال 
محصوله اللغوي وضالة مخزونه المُعْجّمي ولو كان الأمر على خلاف ذلك لاس تخدم 
المترادفات من الألفاظ والبدائل من الكلمات التي تؤدي المعنى ذاته وتوصل المدلول نفسه 
وبذلك ضفي على الأسلوب قدرا من الحيوية ومزيدا من النضارة لا يشعر معه المطالع بالسأم 
ولا يحس معه القارئ بالضجر ونحن ننتهز هذه الفرصة فننصح LAN‏ والكثاب والمؤلفين أن 
تكون عيونهم Wala‏ على القواميس والمعاجم وكتب اللغة لإثراء حصيلتِهم اللغوية ومذهم JS‏ 
ثمين من المخزون اللساني الذي يعينهم على تسطير كتابتهم بهيئة تسري في عروقها الدماء 
الحارة. 

ونأمل ألا يُفهم من هذا أننا ندعو إلى العودة إلى السجع والمحسئنات اللفظية الجوفاء. 
كذلك فإنه لا يُضير أطروحة أكاديمية أو رسالة جامعية أن تحرر بأسلوب أدبي مشرق 
وعبارات فنية وتراكيب بلاغية ناضرة خاصة إذا كان موضوعها من ذات النسق بل نحن 
نرى أن الباحث إن نهج هذا النهج فإنه يضاعف من قيمة رسالته. ونرجّح أنه من ضحالة 
الرأي وضيق الأفق وفسولة التفكير أن Lei‏ أن جفاف العرض وتقريرية الأسلوب وخشونة 
السياق قرائن على العلمية أو الموضوعية بالأخص في الرسائل التي تتمترس على البلاغة 
والفن والأحب! i‏ 

— ووقع في أخطاء علمية كنا نرجو أن تتنزّه عنها رسالته الجامعية: فهو قد خلط بين 
الكهّان والكهنة فقال إن الجاهليين (!!!) كانوا يعتقدون أن الجن تسترق السمع من السماء 
وتنقل الأخبار إلى الكهنة والصحيح إلى الكهّان الذين كانوا يمارسون العُمالات الدينية قبل 
ظهور محمد أما الكهنة فهم صنف من رجال الدين المسيحي. 

— واستعمل كلمة (البيئة) الاستعمال الدارج لا العلمي المنضبط ومن ثم ما هي بينها 
وبين (المجتمع) واستخدم كلا منهما مكان الأخرى لأنه في الاستعمال الدارج أو العلمي: 
(البيئة) تعني المجتمع. 

— وساوى بين (المعاني الاجتماعية) و Al)‏ الاجتماعية) وهذا غير صحيح فالمعاني 
الاجتماعية تعني مدلولات الأنساق الاجتماعية ومن ثم فهي auf‏ بالشمول وتتٌقصف 


مقدمة تحليلية 


بالعمومية وتتزمّل بالاتساع أما القيم الاجتماعية فهي المبادئ التي يتواضع مجتمع معيّن على 
التمسك بها لكي تمنحه قدرا من الترابط وشطرا من التعاضد وكما من التشابك ومّن يخرج 
عليها أو يستهتر بها أو حتى يزدريها يلاقي جزاء اجتماعيا يتراوح بين الاستهجان 
والمقاطعة. 

وبخلاف المعاني الاجتماعية تتصف القيم الاجتماعية بالخصوصية والمحدودية 
والمحلية ولو أن ذلك لا يمنع من اشتراك العديد من المجتمعات في بعض القيم. 

— وخلط بين الظاهرة الاجتماعية والموقف الاجتماعي مع أن الفارق بينهما شديد 
الوضوح لا يحتاج إلى فطانة ولا يستدعي زكانة ولا يتطلب لقانة فالموقف شيمته Si‏ 
وصفته da gi)‏ وشارته الخصوصية في حين أن الظاهرة دثارها التكرار وإزارها التعذدية 
وشعارها كثافة الحدوث وسيماها كثرة الوقوع وهي لها من اسمها نصيب فهي قد تكرّرت 
فاستبانت ووضحت أي ظهرت ومن ثم فهي ظاهرة. 

— واستعمل ألفاظا يشوبها الغموض وتكتنفها العتمة ويحوطها الضباب وتخاصم 
الوضوح وتبتعد عن التحديد وتفارق الدقة مثل العقل الإسلامي والعقلية الإسلامية. فهل هناك 
إن كلمتي die)‏ إسلامي) و (عقلية إسلامية) يجوز أن ثكتبا في مقال لصحيفة سيارة 
أما أن تسطر في أطروحة جامعية فلا ولو أن خلف الله استخدم كلمة (الفكر الإسلامي) أصاب 
كبد الحقيقة. 

إنه بذلك ‏ وربما بدون أن يدري يجاري بل يؤيد غلاة المتعصبين من 
المستشرقين الذين يتحدثون عن العقلية الآرية أو الأوروبية الغربية في مقابل العقلية الساميّة أو 
العربية أو الشرقية... أي أنه يدعو إلى العصبية ويُبشر بالعرقية. 

— ويساوي بين النبي والرسول مع أن سلفه الصالح الذين طالما سار وراءهم وانضم 
إلى ركبهم وحمل رايتهم وتبع خطاهم واستظل ببيرقهم ومشى تحت لوائهم فرقوا بين الرسول 
والنبي وقالوا إن الأول صاحب رسالة أو كتاب أو دعوة الخ. بينما الآخر مليط من ذلك. 


والوحيدون من بين السلف الذين ساووا بينهما هم المعتزلة أهل العدل والتوحيد 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


وفرسان العقل الحر الطليق. والذي أدركته من قراءتي ل (الفن القصصي) أن صاحبه بينه 
حور gh‏ 3 مج لهي جديا ار جر لا 1 
نقلي — حقيقة أنه في الغديد من للمواضع أوشك على اقتحام البوابة الملكية للعثل الحر الطليق 
ولكنه أحجم عن الولوج وجاء في هذه المواضع وجمجم ولم يصرّح وألمح ولم يصرّح وألغز 
ولم يكشف وسبق أن ذكرنا أن خلف الله أضاع فرصة عمره في أن يكون pie‏ كتيبة المفگرين 
الأحرار الذين ينقدون الجذور ويبحثون الأصول بحرية ويتناولون (النصوص) بعقل طليق لا 
سلطان عليه إلا سلطانه هو. 


فإذا افترضنا أنه تبتّى فكرة المساواة بين الرسول والنبي جريا وراء | لمعتزلة فلماذا 
اقتصر على هذه الخصوصية ولم يسر على نهجهم العقلاني ويسلك طريقهم الحر في الباقي؟ 


— وردّد كثيراً عبارة (الجو العاطفي) وهي غير منضبطة Gale‏ وجملة شائعة تتردّد 
على ألسنة العوام وكان حريا بالباحث أن يعبّر عن مدلولها بعبارة علمية. 

d'il ci dés —‏ كان من an‏ ر گرا وابنه يحوي آنا قل بحي le pi E‏ 
يد هيرودوس حاكم فلسطين عندما تمكّن من قلبه حب ابنة أخيه هيروديا فعزم على نكاحها 
فتصدّى له المعمدان بكل جرأة وقال إنه زواج باطل ترفضه الشريعة فطلبت هيروديا رأس 
يحيى أو يوحنا ea‏ | لنكاحها فانصاع لها الحاكم الولهان وأمر بقطع رأس النبي ونفذ زبانيته 
ذلك وأتوا بالرأس على صينية فقدّم إلى هيروديا المهر الذي اشتر ترطته. 

أما قتل زكريا الأب فليس له أصل في صحيح النصوص — وحتى وروده لدی عدد 
من المفسّرين لا يعطي الباحث Gall‏ في أن يذكره بصيغة التأكيد والتوثيق بل بصيغة 
التمريض والتشكيك خاصة وأن ذكر واقعة المعمدان كان يكفي كشاهد قوي فيما كان يذهب 
بالترتيب التاريخي لازمانهم فيذكر - وهذا على سبيل didl‏ موسى قبل نوح وداوود قبل 
إبراهيم وعيسى قبل سليمان الخ. وكان الأجدر به أن يلتزم تواريخ ظهورهم. ويقال دفعا 


مقدمة تحليلية 


لذلك أو ردا إنه كان يستشهد أو يتمثل بآيات قرآنية انضوت على قصص أولئك الأنبياء أو 
الرسل وهذا دفع فسيد ورد مدحوض. ذلك أنه مع ذكر أسماء أولئك الأنبياء أو المرسلين في 
القصص المُستشهد بها أو المضروب بها المثل فإن المنهج العلمي كان يلزم الباحث أن يراعي 
الترتيب التاريخي لا أن يذكر قصة المصلى (التالي) قبل السابق وحكاية الأول عقب الآخر 
الخ. وقال إن الآلهة عبد اتقاء غضبها أو رجاء خيرها وهذا تحجير لنطاق العبادة وتحجيم 
لمجالها وتقزيم لمضمارها وتضييق لميدانها فالآلهة تعبد لهذين الهدفين ولغيرهما من المقاصد 
منها تحقيق الشوق النفسى إلى المُطّلق ومحاولة الاتحاد به والتماهى فيه ومنها الاعتراف 
بوجود قوة عليا خلقت هذا الكون وأرسته على أسس قوية ونواميس دقيقة لا بغية الاسترضاء 
أو الرغبة فحسب الخ. 

وقال إن المعاصرين لمحمد أسندوا القدرة العظيمة والقوى الفائقة التى هى لله فى 
الأصل وله وحده دون سواه أسندوها للأصنام التي عبدوها من دونه. ونحن نخالفه فيما ذهب 
إليه فأولئك المعاصرون لم يجعلوا الأصنام Sea‏ عن الله ولم يُضفوا عليها صفاته ولم تكن 
عبادتهم لها لتحل محل الله بل كانت نظرتهم إليها على أنها وسيلة تقرّبهم إلى الله وواسطة 
وزألفى الخ. ففي معتقداتهم توجد مساحة لله إنما alfaj‏ ينفوه أو يستعبدوه أو يجعلوا غيره 
ملائكة أو أصناما أو أوثانا (قائمقام) له. فهذا aa g‏ يقع فيه الكثيرون ويروّج له من يحاولون 
تسويد صفحة الفترة التي يطلقون عليها (الجاهلية!!!) وتسويء صورتها وتبشيع هيأتها وتحقير 
قدرها الخ. ومن الغريب أن القرآن نفسه انضوى على كم من الآيات تؤكد اعتراف 
المعاصرين لمحمد بالله ربا بيد أن ما أخذه عليهم هو (الإشراك) الذي يتمثل في اتخاذ الملائكة 
أو الأوثان أو الأصنام سلما للوصول إليه. وكنا نأمل أن يفطن المؤلف إلى هذا الفرق الدقيق 
فلا يعي أن أولئك المعاصرين لمحمد نقلوا صفتي القدرة والقوة من الله إلى الأوثان 
والأصنام. 

— وقال (إن القصص القرآني قد أهمل هذا الجزء الأخير...) وهي عبارة فيها إساءة 
أدب مع القرآن وقصصه وكان في مقدوره أن يقول: التفت عن هذا الجزء الأخير أو أعرض 
عنه أو أسقطه من حسابه أو تجاوز عنه أو تخطاه الخ. وهذا يؤيد ما قلناه إن حصيلة الباحث 
المعجمية نحيفة وخزينه اللغوي أعجف وذخيرته اللسانية ضامرة. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


— وقال إن لقصص القرآن طرق خاصة في تصوير (الأشياء الخلقية) وهي عبارة 
عامية تذكر بما يقوله العامة في أحاديثهم (حاجة زي كدة... أو الحاجات دي... الخ). أما أن 
ju‏ في أطروحة جامعية فهذا ما لا يجوز. 

وما هي هذه (الأشياء الخلقية) فهل هي (المعاني الخلقية) أو هي (القيّم الخلقية) بمعنى 
آخر: هل هي ذات مدلول واحد أو تنفح مدلولات مختلفة. وإذا كانت تعطي معاني متباينة فلم 
يوضح لنا المؤلف أوجه التباين وإن كانت وحيدة المدلول فما الداعي لاستعمال كلمة حوشية أو 
على الأقل لفظة عامة؟ 

— وقال ثم تكون الفقرة التقليدية التي يختم بها القرآن قصصه في هذه السورة والقرآن 
فيه سور وآيات وفواصل وأجزاء وأرباع وأثمان ولم يقل hi‏ قبل خلف الله أن به Hä‏ — 
هذه واحدة ‏ أما الأخرى فهي أوعر: ونعني بها وصف فقرة القرآن بأنها تقليدية فمّن الذي أو 
ما الذي يقلده القرآن؟ 

إن عدم ale‏ الباحث بأصل كلمة التقليد هو السبب في ترذيه في هذه السقطة: 
نحلته أو مذهبه في عنق من اتبعه أي من قلّده فكيف Jonas‏ ذلك في القرآن؟ 

لو أن المؤلف يملك ثروة لغوية ولو بقدر معقول لقال: ثم تكون تلك الفقرة المعهودة أو 
المنتظرة أو المتوقعة مسك الختام الذي ينهي بها القرآن قصصه. 

— خلط بين القاعدة والنظرية إذ جعلهما تمنحان مدلولا واحداً وهذا خطأ فالقاعدة ولها 
من اسمها نصيب مستقرة وثابتة Gahi g‏ في جميع الأحوال LÍ‏ النظرية وكماهو واضح 
فمشتقة من النظر فهي مجرد رأي ولا يمكن الأخذ بها في كل الحالات وتتميز بالذاتية وتحمل 
القسمات الشخصية بعكس القاعدة التي تتلبّس بالموضوعية. ومن الجائز أن تتحول النظرية 
إلى قاعدة بعد أن تضطرد وتستمر أي أن النظرية قاعدة في المدى الطويل أو قاعدة في طور 
النشوء والارتقاء بيد أن هذا لا يجيز الخريقة بينهما ووضع إحداهما على قدم المساواة مع 
الأخرى. 


مقدمة تحليلية 


— وقال إن الملك جاء مريم في زي البشر وهذا hle‏ والصحيح على هيئة البشر لأن 
الزي هو اللباس وملاك الرب روح القدس غبريال أو جبرائيل لم يأت الصديقة سيدة نساء 
العالمين في ملابس البشر فحسب بل في صورة إنسي: جسمه وملبسه الخ. 

dés —‏ إن القرآن يهمل الأسماء إهمالا تاما في القصص الذي يراد به التخويف 
ونسبة الإهمال في القرآن تصيب المسلم بقدر من التوثر ونصيب من الصدمة وشيء من 
الانفعال الحاد وكم من السخط وحفنة من الغضب وكان حريا بخلف الله أن يلتفت إلى ذلك 
ويختار عبارة تليق بمكانة القرآن السامية ومقامه الرفيع ودرجته العالية ورتبته السامقة كأن 
يقول: 

إن القرآن أعرض عن الأسماء إعراضا تاما أو تجاوز عنها أو تخطاها أو التفت عنها 
أو نأى عنها... ونحن لا نخلي رصيده اللساني الضامر من المسؤولية. 

— إن وصف al dis‏ مريم وامرأة عمران لدى المسلمين وامرأة يواقيم عند أتباع 
عيسى» وصفها من قبّل خلف الله ب (المرأة المتدينة) وهو ما يقابل وصفها ب (البارة أمام 

ألا يعد هذا نزولا بقدره وحطا من شأنه وتهوينا لمستواه كما تقول عن أستاذ في 
الجامعة أنه معيد! وإذا لم يكن النبي متدينا فكيف اصطفاه الله للنبوة؟ 

وفي هذه النقطة لا أملك إلا أن أحيي خلف الله عندما وصف يوسف بأنه كان باديا 
ونشأ في بيئة اجتماعية مغايرة للبيئة الحضرية التي وجد نفسه فيها بمصر. 

ووجه التحية أن المؤلف ذكر ذلك من قبيل الجرأة الفكرية التي وضحت في عديد من 
المواضع في رسالته أو AUS‏ وتبدي يوسف هو الذي يدعونا إلى أن نتساءل كيف عيّن ملك 
مصر هذا البادي على خزائن الأرض وكيف تستى له أن يعلّم المصريين أساتذة الدنيا في ale‏ 
الزراعة والعريقين فيه والذين مارسوه ألوف السنين قبل مجيء يوسف إليهم ‏ كيف 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 


الحنطة»ء الشعيرء الذرة لكي ينتفعوا بها في سني القحط؟ 

إن هذه الآيات في رأيي من (مُشكل القرآن) والحل الأمثل لها هو تأويلها تأويلاً 
عقلانيا يزيل هذا الإشكال ويرفع هذا اللبس بين النقل والعقل. 

— وصور ما دار بين يوسف وامرأة العزيز أنه صراع بين العقل والعاطفة وأضاف 
العقل إلى البادي ابن البادية: يوسف وهذا علامة على اتسامه بالغلط الفادح فإنه يناقض 
الوصف الذي أضفاه على ربيب البدو قبل قليل ولا ندري كيف سمح خلف الله لنفسه أن يضفي 
العقل على ذلك الفتى الذي نشأ في البادية وينزعه عن تلك السيدة التي عاشت حياتها بين 
جنيبات أرقى حضارة عرفها التاريخ حتى NT‏ لقد كان الأصح أن ينعت ذلك بأنه صراع بين 
الغريزة الجنسية الملتهبة والشبق العارم والغلمة المشبوبة من قبل امرأة العزيز وبين الخوف 
الذي هيمن على الشاب Gal‏ وشل حركته وعطل حيويته وأبطل مفعول غريزته وأوقف 
موجبات شبابه: الخوف من ارتكاب المعصية التي عقوبتها النار لأنه نبي من سلالة أنبياء ثم 
الخوف من سيده عزيز مصر صاحب المقام الرفيع الذي لو ale‏ بخيانته له لأوقع به العذاب 
الأليم: 

إذن هو صراع بين غريزة الجنس وعاطفة الخوف من العقابين الدنيوي والأخروي 
ولا دخل للعقل الذي يستحيل أن يتميز به البادي وتتجرد منه ابنة الحضارة العريقة. 

وسيادة غريزة الجنس على زوجة أو امرأة العزيز لا يخليها من عقلها وسموها 
الحضاري فنحن الآن نقرأ ونشاهد ونسمع في كل وسائط الإعلام (الميديا) العالمية والمحلية 
كيف ركبت هذه الغريزة رئيس أكبر دولة في المعمور ومن أرقاها حضارة وثقافة وعلما ولا 
يجرؤ أحد أن يدعي أنه قد غدا مليطا من العقل عريا من الثقافة مفلسا من الحضارة وأن Goa‏ 
في قفار الصحارى لا يمارس الجنس الجانح الفلوت خوفاً من (المسطورة) التي تحرمه وتنذر 
من يرتكبه بنيران الجحيم» هو الذي يتمتع بالعقل والحجى!!! 

وقد يعترض أحدهم فيدّعي أن هذا قياس مع الفارق فزوجة العزيز امرأة ورئيس 


مقدمة تحليلية 


الدولة إياه رجل ورغم أن هذا منظور ذكوري نرفضه فإننا نرد عليه بأن لكليوباطرة في 
تاريخها وقائع تدل على أنها كانت صاحبة مغامرات جنسية ولم pad‏ واحد Cas‏ أرخوا لها 
على تعريتها من العقل أو ينفي عنها الثقافة أو ينكر عليها الحضارة ويفضل عليها بدوية في 
بوادي الشام لمجرد أنها كانت لا تمارس إلا الجنس الحلال! ولا يفهم من ذلك أننا نمتدح الزناة 
سواء كانوا رجالا أو نسوة فالزنا جريمة دينية وأخلاقية واجتماعية ولكننا نرد على خلف الله 
لأنه رفع عن زوجة العزيز العقل لشروعها في ارتكاب عمل مهما كان Was‏ فلا صلة له 
الل . أضداف لنا شا اع ail‏ لان able‏ الخوفه من مس ji‏ :ونا et jf‏ ما Ds‏ 
والرعب من صنوف العقاب الصارم في الدنيا قد أماتا في عروقه دوافع الفتوة وجففا نوازع 
E A‏ 

— بقيت أخيرا هفوات لغوية كان أملنا أن تخلو منها الرسالة/الأطروحة (الكتاب) 
خاصة وأنها قُدّمت إلى قسم اللغة العربية أي أنها لو كانت من نصيب قسم آخر مثل التاريخ 
أو الاجتماع لجاز الإغضاء عنها: فهو قد خلط بين القاص والقصاص وسبق أن ذكرنا ذلك 
وأدخل (J)‏ على غير فمثلاً الغير معقول والصحيح غير المعقول» كما لم Gb‏ في الاستعمال 
بين هذا وذلك فيستخدم ذلك للقريب وهذا للبعيد وهذا غلط والصحيح هو العكس. ويقول بثقر 
الناس عنها والسديد منهاء وعندما يتحدث عن أمرين فقط يقول الأول والثانى أو الأولى 
اة مكل الضووة الأول والضورة الكانية بو السيالة الاو و الفسالة الكائقة والمعانن HN‏ 
والثانية وهذا خطأ يقع فيه أغلب AR‏ والكثاب والصحيح أن يكتب الأول والآخر والأولى 
والأخرى ما دام لا يوجد ثالث أو ثالثة. 

هذه الأخطاء أو الهفوات أو التجاوزات يمكن اغتفارها للمؤلف لا لأنها هيّنة أو 
هامشية أو ضئيلة الشأن ولكن لأن خلف الله pad‏ رسالة/أطروحة (MUS)‏ اتسمت بالإبداع 
والتجديد مع التمكن والاقتدار واقتحم بشجاعة نادرة وجرأة عديمة النظير Wasa‏ شائكا وحقلاً 
ملغوما ولم يتردد أو يتهيّب. نحن اختلفنا معه في عدد من أفكاره وذكرنا أنه أمسك عن 
الاقتحام في بعضها ولم يكمّل الشوط أو يمشي حتى نهاية المضمار وترك الشطر الثالث لذكاء 
القارئ وفطانته ولو أنه معذور فيه. 


الجزء الثاني الفن القصصي في القرآن الكريم 

ومع ذلك فلا نملك إلا أن نحييه ونشكره ونشعر نحوه بالامتنان. والتحليل الموضوعي 
والنقد اللذان قدمناهما يشدان من أزر الأطروحة ولا يوهنان من قدرها لأن النقد الموضوعي 
في نظرنا إضافة إيجابية للمنقود وتنوية بشأنه» ومهما يكن فإن كتاب (الفن القصصي) يُعتبر 
(علامة) في طريق الفكر المستنير. 


الدقي في يوم الجمعة الموافق ۲۷ ربيع الآخر ۹٩۱٤۱ه‏ - ۲۱ أغسطس aN AAA‏ 


خليل عبد الكريم